رسالة إلى الذين يتحدثون بإسم جبال النوبه..

الملاحظ لــ طبيعة الصراعات الأهلية فى السودان ، أنها تأخذ شكل التمرد على الأنظمة الموجودة ، والتمرد على أى نظام سياسى ، لا يعنى الخيانة والعمالة ، بقدرما هى إحتجاج طبيعى لــ ظروف سياسية ، وإجتماعية ، مرفوضة بالكامل لدى بعض الأقاليم السودانية ، خصوصا أن تلك الأنظمة التى تعاقبت على حكم السودان ، تعاملت مع تلك الإحتجاجات بعدم المسئولية ، مما ولد غبن وفقدان ثقة من بعض تلك الشعوب ، والممثلون لأقاليمهم من السياسيين ، حول سياسات مركز السلطة ، وظهر ذلك الإحتجاجات بشكله العنيف فى الثورات المسلحة ، وعندما ذهب جنوب السودان بكامل إرادة جماهيره نحو الإنفصال وتكوين دولتهم ، تململت أقاليم جديدة فى الدولة السودانية الموجودة حاليا ، خصوصا أن المشروع الجارى تنفيذه ، هو أن تختار تلك الأقاليم بكامل حريتها ما تريده!! ويتم ذلك فى إعتقادى عبر برنامج مدروس ومرتب ، طبعا لكى تطالب تلك الأقاليم من تلقاء نفسها بما تريد ، ويكون بذلك قد نفذ هؤلاء المستعربين أصحاب المشروع العربسلامي برنامجهم ، وتحقيق أحلام مثلث حمدى فى بتر أطراف السودان ، ليكون ما تبقى من الدولة السودانية هو مسخ لسودان أخر ، وتطبيقا لــ مشروعهم العربسلامى.

رسالتى إلى من يتحدثون بإسم جبال النوبه ، يجب أن يحملوا ذلك فى أجندتهم ، وهى أن (تقرير المصير) حق مكفول للشعوب ، لذلك من الضرورى تضمينه فى مقرراتهم ، لأننا مللنا الصرعات التى دائما ما يكون جماهير شعبنا هم الوقود فى كل الأطراف المتحاربة ، ولا نريد لتجربة نيفاشا أن تتكرر ، خصوصا فيمايتعلق بــ قضايا المنطقتين ، من جانب أخر ، أرى أن هناكـ مفاهيم مضادة ، تمارس ضد من يطالبون بذلك الحق (تقرير المصير) من المثقفين السياسيين والنخبة السودانية الفاشلة ، وهو أن من يطالب بذلك الحق هم العنصريين ، وهذا غير صحيح ، وهو طبعا لإعتقاد فى أذهانهم ، أن ممارسة حق (تقرير المصير) يؤدى إلى الإنفصال ، وهذا مفهوم خاطىء تكذبه بعض التجارب ، وهناكـ أمثلة فى الماضى القريب لأقاليم مارست حق (تقرير المصير) وإختارت شعوبها الوحدة مع الدولة الأم ، لذلك تلك النعوت فى رأى تخدم مصالح أصحاب المشروع العربسلامي فى التلاعب بمصير تلك الأقاليم فيما يتعلق بالقضايا المصيرية مثل الحرب والسلام ، ليضمن لهم بعض المنافع فى الوارد الطبيعية والأراضى الزراعية وغيرها والطبع لكى يكون الإعتماد على مركز السلطة فى كل كبيرة وصغيرة ، مثال لذلك تقديم الخدمات والبنى التحتية و إن تم تقديمها ، يكون بإبتزاز مهين (ألم نعمل لكم كذا وكذا) !! كأن تقديم تلك الخدمات عطايا ، وليس واجب.

خلاصة الرسالة ، لقد مل إنسان جبال النوبه من الحروبات ، والصرعات ، التى لا طائل منها ، سوى الدمار ، والخراب ، وتمرير أجندات خاصة من خلال نضالهم وقضاياهم العادلة ، والسبب ربما يكمن فى تأخيرمجتمعات جبال النوبه ، على المستوى الإجتماعى فى سلم التطور البشرى ، كذلك مل إنسان جبال النوبه من القنابل الموقوتة المزروعة فى تفاصيل كل الإتفاقيات السابقة ، لذلك (تقرير المصير ثم تقرير المصير) هو الحل النهائى ، لــ ينعم إنسان جبال النوبه ، بحق الحياة ، والعيش الكريم ، والمساهمة فى عملية التطور الإنسانى.