طبول وأصدآء....

طبول وأصدآء....


01-21-2014, 01:52 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=470&msg=1399571353&rn=0


Post: #1
Title: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-21-2014, 01:52 AM

بقآيا ليل..
وبعض فتآت الخبز المبعثر على طآولة الطعآم..
ونصف كوب من الماء..
والكل نيآم...
هدوء مطبق كما لو أن الخلق قد غآدرت المكآن...
ولا نسمع غير نبآح متقّطع للكلاب الصآيعة..
التى تنبح هنا وهنآك لتوهم أهلها بأنها تقوم بدورها الاذلى المقّدس فى الحرآسة..
ولكن والحق يقآل...
أن لتلك الكلآب مآرب أخرى..
غير نزيهة..
التلت الآخير من الليل..
وقد بدأت برودة الجو تدغدغ النيآم من البشر..
فتزيد من المتعة بلذة النوم...
بعد أن هذأت الاجسام من أوجآعها التى تأتى بها الى بيوتها كل مساء...
بعد يوم مضنى من الجرى ورآء كسب العيش...
الجرى الذى لا ينقطع..
قلنا أن الهدوء مطبق..
والكلاب فى آخر تجليآتها..
وظلام دآمس لا يكآد المرء يرى يده..
وسلسلة من العمآلقة..
مترآصة..
وكأنها تحنو على البلدة وعلى البشر..
العمآلقة من جبال مرتا و كّ..ل..ب..آ..وتآفرى ولوفو و كليمو حتى حدود الحدود الشرقية من مدينة كآدقلى..
التى تحيط بالمدينة فى شكل دآئرى..
وكأنها تحميها من كيد العدا..

فى هذا الوقت من كل يوم..
تتقلب كآدقلى ذآت اليمين وذآت اليسار..
فى قلق بآئن..
وخوف..
وتوّجس..
ولكنها لا تدرى...
سببا محددا لهذا القلق...

Post: #2
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-21-2014, 02:13 AM
Parent: #1

تدريجيا بدأت الكلاب تتخّلى عن دور الحرآسة ..
وتهدأ..
بدأت برودة الجو فى الترآجع....
وبدأت الشمس فى الظهور على أستحياء...
وتدريجيا أيضا..
بدأت السماء تتلّون بكل أطيآف اللون الآحمر من خلف تلك الجبال العملاقة..
وبدأت الخلايق تتململ فى فرآشها استعدادا لليوم الجديد..
ستآئر من العشب الاخضر تغّطى الجبال فتزيد المكان رهبة..
وبدأت الحيآة تدب فى أوصآل كآدقلى..
ومن النآس من قآم يبحث عن مصلاته..
ومنهم من قآل صلاته باسلوبه وعلى عجل وبدأ يعد العدة للخروج من المنزل..
منهم من حمل أدوآت الزرآعة....
ومنهن من بدأت فى أعداد الطعآم الذى سوف تبيعه فى ذآك اليوم..
ثم جيش عرمرم من بآئعآت الشآى...
بدأن الخروج الى الشوآرع..
والكل يمّنى نفسه برزق وفير ويوم هآدئ خآلى من النكد..

فى هذا الاثناء..
بدأ القلق يتخّلى عن كآدقلى..
وهى ترآقب الجميع فى تلك الحركة الدآئبة...
فقد شغلتها مرآقبة الخلق عن ذآك القلق الذى لا تستطيع منه فكآكا..
وفى ذآك الجزء من كل يوم.....
وبدأت هى الآخرى..
تدعو فى السر والجهر...
بأن يمر اليوم هآدئا وسعيدا..
ونسمع فى طول الطرق..
كلمات مثل صبآح الخير..
اصبحتوا كيف..
فلان اصبح كيف من الحمى..الخ..
فى هذا الاثناء...
وآصلت الشمس ظهورها..
الذى أصبح كآملا ووآضحا وهى توآصل مسيرتها فى غبطة وسرور...
بعد أن تخّلى عنها حيآئها..
غير عآبئة بتفآصيل حيآة كادقلى اليومية..

Post: #3
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-21-2014, 04:07 PM
Parent: #2

بلغت السآعة التآسعة صبآحا...
من أحد أيام الخريف التى تحّول المدينة بكآملها الى كرنفال ألوآن..
تتدّرج من الآخضر القآنى وحتى آخر الالوان التى يتميز بها قوس قزح..
وفى أحد سنوآت الالفية التى حملت العجب العجآب لآهل ذآك المكآن والزمآن من خآرطة السودآن..

خرج الشآب الوجيه طآرق مآو مآو من البوآبة الخلفية لمحكمة كآدقلى الى الشآرع الرئيسى فى المدينة...
حيث يمم وجهه شطر مستشفى كآدقلى...
ولقد كانت زيآرته للمحكمة خآطفة...
حيث ذهب ليسآند أحد أصدقاءه فى قضية أرآضى...
أحدى القضايا التى تعج بها تلك المحكمة...
وحينما لم يصل صآحبه...
ولم تبدأ المحكمة أعمآلها..
قرر أن يستثمر الوقت فى زيآرة أخرى...
لا تقل أهمية لديه..
أمام باب المستشفى كانت خآلة فآطنة تجلس بكآمل حضورها وبهآئها..
وتوّزع البسمآت والضحكآت وترد على سلام المآرة والزبآئن وهى تبيع الشآى..
كما لو أنها خلقت خصيصا لتلك المهنة..
القى عليها التحية...
فردت وبقآيا الابتسآم مّمن سبقه...
مايزال عآلقا بشفتيها..
دعته الى كوب شآى..
فأعتذر بأدب جم ووآصل طريقه نحو المستشفى..

