الكوشة .... ( توجد بفايا عظام ) !!!!!!!!

في صبيحة ذلكم اليوم الماطر في أوائل سبيعينات القرن الماضى . كعادته يستيقظ ذلكم الشيخ الورع
عم عبد الرحيم يستيقظ قبل أذان الصبح باكرا في همة ونشاط في ربوع ( مسقط رأسى ) . قريتى
الكائنة بشمال غرب الجزيرة ( محلية الحصاحيصا ) .. يستيقظ باكرا وبعد أداء صلاة االصبح
يحمل في يده مكنسته الحديدية وكانت ذات أمشاط أمامية ( كسنن الرماح ) .. يحملها وهو في طريقه
لاداء عمله الذى يكسب به لقيمات يسد بها رمقه وأولاده عمله الذى يباشره يوميا بنظافة القرية..
وحواريها و أذقتها التى تلتوى كالثعبان أحيانا من شدة تداخلها وضيق شورارعها الداخلية ..( شوارعها )
التى بعد أن من الله على جيل سبعينات القرن الماضى وشبابها بأن ضربوا في أرض الله الواسعة أغترابا
وهروبا من الواقع المرير وعدم عدالة وتساوى الفرص ا########فية للعامة حتى أصبح ألان ( ألآفندية ) أصحاب
المقمات السامية من لهم الحظوة في الترقى في السلم ا########فى وسلالم الطائرات التى تجوب بهم البحار والمحيطات
و ألانهار بعد أن أصبح الوطن في ( مهب الريح ) شمعة نرجو من المولى عز وجل أن لا ينطفى نورها الوهاج
نور على نور لكى يهدى الله به من بشاء ويعز من يشاء ويزل من يشاء ... استغفر الله وأعوذ به من الشيطان
أن تركت عم عبد الرحيم يجوب القرية جيئة وذهابا ( يكنس ) .. في اوساخ شعب قروى ليس له رزق ألا من خشاش
في ألارض وبقايا زرع وضرع تتقاسمه معه محلية ( الحصاحيصا ) و أظن وقتها أنها ما كانت تسمى بالمحلية ..
المهم كنا وقتها من ( قوم ..... ) .. والعياذ بالله وليس التابع كلمتبع ان صح لسانى ..
عم عبد الرحيم كان مستقره بعد نهاية يوم وتعب مهيب مستغره ( كوشة ) الرمايا... والتى تتكدس به كل
ما تم ( لملمته ) .. من أزقة وشوارع القرية ..
والكوشة غالبا ما يرتادها ( معوزى ) الحال وبعض عمال النظافة بالمشروع والذين يأتون من غرب أفريقيا
عسى أن يجدو فيها ما صغر حجمه وغلا ثمنه . ولن أنسى كلاب القرية و التى قبل أن ترتقى وتصبح من أكلى
لحوم الضأن وألاغنام بعد أن من الله عليهم سمو سموا ... وليت محمود محمد طه كان حيا لكى يمدنا بمفردات
ذلكم السمو الذى يصيب العبد بلوسة .. فبظن أنه هو خليفة الله في ألارض الى أن يرث الله ألارض وما عليها..
فالعم عبد الرحيم مكن الله له في ألارض ولكن ليس ببترول الجنوب وذهب بربر وبنى شنقول بل مكنه في ألآرض
بتلك المكنسة المدببة .. والتى نسأل المولى عز وجل أن يسلطها على كل من فسد في بلادنا الطيبة نحن السودانيين
أصحاب الطيبة والمعادن النفيسة ...
الكوشة كانت مستغر للعب المباح لنا في الصغر فمنها كنا نصطفى منها أحد العظام النظيفة بعد أن يقوم عم
عبد الرحيم بحريق تلك ألاكوام العالية نصطفى منها ( عطمة ) .. نظيفة وهى ما يسمى ( بشليل ).. تلكمو اللعبة
الضاربة بجذورها في مجاهل أفريقيا شمال الصحراء...
ومن منكم لم يلعب وقتها بشليل .. حيث كانت الفتيات أختلاط بالفتيان فكأنما ابليس وقتها محصور في صخور
هاجوج وما جوج ببلاد الهند العطيمة ... ( فكنا وسطهم لا ضرر ولا ضرار ) ... أيام جميلة لو حضرها ...
لما تزوج أبدا ونال حظوته من ألاجيال !!!!!!
عفوا أن نسيت دراهم عم عبد الرحيم من أين له بهذه الدراهم ( الجميلة ) .. عم عبد الرحيم وقتها كان
التمكين للعسكر ( الحكومات السابقة ).. فكان الوعاء واحد وللدولة وزير واحد وطائرة واحدة وعاصمة واحدة
وأب روحى واحد و بنك واحد.... وكان جنوبيا هواها...
عم عبد الرحيم راتبه يأتى من الحصاحيصا كاملا غير منقوص زكاته عرقه الذى بتقاطر في الصباحات الباردة
فمنه لله من حرمنا حتى من عبد الرحيم الذى كان موجود في كل قرية من قرى الجزيرة .. فمن يصدق ألان أن
البلدية كانت موجودة في كل قرية من قرى بلادى الحبيبة....
وتتواصل ألاجيال والحكاوى

في أوائل السبعينات وما خلفها كان للموت صولات وجولات في قريتنا الوادعة بشمال غرب الجزيرة ولكن كان موتا
بطعم خاص حيث أن الشيوخ يجلسون أمامك وانت عند ( الغرغرة ) عدة أسابيع وقد تمتد شهورا لا أعرف سبب ذلك
الموت البطى حتى ألان هل هو بسبب سوء التغذية كما في عامة النجوع والبوادى الحاضرة وقتها أم هو تردى الحالة
الصحية لوزارة الصحة ألاتحادية كل ما وقتها أن أنسان بلدى وقتها يموت ( سبعة موتات ) .. كان يذهب الصبية الى
أفرباء المريض الميت حتى ضواحى مدنى والعاصمة القومية كما يسميها ساستنا اليوم وهى لست بقومية حتى ألان لان
حاكميها ليس ( مرضى عنهم ) من غالبية أهل الهامش بسوداننا الحبيب .. ونرجو أن تساهم الدعوات التى أطلقها أعلى
هرم وفمة السلطة في المساهمة في رتق النسيج ألاجتماعى للبؤساء من بنى وطنى للعيش في سلام وأمن والا وصلنا
لما وصل اليه جنوبنا الجبيب من انفلات امنى وبؤس ما صنعوا وما كانوا يصنعون..
قتل الله السياسة التى تجرى في دمائنا نحن السودانيين مجرى الدم في العروق ولكن ...
كان الموت يخيم ليس على جسد المريض ولكن على كل أهل الحى وهم كأنهم في عطلة رسمية من الذهاب الى مزارعهم
وكسب العيش بفلاحة الارض .. ولن انسى ما أنسى روح السيدة ( بدرية ) والتى كانت مسجاة على ( العنقريب ) ولمدة
تزيد عن ألاربعين يوما وأهلنا الطيبون حضورا ( وملك الموت ) كان قد سبقهم لاستلام ألامانة المودعة في جسدها والتى
تتمثل في روحها الطاهرة .. حضر وقتها جميع من يهمه الامر من البوادى والحضر ولم تسلم بدرية الروح الى باريها .
وكانها تقول لنا أنها ابت نفسها أن تفارق دفء أمها وحنان والدها ورقة صويحباتها التى ما توقف الدمع عن النزول من
حدقات العيون... تم تجهيز قبرها في ليلة ماطرة ولكن ( ملك الموت ) .. جلوسا في أنتظار ألاوامر الربانية لقبض الروح
والتى أظنها وقتها من ألارواح الطاهرة لانها اخذت قسط وافر من العذاب الدنيوى قبل المحاسبة النهائية..
ولا أدرى لماذا يقول بنى جلدتى ان هذا الرجل أو المراة من ألاشقياء والتعساء في الدنيا وألاخرة عندما تتأخر أرواحهم
في خروجها وصعودها للرفيق ألاعلى .. مع أن في أعتقادى أن العذاب والمعاناة التى يتكبدها ألاموات هى من تأمنهم وتشفع
لهم من عذاب ( الله ) .. وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن للموت سكرات ... فلماذا لا تكون سكرات بدرية هى أيضا
يشملها هذا الحديث ... ووتوالى الاحداث عاصفة بأذن الله

