الحلنقى .. موسم موات الأغنيات

الحلنقي .. موسم موات الاغنيات

ما كنا نظن في اكثر سيناريوهات السقوط سوءاً أن يكون شاعر رومانسي ورجل بقامة الحلنقي بمثل هذا التفكير والفجاجة والسماجة ..
فجاجة ان تسيطر عليك النعرات العنصرية .. وسماجة أن تبوح بها بلا خجل و بلا حياء ..
يا لوضاعة الكلمة ويا لبؤس المعنى ..
الحلنقي يا سيداتي وسادتي هو تعبير صادق عن نفسية وبيئة اجتماعية كانت وما تزال في السودان .. الحلنقي يتحدث بلسان احسبه حال معظم جيله والاجيال السابقة .. الحلنقي يظهر الوجه الكالح للازمة الثقافية والاجتماعية السودانية التي اودت بنا من النقيض الي النقيض ..
هذه الكلمات والتشبيه العنصري المثير للرثاء للشاعر اسحاق الحلنقي لا يجب ان نقرأها ونقف بها في محطة الفردانية ونحاكم بها اسحاق العنصري فقط ، بل يجب قراءة ابعادها الموضوعية كاملة فهي افكار وتربية وتنشئة نتيجة لنظام تعليمي مختل وغير سليم ، وهي في الان نفسه نتاج للتأثر ببيئة اجتماعية وثقافية سلبية ومستلبة ، الحلنقي هو تعبير كلي عن ماضي وتعبير جزئي عن حاضر .. ماضي عنصري في غالبه المستعرب وحاضر يكافح بين محاولات الاستعراب ومكافحات وطن يسع الجميع ..
الحلنقي في عنصريته الصفيقة هذه هو مثال شائع لغالبية المثقفين السودانيين الذين ولدوا بثقافة عرجاء تم تلقينهم اياها وتم تغييب العقل النقدي والبحثي لديهم .. واقع سقيم وعليل في غالبه الاعم ولا بد من مواجهته ونقده وتعريته وطرح بدائل له تعبر عن شخصية سودانية لها القدرة على استيعاب واحترام بل وتطوير التنوع الثقافي والاجتماعي والاثني والديني السودانية ليصبح مصدر قوة ووحدة في اطار انساني يحقق الصالح العام للوطن والمواطن ..
لم يسقط الحلنقي في شخصه وانما تسقط الان الاقنعة التى كانت تداري الوجه الكالح لهذه الثقافة ولهذا المجتمع وتسقط ورقة التوت التي لطالما كانت تداري عورة التعليم الوطني والتاريخ الموجه لخدمة اغراض محددة ..
لن تضير عنصرية الحلنقي وغيره ابناء السودان في جنوبه وانما ستضيرنا نحن ، تضيرنا في وعينا بالاحداث وفي مدى تفاعلنا مع الاحداث وفي كيفية قرأتنا للأحداث .. لذلك لا بد من الاعتراف حتى وان كان قاسيا" بأن كل مظاهر العنصرية في مجتمعنا مردها ليس الي هذا الفرد او ذاك بل الي نمط وسلوك حياتي خاطئ تم زرعه وتلقينه عبر ادوات عديدة اعلامية ودينية وتعليمية ...الخ من مجالات الفاعلية الانسانية بالسودان..

وائل عبدالخالق مالك