لم يستوقفه موظفو التذآكر...
ولم يطالبوه بشراء أحدآها...
هذا لآنهم يعلمون..
أنه لا يأتى للمستشفى فى زيآرة مريض فى مثل ذآك الوقت..
ولا يأتى لزيارة طبيب أطلاقا..
فهو عآدة يكتفى بالجلوس بالقرب من عم عباس...
خفير المستشفى...
وهو عّمه..
يجلس اليه بكل الآدب المتوّفر لديه...
ويستمع اليه بأهتماتم شديد...
ويتحدث قليلا...
ثم يخرج من المستشفى..
و بنفس العجلة من البوآبة الرئيسية التى تبيع التذآكر لمن ينوى دخول ذآك الصرح العتيق..
المولود عام 1926..

Post: #4
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-21-2014, 04:24 PM
Parent: #3

طآرق مآو مآو شآب فى نهآية العقد ثآنى من عمرة..
فآرع الطول..
شديد السمرة..
وجيه..
ويتميز بحضور طآغى أينما حّل..
وهو حينما يلتقى أحدا..
ويقف لتحيته تشعر وكأنه قد زرع نفسه زرعا فى الآرض...
ثم يرّكز نظرته على ذآك الشخص...
ويبتسم تلك الابتسآمة السآحرة..
ويفرج عن أسنآن نآصعة البيآض..
وهو يعّج بكل تفآصيل الحيآة التى تمور بدآخله...
فى نظرآته بعض القلق...
وحزن لا يستطيع منه فكآكا..
ولكنه على أية حآل يفرض وجوده دون معآنآة تذكر..
كثير الحركة والتنقل من مكآن الى آخر...
كما لو أنه يبحث عن حقيقة غآلية غآئبه عنه..
وبما أن أسمه طآرق..
وقد اضاف أصدقآؤه اسم مآو مآو الى طارق هذا..
ألا أن أسم مآو مآو قد طغى على أسمه الاصلى..
فأشتهر بأسم مآو مآو فى المدينة..

لا أحد يعرف سر هذه التسميه...
ولا أحد يعبأ بسر تلك التسمية..
المهم أنها تشكل جزءا مكملا لطآرق..
الذى يبدو أن أسم المآو مآو هذا قد أعجبه فأستأنس له..

ما زآلت أمام الشاب مآو مآو مهآم كبيرة فى ذآك الصبآح هلامى الملامح..
فقد شعر بخوآء شديد فى ذآك اليوم..
وألم يلتف به بألتفافا..
ولا يدرى له سببا..

فى الاثناء...
كانت كآدقلى توآصل مرآقبتها لابنآئها وبنآتها فى حنو دآفق...
وحزن لا تدرى له مصدرا هى الآخرى..
وقلق يجئ ويذهب كيفما يشاء..
نظرت الى مآومآو بتركيز عآل..
ثم تنّهدت تنهيدة عميقة وهى تحّول أهتمآمها لآحدى الشآبآت التى كانت تعبر الطريق الى مكتب الجوآزآت بوسط المدينة..

Post: #5
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: مني عمسيب
Date: 01-21-2014, 04:29 PM
Parent: #3

الحبيبة نورة ... شوقي ليكي طال ..

تحية خاصة ليك ولي ارضنا الطيبة كادقلني واهلها الصامدون .
Quote:
فى هذا الوقت من كل يوم..
تتقلب كآدقلى ذآت اليمين وذآت اليسار..
فى قلق بآئن..
وخوف..
وتوّجس..
ولكنها لا تدرى...
سببا محددا لهذا القلق.

Post: #6
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-21-2014, 04:34 PM
Parent: #5

العزيزة منى...

أسعدتنا الطّلة وأّمدتنا بالشحنة الآنسانية الهآئلة...
التى تعين على ما يلى..
كونى بخير وجميلة كما أنتى..

Post: #7
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-21-2014, 04:38 PM
Parent: #6

الزآئر العزيز قر حطب فور برتقا..

زيآرة ميمونة ومتآبعة مشّرفه تدفعنا بأن نوآصل قصة حيآة كآدقلى فى الآلفية التآلتة..

Post: #8
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-22-2014, 00:21 AM
Parent: #7

دلف مآو مآو الى محكمة كآدقلى من بوآبتها الخلفية..
وأنتهى به الحآل الى أحدى شجيرآت النيم حيث قآبل صديقه..
تسآمرا قليلا ثم دخلا الى قآعة المحكمة بحضور القآضى..
أستمرت المدآوله وقتا غير قصير...
حيث طلب القآضى من صديق مآو مآو بعض الشهآدآت التى تعّزز دعوآه..
خرج الآثنان من المحكمة وأتجها صوب (السوق البّرا) لمقآبلة شخص يهمهم..

أثناء الطريق...
كانت التحآيا تلقى ذآت اليمين وذآت اليسآر..
كل فى طريقه لبعض شأنه..

كانت الشمس قد ترّبعت فى كبد السماء....
وأرتفعت درجة الرطوبة..
وتنآثرت ميآه الخريف هنا وهناك..
فترى القوم وهم يسلكون أسلوبا ملتويا فى السير...
تجنبا لتلك الميآه حتى لا تتسخ ملابسهم..
صديق المآو مآو يضحك أحيآنا...
ثم يصمت فجأة كمن تذكر أمرا جآدا..
ثم يعود ليتحدث بصوته الجهور ...
وهو يهز جسمه الممتلئ...
حتى يخيل لمن يرآه أنه يؤدى دورا مسرحيا..
وفى كل الآحوآل يلاحظ أن مآو مآو قد كان يستمع اليه بكل الجدية الممكنة وهو شآرد الذهن..

