أزمةُ خَيــال !

أزمةُ خَيــال !


09-21-2014, 09:01 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=470&msg=1411286514&rn=2


Post: #1
Title: أزمةُ خَيــال !
Author: shazaly gafar
Date: 09-21-2014, 09:01 AM
Parent: #0

أزمةُ خَيــال !
شاذلي جعفر شقَّاق
mailto:[email protected][email protected]

كلمةُ (خيال) المُستأجِرة بيتَ المُضاف إليه في العنوان أعلاه ؛ ليست قيمةً مُضافةً لسلعةٍ مُلقاةٍ على قارعة الطريق لمعنى إيحائي خالي من (ديوكسين ) الفساد اللُّغوي أو (بروميد) الصمت العقيم ..إنَّما أعنيها لذاتها كرُكنٍ أساسيٍّ من أركان العمل الإبداعيٍّ في شتَّى مناحي الحياة بما فيها المخترعات والمبتكرات الحديثة على المستوى العلمي والأدبي ! فإنْ خاصَرها عُشَّاقُ الأدبِ إلى حديقة النقد الناضرة ؛ أصبحتْ عُنصراً رئيساً لا يتحقَّق بدونه التجاوز والأصالة الفنيَّة والانعتاق نحو الجديد أو المتجدِّد ، بل ربَّما قدَّموا وجوده على العقل كما قرَّر عبَّاس محمد العقَّاد : (وقد خلق الخيال الأوّلى قبل أن يخلق العقل ثم جاء العقل ليتمِّمه ويأخذ منه لا ليلغيه وبصمّ دونه أذْنيْه !) أو كما قال في موضعٍ آخر : (النظر إلى الدنيا لن يتَّسع ولن يتَّضح ولن يكمل إلاَّ بخيالٍ كبيرٍ يستوعب ما يراه ويقيس ما غاب على ما حضر وما يمكن على ما أمكن وما يتمخَّض عنه المستقبل على ما درج فى ألفاف الزمان ).. بل قسَّم الخيال إلى جيِّد وفاسد ، وهذا الأخير –في نظرته - لا يعدو كونه أوهام (حشّاشين) ! وعلى ذكر هؤلاء المتقوِّلين على (الخيال) ..فما ارتباط هذا التقوُّل بذهن المتلقِّي أو الشفاهية ؛ سيَّما الهزلية منها – في بلادنا – إلاَّ محاولةٌ لنسبةِ الخيال إلى غير نسبه الحقيقي ، إنَّما إلى المُتخيَّل أو المُتوهَّم ! وقد سمعتُ الشيخ الجليل الراحل المُقيم محمد سيِّد حاج (رحمه الله رحمةً واسعة وأدخله وارِف جنَّاته مع الصديقين والشهداء وحسُن أولئك رفيقاً) في إحدى محاضراته عن المخدِّرات وآثارها على الشباب يُشير إلى (خيال مآتة )هذا الفهم السقيم وهو يروي عن رواة المُلح والطرائف أن (مسطولاً) احتضن زيراً مُترعاً بالماء الزلال ذات ظهيرة غائظة وهو يقول - أي المسطول – مخاطباً الزير البارد : ( ووووووووين يا مرطِّب ) ؟! الخيال الذي نُريد هو قراءة الواقع قراءة مُحايدة لا يخالطها تلقينُ وصاية أو ايعاذ بتعويذات منفعية آنية تحجب الضوء عن نظر الحقيقة أو مُكابرة رعناء لا تخشى في الباطل لومةَ لائم ..خيالٌ لا تحجِّمه نظرةٌ ضيِّقةٌ أو تقعُد به أيدولوجيا مُنطَلَقُها مجابهة الإبداع .. خيالٌ ينضح قراءةً وفراسةً وكياسةً تكون (أدويتُه) في حجم (أدواءِه).. تضع واقع وآمال وآلام الشعب نُصْبَ عيْنيها وذلك بوضع الصدق والشفافية موضع الدَّجل والطَّلْسمة .. بوضع الحرف المناسب في المكان المناسب ..وبالتالي اللسان المناسب في الفم المناسب و القدم المناسب للخطوة المناسبة وتوخِّى حذَر متابعة الأثر وما يحيط بالطرقات من سهول ونجاد ووهاد و تقدير تداخلات النهارات بالليالي والاستقامة بالضلال ، الشَّمَم والإباء بالملَق والمُداهنة .. ليس لغرض القراءة كفعل تنظيري ولكن لاستشراف المآلات المتوقعة في أحسن وأسوأ الفروض .. لتأمل ملامح الغد الذي بلا شك سيكون ابناً شرعياً أو غير شرعيٍّ من نطفة اليوم أو الأمس ! فإذا نظرنا إلى الخيال – إنْ وُجِد – الذي تُدار به الدفَّة السياسية ؛ فإنَّنا واجدوه لا محالة مُقْعَداً كسيحاً ، هذا إذا لم يكن مُعَطَّلاً عن الفعل أو ليس له محل من الإعراب في جُملة العجز المبتورة وفاعلها المخفوض بعلامة (نقيض الإنجاز) ! أو ربما لم تجد له دَرْساً أو طَلَلاً مثل غياب رُبعٍ كاملٍ من مساحة المليون ميل مربَّع لأكبر قُطر في إفريقيا إسمه (السودان) في غفلة من عمر الاستكانة وسُهوم الخيال وخدَرِه غير اللذيذ ! وإذا نظرنا إلى الخيال – إنْ وُجد – الذي تُدفَع به عجلة الاقتصاد المعطوبة ؛ لوجدنا أنفُسَنا في وادٍ غير ذي زرع – رغم تربته الودود الولود – إلاَّ أنَّه عاقرُ الرَّجاء في زمْزم الفرَج ، ما دامت أفئدةٌ من خيرة بنيه تهفو إلى رمضاء الشتات والنَّوى من ناره التي لا تبقي ولا تذر ! وإذا وقفنا لدى التعامل البائس الذي جعل من الشعب (الفضل) كومةً (فوق تحيَّة) بحيث لا تُوجَد منطقةٌ وسطى ما بين الجنَّةِ والنار ؛ لوجدناه – أي ما تبقى من الشعب – مَلقيَّاً في جُبِّ النسيان والفقر والكفاف والجهل والمرض مع سبْق الإصرار والترصُّد استناداً إلى قاعدة تمكينيَّة بالية :( جوِّع ######ك يتبعك) ولكن الأدهى والأمر أنه كلَّما تجلَّد المغلوب على أمرهم وعضّوا على نواجذ الصبر ؛ زادهم بؤساً على بؤسهم وأذاقهم ألواناً من العذاب جديدة ، ولسان حالهم يردِّد : جُزينا كما جُزي سِنَّمار ! وإذا نظرنا إلى الخيال – إن وُجد- الذي يبوصل الحركة الثقافية والفنية ؛ نجده أبعد ما يكون عن حقله المناط به فلاحة أرضه والعناية بثمارها .. نعم أبعد ما يكون إلاَّ في حدود الانضواء تحت أو الانزواء عن ..فما ضرَّه – إذنْ- إنْ صودرت أقلام الوعي لصالح الاستكانة وزُفَّتْ قراطيس الغفلة لأدعياء الحرْف .. ما ضرَّه إنْ تجوَّل مبدعو بلاده أحقَّ الناس بالقراءة داخل أروقة معرض الكتاب الدَّولي يستبدلون الذي أولى (الرغيف) بالذي هو أولى غذاء الفكر ! وإذا نظرنا ..وإذا نظرنا ..وإذا لم ننظر ولم نسمع ولم نتكلَّم فإنَّ المستقبل الإبداعي دائماً رهين الخيال حتى يقيِّض اللهُ له صبحاً أبلجاً ،تنثر فيه شمسُه جدائلها الذهبية على الهام الشُّعْثِ والوجوه الكالحات !!



