Post: #2 Title: Re: مع بروفيسور احمد إبراهيم ابو شوك - برنامج Author: نصار Date: 11-03-2015, 06:28 PM Parent: #1
بروف ابو شوك رجل باحث في مجالات معرفية واسعة و كاتب دقيق و مجيد عند آل اب شوك عمادة منطقتنا المتكونة من القرى المحيطة بمركزهم قنتي
Post: #3 Title: Re: مع بروفيسور احمد إبراهيم ابو شوك - برنامج Author: Nasr Date: 11-03-2015, 10:40 PM Parent: #2
لله دره من عالم بتاريخ السودان
Post: #4 Title: Re: مع بروفيسور احمد إبراهيم ابو شوك - برنامج Author: صلاح عباس فقير Date: 11-03-2015, 11:25 PM Parent: #3
متى سننعيد ترتيب وعينا وحركتنا الوطنية، ليحتلّ أمثال الدكتور أبو شوك والأستاذ كمال الجزولي، موقعهم الطبيعي في قيادتها! بل متى سينهض هؤلاء للقيام بدورهم الوطني الفاعل، والانعتاق التام من انتماءاتهم الحزبيّة أو الأكاديمية الضيقة!؟
شكراً جزيلاً دكتور محمد بابكر!
Post: #5 Title: Re: مع بروفيسور احمد إبراهيم ابو شوك - برنامج Author: د.محمد بابكر Date: 11-04-2015, 10:03 PM Parent: #4
up
Post: #6 Title: Re: مع بروفيسور احمد إبراهيم ابو شوك - برنامج Author: Nasr Date: 11-08-2015, 08:26 PM Parent: #5
منتظرين باقي الحلقات
Post: #7 Title: Re: مع بروفيسور احمد إبراهيم ابو شوك - برنامج Author: د.محمد بابكر Date: 11-15-2015, 00:25 AM Parent: #6
Post: #8 Title: Re: مع بروفيسور احمد إبراهيم ابو شوك - برنامج Author: د.محمد بابكر Date: 11-15-2015, 11:08 AM Parent: #7
نرجو من الباشمهندس بكرى رفع البوست عالياً.
Post: #10 Title: Re: مع بروفيسور احمد إبراهيم ابو شوك - برنامج Author: د.محمد بابكر Date: 11-15-2015, 11:20 AM Parent: #8
أحمد إبراهيم أبو شوك
Quote:
قضية الهُويَّة السودانية من القضايا الشائكة وذات الحضور الكثيف في موائد النُخب المثقفة ودوائر البحث العلمي؛ لأنها تمثل عاملاً نافذاً في تشكيل حراك المشهد السياسي، وتدافع قواه القطاعية حول قسمة السلطة والثروة، وتنفيذ استحقاقات التحول الديمقراطي الذي ينشده الحاكم والمعارض على حدٍ سواء، وكل يغرد حسب أولويات أجندته السياسية. "برزت إشراقات التوجه الوحدوي في السودان في "تيار الغابة والصحراء"، الذي اتخذ من شقه الأول رمزاً للعنصر الزنجي ومن شقه الثاني رمزاً للعنصر العربي، وبلغت هذه الرمزية ذروتها في مشروع "إنسان سنَّار" الذي أصبح معيارياً لهُويَّة أهل السودان الجامعة" ظهرت بواكير الدعوة إلى تشكيل هُويَّة سودانية جامعة في فضاء القومية الخُلاسية (أي عربوأفريقية)، المتأثرة بمخرجات واقعها الأدبي والثقافي، والذاهلة عن خصوصيات القوميات الأخرى. وبهذه الكيفية بدأ سؤال الهوية يتحسس طريقه تجاه منظومة وحدوية الهدف، وثنائية التكوين العروبي والزنجي في السودان. برزت إشراقات هذا التوجه الوحدوي في "تيار الغابة والصحراء"، الذي اتخذ من شقه الأول رمزاً للعنصر الزنجي ومن شقه الثاني رمزاً للعنصر العربي، وبلغت هذه الرمزية ذروتها في مشروع "إنسان سنَّار" الذي نصبَّه الدكتور محمد عبد الحي ورفاقه الخُلاسيون إنساناً معيارياً لهُويَّة أهل السودان الجامعة؛ لأن السلطنة الزرقاء من وجهة نظرهم كانت تجسد معالم التلاقح السياسي والاجتماعي الذي حدث بين العبدلاب (العرب) والفونج (الزنوج)؛ إلا أن نجم الغابة والصحراء بدأ يأفل، عندما تصاعدت نبرة مصطلح الأفروعربية الذي فرضته إفرازات الصدامات الإثنية في داخل السودان وخارجه، وطرحه بعض المتأثرين بتداعيات ذلك الواقع ليكون بمثابة حلٍّ إثني واجتماعي وسياسي لمأزق الهُويَّة السودانية. بَيْد أن الدكتور عبد الله علي إبراهيم لا يرى في المصطلح حلاً ناجعاً لإشكال الهُويَّة القائم في السودان، بل يصفه بالهروبي وينعت أنصاره بـ "تحالف الهاربين"، لأنه حسب وجهة نظره يتوارى خلف المكون الأفريقي ليبخس قسط الثقافة العربية الإسلامية الأوفر حظّاً في السودان. وعلى نسق مقابل ترفض النخبة الجنوبية مصطلح الأفروعربية، لأنها ترى فيه اصطلاحاً مخادعاً، لا يلامس أطراف الواقع المعيش في جنوب السودان؛ حيث يحتفظ أهله بأفريقيتهم الخالصة، ولا يريدون أن يعاد تنميطهم في إطار "إنسان سنَّار المعياري"، الذي يمثل من وجهة نظرهم أساس التركيبة الهجينة للسودانيين الشماليين. وتجاوزاً لإشكالات الأفروعربية ظهر مصطلح "السودانوية" في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، والذي تبنته الحركة الشعبية لتحرير السودان في وثيقة إعلان تأسيسها عام 1983م، وشرحه الدكتور جون قرنق دي مبيور في شكل معادلة رياضية، تتكون من: (س = أ + ب + ج)، حيث تعني "س" الهُويَّة السودانية، و"أ" التنوع التاريخي، و"ب" التنوع المعاصر"، و"ج" المؤثرات الخارجية والتداخل الثقافي العالمي. وبذلك حاول مُنظِّر الحركة الشعبية أن يخرج من ضيق القوميات وإشكالاتها المصاحبة إلى سعة الإطار الوطني الخالي نسبياً من إيماءات التعقيدات الإثنية. وعلق الدكتور منصور خالد على هذا المنحى الإيجابي بقوله: "الحاضنة الثقافية للشخصية السودانية ليست هي العروبة ولا الزنوجة، وإنما السودانوية. كما أن القاع الاجتماعي للوطنية السودانية ليس هو الاستعراب أو التزنج، وإنما هو أيضاً السودانوية. السودانوية نتاج عروبة تنوبت وتزنجت، ونوبة تعربت، وإسلام وشته على مستوى العادات لا العبادات شية من وثنية". ثم يمضي في الاتجاه ذاته، ويقول: "السودانيون، إذن، ليسوا قومية واحدة بالمفهوم الأنثروبولجي أو السلالي، وإنما هم شعب واحد –بالمفهوم السياسي- تمازجت عناصره في فضاء جغرافي محدد، وأفق تاريخي معين، ولكل واحد منها مزاج.
فالخيار أمام مثل هذه المجموعات هو إما الانتماء للوطن انتماءً مباشراً عن طريق المواطنة ودستورها، أو الانتماء له انتماءً غير مباشر عن طريق هُويَّاتها الصُغرى، دينية كانت، أم عرقية، أو ثقافية. "التحصين بالهُويَّات الصغرى يفضي، بالضرورة، إلى إقصاء الآخر الذي لا ينتمي لتك الهُويَّة، وإقصاء الآخر يقود بالضرورة أيضاً إلى تقوقعه في هُويَّته المحلية المحدودة، وربما إلى إنكار كل ما هو مشرق في ثقافة من أقصاه" الانتماء الأخير وصفة لا تنجم منها إلا الكارثة؛ لأن التحصين بالهُويَّات الصغرى يفضي، بالضرورة، إلى إقصاء الآخر الذي لا ينتمي لتك الهُويَّة، وإقصاء الآخر يقود بالضرورة أيضاً إلى تقوقعه في هُويَّته المحلية المحدودة، وربما إلى إنكار كل ما هو مشرق في ثقافة من أقصاه، وسعى للهيمنة عليه. فالفريق المقصي لن يرى – بمنطق ردِّ الفعل- في إبداعات الآخر أكثر مِنْ إنها وجهة من وجوه الهيمنة والإلغاء". لا مندوحة أن هذا التفضيل النخبوي بين المصطلحات التصالحية يمثل وجهاً من وجوه الأزمة التي تعاني منها دولة السودان القُطرية الموحدة ويكشف عن بؤس المصطلحات التصالحية وأزمة الهُويَّة السودانية، لكنه في الوقت نفسه يجسد جهداً في مسالك البحث عن هُويَّة سودانية جامعة، يمكن أن يتواضع عليها أهل السودان باختلاف تشكيلاتهم العرقية والدينية والثقافية. لذا فإن سؤال الهُويَّة المأزوم والإجابة عنه ما برحا يشكلان قاسماً مشتركاً في عجز النخبة السياسية من إنجاز مشروع دولة السودان الموحدة، والذي أضحى مصيره مرهوناً بنتائج استفتاء يناير/ كانون الثاني 2011م، والذي سيُحدد بموجبه مصير جنوب السودان إما في عباءة دولة السودان الموحدة، أو تحت عَلَم دولة مستقلة قائمة بذاتها، تشارك السودان الشمالي في حدود سياسية متنازع عليها، وفي موارد بشرية وثروات طبيعية مقسمة قسمة متداخلة بين طرفي القطر الواحد الآئل للتشظي. وفي ظل هذا المشهد السياسي المعقد ظهر تياران في الأفق، أحدهما يتبنى طرحاً صدامياً، لأنه يرى في الترويج للهوية "الإسلاموعربية" دعوة لتفكيك دولة السودان الموحدة، بينما يقدم التيار الآخر طرحاً وفاقياً، يزاوج بين الهوية والمواطنة، ويستند في توثيق عرى الترابط بين الاثنين إلى التحول الديمقراطي والتنمية المتوازنة. يأتي في مقدمة أنصار الطرح الصدامي الدكتور حيدر إبراهيم الذي يرى أن "الأزمة ليست في فهم الهُويَّة، ولكن في طرح سؤال الهُويَّة كأولوية في المشروع القومي السوداني، وأيضاً تكمن الأزمة في الطريقة التي طُرح بها السؤال، والظروف