Post: #1
Title: توأمان سياميان
Author: Osman M Salih
Date: 05-26-2014, 03:25 PM
توأمان سياميان ---------------
ختمتُ " إلى صديقةٍ واسعةِ الحيلة"، وهو عمل أردته شتلة صغيرة في باحة ذكر مناقب صديقة أقيمت لها مراسم التشييع تامة، ختمتُه بمشهد تلك الصديقة في مخدعها حيث تعتني بدميتها التي تشبهها وتلازمها منذ الطفولة : حزمتْ للدمية شعرها في ضفيرة مفردة بلغت الخصر، ثم خلعتْ عليها من الثياب الغوامض اللمعان، وبلغتْ الذروة من العناية بالطِيب فأكثرت منه قبل أن تنسلّ كماتنسلّ الشعرة من العجين، تاركة الدمية طريحة الفراش مطوّقة بالموت - حسنة الزينة ولكن بادية الكلال بعد انسلال صاحبتها انسلالاً أشد ايلاماً من عمل مبضع يفصل بين توأمين سياميين. وكمايحدث في عمليات الفصل تلك، حيث لاتخرج الاحتمالات عن ثلاثة، فإنّ الموت قد اكتفى في مخدع صديقتي بمن رآها فيه وهي الدمية منجذباً لطيبها ومأخوذاً ببريق ثيابها الذي أعماه عن رؤية صاحبة الدمية وهي تنسلّ دون أن تُلحَظ لتمكّن شحوب الأشباح منها.
عثمان محمد صالح، 25-05-2014
|
Post: #2
Title: Re: توأمان سياميان
Author: Osman M Salih
Date: 05-26-2014, 03:42 PM
Parent: #1
إلى صديقة واسعة الحيلة -------------------------
لمّا استيقن الموت من هشاشة رماحه، صار مصّاصاًً للدماء. لذا اعتراكِ في أيامك ِالأخيرة بيننا شحوب الأشباح.
ألقيتُ عليكِ نظرة الوداع في النعشِ. طِيبكِ كان هناك، كفّاكِِ المعقودتان، ثيابكِ، حذاؤكِ، ابتسامتكِ ، جديلتك المنسدلة إلى الخصر ، وذاك الهدوء المعشعش في طمأنينة النعش.
بمشقةٍ باديةٍ للعيان خطا زوجكِ إلى المنصّة يتلو عليها كلمة من ورقة مبلّلة، لكنكِ لم تكوني هناك، وتلك المسبلة الجفنين لم تكن سوى دمية باسلة من بنات حيلك العديدة ضد الموت، تشبهكِ، ترافقكِ منذ الطفولة، تطعم سرّاً وتشرب سرّاً وتكبر سرّاً وتبلغ مبلغ النساء وتحلم بالفارس يأتي من بعيد ويختطفها من قلعة في مستودع البيت أسوارها الشاهقة من الكرتون، ثمّ ينطلق بها عبر البراري والجبال والقفارعلى صهوة جواد قماشي مزركش الألوان محشوّ بالقطن، وحزمتي لها شعرها في جديلة واحدة، ثمّ ألبستيها من ثياب يخطف لمعانها المستعار من عالم آخر الأبصار فتتوه عنكِ، ثمّ أفضتِ عليها من الطيب قبل أن تنسّلّي تاركةًً إياها ممدّدة في مخدعكِ كماتمدّد من قبل عليّ بن أبي طالب، محبّ الرسول اليتيم، على الفِراش المطوّق بسيوف القبائل.
عثمان محمد صالح
|
Post: #3
Title: Re: توأمان سياميان
Author: Sidig Rahama Elnour
Date: 05-26-2014, 03:53 PM
Parent: #1
الصديق العزيز عثمان سلام مربع وأنا أقرأ عنوان توأمان سياميان ، جات الي الصديقة واسعة الحيلة وهي تسعى ، ولعل تداخلات القراء والتآويل الذي يحفر في ذهنية القأري أخاديد مغايرة هو ما دفعك الى إجتراح هذا البوست ورفده بهذه الإضافة القيمة ، وانا كمثلي ذهب تفكيري عن حال الوطن المقتول بآلة الموت وتركه دميته (أبنائه) في سونامي ريح عاصفة شديدة الهيجان ... وهو أشد أنواع الإفتقاد أن يفقد الأبن أمه في ظروف عادية فليس بعده الم وضياع ، فكيف به يفقدها في ظروف غير عادية وأقرب للكارثية
لا تواخذنا يا عثمان فالقأري يعكس حالته النفسية في النصوص ... ونشكر للنصوص أن خلقت مدارات تستوعب هذياننا وتأملاتنا حتى لو بغير مسوغ وضرورة ....
عثمان محمد صالح كاتبٌ يحترم قارئه الى أقصى درجات الإحترام فشكراً لكل ذلك يا عثمان
|
Post: #4
Title: Re: توأمان سياميان
Author: Osman M Salih
Date: 05-26-2014, 04:11 PM
Parent: #3
أخي العزيز صدّيق رحمة النور، سلام، سعدت بماكتبته ياصدّيق، لك شكري.
