Post: #1
Title: يوم وضعت مع بله الغايب في زنزانة واحدة ...
Author: كمال علي الزين
Date: 07-10-2014, 04:23 PM
(.) الزمان :11 سبتمبر 1992---- المكان :معتقلات جهاز الأمن بمبنى مديرية الخرطوم سابقاً
|
Post: #2
Title: Re: يوم وضعت مع بله الغايب في زنزانة واحدة ...
Author: كمال علي الزين
Date: 07-11-2014, 00:22 AM
Parent: #1
(.) كانوا ثلاثة .... و رابعهم كنت ... علي و الشفيع و أخيه ... كنت حينها في الصف الاول الثانوي ... اودعنا جميعنا بزنزانة مظلمة بمبنى مديرية الخرطوم ، خلف محكمة الخرطوم شمال ، تم اقتيادنا مكبلين في ساعة متأخرة من مساء الخميس الموافق 11/9/1992 ، كانت الاتهام الموجه لنا هو (اننا ضد التوجه الحضاري والإسلامي للدولة )، تهمة فضفاضة جداً، كنت في الخامسة عشر من عمري ، ... كان في الخمسين من عمره تنقص قليلاً او تزيد ، هكذا قدرت له حين رايته اول مرة ، بعد ان فتحت أبواب الزنزانة وتم الزج به بعنف ليسقط بالقرب من قدمي في تلك الليلة المظلمة ، وهذه الحقبة المظلمة من تاريخ السودان ...
|
Post: #3
Title: Re: يوم وضعت مع بله الغايب في زنزانة واحدة ...
Author: يوسف أبو صالح
Date: 07-11-2014, 07:36 AM
Parent: #1
#
|
Post: #4
Title: Re: يوم وضعت مع بله الغايب في زنزانة واحدة ...
Author: الصادق صديق سلمان
Date: 07-11-2014, 08:29 AM
Parent: #3
اها
|
Post: #5
Title: Re: يوم وضعت مع بله الغايب في زنزانة واحدة ...
Author: محمد عثمان الحاج
Date: 07-12-2014, 11:28 AM
Parent: #4
العزيز كمال علي الزين، أن تدخل الززانة بتهمة سياسية في سن الخامسة عشرة في تلك الأيام لابد أنها كانت تجربة مهولة، وحين يشاركك الزنزانة شخص قيل أن سبب شهرته أنه حين اعتقله نظام تميري كان باب الزانزانة يفتح له بواسطة قوة خارقة للطبيعة فبدأت شهرته بسبب ذلك فلاشك أن شهادتك عن قرب ستكون مهمة! آمل أن تتابع!
|
Post: #6
Title: Re: يوم وضعت مع بله الغايب في زنزانة واحدة ...
Author: كمال علي الزين
Date: 07-13-2014, 01:42 AM
Parent: #5
(.) الاخوة يوسف - الصادق ...عذراً على التأخير ... سأعود حالما يتيسر لي وقت للمواصلة
|
Post: #7
Title: Re: يوم وضعت مع بله الغايب في زنزانة واحدة ...
Author: كمال علي الزين
Date: 07-20-2014, 08:14 PM
Parent: #6
(1) الطريق إلى المعتقل :
نهبت العربة الأرض , بإتجاه قلب الخرطوم
تلفت , على يميني الشفيع الطيب يوسف
إلى يمينه شقيقه لينين الطيب يوسف , على يساري شاب آخر علمت في مابعد
أن أسمه علي وشهرته ( بطة ) , ( بطة ) كان أسداً , في حقيقة الأمر
عصبوا أعيننا , رموا بنا داخل حوش كبير , تتوسطه شجرة ضخمة
وبدأؤا في إستجوابنا , في ذلك الصباح الباكر
قبلها بساعة
كنت أغط في نوم عميق , قطعه صوت طرقات على الباب
فتحه والدي , ليفاجأ بعربة ( بوكس ) وعددامن الرجال بلباس مدني
لكنهم مدججين بالسلاح ,
أخذوني ..
رموا بي في مؤخرة البوكس بين سيقان الرفاق ..
ومضوا ..
