النواحي غير الاكاديمية من تجربة السفر للدراسات العليا

النواحي غير الاكاديمية من تجربة السفر للدراسات العليا


02-17-2013, 02:44 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=470&msg=1418872231&rn=0


Post: #1
Title: النواحي غير الاكاديمية من تجربة السفر للدراسات العليا
Author: احمد سيد احمد
Date: 02-17-2013, 02:44 AM

السلام عليكم

عارف انو ما عندكم وقت للكتابة في النواحي التى لا تتعلق بالجانب الاكاديمي...بس ياريت تدونوا الملاحظات ولو بشكل عابر حول ما لفت انتباهكم من اسلوب الحياة في تلك الدول وما تعلمتوه من حكم وتجارب

انا طبعا ما طالب دراسات عليا لكن قريت ومر بي كم كتاب لتجارب مبتعثين سعوديين...احد هذه الكتب كان لمرام مكاوي وهذا غلافه



ونقتطف منه مقال واحد كنموذج....وهو بعنوان:


يوم في الحياة الحقيقية •


أن أعيش كفتاة في السعودية ليس أمرًا سيئًا جدًا كما يتصور الكثيرون ، بل أحيانًا قد تشعر الفتاة بأنها أميرة حيث لا تتحرك غالبًا إلا مع مرافق ، قريبًا كان أو سائقًا . ولكنها حياة أشبه بحياة الأسماك في بيئة اصطناعية ، حيث الغذاء والأمان والهواء متوافر ، وكذلك الرعاية الكاملة والخدمة المستمرة . لا يمكن لأحد أن يشتكي من ذلك ، فما دام لم يعرف بيئة أخرى ، فهو في الغالب يعيش راضيًا أو قانعًا . لكن إن اضطرته الظروف على أن يعود للعيش في المحيط ، عندها يجب عليه أن يبحث عن طعامه بنفسه، وأن يحمي نفسه كذلك ، ليس الأمر سهلاً بالمرة ، وقد تكون التجربة قاسية أو قاتلة ، لكن إن نجا منها فهو يشعر بأنه قد نضج عشر سنوات كاملة في ساعات !

حدث هذا معي ، ففي أثناء خوضي لهذه التجربة المثيرة ، بعيدًا عن كنف والديّ ، بعيدًا عن بلادي الآمنة ، بعيدًا عن سائقنا الذي يحمل المشتريات عنا في السوق ، بل يذهب لشرائها أساسًا من دوننا ، وبعيدًا عن سيارتنا المكيفة المريحة ، كان علي أنا أيضًا أن أنزل إلى المحيط وحيدة .

غادر والدي عائدًا إلى الوطن بعد تأمين كافة احتياجاتي الغذائية ، وبعد أن بقي معي الفترة الكافية للاطمئنان علي ، وللتأكد بأن أموري كلها تجري على أفضل حال . وقد قاومت لوقت طويل بعد ذلك الخروج من الحرم الجامعي ، والسكن الجامعي وحيدة . وقد كان أن اصطحبتني بعض الأخوات العربيات معهن ذات مرة ، إلى أكبر مركز للتسوق في البلدة ، فاستطعت شراء ما نفذ من احتياجاتي الضرورية . لكن جاء يوم كان عليّ أن أذهب وحدي ، وكم كان ذلك صعبًا !

المشكلة لم تكن في الوصول إلى هناك ، بل في العودة ! فقد أخذت راحتي في التسوق ، دون أن أعمل حسابًا للمال ، أو لتواريخ انتهاء المأكولات ، والتي كان معظمها قصير جدًا ، أو ( وهو الأهم ) .. في كيفية عودتي للمنزل وأنا محملة بكل هذه الأغراض ! المفاجأة الأولى كانت في المبلغ الذي كان علي دفعه ، فقد كان أكثر بكثير مما أتصور ، ودفعته بسهولة نظرًا لوجود بطاقة البنك معي ، ولكنني كنت مصعوقة ، لأنني لم أحس بأنني اشتريت أشياء ذات قيمة لتصل إلى هذا المبلغ .