لم يُكتب هذا البوست حلاً لمسألة أو وضعاً لخاتمة في أمر تباينت فيه تأويلات القراء ،كما أنّ عنوانه هذا'توأمان سياميان" مغرّر وزلق، القصد منه بوضوح سوق القاريء إلى يوحي به ظاهر العنوان، أما أهل الصوفية فعليهم بباطن النص، مستترره الواضح وضوح الشمس.
|
Post: #5
Title: Re: توأمان سياميان
Author: Moneim Malik
Date: 05-26-2014, 04:36 PM
Parent: #4
صراحة ممتعة كتاباتك ..دائما تاخذنى واعيش في اعماق خيالها واقعا وارسم له لوحة امامي ثم اتاملها
جميل انت ياخ
|
Post: #6
Title: Re: توأمان سياميان
Author: Osman M Salih
Date: 05-26-2014, 05:50 PM
Parent: #5
أشكرك أخي الكريم منعم مالك، وأرجو أن أكون دوماًً عند حسن ظنك بي.
|
Post: #7
Title: Re: توأمان سياميان
Author: Sidig Rahama Elnour
Date: 05-26-2014, 06:28 PM
Parent: #4
| Quote: لم يُكتب هذا البوست حلاً لمسألة أو وضعاً لخاتمة في أمر تباينت فيه تأويلات القراء ،كما أنّ عنوانه هذا'توأمان سياميان" مغرّر وزلق، القصد منه بوضوح سوق القاريء إلى يوحي به ظاهر العنوان، أما أهل الصوفية فعليهم بباطن النص، مستترره الواضح وضوح الشمس. |
هذا واضح صديقي عثمان فالنصوص لا تفسر ، فهي وليمة كبيرة يدعي لها الناس من كل حدب وصوب ويقضم منها القأري ما تشتهي نفسه دون أن يوثر ذلك على حصة قأري أخر
وهذا هو الأفق المنفتح الذي تهبنأ له ...
شكراً
|
Post: #8
Title: Re: توأمان سياميان
Author: Osman M Salih
Date: 05-26-2014, 06:47 PM
Parent: #7
أعجبني يا صدّيق تصويرك للنصوص كموائد منصوبة. تحيّتي.
|
Post: #9
Title: Re: توأمان سياميان
Author: Osman M Salih
Date: 05-27-2014, 03:45 AM
Parent: #8
الدمية الشفوقة --------------
مَن التي فارقت الحياة في العملين الموسومين "إلى صديقة واسعة الحيلة " و"توأمان سياميان" : المرأة أم دميتها؟. تقتضي الإجابة على هذا السؤال إلماماً بالأمور اليقينية التي جرت، وعلماً بالوقائع المؤكد حدوثها في العملين وهي التالية : مراسم التشييع التي تُليتْ أثناءها ورقة مبلّلة من على منصة القاعة حيث تمدّد نعش حوى حنوط المرأة المسجّاة المفضّل، وابتسامتها تودّع المشيّعين وتشكرهم على تكبّدهم مشاق الحضور وعلى ماجلبوه لها من ورود، وحذاؤها، وانعقاد كفّيها واستغراقها في طمأنينة النعش. بتعبير آخر : اشتملت المراسم وفي المركز منها النعش المحفوف بالورود، على كل مايحيل إلى/ ويؤكد واقعة رحيل المرأة التي صارعت الموت طويلاً بحيلتها الواسعة،غير أنّ كل ما كُتب بعد ذلك في العملين ينفي ذلك الرحيل بالنسبة للمرأة، وينسبه لدميتها. وقد وقع هذا النفي مرّتين: مرّة في يوم الوداع حيث رأيتُ لوازم المرأة ومتعلقاتها حاضرة في النعش بينماهي غائبة، وقبلها في المخدع حيث انسّلت كما تنسلّ الشعرة من العجين، عندما عَميّ عنها الموت ورأى دميتها متهيأة للنعش في يوم الوداع. من كل هذه الوقائع يمكن استنتاج أمرين : الأول هو أنّ صديقتي لم تمت بلّ تغيّبت حيث لم يكن غيابها وارداً في مراسم التشييع بوصفها موضوع الورقة المبلّلة التي تليت من على منصة القاعة، وبوصفها أيضاً، وهذا هو الأهم ّ، الحامل المادي الأوحد لمتعلقاتها الشخصية في النعش من جسد وحنوط وحذاء وابتسام. وأن تلك المسجّاة في طمأنينة النعش لم تكن سوى دميتها : توأمها السيامي، أنيسة وحشتها ورفيقتها البارة في السرّاء والضرّاء، في استواء الطريق وصعوده المضني و هبوطه المفاجئ. والأمر الثاني : أنّ صديقتي التي أقيمت لها مراسم التشييع لم تكن سوى دمية مصنوعة من لدِينة، لكنّها نابضة بالحياة، تتدفق في عروقها دماء الخلود، تومض عيناها ببريق عجيب، تتحدّث إليك كمايتحدّث الأحياء، تأكل الطعام، تعرف الابتسام، تمشي في الأسواق، تهوى البستنة والحياكة وحلّ الكلمات المتقاطعة ومطالعة الشعر الكنسي والاستماع للموسيقى الكلاسيكية ، لها في البيت ك ل ب كالدمية من نوع شيواوا، تبغض رائحة السجائر، لاتتذوق النبيذ إلّا لماماً، مغرمة بشراب القهوة بالحليب مع صديقاتها تحت مظلات المقاهي في الصيف. تذهب إلى الكنيسة مع زوجها في كل يوم أحد، وتتصدّق على المكروبين في بلاد لم ترها. دميةٌ لم يرها أفراد فرقة "أطلس" (and#1040;and#1090;and#1083;and#1072;and#1089; ) البلغارية في الثمانينات من القرن الماضي عندما أخرجوا للناس أيقونتهم الشهيرة (and#1050;and#1091;and#1082;and#1083;and#1072; )* " دمية" فيعلموا أنْ ليس كل الدمى كتلك التي أنشدوا لها ، فهذه دمية أفاضت على العالم من حولها دفئاً واشفاقا، وصارعت الموت في إباء حتى صرعها.