بنا ..
|
Post: #8
Title: Re: يوم وضعت مع بله الغايب في زنزانة واحدة ...
Author: كمال علي الزين
Date: 07-20-2014, 08:16 PM
Parent: #7
(2) بدأؤا بضربنا ..
وأستفزازنا ..
كان الشفيع نحيلاً .. ضئيل الحجم أمام هؤلاء العتاة
لكنه ربما كان أشجع من رأت عيني ..
على ( بطة ) كان قلبه قلب أسد ..
لم أعرف لماذا يكنى ببطة ..
لم تكن له علاقة بالبط ..
لينين كانت مصيبته هي إسمه ..
كان هادئاً خجولاً ..
لكنهم مايكادون يسمعون إسمه ..
حتى ينشغلون عنا بضربه وركله ..
الشفيع لم يكن يتعاطى أي نوع من المكيفات
لكنهم أجبروه على شرب كوب كامل من ( العماري الجيد) بعد أن خلطوه بعدة أشياء قذرة لم نعلمها
توعك , ووهن جسمه , وغب عن الوعي ..
لينين ظل يدفع ثمن إسمه , ضرباً وركلاً
كان أكثر حظاً من أخيه الشفيع فقد أجبروه على أكل ( حلة رز بلبن ) تكفي لإطعام كتيبة من العسس
وعلى ذكر العسس
فقد كانوا مأئة أو أكثر
معهم ضابطاً واحداً
ثم بدأؤا في عزلنا في زنازين منفردة
دخلناها ولم نكن نستطيع رؤية مابين أقدامنا ..
كانت الأرضية رطبة
كنا حفاةً
وكان الشتاء قاسياً ذلك العام
أغلقوها علينا
لم تمضي ساعة
حتى أُذن للفجر ..!
كنا عشرات من الشباب , من مختلف أنحاء العاصمة , لا نعرف بعضنا البعض , كان شريك زنزانتي شاب
من الديم , نسيت إسمه الآن , ضربوه حتى غاب الوعي , سحبوه إلى الخارج , ورأسه يقطر دماً , ظللت
وحيداً , لساعات , حتى جاءني أحدهم , جرني نحو الخارج , هذه المرة كانت الزنزانة أكثر إتساعاً ,
وجدت بداخلها رفقائي الثلاثة , مستلقون على أرضها الرطبة , وقد تملكهم الإعياء . .. !
لم يقوى أحدنا على الحديث , خيم الصمت لساعات , حتى جاءنا أحدهم , يأمرنا بالخروج إلى الفناء
الكبير , قادونا إلى المغسلة , أمرونا بالصلاة , إختار أحدهم ( لينين ) وهو يسخر من إسمه ..
ليكون إمامنا ... !
|
Post: #9
Title: Re: يوم وضعت مع بله الغايب في زنزانة واحدة ...
Author: كمال علي الزين
Date: 07-20-2014, 08:21 PM
Parent: #8
(1)كنا عشرات من الشباب , من مختلف أنحاء العاصمة , لا نعرف بعضنا البعض , كان شريك زنزانتي شاب
من الديم , نسيت إسمه الآن , ضربوه حتى غاب الوعي , سحبوه إلى الخارج , ورأسه يقطر دماً , ظللت
وحيداً , لساعات , حتى جاءني أحدهم , جرني نحو الخارج , هذه المرة كانت الزنزانة أكثر إتساعاً ,
وجدت بداخلها رفقائي الثلاثة , مستلقون على أرضها الرطبة , وقد تملكهم الإعياء . .. !
لم يقوى أحدنا على الحديث , خيم الصمت لساعات , حتى جاءنا أحدهم , يأمرنا بالخروج إلى الفناء
الكبير , قادونا إلى المغسلة , أمرونا بالصلاة , إختار أحدهم ( لينين ) وهو يسخر من إسمه ..
ليكون إمامنا ... !
أدينا صلاة الصبح خلف إمامنا ( لينين )
ثم بعدها طلبوا من ( لينين) أن يكتب طلباً يقدمه للمحكمة ليغير إسمه تماشياً مع ( التوجه
الحضاري ) ..
رفض ( لينين ) في شجاعة وكبرياء ..