صدقت يااخي عثمان..
كنا بسطاء،،،ولكن جد نظيفين،،في كل قرية عامل نظافة،مبجل ومهيب..
كان هناك عمال الجمكسين،،رش بيوت الادب،،تطهير البرك الراكدة من البعوض والبلهارسيا،،،وهل كان المشروع ارضه وترعه الا كراحة اليد...
تصاب الان بالغثيان وانت تري اكوام الاوساخ،الاكياس تسد الافاق...
وتقضي الليل كرشا للناموس،،،يستلم منه الورديه ذباب قبيح...
وتكون محظوظا ان لم تبارك لك واحدة خدرا كباية شايك الوحيدة.

سلامات يا عامري يا صديق الصبا او سلامات أيها العربي كما كان يحلوا لنا أن نناديك حين حللت بيننا قادما من قريتك الصغيرة تلك لتقيم بيننا في قريتنا الكبيرة الكلاكلة.
عم عبد الرحيم و مثله و غيره أخذه غباء و جشع و عشوائية حكومة العسكر الإسلاميين و كوادرها من الإسلاميين المتعسكرين، جزيرتكم يا عثمان وضعها أهل الإنقاذ كما وضعوا غيرها من اجزاء الوطن على قائمة التدمير و التشليع فأضحى وضعها كما ترى.

الجميل والسمح سماحة أهلنا الطيبون الصديق الصدوق الدكتور سيف النصر محى الدين
لك التحية والتجلة أينما كنت وسوف تكون .. الطود الذى أتى من الشمال مكافحا وحاملا
لواء الحب الأسطوري لسودان العزة والكرامة ..
أن أنسى لا أنسى ( الشجرة ) الظليلة في حوشكم الفسيح بالكلاكلة القبة والرجل صاحب
القسمات الصارمة صديقك ألاخر ابو عبيدة بله المنصور وهل انسى شارع المعونة
وقدلات القماري وصياح المظاليم وحقا أن من الحب ما قتل أحببت كل خطوة ولحظة
أنس جمعت بيننا في تلك ألايام الخوالى...
تحياتي الى الأسرة الكريمة والله يرعاكم أينما كنتم وحللتم ...

عثمان العامرى - جدة

سلامات يا عامري يا صديق الصبا او سلامات أيها العربي كما كان يحلوا لنا أن نناديك حين حللت بيننا قادما من قريتك الصغيرة تلك لتقيم بيننا في قريتنا الكبيرة الكلاكلة.
عم عبد الرحيم و مثله و غيره أخذه غباء و جشع و عشوائية حكومة العسكر الإسلاميين و كوادرها من الإسلاميين المتعسكرين، جزيرتكم يا عثمان وضعها أهل الإنقاذ كما وضعوا غيرها من اجزاء الوطن على قائمة التدمير و التشليع فأضحى وضعها كما ترى.

الحبيب والصديق الوفي الذي لا أمل من النظر الى وجهه / سيف النصر محي الدين شوقي بلا حدود لرؤياكم ولكن..

لن يغير الله ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم فأنسان الجزيرة ما زال به الخير الكثير والوفير .. فالحب دوما والود والعشق عشق ألارض .. والتاريخ .. بعيدا عن السياسة .. فالحياة جميلة ( فهي دنيا وليست جنة )

كم أنا مشتاق لكم و ألاسرة الكريمة وتفصلنا عنكم محيطات وبحار

أخوكم في الله العامري

سلامات يا عامري يا صديق الصبا او سلامات أيها العربي كما كان يحلوا لنا أن نناديك حين حللت بيننا قادما من قريتك الصغيرة تلك لتقيم بيننا في قريتنا الكبيرة الكلاكلة.
عم عبد الرحيم و مثله و غيره أخذه غباء و جشع و عشوائية حكومة العسكر الإسلاميين و كوادرها من الإسلاميين المتعسكرين، جزيرتكم يا عثمان وضعها أهل الإنقاذ كما وضعوا غيرها من اجزاء الوطن على قائمة التدمير و التشليع فأضحى وضعها كما ترى.

كنا امة من الغرر والمركز يقرر لنا اعتمادا على ثقتنا أن الدنيا بخير وان الحياة في كل القرى والضواحي لا خوف عليهم من تسلط او استعلاء حتى صحونا على وضع مختلف حيث صنفنا مواطنين درجة ثانية وصنف اخرون درجة ثالثة ومزقنا اربا بغية اقصائنا من مجتمعنا بافقارنا وقتلنا وتشريدنا وحجب نور الحرية وغيره من سبل احكام القبضة ....
______
خارج النص
دخينات العوامرة على بعد فراسخ من الكلاكلة ...

صحيح يا حلاوي جنوب الكلاكلة تقع الدخينات و خلفها ام عشر العقليين و ود العقلي و قرى اخرى متناثرة أهلها أساسا من الجزيرة لا ادري ما السبب في هجرتهم و استيطانهم لهذا الخلا من زمناً بدري!

Quote: لا ادري ما السبب في هجرتهم و استيطانهم لهذا الخلا من زمناً بدري!

التوزيع لهذه المجموعات من ايام الدولة السنارية فالعقليين والعوامرة والعسيلات من الدخينات والسواجير والمنصور وكباب الجداد والسديرات والجديد عمران وداخل الجزيرة ابوعدارة وكتير العوامرة ووادي شعير على سبيل المثال لا الحصر ، فالوجود قديم قدم سوبا ههههه

صباح الخيرات أخى عبد العزيز

ليس بهذا الكمال من عجب /// لو لم يكن كان منتهى العجب

تذكرنى أيضا في جزيرتنا الخضراء وقت ما يحضر ( القراحة ) .. وهم حملة تطعيم ألآطفال والكبار من الجدرى والحمى

حينها يهرب الاطفال والصبايا والكبار وختبئون في ( حواشات ) القطن ظنا منهم بان الحملة مضارها اكثر من منافعها..


لك التحية على مرورك الجميل.....

لك التحية أخى العامرى المبتهج
وأنت تتحفنا بتلك الكلمات الرائعة حقا
فمزيدا من تلك القفشات
والتى دوما تجعلنا نسبح فى تيار العوامره
أهل الجود والكرم
لاعدمناك ايها العامرى الجسور
مرة أخرى تقبل تحياتى
من خميس مشيط
تلك الارض الطاهره
وقريبا وبإذن الله سوف أعود
لان العودة كلمة رائعة
تتراءى كالبرق الخاطف
وهى كلمة ملئية
بدموع الألم والفرح على السواء
الى أن نلتقى لك تحياتى

تاج السر

العامري بي سنونو


تحياتي كتابة كمقدمة دخول فهي جميلة مزيد من التجويد نرى في خلف الحروف مقدمات اندلاق منساب جميل رقراق




بس خليك ضل او شمس اوعاااااااااااااااااااااااااك تكون رقراق .




.................................................................................حجر.

