أقع في ظلي، كما تقع المدينة في ظل المطر، فلا يصيبها منه شيء. لا يصيبني منه حزن ولا فرح. هذا الظل المفلت من شفقتي ومن خطوتي اللاهثة خلفه، ولا تدركه في كامل المسافة من هيلفرسم نوورد إلى الميديا بارك جنوب، حيث المحطة التي اقتلعت مظلتها الزجاجية التي تزينها إعلانات مسرفة في استخدام الإيحاءات الجنسية، حتى وإن تعلق الأمر بطعام هرة أحسنت صاحبتها إطعامها ولم تحبسها. يعايرني بالفناء، ظلي، وحذائي الشمواه الضارب للحمرة يكاد يدوس على موضع القدم منه ولا يدركه. أنا الإنسان المنتمي لعصر الأولوية التي تشترى بالمال Fast track of priority lane ولكني أعافها بما هي عليه من استسهال مجرد من الحياء لكسب المزيد من المال. في مثل هذا الصف الذي يتيح الأولوية يمكنك دفع حفنة إضافية من النقود لتجنب الوقوف في صف الصعود إلى الطائرة، فتكون أول الصاعدين، ثم ماذا بعد؟ ستنتظر صعود البقية بالطبع قبل أن تقلع الطائرة. بحفنة من المال يمكنك استئجار متشرد للوقوف بدلاً عنك نصف يوم بكامله في صف التذاكر لحفل موسيقي باهظ التكاليف، للتأكد من ذلك راجعوا نجم هارفارد مايكل ساندل what money cant buy والذي يقول معزياً ومحذراً: إن كنت ستضع ملصقاً يحدد السعر على كل شيء فتأكد أن سعره سيتناقص، كم تكلف كلية آدمية؟ مائة دولار ربما في الهند؟ خمسة آلاف دولار في تايوان، ومجاناً من لاجئ سوداني في مصر يود عبور صحراء سيناء إلى أرض الميعاد. كم يبلغ سعر الشرف؟ الأمانة؟ هي أشياء لا تشترى بحسب أمل دنقل، ولكن لاقتصاد السوق منطق آخر، المشكلة ليست في اقتصاد السوق كما يقول مايكل ساندل، ولكن في مجتمع السوق الذي انتهينا إليه حيث تقاس القيم وتوزن بميزان المال. في المساحة المخصصة لماكينة القهوة البطيئة المخادعة التي تصدر من الأصوات ما يوحي بأن البن يسحن طازجاً قبل نزول الكوب البلاستيكي، حدثتني زميلتي جميلة ذات الأصل الجزائري بأنها قد عادت لتوها من عطلة للغطس في جزيرة بونير التابعة لجزر الأنتيل على الكاريبي. سألتني إن كنت أجيد الغطس؟ أجبتها بأني لا أجيد حتى السباحة، وزدتها في الشعر بيتاً بأني لا أقود حتى سيارة. هذا أنا الواقع في ظل ظلي، anti macho لست بذلك الفتي المعني: هباط أودية، حمال ألوية. أسير في طريق مرصوف أحاول اللحاق بظلي فما أقدر من قلة حيلتي. هيلفرسم 18 يوليو 2012 ---------- نص قديم كنت قد كتبته خصيصا لموقع أنوال، رأيت إعادة نشره مرة أخرى هنا على سبيل القحة ولا صمة الخشم.
Post: #2 Title: Re: موت الظل.. مرة أخرى Author: معاوية الزبير Date: 10-07-2015, 01:34 PM Parent: #1
Quote: رأيت إعادة نشره مرة أخرى هنا على سبيل القحة ولا صمة الخشم
قحة شنو دي يا حمودة، دا TB عديل عافاكم وعافانا الله
Post: #3 Title: Re: موت الظل.. مرة أخرى Author: ابراهيم حموده Date: 10-07-2015, 02:53 PM Parent: #2
منور يا معاوية.. تسلم يا صاحب من شرور الدنيا.. بس الزومي ضايقي اليومين ديل فقلنا ما نقطع الأخبار.
