حريق تحت المطر

(1)
دون باقي الأمصار؛ هذا هو قَدَر وَطني! أن تشعله دموع السحاب. تمر الأعوام بعدَ السنين وصيحةٌ تتهادى بين طيّاتِ الصدى ... "اختبئوا فالأمطار قادمة" !
(2)
ورديّة العمل تشارفُ على الانتهاء، والعاملون بمركزِ ألتي لأبحاث الطاقة المتجددة ينفذون تعليمات السلامة الخاصة بتسليم الراية لزملاء نوبة العمل القادمة.
(3)
كل الأمور تسير بهدوء وعلى ما يُرام، و"أنا" على كرسيّي الخشبي المقيت أرقبُ الأشياء بلا اكتراث؛ يقولون أنني "حارس أمنٍ ومراقب سلامة" وأحياناً ينادونني بالـ "سيكيوريتي" بينما لا أرى وظيفتي أكثر من التجوال ثم الجلوس لساعاتٍ طويلة وتدوين ملاحظاتٍ بليدة عن هدوء الأحوال ودخول فلان أو خروج شاحنة منتظراً مشرفَ الحراسة ليأتي ويوقّع على دفتري كل ساعتين مطمئناً على استمرار الملل.
(3)
بعد تخرجي من الجامعة دخلتُ سبع معايناتٍ بحثاً عن بدايةِ لمستقبلي الموعود؛ وانتهى بي الحالُ مستجدياً شركة الحراسات الأمنيّة لتوظفني في أي موقعٍ ولو خارج المدينة.
(4)
نامَ الجميع وتركوني مستيقظاً؛ هل زادوا نسبَة اللبن الرائب في طبقِ الفول؟ لا بأس إنّها فرصة لأمدد ساقيَّ على الطاولة؛ أتمنى أن سجّاني أيضاً نام مثلهم حتى أسجل ضدّه أولَ حالة تأخرٍ عن البصمِ بحافريهِ على دفتر الملاحظات.
(5)
طالَ الأمرُ ولم يستيقظ أحد! ما هذا؟ فلأتفَقدِ الأمر! إن هاتفَ المشرف مغلق والجميع لا يستجيبون لندائي بالنهوض.
(6)
لستُ على عجلةٍ من أمري؛ سأتفقّد المكانَ وأرى ماذا يفعلون! هل فعلاً هم أفضلُ تأهيلاً منّي؟ أم أنَّ حظهم المملوء بالـ "واسطة" منحهم هذه المقاعدَ الوثيرة؟
(7)
يومان مرّا وأنا أتفقدُ الملفّات وأراقب الشاشات ولم يفق أي شخص من النوم الجميل؛ دعائي أن تمتد غفوتهم ليلحقوا بأهل الكهف ويمنحوني الفرصة لأصبح مدير المركز.
(8)
"بفضلِ "النار اللازوردية" تمكنتُ من إحراق نصف البلادِ بدموع السحاب وأصبحت فرق المطافئ في حيرة من أمرها مع هذه الحرائق التي يشعلها المطر ويزيدها الهواء اضطراماً.
(9)
غريب هذا الأمر! ما زال موظفو "مركز ألتي لأبحاث الطاقة المتجددة" نائمين في تيههم المقدس ولم يسأل عنهم أحد ! لا زوار ولا اتصالات ! ألم يسمع أحد في طول البلاد وعرضها بأمرهم؟