موضوع جدير بالقراءة:المثقفون يمتنعون و كذلك المتعصبون:‏

موضوع جدير بالقراءة:المثقفون يمتنعون و كذلك المتعصبون:‏


12-27-2015, 01:57 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1451221053&rn=0


Post: #1
Title: موضوع جدير بالقراءة:المثقفون يمتنعون و كذلك المتعصبون:‏
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 12-27-2015, 01:57 PM

12:57 PM Dec, 27 2015

سودانيز اون لاين
محمد عبد الله الحسين-الدوحة
مكتبتى
رابط مختصر


‏ بول شاوول كاتب هذا الموضوع هذا أول مرة أسمع عنه أو أقرأ له عرفت أنه شاعر و ‏ناقد لبناني.هو مسيحي لكنه يكره الطائفية و تمرد عليها.‏

Post: #2
Title: Re: موضوع جدير بالقراءة:المثقفون يمتنعون و كذ
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 12-27-2015, 01:58 PM
Parent: #1

موضوع عميق يحاول فيه كاتبه الربط التاريخي بين كل من الدين و القبلية و العصبية ‏العرقية و الطائفية و المذهبية الدينيةمن خلال الحروب و النزاعات. ‏
فقد نختلف معه أو نتفق معه و لكنه موضوع فكري عميق يساعدنا في قراءة الأحداث ‏الداخلية و الخارجية أو نحاول ربط الأحداث مع بعضها.و الموضوع ليس بعيدا عن ‏الأحداث التي تجري في السودان و غير السودان.‏

Post: #3
Title: Re: موضوع جدير بالقراءة:المثقفون يمتنعون و كذ
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 12-27-2015, 01:59 PM
Parent: #2

إلى الموضوع:‏

الجذور الدينية للثورات
بول شاوول

Post: #4
Title: Re: موضوع جدير بالقراءة:المثقفون يمتنعون و كذ
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 12-27-2015, 02:00 PM
Parent: #3

الجذور الدينية للثورات
بول شاوول
نشر بتاريخ الأحد 29 تشرين الثاني 2015 - العدد 5566‏‎ –‎جريدة المستقبل اللبناني
لم تكن الحروب الجاهلية «دينية» على الرغم من تواجد اليهودية والمسيحية والوثنية ‏والدهرية.. كانت الحروب، وسط هذه «الديانات» قَبَلِية. غريب! حتى اننا لم نقرأ عن ‏عصبية دينية لا في الشعر الجاهلي ولا في المرويات. كأنما الديانات كانت من توابع ‏القبلية وليس العكس. بل كأنما كانت الهوامش الطقوسية الخاصة ضمن المجموعات، أو ‏ضمن ما يُسمى العباءة العربية: قبائل تستظل «الاثنية» العربية، من مسيحية ويهودية ‏ووثنية... مع هذا، فالحروب بين تلك العصبيات كأنما كانت نموذجاً متقدماً للحروب ‏الدينية المقبلة، من حيث جنونها، ونرجسياتها وغزواتها وثأرها وسباياها وعنفها. حروب ‏العصبية القبلية هي في النهاية حروب العصبية الدينية الآتية، لكن بمسميات الصراعات ‏على الكلأ والماء و»الممالك» ولكن ما كان مختلفاً (وغير مختلف) ان بعض هذه ‏المجموعات لم تكن «ثابتة» في اقامتها، بل من ضروراتها الملحة الترحل، طلباً لحاجات ‏الحياة... وهذا ما انتج رثاء الأماكن، والآثار والديار المتروكة و»قفا نبك».

حتى بعد الفتوحات العربية الإسلامية في حدودها العالمية، بقي الكثير فيها من القبلية ‏‏(في الأندلس وغيرها) والسمة العربية. فالإسلام تقدم باسم «القرآن» الذي «انزله الله ‏عربياً» وان أدت الفتوحات إلى امتزاج الأعراق في الإسلام (كما المسيحية) في توسع ‏الامبراطورية العربية.