كانت ألامطار في بداية السبعينات وفيرة جدا الى درجة أنها دوما ما كانت تضفى نار
كوشة ( عم عبد الرحيم ) .. وبالرقم من ذلك لا يكتئب ويتبرم من ذلك لان مصدر
رزقه كان من ضرع أغنامه التى ما كانت ترتاد مزارع الضياع وقصور كسرى وقيصر
لترتوى منها قليلا ..
عم عبد الرحيم عندما يصاب بالحمى كان علاجه الوحيد بعد أخراج ما في بطنه من ( المر ..)
وهو سائل حمضى يخرج من بطون الضعفاء من أمثال عم عبد الرحيم وغيره من الكثيرين..
ممن تركهم المستعمر تحت مستعمرة جديدة من ذوى البشرة السوداء والبيضاء الذين لا هم لهم
الا أكتناز ( كروشهم ) .. وجيوبهم بدنانير جهنم الحمراء والتى ليس لها من وجيع الا ضحكات
البؤساء وذفرات الطرقات والاذقة المظلمة...
عم عبد الرحيم كان علاجه الوحيد هى زجاجة البيبسى التى تبتاعها أبنته من الحاجة المغفور
لها بأذن الله الحاجة ( العناية ) فكأنما هذه المرأة الثامنينية بعثتها العناية الالهية لكى تداوى جروح
هؤلاء الغلابة والبوؤساء من عامة هؤلاء البشر ..
كانت زجاجة الببسى كولا هذه تسرى في جوفى وجسمى النحيل عندما تنتابنى الحمى اللعينة
تسرى في جوفى كما تسرى ماء زمزم البارد في جوف ( المطعون ) .. هنيئا طيبا أملا في الشفاء
حيث كانت ( الشفخانة ) الوحيدة بعيدة كل البعد عن قريتنا الوادعة ... كنا نغنى قبل أن يرحل عنا
زمان الامان ... وفى الفرح ننسى حساب السنين .. نغنى كما غنى الخليل .. وكما غنت مهيرة
لحريق المك في قلب الدخيل ونغنى .. نغنى ونغنى
غدا نواصل لطارى تغنى

( أيام زمان كانت أيام )
لن أنسى ما عشت تلك العبارة والجملة المفيدة المكتوبة على الجدار ألايمن لصالون عمى حاج محمد
الذى كان ( أعنى الجدار ) بدون دهان وليس له طعم لا رائحة الا رائحة بخور جاوى على ما اعتقد
كان ينشر بواسطة الفحم بعرض وطول الصالون ..
كنا عندما يدركنا التعب من اللهو في مياه الامطار نغشى الصالون لكى ترتاح ألانفاس المجهدة وكانت
الحاجة متخصصة في عمل وطبخ ( حلة التقلية ) .. وعلى باللمين كنت عندما أتناول الوجبة من يديها
على صحن من ( الخشب ) .. تتثاقل الخطى وتتبعثر ألافكار كانما تناولت قدح من ( المريسة ) من يد ود
هنونة ) .. وتلك فصة أخرى ( ود هنونة ) .. وألاندايا .. ولا أدرى لماذا سميت ألاندايا بهذا ألاسم حنى
ألان وما سبب التسمية تلك الدقيقية ..
كان المدعو ود هنونة يرفع ثلاثة أعلام على سارية ( ألانداية ) .. ولا أدرى لماذا كل هذا السخف المشين
ولماذا ألاعلام بالذات .. فعند مرورك بأحد ( شبابيك ) .. ألانداية تسمع أصوات و أهات ( مثيرى الشغب )
كما يحلو لحكامنا منذ ألاستقلال بأن ينعتو معارضيهم في الفكر والراى والمشورة .. وتلك ألايام نداولها بين
الناس ... والعود أحمد لنا عودة

up

في أوائل السبعينات وما خلفها كان للموت صولات وجولات في قريتنا الوادعة بشمال غرب الجزيرة ولكن كان موتا
بطعم خاص حيث أن الشيوخ يجلسون أمامك وانت عند ( الغرغرة ) عدة أسابيع وقد تمتد شهورا لا أعرف سبب ذلك
الموت البطى حتى ألان هل هو بسبب سوء التغذية كما في عامة النجوع والبوادى الحاضرة وقتها أم هو تردى الحالة
الصحية لوزارة الصحة ألاتحادية كل ما وقتها أن أنسان بلدى وقتها يموت ( سبعة موتات ) .. كان يذهب الصبية الى
أفرباء المريض الميت حتى ضواحى مدنى والعاصمة القومية كما يسميها ساستنا اليوم وهى لست بقومية حتى ألان لان
حاكميها ليس ( مرضى عنهم ) من غالبية أهل الهامش بسوداننا الحبيب .. ونرجو أن تساهم الدعوات التى أطلقها أعلى
هرم وفمة السلطة في المساهمة في رتق النسيج ألاجتماعى للبؤساء من بنى وطنى للعيش في سلام وأمن والا وصلنا
لما وصل اليه جنوبنا الجبيب من انفلات امنى وبؤس ما صنعوا وما كانوا يصنعون..
قتل الله السياسة التى تجرى في دمائنا نحن السودانيين مجرى الدم في العروق ولكن ...
كان الموت يخيم ليس على جسد المريض ولكن على كل أهل الحى وهم كأنهم في عطلة رسمية من الذهاب الى مزارعهم
وكسب العيش بفلاحة الارض .. ولن انسى ما أنسى روح السيدة ( بدرية ) والتى كانت مسجاة على ( العنقريب ) ولمدة
تزيد عن ألاربعين يوما وأهلنا الطيبون حضورا ( وملك الموت ) كان قد سبقهم لاستلام ألامانة المودعة في جسدها والتى
تتمثل في روحها الطاهرة .. حضر وقتها جميع من يهمه الامر من البوادى والحضر ولم تسلم بدرية الروح الى باريها .
وكانها تقول لنا أنها ابت نفسها أن تفارق دفء أمها وحنان والدها ورقة صويحباتها التى ما توقف الدمع عن النزول من
حدقات العيون... تم تجهيز قبرها في ليلة ماطرة ولكن ( ملك الموت ) .. جلوسا في أنتظار ألاوامر الربانية لقبض الروح
والتى أظنها وقتها من ألارواح الطاهرة لانها اخذت قسط وافر من العذاب الدنيوى قبل المحاسبة النهائية..
ولا أدرى لماذا يقول بنى جلدتى ان هذا الرجل أو المراة من ألاشقياء والتعساء في الدنيا وألاخرة عندما تتأخر أرواحهم
في خروجها وصعودها للرفيق ألاعلى .. مع أن في أعتقادى أن العذاب والمعاناة التى يتكبدها ألاموات هى من تأمنهم وتشفع
لهم من عذاب ( الله ) .. وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن للموت سكرات ... فلماذا لا تكون سكرات بدرية هى أيضا
يشملها هذا الحديث ... ووتوالى الاحداث عاصفة بأذن الله UP

UP

تسلم عثمان عبدو الوهاب
مرور ومتابعة .

Quote: سلامات أيها العربي كما كان يحلوا لنا

مرحب بشيخ العرب العامرى ..

ما قلتوا مافى عرب فى السودان يا دكتور سيف؟

بريمة

ياسلام ياخ
دا بوست رجعني للاهل دون ان يكلفني تذكرة طيران
سردك جميل ، عفوي، تلقائي
رجعنا لذكريات جميله ..

***
العامري ..
سيف النصر محي الدين ..

تحياتي ليكم ياسادة ياكرام

التوقيع .
واحد عربي من عرب القبه ( التريعه )

الغطية أو الكشاشة أو ( بيت القصب ) كما يحلو للكثيرين تسميته في ربوع الجزيرة.