التاريخية التي جاء ضمنها. فالإجابات عن السؤال خاطئة؛ لأن السؤال في أصله خطأ. ومن ثم يرى الدكتور حيدر أن النسبة إلى عروبة اللسان "حل هروبي"؛ لأنها لا تلبي متطلبات العقل الشعبي الذي نسب نفسه جزافاً إلى العباس، وأن الدعوة للأفريقانية دعوة جوفاء؛ لأنها تتخذ من الجغرافيا واللون أساساً لتعريف ذاتها، "فالهُويَّة الدينكاوية أكثر تماسكاً من أفريقانية بلا ضفاف". وعليه يرى في وجود السودان على الخارطة السياسية مجرد وجود وهمي؛ لأن السودان من وجهة نظره لم تتبلور هُويَّته المزعومة عبر تراكم ثقافي تاريخي يصب في وعاء الوحدة والتوحد، بل جمع بين ثناياه متناقضات واقعه السياسي، والاجتماعي، والثقافي، والديني، فضلاً عن أن النُّخبة المتعلمة لم تكن في مستوى ذلك التحدي لتحول "الوهم إلى حقيقة وواقع"؛ لأنها أضاعت فرص المستقبل والانطلاق نحو الغد الأفضل في أكثر من مرة، ويذكر منها: الاستقلال، وثورة أكتوبر 1964م، وانتفاضة أبريل 1985م، واتفاقية السلام الشامل يناير/ كانون الثاني 2005م. "ظهر تياران للإجابة عن سؤال الهوية المأزومة: أحدهما يتبنى طرحاً صدامياً، لأنه يرى في الترويج للهوية "الإسلاموعربية" دعوة لتفكيك دولة السودان الموحدة، بينما يقدم التيار الآخر طرحاً وفاقياً، يزاوج بين الهوية والمواطنة" وفي ضوء هذا المشهد الكئيب يصل الدكتور حيدر إلى القول: بأن "التاريخ لا يعيد نفسه، دعنا نكمل دورة الانهيار بلا نقصان، ونفكر منذ الآن في إعادة البناء، فالموجود الآن لا يمكن إصلاحه". ويشترك مع الدكتور حيدر إبراهيم في رؤيته الصدامية أولئك الذين يطعنون في شرعية الهُويَّة السودانية المنشودة وفق هدي المشروع الحضاري، الذي يعُدُّونه مشروعاً إقصائياً وكارثياً على وحدة السودان؛ لأنه يجعل الدين الإسلامي إطاراً معيارياً لتحديد الهُويَّة، وبذلك يتم إقصاء التنوع الثقافي، والاجتماعي، والديني، وآليات طرحه الحرة في فضاء وحدة السودان السياسية. ثم يذهبون إلى القول بأن مخطط الاستعراب والأسلمة القسريين وإلباس اللبوس الإسلامي الفقهي السلفي لجهاز الدولة بوساطة النخب النيلية بمختلف توجهاتها عبر عقود ما بعد الاستقلال سيقود في خاتمة المطاف إلى انفصال الجنوب عن الشمال، والذي ربما يتبعه انفصال أجزاء أخر من الوطن الواحد. أما التيار التوفيقي فينقسم إلى عدة تيارات ثانوية. يتصدرها تيار الدولة الوطنية والتنمية الذي يرفض سدنته صهر الهُويَّة السودانية في بوتقة الوسط التي تمثل بالنسبة لهم عملة واحدة، لها وجهان، هما: العروبة والإسلام. فثنائية العروبة والإسلام لم تكن من وجهة نظرهم وعاءً جامعاً لاستيعاب قوميات السودان المختلفة في فضاء وحدوي شامل، قوامه المواطنة وسداه احترام الآخر؛ فضلاً عن ذلك فإن هذه الانتقائية قد أفضت إلى تجاهل أهمية العلاقة الجدلية الرابطة بين الهُويَّة الديناميكية والتنمية المتوازنة. علماً بأن الحكومات الوطنية المتعاقبة قد تجاهلت وضع سؤال الهُويَّة في نصابه "السوسيولوجي والمعرفي لقياس العلاقة المتبادلة ودرجة الانتماء بين المواطن والدولة، لتحديد نصيب الفرد من الدولة -ثروة وسلطة وثقافة- ونصيب الوطن من عطاء بنيَه؟" وذروة سنام قولهم إن استقصاء كُنه الهُويَّة بهذه الكيفية سيؤدي إلى "تنمية الوطن، والمواطن، والدولة" تنمية مستدامة، ويعزز فُرص التوحد داخل وعاء الوطن الجامع، ويفعِّل تصالح المواطنين مع أنفسهم واعتزازهم بوطنهم الذي ينتمون إليه، بعيداً عن سجال النُّخبة المتعلمة حول مفهوم الهُويَّة القائم على ثنائية العروبة والإسلام، والذي أفضى إلى تفضيل السودانيين على بعضهم درجات فوق بعض. ويتفق مع هذا الطرح التنموي نخبة من الأكاديميين السودانيين في المهجر، حيث إنها تصف جدل الهُويَّة بتياراته المتخاصمة بأنه ترف ذهني، لا يخدم مشروع الدولة السودانية الموحدة. ومن ثم يرون أن الارتقاء بالوعي الجمعي يجب أن يكون من خلال توسيع قاعدة التعليم بدرجاته المختلفة، والخدمات الاجتماعية الأخرى، والبحث العلمي الذي يؤطر لقيام "دولة حديثة، قوامها العدل والمساواة، واحترام حقوق الإنسان من حيث