الثقافة السودانية هذا الذي حدث ! مقال لمحفوظ بشري هام في العام الذي مضي #

الثقافة السودانية هذا الذي حدث ! مقال لمحفوظ بشري هام في العام الذي مضي #


01-01-2015, 11:05 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=480&msg=1420106733&rn=0


Post: #1
Title: الثقافة السودانية هذا الذي حدث ! مقال لمحفوظ بشري هام في العام الذي مضي #
Author: زهير عثمان حمد
Date: 01-01-2015, 11:05 AM



يتفادى الكثيرون الإقرار بنجاح المشروع "الإنقاذي" للسودان، في تحقيق هدفه المعلن منذ خمس وعشرين سنة، وهو بحسب الدعاية الرسمية "إعادة صياغة الإنسان السوداني".

فما عُرف بـ"المشروع الحضاري"، ظلّ يطحن مقاوميه من المثقفين وقادة الرأي والمبدعين على مدى ربع القرن، بسيطرته على أهم أدوات الوعي؛ الإعلام والتعليم، دون أن تظهر سمات واضحة تُنبئ عن انتصاره، مثل تلك التي ظهرت بكثافة خلال السنوات الأخيرة، فصار عادياً أن تجد أحد الكتّاب الفائزين بجائزة الطيب صالح للقصة القصيرة، يدعم "داعش" بحماس "داعية"، دون أن يثير الأمر دهشةً أو نقاشاً جدياً مثلما كان يحدث حتى وقت قريب، فما الذي حدث إذن؟

من الصعب أن تُحصّل إجابة متّسقة ممن تبقى من كتّاب ومثقفين في تجمعهم الشهري بفعالية "مفروش" في قلب الخرطوم، فما يشغل أكثر هؤلاء، بات هو التفكير في اللحاق بمن هاجروا في ظل سحابة اليأس التي تمددت بكثافة بعد انفصال جنوب السودان (تمّوز/ يوليو 2011).

"
بات أكثر ما يشغل المثقفين التفكير باللحاق بمن هاجروا
بعد انفصال جنوب السودان
"

الانفصال الذي مثّل ذروة فشل هذه النخب في مقاومة المشروع الأيديولوجي الرسمي والتأسيس لمفاهيم تدعم التعايش الإنساني داخل جغرافيا السودان، وهم يشاهدون الحملة المنظمة للسلطة ضد المنافذ الشحيحة التي كانت متنفساً يحاولون منه إبقاء شمعة تنوير متقدة، فكان إغلاق المراكز الثقافية الذي بدأ أواخر عام 2012 واستمر حتى حزيران/ يونيو الماضي بإغلاق مركز "سالمة" لمصادر ودراسات المرأة.

هو "يأس من الوطن" ربما، ما جعل أبرز الأسماء الثقافية تختار المهجر، وهو ذاته ما يجعل الباقين مشغولين بـ"لقمة العيش" رافعين راية الاستسلام، وإن عجزوا - ببقية كبرياء ربما - عن الإقرار الصريح بانتصار مشروع "صياغة الإنسان السوداني" وتدمير التقاليد الثقافية السودانية المضادة للتطرف والتي شكلت مرتكزاً انطلق منه المثقفون على مدى عقود من أجل دعم فكرة الوطن.

نحن بحاجة ماسة للاعتراف بنجاح مشروع السلطة دون مزايدات، إذ من دون هذا الاعتراف لن تُطرح الأسئلة اللازمة لإعادة التأسيس لمفاهيم ثقافية تحتفي بالحياة، أزيحت لتحل محلها احتفاءات مبدعي الغد السودانيين بالموت على طريقة "داعش".