وقتها وبما أن لكل مزارع بالمشروع السماح له بملكية عدد 5 أفدنة فقط ( حواشة )
يعنى .. وكان النخبة وقتها وميسورى الحال من المزارعين الذين يحق لهم ملكية اكثر
من الخمسة أفدنة تلك .. وكان جدى رحمه الله يمتلك أكثر من ذلك بكثير بحكم أنه من
وجهاء القبيلة وحلال ( عقد ) ..
وقتها كان الحزب الشيوعى السودانى ( الاشتراكيين ) متغلقلين ومتمكنين من
جميع مفاصل المشروع من الادارة حتى الهندسة الزراعية ( وغفراء ) المكاتب
وجلهم كانوا من شمال السودان الحبيب نظرا لان المشروع كان العمود الفقرى
لاقتصادنا السودانى الفتى وأعتماد الميزانية العامة للدولة على عائدات المشروع
من أقطان طويلة التيلة تعتمد عليها بريطانيا في تشغيل مصانعها في يوركشير و لانكشير
وكانت بها اضخم مصانع النسيج في العالم..
أستلم الاشتراكيون المشروع وهم وقتها كانوا كثر وذوى علم ودراية وتخطيط استراتيجى
طويل ألامد أعتمد عليهم المشروع في التسيير بكل دقة ومصداقية وأذكر منهم المفتش / عثمان
بشير . وغيرهم الكثيرين من قدموا جل خبراتهم في سبيل ألارتقاء بالمشروع والذى تخرج من
مدارسه ألاولية والثانوية العامة والعليا الكثير من قيادات الحكومة الحالية والذين كانوا يتابعون
المشروع بأعينهم وهو يحتضرمن على البعد ونسوا وتناسوا أن هذا الصرح العملاق بدونه لن
يكون للسودانيين بصمة في تاريخ الانسانية جمعاء بدون أن تعاد للمشروع لا نقول سيرته الاولى
لكى نوصم بالنفاق ولكن أن ترد له من نهب من ( فلنكات ) السكة حديد وقطبان الخط والوريد الذى
كان يغذى محالج مارنجان والجديد الثورة وحتى قوز ( كبروا ) .. يغذيه بالاقطان واكياس القطن
التى تحملها قاطراته الحديدية .. ظل النخبة الذين أخذ معظمهم معارفه وتعليمه من قناطر المشروع
وقتها التى تكتظ بالناقلة و أهلى الشايقية والرباطاب .. كان وقتها الحب له معنى خاص وقتها مال قلبى
الضعيف الى حسناء من حسان الدناقلة لونها كلون شجر الابنوس سمراء تميزها عن رصيفاتها في
المدرسة الثانوية ( شامة ) على خدها الايسر .. وأظنها هى نفسها التى غنى لها شعرا الحلنقى وتغنى
بها الفرعون وردى .. كانت تسكرنى حتى الثمالة ( بقدلتها ) .. فوالله لو نظر اليها محمد طه القدال
لقال فيها رباعيات الخيام
دوما تجلس في ( الكنبة الاولى ) بالفصل وتدعى ( فاطمة ) .. تسكن في ( القنطرة ) حيث كان ابوها
غفير لاحدى قرى المشروع .. وقتها كان الحب بالنظر وعلى نغمات ورشفات كوب من الشاى و أقصى
ما تصل اليه هى ( قبلة ) .. عصماء تاخذها عندما تكون وانت على أعتاب التخرج من الثانوية هذا لو كنت
من المحظوظين وذوى ( أفكار شيطانية ) .. الحب له قيمة معنوية كبيرة و أجتماعية... تلك القبلة كنت
أمنى نفسى بها و أنتظرها عدة سنوات مرت على ( عجافا ) .. وكانت الصحة وقتها ( تدفق ) من خدود
الفتيات وتنبرى الوسامة واضحة على وجوه الفتيان حيث كان الدفاع ( ليس بالنظر ) .. بل بما تملكه من
امكانيات وقتها كانت ( دراجة ) مدرسية وشنطة حقيقية وليست ( مخلاية ) .. توضع فيها الكتب المدرسية
( والمخلاية ) لمن لا يعرفونها هى ما تقوم الامهات بخياطته من قماش مربع الشكل وسطى لحمل الكتب
والكراسات...
ولكن شاءت العناية الالهية بأن يغرم بمحبوبتى نفس الاستاذ الذى كنت مغرم بمادته العلمية
أكتشفت ذلك من نظراته وتركيزه للدرس لفاطمة من دون بقية التلاميذ حتى جال بخاطرى من شدة خوفى
على ضياع تلك الفاطمة الحسناء من ربوع حياتى أن أتوكل على الله و أن أجعلها أنتقالية مناصفة بينى
وبين أستاذى الذى نازعنى في حبى الكبير و أن ادعو جميع أحزاب ذلك الزمان بأن نجعلها أنتقاالية ولكن
بدستور اسلامى وحضارى أن لا ضرر ولا ضرار بأن تعيش فاطمة وسطنا كما كانت تعيش بلقيس في قصر
سليمان وأن تتعقبها الهداهيد ( جمع هدهد ) وان تجكى لى (شمارات ) من نازعنى في حبلى الاسطورى
لسليلة الفراعنة فاطمة و أعتقد أن جدها قد يكون هو المك نمر او عجيب المانجلك بامارة أن هذا المعلم
لم ينال منها ابدا والدليل نصاعة ونضرة خديها وسلامة أعينها والحال ياهو نفس الحال القدلة والبسمة
ولفحت ثوبها الابيض .. وما يزين يديها من اساور بلاستيكية ملونة باحجام مختلفة...
انتظرونا ....

ما أجملها من أيام وانت تدلف منحى الرأس دخول الى ( الغطية ) أو بيت الفصب والذى يقوم ببنائه أهلنا
الطيبون القادمون من ديار الحمر والكبابيش و أم قرفة يأتون للعمل في ( حش ) القطن و ( اللقيط )..
تتقدمهم أسرهم وبهائمهم من ابقار وخراف و أحيانا تأتى معهم بطون من قبيلة ( الزغاوة ) المعروفة
وكان الزغاوة وقتها يتسمون بالشدة والغلظة في التعامل مع عرب المشروع . كنا نتجنبهم وندلف بدوابنا
الى قطاطى أهلنا الكبابيش حيث كانت نسائهم وعوينهم على سمة عطيمة من الجمال حتى أن بعض
أهلنا الطيبون دخاوا معهم في زواجات وانساب أخرى مما سبب بعض الهلع والخوف وسط نساء المشروع
وذلك بسبب بياض بشرة الكبابيش الفاقعة وجمال طبائعنه والتودد والمراعاة التى تبديه حرائرهن من طقوس
تهم الرجل السودانى وتدغدق مشاعره من ( حفرة عميقة بطول نصف متر للدخان ) تحفها شمال سوداء
داكنة كقطع الليل البهيم .. وتستخدم تلك الشمال غطاء عند جلوسهن على الحفر المظلمة تستخدم تلك الشمال
لكى لا يتسرب الدخان بعيدا عن أجسامهن الغطة .. ويقال لمثل حالات كهذه أن هذه المرأة شايفة نفسها وذلك
قبول طلوع كلمات تستعمل للدلع في القريب العاجل ( كحاجة كدا ) .. وطيارة .. لمن تتسم بمسحة من الجمال
ألاخاذ وخصوصا بنات شرقنا الحبيب..
ويحكى عمنا لنا أنه قام بالزواج في ليلة من ليالى خريف السبيعينات من ( كباشية ) جميلة كل الجمال
وعلى لسانه سمعتها منه قال ( أنه عليه بالطلاق ثلاثة ) عند تمامه الاسبوع ألاول بعد زواجه من تلك الكباشية
قال تتابع جلوسها في تلك ( الحفرة ) اللعينة وعند بلوغ ألاربعين يوما حلف بطلاق الثلاث أنه عندما بدات تلك
الكباشية بأيقاد نار ( الحفرة ) وغالبا ما يكون بدأخلها حطب الطلح أو ( الشاف ) حلف بالطلاق أنه عندما راى
ذلك المنظر والدخان يتعالى من خلال نافذة ( التكل ) بجوار الغطية حلف بأته قفز من سور الحوش الذى كان وقتها
مبنى من طوب الجالوص قفز هاربا بجلده وأنفاسه تتعالى خوفا من ألاتى وما سوف يحصل له لو صبر دقيقة واحدة...
وتتواصل الرؤى... انتظرونا....