المهم..
وبعد مقآبلة ذآك البآئع الذى يهمهم أمره..
ولفترة قصيرة لآن زبآئنه كثر..
وهو يبيع مختلف أنوآع الزيوت..
قرر الصآحبآن الجلوس فى أحد المطآعم لتنآول وجبة الغداء..
بعد أن أطمأنا على قيآم الآجتمآع فى موعده بموآفقه ذآك الشخص بآئع الزيت...
الذى كان آخر المدعوين..
على الحضور فى الزمآن والمكآن..

Post: #9
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-22-2014, 00:52 AM
Parent: #8

بدأت السحب تتجّمع من جديد..
وهى تغّطى وجه الشمس بهدوء ودقة..
وبدأ الظلام فى الهبوط فى وقت بآكر من ذآك اليوم..
وبدأت كادقلى مشوآر القلق الذى حّل عليها فى سنوآتها الآخيرة..
حتى بدأت ملامحها تتغير..
وشآخت وهى فى عّز شبآبها..
حركة دآئبة فى تلك المدينة ..
وخوف خفى من شئ لم يدر الآهآلى ما هو..
الجو مشحون بالسحب تآرة...
وميآه الآمطار تآرة أخرى...
ثم الخوف والتوّجس من المجهول تآرة أخرى..

كانت كادقلى تعجب من نمط الحيآة االجديدة التى فرضت عليها دون أستشآرتها..
بلد يسير فيها الحزن والفرح فى تنآغم غريب..
بلد يسمع فيها صوت الرصآص وطبول الرقص ونشيد الآطفال فى المدآرس فى نفس الوقت..
بلد يصرخ فيها أهل القتيل من الفزع..
وتزغرد فيها أهل العروس والعريس فى نفس الوقت..
أجمل بلاد الله قآطبة..
وأكثرها حزنا ودرآما..
كيف يستقيم الآمر ؟

كان الصديقآن قد وصلا الى بيوتهما عصر ذآك اليوم مع بدآية زّخّآت المطر...
وّدع كل منهما الآخر ودلف الى دآره حيث توآعدا على اللقاء مساء اليوم التآلى...
بغرض الاجتمآع..
وفجأة بدأ المطر يهطل بغذآرة..
وحل الظلام تماما على المدينة..
وترى الناس سكارى وما هم بسكآرى وهم يتلّمسون طريق العودة الى بيوتهم..

كان المشهد مثيرا للكآبة والملل..
وكآن الجميع يهرع الى بيته..
وكانت السماء تمطر بلا رحمة...
بل وبدأ الرعد يصرخ ويرغى ويزبد...
فيزيد الجو قتآمة..
ثم تصآعد الآمر...
وبدأت الصآعقة تزأر وهى تضرب بعض الموآقع التى أختآرتها بعنآية فآئقة..
من تلك الموآقع...
وفى ذآك الليل البهيم...
ضربت الصآعقة أحد البيوت الذى لا يميزه عن غيره ...
سوى أن رجلا كان يتحّدث فى الموبآيل..
وقد حّذرته زوجته بأنها سمعت الجيرآن يقولون أن الحديث فى الموبآيل أثناء هطول المطر...
يجذب الصآعقة...
لم يعبأ الرجل..
وفجأة شّقت الصآعقة جدار ذآك المنزل...
وأذن الزوج...
فأردته قتيلا..

تنّهدت كآدقلى وهى تسمع صرآخ النآس فى الليل البهيم...
رغم أن صوت المطر قد كان يعلو كل صوت..
فى صبيحة اليوم التآلى...
وقد توقف هطول المطر تمآما..
وبدلا من تدّفق الاهآلى الى حيث أرزآقهم وأعمآلهم...
توآفدوا على ذلك المنزل ...
لتقديم وآجب العزاء..
ثم اللحآق بأعمآلهم..

Post: #10
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: Khalid Kodi
Date: 01-22-2014, 04:08 AM
Parent: #9

مكرر

Post: #11
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: Khalid Kodi
Date: 01-22-2014, 04:09 AM
Parent: #9

الاستاذه نور تاور،
تحية طيبه،
هذا مشروع ممتاز ـ
اتمنى ان تواصلى فيه ب بإسهاب !.

وساعود فى مكان ماء .

مع التقدير.

Post: #12
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: محمد المسلمي
Date: 01-22-2014, 01:11 PM
Parent: #11

بت أبا نور تاور سلام
كتابة في الصميم وانا حسب رأي تعصري عليها شديد
وريحي نفسك من تعب السياسة وخلافه. (:

Post: #13
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-22-2014, 08:34 PM
Parent: #12

العزيز خآلد كودى...

قلبى وقف لما لقيت البوست أختفى...
وتآنى رجع...
أحتمال لآنه جهآز الكمبيوتر بتآعى تعبآن..
شكرا على القرءآة والمتآبعة...
وأعتقد أن وجودى فى جبال النوبة فى تلك الفترة..
يستحق أن أكتب عنه..

الشكر مكرر..

Post: #14
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-22-2014, 08:37 PM
Parent: #12

وّل أبا المسلمى..
كلامك صآح 100%..
السياسة السودآنية دى جآبت لينا القهر ووجع القلب وضيآع الوكت..
نصيحتك مقبولة..
والشكر مكرر ..

