مَطايا الملَق المُسوَّمة !

مَطايا الملَق المُسوَّمة !


10-27-2014, 08:30 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=470&msg=1414395018&rn=0


Post: #1
Title: مَطايا الملَق المُسوَّمة !
Author: shazaly gafar
Date: 10-27-2014, 08:30 AM

مَطايا الملَق المُسوَّمة !
شاذلي جعفر شقَّاق

لو أنَّ النابغة الذبياني رفع رأسه ليرى ما هو عليه حالنا اليوم من تكسُّبٍ عبر الكلمة أيَّاً كانت ؛ لأقبلَ على مدائحه واعتذاراتِه ومُبالغاتِه في النُّعمان بن المُنذر تمزيقاً ، ولحطَّم آنيةَ طعامِه المصنوعة من الذهب والفضَّة وداس عليها بنعْله اعترافاً صريحاً منه بجهلِه التام وفشلِه الذريع بأصول التقرُّبِ زُلفى من صولجان السلطان ونَواله الجَمِّ من الدنانير والنوق العصافير مقارنةً مع متملِّقِي هذا الزمان ومُداهنيه ! الذي دفعني إلى هذه التوطئة ليس الولوج إلى عالم الموالسة سواءً كانت شعريةً أو خطابيَّةً أو صحفيَّة ، تلك الضاربة في القِدَم قِدَم جدليَّة الحاكم والمحكوم عبر القرون لا فرق في ذلك بين كافة الشعوب ..إنما الذي دفعني للوقوف على حافةِ هذا الجُرُف الهاري لهذه الصفة الدميمة ؛ صفة الملَق والمداهنة هو تمحورها في شكل العادية وتجمُّلها في صورة خضراء الدِّمَن ، وانتشارها كانتشار النار في الهشيم على امتداد ما بقي من بلادنا الحبيبة !..حتى أصبحتْ سلوكاً يُلازم الكثيرين وهم يمارسون حيواتهم في منظومة علائقهم بالآخرين على مستوى الأشخاص أو الجماعات ... بل يعتبرونه نجاحاً وفلاحاً يستوجب الثناء ! ولكن الأنكى من ذلك هو خطل المتملَّق إليه الذي تُفتَح شهيَّتُه بفضل هذا الداء .. ويستمرئ صديدَه ليمجَّه مجَّ الرضيع مُشبعاً غريزتَه المشوَّهة وعاهتَه النفسيَّة واهتراءَه الخُلُقي ليدعمَ موقفَ المتملِّقين ويُقرِّبهم منه ويمُدُّ لهم من عنده مدَّاً على حساب أخرين أولى بالمعروف إن لم يكونوا أصحاب حقٍّ ينبغي انتزاعه من براثن حُبِّ الذات ومخالب النرجسيَّة وأوكار الــ (أنــا) انتزاعــا ! ولأنَّ المصابين بالقُبح العُضال دوماً لا يعدمون مسوِّغات لفعلهم الشائن ؛ فإنَّ المُداهنين لا تعوذهم أمثال خائبة يسندون عليها أقْفيتهم وهم يتذاكون بقولهم :( إن أردتَ شيئاً من ال###### ؛ فقُل له : سيِّدي )!! أو اللجوء السياسي إلى غابر المأثورات بُغية تسخيرها لتحقيق مآربهم مثل :( دارِهم ما دمتَ في دارِهم .. وأرضِهم ما دمتَ في أرضِهم )!! وغيرها من أباطيل يمضغونها كعلَكة (تطقْطق) بين أسنانهم ضاربين بكرامتهم عرضَ الحائط وهم يتمسَّحون - كقطط طاعمة لاعقة – بأحذية رؤساءهم أو حكَّامهم أو أولياء نعمتهم .. ماسحين أجواخ مدحهم وثناءهم ..ضاربين على أعواد مؤانستهم .. نافخين مباخر خلواتهم .. قاتلين أوقات فراغهم بنهش لحوم أبرياء وأشراف ليس بهم عيبٌ سوى أنَّهم لا يتودَّدون للآخرين أو يتملَّقونهم ولا يمتُّون بِصِلةٍ إلى بطانةٍ أو حاشية ! أيُّ فلاحٍ تنشدونه – يا هؤلاء – وأنتم تتلمَّسون عيوب الأخرين بل تهتبلونها مَيْناً وبُهتانا ، لتستروا بها سوءاتِكم البادية للأعمى والبصير ! ولكن هل يرى المُداهن (عوجة رقبتو ) وهو يقُزُّ حثيثاً في سبيل تحقيق غاياته عبر شتَّى الوسائل ؟ بل هل يكتفي بالحدِّ الأدنى أو الأعلى مِن اكتناز ما يجود به وليُّ نعمتِه ؟ أغلبُ الظنِّ - وفي ظلِّ وجود العادة والإدمان – أنَّه لن يتخلَّى عن ذلك وإنْ تخلَّى عنه ظلُّه نهاراً في صحراء عُزلته ! بل لن يعتزل حرفته وإن تبوَّأ منصباً يوفِّر له كلَّ مل يُريد ..وإن امتلك بُرجاً في ذلك الحي الراقي يدرُّ عليه الدولارات ! وإن امتطى فارهةً ليس لها مثيل ؛ فلن يتخلَّى عن مطيَّة الملَق التي يصفها بالعرجاء الحرون وهو يزجرها ويستحثُّها على المسير ويستزيدها من الفضل الوفير ، وإن تقدَّمتْ به السنون وخالط سوادَ شعرِه البياض وتدلَّتْ لحيتُه إلى أسفل صدرِه ، ما دام لم يَعِ قول رسولِنا الكريم صلوات ربِّي وسلامه عليه : (ليس من خُلُقِ المؤمنِ الملَق ) !

الأيام – الملف الثقافي-الأحد 26/10/2014م