رسالة إلى جون قرنق

« الإذاعة هي المدرسة التي يتعلم منها السامعون ، والنزهة التي يأنس فيها المتمتعون . وهي مصدر ثر من مصادر الثقافة منذ عصر ما قبل الفضائيات وما قبل سيادة عصر التلفزيون .
الإذاعة السودانية إذاعة أم درمان ، نشأت متابعًا لها ، ومولعًا بها ؛ من برامج الصباح إلى عالم الرياضة إلى سهراتها وإن كانت معادة ؛ دكان ود البصير ، حقيبة الفن ، ألحان ، لسان العرب ، سهرة ثقافية ..
وفي الليل الهادي الساكن أرحل عبر الموجة إلى هيئة الإذاعة البريطانية وأصوات مذيعيها تمخر عباب الظلام متلألئة ، فآخذ منها الأخبار عن ثقة مصدقًا لما جاءت به ، وإذا التقيت المجادلين احتج بما سمعت .
وكذلك أنتقل إلى إذاعة مونت كارلو الدولية صوت فرنسا ، وإلى إذاعة صوت العرب وإذاعة وادي النيل .
وفي أوقات الأصيل إذا طرقتني السآمة أمسك بالمذياع وأقلِّبه حتى أعثر على إذاعة صوت إثيوبيا حيث لا أدري لغتهم ولكن لسماع الأغاني السودانية المختارة بتزكية الجيران .
وأثناء مداومتي على إذاعة صوت إثيوبيا صادفت إذاعة SPLA صوت الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان ، فانصت إليها بفضول الظمآن إلى المعرفة ، ولم أكن
أُعنى بتأويل الكلام إلا كما صدر فلا سلطان عليَّ لأنني لا حزب لي ولم يُعرف عن أهلي ميولاً متعصبًا لحزب ما وقد سرت على هذا النهج .
استمعت إلى برامجها السياسية ، ومارشاتها العسكرية الثورية ، فتوقفت عند حديث القائد مع الثوار ، عند اللغة العربية المكسَّرة التي تعجب بكِسَرِها لا عجبًا من سخرية ،
بل كأنها تكسَّرت وتناثرت إلى قطع من البلُّور الأخاذ لا تشبه كُليمات أُهيل هذا الزمان التي تتطاير في ضلال كقطع الزجاج الجارح .
ما هذا اللسان العذب ؟ من هذا القائد ؟ هل من عظام التاريخ ؟ من أين أتى ؟ هل أتى من الحضارات القديمة ؟ أهو الجبل الذي لا نستطيع أن نراه ؟ أم هو الجبل الذي من رآه لن ينساه ؟ .
تقدم العمر وأفَلَتْ فترة الإذاعات وأقبلت الأسفار ، وزاد الاطلاع وقوي الإدراك فأفْلَتُّ بمفازة من حصار الشعارات الطاغية الخادعة ، ونظرت إلى السياسة والساسة فرأيته أصدقهم رأيًا ؛
قال ولم يُسمع له فضرب بالمطرقة مناديًا أراد أن يكون كنفسه ولو خطوًا على الجمر مقاتلًا لأجل من قاتله ، وما أمر مضاضة قتال أخٍ لأخٍ في التراب . دعا إلى الوحدة وتقلدها وسعى لها سعيها وهو مؤمن بها ،
وانحدر إليها انحدار سليل الفراديس ولا مناص له من ذلك ، فهو النيل الجديد الجاري من الجنوب إلى الشمال كما خلقه الله .
سار ورفل في ثوب الغني بغنى الفقير ، ونظر بعيدًا بعين شعَّ منها الذكاء ، ونفذ بوجه ذي ابتسام صديق .
تشكَّل عندي حب القائد فأحببته لله ، للإنسانية ، للوطن ، للعدل . وبين جلسائي الذين لا يرضون الثناء على غيرهم ! دافعت عنه بحسبانه أقرب مودة ، ومن الذين يؤتمنون فيؤدون الأمانة إلى أهلها.
وحين جاءت اتفاقية السلام فرحت بتجاوز المرارات احتسابًا علاوة على رفضي مبدأً التحارب بين إخوة الوطن ، فالتحارب يعني العجز عن التحادث والتفاهم والتعاهد والتعايش والتسامح والتوادد والتعقل وقد أكرمنا الله بالعقل .
ويوم رحل نعيت برحيله السودان ولا قنوط من رحمة الله ، وصُدِمت صدمة لا أحسب أنها ستكون لسياسي مثله والله أعلم .
وكان موته موت أمل ، موت حلم ، موت وطن ، موت قارة ، موت إفريقيا، فإن ذهب غيلة فكأن الذي اغتاله أراد أن يغتال السودان وهيهات هيهات ، وإن كان بلاء من الله فحسبنا الله ونعم الوكيل » .
اعتدل الرجل وخطَّ اسمه وتوقيعه كخاتم لهذه الكتابة ، وطوى ورقتها وأسكنها بظرف فاخر كتب على سطحه بخط جميل ظاهر :
« إلى العقيد الدكتور جون قرنق دي مبيور » .
ولما لم يجد عنوانًا بريديًا له كتب أيضًا على الظرف :
« كلما بدا نجم لنا هوى بشهاب » .
ووقف مستقيمًا بِجِدٍّ وأدَّى التحية العسكرية حازمًا رغم أنه ليس بعسكري ، وقرر أن يبعث رسالته إلى الفضاء لِتُقرأ مادام صاحبها الآن لا يقرأ.