Post: #15
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-22-2014, 08:55 PM
Parent: #14

قضى أهآلى حى حجر المك يومهم ذآك فى تلّقى العزاء فى فقدهم الجلل..
فقيد الموبآيل..
والحق يقآل أن آدم مرفعين قد كان رجلا ذآ اهمية خآصة فى ذآك الحى والآحياء المجآورة..
فهو قصير جدا..
ممتلئ فى كل شئ..
ولكن رغم ذآك الآمتلاء الذى يوحى بالاسترخاء والخمول..
ألا ان آدم مرفعين قد كان ديناميكى الحركة..
وهو ينسج العنآقريب والبنابر (مقآعد) ليبيعها فى السوق..
ثم لجيرآنه وأحبابه بلا ثمن..
وهو أيضا يرفع الصريف (سور من القش) دون مسآعدة أحد ويتقن عمله جيدا..
ثم أنه يشآرك فى عمل الطوب وبناء المنآزل التى تّخلى أهلها عن القش وأتجهوا الى الطوب..
وبدأت تغّير فى ملامح كادقلى بسرعة مذهلة..
ولكن ليس كل هذا , ما كان يجذب الجميع نحو آدم مرفعين...
فقد عرفت عنه الفكآهة السآخرة..
وهو يسخر حتى من نفسه وقصر قآمته فى شكل دعآبة حّببت الى الجميع ذآك القصر وذآك الآمتلاء..
كريم لدرجة أن يعطيك آخر مافى جيبه وهو سعيد بأن ضّحى بآخر ما عنده...
أما فى منآسبآت الفرح..
وحين تدّق طبول رقصة البخسة..(بضم الباء)
فآن مجنونا عربيدا ذآك هو الذى يرقص..
يهتز جسمه ويتشّكل فى ألف قطعة وقطعة وفى سرعة مذهلة..
وينثر الوآنا معربدة أكثر جنونا ..
وهو بأختصآر يأخذ الالبآب..
وهو يرقص ويتصبب عرقا ويملآ السآحة بشحنآت من الفرح لا يستطيع كآئنا غير آدم مرفعين توفيرها..
لذلك...
وبنهآية ذآك اليوم..
طوى حجر المك والآحياء المجآورة..
بل ومئآت البشر فى أحياء أخرى..
طووا تلك الصفحة الخّلآقة..
التى تسّمى آدم مرفعين..

ذرفت كادقلى دموعها فى السر والعلن..
وبكت بحرقة...
وهى توّدع أحد علآمآتها المميزة....

Post: #16
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-22-2014, 09:13 PM
Parent: #15

وفى ذآك المساء أيضا قّدم مآومآو أعتذآره من مأتم آدم مرفعين وأتجه وجهته التى يقصد..
خرج وهو مثقل الخطى..
حزين مطأطئ الرأس على غير عآدته..
خرجت منه تنهيدة كفيلة بأن تذيب الصخرة الممتدة بنهآية مكوكية المك رّحال..
وفى الطريق دلف على أحد المنآزل حينما كان ينتظره أحد المدعوين لذآك الآجتمآع..
وفى الطريق سآد صمت عميق ...
وكلّ قد تتّبع سير أفكاره..
ولقد كانت لمآومآو قضيه خآصة ذآك المساء..
وأن وفآة آدم مرفعين قد كانت فقدا خآصآ بالنسبة اليه..

سرح مآو مآو وهو يتذّكر الصدآقة التى كانت تربط وآلده بآدم مرفعين..
رغم الفارق فى التعليم...
ألا أن كادقلى لا تعرف الفوآرق..
لذلك بنيت تلك الصدآقة بين الاثنين حتى نهتها الحكومة ذآت يوم من أيام التسعينيآت الغبراء على جبال النوبة..
حينما قآمت بتصفية سبعة عشر شابا فى يوم وآحد وفى سآعة وآحدة فى كادقلى..
وقد كان وآلد مآومآو أحدهم...
وهكذا بدأت الالفية لمآومآو هو وجيله..

فقد تعّلق بآدم مرفعين تعّلق الابن بالآب..
ولقد أحتضنه آدم مرفعين أحتضآن الآب للابن..
وهاهو اليوم يشعر ولآول مرة فى حيآته بأنه يتيم حقا..
وأن وآلده هو الذى دفن فى ذآك الصبآح...
فهو قد عآيش آدم مرفعين وترعرع فى كنفه..
ولكنه بالكآد يذكر وآلده لآنه كان طفلا..

Post: #17
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-22-2014, 09:50 PM
Parent: #16

بدأ الآجتمآع فى أحدى الغرف المغلقة من أحد الآحياء الطرفية فى مدينة كآدقلى..
أستخدم المجتمعون الاضاءة المتحركة بدلا من الكهرباء حتى لا يلفتوا الآنظار اليهم...
حيث أن الحكومة وبالرغم من أتفاقية نيفاشا وسير المرحلة الانتقالية..
ألا أنها لم تتّخل عن عآدة التجسس والتلصص والتحسس وجمع المعلومات..
لذلك وجب الحذر حتى لو كان الآجتماع لغرض اجتماعى..

بدأ الآجتمآع فى السآعة والدقيقة المحددين...
حيث كان أحترام الوقت بالنسبة لهم أمرا ملزما وتقآبل الاخلال به عقوبة صآرمة..
قرأ الامين العام أجندة الآجتمآع..
ووقف عند (موآضيع أخرى) كثيرا...
حيث أن بند الموآضيع الاخرى كما قال عآدة يعيد الاجتمآع من أوله..
فى نهآية الآمر تحدد موضوع وآحد لموآضيع أخرى..
وبدأ النقآش حول البند الاول..