هذا في الجاهلية، لكن نتطلع إلى الأمام لنتذكر محطة كبرى في تاريخ الغرب والشرق ‏والمسيحية والإسلام، هي غزوة الصليبيين «محج» القدس والأمكنة المقدسة... تحت ‏شعارات وجيوش «جنود المسيح» و»جنود يسوع» و»ثقافة الشهادة» و»التضحية» من ‏أجل استرجاع هذه الأماكن التي فتحها العرب والمسلمون حفاظاً أيضاً على «أماكنهم ‏المقدسة». من حروب قبلية إذاً إلى حروب «دينية»: لكن لم يعدم ذلك انشطاراً بين ‏‏«الغرب» (التسمية حديثة) وبين الشرق: حتى ان عبارة «الصليبية» هي حديثة: العرب ‏المسلمون والإفرنج.
حروب دينية إذاً بين الصليب والهلال، بين القرآن والانجيل، (كأقنعة على الأقل): وكل ‏من هؤلاء المتصارعين يتبادلون التكفير... (حتى ان التكفير استمر حتى داخل ‏المسلمين والمسيحيين أنفسهم بعد الانشقاقات العمودية التي أصابتهم، لتنتقل الحروب ‏إلى داخل المسيحية (بروتستانت كاثوليك)، والاسلامية: شيعية وسنية. حروب داخلية ‏تكفيرية تحت راية «الاله» المسيحي وأخرى مشابهة تحت راية «الاله» الاسلامي: ‏حروب السماء على الأرض. وكلنا يتذكر المذابح بين البروتستانت والكاثوليك (مذبحة ‏بارتيليمي)، والتي ذهب ضحيتها الملايين في القرنين السادس عشر والسابع عشر في ‏أوروبا.
هذه محطات لن نوسعها كثيراً. لأنها ستصاب بنكسات أيديولوجية ودينية بعد قيام الثورة ‏الفرنسية، وانتصار «العلمانيين» و»الملحدين» والتي استمرت نزاعاتها نحو 70 عاماً، ‏لتستقر في أوروبا وتخصيصاً في فرنسا عام 1855. حروب مستجدة على الدين إذاً. ‏حروب على «السماء» على «الكنيسة» والاقطاع، واستبدال «الاله» السماوي بآخر هو ‏‏«الشعب» والثورة.. والدكتاتور. لكن الثورة على الاستبداد الديني في فرنسا (1779) ‏نصبت استبداداً آخر والثورة على «الشمولية» الدينية أوجدت ظواهر شمولية أخرى، ‏والرد على «الدكتاتوريات» الدينية أظهرت دكتاتوريات دموية جديدة، وروبسبير آخر ‏رموزها والمقصلة (قطع الرؤوس) من أدواتها.