اللهم لا نسألك رد القضاء بل نسألك اللطف فيه !!!!
ثم بداية تساقط ألامطار في بداية شهر حزيزان ( يونيو ) من كل عام تتساقط على المشورع
ويخضر كل شبر من ألارض ونتسابق نحن الصغار الى جمع ( الموليتة ) وهى نبتة تنمو وتكون
بحجم الجرجير تشابه في الاوراق والجذور نقوم بجمعها ونظافتها وبمزيج من الملح معها والليمون
توكل دوما مع وجبة الغذاء غالبا عند الساعة الواحدة ظهرا بعد صلاة الظهر واحيانا على الحرث
في الحواشات ( الغيط ) ..
وكانت أغلب الزيجات في المشروع تتم في فصل الشتاء وتستمر مراسم الفرح ( العرس )
لمدة أربعين يوما وكان الغناء غناء البنات فقط حيث ان الفنانين كانوا ندرة في ذلك الزمان . حيث
كانوا حصريا يتغنون كبار الفنانين في ام درمان وضواحيها وبعض الشى مدينة ود مدنى..
كانت العروس يقوم باصحابها ليلة ( الدخلة ) عدد ليس بالقليل من صويحباتها وخالة او عمة
الى بيت الزوجية .. وتقوم أخوات العريس بتقديم ما لذ وطاب لهم من قوت أهل البلدة ولكن ما كان
يدهشنى أن كل هذا الجمع الذى يوجد حضورا مع العروس وهى ببيت زوجها أن كل هذا الجموع
تخرج خلسة فردا فردا من الغرفة الواحدة غالبا ما تكون كذلك .. فردا فردا وما يتبقى منهن يخرج
هروبا من ( العروسة ) المسكينة والتى تجد نفسها لوحدها مع زوجها وجها لوجه . وكان وقتها تحليلى
لذلك الوضع ( المائل ) أعتبره غشا ظاهرا وبائنا لهذه الطفلة التى قدمت لذلك الرجل كلقمة سائقة دونما أدنى
معرفة مسبقة ودراية بما سوف يقابلها من امور قد تسبب لها فقدان للتوازن البيلوجى وكيمياء تلك العلاقة
التى لم تعرف عنها شيئأ قبل ذلك ابدا حيث أن الزواجات في تلك الفترة تتم للفتيات والفتيان ما دون
الخامسة عشرة سنة.. ولكن دوما العناية ألالهية من تفكك محاطر وطلاسم تلك الليلة الباردة على الزوجين
ولله دوما في خلقه شئؤون... نواصل انشاء الله

نواصل... عامرى

كانت في تلك ألايام الخوالى تستحكم في منطقتنا العادة المتوارثة جيلا بعد جيل وهى طريقة
الجلد بالسياط وسط ألاحتفالات المخنلفة في المنطقة .. ووقتها والى الان منطقة وقرى العسيلات
تأخذ الجانب الشمالى الشرقى من قرى العوامرة الممتدة .. ولنا عم ذو باس وشدة في طريقة الجلد
هذه او ( البطان ) .. وقتها دعينا الى منطقة العسيلات ذهبنا نحن صغارا مع ( بص السيرة )..
ومجموعة كبيرة من فتيان العوامرة ولكن لم يكونوا بجبروت هذا العم المدعو ( الدميـــك )
فبدأت المغنيات في ألانشاد والغناء الصوفى أولا ومن ثم أنحرفت الحكامة الى غناء الحماسة
فدخل ثلاثة فتيان من فتيان العوامرة مقابل ثلاثة من العسيلات وأظنهم لكثرة الدماء السائلة
من على ظهور فتيان العوامرة تغلب وقتها العسيلات .. ولكن شاءت العناية الالهية أن يظهر
فجأة ذلك العامرى المدعو ( الدميك ) فجأة كظل شيطان من وسط الظلام الحالك وكنا وقتها في
أواخر فصل الشتاء القارص . ظهر الدميك وفجأة ( كسرت ) الحكامة ألاغنية عندما نظرت الدميك
وهو يتهادى وسط الدائرة الغنائية . والفتيان والفتيات يتراقصون برقصة ( الرقبة ) والصغار سكارى
برقصات ( الهورس ) وأظنها الكلمة أتت من مفردة الفرس ورقصته... دخل الدميك وتعالى صوت
الحكامة بالاغنية المحبوبة الى نفسه وكان الدميك من ميسورى الحال ( الطبقة الوسطى ) التى قام
بأوادها أصحاب ( المشروع الحضارى ) ألآن .. سلخ الدميك مبلغ من ( شلناته ) من جيبه ورماه على الحكامة
وغنت شادية كما القمارى في جنينة السيد / عبد الرحمن ود الزين بأغنية ( الهوى والشرق هاوى ليك سمح القول فوق الدميك
ورفع الدميك سوطه المدبب عاليا ودخل عليه من العسيلات الفتى ألاول فصرعه بثالث جلدة من السوط ومن ثم الثانى والثالث
وفتها أختلط الحابل بالنابل وظهر ألاجاويد وفض المحفل على خير ورضى كل طرف بغنيمته وتحرك بص السيرة رافعا
أغصان الجريد متوسط الطريق الغير مسلفت أبدا الى قرى العوامرة الوادعة في شمال غرب الجزيرة .... نواصل

كان وقتها لقدوم فصل الشتاء نكهة خاصة وهو موسم حصاد الفول السودانى وعدد من المحاصبل الشتوية بالمشروع
وكان للعم أبراهيم ود الفكى بندقية أم راسين ( ماسورتين ) .. كان يحملها ألاستاذ كوكو الحلاوى وهو ناظر مدرستنا
وعلى ما اعتقد أنه من الحلاوين ( قرية ام دقرسى أو مناقزا الحلاوين ) كنا نذهب معه وهو يجمل البندقية تلك ويذهب
الى المزارع بالمشروع ( الحواشات ) لكى يقوم بأصطياد ( الجرول ) وهو طير يطير في مصفوفات منظمة عصرا
وصباحا من كل يوم في منظر مهيب ودوما نوع هذه الطيور حساسة جدا لرائحة البارود لذا كان الاستاذ كوكو ما يخبى
البندقية جيدا ويخفيها بنوع من القماش الابيض المسمى ( بالدبلان ) ..
وعند ظهور طيور ( الجرول ) تنطلق طلقات من الخرطوش ويبدا من تقاصر أجله من الطيور في التساقط ودورنا
نحن جمع الطيور المتساقطة من السماء علينا وما أحلاها من وجبة مجانية لذيذة ( لحم الجرول الابيض ) ...
فلم أرى في حياتى كلها نكهة ولحم طير بتلك الصورة كطير الجرول هذا مذاقا ونكهة عند الشوى وتناوله مع الخبز
الناشف...
كذلك ندلف نحن الصغار بعد الرجوع من المدرسة ألابتائية نتسابق الى مكان حصد ألافوال السودانية والذرة
بانواعه المختلفة لكى نزرع شراكنا الحديدية ( القلابات ) في وسط الدكة وقت الحصاد لكى نظفر بنوع من الطيور
تسمى ( ام ديكلو ) ولا أدرى حتى الان بالاسم العلمى لتلك الطيور اللاحمة وحلوة المذاق ...
حتى أن صديق لى عند مرور الخال محمد عباس ترجاه أن لا يذهب و يأخذ نعليه في هذا الوقت بالذات من الدكة
لان بداخلها شراكنا لاصطياد العصافير ( ام ديكلو ) فما كان من الخال الا وسلك شعب غير شعب ابا سفيان...

