بدرية سليمان ..دعوة الى الاصلاح ومحاربة الفساد

كتبته اand#65275;ستاذة بدرية سليمان
and#127807;and#127807;

فالنحيل المحنة الى منحة ...
دعوة للاخوة الصادقة لمحاربة الفساد والمفسدين ( لعلهم يرجعون )
اخوتي في الله .. قيادات وأعضاء الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني .
سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات ..
لقد تكاثرت وتعاظمت علينا الابتلاءات والاتهامات في الآونة الأخيرة ... ورمانا بالسهام كل من يسوى ومن لايسوى .. بالحق والباطل .. وليس ذلك بغريب في مسيرة الطريق الى الله فهذا دأب الصالحين ومنهاج السالكين ... بل هذه سنة الله في خاصته وأنبيائه .. فما من نبي الا وأوذي وصبر ... وانّا لندعو الله أن يجعلنا من أهل الله وخاصته .. وأن لا يبتلينا أو يفتننا في ديننا لأن كل ما سوى الدين هين .. ( وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) ( آل عمران ).
ولنا في رسول الله أسوة حسنة .. فقد أوذي في نفسه وأهل بيته وأحب الناس اليه ( أمنا عائشة رضي الله عنها ) .. ووصف رسولنا الصادق الأمين بالكذاب والمجنون والساحر ... ووو .. لكنه صبر .. وهو يخبرنا أن في كل ذلك خير .. وأن أمر المؤمن كله خير ؛ ان اصابته نعماء شكر وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ، حتى الشوكة يشاكها يؤجر عليها .. وأن المؤمن يبتلى على قدر دينه .. فما بالنا نجزع إخوتي عندما تطالنا سهام الغير .. وحينما يفتتن بعضنا ويحيد عن طريق الحق .. نحن بشر كغيرنا ... علينا اصلاح ما فسد وتقويم ما اعوج .. فنحن مازلنا بخير ومازلنا على طريق الحق ... طالما كان ذلك دأبنا في الاصلاح .. لأننا لسنا ملائكة .. ولسنا معصومين من الخطأ ، وما خلقنا الله الا لنخطئ ونصيب .. لكن العبرة تبقى بتصحيح الخطأ ، واماطة الأذى ، والرجوع الى طريق الحق والجادة .. والاستغفار ، ولئن لم نخطئ ونتوب ونستغفر ونرجع عن الخطأ ليستبدلنا الله بقوم آخرين يخطئون ويستغفرون فيغفر الله لهم ..
نعم علينا أن نبدأ بأنفسنا في اقامة الحق والعدل . لأن ( اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11) الرعد
إخوة الحق والايمان ...لقد تولينا أمر البلاد والعباد .. واتسعت دائرة سلطاننا .. وطال بقاء بعضنا في كثير من المواقع .. حتى دخلت الدنيا على كثير منهم .. وافتتن بعضهم بالدنيا ... ووجد شياطين الانس والجن ضالتهم في كثير منا .. فمنهم من فتن وكثير منهم ثبت على الحق فما بدل وما غير .. إن جماعة الخير من شأنها أن تعصم أعضاءها من الزلل .. بالنصح والوعظ والمراقبة والمحاسبة .. وذلك ما جعل أكثرنا بخير .. ووهذا ما سيجعل قيمنا تظل باقية وموجودة الى أن يرث الله الأرض ومن عليها .. ومع ذلك ومن الطبيعي جدا أن يظهر بعض الفساد هنا وهناك فهذه سنة الله في عباده ..
لكن العبرة بالرجوع عن هذا الفساد ومحاربته قبل أن يذيقنا الله به صنوفا من العذاب ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)..
إخوة الحق والايمان ...
إن ظهور الفساد تهمة يجب أن لا ننفيها .. ومحاربة الفساد شرف يجب أن ندعيه ، لأنه منهجنا في الاصلاح ، وفي اقامة دولة الاسلام في أرض الله . ومشروعنا الاصلاحي الذي بدأه رئيس الجمهورية وارتضاه الحزب يرتكز على هذا المنهج ، وهو قلادة شرف وتاج على رؤوسنا جميعا علينا أن نفخر به دوما .. وأن لا نطأطئ الرؤوس بسبب هذا أو ذاك ، طالما أن هذا الفعل منبوذ .. لا يشبهنا ولا نشبهه ..الا أن وقوع بعضنا في الفساد مصيبة تستوجب الرجوع الى الله ( الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ (157) ( البقرة )
لأن عدم الرجوع عنه والتستر عليه نغمة أخرى تجر المزيد من الفساد والبلاء ، والمزيد من التهم والأذى من أعداء الداخل والخارج بل من بيننا ، حتى يصبح الفساد سمة غالبة لنا ، بدلا من وسمنا بالحق والصلاح ( تُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (186) سورة آل عمران
سيقول البعض ان الاعتراف بالفساد ومعاقبة مرتكبيه في مثل هذا الظرف والوقت غير مناسب ، وأن التستر عليه واجب ، لأنه سيجر علينا المصائب !!! ، لكن علينا تذكر قوله تعالى ( فَلا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ (44) ( المائدة ) .
