كوبر... قصتين هذت كوبر قبل ان يصبح عمر البشير ضابط فى الجيش

01:41 PM Jan, 31 2016

سودانيز اون لاين
أيمن نواى على-USA
مكتبتى
رابط مختصر

فى ذاك الزمان.....كانت كوبر فى اطراف العاصمة.....عبارة عن بيوتات على عدد الاصابع......مابين الكبرى والسوق عبارة مساحة خالية.....ومن الاشلاق حتى السكة حديد ....خلاء ساكت الا من المبانى العسكرية...... ومن الشمال مساحة فاضية بعدها المصانع......ينام اهلها بعد المغرب....نادر ما يتحرك الناس باليل.....لوجود الرباطة فى الفسحات الخالية.

رغم صغر مساحتها كانت عبارة عن سودان مصغر.....فيها كل قبائل السودان.....تجمع بينهم الالفة والمحبة.....كانت عبارة جارك القريب ولا ود امك البعيد.....كانت مجسدة فى ذاك الحى الفريد....رغم الاختلاف فى الالوان والاشكال لم نعرف القبيلة....اى راجل كان نطلق عليه عمى فلان.....وان كانت امرة نطلق عليها......خالتى فلانه ....وان كان او كانت كبيرة فى السن حبوبة فلانه او جدى فلان.....حتى اليمانية اصحاب الدكاكين نكن لهم الاحترام والمودة....لم يكونو غرباء فى الحى.

احياء كوبر.....اشلاق الجيش وهم فرع الرياضة العسكرية والمهات ......واشلاق السجون....اشهر معالم كوبر سجن كوبر....ثم حى المدنين عبارة عن فنين وعمال بالمصانع..... اما على طرف المصانع كان يعرف بالجو.....قبل ترحيل كرتون كسلا من شمبات الى جوار عزبة كافورى.....ومنها الى كرتون كسلا فى الوحدة بالحاج يوسف......واخيرا استقرت فى الخطة الاسكانية فى دار السلام......اما عزبة كافورى عبارة عن مزارع البان.....مزارع الابقار كانت على ضفاف النيل جوار كبرى كوبر...اما الحواشات كانت محازية للحى من الناحية الشرقية.......حى كافورى الان.....كانت تمد العاصمة بالالبان......ومن اشهر معالم كوبر المصحة.....يطلق عليها مستشفى المجانين.....بها مركز صحى واحد ودار الامومة فى اشلاق السجون..

افراح حى كوبر العريق.....كنا ننتظر احتفالات عيد الاستقلال بشوق ولهفه.....منذ الصباح الباكر تحلق الهلكوبتر فى سماء المدينة تحمل علم السودان يرفرف عاليا فى فضاء البلاد.....واناشيد اليوم نرفع راية استقلالنا.....يرددها المزياع بالصوت العالى.......تخرج الناس من البيوت.....وطائرة الهلكوبتر تحلق على مسافة قريبة....حتى ترى من فيها وهم يلوحون يايديهم..... يقذفون بالحلوى والنقود.......وقيل فى زمن عبود كانو يقذفون بالثياب والقماش والنقود.......واذا ما حل المساء......يضج ميدان الامل بالحركة والنشاط......تنصب الميكرفونات.....والمسرح عبارة عن اثنين شاحنة بطاح جوار بعض يفرش سطح البطاح بالسجاد.....مسرح متحرك......كان يشارك فى الاحتفال كبار الفنانين من الاذاعة.....ناس ثنائى العاصمة وغيرهم.....حتى نحن اطفال الروضة لنا جهد مقدر فى الاحتفال.....الروضة جوار المصحة......كانت ايام جميلة....واذا ما ارخى الليل سدوله.....تنام الحى فى سكون وهدوء كان لم يكن بها شئ.

انشاء كبرى كوبر.....كان المتنفس لاهل الحى.....العصر ترى الناس مجموعات مجموعات.....معظمهم اطفال ونساء تتمشى على الكبرى.....يعتبر اليوم داك عيد بالنسبة لنا.....كل مجموعة من الجيران تتحرك مع بعض....والباعة المتجولين ترمس وكبكبى و التسالى والفول والنبق والحرجل.....ومسابقة التوتوكورة......الترمس والكبكبى والتسالى كان يباع فى القرطاس من ورق....كنا نتسلى ونتمشى على الكبرى ذهابا وايابا.....ونشاهد المراكب على النيل صغيرة.....كانو مسؤلين من رعايتنا اخواتنا الجعليات الكبار ....واخواتنا الصغار نباويات.....وامى النباوية مسؤلة من اخواتنا الكبار مننا كلنا .....وابوى النباوى مسؤل من امى ومننا كلنا.....وجدى الجعلى مسؤل من ابوى ومننا كلنا....كنا نسكن فى حوش واحد بيت جدنا الجعلى رحمه الله وغفر له ويدخله الجنة مع الصديقين والابرار.......ونحن فى الكبرى نتفسح ....اختى الجعلية الكبيرة....قالت لى سلم لى ناس المراكب.....رفعت يدى اسلم ......قرطاس الترمس وقع من يدى فى البحر......عاينت لى قالت الليلة.....الناس ديل بيشتكونا.....اجرى ارح فتحنا فى الكبرى داك...هههههههه.......الله يديهم العافية اين ما كانوا نعم الاهل والعشيرة.