هو إنسان". والنتيجة الحتمية لمثل هذا التوجه المعرفي والخدمي ستتبلور، حسب وجهة نظرهم، في قيام "دولة المواطنة" التي تربو بنفسها عن "دولة العرق، والحسب، والنسب" الموروثة، وانسحاباً على ذلك ستنحسر مشكلة الهُويَّة وترف جدلها الفكري، وتغيب عن الواجهة السياسية حركات الهامش والأطراف المطلبية. والتيار التوفيقي الثاني يتمثل في تيار الهُويَّة والديمقراطية، والذي يعزي أحد أنصاره، الأستاذ عبد العزيز الصاوي، فشل إنجاز مشروع الدولة السودانية في المقام الأول إلى عجز "النُّخبة السودانية في تأسيس مشروع الديمقراطية، الذي هو صنو لمشروع التنمية، كما أثبتت التجارب العالمية في الهند وماليزيا". ويرى أن تمكين الديمقراطية وفق متطلباتها المتعارف عليها يُسهم في ترسيخ "الولاء للدولة السودانية في عواطف وأمزجة الجميع مهما اختلفت هُويَّاتهم، فليست وحدة الهُويَّة شرطاً لازماً للوحدة"، ويعلل هذه الفرضية بواقع الحال في الصومال، حيث تتوفر المقومات الأساسية للهُويَّة الواحدة، لكن مشروع الدولة الصومالية لم ينجز بعد. أما التيار التوفيقي الثالث فيزاوج بين المواطنة والهُويَّة "السودانوية" التي لا تمييز فيها لأحد بسبب العنصر، أو الدين، أو اللغة، أو الثقافة، أو الجهة؛ لأنها حسب زعمه تمثل البوتقة التي تتفاعل فيها كافة الانتماءات، وتتبلور الرؤى والمآلات. وبهذا التصور يكون "التنوع مصدراً من مصادر الثراء، وليس سرطاناً ينخر في عظم الأمة، ويفت في عضدها". "الآراء المختلفة بشأن الهوية تدثرت ببعض الإسقاطات الأيديولوجية التي انعكست في اتفاقية السلام الشامل 2005م، والتي أجابت نظرياً عن كثير من إشكالات الهوية, لكنها في الوقت نفسه اتسمت بالثنائية الإقصائية، وقننت لخيار الانفصال" ولذلك يرى الدكتور نور الدين ساتي أن "الحلّ النهائي لقضية الهُويَّة هو الانتقال من التركيز المفرط على هذه المسألة كمسألة ثقافية إلى كونها ترتبط عضوياً بالمواطنة التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. ودولة القانون هي الفيصل في ذلك، فالمواطنة حلقة الوصل اللازمة بين الحقوق الثقافية، والدينية، والاجتماعية، وبين الحقوق السياسية، والدستورية، والقانونية. ولذا فإني أرى أن يأتي الحديث عن الهُويَّة دائماً مرتبطاً بالحديث عن المواطنة، وذلك لأنهما يتكاملان تكاملاً منطقياً، ويدعم أحدهما الآخر". ويمضي في الاتجاه ذاته ويقول: إذا فشل السودانيون "في توصيف جدلية (الهُويَّة/المواطنة) توصيفاً صحيحاً بوصفها الوحدة البنائية الأساسية للمجتمع والدولة، فإنه يترتب على ذلك انهيار المشروع الوطني لهشاشة العنصر الأول من عناصره الأساسية، ألا وهو ما يمكن أن نسميه الحزمة البنائية (هُويَّة- مواطنة)، ولا يجدي بعد ذلك إن كان المشروع جذاباً في صياغته، أو أطروحته الأدبية، أو الأكاديمية، أو في مرجعياته الفكرية، أو المذهبية، أو السياسية إذا كانت تلك لا تستند إلى واقع معاش، أو تعوزها العناصر الأساسية الصالحة للبناء الاجتماعي". وفي خاتمة هذا المقال يمكننا القول بأن النصوص والآراء المختارة أعلاه قد تدثرت ببعض الإسقاطات الأيديولوجية التي انعكست في اتفاقية السلام الشامل لسنة 2005م، والتي نحسبها قد أجابت نظرياً عن كثير من الإشكالات التي أُثيرت بشأن الهُويَّة والمواطنة، والعلاقة بين الدين والدولة، وقسمة السلطة والثروة؛ لكنها في الوقت نفسه اتسمت بالثنائية الإقصائية، وقننت لخيار الانفصال الذي عُضِّدَ بقيام وحدة جاذبة قوامها التنفيذ المهني الصادق لبنود الاتفاقية؛ إلا أن انعدام الثقة الدائم بين شريكي نيفاشا في الحكم والتنفيذ، ومُسوغات الخطاب السياسي الطاعن في إمكانية تحقيق الوحدة الجاذبة ربما يفضيان إلى انشطار السودان إلى دولتين. إذاً السؤال المحوري الذي يطرح نفسه لمصلحة مَنْ يُقسم السوداني إلى دولتين؟ سنجيب عن هذا السؤال في الحلقة القادمة، وذلك في ضوء تحليل نقدي لجوانب اتفاقية السلام الشامل التي قننت لشرعية الانفصال، والبواعث الكامنة وراء هذا التقنين، ثم مناقشة السيناريوهات المتوقعة من نتائج استفتاء عام 2011م.