نعم علينا أن نزن الأمور في مسألة التعامل مع الفساد والمفسدين وغيرها بميزان الدين ، لا بالموازين السياسية ، لأن السياسة هي للخلق .. لا للخالق ، ولا مجال لابتداع وتطبيق حكم غير حكم الله في حربنا على الفساد ، بل يجب أن نتشدد في ذلك حتى ولو على الأقربين منا ، وعلى أحبائنا وخاصتنا ، ( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (45) ( المائدة ) .
إخوة الحق والايمان ...
ان الله أمرنا أن نرد الحقوق لأهلها ان كانت بين الأفراد أو الجماعات ، وأن نقتص للمعتدى عليه ، فما بالنا ان كان المعتدى عليه مالا عاما يتعلق بمصالح المسلمين والعباد .. ان العقوبة حينها يجب أن تكون أشد .. والتعذير مطلوبا للحد من الفساد ، بدلا من التسهيل والمسامحة في الحقوق العامة ، ولنحذر من بعض أصحاب الأهواء الذين يهونون من ذلك ، ويجدون المخارج للمفسدين عبر صيغ وأحكام وتبريرات ما أنزل الله بها من سلطان ، ولم يعرفها سلف هذه الأمة ولا خلفها .. بل أحيانا كثيرة ينأى عن مثلها حتى غير المسلمين من الغربيين والشرقيين .. فما لكم كيف تحكمون .. ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) ( المائدة )
نعم .. إن البعض يزيّن لنا ويصور لنا أن بذلك حماية وحفاظ على المشروع وعلى الفكرة من الانهيار والاستهداف !!! .. أي فكرة وأي مشروع .. السنا نعمل لأجل لا اله الا الله .. اليس مشروعنا وغايتنا هو الاسلام .. وكل ما سوى ذلك هي وسائل سلكناه لتوصلنا الى رضاء الله ... !!! يجب أن لا تصرفنا وجهات نظر البعض الذين يحرصون على ( الوسائل ) ويتركون (الغايات النهائية) بأن ننحرف عن جادة الحق ( فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ (56) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) ( المائدة )
لا نريد أن نسيء الظن ببعضنا ، ونقول أنهم بذلك يدخلون علينا بمداخل الشيطان .. أو يصبحون من الذين يخشون على أن تصيبهم دائرة في أنفسهم .. أو مواقعهم .. أكثر من خشيتهم على الفكرة ( الوسيلة ) وبالتالي على الغالية ( دين الله ) .. فهم في بذلك يحمون الفساد والمفسدين ، ويضرون بالفكرة والمشروع أكثر من العدو الخارجي الذي لا ننكر استهدافه وتربصه بنا .. فان الله طيب لا يقل الا طيبا .. ولا يتقرب الى الله بسيئ الأعمال ( وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلا يَنْهَاهُمْ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمْ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63) ( المائدة ) . انهم بذلك يصبحون عدوا داخليا .. ينخر في منظومة قيمنا وتماسكنا .. ( هُمْ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ) .. إن العدو الحقيقي ليس الأحزاب الأخرى فهم أضعف من أن يقدموا نموجا لأهل السودان الذين يحبون الاسلام ويحبون من يحكمهم بالاسلام .. وليس العدو الخارجي الذي يئس منا وفشلت كل مؤامراته حتى الآن .. وليس التراجع الاقتصادي أو غيره .. إن العدو الحقيقي هم المفسدين ومن يحموهم .. وبالفساد سيجد الأعداء الآخرين ضالتهم فيميلون علينا ميلة واحدة .. فخذوا حذركم ..
إخوة الحق والايمان ... خذوا حذركم
فإن ما يسمى بفقه السترة .. أو ما عرف أخيرا من فقه التحلل ، وغيرها .. مدعاة للفساد .. وضياع للدين وأحكامه السمحاء .. وضياع لهيبة القضاء الذي عرف بالعدل .. وباب من أبواب سخط الله علينا .. ونحن دعاة خير وحق .. دعاة الشريعة الاسلامية التي لم تعرف مثل هذه البدع ..
الشريعة التي تقول ( لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود الا بالتقوى ) ...
الشريعة التي تقول ( ما لكم لو سرق فيكم الشريف تركتموه ولو سرق فيكم الضعيف أقمتم عليه الحد ، والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها ) ...
الشريعة التي تقول ( من أين لك هذا ) ... لمن ظهرت عليه آثار نعمة غير طبيعية .
الشريعة التي تقول ( من غشنا ليس منا ) ... الخ ذلك من القيم التي تجعل الحاكم يقتص للمظلوم الضعيف الحقير من الظالم العزيز القوي ذي السلطان والمكانة ..