جدير بالذكر أن ألامين العآم شآب يخيل لمن يرآه أنه يتمتع بقوة عشرين حصآن..
أسمه جمآل تّيه ولكن الكل يناديه جمآل سآش...
وهو جرئ للغآية ولا يعرف على حد قوله عفا الله عما سلف..
مضيفا (هى الوّدتنا فى دآهية)..
وسيم لدرجة أن أخته كانت تغيظه كثيرا وهى تعدد له ضحآيا الاسبوع قآئلة (عندك تلاته CASUALTIES الاسبوع دا) وهى تضحك..
وهى خريجة كلية الآحفاد الجآمعية..
وجمآل خريج جآمعة النيلين ويعمل موظفا فى منظمة الآمم المتحدة فى منطقة الشعير فى مدخل مدينة كادقلى..
يتحدث اللغة الانجليزية كما البلبل..
ويهتم بأنآقته بشكل ملفت..
ودآئما على عجلة من أمره ويتشآئم كثيرا..

بدأ النقاش حول البند الاول حينما أخذ مآومآو الفرصة قآئلا..

أحنا مرّكزين على البيسآندوا الحكومة ومتجآهلين الحكومة زآتها..
وأستطرد وهو يشرح وجهة نظره..
تحدث آخر قائلا...
نحن الان فى مرحلة أنتقالية ونتآبع سير الآمر..
ولكن فى حال أن ألآمورلا تسير كما ينبغى..
اذا تصبح هنآك بدآئل أخرى...
علق آخرالمتحدثين على أن مسألة الضغط على العآملين مع الحكومة هذه مهمة ويجب موآصلة ما بدأؤوه..
تطرق النقآش أيضا الى تسييس الحكومة للآدآرة الآهليه..
وبدلا من أن كانت ألآدآرة الآهلية جهآزا أدرايا وقضآئيا وأجتماعيا يعالج قضآيا المواطنين..
أصبحت هى جزءا من الآزمة..
من المك وحتى العمد والمشآيخ...
نآهيك عن وظيفة (الآمير) التى أبتدعتها الحكومة وهذه تحتها ما تحتها من خطوط..

المهم فى نهآية الآجتمآع كّلف مآومآو بكتآبة البيآن ضد آخر (معّ...... فى الحكومة) كما يسمونهم..
بأعتبارة مسئول الآعلام..
وذلك لعدة تجآوزآت قآم بأرتكابها ذآك الموظف فى الحكومة..
أضآفة الى نشر البيان فى الصحف اليومية حتى ولو أستقطعت الصحف نصف البيان وأسقطت الاسماء...
المهم الموآطن العآدى فى الولاية يفهم..
وأن موظفى الحكومة يعلمون أن هناك من يرآقبهم ويعّريهم..
وهذا هو الاهم..

Post: #18
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: علي دفع الله
Date: 01-22-2014, 10:11 PM
Parent: #17

والله حكي جميل وطاعم ومقعد ومسبك يلا واصلي ،،،
وذكرتيني تداعيات يحيي فضل الله لأنو عندي حكاوي كادوقلي مرتبطة بيحيي فضل الله
تحياتي الانسانة المحترمة نور تاور

Post: #19
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-22-2014, 10:18 PM
Parent: #18

زآئرنا الكريم على دفع الله..

ضحكتنى بى مقعّد ومسّبك دى..
أفتكرتك معزوم عندى غدا ولا عشا..

مرحب بالقراءة والمتآبعة..

Post: #20
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-22-2014, 10:21 PM
Parent: #19

الزآئر الكريم أيمن عوض ....من الفيس بوك..

ألف مرحب..
يخّيل الىّ أن كآدقلى هى التى تتحدث عن نفسها...
وما أنا الآ وسيط..
وعلى فكرة جميع الحقآئق وآقعية فقط الآسماء وهمية..

Post: #21
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-22-2014, 11:03 PM
Parent: #20

أعتكف طآرق مآومآو فى غرفته أسبوعا كآملا..
وأستكآن لصوت المطر وأنفجآر الرعد وبهيم الليل وعصفه الذهنى الخآص..
وكتبه التى يكان يحرص على شرآئها من المكتبآت المفروشة فى الآرض فى سوق كآدقلى..
أثناء النهآر كانت رآئحة الطعآم تغزو أنفه من مطبخ وآلدته وتكل (مطبخ قديم ) الجيرآن..
حيث كانت رآئحة (ملاح المفروكة) من كل لون تأتيه عبر نآفذته الضيقة...
ثم تدخل وآلدته وهى تحمل صينية الطعآم وتضعها فى الطآولة بالقرب منه..
ثم تتبآدل معه أحآديثا مقتضبه..
فهى عآدة قليلة الكلام...
كما وأنها تعرف أن أبنها يحمل فى دآخله هما كبيرا...
فلا تريد أن تشّوش عليه...
وقد أحّست أيضا أن أعتكآفه فى ذآك الاسبوع يرجع الى حزن الولد على عمه آدم مرفعين..

أتصل أحد أصدقآئه ذآت يوم وأصر أن يخرج مآومآو من عزلته تلك..
ودعآه الى حفل زوآج فى الحى لآحد أقرباء صديقهم محمد كوكو..
ورغم أن الظلام قد كان دآمسا..
فقد توآفد الخلق الى ذآك العرس زرآفآتا ووحدآنا..
فهى عآدة كآدقلى فى أن تفعل ماتريد دون أن تعبأ لعوآمل الطبيعة..

تزّينت الفتيآت بأجمل ما عندهن..
ورغم سمرة الفتيآت الفآتحة (جدا) التى كان مآومآو ينفر منها...
قآئلا أنها صبغة الانسان وليست صنع الله...
ألا أنه بدأ يشعر بالسعآدة من جو المرح والضحك والسعآدة الذى غّطى المكآن..