نبدا من غير ترتيب.....فى ذات يوم كانت حركة النساء كتيرة.....نساوين يدخلو ويخرجو فى حركة دؤبة على غير العادة.....وانتشر كلام المراة الصالحة راءت رؤية فى المنام.....كان وفاة زوجها و ولادة الطفل قربية من بعض.. ...كان الحدث مؤثر جدا والحلة تغلى غلاء المرجل الكل حزين لفراق الرجل الشهم.....ومفارقة الاسرة الصغيرة.......ناس الحلة يداومون على زيارتها والوقوف معها فى المحنة.....المراة كانت عصامية.....الان احد ابناءها ضابط كبير فى الجيش.....

اما القصة الثانية الحزينة ....كانت فى حوش جدنا الجعلى سليمان الله يرحمه.....توفت زوجته وهى ام لى اربعة بنات فتيات.....تركتهم ورحلت الى جوار ربها اللهم اجعل الجنة مسواها......كان الخبر وقع كالصاعقة على اهل هذه المدينة الصغيرة....توافد الاهل والجيران......البيت ملئ بالضيوف.......الهم الاكبر من يرعى البنات.....اشارو الى جدنا سليمان ان يتزوج......رفض رفضا تام فكرة الزواج....قال لو تزوجت اى زوجة حا تتعب بناتى.....وانا ما داير زوجة تعمل مشاكل مع بناتى......كان يحب بناته ومن اجلهن ضحى بعمره ...... وصية المرحومة الجعلية هى المفاجاءه لى جارتها النباوية.....خليت ليك بناتى امانة فى رقبتك.....استلمهم منك يوم القيامة ......قدام المولى عز وجل.....فى مسؤليتك لمن كل واحدة تمسك بيتها.....وصية المرحومة.....فجاءه انحنا بقى عندنا اخوات جعليات.....اربعة كمان ما واحدة......ان لله فى خلقه شؤن......رغم وجود اهلها و و جود جعلين فى الحى.....اهل عمر البشير على بعد شارعين.....كانت الوصية لى جارتها النباوية القريبة منها......الثقة كانت متوفرة.....وللجار حرمة مقدسة.....ما كان فى اختلاف بين جنس وجنس اخر.....وما كنا نعلم من اين هم.....كل ما نعلمه ان هؤلاء اهلنا.....حتى كبرنا....

الوالد كان يمثل دور رجل الشرطة العابس الصارم......دائما يتاكد ان باب الشارع مقفول......ومنو الدخل ومنو الخرج.....فى كل ركن له صوط......وجدى سليمان مديهو كل الصلاحيات.......يوم يكون فى حفلة فى الحلة يقيف ديدبان......ماشين مع منو......والساعة كم وجاين متين.....بس العميان ومسكوهو العكاذ.....بس كان له ضعفه قدام جدى سليمان يكون ذى الحمل الوديع.....ما بشيل سوط قدامو......ولا بيكشر فيك قدام جدنا.....جدنا كان الرؤف نحتمى به عند الشدة......يوم يقولو لينا خلى ابوكم يجئ نحدثوا ليكم......اليوم داك ما نفارق جدى سليمان....عيد الاضحى اول يوم ضحية جدى وتانى يوم ضحيتنا.

كان البيت نقطة تجمع بين الغرب والشمالية.....البيت كلو اخضر احمر خليط من الالوان الزاهية.....كل انواع الثمار موجود فى البيت.....رغم كثرة الارجل.....الا ان شخصية واحدة اثرتنى بشدة.....عمة البنات كانت امراة شخصيتها طاغية.....كنت دائما امشى خلفها وانا صغير.......كان الكل يحترمها....نفرح بقدومها وهى محملة بالهدايا.....حنينة ارى فى وجهها نور كنت لا احب ان افارقها......مازالت صورتها فى ذهنى الى يومنا هذا.....لماذا لست ادرى.

عمة البنات كان لمجيها طعم خاص......كان جدى سليمان تتهلل اساوير وجهه.....وتدب فى اوصاله الحياة.....حتى يكاد يطير من الفرح لتصل يده الى السماء ويعود الى الارض يضرب بها ارجله ......واما البنات مثل الفراشات فى الحوش والكل يشارك فى البهجة......حتى اهلهم فى الاحياء الاخرى يتوافدون......وهى كانت تنثر الافراح درر.....كل ما كنت اسال امى منها كانت تضحك انت لسع مذكرها.....كانت بتونسنى ونسة الزول العاقل الكبير.....كانت تقول لى يا ولدى والله لو كان عندى بت كنت عرستها ليك وتضحك.