هذه هي القيم التي نعرفها .. وعُرفنا بها .. نحن أهل حركة الاسلام في السودان .. عُرفنا بالصوّامين القوّامين .. المجاهدين .. بالدعاة .. الذين يتقدمون الناس في الفزع ، ويتأخرون عنهم في الطمع ، عَرفنا الناس بطرحنا السياسي الجرئ الصادق .. أن لا ولاء لغير الله ولا تبديل لشرع الله .. وأن القرآن هو دستور الأمة ..
قدمنا للناس في الحكم نموذجا يعتمد على التضحية والفداء والزود بالارواح في سبيل مشروعنا الحضاري .. الذي يهدف لأسلمة الحياة واستنهاض المجتمع وانهاض الدولة .. فالتف حولنا الناس وجاهدوا معنا بمجرد أن لمسوا فينا الصدق والاخلاص والإيثار ..ما بالنا اليوم نبيع للناس بضاعة لا نعرفها ولا تعرفنا ..
ما بالنا نسمح لذوي النفوس الضعيفة بتصدر مؤسساتنا ومشروعاتنا .. يقدمون للناس أسوأ نموذج في التعامل مع الحياة والمال العام ... بالرغم من أنهم قلة .. لماذا انتفت قيم المحاسبة والشفافية .
إخوة الحق والايمان ...لقد تركنا - عبر هذا النموذج السيء من الممارسات الفاسدة - لأعدائنا في الداخل والخارج مادة دسمة يتناولونها عننا ... بالرغم من أنها تصرفات محدودة ولا تعبر عنا البتة .. لماذا نسمح بذلك .. لقد أداروا حملة اعلامية حيكت خيوطها بعناية دقيقة ومكثفة لتشويه صورتنا وطمس انجازاتنا .. تركوا جبال الانجاز .. وتمسكوا بفتافيت الفساد .. الذي يجب نتبرأ منه تماما .. نتبرأ منه باجتثاثه من جذوره ... نتعامل معه بالشجاعة اللازمة ..علينا أن نفتح صفحة جديدة عبر منهجنا الاصلاحي في معاقبة ومحاسبة كل مفسد مهما كان موقعه .. ومهما صغرت جريرته .. فالنتطهر جميعنا ولنتحلل من سوأتنا .. ولنطهر حركتنا وحزبنا وحكومتنا من كل ما يشينها .. لكن تحللا وفق منهج الشريعة الاسلامية .
يجب أن نكون شجعانا في تحمل النتائج .. فان الله ما شرع العقاب الا ليطهرنا تطهيرا .. ولنا في ذلك حياة جديدة .. نعم باقامة القصاص والحق والعدل بين الناس .. لنستمد عمرا جديدا ونجدد عهدنا مع الله ومع الناس جميعا .. قد نخسر بعض الاشياء قليلة أو كثيرة .. لكننا سنكسب رضاء الله .. ورضاء كثير من الناس أيضاً .. سنكتب في صحائفنا أننا أهل لهذا الدين ولا نساوم فيه أحدا .. سنكتب أننا كنا أمناء مع أنفسنا ومع الناس ومع هذا الوطن ...إخوة الحق والايمان ...
للوصول الى ذلك يجب أن تكون دعوانا فيما بيننا بالحق ولو كان على أنفسنا .. إن كنا نريد الله ورسوله ، وفي سبيل ذلك مطالبون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حتى لا نكون مثل بني اسرائيل ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) ( المائدة ).أن الله بقدر ما ترك لنا أبواب الباطل للنار مشرعة .. وهي محفوفة بالشهوات .. ترك لنا أبواب الحق للجنة مشرعة .. لكنها محفوفة بالمكاره .. وفي النهاية ترك الله لنا الخيار .. من شاء فاليؤمن ومن شاء فاليكفر ..
وفي النهاية أيضا قال لنا ( اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98) ( المائدة )
إن الجماعة طالما كانت الشورى منهجها ، والنصح بالحق ديدنها ، ( وتواصوا بالحق ) – في سورة العصر التي نفتح ونختم بها اجتماعاتنا - لن يصيب جماعتنا شر ولن تقع في الباطل .. وبحمد الله مازال الخير فينا وافرا وقويا .. وأكثرنا أهل للصدق والحق .. وإن عز ذلك – إخوتي – فان الله أرجع الأمر برمته الينا باستفتاء انفسنا ووضعها في مستوى المسؤلية الفردية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105) ( المائدة ) . و( كلكم آتيه يوم القيامة فردا ) فالينظر أينا كيف يلقى الله يوم القيامة ..
إخوة الحق والايمان ...إن مثل هذه الأزمات سرعان ما تنتهي .. لكن علينا أن ننظر كيف تنتهي .. برضاء الله أم بسخطه .. ولنعلم أن من اختار رضاء الناس بسخط الله فقد خسر .. وأن من إختار طريق الله ورضاه بغضب الناس فانه الرابح . . وسيكون الأمر في النهاية مجرد ابتلاء وضيق وسيزول .. ثم يأتية الفرج في الدنيا والآخرة ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5)
وعلينا أن نتذكر قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)