( ود كورينا )

عاش فينا ود كورينا عيشة البسطاء محبوب من الجميع في القرية الصغير والكبير
النساء والرجال الغريب والبعيد دوما هاشا باشا في وجوه ألاخرين.
يعمل ود كورينا بالزراعة في ( حواشته ) ذات الخمسة أفدنة يفلح الارض الطيبة
صباحا ومساء راضيا بالمقسوم ولكن شاءت العناية ألالهية أن يقدم ود كورينا على
شى لم يكن في الحسبان أبدا ولا يمكن تصوره أهتزت له أركان القرية ألآربعة وليس
لنا أن نقول لا أله الا الله و أن محمدا رسول الله.....
في صبيحة يوم غائم من ايام الله السبعة سلك ود كورينا الطريق الصعب وهو نفس الطريق
الذى كنا نسلكه نحن الطلبة ونحن ذاهبون الى مدرسة ( الربع ) بكسر حرف الراء ..
سلك ود كورينا طريقه وسط الاعشاب ومزارع القصب ولا يدرى أنه كان متوجها ( لحتفه )
سلك ود كورينا عذا الطريق الى أن وصل شجرة سنط مرتفعة أغصانها كأنها رؤؤس الشياطين
عند وصوله الى الشجرة أخرج عمامته البضاء ومن ثم تسلق أغصان الشجرة غصن بعد غصن الى أن
وصل الى قمة الشجرة ثم أخرج عمامته من على رأسه وربطها بأحكام شديد في أعلى غصن فيها ..
وقام بعمل دائرة محكمة حول عنقه وربطها جيدا ( يا الله ) وقام برمى نفسه من أعلى الشجرة منتحرا
ومن ثم تدلت جثته ظاهرة كضوء القمر بسبب العمامة البيضاء التى لف بها عنقه والجسم ..
ويا لهول المصيبة عندما نادى المنادى بان هناك جثة ( متدلية ) من أعلى الشجرة ورجليها على الارض
وقتها هب مدير المدرسة مسرعا ونحن خلفه عندما نظرنا الجثة والتى كانت الطيور الجارحة تحوم حولها
فاذا بها لود كورينا المسكين الذى سولت لهه نفسه بان يضع نهاية مأساوية لحياته والتى لا نعرف سببا واحدا
حتى ألان لكى ينهى هذا الرجل حياته بهذه الصورة .. لطيبة العيش الكريم في تلكمو الايام والتى لن تعود أبدا
حيث كان لا يوجد في السودان وقتها الا اربعة أقاليم فقط ولا يوجد تجنيب في المال العام ولا كان وقتها خرج
خليل أبراهيم وعبد الواحد وألاسود الحرة وكان وقتها حتى التمرد في شريط ضيق على أطراف المدن الجنوبية
وكنا نملك في ذلك الزمان سودان بمليون ميل مربع خريطة رسمها وسطرها رواد ألاستقلال ألاوائل..
استغفر الله ونعل الله السياسة ..
حضر مأمور المركز ( الضايط ) في مركز الربع وعاين الجثة وتسلل بعض الفتيان ألاقوياء ممسكين بالجثة
وأخرين قاموا بفك عقدة الشيطان حول عنقه .. حزنت حتى الطيور على هذا الرجل الطيب وبكت السماء..
وقتها لم نسمع في القرية الا صراخ النساء ونبيح الكلاب .. وقال لى عم جاهلا هامسا في أذنى يكبرنى سنا
أن ملك ( ملك الموت ) .. يجلس في القرية لمدة ثلاثة أيام الى أن يقبض روح أحد سكان القرية لكى يذهب الى مقره
في السموات العليا وقتها شممت رائحة ( الحنوض ) وهى أسم العطر الذى ينثر على الجثة لكى يطيب الميت بها
شممت رائحة الحنوض وتأكدت تماما أن ملك الموت الان في ركن من أركان القرية نتظرا لتمام أجل أحد منا ومن
ثم يصعد وياتى بعدها بعد زمنا طويلا والدليل على ذلك أن أكملنا سنة ولم يمت أو يقيض أحد من قريتنا ...
لعنة الله على الجهل الذى يوحى بالخرافات وهذا نوعا من الشرك بالله تعوذ بالله منه .. فالعم جهلا بدينه ودنياه
تهجم على ملك الموت ونسى أن الموت حقا ( لو كنتم في بروج مشيدة ) ...
نامت القرية حزينة بكاملها بعد دفن الجثة لان الفاجعة أن صاحبها مات موتة الجاهلية الكبرى...
اللهم برحمتك ورضاك أرحم ود كورينا و أدخله فسيح جناتك مع الصديقين والشهداء فلا ندرى وانت تدرى
يالله ( فربما أصاب المرحوم وقتها لوثة في عقله ).... وتلك ألايام نداولها بين الناس فيا ربى أن تكون دولتنا
القادمة بأذن الله هى دولة القاتوت وليس دولة المحاسيب والنخبة ... دولة الدين الحق .. ويكون ما لله لله في المساجد
وما للعباد من عيش كريم تحت أيادى عفيفة نظيفة ليست ملطخة بدماء المهمشين والتعساء ... اللهم أرحم ضعفنا
نحن السودانيين وهواننا على الامم...

نواصــــــــــــــــــــل

( حروف أسمك ترع لولى وبحار يا قوت )..

قدمت الى قريتنا الوادعة بشمال غرب الجزيرة ( كالغزال البرى ) .. ممشوقة القوام تكاد ترى الدماء تتدفق من عروقها
من نعومة جسدها وتحمل فوق جسدها عنق كعنق الريل تمشى الهوينى .. في انسيابية تامة كما ينساب ويجرى حول بترى
الجميلة.نيلنا الازرق والوهاج.. اتت في زيارة عادية للمكوث مع أختها التى كانت تشاطرنا العيش في تلك القرية الوادعة .. فكان أن صادف وصولها
رقراق المطر واختفاء الشمس لعدة أيام خوفا من طلتها البهية . حيث كان ذلك هو نوء ( الطرفة البكاية ) .. كما يسمونها عرب العوامرة
وهى فصل من فصول المطر ..
تعلقت قلوبنا بها جميعا نحن وقتها في ريعان شبابنا صبية تدفق الصحة من وجوهنا .. كانت تحمل القلوب على أكفها حين تأتى في تلك
الزيارات المتكررة للبلدة .. قوام ممشوق وجوف كجوف الخيل ... كنا ننتظر خروجها في العصارى وكانت ليالينا تبان من عصاريها
وخروجها من منزلهم ( بزقاق ) بيتنا المتواضع.
دق قلب الصبايا بحبها جميعا وكانت المنافسة شديدة حامية ا########س بينهم كل يريد الظفر بقلبها الذى ينبض عوالم سرمدية وعشق
للحياة وينطق بكلمات ليست كالكلمات ...
أرسل لها أحد أصدقائى برسالة معبرة عن هيامه وحبه لها فكانت الطامة الكبرى رسالتها التى عنونتها باسم الله الرحمن الرحيم ..
وقالت له في كلمتين فقط قالت له : الصير بعوم!!!!!!!!!
أتدرون أحبتى ما هو الصير ... الصير هو صغار السمك الذى يتخبط في بحار الله باحثا عن ما يسد رمقه من طحالب يقتاد بها
وحينها أدرك صاحبنا أنه ( ضعف الطالب والمطلوب )...
تيقنت وقتها أن المشوار سوف يكون أمامى طويلا لكى أخطب ودها برقم اننى كنت ذلك الشاب المدلل وسط عائلة ممتدة كبيرة
أدركت أتها بعيدة المنال مثل أسمها الذى شاءت العناية الالهية أن يسميه بها والدها ... (( منــــــــــــــــــال ))
نواصــــــــــــــــــــل....