عبدالرحمن السعادة

نعم الراسل والمرسل اليه من رجال
استاذي عبدالرحمن السعادة لقد قلت فوفيت ووصفت فأكفيت
عن هذا الرجل القامة وهو محسوب مع القديسين من ابناء
كوش النجباء له الرحمة والوفاء مابقيت على ارض اباه نفس
تشهق وتزفر

سلمت
تلبو

Quote: وكان موته موت أمل ، موت حلم ، موت وطن ، موت قارة ، موت إفريقيا، فإن ذهب غيلة فكأن الذي اغتاله أراد أن يغتال السودان وهيهات هيهات ، وإن كان بلاء من الله فحسبنا الله ونعم الوكيل » . اعتدل الرجل وخطَّ اسمه وتوقيعه كخاتم لهذه الكتابة ، وطوى ورقتها وأسكنها بظرف فاخر كتب على سطحه بخط جميل ظاهر : « إلى العقيد الدكتور جون قرنق دي مبيور » . ولما لم يجد عنوانًا بريديًا له كتب أيضًا على الظرف : « كلما بدا نجم لنا هوى بشهاب » . ووقف مستقيمًا بِجِدٍّ وأدَّى التحية العسكرية حازمًا رغم أنه ليس بعسكري ، وقرر أن يبعث رسالته إلى الفضاء لِتُقرأ مادام صاحبها الآن لا يقرأ. عبدالرحمن السعادة

الأخ تلبو
لك مني التحايا
وأشكرك على الزيارة
« أستاذي دي كتيرة وكلنا طلاب »