جاءنا أحدهم , هازئاً يسأل في تهكم :
إنتو ياجماعة ماعايزين تختونا ؟؟؟
علمت أنه يدعى ( حاتم كرار ) وهو شقيق ( صلاح كرار ) الإنقاذي السابق ,
حاولو تجنيدنا للعمل معهم ..
والتجسس على بعضنا البعض ..
بعضنا سقط وفعلها , والآن يلبس البدلة الإشتراكية المميزة للكيزان ويتحدث مثلهم
توهم أحدهم أن بإمكانه تجنيد ( الشفيع ) نفسه , كانت فكرية تثير السخرية ,
وللشفيع معهم قصة
سوف نأتي على ذكرها ..!
( تشتغل معانا؟؟)
فاجئني بها أحدهم , يبدو أنه كان الأعلى رتبة ,
صمت وأنا أعجب لأمرهم , كيف يريدني أن أعمل معهم
وهو يعرف أنني أكثر الناس بغضاً لهم ولمشروعهم الحضاري ,
لما طال صمتي باغتني قائلاً :
الشفيع زاتو حايشتغل معانا ... أطلقوا سراحنا .. بعد كتابة تعهدات بعدم ممارسة أي عمل سياسي معادي لهم ..
ثم أعطوني أيام للمجئ بقدمي لمقابلة أحد ضباطهم .. كان يوم الإثنين من كل إسبوع ..
كان الضابط يدعي أن إسمه موسى على الحسن .. لم أتأكد من صحة الإسم .. بعدها كان يصر على
مقابلتي في مكان عام ...
كان الحديث جله يدور حول إمكانية العمل معهم ..
داومت على مقابلته إسبوعان ..
وتغيبت في الثالث ..
مللت مراوغته ..
فعادوا لإعتقالي مرة أخرى ..
|
Post: #10
Title: Re: يوم وضعت مع بله الغايب في زنزانة واحدة ...
Author: كمال علي الزين
Date: 07-20-2014, 08:25 PM
Parent: #9
(*)
في حضرة الشيخ (بله الغائب ):
بعد أن ألقوا به بين أرجلنا ... تمعنت بالوافد الجديد ... كان غريب الأطوار , يدعي أنه شيخ وولي من أولياء الله , يعالج ما
أستعصى على الأطباء من الأمراض , بقراءة القرآن في لمح البصر , كان في العقد الخامس من العمر
جاءوا به , على غير عادة المعتقلين , نظيفاً لامعاً , عطره يملأ المكان ,
سألته عن إسمه ,أجابني أنه : بلة الغائب
بلة صار حاضراً اليوم بقوة الأمن الجبرية ..
صادف (دجل ) بلة الغائب ( وشعوذته ) هوى في نفوس الكيزان , فبعد ساعات من الإستجواب
صاروا يعاملونه معاملة خاصة , ويقبلون أياديه , بلة كان يتحدث بلسان غير لسان الدعاة
والعارفين , كان يتحدث كأنه ( أحد أطفال الشوارع ) الذين نسميهم في السودان ( شماسة )
بلة الغائب كان شماسي نظيف , يدعي التصوف ..
سألني : من وين الأخ ؟؟
أجبته : سوداني ..
أجابني : عارفك سوداني , أهلك من وين ؟؟
تجاهلته , إلى أنه عاد يحدثني , متحمساً :
يازول أمرقك معاي ..؟؟
أجبته : شكراً ياخوي ..
رد وقد بدأ يغضب :
إنتا يازول ماتؤمن بي أولياء الله الصالحين ؟؟
أجبته :
أنا جدي الشيخ ( أب شرة ) كان بنفعوا كان نفعوني ..
دهشت حين أقبل نحوي :
وقبل يدي ..
إلتف جميع أفراد الأمن حول الشيخ / بلة الغائب ..
يلتمسون البركة ..
دخل بلة الغائب المعتقل , مغضوباً عليه ..
وخرج منه وهو فكي ومبروك ..
يلتمسون منه الدعاء له ..
غادرنا بعد أن دعى لنا :
ربنا يهديكم ياوليداتي ..
ووعد بأنه سيوصي علينا ..
يتبع ...
|
|