Post: #9 Title: Re: مع بروفيسور احمد إبراهيم ابو شوك - برنامج Author: ياسر منصور عثمان Date: 11-15-2015, 11:16 AM Parent: #1
سلام صاحب البوست وضيوفه الاكارم
حضرت معظم حلقات البرنامج
وحقيقة لم يعجبني طرح البروف رغم (دسامة) الموضوع ..
فهو يميل لما يشبه الموازنة والبتر بعض الاحيان
واتمنى ان اكون مخطئاً
مع ودي
Post: #11 Title: Re: مع بروفيسور احمد إبراهيم ابو شوك - برنامج Author: د.محمد بابكر Date: 11-15-2015, 11:24 AM Parent: #9
Quote: نسب الزعيم الأزهري فوق شُبهات جريدة الناس
أ.د. أحمد إبراهيم أبوشوك
اطلعت على سلسلة مقالات نشرها الدكتور عبد الله علي إبراهيم عن جوانب مختلفة من حياة الدكتور منصور خالد، العامرة بالعطاء الأدبي وقضايا السلطة والسياسة، على صفحات سودانايل، فلا عجب أن هذه المقالات قد أثارت لقطاً كثيفاً، حيث ثـمَّن حيثياتها نفر من القُرَّاء، وجرح بعضهم في صدقيَّة مصدرها وحجيَّة رواتها. وقد كانت الحلقة العاشرة، التي تناولت موقف جريدة "الناس" من نسب الزعيم الأزهري، أكثر الحلقات المثيرة للجدل والحاور بين بعض القُرَّاء الذين افردوا لها منبراً خاصاً في صحيفة سودانيزأونلاين، تناقماً مع عنوانها الرئيس الذي جاء على صيغة استفهام استنكارية: "هل الأزهري ممن حملتهم أمهاتهم على ظهورن من بلاد كانم والبرنو؟". ومن ضمن الذين تصدوا لحيثيات الاتهام الواردة في متن المقال وقدحوا في حجيتها الأستاذ الشاعر محمد المكي إبراهيم، الذي نشر مذكرة دفاع بعنوان "العالم بستان: في نسب الزعيم الأزهري"، ومن خلال هذه المرافعة الأدبية حاول أن يثبت حقاً تاريخياً مشروعاً لأهله السادة الإسماعيلية وأصول الزعيم الأزهري، حيث عزى الاتهام المرتبط بأصول أنسابهم إلى خبث الإداري البريطاني سير هاورلد ماكمايكل، الذي يصنِّفه الدكتور عبد الله علي إبراهيم في قائمة الذين إبتدعوا بدعة الخوض في "رجس الإنساب"، وذلك انطلاقاً مما جاء في كتابه الموسوم بـ "قبائل شمال ووسط كردفان (1912م)، وتحديداً عندما زعم "أن السيِّد المكي [بن إسماعيل الولي] لا هو بديري ولا هو دهمشي، لكنه جزئياً تكروري الأصل، علماً بأن دهمشية دنقلا يدَّعون بأنهم أشراف، فكان بعضهم يقيم في حِمى السيِّد المكي بكردفان، ويبدو أن السيِّد المكي قد استحسن نسبته إليهم." ومن طرف آخر ربط الأستاذ ود المكي إثاره هذا الاتهام في خمسينيات القرن الماضي إلى تفشي حُمى العمل السياسي و"مماحكات جريدة الناس للقادة الاتحاديين". فلا جدال أنه محقٌ فيما ذهب إليه، لأن الاتهام المثار في جريدة الناس أشبه بالاتهام الذي أثاره الاتحاديون في ساحات القضاء المدني عندما زعموا أن أستاذ الأجيال عبد الرحمن علي طه ليس سودانياً وأن "أصوله حبشية"، ورد عليهم الاستقلاليون باتهام مضاد يطعن في نسب الأستاذ حماد توفيق، ويصفه بأنه أجنبي دخيل، تعللاً بأنه كان يحمل تصديقاً لاستيراد الخمور الأجنبية، ومثل هذا التصديق، حسب مبلغ زعمهم، لا يعطى إلا للأجانب. بيد أن قاضي محكمة الموضوع المستر هيس شطب القضية، بحجة أنها مكايدة سياسية محضة، لا ترقي إلى درجة السماع، ولا صلة لها بشرعية نسب المرشحين المتنافسين في دائرة الحصاحيصا الانتخابية. وبالرغم من أن القاضي هيس كان على صواب، ولكن حيثيات الموضوع تعكساً طرفاً من طبيعة المدافعة السياسية البخسة التي كانت قائمة في السودان آنذاك. وفي هذه كلمة لا أود الخوض في غمار رجس الانساب وإفرازاته القبلية التي اقعدت أهل السودان من النهوض بوطنهم الجامع في حضرة واقع يقتضي تفعيل الوحدة القُطرية كوعاء سياسي أمثل لتوظيف التنوع الثقافي والإثني القائم في السودان، بل أحبذ الانطلاق من محصلة مفاداها أن علم الإثنوغرافيا أو الأنثربولوجيا قد درج على عدم مغالطة أهل الانساب في أنسابهم، بغية حملهم على صواب يحسبه الباحث حقيقة مطلقة، وذلك وفق قراءات أكاديمية قائمة على أدوات بحثية وفرضيات تناقض في بعض الأحيان الموروثات الشائعة والمتداولة بين "أهل مكة"، علماً بأن أهل مكة أدرى بشعابها. فأهدى السبل أن نأخذ بزعم النسابة والمنتسبين إلى أصولهم، ثم نفسر ما ذهبوا إليه في إطاره التاريخي والاجتماعي والسياسي، تحسباً بأن مثل هذا التفسير سيقودنا إلى تحليل موضوعي لفهم القيم الكامنة وراء الانساب، والديناميات التي تحكم حركة التدافع المحلي، وعلاقة هذا التدافع بالصورة النَسبيَّة القائمة في مخيلة الناس والمرتبطة بدقائق بيئاتهم المحلية التي تمزج بين الخيال والواقع.