نفس المربع كانت تسكن اسرة عمر البشير.....لابد من انها حاضرة ومشاركة فى كل هذه الاحداث.....والد عمر البشير مازلت اتزكر ملامحة....الرجل السودانى البسيط....دائما كان يلبس العراقى والسروال الطويل والطاقية البيضاء......الحى كان صغير....يمكن ان تتذكر كل شخص فيه......ما لا كنت اتوقعه ان يحمل السودانى البندقية فى وجه اخيه السودانى ......وان يؤيد الحرب من ذلك الحى البسيط المتجانس.....لقد تم ضرب النسيج الاجتماعى فى مقتل.

تجمعات اهل الحى....مسجد كوبر العتيق جوار السوق.....وميدان الامل الرياضى الذى اخرج كثير من لعيبة الكرة المشهورين.....اما الشباب فى قنطرة كافورى....احياء كافورى الان كان يسمى بكاب الجداد.....اسم قديم قد لا يتذكره احد الاقدامى الحى.

كوبر مجموعة عن سكان من بحرى والخرطوم واقاليم السودان المختلفة.... السجن والشركات ومزارع كافورى ساهمت على انشاء مدينة كوبر .....اقرب السكان القدامى للمدينة هم البطاحين كانو يسكنون على شاطى النيل....حاليا مكان السفارات والتصنيع الحربى....نزحت هذه القبيلة الى منطقة حلة كوكو والمناطق المجاورة....سوف نتحدث لاحقا عن مدينة حلة كوكو.....من اشهر شوارع كوبر ....شارع الدومة.

سرد جميل
لحي بحراوي
أصيل

لك كل الود
وواصل رعاك الله

شكرا نواي
فقد عرفتنا بكوبر وحببتها لنا

شكرا ليكم
عمر عثمان
جعفر عبدالعظيم
معظم سكان كوبر من الفئات البسيطة.....عزلتها من المناطق المجاورة خلقت الفة ومودة بين سكان الحى.....من وسائل النقل المشهورة الكارو.....دائما تجد الحصين فى كامل زينتها.....بجانب العجلات لها صولة وجولة.....لابد للعجلة ان يكون بها نور والدينو يكون شغال....والا شرطى المرور يحرر لك مخالفة اذا كنت سائق بالليل وقاطع الكبرى.....العجلات بالموديل.....اما الدبل قابضة الجو ذى الشبح عندنا اليوم.....واهم شئ يكون بها القفل بالمفتاح والتكالة توقف بيها العجلة ......وتطبل العجلة وتشيل المفتاح بى يدك اليمين والساعة السيكو فى اليد الشمال....يادنيا ما فيكى الا انا.....دا كان شغل البوبار.

طبية سكان الحى.....اختلفت الاسرة فى تسمية اسمى....كل واحد عندو اسم عايز يسجلو فى شهادة الميلاد......اتفقو الحضور على ان يسجل كل واحد الاسم فى ورقة ويطبقها.....جمعو كل الاوراق وقالو اول واحد يدخل عليهم.....يعزل ورقة واحدة......الاسم ال فى الورقة يكون اسم المولود....الجماعة اتفقوا......المفاجئة الاسم الفائز ...كان اسم الداية وهى شايقية كانت ضمن الاسرة....هكذا كان اهل الحى.....كل شخص يعتبر نفسه ضمن الاسرة....وبهذا صرتو اول نباوى يسمى بهذا الاسم الذى اطلقته خالتنا الشايقية....

اغلى واسمى شئ كان هو الانسان السودانى....وتجلى ذلك فى ملحمة اكتوبر....الملحمة الشعبية من اجل موت الطالب السودانى القرشى شهيدنا الاول.....خرجت كل الجموع على اختلاف الوانها وايدلوجيتها.....الدم السودانى كان غاليا الثمن.....هكذا عاش اهل كوبر فى امن وامان.
الى ان اتى ذلك اليوم المشؤم......سمع اهل الحى صوت الاسلحة النارية فى العاصمة .....وتلتها تفتيش البيوت....كان يدخل العساكر البيوت لتفتيشها بحثا عن الهاربين فى انقلاب هاشم العطا.....كانت اول قطرة دم سفكت....وحرمات البيوت انتهكت.....بعدها لم يتوقف سيل الدماء بين السودانين......ومازال تسفك الدماء كقرابين للايدلوجيات الوافدة لتوطينها بدلا لعادات وتقاليد الشعب السودانى الكريم.

اخواتنا الجعليات اخر دلع.....تكورك يشلوك ويسكتوك بالحلاوة دلع ما بعدو دلع......واحدة مارقة ورها طوالى.....معناها فسحة تشوف الشارع....تفك زهجة البيت....الواحد يمسحو ويتمرو واخر شياكة التقول ماشين يبيعو فى السوق .......ومرت السنين وعددهم يتناقص.....مشت وين عرسوها.....حتى ارتبط فى ذهنى العرس دا حاجة ما كويسة.....اخر واحدة عرسوها.....اشوف ليك اللورى الناس تنقل فى العفش......الموضوع ما كان بيهمنى.......الى ان قالو لى تعال اركب ......انحنا ماشين وين......لسع الموضوع ما راكب لى فى راسى.......المهم وصلنا قالو دا بيتنا الجديد.......وين اخواتنا الجعليات.....يعنى ما فى دلع ما فى حماية.....يعنى الواحد ياكل نارو براهو.