صحيفة اليوم التالي: الهجوم على على مقر (التيار) يسوق الخرطوم للعهد الداعشي

صحيفة اليوم التالي: الهجوم على على مقر (التيار) يسوق الخرطوم للعهد الداعشي


07-21-2014, 00:36 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=470&msg=1405899418&rn=0


Post: #1
Title: صحيفة اليوم التالي: الهجوم على على مقر (التيار) يسوق الخرطوم للعهد الداعشي
Author: مهدي صلاح
Date: 07-21-2014, 00:36 AM

على مهل وإهمال، يقتحم ملثمون مقرا ما في ناحية من نواحي الأرض، يعتدون على أهله بالهراوات و"دبشك" بنادقهم ويجردونهم من مقتنياتهم الخاصة مع توزيع الشتائم، يسألون بأصوات زاجرة عن رجل بعينه ليخصونه بالضرب ثم يتركونه طريحا على دمائه مغشيا عليه ويلوذون بالفرار. ربما يصعب على أي أحد تصور أن هذا الأمر شهدته قلب العاصمة الخرطوم وليس موصل داعش، وتحديدا مقر صحيفة (التيار) الذي كان رئيسها عثمان ميرغني هو ذلك الرجل المغمى عليه، ليس بسبب ضربه بقدر الهول الذي اعتراه مما رأت عيناه وهو في خلاصته "انفلات أمني"، كما يقول أحد الصحفيين.
لم تكن المرة الأولى التي يتم الاعتداء فيها على صحفي، لكنها كانت الأولى التي يتم فيها مثل هذا الاعتداء على صحفيين داخل مقر صحيفتهم بمثل هذا الأسلوب المسلح. فحتى الشهيد محمد طه محمد أحمد اغتيل غدرا وغيلة بعد خطفه ليلا من منزله، لكن مع (التيار) لم يتورع الجناة من اقتحامها جهارا نهارا وهم يستقلون سيارتي دفع رباعي "تاتشر" مجردة من أية لوحات تدل على هوية أصحابها، تماما كما كانت وجوههم الملثمة.
وما يزيد من الريبة أن الدوافع حتى هذه اللحظة تخضع لعدة احتمالات أي منها لا يسنده المنطق. فالاستيلاء على أجهزة الحاسوب والهواتف النقالة الخاصة بالصحفيين يشي بأن دافع الاعتداء هو السرقة، لكن هذا الاحتمال يسقط عندما تعرف أن قيمة المسروقات مجتمعة أقل بكثير من إطار واحد من الإطارات الثمانية للسيارتين اللتين تقارب قيمتهما 2 مليار دع عنك قيمة الأسلحة!
حسنا، لم يكن الدافع السرقة، بل ربما كان معاقبة عثمان ميرغني على ما كتبه في زاويته اليومية قبل أيام منتقدا استراتيجية الدول العربية في التعامل مع القضية الفلسطينية وتنبيهه، لأن قوة إسرائيل تأتي من كونها دولة مؤسسات وعدالة، بينما بلداننا يحتلها الفساد. وما يعزز هذا الاحتمال أن المعتدين حذروا صحفيي (التيار) من الكتابة بشكل سلبي عن حركة حماس والهجوم الذي يتعرض له قطاع غزة، كما تناثرت روايات بعضهم.
وبالطبع لا يمكن إغفال أن ما قاله ميرغني سبقه إليه كتاب في مختلف البلدان العربية بمن فيهم الفلسطينيون، ولا يحمل أي قدر من الاستفزاز لجماعات إسلامية متشددة يدفعها لارتكاب فعلتها هذه. لكن الأهم أن التلويح بالقضية الفلسطينية ربما يكون مجرد تغطية للدافع الحقيقي، تماما كما كانت سرقة الهواتف النقالة مجرد تغطية.
وبغض النظر عن الاحتمالين، سواء السرقة أو نصرة غزة بالطريقة التي يفهمها المعتدون، فإن الخلاصة واحدة هي أن الأمن لم يكن مستتبا، ليس للصحف وصحفييها فحسب، فمثل هذا الهجوم ربما كان يمكن أن يكون من نصيب أحد البنوك أو الشركات أو السفارات التي يعج بها شارع البلدية المحاذي لمقر الصحيفة، دعك من بقية شوارع العاصمة.
وبالتأكيد سيكون الضغط كبيرا على الأجهزة الأمنية لإثبات أن العاصمة مؤمنة، ليس بإلقاء القبض على الجناة وتقديمهم للعدالة وتنفيذ حد الحرابة الذي تتطابق شروطه مع فعلهم، بل بوضع خطط أمنية جديدة تراعي مثل هذه السابقة طالما أنه لم يعد مأمونا ممارسة أي شخص لعمله بشكل طبيعي في المكان الطبيعي.