ماذا يقول أصول الزعيم الأزهري في أنسابهم؟ ألَّفَ السيِّد أحمد بن إسماعيل الولي (الأزهري) مخطوطاً سماه "خلاصة الاقتباس في اتصال نسبنا بالعباس"، عام 1853م، ويوجد أصل هذا المخطوط بدار الوثائق القومية بالخرطوم تحت الرقم: منوعات، 1/15/175. وفي مقدمته يورد المؤلف إشارة احترازية أشبه بخاتمة مقال الأستاذ محمد المكي إبراهيم، إذ يقول: إن "تَعلُّم انساب الناس من العلم الذي علمه لا ينفع، وجهالته لا تضر، وبذل النفس في تحصيله من قبيل ضياع العمر." ثم يوضح أن الهدف من تأليف "خلاصة الاقتباس" كان يكمن في توضيح صلة رحم الذين ينسبون إلى جدَّهم الفقيه بشارة الغرباوي، وأيضاً بناءً على رغبة في نفس أبيه إسماعيل الولي الذي كان مهتماً بتوثيق هذه الصلات الأسرية. وفي مقدمة الفصل الرابع يقول مؤلف خلاصة الاقتباس: "إن التفاخر بالأباء والأجداد مذموم شرعاً، فلا ينبغي لعاقل أن يفتخر بأبائه وأجداده، ويدعي الشرف والكرم عند الله تعالى بعلو نسبه على باقي أخوانه المسلمين، لأن الشرف والكرم عند الله تعالى إنما يحصل للعبد من جهة تقواه، فلا اعتبار بشرف النسب لقوله تعالى (إنما أكرمكم عند الله أتقاكم)." (ص 38). وهنا يبرز وجه الشَبه بين هذه المقدمة الاحترازية وخاتمة الأستاذ محمد المكي التى تقرأ: "أقول قولي هذا دون أن يفوتني الإعراب عن استهجاني لمن يرى في الانتساب إلى القبائل الوافدة ما يزري بالرجل الكريم، فهم (أريد من نسميهم الفلاتة) قوم من الرجال المحبين للعمل، والنساء المنجبات، وهم من أحسن الناس أخلاقاً وديناً، وأشدهم محافظة على العرض والشرف، وأنشط أهل السودان إلى العمل الشريف مهما صعب، وهم حملة حضارة، أدخلوا إلى السودان صنوفاً وأُلوفاً من المهارات والصنائع والزراعات، ولو كان الأزهري على أي صلة بهم لما ضره ذلك شيئاً، ولبقي كما هو الآن رافع العلم، ومحرر السودان، وأبو الوطنية السودانية. ولكن الحق حق، وانساب الناس جزء من هويتهم، والزعيم الخالد من دوحة القطب إسماعيل الولي، فلا مراء في نسبته إلى أعلى مراتب الشرف والصلاح." ويبدو أن ود المكي يعني بمصطلحي الشرف والصلاح ما عناه جده السيِّد أحمد بن إسماعيل الأزهري الذي ربط تحقق المصطلحين بتلازم "التقوى والدين". فالسيِّد المكي هو الابن الأكبر للسيِّد إسماعيل الولي الذي وثق نسبه ابنه السيِّد أحمد الأزهري بعد أن تحرى الصحيح والمعتمد من الكتب المدوَّنة، وما جرى عليه رأي الأكثرية تواتراً، وبناءً على ذلك أرجع نسب والده السيِّد إسماعيل إلى "عبد الله بن إسماعيل بن عبد الرحيم بابا بن الحاج حمد بن الفقيه بشارة الغرباوي" (ص 12-13)، الذي يتصل نسبه بجعل الدفار عند منحى النيل، "وهم طاقية مستقلة" وأهل سيادة في المنطقة. وإن الجد الخامس لبشارة الغرباوي "هو الملك ناصر بن صلاح بن موسى، الملقب بمسوا الكبير، الذي يُعدُّ الجد المؤسس للملكناصرية الذين يقيم أحفادهم الآن في منطقة قنتي ومنصوركتي ودبة الفقراء (الفقهاء). إلا أن بشارة الغرباوي انفرد عن اسلافه، لأنه اشتهر ببركة الدين حتى صار أصلاً بالنسبة للسادة الإسماعيلية. وتقديراً لوضعه الديني في منطقة الدفار فقد أقطعه السلطان بادي بن السلطان نول (الشهير ببادي أبوشلوخ) جاهاً من الأرض عام 1145هـ (1732م) "لا عادة عليه، ولا عانة، ولا جباية، ولا علوق، ولا شيء قل أو جل من جميع مضار السلطة، لا في الحضر ولا في السفر أن شرقوا أو غربوا، فكل من تعرض له أو دناه لا