الدكتور خليل عثمان في ذاكرة الوطن//الباشمهندس عبدالله الأسد

.الدكتور خليل عثمان رجل يجب ان يخلد اسمه في ذاكرة الوطن
------------------------------------------------------
مات خليل مقهورا تحت نظام شمولي في عهد السفاح جعفر نميرى الذي قام بتكريم دكتور خليل عثمان وانعم عليه بوسام ابن السودان البار وانقاب عليه كما يعامل
النظام الانقاذي المهدي اليوم. رحم الله خليل عثمان بالرغم من صراعي المزعج والمهني كمهندس عملت عنده لا انس خليل ابدا.....في اول زيارة لي للسودان بعد وفاة
الدكتور خليل ذهبت مع صديقي احمد المؤمن المهندس الذي عاصر خليل عثمان منذ بداياته في الكويت. ذهبت لتقديم العزاء لابنه محمد.
حسن التاج خال خليل عثمان جمعتني به الصدفة في مدينة كوبنهاجن في الدنمارك. كنت اعمل فيها بعد تخرجي عام 1967 من جامعة وارسو. شجعني وبشرني خيرا بالبلد وفعلا
وكانت اول وظيفة استلمتها كانت مساعد مهندس بمصنع الزجاج. مرتبي كان 100 جنيه بالمقارنة لزملائي في الحكومة 45 جنيه في الشهر. كان ذلك في منتصف 1969. وصلت
البلد ومعي اسرتي الصغيرة في يوم يشهد له بالنحس 25 مايو 1969 يوم استلام السفاح المشعوذ نميري للسلطة.
• اجرت بيت ب 18 جنيه في ود ورو
• اشتريت ثلاجة ب 50 جنيه بقسط 3 جنيه في الشهر
• تلفزيون ابيض اسود توشيبا ب 14 جنيه
• ادفع لبيت الوالد 10 جنيه شهريا
منتهى الراحه المادية واشتغلت كالنحلة في مصنع خليل. لم اعرفه ولم اره في حياتي. كان في مرور بالمصنع وانا اعمل وسط الكسارات والغبار يغطي وجهي. نده الي
ولم استجب فقلت له ان مشغول الان. انصرف وارسل الي الحارس عبد السيد ورفضت أيضا لانشغالي واخذ يلح لان من يريدني هو خيل عثمان صاحب المصنع. ذهبت معه للاستراحة
التي يقيم فيها داخل المصنع. بعد دردشه واعجاب بادئي ونكات وكان الرجل مرحا في تعاملاته. قال لي:
• مرتبك من اليوم سيكون 150 جنيه
• منحتك العربة الفولكس وعليك بدفع واحد جنيه وتسجيله باسمك.
• ستسودان الخواجة الألماني بعد سنه من الان.
• مرتيك سيكون 250 جنيه
• ستسكن في مكانه داخل المصنع بالمجان
لم اصدق من الفرح وثاني يوم جمعت أصدقائي وألومتهم وليمة خروف ب 3 جنيه مع 4 كراتين بيره ابوجمل ثمن الزجاجة واحد جنيه.
تتالت الاحداث وصدر قانون العمل الموحد والذي كان القشة التي قسمت ظهر الصناعة في السودان. 75% من العمال في المنطقة
الصناعية يوظفهم خليل عثمان. قامت الدنيا امام خليل إضرابات اعتصامات زيادات. حتى البنوكة اوقفتها الحكومة من التعامل
مع أصحاب المزارع والمصانع. ولأول مرة في تاريخ العاصمة تعرف شيء يسمى قطع الماء والكهرباء. وبما ان المصنع قد استورد اخر
تكنولوجيا من شيكسلوفاكيا وفرن انجليزي يعمل بالكهرباء نزل انتاج المصنع 50 % بسبب انقطاع التيار.
عاش خليل اتعس أيامه والكل فرح بالزيادات ويريد اكثر. كان مدير المصنع اللواء عوض صغيرون. وكان خليل لحكمة ما مغرما بتعيين
ضباط المعاشات والوزراء القدامى لإدارة مصانعه. كان إبراهيم منعم منصور وزير مالية سابق في عهد نميري كان رئيسا لمجلس إدارة خليل
