قضية الفتاة المرتدة وإصلاح القوانين السودانية …محجوب محمد صالح

قضية الفتاة المرتدة وإصلاح القوانين السودانية …محجوب محمد صالح


06-06-2014, 08:53 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=470&msg=1402041224&rn=0


Post: #1
Title: قضية الفتاة المرتدة وإصلاح القوانين السودانية …محجوب محمد صالح
Author: د.محمد بابكر
Date: 06-06-2014, 08:53 AM

Quote: قضية الفتاة المرتدة وإصلاح القوانين السودانية
محجوب محمد صالح
إلى أن يصدر قرار محكمة الاستئناف في قضية الحكم بإعدام مواطنة سودانية إثر إدانتها بجريمة الردة حسب منطوق المادة 126 من القانون الجنائي السوداني فإن الضغوط العالمية ضد السودان ستتواصل، وستجد السفارات السودانية في الخارج نفسها محاصرة بالإعلام المعادي وبغضبة شعبية وبتهديد بإجراءات رسمية تؤدي لإغلاق تلك السفارات وإبعاد منسوبيها من أراضي تلك الدول، وستتواصل الحملة ضد السودان بسبب الحكم الذي أصدرته محكمة هي أول درجة في التقاضي إلى أن يصدر لاحقاً حكم يلغي الحكم الأول والمحكمة نفسها كانت ملزمة بتطبيق القانون وفق رؤيتها له.
المشكلة إذن ليست في المحكمة وليست في الحكم الذي صدر بموجب مادة في القانون الجنائي، بل المشكلة أساساً في وجود هذه المادة بصيغتها الحالية في منظومة القوانين السودانية، ووجود أي مادة في القانون هو في الأساس قرار سياسي، فالمادة القانونية يقترحها الجهاز التنفيذي (الحكومة) ويجيزها الجهاز التشريعي (البرلمان) وتظل بعد سنها واجبة النفاذ أمام المحاكم؛ ولذلك فإن أي تبرير من جانب الحكومة بأن القضية ليست سياسية بل هي قضية قانونية بحتة دفاع لا يقنع أحداً؛ لأن تضمين هذه المادة بنصها الحالي في القانون قرار سياسي في المقام الأول، وإذا عولجت هذه القضية اليوم معالجة قانونية و(ألغى) الاستئناف الحكم الحالي فإن نفس الحكم قد يتكرر لاحقاً في قضية أخرى ما دامت هذه المادة بنصها موجودة في القانون.
وقد نجحت الأزمة الحالية في تسليط الضوء على هذه المادة لأسباب عديدة، خاصة أن المتهمة امرأة حبلى في شهرها الثامن (وقد وضعت الآن مولودها) وهي أم لطفلة سابقة رضيعة في عامها الثاني، وهذا الجانب الإنساني زاد من حدة ردود الفعل العالمية حول مادة قانونية هي في المقام الأول كانت مكان جدل وخلاف بين علماء المسلمين، وتحيط بها شكوك فقهية وأفكار متعارضة، إضافة لكونها تتعارض مع مواد دستورية يتضمنها دستور السودان الحالي ومواثيق عالمية صدق عليها السودان وأصبحت جزءاً من دستوره، وهذا مصدر طعن حتى بالنسبة للقضية الحالية وهو طعن متاح للدفاع إذا ما قرر أن يلجأ للمحكمة الدستورية مطالباً بإبطال هذه المادة لتعارضها مع الدستور السوداني.
لا شك أن الأزمة الحالية ستعالج في إطارها القانوني عبر مراحل الاستئناف وأكبر الظن أن الحكم الابتدائي ستلغيه محكمة الاستئناف، لكن ذلك لن يكون نهاية المطاف بالنسبة لهذه القضية، وحلها الجذري يكمن في إعادة النظر في المادة الحالية في القانون التي أدخلت البلاد في هذه الأزمة وفرضت حالة الحصار التي يعيشها السودان الآن؛ ولذلك فإن الحكومة مطالبة والبرلمان مطالب بالإقدام على هذه المعالجة الجذرية لهذه المادة التي أثارت جدلاً من قبل واختلف حولها الرأي الشرعي، ولكنها وجدت طريقها بنصها الحالي إلى منظومة القوانين، وإعادة النظر في هذه المادة ينبغي أن يصبح مدخلاً لإعادة النظر في كل المواد المنثورة في القوانين السودانية والمناقضة للقواعد الواردة في الدستور الانتقالي، وتعديل تلك القوانين التزام دخلت فيه الحكومة قبل سنوات ونصت عليه اتفاقية السلام الشامل، وأعلنت وزارة العدل قبل سنوات عديدة أنها تعمل على تعديل القوانين المتعارضة مع الدستور، ولكنها لم تفعل شيئاً في هذا الصدد، وما دامت الأزمة الراهنة حول مادة الردة قد فتحت هذا الملف فلا بد من الدخول في مرحلة الإصلاح الشامل للقوانين المتعارضة مع الدستور الحالي، والتبرير الذي تكرره الحكومة من أن القضية قانونية بحتة لا يقنع أحداً فسَنّ القوانين وراءه إرادة سياسية، والإرادة السياسية هي التي وضعت هذه المادة بصيغتها الحالية في منظومة القوانين السودانية وهذه هي الحقيقة التي تجب مواجهتها.
الوضع في السودان يحتاج لكثير من المراجعات، ولكن مراجعة القوانين تستحق الأولوية لأن العديد من أزمات السودان -اليوم– ليست أزمة قضية الردة وحدها بل سببها قوانين لا تتماشى لا مع الدستور ولا مع وثائق حقوق الإنسان التي صدقت عليها الحكومة والتزمت بها على المستوى الإقليمي والمستوى العالمي.
محجوب محمد صالح
كاتب سوداني
[email protected]

Post: #2
Title: Re: قضية الفتاة المرتدة وإصلاح القوانين السودانية …محجوب محمد صالح
Author: Yasir Elsharif
Date: 06-06-2014, 10:32 AM
Parent: #1

مقال في الصميم..

ليت سلطة الإنقاذ تستمع لمثل هذه النصائح من العقلاء..

شكرا د. محمد بابكر