محبتي

UP

Quote: محبتي

هذا هو المطلب



كن بخير ونهر الود يجري بيننا

تلبو

الأخ آدم صيام

شكرًا على الزيارة

سلامي

تحياتي أخي عبد الرحمن ولضيوفك الكرام،

Quote: استمعت إلى برامجها السياسية ، ومارشاتها العسكرية الثورية ، فتوقفت عند حديث القائد مع الثوار ، عند اللغة العربية المكسَّرة التي تعجب بكِسَرِها لا عجبًا من سخرية ، بل كأنها تكسَّرت وتناثرت إلى قطع من البلُّور الأخاذ لا تشبه كُليمات أُهيل هذا الزمان التي تتطاير في ضلال كقطع الزجاج الجارح . ما هذا اللسان العذب ؟ من هذا القائد ؟ هل من عظام التاريخ ؟ من أين أتى ؟ هل أتى من الحضارات القديمة ؟ أهو الجبل الذي لا نستطيع أن نراه ؟ أم هو الجبل الذي من رآه لن ينساه ؟ . تقدم العمر وأفَلَتْ فترة الإذاعات وأقبلت الأسفار ، وزاد الاطلاع وقوي الإدراك فأفْلَتُّ بمفازة من حصار الشعارات الطاغية الخادعة ، ونظرت إلى السياسة والساسة فرأيته أصدقهم رأيًا ؛ قال ولم يُسمع له فضرب بالمطرقة مناديًا أراد أن يكون كنفسه ولو خطوًا على الجمر مقاتلًا لأجل من قاتله ، وما أمر مضاضة قتال أخٍ لأخٍ في التراب . دعا إلى الوحدة وتقلدها وسعى لها سعيها وهو مؤمن بها ، وانحدر إليها انحدار سليل الفراديس ولا مناص له من ذلك ، فهو النيل الجديد الجاري من الجنوب إلى الشمال كما خلقه الله . سار ورفل في ثوب الغني بغنى الفقير ، ونظر بعيدًا بعين شعَّ منها الذكاء ، ونفذ بوجه ذي ابتسام صديق . تشكَّل عندي حب القائد فأحببته لله ، للإنسانية ، للوطن ، للعدل . وبين جلسائي الذين لا يرضون الثناء على غيرهم ! دافعت عنه بحسبانه أقرب مودة ، ومن الذين يؤتمنون فيؤدون الأمانة إلى أهلها.

كان قرنق زعيماً من طراز الزعماء الكبار بحق...
استمعت مثلك لبعض أقواله في إذاعة الجيش الشعبي لتحرير السودان وقتها..
وجذبتني تلك الأقوال .. فقد كان في صوته حميمية وصدق وحب ... لا تخطئها أذن...
وحين حضر إلى الخرطوم عقب اتفاقية السلام ..... استمعت إلى خطابه التاريخي يومها.. والذي لامس فيه هموم البسطاء ومشاكلهم بذات الحميمية والصدق...
فكسب قلوب وعقول الكثيرين ..
سلام على الزعيم جون قرنق في عليائــــه...

الأخ Deng
سلام في حر غضبة الهبباي

Quote: دعا إلى الوحدة وتقلدها وسعى لها سعيها وهو مؤمن بها

لهذا امتدت اليه الايادى الغادرة

كان قائدا بحق

سلام عبد الرحمن وضيوفك

الأخ تلبو
عودًا حميدًا
لك مني خالص الود

أخي نصرالدين عثمان
مرحبًا بك

أنظار عديدة ترى أن دي مبيور قد بزَّ الحكماء والعلماء والعقلاء والأوفياء والأنقياء والأقوياء والضعفاء والأغنياء والفقراء في الوطن .

تحياتي

01:07 ص Feb 3,2015
سودانيز أون لاين
عبدالرحمن أحمد السعادة
المملكة العربية السعودية


الأخ معاذ الفحل
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إن كان مقتولاً فالقول :
قاتل الله الذين يقتلون من يأمرون بالقسط من الناس .

أطيب تحية

06:41 م Feb 3,2015
سودانيز أون لاين
Deng



الأخ عبدالرحمن أحمد السعادة

تحية لك والى روح البطل جون قرنق دي مابيور

06:52 م Feb 3,2015
سودانيز أون لاين
محمد كابيلا

Quote: وأثناء مداومتي على إذاعة صوت إثيوبيا صادفت إذاعة SPLA صوت الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان ، فانصت إليها بفضول الظمآن إلى المعرفة ، ولم أكن أُعنى بتأويل الكلام إلا كما صدر فلا سلطان عليَّ لأنني لا حزب لي ولم يُعرف عن أهلي ميولاً متعصبًا لحزب ما وقد سرت على هذا النهج . استمعت إلى برامجها السياسية ، ومارشاتها العسكرية الثورية ، فتوقفت عند حديث القائد مع الثوار ، عند اللغة العربية المكسَّرة التي تعجب بكِسَرِها لا عجبًا من سخرية ، بل كأنها تكسَّرت وتناثرت إلى قطع من البلُّور الأخاذ لا تشبه كُليمات أُهيل هذا الزمان التي تتطاير في ضلال كقطع الزجاج الجارح .