‏[المقدمات
ونتذكر تصريحات رئيسة الحكومة البريطانية مارغريت تاتشر عندما قالت «الثورة ‏الفرنسية هي ثورة قطع الرؤوس».
بل ان هذه الثورة الفرنسية التي (سبقتها الثورة الأميركية) وإن بقسمات مختلفة، كانت ‏الرحم التي انجبت أيديولوجيات القرن العشرين، وثوراته: 1917 الثورة الشيوعية تحت ‏شعار المثلث: «لينين- ماركس انجلز» وتعمقت الهاوية بين الدين وهذه الظاهرة الثورية ‏سواء مع لينين أو مع تلميذه «النجيب« ستالين، الذي هدم مئات الكنائس والآثار ‏والأيقونات: حاول دفن الدين تحت اعلام الثورة العلمانية الشيوعية الملحدة. ومن هذه ‏الثورة طلعت الثورة الماوية (الثورة الثقافية) بقيادة ماو تسي تونغ. الثورتان: المتضادتان ‏سياسياً شبيهتان ايديولوجياً واستبدادياً وشمولياً وعنفاً وقتلاً ومذابح... حيث حلّ محل ‏‏«الإله» السماوي الواحد (للجميع) إله «الشعب»: ستالين وبعده إله الصين (ماو) ‏وتفرعاتهما أيديولوجياً مطلقة؛ خاضعة للمسبقات الفكرية تماماً كالدين واله أرضي فرض ‏عبادته وطقوسه وإطلاقيته وعصمته. لكن الغريب ان هذه الثورات العلمانية المادية ‏التاريخية الأكادية، عمقها «ديني» تقوم على «المقدس» والشخصانية المقدسة، ‏والأهداف التي لا تختلف كثيراً عن «الجنات» الدينية: زوال الطبقات وزوال «الدول» ‏وحكم الشعب وملائكته (الجنود) والمخابرات بل كأنما تعود إلى زمن الوصايا العشر... ‏‏(موسى) و(القرآن) وتعاليم المسيحية من حيث أن أفكارها المادية التاريخية تخفي ‏وراءها «أواليات» تسبق المجتمع والواقع وتفرض عليهما: المصائر تأتي من فوق أي ‏الأيديولوجيا تماماً كما تأتي من ارادة الاله الواحد التي تعبر عنه الديانات التوحيدية. فهل ‏يمكن اعتبار القرن العشرين هو قرن ديني (من حيث مقدساته ومحرماته وفرضياته ‏ونواهيه وأوامره) بامتياز بالمعنى الذي يسبق فيها «الفكرة» التجريدية حتى الجدلية ‏التاريخية، التي صارت مع هتلر جدلية عرقية، أي ايديولوجيا تجعل من العرق أساساً ‏‏«فكرياً» ثورياً ناجزاً: من الأيديولوجيا المادية التاريخية «المتفوقة« إلى الأيديولوجيا ‏العرقية «المتفوقة«.(في النهاية العرقية الأيديولوجية كما الثورة الشيوعية هي من نوازع ‏الغيوب والمشابهات الدينية: «سبق ان قال «اليهود» انهم شعب الله المختار» وسبق كل ‏ذلك اعتبار كل قبيلة نفسها في الجاهلية أفضل وأعظم» القبائل! وهذا ما يصح على ‏الثورة المادية... وثورتها الثقافية الأيديولوجية الفوقية «الميتافيزيقية» التي تفرض ‏تطبيقها على الشعب، وعلى برامج الحكم والسلطة المطلقة والمشاريع الزراعية... ‏والعلمية والاجتماعية!
كأننا نكتشف انه منذ الثورة الفرنسية «الأرضية» إلى الثورتين البولشفية والماوية وصولاً ‏إلى هتلر والعديد من الثورات الأخرى (كيم إيل سونغ) ومن ثم «الخمير الحمر» هي ‏استرجاع مموّه أو مقنّع لجوهر الصراعات الدينية: النظرية الفوقية تفرض على الواقع... ‏بالعنف؛ حلّ التخوين محل التكفير: لكنهما مجاز واحد وحلّت الدكتاتورية محل ‏‏«الاطلاقية» الالهية: فمن آلهة السماء ها هي آلهة الأرض الدموية... وارثة كل أدوات ‏الحروب الدينية السابقة! وها هي «نحن وهم» اي الثنائية: الخير والشر تتجلى بأبهى ‏عنفها.
لكن حتى وان وجد بعضهم آراءنا «غريبة» سنتحول إلى ثقافة القرن العشرين نفسها: ‏من المدارس إلى النظريات الفلسفية والشعرية والفنية الأدبية هي في عمقها مستوحاة ‏من الدين (ومن ثم من الثورات) اذ نجد ان كل من كان يسعى إلى تجربة مسرحية مثلاً ‏يلطأ خلف نظرية جاهزة: من استاتسلافكي، إلى انطونان أرطو، إلى برشت، إلى ‏غروتوفسكي، إلى اللامعقول (بيكيت- يوشكو) اي نظرية لها «قواعدها» وخصوصياتها ‏الجاهزة: كالأيديولوجيا... كالوصايا.. وهذا ايضاً وجدناه في المدارس الفلسفية والنقدية: ‏البنيوية، اللسانية، والوجودية والواقعية الاشتراكية (جدانوف- غوركي) والمستقبلية، ‏‏(أوائل القرن خصوصاً في روسيا قبل الثورة) والتكعيبية في الفن والوحشية وقبلهما ‏الانطباعية والتعبيرية والتجريدية... وطبعاً الواقعية، والالتزام والنخبوية والجمالية... كلها ‏نظريات تستبطن طريقة احساس وتفكير وعمل سابقة للتجارب ومقحمة على الواقع... ‏أي من استيحاءات عمقها ديني!

‏-الحداثة صنماً!

