تصبحون علي وطن ... من سرق امسي ..

تصبحون علي وطن ....
لم يكن هو ذا الحلم ،كانت في البال اغنية غير ذي المراثي،وفي الحلم صباحات نضرة،واناشيد مجيده.
في المدينة القريبة منا،كنا قبل مائة عام الا قليلا بخير،المستشفي المغسول بالديتول،المشيد ليبقي ويهب العافية والشفاء،عنابره المتينة ،المرتبة المنظمه،عياداته،معمله،ونظام عمله،،كل ذا سبق وان اقام هنا قبل قرن الا قليلا..
ليس بعيدا من هنا،المدرسة العريقة الباذخه،بفصولها،معامل علومها وفنونها،داخلياتها المهيبه،،سفرة طعامها الانيقه،مسرحها الزاهي المضئ،ميادين الرياضه،الحدائق،الاشجار والازهار،بيوت المعلمين الزاهية،كل ذا شيد ليبقي،منارة وعلامة..
حين ذهبت الي المدرسة قبل فترة،لم اجدها،نعم لم اجدها،كانت الابنية قد ادركها الخراب،ونسي ان كان هنا صرح مهيب،الصرح الذي كان قد اشعل فتيل المعارف في الانحاء.
عبرت علي محطة القطار ،وبيوتها،وجدتها قد صارت مسكنا لكلاب تائهة،القطار نفسه لم يعد ياتي،وخرست صافرته التي طالما اثارت لدينا الاشجان والحنين.
السوق القديم،صارت برندات متاجره ملاذا للحيوانات،وكذا مكتب البريد،اما الري بمكاتبه الشامخه،بيوته الزاهيه،حدائقه ونوافيره،فتلك قصة اخري ،تقودنا لكيان اخر،يمثل عصب الحياة ،روحها ومعناها،مشروع الجزيرة،الذي بقدرة قوة غامضه اختفت كل كياناته،تجاربا وبحوثا،هندسة وفباركا،سكك حديدا وقناطرا ومحالجا،سرايا ومكاتبا..جاء بلدوزر خراب مسعور ومحا كل ذا،واراد له ان يسقط في بئر النسيان والعدم..
تاخذني الحيرة ،وتاكلني الحسرة،ما القصد من كل هذا،لماذا حتي المستشفي الذي شيد ليبقي ،يراد له ان يتشكل ليرحل،لماذا يهزمون الحياة التي كانت هنا ،قبل قرن،،وكانما يهئيوننا للرحيل.
لم يعد هناك ما يشعل التوق والحنين،حتي الغابة التي صمدت اشجارها امام الفؤس ،هاهم يجندلون اشجارها،،يعدونها قربانا لسيد جديد.
هناك من يريد ان يطمس في دواخلنا ذلك الوطن الجميل،،،ولكن هيهات،وتصبحون علي وطن.

الأخ / عبد العزيز .. لك التحية والود

ما عبرت عنه في هذا البوست تعاني منه كل قرية من قرى السودان وكل مدينة .. وكأنما هناك قوة خفية
تريد أن تطمس معالم حياتنا التي قمنا عليها وترعرعنا فيها قد صرحوا مراراً وتكراراً بأن من أهدافهم
إعادة صياغة الإنسان السوداني لكن هيهات .. هيهات ..
لقد أعجبي هذا التساؤل المر : لماذا يهزمون الحياة ؟؟؟