تحياتى صاحب البوست!!

01:06 ص Feb 4,2015
سودانيز أون لاين
عبدالرحمن أحمد السعادة
المملكة العربية السعودية
مكتبتي في سودانيزاونلاين


الأخ دينق
شكرًا على المرور الثاني ولك ألف تحية

01:04 م Feb 5,2015
سودانيز أون لاين
عبدالرحمن أحمد السعادة - المملكة العربية السعودية
مكتبتي في سودانيزاونلاين



الأخ محمد كابيلا

زارتنا البركة

خالص الود والسلام

01:27 م Feb 5,2015
سودانيز أون لاين
سيف اليزل الماحي -
مكتبتي في سودانيزاونلاين



.


جهاز الحركة الشعبية المسئول عن حماية جون قرنق، جعلنا جميعا نركب تلك الطائرة الملعونة!


.

06:23 ص Feb 5,2015
سودانيز أون لاين
شاع الدين محمد مخاوي -
مكتبتي في سودانيزاونلاين

Quote: سار ورفل في ثوب الغني بغنى الفقير ، ونظر بعيدًا بعين شعَّ منها الذكاء ، ونفذ بوجه ذي ابتسام صديق . تشكَّل عندي حب القائد فأحببته لله ، للإنسانية ، للوطن ، للعدل . وبين جلسائي الذين لا يرضون الثناء على غيرهم ! دافعت عنه بحسبانه أقرب مودة ، ومن الذين يؤتمنون فيؤدون الأمانة إلى أهلها. وحين جاءت اتفاقية السلام فرحت بتجاوز المرارات احتسابًا علاوة على رفضي مبدأً التحارب بين إخوة الوطن ، فالتحارب يعني العجز عن التحادث والتفاهم والتعاهد والتعايش والتسامح والتوادد والتعقل وقد أكرمنا الله بالعقل . ويوم رحل نعيت برحيله السودان ولا قنوط من رحمة الله ، وصُدِمت صدمة لا أحسب أنها ستكون لسياسي مثله والله أعلم . وكان موته موت أمل ، موت حلم ، موت وطن ، موت قارة ، موت إفريقيا، فإن ذهب غيلة فكأن الذي اغتاله أراد أن يغتال السودان وهيهات هيهات ، وإن كان بلاء من الله فحسبنا الله ونعم الوكيل » .

نعم أخي وصفت الرجل فأوفيت، كان الضوء في آخر النفق، وكان الملاذ الأخير، لكنهم أبوا إلا أن يقفوا بيننا وبينه، فلنجلعه شعلة متقدة في دواخلنا وسنجد طريق الخروج - يا له من رجل تعجزاللغات عن وصفه،
قبل أيام قليلة قابلت شيخاً كنت أتبادل معه أطراف الحديث فقال لي حرفياً "يا اخي نحن الله ما بريدنا"
قلت ليه كيف؟
قال: "لو بريدنا.. ما كان شال جون قرنق"
استغفر الله وأتوب إليه.

04:08 م Feb 6,2015
سودانيز أون لاين
عبدالرحمن أحمد السعادة - المملكة العربية السعودية
مكتبتي في سودانيزاونلاين



أخي سيف اليزل الماحي

أهلاً بمقدمك الميمون ، وما أبلغ كلمتك .

وهل من كاتب باحث شجاع حر متجرد نزيه قريب من الحدث ليكتب لنا عنه بدقائق دقائقه .

06:16 ص Feb 7,2015
سودانيز أون لاين
عبدالرحمن أحمد السعادة - المملكة العربية السعودية
مكتبتي في سودانيزاونلاين



الأخ شاع الدين محمد مخاوي

تحية وتقدير

يبدو أن هذا الشيخ مازال تحت تأثير الصدمة ، وثمة من لا يريد الاعتراف بها ، وثمة من لا يريد حتى أن يسميها ، وتتجلى آثارها في الانفصال والحال الذي آل إليه طرفا السودان لفقدهما النجم البوصلة.

أطيب سلام