حدثتنى نفسى فى بواكير الالفية الاخيرة ويالهول حديث النفس اذا وافق هواها لامحالة واقع بان اعقد حبل الوصال مع وطنى واهجر غربتى مودعا الى مراتع الصبا ومسارح الارام اقطع حبل الوصال مع ديارا كفلت عيشي ووارت سؤتى سنينا عدددا هجرا الى دار الاحبة يبغى مقصدى ، اروم فيها ماسقط من شبابى والقى من الاحباب ماغاب عن عينى واعيش كما يعيش الناس فيها حزمت حقائبى وودعت زرقة الخليج بلسان شكر وامتنان مودعا لعشرة سنوات من عمرى قضيتها اسيرا لما يدعى الدوام ومادام الا وجه الكريم لم اتركه مغاضبا بل مشتاق الى صرتى المدفونة فى قطعة من الارض تدعى موطنى ولسان حالى يلهج بلدى وان جارت على عزيزة ...اهلى وان ضنوا على كرام
منذ ان بدأت خطواتى تتلمس سلم الطائر الميمون خامرنى احساس المعراج الى السودان وسمائه الصافية فكانت درجاته تعاند اشواقى وتباعد بين ما ارنو بيوم مقداره الف عام لم تقززنى رداءة ترتيب المنظر السائد فى عمومياته فقد عقدت العزم والنية ادندن بكلمات ضل صائغها تعشعش فى ذهنى بلاد ألفناها على كل حالة وقد يؤلف الشئ الذى ليس بالحسن وتستعذب الارض التى لا هواء بها ولا ماؤها عذب ولكنها وطن اتخذت مقعدى بجوار النافذة وباتت انفاسى يتجاذبهاالملل وانا ارقب خارطة الملاحة على الشاشة المعلقة فى وسط الطائرة تقطع عباب السحب تلوى على الوطن
الام التى تهدهد طفلها بعد طول عقم واب يبشر بالولد بعد ان مسه الكبر كلها خوالج عندما مددت يدى الى نافذة الميمون فتسللت خلسة وكانها تتسلل الى روحى فتعيد ضخ بلفى المسدود فى مجارى شرايينى الزابلة تحسست يدى ...انها لسعتها مسحتها وضربت بها على وجهى تيمما ورفعت ماتبقى من النافذة اردت ان اطوق محيطها بنظراتى وكما عهدتها تمنعت اغلقت احدى عينى وفتحت الاخرى وقضبت الجبين التفتت الى خارطة الملاحة المعلقة فاذا بالطائر الميمون يتعدى نصف البحر الاحمر ...تبسمت وقهقهت بفرح انها شمسك ياسودان كما الفناها لاتنثنى فى خيلائها ترعى حارقة ودود ..تأوهت نفسى شغفا الى تفاصيلك ياوطن حنت نفسى حتى الى زائرة الليل فيك تقطع اوصالى بالسهر والحمى ...وهفت روحى الى الملاريا
Post: #6 Title: Re: موطنى Author: Yasir Salah Date: 04-28-2015, 06:55 AM Parent: #5
يلا نمشى النيل في اواخر الليل بين رمال ونخيل واغنى ليك ياجميل بوبا عليك تقيل بدأت الطائرة تحوم حول الخرطوم وكأنى بها تستأذن النيل في الدخول فمرت على كل جوانحه تطلب الافساح والسماح والشريط المتعرج يرسم خطوط الجمال على الارض الطيبة دنت فتدلت وصارت قاب قوسين من الارض فبانت الملامح مدينة الرياض عبيد ختم والساحة الخضراء ومبنى سوداتل انقبضت القلوب والنفس معلقة بتلك الرؤوم القابضة على حفنة تراب داساها في دلقان قديم من اثر الاثر حفظته منذ ساعات الرحيل الاولى وهى تتبع خطواتى جازمة بان حبات التراب التى لفتها في هذا الدلقان ستعيدنى حتما يوما ما اليها انها امى (امى )