انها رحلة العقل في عناصر التنوير تخللته هذه الظواهر الأيديولوجية والشمولية والثورات ‏العلمانية والنظريات الجاهزة وصولاً إلى الحداثة التي صارت أيضاً صنماً مقيماً في معابد ‏الشعر والفكر ببياناته وفرضياته واطلاقياته واصولياته: وقعت كل هذه الفضاءات الفكرية ‏والأدبية والفلسفية في مساراتها «المقدسة». «عبادة العقل كمفسر وحيد للعالم» (خلعه ‏نيتشه عن عرشه) عبادة «المعجزة» الأدبية الموضبة، عبادة «النظريات» والبيانات... ‏ووصايا الثورة والفن والأدب. (نتذكر السوريالية والدادائية ومعهما تريستان تزارا وبيانه ‏‏«الالزامي» وبروتون وبياناته السوريالية «المقدسة»: الدين وراء كل كل هذا الفكر ‏الشمولي الأيديولوجي أو الفني أو الفلسفي: انها من ارث النواهي والخضوع للفكرة ‏الفوقية التجريدية: بروتون طرد عدداً من الشعراء السورياليين لأنهم لم يطبقوا «وصايا» ‏بياناته السوريالية الثلاثة! ألا يذكرنا بستالين وهتلر... وهؤلاء الدعاة التكفيريين... ‏والتخوينيين.

مالرو

ونتذكر ما قاله الكاتب الفرنسي اندره مالرو «القرن الواحد والعشرون سيكون قرناَ دينياً» ‏كأنه عَامَ على ركام الحداثات والدكتاتوريات والأنظمة والأحزاب المقدسة بنوازعها ‏‏«الثنائية» وباختراقاتها الغيبية. ويكفي ان نستذكر مواقف بعض الفلاسفة اليساريين ‏‏(الملحدين)، والماديين والجدليين والاكسترا عقلانيين من بعض الأنظمة الدكتاتورية ‏الدموية كالستالينية والماوية والتروتسكية، لنعرف كم ان عماء التعصب «الديني» (غير ‏الواعي) أصاب هؤلاء العلمانيين الملحدين. وقعوا في «مقدس» الايديولوجيا، ومقدس ‏‏«القائد»، ليعودوا إلى منطق القبلية. «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً«. بمعنى آخر ‏تجاوز هؤلاء هوياتهم النقدية الفلسفية العقلانية والسياسية والانسانية إلى نوع من ‏الوقوع في قبول ما يُملى عليهم من لدن الدكتاتوريات الجدلية التي صارت بلا جدلية، ولا ‏نقدية. من هذه الأمثلة التي نعتبرها سوداء ومخجلة عند كبار الفلاسفة والكتاب، انه، ‏مثلاً عندما، اندلع سجالاً فكرياً بين سارتر (الشيوعي)، وريمون آرون (الليبرالي)، قالوا: ‏نحن ننحاز إلى سارتر ولو كان على خطأ، وضد آرون ولو كان على حق»! أهو موقف ‏عقلاني، أم «إيماني»؟ هنا يمكن القول ان الالتزام اليساري تحول «إيماناً«: أي قبول ‏الأشياء من دون تفكير او اختيار نقدي، كما في الدين الذي يعتبر مسألة فوق «قدرات» ‏العقل البشري والقوانين الوضعية (كما قال المسيح نفسه).

ماوتسي تونغ

وهناك ما هو أدهى: عندما أعلن ماوتسي تونغ ثورته الدموية وحربه على المثقفين، ‏والفلاسفة، والشعراء، وعلى شعبه، وتسبب بمقتل أكثر من 30 مليون صيني، كان ‏‏«عميان» الفكر والأدب واليساريون في فرنسا والعالم يصفقون له، ويعتبرون انه في ‏جنونه الدموي هذا سيزبل الطبقات، ويقضي على البورجوازية، ويصحح الثورة البولشفية ‏السوفياتية. ومن شدة اغتباط هؤلاء «العباقرة» بمجازر ماو، صار اسمه مقدساً ومحرماً ‏على النقد. منعت بعض دور النشر يومئذ كل كتاب يوجه نقداً إلى ماو هذا «الاله» ‏الجديد. وتبارى كبار الفلاسفة في كيل المديح له، والتبخير، وإضاءة الشموع، والتسابق ‏الى زيارة بكين ليهنئوا هذا الدكتاتور ويبرروا جنونه. من هؤلاء: الفيلسوف الان باديو، ‏وميشال فوكو، وفيليب سولرز، وسارتر، وسيمون ده بووار. انه «مسيحهم الجديد» ‏الآتي من السموات الإيديولوجية التنويرية، لينشر الظلامية والقمع على شعبه. ولا ننسى ‏كذلك تأييد هؤلاء اليساريين للخمير الحمر، وبول بوت، قاتل الملايين من شعبه.