تم تركيب السآوند سيستم...
وبدأت المغنية تصدح بالغناء..
وبدأ الكل يرقص فى سعآدة غآمرة...
كما لو أن جميع المشآكل الحيآتية قد حّلت من جوف ذآك السآوند سيستم..
قآبل أصدقآئه فى الحى وفى الخلّيه...
وتبادلوا القفشآت والتعليقآت والضحكآت..
تدريجيا بدأت همومه فى الآنحسآر...
حتى دخلت أحدى الفتيآت التى تسببت فى أيقآف الغناء والرقص فجأه ولبضع ثوآن..

كانت الفتآة فى بدآية العقد الثآلث من عمرها...
ورغم ذلك فقد كانت تبدو فى بدآية العشرين.
كانت تلبس جلبابا افريقيا مزركشا فآقع اللون..
لا يبدو على وجهها أى أصبآغ أو بوهية كما يسميها مآو مآو...
ولكنها كانت ذآت جمال خّلاب..
وحضور طآغى بل وشرس..
فهى تتمتع بذآك الجمآل الآفريقى المتوحّش الصآرخ..
وهى تعلم ذلك..
ولكنها كانت تتصرف كما لو أنها لا تعرف تلك الحقيقة...
وهذا ما كان يزيد من ضحآيآها..

جآلت الفتآة ببصرها قليلا دآخل الصيوآن ثم توجهت رأسا الى حيث يقف مآومآو..
وقبل أن تحييه..
أبتدرته قآئله...
شفتك يومتها طآلع من المستشفى لكين أنا كنت مستعجلة مآشة الجوآزآت...
رد....
انا برضو شفتك مآشة بسرعة فما حبيت أزعجك..
المهم أنت كيف؟
كويس والحمد لله..وأنتى؟
كلو تمآم والحمد لله.... وأختصرت اللقاء..
أشوفك بعدين قبل ما الحفلة تنتهى..
وهو كذلك..
وقبل أن تسحب يدها التى تركتها فى يده طوآل ذآك الوقت وبمحض أرآدتها...
وقبوله لتلك اليد التى كانت كمّوصل سعآدة لحيآته الغريبة تلك..
كانت المغنية قد ألتفتت اليهما وهى تصدّح بالغناء...
البريدو شّطة خدرا.....

Post: #22
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: محمد علي عثمان
Date: 01-23-2014, 00:50 AM
Parent: #21

الاستاذة نور تاور ، ده مشروع كتاب ممتع، بمكن ان يكون ضمن مقرر طلابنا في السودان ، حتي يتعرف الطلاب علي وطنهم الكبير. جعلتيني اتجول داخل كادقلي الجميلة، متابعين.

Post: #23
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-23-2014, 03:20 PM
Parent: #22

زآئرنا الكريم محمد على عثمان...

هكذا نوّثق لكادقلى فى بدآية الآلفية الثالثة بكل أمانة وصدق..
والله المستعآن..
زآرتنا البركة..

Post: #24
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-23-2014, 03:54 PM
Parent: #23

أنتهى الفآصل الآول..
ونزلت المغنية من المنّصة لتفسح المجال للمغنى التآلى..
وما أن توّقف الغناء حتى أتجه مآو مآو رأسا الى حيث تجلس كلير..
الفتآة ذآت الجمآل الصآعق..
أتضح أنها تضع حقيبة يدها على الكرسى بالقرب منها..
ولم يفت عليه الآمر..

تبآدلا حديثا عآما وفى أمور عآمة..
ثم وبنهآية تلك المينى محآدثة التى قطعها المغنى التآلى بصوته النووى الصآدح..
دعته كلير الى وجبة غداء فى البستآن ظهر السبت من بعد غد..
وآفق هو ولا يبدو أنه قد دهش من جرأة كلير فى دعوته الى الغداء..
فهكذا هى..
وهكذا تعآملها مع الحيآة...
فهى قد كسرت كل القيود الوهمية فى التعآمل مع البشر...
فى ثقة وأدب وقنآعة تآمة..
وهى عآدة ما تقول لصديقآتها أن الوقت ضيق ولا يسمح بالتمسك بكل التقآليد الصآلح منها والتآلف..
وتضيف على المرء أن يختآر الصآلح ويتخّطى ما دون ذلك فى سلاسة ولكن بحذر دون أن يجرح شعور الكبآر...
عرفها الناس بأنها مؤدبة ومثآبرة فى حيآتها وأحترموا قدرتها على أدارة شئونها الحيآتية رغم قصتها المعّقدة تلك..

يقع مطعم البستآن وسط مدينة كادقلى...
فى موقع أستراتيجى حيث يرآه كل من يدخل المدينة من كل أتجاه..
وملحق به مكان للقهوة والشآى تديره فتآة أثيوبية جميلة...
دون أن تتعّرض لآى نوع من المضآيقآت من أى شخص..
بل وقد اصبحت جزءا من المكان..
والزمآن..

كانت كادقلى تتآبع تلك الدعوة الجريئة من كلير...
وكانت شديدة الشغف فى أن تعرف ما يدور فى رأس كلير..
فهى كثيرة المفآجآءآت....
وكانت أيضا حريصة على ردود أفعآل مآو مأو الخجول مع الفتيات..
والشرس فى أمور الحكومة وأفآعيلها..

أول ما يجذب فى مطعم البستآن هو جو الآلفة الذى يوّفره الديكور الشعبى للمحل..
والممزوج بالديكور الآوربى الحديث الذى بدأ يغزو كادقلى بقوة..
تسللت موسيقى بتهوفن من أحد الآركان..
وبدأ طآقم المطعم فى الحركة الدآئبة كخلية النحل...
حيث أنه وقت الغداء وكثرة الروآد..
أيضا علت أصوآت الزبآئن فى مرح وحبور..
وتسمع الضحكآت هنا وهناك..