Post: #4 Title: Re: موت الظل.. مرة أخرى Author: معاوية الزبير Date: 10-07-2015, 03:13 PM Parent: #3
تعرف يا إبراهيم حتى ابني الصغير علي اب تلاته سنوات بكل حيل الطفولة لم يستطع اللحاق بظله بحركات الطفولة تلك التي تنتابهم لأيام ثم لا تلبث أن تزول شبَكَ قبل مدة في حركة محاولة إدراك ظله حاول بكل الحيل، مال بجسده للوراء ومد قدمه الصغيرة فلم يبلغ ظله فعل العكس بلا جدوى غير موقعه من الشمس بحيث تغيّرَ موقع سقوط الظل ولم يدركه أيضا قت ليهو كفى بُني ستقضي العمرَ كله هكذا حاوِل اللحاق بظل غيمة هذا أسهل ---- لكن الصورة خطيرة جد زول فنان
Post: #5 Title: Re: موت الظل.. مرة أخرى Author: عبدالعزيز الفاضلابى Date: 10-07-2015, 07:08 PM Parent: #4
ضُل زى ده ياحمودة؟ تحياتى
Post: #6 Title: Re: موت الظل.. مرة أخرى Author: محمد على طه الملك Date: 10-07-2015, 08:39 PM Parent: #5
Quote: أسير في طريق مرصوف أحاول اللحاق بظلي فما أقدر من قلة حيلتي
بما إنك تخيرت الحوار مع ظلك .. حقو بالأول تقول للناس دي الحتة الواقف فيها دي هي تلتوار الشارع العام وليس حوش بيت أو مؤسسة.. النقطة دي قد يراها آخر انصرافية .. بس أنا شايفا وثيقة الصلة بظلك الذي استدعيته لكونه واقع مشاهد .. يعكس مشاهد مطبوعة في الأفئدة تعود لبدايات التكوين .. وحين أقول تكوين فأنا أجمل تحتها البيئة والثقافة والتقاليد .. لك ولي ولكافة أبناء جلدتنا هنا .. هذا المخزون الذي تسعى جاهدا مقاربته بظلك المعكوس على أرضية لامعة ونظيفة .. لبنية ثقافة أخرى يلعب فيها المال القيمة الحقيقة للناس .. خطونا ومازلنا في رحابها متسارعين مثلما يفعلون .. ولكن هيهات .. لست وحدك كلنا في الهوا سوا.. ولن نتوقف .. مع أن أفاق الالتقاء والتوافق لإنهاء هذه الجدلية معدوم تماما على الأقل بالنسبة لنا كمبتدرين.. إذا كانت ديك قحة فهذه عطستي فكلانا في محيط العدوى.
Post: #7 Title: Re: موت الظل.. مرة أخرى Author: Dahab Telbo Date: 10-07-2015, 09:58 PM Parent: #6
استاذ ابراهيم حمودة سلامي ومودتي لك وضيوفك الميامين مقرونا بالشكر والامتنان لمتعة البوح الظلي هذا ربما ليس علي التجاسر اكثر في مثل هذه الامكنة ولكن سأدلي بما ظل يحرق روحي مثل ذكرى خيبة جنسية لمراهق اخرق سأقول عن الظل قولا قريبا من ذلك الذي سيقوله "الصادق هامش " في نثارة صحفه التي اطلق عليها صديقه "فوضى الظل" ولكن ليس بألق حكمته التي لن تودع في كائن لم تخلقه السطور على اية حال، للظل تجليات بهية والهام صادم لايدركه الا الذين يهتمون بأمره فهو الشيء الوحيد الاكثر عظمة في خيال الذين يرون ان الله عاجز عن القيام ببعض واجباته في توضيب شئون الارض فيتولون ذلك على انهم هم ذلك الظل الخرافي للرب الذي اوكلهم بتوفيض لاحدود له مثل الذي يمنحه الطغاة لجنرالاتهم في الحروب الاكثر دموية وفي الاشياء التي لا ظل مرئي لها مثل المال والمتعة يظل هو الاكثر حضورا في اذهاننا لتكمل الرؤيا ، ويبقى الظل صور اكثر فتونا للحبيبات الغياب والذكريات المترمده بحريق الايام وبما ان الظل ليس الا انعكاس اكثر عتمة للأشياء الا انه في أحيانا كثيرة يفوق اشياءه ألقاً وذلك ليس لأنه اكثر صدقا منها مثل ظل الة القهوة المخادعة فحسب وأنما لتعففه الدائم من اي رزيلة للصورة المكونة له وما اكثر رزائل الصور والمصورين! يخيل لي دوما ان الظلال اشياء منفصلة تماما عن الشخوص/الاشياء جبرتها مطبات الحياة الكثيرة الى ملازمتهم مثلما وُرط الدخان في قوادة النار ولأن الاسرار المصيرية تظل في طي الكتمان ابدا بدت متلازمة الظلال لأشياءها (التي لاتتمي اليها مطلقا ) قدرا مُسلم به بل عدم ذلك مثير للذعر حتى ، وعن موت الظلال فهي لم تمت الا في تلك المعركة العبثية التي خاضها صديقي محي الدين هارون بأشباحة ذات دخان الخروع الطارد للأرواح
مودتي تلبو
Post: #8 Title: Re: موت الظل.. مرة أخرى Author: ابراهيم حموده Date: 10-08-2015, 11:52 AM Parent: #7
وهكذا يا معاوية يبدو أننا لن نكف أبدا عن تكرار تجارب الطفولة.. الصورة بالمناسبة بموبايل عادي، ربما خرجت جميلة هكذا بالصدفة.