إذاً، بات عندنا طائفتان شيوعيتان مقدستان: الستالينية والماوية. هنا إله معصوم عن ‏الخطأ، مقدس (كالأنبياء والله) اسمه ستالين (قتل 25 مليوناً من شعبه)، وهناك مثيله ‏ماو (قتل 30 مليوناً)، وبينهما رسلهما (الخمير، وبول بوت..). والمفارقة أن الانتماء ‏لكل من هذه «الطوائف» المادية التاريخية، لم يعد فكرياً نقدياً، بل استسلام لمشيئة ‏القائد والمرشد الإلهي التي لا ترد، ولا تناقش.

أوليس كل ذلك من سمات الإيمان الديني أُسقِط أو أُنزِل كالوحي على من دأبوا على ‏محاربة الأديان غير مميزين بين الانتماء الديني المغلق، والروحانية التي تنضح بها ‏هذه الأديان. من صنمية وجنون الأديان في القرون الوسطى، وشعوذاتها، ومحرماتها، ‏إلى صنمية الإيديولوجيات التي تحمل شعار «حركة التاريخ»، والصيرورة، والتقدم، ‏والتجاوز، والثورة المستمرة (تروتسكي) تجمد العقل ليحل محله الإيمان والغيبوبة، ونشوة ‏السلطة، وذرائعها «التخوينية»، ورفعها الشعب إلى مستوى «القداسة» (محل الله)، ‏لتتمكن من قمعه، واستعباده، وإهراق دمائه، واستغلاله، وحصاره، وممارسة التعذيب في ‏السجون، وتقاسم ثرواته باسم الاشتراكية: كأن الاشتراكية أو تقاسم ثروات الشعب ‏ونهبها لم تطبق إلا على أهل السلطة و»حراس» الثورات الجدلية والمادية والنقدية. ‏أوليس هذا ما فعله الإقطاع في القرون الوسطى؟ أوليس هذا ما مارسته محاكم التفتيش ‏‏«الإلهية» عندما راحت الكنيسة تبيع عقارات في الجنة للأغنياء، والاقطاعيين.
بات للخلود في الجنة هنا سعر، وباتت الجنة جزءاً من عقارات الكنيسة (واليوم جزءاً من ‏متاع التكفيريين). لكن هذا ما فعلته الثورات التاريخية (جعلت للتاريخ حركة واحدة ‏لتجمّده، وتوقعه في اللاتاريخية! واللاحركة. واللاتقدم)

هذا ما حاولنا تبيانه من أن القرن العشرين لم يكن سوى تنويع ثوري تنويري على ‏تقاسيم الدين. ولهذا نقول نعم! القرن العشرون الذي اضطهد كل الأديان، وحاربها، ‏وقمع مؤمنيها، وهدم معابدها.. وأعلن إلحاده... لم يكن سوى عصر الدين المتغلغل ‏داخل الإيديولوجيات المادية. بل أن تنازع النفوذ بين هذه النظم الثورية أعادنا إلى ‏حروب القبائل الجاهلية، وإلى الصراعات المذهبية، والعنصرية، والاثنية، التي تختفي ‏وراء شعارات الثورة.

لكن يبدو أن القرن الواحد والعشرين سيشهد انتقام «الأديان» من الذين انتزعوا منها ‏سلطاتها، وحضورها، وأدوارها. عصر الانتقام ها هو يهلّ، نعم! لكن لا نراه عصر ‏الحروب الدينية، بقدر ما نراه عصر الحروب المذهبية، والاثنية، والكانتونات، والعصبيات ‏المختلفة. ‏
‏(بول شاوول) ‏