عثمان محمد صالح، 26-05-2014
هامش : * تقول مفردات أغنية "and#1050;and#1091;and#1082;and#1083;and#1072; " :
دميةٌ شاحبةٌ أنتِ يامَن تنظرين إليّ ببرود. كيف لي - أخبريني - أن أدفيء ملامحكِ الصناعية المقرورة؟! وأسأل هل من سلطةٍ تمنحكِ أنتِ أيضاً الحياة ؟.
يالبعد الشقّة بيننا، فأنا إنسان ،بينما أنتِ دمية. تمسّني عيناكِ، ويولد فيّ صمتكِ. دميةٌ شاحبةٌ أنتِ يامَن تنظرين إليّ ببرود.
النص الأصلي لأغنية " and#1050;and#1091;and#1082;and#1083;and#1072; " موجود هنا :http://tekstove.info/browse.php?id=2894) .
|
Post: #10
Title: Re: توأمان سياميان
Author: Osman M Salih
Date: 05-27-2014, 08:03 AM
Parent: #9
كائن لديني ---------- ( متصل بماسبق) أقيمت لها شعائر الوداع. بكاها بعلها المكسوّ هيبة ووقاراً، حتّى كاد يهلك وهو يرثيها بصوت متهدِّج من على منصة القاعة التي اجتمع فيها محبّو زوجه ليلقوا عليها نظرة الوداع قبل أن تُحمَل إلى مثواها الأخير، وتأثر المشيّعون بمنظر الزوج المكلوم مشفقين على رقة حاشيته اللدينية، ثم انخرطوا جميعاً في نحيب تعالت نهنهاته وغطّت على تلاوة الزوج الذي أكمل رثاءه دون أن يصغي إليه أحد وعاد إلى مكانه.
دميةٌ من لدينة دبّ فيها دبيب الحياة كما دبّ قديماً في الصلصال. لافرق بين مخلوق من حمأ مسنون وآخر من لدينة أزهرت فيهما الروح، فكلا المخلوقين جعلته ينطق ويحسّ وتتحرّك أطرافه قدرة الحكاية الخلّاقة. إنهما سواء في القيام بأفعال البشر، لافرق بيهما إلّا فيما يمتاز به المخلوق اللديني على رصيفه الصلصالي بقبول مادته للتشكّل بفعل الحرارة والضغط. ويستويان كذلك في قدرة كليهما على الاستعاضة عن أطراف الجسم إذا ما أصابها العطب أوتعرّضت للتمزّق أو أفسدتها الغرغرينا ووجب بترها وابدالها بأطراف جديدة، غير أنّ الكائن اللديني يعلو مثيله الصلصالي درجة وذلك لقدرته الخارقة على البقاء إذا مابُتر رأسه ثم أُعيد تثبيته في موضعه بعد مرور وقت على البتر لاتتأثر خلاله وظائف الجسم الحيويّة.
|
Post: #11
Title: Re: توأمان سياميان
Author: Sidig Rahama Elnour
Date: 05-27-2014, 03:17 PM
Parent: #10
الدمية الشفوقة والكائن اللديني توأمان سياميان يصعب الفصل بينهما في القراءة والتتابع وهما بحق إمتداد رائع للنص الأول والصديقة واسعة الحيلة وللنص توأمان سياميان
وبهذا الإضافات أستطعت الجزم بأن القصة القصيرة فضاء قادر على التمدد في كل إتجاه يا عثمان
لك الشكر على هذا الإرفاد الرائع وبوركت
|
Post: #12
Title: Re: توأمان سياميان
Author: Osman M Salih
Date: 05-27-2014, 03:33 PM
Parent: #11
أخي العزيز صدّيق، سلام، لاأخفي اعجابي بقراءتك التي تفتح للتأويل مساراً جديداً. وفي هذا خير. بوركتَ وبورك أهل بيتك أجمعين، عثمان
|
|