كان الطقس بآردا بعض الشئ..
وقد أختفت الغيوم فى ذآك اليوم..
تآركة الشمس تسير فى حرية وطلاقة نحو مقرها الآبدى..
لتعود منه فى الغد..
دون أن يبدو عليها الارهآق أو التعب...

Post: #25
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-23-2014, 04:30 PM
Parent: #24

أحضر الطعآم..
كسرة وملاح رجلة (بكسر الرآء) ولحمة محّمرة وكفته (بضم الكآف) وبعض السلطآت حسب طلب الاثنآن معا..
وبدأ تنآول الطعآم فى أسترخاء وتلذذ..
قّل الكلام..
ولكن دون أن ينقطع..
حتى أنتهت الوجبة...
وتناولا عصير القونقليس البآرد..
دفعت كلير الحسآب...
ثم أنتقلا الى حيث تجلس الاثيوبية لتناول الشآى والقهوة..

فى ركن قّصى من رآكوبة الحبشية...
حيث يصدح الغناء السودآنى بأداء اثيوبى..
أخذ الحديث طآبع الجد وأقصى درجآت الآهتمام..
حيث أبتدر مآو مآو كلير سآئلا وحآله مثل المتهم الذى يتوّقع الفصل فى قضية أعدآم..
حصل شنو فى أجتمآعآت خلّية الخريجين؟
حصلت حآجآت كتيييرة وحا أحكى ليك بكل تفصيل..
أها..
عقدنا أجتماع فى أجتماع فى أجتماع لمدة ستة شهور..
ونآقشنا مشكلة عطآلة الخريجين فى الولاية فى الوكت الحكومة بتعّين خريجين من برّا الولاية..
وعقدنا أجتمآعآت بالتلفون مع خريجى الولاية فى مدن السودان وفى الخآرج لتوسيع المشآركة فى الرأى..
وجمعنا كل أسماء الخريجين العطآلة.. ..
وتخصصآتهم..
وحصرنا كل الوظآئف اللى عّينوا فيها الخريجين من بّرا الولاية..
وقفت فجأة ولكنه أصر على الموآصلة بلا أنقطآع..
أها..
سّلمنا التقرير للوآلى مرفق بخطآب طلب وقف تعيين الخريجين من خآرج الولاية وتعيين أبناء وبنآت الولاية..
أها..
أنتهى الآمر هآ هنا..
ما فآهم يعنى شنو أنتهى الآمر هآهنا..
يعنى الوآلى وهو الشخص المنوط به أتخآذ القرآر...
مالوه ؟
لا يملك حق أتخاذ القرار..
ومن الذى يملك حق أتخآذ القرآر؟
الحكومة فى الخرطوم..
بس وآلى الحركة الشعبية ما ممكن يتصّرف بالشكل دا..
ممكن جدا يا الحبيب لآنه أصلا جآيبينه وآلى ديكور ..ما عنده ميزآنية لآدارة شئون الولاية وما عنده صلاحية أتخاذ القرارات الحّساسة زى حآلتنا دى..
طيب وآلى الحكومة اللى عنده الميزانية حسب فهمى لكلامك والقدرة على أتخاذ مثل هذه القرارات الصعبة موقفه شنو؟
موقفه أنه موجود فى الكرسى بتآعه عشآن ينّفذ سياسة الخرطوم وهى تعطيل المتعلمين والخريجين فى الولاية وكل ما يمكن أن يهدد الحكومة..
يهددها فى شنو؟ أنا ما فآهم..
يهددها فى أنه الخريجين من ابناء الولاية ولّما كلهم يلقوا وظآئف أدارية وتنفيذية فى الولاية حيهددوا بقاء الحكومة بكثرة المطآلبة بتصحيح الاوضآع ونوع الكلام المابيعجب الحكومة..
أنت نآسى نوع التصفيآت بتآعة التسعينيآت ؟
وكلام الآعلام والتنمية وكل الحكى بتآع الحكومة؟
أنت قلتيها..وكل الحكى بتآع الحكومة..
حكى لتغطية الاهدآف الآساسية..

أحس مآومآو بأن ماءا بآردا نزل من أول الى آخر سلسلته الفقرية..
وأن جسمه قد تّحول الى جوآل أسمنت فلا يستطيع تحريك أى عضو فيه..
فقط عينآه كانت تبرق وتتحرك بسرعة ثم تحّولتا الى الآحمرار الدآكن..
وهو يرّكز نظره على كلير دون أن يرآها...

Post: #26
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: فيصل محمد خليل
Date: 01-23-2014, 05:10 PM
Parent: #25


Post: #27
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-23-2014, 05:12 PM
Parent: #25

ثم خآطب كلير فجأه وكأنه تذّكر أمرا هآما..
والعمل؟
يآهو دا البنفّكر فيه..
ووآصلت..
على فكرة أنا كنت فى مكآتب الآمم المتحدة يوم الخميس ولقيت فى وظآئف جديدة ظهرت..
وليها علاقة بالتخصص بتآعك..
جمآل سآش ما قآل ليك ؟
لا أبدا...
يمكن نسى..
فكأنت ردة فعله عنيفة دون أن يقصد الاساءة اليها..
جمال سآش ما ممكن ينسى...أكيد عنده سبب وجيه...
عقّبت..
صحى أنا نسيت أنه جمآل سآش ما ممكن ينسى وأكيد عنده سبب وجيه..
على العموم أنا جبت ليك نسخة من الطلب..
تناوله قآئلا..
شكرا يا كلير على أهتمامك بموضوع الوظيفة وعلى الدعوة الجميلة بتآعة الغدا دى...
بس الشآى والقهوة علىّ..
وهو كذلك..
أنقطع الحديث لبعض الوقت..
وسرح كل فى برزخه الخآص..
وفجأة ألتفت مآو مآو لكلير قآئلا..
عايز أقول ليك حآجة بس خآيف تزعلى..
رّدت بأبتسآم..
أنا أزعل منك؟ وبعدين ما سمعنا يوم أنك زّعلت على زول..
أنتى جميلة شديد يا كلير.... بتعملى دوخة..
ضحك الآثنآن معا ودفع مآومآو الحسآب وغآدار مطعم البستآن حيث تلقّفتهم شوآرع كأدقلى العريضة..
سآرا حتى موقف موآصلات ك.. ل...ب..ا (بضم الكاف وتشديدها) حيث أستقلت هى الحآفلة ووآصل مآو مآو الى حيث موآصلات حجر المك..