خوة الحق والايمان ...لقد تولينا أمر البلاد والعباد .. واتسعت دائرة سلطاننا .. وطال بقاء بعضنا في كثير من المواقع .. حتى دخلت الدنيا على كثير منهم .. وافتتن بعضهم بالدنيا ... ووجد شياطين الانس والجن ضالتهم في كثير منا .. فمنهم من فتن وكثير منهم ثبت على الحق فما بدل وما غير .. إن جماعة الخير من شأنها أن تعصم أعضاءها من الزلل .. بالنصح والوعظ والمراقبة والمحاسبة .. وذلك ما جعل أكثرنا بخير .. ووهذا ما سيجعل قيمنا تظل باقية وموجودة الى أن يرث الله الأرض ومن عليها .. ومع ذلك ومن الطبيعي جدا أن يظهر بعض الفساد هنا وهناك فهذه سنة الله في عباده ..

.الا أن وقوع بعضنا في الفساد مصيبة تستوجب الرجوع الى الله ( الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ (157) ( البقرة ) لأن عدم الرجوع عنه والتستر عليه نغمة أخرى تجر المزيد من الفساد والبلاء ، والمزيد من التهم والأذى من أعداء الداخل والخارج بل من بيننا ، حتى يصبح الفساد سمة غالبة لنا ، بدلا من وسمنا بالحق والصلاح