الأيام – اليوم الأحد 21/9/2014م

Post: #2
Title: Re: أزمةُ خَيــال !
Author: محمد الكامل عبد الحليم
Date: 09-21-2014, 06:26 PM
Parent: #1

تحية


جميل يا شاذلي ان توقظ حاسة الانتباه الي مصدر من مصادر الالهام..

انحطاط الواقع دليل انخفاض السقوف الفكرية...يحدث عمدا مع سبق الاصرار...تهرب الافكار شاردة في لواذ الي عالم يقتفي فيه المرء اثار المعني والقصيد..الخيال ولد حرا وليس محايدا...يسكن الانعتاق في الخيال...تتجمد اللحظة في الجموح الذي يشد اوصال الاجنحة للتحليق...عابرة خطوط الطول متمددة بعد خطوط العرض...

كلام انيق يا شاذلي يدعو للتأمل الراكز المستبصر...ويدعو الي انتظار حروفك الباذخة..

Post: #3
Title: Re: أزمةُ خَيــال !
Author: shazaly gafar
Date: 09-22-2014, 06:01 PM

مرحباً .. الأخ محمد الكامل
الأجمل أن تمر من هنــا وتُجيل ناظريْك الحاذقين في قليل إفادة عن موضوع كبير تتوقَّف عليه - وللأسف- انطلاقة عجلة حياتنا والتي تفرْفِر
كزرزور في ايد (شُفَّع) ..أو تحت عناية مَن على أعينهم غشاوة وفي قلوبهم وقْر ولكنهم يفتقرون للخيال !
شكراً نميراً