Post: #9 Title: Re: موت الظل.. مرة أخرى Author: ابراهيم حموده Date: 10-08-2015, 11:54 AM Parent: #8
فاضلابي مرحبتين وشكرا ليك على البنية السكراية.. لكن خلعتها مبالغة..
Post: #10 Title: Re: موت الظل.. مرة أخرى Author: ابراهيم حموده Date: 10-08-2015, 12:03 PM Parent: #9
مولانا محمد علي طه الملك.. قرأت في مكان ما أن الشهيد محمود محمد طه ومعه نفر يتجولون في منطقة جبلية، فرأى نبتة يبدو أنه يعرفها كان تنمو على صخرة عارية ففركها بين أصابعه وجعل أصحابه يشمونها قائلا لهم: هل تدركون سر طيب هذه النبتة؟ لأنها تأخذ من الماء ما يكفيها وتترك الباقي ينحدر بعيدا.. فلو أخذ كل منا كفايته فقط من عرض الدنيا وترك الباقي لصار مثلها. (رويتها بتصرف ارجو ألا يكون مخلا لمقصد الحكاية). أنزعج مثلك من سيادة المال على تفاصيل الحياة اليومية بشكل ظاهر هنا في الغرب.. سمعت من صرعات شهوة الحصول على المال أن يؤجر المرء مقدمة جبهته لينقش عليها وشم شركة ما. نقول هنا إن كان سيد الحق راضي فما دخلنا، ولكن أن تسير بين لوحات اعلانية بشرية أمر يثير الفزع إن استفحلت الظاهرة. والممر الظاهر في الصورة هو رصيف ضيق للمشاة يمتد من محطة هيلفرسم ميديا بارك إلى مقر اذاعتنا في طرف المدينة الاعلامية.. مودتي
Post: #11 Title: Re: موت الظل.. مرة أخرى Author: ابراهيم حموده Date: 10-08-2015, 12:09 PM Parent: #10
الأخ دهب تلبو شكرا لك على الاطلالة والمساهمة.. سيظل الظل مجازا كبيرا وعريضا.. للاشياء المتعالية وظلالها. كما تظل العلاقة بين الظل والأصل ملغومة ويلفها الشك. هل الاشياء هي في الأصل كما تتبدى لنا، أم أنها مجرد أخيلة نكونها لعالم (أصيل) لا نستطيع ادراكه، هذه هي المغالطة الفلسفية القديمة ولكن فكرة الظل تظل مبهجة على أي حال حتى بعد أن نكبر وننصرف عن اللهو البسيط.
Post: #12 Title: Re: موت الظل.. مرة أخرى Author: عبدالكريم الاحمر Date: 10-08-2015, 02:30 PM Parent: #11
ابن الخال ابراهيم حمودة
اسعد الله ايامك اينما كنت .. اين انت مسجل غياب طويل واين ابداعاتك التي حصلت على جوائز ولم نطلع عليها بعد نأمل نشرها ...ا لا تخف لدينا المتسع من الوقت ودمتم عبداالكريم الاحمر
Post: #13 Title: Re: موت الظل.. مرة أخرى Author: ابراهيم حموده Date: 10-08-2015, 03:19 PM Parent: #12
عبدالكريم أخوي حبابك وعلك طيب والعيال.. طبعا الموضوع ده نزلتو عشان ما انقطع فترة طويلة.. عندي حاجات قديمة كتيرة لكن دايرة ليها فتيش مع الرحيل الكتير. وانت اظهر برضو شايفك اختفيت حتى من الفيس بي هناك. مودتي.