ومدير مصنع النسيج الأكبر في الشرق الأوسط. وحقا نحن في السودان وراء الناجح حتى نسقطه وهذا ما حصل لخليل. في يوم عادي في المصنع
وكعادتي اخرج بعربتي التي اشتريتها من خليل بواحد جنيه اعترضني عبد السيد الحارس وهو من مواطني الدويم ويدعي ان خليل ابن عمه.
اوفقني في الباب وادعى ان هنالك أوامر بمنعي من الخروج اثناء العمل. لم اكثر الحديث ووقفت في الباب وأوقفت العربات الداخلة والخارجة.
وتجع السائقون حولي وفلت الامن فحضر إبراهيم منعم منصور وفك الاشتباك وتوجهت لمنزلي في بحري للافطار.
بعد شهر رجع خليل وسمع بالقصة وقال لي انا ملتزم نحوك بكل ما وعدتك به في هذه الورقة عدا سودنة الخواجة الألماني. وقتها تذكرت حالي
كرنكه وهو من الهمباته الذين عملوا مع طه الضرير و ودضحويه.... رميت الاورقة في وجه حليل وقلت له.
انا شرطي سودنة الألماني والبنود الأخرى لا اريدها ولا تهمني. اذا قبلتها كان وبها واذا لا فمع السلامة. فكان رد خليل مع الف سلامه.
خرجت وتوجهت الى ورشة المهندس "يس جربوع اخ المحامي الشهير طه جربوع" فرح يس بقدومي وقرر مساعدتي في انشاء مسبك للمعادن وفعلا انا
وزميلي المهندس يابكر مصطفي انشأنا المسبك الذي يعمل حتى هذه اللحظة في بحري. رجعت بعد أسبوع لمصنع الزجاج لاستلام مرتب 6 اشهر يكفلها
لي قانون العمل الموحد العشوائي.
باختصار سمع خليل عن مسبكنا وحضر بنفسه وطلب ان يشاركنا وهو يقول انتم الوحيدون المتخصصون في سباكة المعادن وانا احتاجها في مصانعي.
تراضينا واخذني معه لعزومة فطور وفي الطريق كان خليل في كل شارة مرور يوزع على الفقراء المصطفين فيأه العشره جنيه وكانت وقتها تشوي 30
دولار وانا في استغراب متصل.
في نهاية الفطور كتب خليل ورقة لدفع الله الحاج يوسف المستشار القانوني لشركاته مفادها " سلم المهندس عبدالله الأسد 4 الف جنيه سوداني "12
الف دولار" من حسابي الخاص لمشاركته في انشاء مسبك"
دفع الله ظل يماطلني لمدة أسبوع. تركت الامر نهائيا واثناء ذلك قررت هيئة اليونيدو التابعة لهيئة الأمم المتحدة انشاء مسبك في السودان فأوكلت
الي المهمة اذا كنت الوحيد المتخصص في هذا المضمار الضيق. وعندما قرر السفاح نميري ان ينضم كل مدير الي الاتحاد الاشتراكي شعرت بان ايامى معدودة
في السودان بعد رفضي حمل بطاقة الاتحاد الاشتراكي. تقدمت لمنصب في هيئة اليونيدو وقبلت ومن يومها فارقت السودان "فراق الطريفي لي جمله"
رحم الله خليل فقد كان كما قال الأستاذ شوقي بدري " كريما وكان وطنيا . ونسيناه . لاننا سجمانين”

التحية لك ياجيلاني
وشكرا منصور المفتاح عبدالله الاسد مهندس وخبرة نادرة
وتجارب ثرة له التحية ولك

سلام يا باسط المكى سلام عليك وحقيقة أوافقك على أن المهندس عبدالله
الأسد من النوادر ومن المفترض أن يكون مرجعيه هندسيه بالجامعات
وخبيرا يرجع إليه فى مجال إختصاصه فالمهندس المنفذ للعمل بساعده
هو المهندس الذى يتقن مهنته وبأمثاله يمكن أن تتقدم الأمه - أما عن
قوله فى خلال عثمان رغم إختلاف خليل معه فذلك وفاء الأوفياء
المخلصين رحم الله خليل عثمان وأكرم الله عبدالله الأسد وأطال
عمره وأبقاه ولك شاكرا يا باسط الكفيين نَداءً وســخاءً ولك السلام