إكليل علي ضريح الاستاذ محمود صالح عثمان

إكليل علي ضريح الاستاذ محمود صالح عثمان


02-12-2016, 07:21 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1455301305&rn=0


Post: #1
Title: إكليل علي ضريح الاستاذ محمود صالح عثمان
Author: sadig mirghani
Date: 02-12-2016, 07:21 PM

06:21 PM Feb, 12 2016

سودانيز اون لاين
sadig mirghani-joker
مكتبتى
رابط مختصر


لكِ يامنازلُ في القلوبِ منازلٌ اقفرتِ انتِ وهنَ منكِ نواهلُ. اطلت علينا في الايام المنصرمات ذكري رحيل الاستاذ محمود صالح عثمان راعي ومنشئ مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي ذلك الصرح الشامخ الكائن بامدرمان، والذي ولد بأسنانه اقام فيها المركز بالتعاون مع اصدقاء الراحل ذكري وفاء لروح الفقيد والذي قدم للسودان محمدة سيذكرها التاريخ ويخلدها كونه احد الرجالات الذين وهبوا جُل وقتهم ومالهم لدعم وتطوير الفكر والثقافة في كل المجالات بالسودان.ولست في مقام تأبين الفقيد وذكر مآثره فهي ماثلة للعيان كالقمر ليلة البدر فقد سبقني من العارفين والمقربين للراحل في ذكرمحامده وشمائله ولكني اود الخروج عن النص بإيقاد شمعة في مهب الواقع المأزوم لأن المخرج لازمة البلاد حاليا يكمن في الرجوع لهويتنا السودانية بكل مكوناتها وتمازجها.أما عن دور رجالات البلاد داخلها وخارجها في خدمة وطنهم واعني بهم رجال المال والاعمال واعمدة الاقتصاد السوداني والذين يقع علي عاتقهم صيانة التراث وحفظ تاريخ بلادهم . الفقيد وضع بصمته وبصمت متخطيا حاجز الممكن والمعقول وحمل مشعل التنوير مترجما للعديد من اصدارات المركز والتي تقف شاهدة علي حسن الطوية ورد الجميل للبقعة المباركة والتي احتضنته طفلا ويافعا وكونت شخصيته. تلك الوطنية التي غرسها مربوه الاوائل والتي طالما افتقدناها في ايامنا هذه. وتدبرت مقولة ابن خلدون في مقدمته عن التاريخ (لم يتفق الباحثون على تعريف محدد و ثابت للتاريخ ، قديماً و حديثاً ،فالقدماء حددوه بأنه سجلٌ لأعمال الإنسان) بل ذهب ابعد من ذلك بقوله وانا هنا اقتبس (إذاً من أهم أغراض التاريخ عند ابن خلدون هي: التعليل و النظر و التحقيق و العلم بأسباب الوقائع ، و لا يتم ذلك،(أي لا ينظر الإنسان في الماضي نظرة تحقيق و فلسفة ) دون أن يستفيد من ذلك في حاضره بصراً و خبرة.
فتعليل و تحليل التاريخ و الفلسفة في التاريخ عند ابن خلدون هدفه و غايته و معناه النهائي هو: فهم الماضي على حقيقته و الاستفادة من ذلك في الحاضر، فالغاية الأساسية للتاريخ عند ابن خلدون هي فهم الماضي لعيش الحاضر و لبناء المستقبل). ونعني بها هنا كتابة شعره ونثره وقصصه وسياسته والتدوين الدقيق للتفاصيل هو كتابة للتاريخ ، اذ لايمكن للأمة ان تنهض اذا لم تدرس تاريخها لذلك نهض محمود وعمل بنصيحة خاله الاستاذ عبدالكريم ميرغني وبدأ بترجمة الوثائق البريطانية عن السودان حتي نعرف تاريخنا ونستطلع من خلاله واقعنا ونستشرف مستقبلنا، فخرجت في ثوب قشيب في اثنتي عشر مجلدا حوت جانبا من تاريخنا بعيون الانجليز . نقول ان الدرب مازال طويلاً والطريقُ وعراً ولازالت هنالك الكثير والكثير من الوثائق والتي تقبع ساكنة في انتظار من يمسح عنها غبار السنين ويعيد الي السودان ألقه ورونقه ،نقول ان ثمة في العتمة ضؤ مدام فينا امثال ذلك الفتي ابن السودان البار والذي ضرب اروع الامثلة برد الجميل فقرب المحبين والمريدين وجمع اشتات قوم علي ملة السودان منهم الاديب الاريب الاستاذ الراحل الطيب صالح والشاعر الفذ محجوب شريف رحمهم الله اجمعين. اتمني علي من هم في دفة القيادة المسارعة بالولوج لتلك المسالك والاستثمار في دفع مسيرة العلم والتعليم ونشر الثقافة والادب في بلادهم وبذل الغالي والرخيص والتدافع لتسطير اسمائهم في صحائف التاريخ بمداد من نور وليكونوا علي ثقة ان ماقدموه للوطن لن يضيع سدى وسيخلد التاريخ ذكراهم ويرفع من شأنهم والحديث الشريف يقول (اذا جاء يوم القيامة وفي يد احدكم فسيلة فإن استطاع ان يغرسها فليغرسها) صدق الرسول الكريم.
صادق جلال ميرغني
الخرطوم ١١. فبراير.٢٠١٦