Post: #1
Title: الدورة المدرسية والنفير وأشياء أخرى!(1-2)
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 01-17-2016, 11:31 AM
10:31 AM Jan, 17 2016 سودانيز اون لاين محمد التجاني عمر قش- مكتبتى رابط مختصر الدورة المدرسية والنفير وأشياء أخرى!(1-2) محمد التجاني عمر قش [email protected] أمنا كردفان خيرك كتير ما أنعدا ولدك فاتح بابه للضيوف ما انسدا نحنا أصلنا بالجود والكرم نتحدا الدايرنا مرحب، والرهيف ينقدا "الطيب خليفة" من المؤكد أن الانطباع الذي خرج به كل من حضر الدورة المدرسية أو شاهدها عبر الأسافير في نسختها الخامسة والعشرين في شمال كردفان هو: "الكردافة الناس القيافة، أهل الكرم والضيافة". ولا غرو في ذلك أبداً؛ لأن أهل هذه الولاية هم رفاق الضيف أنّى حلّ هبوا لهم للضيف ضم والتزام. ولو لم يكن شعار الدورة المدرسية هو" عزيز أنت يا وطني" لاخترنا أن يكون "ابتسم فأنت في الأبيض". هذه المدينة العريقة، يا حضرات السادة، هي أب قبة فحل الديوم، دار ود أب صفية ودليل وإسماعيل الولي والياس باشا وأحمد ود دفع الله والقاضي عربي وود زاكي الدين وسوار الدهب وحاج السيد عبد الباقي والشريف حماه الله وعلي بلدو وعيال المرضي ومحمد عوض الكريم القرشي ومحمد المكي إبراهيم وغيرهم كثر من الرجال والنساء الذين كانت لهم بصمات واضحة في صفحة التاريخ الكردفاني. وليست هذه المرة الأولى التي تضرب فيها الأبيض مثالاً رائعاً؛ فقد استقبلت من قبل الإمام المهدي، حين خذله الآخرون وانفضوا من حوله، فنصرته وآوته حتى حقق ما يريد من انتصار، وفتح الخرطوم بدعم كردفاني صادق. وظلت شمال كردفان عبر تاريخها الناصع ملاذاً لكل أهل السودان، بمختلف سحناتهم ولهجاتهم، وكانت بوتقة انصهار ذابت فيها كل الفوارق بين الناس فصاروا أخوة متحابين يتبادلون العلائق والصلات والمشاعر والمنافع ويسهمون في رفعة هذا الوطن العزيز. لقد رحبت الأبيض بسيد دوشكا وبشرى ود البطانة وحرم النور، ورقصت جماهيرها طرباً مع حمد الريح وعمر إحساس وعبد القادر سالم وشادن وشريف الفحيل. شمال كردفان هي شيكان والقيزان والسيس والخيران والتبلدي والقضيم والحربة والسيف والنقارة والجراري والطنبور والدوبيت والتوية والمردوم، وهي درة رائعة وحايزة الكمال. ولقد كانت الدورة المدرسية حدثاً لافتاً احتشد حوله كافة أهل الولاية بعروس الرمال. جاءت محليات شمال كردفان تسوق ضيافة الوفود فجادت غرب بارا وسودري وأم بادر بحمر النعم وساقت جبرة الشيخ ( مرحات غنم بجاعرن قدامي) وجاءت وفود أم روابة وشيكان والرهد أبو دكنة وأم دم حاج أحمد بكل ترحاب وكرم غير مسبوق فقدموا القِرى لضيوفهم متهللة وجوههم بغير منٍ ولا أذى. أما بارا فقد كان لها القدح المعلى فأتت بقدح الضيفان الأكبر في تاريخ الولاية مقدمة ما لذ وطاب من شهي الطعام والحلوى فيما عرف بقطار بارا. هذه الدورة كشفت مدى تلاحم جماهير الولاية، وتماسك نسيجهم الاجتماعي، ووقفتهم مع قيادتهم الملهمة. وهذا ما جعل طلابنا وطالباتنا من المشاركين في الدورة المدرسية يقولون: (إن إنسان شمال كردفان قام بالواجب وزيادة في إكرامنا في الغذاء والمنازل وحمايتنا حتي من البرد، فقد وفروا لنا كل سبل الراحة لذلك يستحقون منا الشكر والثناء.) وكتب نقيب الصحفيين السودانيين الأستاذ الصادق الرزيقي واصفاً ما شاهده من روعة في الأبيض إبان الدورة المدرسية قائلاً: (كانت مدينة الأبيض أشبه بعروس كشميرية هبطت من علياء الهضاب، خرجت في أبهى حُلتها بفستان مطرز من الغيم والنجوم والأقاح، مزركش حوافه الذهبية من صفاء القلوب وعرق الكادحين والغبش والبسطاء أنقى من الديباج والحلي والحلل، ترصعت أعطافها وأذيال ثيابها الفضفاضة الطويلة الأكمام، بعقيق وزبرجد منقوش تدلى كالثريات من رحاب النفوس الأبية المُحِبة النقية، كان وجه الأبيض أنقي ساعتئذ، من وجه الشمس الشتائية الدافئة، وأبهى من خد نجمة تائهة في المدارات، عيناها زنبقتان من كبرياء الجمال الكردفاني البهيج، وجبينها يومض فيه تاج من سطوع التاريخ الملحمي الذي عاشت به وجعلته تميمة وقلادة على عنقها الطويل. تشرب المدينة حين تظمأ في ليلتها ويومها ذاك، من رحيق الأنفس النورانية التي تعيش فيها، لقد جثا المجد على ركبتيه أمامها تاركاً قوسه وكنانته وجراب حرابه على ترابها مستغرقاً في هيامه الطفولي، كأنه، أي المجد، مجرد تصاوير مبهمة في كتاب قديم فضت غلافه الأبيض ومسحت بأناملها منه التراب والغبار، فعاد مثل حشرجة الضحكات وكحلوق العصافير المبللة بالغناء..) وقد كتب الكثيرون عما شاهدوه من روعة وحسن استقبال وكرم فياض وروعة تنظيم ودقة ترتيب وألق في كل شيء حتى كدت أقول هل غادر الكتاب من متردم فأدلي بدلوي؛ ولكن انتمائي لهذه الولاية الفتية يحتم علي أن أقول لمولانا أحمد هارون وزميلنا الهمام سعادة الوزير إسماعيل مكي، وهيئة أركان حكومة ولاية شمال كردفان وجماهيرها الوفية وطلابها ومعلميها ومعلماتها ألف مبروك ما حققته الدورة المدرسية من تألق وتجسيد لتواصل أبناء الوطن في "أبو قبة فحل الديوم" مدينة الأبيض، حاضرة كردفان الكبرى. فقد تنافس أبناؤنا، من جميع أنحاء السودان، في شتى ضروب الرياضة والثقافة والفنون وأبدعوا إبداعاً يثلج الصدور ويدخل البهجة والحبور على النفس ويجعلنا نشعر بالاطمئنان على مستقبل هذا البلد الزاهر بإذن الله تعالى وبجهد أبنائه وبناته من بعد.
|
|