عندما خرجت ، وأنا مثقلة بأكياس لا قبل لي بحملها ، شعرت بالتوتر ، ركضت نحو موقف الحافلة الذي نزلت فيه ، ففوجئت بأنه لكي أعود عليَّ الذهاب للجهة الأخرى . وطبعًا كان الظلام قد حل ، والسيارات تعبر الطريق مسرعة ، وكان مستحيلاً عليّ بأغراضي هذه ، أن أقطع الشارع ركضًا . فشعرت بتعاسة لا نظير لها ، وبدأت الدموع تتجمع .. لأنني أحسست لأول مرة في حياتي أنني وحيدة وعاجزة ، أمام موقف ######## ، لكنه بدا لي عظيمًا ، كيف لا ؟ ونحن النساء في بلدي ، لا نمشي في الشارع وحدنا ، ولم يسبق أن قطعت هناك شارعًا ، والسيارات تمر من قبل .

لكنني قررت أن أتماسك ، فالبكاء لن يحل مشكلتي ، بل سيظهرني حمقاء ، وربما يغري أحدًا بسرقتي ، فتماسكت ، وبدأت التفكير في الحل . وما دمت غير قادرة على العبور للضفة الأخرى ، ولا أملك سيارة ، ولا أستطيع العودة مشيًا لبعد المسافة (نسبيًا ) خاصة وأنا لم أعتد على المشي بعد لمسافات طويلة ، وكذلك لتأخر الوقت ( في الواقع لم يكن متأخرًا ، كان في حدود السادسة مساء تقريبًا ، ولكنه خريف انجلترا ، حيث تغرب الشمس في حوالي الساعة الرابعة والنصف أو الخامسة ) ، فإذن عليَّ التفكير بطريقة أخرى ، فماذا يبقى ؟ سيارات الأجرة . تذكرت على الفور ، بأنه يوم أتيت مع صديقاتي ، علمت بأنه يوجد داخل المركز خط هاتف مجاني ، لطلب سيارة أجرة . فدخلت إلى المركز من جديد ، بحثت عن الهاتف ، استخدمته ، وبعد خمس عشرة ، كانت هناك سيارة أجرة بانتظاري ، حملتني إلى داخل الحرم الجامعي ، وقريبًا من منزلي . وهكذا وصلت سالمة ، وانتهت الأزمة على خير ، وشعرت بأنني حصلت على درس مهم ، أو دروس لم أحصل على مثلها ، في أهميتها ، منذ مدة طويلة . وشعرت بأنني عشت يومًا في الحياة الحقيقية ، حيث على الإنسان أن يتدبر أموره بنفسه ، وأن يستخدم عقله ، ويتحلى بالشجاعة ، لكي يخرج من المأزق الذي وضع فيه فجأة ، بأقل قدر ممكن من الخسائر .

لم يكن ذلك هو الموقف المزعج الوحيد الذي صادفته في بداية حياتي هناك ، ففي مرة لاحقة ، ركبت الحافلة لأذهب إلى مركز البلدة فوجدت نفسي في مركز المدينة المجاورة ! وأيضًا كدت أبكي ، ولكنني تماسكت وسألت أحدهم كيف يمكن أن أعود لمدينتي ، فقال لي بهدوء : انزلي هنا ، وابحثي عن الحافلة العائدة لمدينتك ، وفعلت ذلك ، وانتهت الأمور مرة أخرى على خير ، ولكن بعد لحظات مرعبة أخرى .

لكنني تعلمت الكثير بعد ذلك ، من قوانين وأنظمة الحافلات الإنجليزية ، درس آخر من بريطانيا .. كيف تركب الحافلة ؟ ففي بلادي لا يركب المواطنون الحافلات ، أو وسائل النقل العام عمومًا ( إن وجدت ) ، فالكل هناك لديهم سيارات خاصة .

حقًا إن حياتنا مختلفة عن حياتهم ، وكم يتطلب المرء منا جهدًا ، لكي نتعود على أبسط الأمور في بيئة جديدة !

_______________


فلو اتسع زمنكم فلا تبخلوا علينا بالحكم والتجارب التى تعلمتموها من السفر للخارج