سيقول البعض ان الاعتراف بالفساد ومعاقبة مرتكبيه في مثل هذا الظرف والوقت غير مناسب ، وأن التستر عليه واجب ، لأنه سيجر علينا المصائب !!! ، لكن علينا تذكر قوله تعالى ( فَلا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ (44) ( المائدة ) .

نعم علينا أن نزن الأمور في مسألة التعامل مع الفساد والمفسدين وغيرها بميزان الدين ، لا بالموازين السياسية ، لأن السياسة هي للخلق .. لا للخالق ، ولا مجال لابتداع وتطبيق حكم غير حكم الله في حربنا على الفساد ، بل يجب أن نتشدد في ذلك حتى ولو على الأقربين منا ، وعلى أحبائنا وخاصتنا

ان الله أمرنا أن نرد الحقوق لأهلها ان كانت بين الأفراد أو الجماعات ، وأن نقتص للمعتدى عليه ، فما بالنا ان كان المعتدى عليه مالا عاما يتعلق بمصالح المسلمين والعباد .. ان العقوبة حينها يجب أن تكون أشد .. والتعذير مطلوبا للحد من الفساد ، بدلا من التسهيل والمسامحة في الحقوق العامة ، ولنحذر من بعض أصحاب الأهواء الذين يهونون من ذلك ، ويجدون المخارج للمفسدين عبر صيغ وأحكام وتبريرات ما أنزل الله بها من سلطان ، ولم يعرفها سلف هذه الأمة ولا خلفها .

ان الله أمرنا أن نرد الحقوق لأهلها ان كانت بين الأفراد أو الجماعات ، وأن نقتص للمعتدى عليه ، فما بالنا ان كان المعتدى عليه مالا عاما يتعلق بمصالح المسلمين والعباد .. ان العقوبة حينها يجب أن تكون أشد .. والتعذير مطلوبا للحد من الفساد ، بدلا من التسهيل والمسامحة في الحقوق العامة ، ولنحذر من بعض أصحاب الأهواء الذين يهونون من ذلك ، ويجدون المخارج للمفسدين عبر صيغ وأحكام وتبريرات ما أنزل الله بها من سلطان ، ولم يعرفها سلف هذه الأمة ولا خلفها .

إن البعض يزيّن لنا ويصور لنا أن بذلك حماية وحفاظ على المشروع وعلى الفكرة من الانهيار والاستهداف !!! .. أي فكرة وأي مشروع .. السنا نعمل لأجل لا اله الا الله .. اليس مشروعنا وغايتنا هو الاسلام .. وكل ما سوى ذلك هي وسائل سلكناه لتوصلنا الى رضاء الله ... !!! يجب أن لا تصرفنا وجهات نظر البعض الذين يحرصون على ( الوسائل ) ويتركون (الغايات النهائية) بأن ننحرف عن جادة الحق

انهم بذلك يصبحون عدوا داخليا .. ينخر في منظومة قيمنا وتماسكنا .. ( هُمْ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ) .. إن العدو الحقيقي ليس الأحزاب الأخرى فهم أضعف من أن يقدموا نموجا لأهل السودان الذين يحبون الاسلام ويحبون من يحكمهم بالاسلام .. وليس العدو الخارجي الذي يئس منا وفشلت كل مؤامراته حتى الآن .. وليس التراجع الاقتصادي أو غيره .. إن العدو الحقيقي هم المفسدين ومن يحموهم .. وبالفساد سيجد الأعداء الآخرين ضالتهم فيميلون علينا ميلة واحدة ..