تسلم يا الحبيب

احسن لينا من السياسه

سوق في شرق الله البارد


الزبير الختمي

تسلم اخوي الزبير الختمي وسوف نكون بعيدا عن السياسة

( رمضان ولى يا صاحبى فهاتها مشتاقة تسعى الى مشتاق )

رحم الله شاعر تلك الكلمات ورضى عنه وأن كانت هذه الكلمات الشعرية تدعو الى الفجور ولكن ....
ولكن هنا في ربوع جزيرة المشروع لما النيل ألازرق .. ينساب هناك ويجرى تتحرك المشاعر
النبيلة ويتحسس الناس جيبوبهم لكثرة الالتزامات المالية التى يجب توفرها على قلة المال من مواد
غذائية ومشروبات وكانت المشروبات وقتها تتمثل في ألابرى ألابيض والحلو مر وللحلو مر طعم خاص
حيث تقوم النساء في بداية تكوين ( الذريعة ) .. في ( الكنتوش ) .. ولمدة كافية حتى تتخمر الذرة بالاضافات
المعروفة لكل السودانيين لخلطة الحلو مر .. فوالله لو كان هذا الامر يتم في هولندا أو فرجينيا .. لقاموا بأنشاء شركة كبرى
ولحفظ هذا ألاختراع العجيب والخلطة هذه في البنوك العالمية خوفا من سرقتها من عصابات المافيا العالمية...
ولكن في سودان العزة والكرامة وحيث أن الحاكمية للخرطوم ( مكان الريس ينوم .. والطائرة بتقوم ) .. ليس لنا هما الا
ان نستقبل ونودع .. ونزرف الدموع الغزيرة على من نحب ... ذلك بالضبط ما قاله أخى في الله وجليسى في جامعة الخرطوم
محمد صادق عندما أرادت حبيبته ( المريودة ) السفر الى مدنى .. فكان أن طار خلفها وكتب لها رسالة فحواها ( my bus back to back your bus)
.. فيا لطيبة قلب هذا الشعب الطيب المقلوب على أمره ...
في رمضان تتقسم اية قرية من قرى المشروع الى أقصاها عدد 10 فرق منظمة حيث يجتمعون وقت رفع ألاذان لصلاة المغرب كل يحضر ما
يتوفر له من زاد وشراب .. وكثيرا يأتى من غير ( ليه ) الى تلكمو الساحات الواسعة لتناول طعام ألافطار .. وتجد ألاطفال في حلقة دائرية
خلف أبائهم لا يشاركونهم الطعام أدبا ومحبة وأحترام للاباء .. ولا يأكلون الا بعد نهاية ألافطار و أخذ الكبار ما لذ من هذه الصحون وطاب ومن ثم
الدفعة بالبقية للصبيان وكانت الفرحة فرحتان ...
تحلو .. الجلسات بعد صلاة التراويح في رمضان .. حيث التحلق حول الراديو وسماع المسلسلات العتيقة مثل ( الدهباية ) .. وغيرها عبر أثير
أذاعة أم درمان حيث كان التلفزيون غير متوفر بكثرة في جنبات المشروع الذى كان حضارى وقتها ...
وأصلا الموسم هذا موسم طلعات محبين وسط شوارع القرية وتبادل وتجاذب للاحاديث لان الموسم موسم تكوين البيوتات الجديدة في الحلال
فكان الحب هو حب صادق للحبيب والارض والزرع والضرع الا من أبى وسوف يرسل له شهابا من ذوى القربى وحتى المساكين...
كانت تخلو الذناذين في رمضان من أية مسجون أو موقف في ( النقطة ) وهو ألاسم الشايع لمركز البوليس أو الحراصة .. فكان في صبيحة أول
يوم في رمضان يذهب جدى الى ( الحراصة ) ويسأل أن كان هناك اية مسجون أو معاقب بالسجن فيحضر ومعه عمدة المركز ومن ثم يتم عمل الضمانة
والدفع عنه أن كان مدان في جريمة مال خاص .. فوقتها جرائم المال العام لا توجد ابدا بالمشروع ...
وفى الجانب ألاخر ترفرف ألاعلام مزركشة الاوان على ( ألانداية ) .. وهو المكان الذى يباع فيه الخمر وتنظف طرقاتها جيدا لاستقبال الزبائن
فكان حالنا ما لقيصر لقيصر وما لله لله .. فالدين مكانه المساجد والقلوب النقية والنفوس الطيبة ( ولا تذر واذرة وزر أخرى ) ...
كان الشارع العام نظيفا والشباب تدفق الصحة من وجوههم وكل في فلكه سابح .. والعزة وقتها لله ولرسوله وللمؤمنين ...
وتتواصل المسيرة الطاهرة

......................... ونواصل الحكاية..

تنقطع القرية الكائتة بشمال غرب الجزيرة عن العاصمة القومية تماما أيام موسم الخريف وتكاد تنقطع أيضا عن مركزها بالحصاحيصا الغير بعيدة عنها
كل ذلك بسبب ألاوحال وعدم الطرق المعبدة المعدومة أصلا داخل قري وكنابي المشروع بشمال غرب الجزيرة بالرقم من ما كانت ترفده تلك البقعة من
أموال وفيرة لخزينة الدولة انذاك .. منذ أيام ربيع وخريف المشروع أيام كان السيد / رئيس الجمهورية جعفر محمد نميري يرسل المارسيدس البيضاء
عندما تكون هناك ضائقة مالية تمر بها الحكومة المركزية المرسيدس البيضاء وبها وزير مالية الدولة أو من ينوب عنه للاستلام ما يسد الحاجة ..
ليس هذا ما يهمنا بل كل تلك المقدمة للوصول أننا نكون منعزلين عن حضر وبوادي المشروع الي ان تجف تلك المياه التي تكاثرت وأنشات البرك العديدة
علي أطراف ونواحي القرية..
كنا وقتها عندما يغشانا ملك الموت ليلا او نهارا ويهم بأخذ احدي الارواح الطاهرة وقتها التي لم تتلوث اياديها أو تشرب في بطونها الا ( مريسة ) انداية ود هنونا
تلك الكائنة علي أطراف القرية والتي أختلف في كونها حرام ام حلال وقتها امام المسجد والمؤذن وهو كل ما نملكه وقتها من الفقهاء وأصحاب الدقون الطويلة
فمنهم من حرمها ومنهم من حللها نسبة للحاجة لها عند الفلاحة بالحواشات حيث تعطي المزارع قوة ونشاط ذهني فعال بالضبط كما تعطيه الان في العصر الحديث
مشروبات الطاقة المتنوعة..
ما علينا المهم عندما يغشانا ملك الموت في الليالي القمرية والسوداء وأحيانا صباحا بل في الحقيقية لا نعرف له وقتا محددا وهي سنة الله في الارض ...
كان همنا الوحيد حين ذاك كيفية تبليغ من من حولنا من الاحباب في القري المجاورة .. ولكن شاءت العناية الالهية أن يلد الى ( كلبة ) قسيمة مولود ذكر يدعي
الحوار نسبة لقربه منها كثيرا حتي عند ذهابها الي الحقل لتروي الزرع ... فكان هذا الكلب الحوار وفيا جدا الي قسيمة ودوما تجده هاشا باشا فب وجه ضيوف
اسرة قسيمة من البدو والحضر .. مستقبلا ومودعا .. ولكن ليلا أسدا مغوار حراسة ووجودا في الركن الجنوبي ( لحوش ) .. قسيمة .. ولها فيه مأرب اخري
وهو الاهم من ذلك .. فعند بلوغ روح ميتنا الحلقوم تستعد قسيمة باحضار ورقة بيضاء وتكتب فيها أسم المرحوم وصلات رحمه .. وتربط كل ذلك في ( لفة )
محكمة حول الطوق الذي برقبة ( الكلب الذكى ) ... وعند سماع ( صريخ نساء القرية ) ويدعي وقتها باسم ( السكيلي ) .. تتأكد قسيمة من خروج الروح من جسد
المرحوم كأنها تشارك ملك الموت في قبضها من شدة حنكتها في تجهيز الكلب لاداء المهمة والتي بعد الصلاة نأتي لذكرها .... نواصل