يلومن إلا نفسه، والحذر الحذر من الخلاف، والمخالف لا يلومن إلا نفسه." فلا شك أن هذا الجاه السلطاني يعكس طرفاً من أهمية الفقيه بشارة الغرباوي، ورسوخ قدمه العرفاني، وطول باعه الاجتماعي في منطقة الدفار. أما خلفية تسميته ببشارة بالغرباوي فيرجعها السيِّد أحمد بن إسماعيل إلى قول مأثور فحواه أن بشارة كان من جملة تلاميذ الشيخ إبراهيم البولاد بن جابر في جزيرة ترنج بأرض الشايقية، حيث برع في دراسة القرآن والفقه على مختصر خليل ورسالة أبي زيد القيرواني، وكان شيخه إبراهيم البولاد حريصاً على تميزه عن بقية طلابه الذين يحملون نفس الاسم، فأطلق عليه لقب بشارة الغرباوي، تعللاً بأنه كان يسكن بـ"حوش مار" في منصوركتي التي تقع غرب جزيرة ترنج، وكان يعبر البحر (النيل) من جهة الغرب إلى جزيرة ترنج بالشرق، حيث خلاوى شيخه إبراهيم البولاد. ومنذ ذلك الحين ذاع صيته بين الناس بـ"بشارة بالغرباوي". فيتصل نسب الشيخ إسماعيل الولي من جهة أبيه وأمه ببشارة الغرباوي، فأمه هي ملكة الدار بنت إبراهيم بن عبد النبي بن الحاج حمد بن بشارة الغرباوي. وقد هاجر والده عبد الله إلى كردفان في أواخر القرن الثامن عشر للميلاد، ورزق ثلة من الذكور والإناث في الأبيض، أذيعهم شهرةً ابنه إسماعيل الذي وُلِدَ عام 1792م، وأخذ الطريقة الختمية من السيِّد محمد عثمان الميرغني قبل أن يكمل العقد الثالث من عمره الباكر، إلا أنه لم يمكث طويلاً في الطريقة الختمية، وسرعان ما قام بوضع قواعد الطريقة الإسماعيلية التي تُصنَّف بأنها الطريقة-الصوفية السودانية الوحيدة منشأً وقيادة. ومن ثم ظل السيِّد إسماعيل الولي المؤسس علماً رمزاً على قيادة سجادة الطريقة الإسماعيلية بالأبيض إلى توفاه الله عام 1860م، وخلفه على ذات السجادة ابنه الأكبر السيِّد المكي الذي استطاع أن يحدث نقلة نوعية في البناء الهرمي للطريقة الإسماعيلية، وتلك النقلة حسب قراءة الدكتور محمود عبد الله إبراهيم الذي جعل تاريخ الطريقة الإسماعيلية مشروع أطروحته لنيل درجة الدكتوراه بجامعة لندن عام 1980م، قد تبلورت في تفعيل الأنشطة العرفانية، وربط الطريقة بخلفائها ومريديها في المركز والتخوم، وفي عهد السيِّد المكي أيضاً تم تشييد قبة الشيخ إسماعيل الولي، حيث الحي القبة الشهير بمدينة الأبيض. والغريب في الأمر أن السيِّد المكي توفي بعد عام من إلتحاق هارولد ماكمايكل بخدمة حكومة السودان عام 1905م، ولم يدركه ماكمايكل في الأبيض، بل أورد حاشية مبهمة في كتاب عن قبائل شمال ووسط كردفان، تعطى القارئ انطباعاً بأن ماكمايكل قد عاصر السيِّد المكي، وعرف عن حقيقة نسبه إلى القبائل الفولانية. ولا أدري من أين جاء ماكمايكل بهذه الفرضية غير الموثقة. وإذا افترضنا جدلاً أن للسيِّد المكي صلة رحم فولاني من جهة أمه فهذا لا يقدح في حقيقة انتسابه إلى السادة الإسماعيلية وأرومتهم الدهمشية. فإذا كان مصدر جريدة الناس هو حاشية ماكمايكل، فإن السيِّد المكي ليس الجد المباشر للزعيم إسماعيل الأزهري، فجده المباشر هو السيِّد أحمد بن إسماعيل الأزهري، الذي ينتسب من جهة أمه السيِّدة زينب إلى الحاج محمد بشارة بن الأرباب سورج المرفوع نسبه إلى نصر الله بن صلاح بن الملك الدفاري مسوا الكبير. فكل الشواهد المشار إليها تقدح في صدقية ما ذهب إليه ماكمايكل، وتصنف ما أوردته جريدة الناس في دائرة الخصومة السياسية التي لا تجرح انتساب الزعيم الأزهري إلى البديرية الدهمشية.