(كــــلـــــــــــــــــــــــــب قسيمة )

في الوقت الذي يشرع أهل الحنكة والخبرة وشيوخ القرية في تجهيز الجثمان في الركن الغربي من القرية هناك الي قسيمة عمل أخر وهو العمل
علي تقديم وجبة محترمة من اللحم أيا كان نوعه الي الكلب الهمام لكي يقوم بأداء مهمته علي أكمل وجه وتتمثل في توصيل البريد الى القرية الكائنة
شرق ( الكنار ) .. والكنار هو المصرف الرئيسي الذي يقوم بتغذية الترع الرئيسية في المشروع حيث أن الكنار هو الذي يجلب المياه من خزان سنار
ذلك الصرح العملاق من بقايا الحكومات العسكرية السابقة ..
بعد تناول الكلب لوجبته المهمة في ذلك اليوم الحزين حيث تكتسي كل القرية بفقد المرحوم تكتسي ثياب نسائها بالسواد ويضرب القرية سكونا كبيرا
حيث أن الكبار من حكاويهم لنا تخويفا لنا كصبية أن ملك الموت مازال موجودا بالقرية مترصدا لروح المريض ( ود فلان ) .. فاياكم والخروج بعيدا
عن ضواحي القرية .. والا كنتم من الهالكين..
المهم يبدأ الكلب ( كلب قسيمة ) في التحرك القرية الاخري ( شرق الكنار ) والتي تبعد عن قريتنا حوالي عشرون كيلو مترا يجري الكلب وسط
تلك الاوحال الخريفية والمطر يتساقط حاملا معه البريد وبداخله خبر الوفاة الحزين لققيد قريتنا الوادعة غرب الكنار ..
ويا ليتها من لحظات عصيبة عندما يترائ للناظرين من الزراع علي اطراف القرية ذلكم الكلب المشؤوم وقتها يترائ لهم حامل الطوق في رقبته
ويظهر الظرف الذي يكتسي علىي جوانبه بنوع من الخطوط الحمراء متدليا من رقبة الكلب...
حينها يترك كل معوله من الزراع جريا خلف ( كلب الموت ) .. هذا الى ان يتوقف الكلب لاهثا يتصبب عرقا بالرغم من برودة الطقس وكانه حاملا
روح المتوفي وجثته علي ظهره لأنه كما أظن لابد أن يكون سمع صريخ وعويل أقرباء المرحوم في الضفة ألاخري من ( الكنار ) وعرف تماما تقل المهمة
الملقاة علي عاتقه ( فأحيانا بعض الكلاب تكون أوفى من بنو البشر لبعضهم البعض ) ..
يتوقف الكلب في بيت ( حليمة ) .. وعندها يعلو صراخ نساء القرية حتي من دون معرفة أسم ( الميت ) .. حيث كان وقتها الناس في تراحم وود عميق
ولم يتأثر بعد النسيج الاجتماعي ببذرة الفرقة والشتات ولم يكتب بعد في استمارة استخراج الجنسية أسم القبيلة .. فكان يا مكان .. سودان .. وبنحبك يا سودان
عفوا أحبتي في الله تصرخ النساء غاضبة ويحزن الرجال من دون معرفة لمن سوف يكون الميت .. وحينها لايكافى الكلب باية حافز سوي ان حليمة تأخذ عصاها
بعد أستلام البريد وتطرد الكلب وتتعوذ منه خوفا علي أحبابها من خطر بريده نذير الشؤم .. حينها يجري الكلب بأقصي سرعته الى أن يصل الي الضفة ألاخري من
الكنار الجانب الغربي حتي وصوله الى قرية المرحوم وعندها تتأكد قسيمة أن بريدها وصل مكانه .. ووتعالي الاصوات بكاء عند ظهور الكلب حنينا وشوقا الى حضور
الجانب الاخر من سكان القرية الاخري لكي تمتزج الاحزان بالمودة والالفة والتعاضد والتكاتف الذي أبهر ألآعداء قبل الاخوان .. فكانت الرسالة ألابدية للكون كله
بأن هذا الشعب ما زال يعطي وسوف يظل يعطي للاحياء والاموات عهدا ووفاء بوفاء الي أن يرث الله الارض وما عليها .... ونواصل أنشاء الله

( من لا يملك قوته .. لا يملك قراره )

في تلك الليلة السوداء قررت ( زبيدة ) الذهاب الي بيت ضابط المغفر المجاور لمغفر الشرطة والذي مكانه بالضبط
شرق ( الانداية ) .. مكان عمل الكثير من أنواع الخمور وأهما في ذلك الزمان ( المرييسة ) أو كما يحلو لجدي تسميتها بالمريسة الملعونة ويتم تناولها بكثرة من قبل عمال الحقول بالمشروع
بحجة أنها تساعد علي بث الحيوية والنشاط ومنح القدرة الكافية لفلاحة الحقول الممتدة بمشروع الجزيرة بالقمح والارز
أوكلت زبيدة أمرها لله ودقت علي باب شرطى المغفر بعد صلاة المغرب مباشرة .. وذلك لما يتمتع به من سعة في الرزق
حيث كان المعلم ورئيس المغفر وقتها هما من يملكون زمام المبادرة ( أيام لها ايقاع )....

وكانت النية قيامها بغسل الملابس وهي صنعتها التي قامت بأحترافها بعد وفاة أبو العيال .. حيث كانت ( مكوتها ) هي السيف .. ووجهاء القرية كانوا يتباهون بمكوة زبيدة بعد الغسيل لانها ( سيف )
دلالة علي أحترافبة المهتة وقتها ..
............................ نواصل

بعد عدة مرات بالطرق علب باب شرطي المخفر تم فتح الباب للسيدة زبيدة .. ما مرت الا سويعات بداخل منزل المخفر
الا خارجة من الداخل وهي مقهقهة بصوت مرتفع ولعلها كانت مخمورة ..
تكررت الحالة عدة مرات فذهب العقل والضمير وأصبحت في ليلة وضحاها زبيدة من محبي المتعة الجسدية ..
بدأ الجسم في النحول والنضرة في الذبول .. فكانت أن لا عودة بعد ضياع العقول .. فتسلمت مهنتها الجديدة مع صاحب ألانداية بكل قبول..
فتهامست القرية ليلا وبعضهم بدأ بدق الطبول ...
نواصل ............

مع تعودها وتكرارها الذهاب الي رئيس المخفر بدأت زبيدة في التهالك و الزبول . جسمها أنتحل ووجها عبوس
أستلمت وظيفتها الجديدة بأدارة الحانة وتفريق وملأ الكؤؤس . وقتها تبان في الليل قهقهات السكاري وأصوات مومسات حولها فأصيبت تماما بالذهايمر والذهول..
زاد رواد الحانة بسبب مجيئها فكانت رائدة المجالس في الانداية وسط عانسات معها أصابهن دوار المسكرات والخمول..

............................نواصل

شغف ضابط المخفر بحب زبيدة حتي درجة الهيام فبعد تمردها عليه وتمسكها بالريس صاحب الانداية كثر تردده علي أنداية المتعة
حتي وصل به الامر أن يقوم ب ( تدلية الرايات ) .. ووقتها عندما يقوم أحد زوار الانداية أو الخمار بتنكيس تلك الاعلام الملونة التي ترفرف
علي مجموعة المباني الداخلة بكردون الانداية حيها يعرف الجميع بأنه لا توجد فرصة البتة في أيجاد متكأ للزبائن في تلك الامسية للترف
والارتواء بالكأس الساخنة سخونة بائعات الهوي في تلك النجوع ...

..................................................... نواصل