ماكمايكل بين خبث الفرضية وأهلية التوثيق حاول بعض المعجبين بعطاء الأستاذ محمد المكي إبراهيم وأدبيات الغابة والصحراء أن يرافعوا عن مقاله "في نسب الزعيم الأزهري"، ويلقوا باللائمة على السير هارولد ماكمايكل، متعللين بأن وصفه إلى أصول الأزهري بالفولانية (أو التكارنة) فيه تجريح لقيادة الأزهري لحركة الخريجين والاتحاديين، لأنه هذه الفِرَّية تقدح في شرعية انتسابه إلى أهل السودان الخُلص، وتضعه في خانة المهاجرين التكارنة الذين حملتهم أمهاتهم على ظهورن من بلاد كانم والبرنو إلى السودان. ومثل هذا القول ربما ينطبق على جريدة الناس، لكن ليست له علاقة مباشرة بما ذهب إليه ماكمايكل، لأن ماكمايكل نشر كتابه عن قبائل كردفان عام 1912م، وفي ذلك الحين لم يتجاوز عمر الزعيم الأزهري الاثني عشر عاماً، وعندما نشر تاريخ العرب في السودان عام 1922م كانت الحركة الوطنية في طور التخلق نطفةً، وأن الأزهري لم يكن علماً يشار إليه بالبنان على المستوى السياسي القومي وصالونات الحركة الوطنية. فمن ناحية أكاديمية يجب أن لا نغمط الرجل حقه، فإنه قد جمع بين دفتيي كتابه "تاريخ العرب في السودان" كماً هائلاً من المعلومات الأولية المفيدة التي تسهم في تحليل الواقع السوداني آنذاك ومعرفة ملامح الشخصية السودانية، والشاهد على ذلك أن طعنه في نسب السيِّد المكي لم يمنعه من ترجمة مخطوط "خلاصة الاقتباس"، الذي ألفه السيِّد أحمد بن إسماعيل الولي ومجدَّ فيه أصوله الإسماعيلية، إلى اللغة الإنجليزية، وجعله ملحقاً في الجزء الثاني من تاريخ العرب في السودان. نعم، للباحثين الحق في أن يختلفوا مع الفرضيات التي أسس عليها ماكمايكل مفردات مشروعه الباخس لنسب المجموعات الجعلية وأصولها القرشية، وفي مكايداته السياسية للنخب المتعلمة في السودان، لكن هذا لا يمعنا القول أن الرجل الأبيض العظيم، كما تنعته بعض الوثائق البريطانية، قد ترك أدبيات مهمة جديرة بالبحث والتنقيب. فمشروع ماكمايكل الذي يعتبره بعض الباحثين مشروعاً باخساً هو ذات المشروع الذي انطلق منه دعاة الغابة والصحراء، وفي مقدمتهم الأستاذ محمد المكي إبراهيم الذي يقول عن نفسه في صيغة الجمع: "لقد جاهدنا ضد العنصرية السودانية منذ أن كنا طلاباً في الجامعة، وقلنا أن السودان وطن الخلاسيين والخلاسيات، وتصدى لنا آخرون يقولون بالنقاء العربي للسودان. والآن يشيد القوم بأولئك النفر، ويهاجموننا نحن الذين حملنا [ولا زلنا] نحمل راية السودان المتعدد الأعراق." وزبدة القول أن نسب الزعيم الأزهري يربو فوق هامات المماحكات السياسية، لكن الشئ الأهم هو أن السادة الإسماعيلية أناس عاشوا فوق أمجاد بنوها بنور العلم لا عمد الرخام، فالأجدى والأمثل أن يحدثنا الأستاذ محمد المكي إبراهيم عن فيض تراثهم العلمي الزاخر، الذي يقدر جُعل السيِّد إسماعيل الولي فيه بثمانين مخطوطاً، وقد سار على نهجه السيِّد المكي، وتبعه أحمد بن إسماعيل الأزهري صاحب المرافعة الجريئة في دحض مهدية محمد أحمد بن عبد الله، وتلاهما عبد القادر الكردفاني مؤلف "كتاب سعادة المستهدي بسيرة الإمام المهدي"، وعلى ذات النسق سار القاضي حسين سيدأحمد المفتي مؤلف كتاب "تطور نظام القضاء في السودان". والأستاذ ود المكي نفسه من هذه الأرومة الصالحة والشريفة، التي أكتسبت شرفها وصلاحها لا من نسب "بديري-دهمشي" حرمها إياه السير هارولد ماكمايكل، ولا من أصل تكرورياً رفعها إليها، ولكن بفضل تقواها الراسخة في الأرض وعطائها المثبوت بين الناس.
Post: #12 Title: Re: مع بروفيسور احمد إبراهيم ابو شوك - برنامج Author: د.محمد بابكر Date: 11-15-2015, 11:41 AM Parent: #11
Quote: سلام صاحب البوست وضيوفه الاكارم
حضرت معظم حلقات البرنامج
وحقيقة لم يعجبني طرح البروف رغم (دسامة) الموضوع ..
فهو يميل لما يشبه الموازنة والبتر بعض الاحيان
واتمنى ان اكون مخطئاً
مع ود
الاخ ياسر بالنسبة لى فقد نظرت للطريقة التى تناول بها ابوشوك كثير من القضايا الشائكه كطريقة يجب ان يتمتع بها الاكاديمى الرصين والذى يقف على مسافة متساويه من كل قضايا التاريخ وشخوصه وقد نجح البروف فى ان يتجنب الفخاخ التى حاول التوم نصبها خصوصاَ عندما جاء ذكر ال المهدى وال الميرغنى لكنه وهذا رأى يحتمل الخطأ ناقش كل جوانب القضيه وفى المجمل لم يهرب البروف من قضية او سؤال . ربما لم يجد التوم ما اراد تارة بدوافعه كاسلامى واخرى كمقدم لبرنامج اراد(تسخينه) كما ذكر وهو يودع ضيفه فى نهاية الحلقات لكن المؤكد انه احسن اختيار الضيف والموضوع معاَ. بالمناسبه بروفيسور ابو شوك عضو فى هذا المنبر و نطمع فى ان يدلى ببعض مما ينشده بعض الزملاء..تحياتى