وبالوصول الى منزلهم قآبلته وآلدته هّآشة بآشة قآئلة..
قول منو جا يسأل منك الليلة؟
بآدلها الابتسام منو؟
جمال سآش..
دآير شنو؟
جآب ليك الظرف دا..
ونآولته الظرف..

دلف مآو مآو الى غرفته وفتح المظروف قبل أن يجلس على الكرسى العتيق خلف البآب وبدأ يقرأ..
يا مآو مآو يا أخى فتّشتك لمن تعبت..
ظهرت وظآئف فى الآمم المتحدة وعآزين نآس فى تخصصك..
وبما أنه شهآدآتك وخبرآتك عندى..
مليت الطلب باسمك وأرفقت الشهآدآت ووقعت باسمك..
ختيت اسمى فى ال reference وكذلك البآشمهندس..
بس ما تنسى تقول ليهم جمال تّيه بدلا من جمآل سآش.عآرفك بتنسى مّرآت وبعدين البآشمهندس كمال بركّيه..
حيتصلوا بيك الاسبوع الجآى فخّلى بالك من الموبآيل..
(المهندس كمال بركية) خريج هندسة بترول ويدير محلا للاسكرآتشآت فى شآرع الموبآيلات فى سوق كأدقلى..
وزميلهم فى الخلّية العآمة..
وآصل قراءة المذكرة..
وعلى فكرة أختى جآت من الخرطوم وجآبت ليك الكتىب المجننآك بتآعة قآرسيا مركيز (مآئة عآم من العزلة)..وجآبت كمان كتآبين لى شنوآ أشيبى...
الفلآتى المجنون دا ..وكمآن 1984 ومزرعة الحيوآنآت بتآعين جورج أورويل..
أبسط يآ عم .أنا كتبتهم ليها فى ورقة وقلت ليها كان ما لقتهم ما تجى..
قآلت هى لّفت فى الخرطوم زى المترآر وهسى دى هى بتكرهك..
وبالمنآسبة فى كتاب أخير بتاع تيلر كولدويل حبوبتك الآمريكية المجنونة التآنية كمآن ..
لقوا ليك كتآبها بتآع Captains and the Kings
ممكن تجى فى أى وكت لو ما لقيتنى حتلقى أمى وأخوآتى..
وعلى فكرة الآجتمآع الجآى أنا حا أدعو ليه من بدرى لآنه الآمور مآشة بسرعة الصآروخ...

ثم رسم له وجه ضآحك..
شفتك مع كلير يوم الحفلة...
آخر جمآل..

Post: #28
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-23-2014, 05:22 PM
Parent: #27

زآئرنا الكريم فيصل محمد خليل..

الصور أبلغ من الكلام..
زآرتنا البركة..

Post: #29
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: محمد فضل الله المكى
Date: 01-23-2014, 05:35 PM
Parent: #27

عندما تمتزج السياسة بالأدب والعكس .. يكون لها
طعم ولون ورائحة!

نتابع نور

Post: #30
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-23-2014, 09:22 PM
Parent: #29

زآئرنا الكريم محمد فضل الله المكى..

شكرا على المتآبعة والمرور..

Post: #31
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: محمد نور عودو
Date: 01-23-2014, 09:44 PM
Parent: #30

سلامات
الأخت الفاضلة
نور تاور
قلت أسلم عليكي بدل كل مرة أدخل وأقرا ملح وإتخارج من غير ما أدفع الحساب.
واصلي يا أستاذة ومتابعين
سلام

Post: #32
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-23-2014, 10:06 PM
Parent: #30

صبيحة اليوم التآلى توقف المطر بعد أن قضت السماء ليلتها تلك..
تصب الماء صبا على تلك المدينة السآحرة..
كان الجو منعشا..
ومنظر الخضرة التى تغّطى الجبال التى تسّور المدينة يأخذ الالباب..
وهدوء مطبق كعآدة كآدقلى التى لا يهزها أى حدث مهما كانت فظآعته..
وقد أمتنعت الشمس عن الخروج فى ذآك اليوم...
ربما لآنشغآلها بأمر يهمها..


فوجئت كادقلى فى ذآك الصبآح بأن نصفها الشرقى مفصول تمآمآ عن بقية أجزآئها..
وتعّطلت مصآلح الخلق الذى وقف حآئرا وهو يرى ذلك المآرد المجنون ..
الذى يهرول بأتجآه أقصى الشرق وهو يسلك منحنيآت وتعريجآت حتى يوآصل رحلته..
فقد فآض خور حجر المك على غير عآدته..
وملآت الميآه كل المسآحة من المحلج الجديد وحتى حىّ الحجير..
وأستمر الماء فى الانتشآر حتى حدود المنآزل الطرفيه فى الحجير...
وأنتشرت كمية من الفرآش كما لو أن الآرض قد أنشقت وأخرجتها..

تنآقض غريب جمع تلك الالوآن المستحيلة فى جمآلها وبهآئها وأشرآقها..
وغزل وّرقة الفرآش..
أمام ذآك المآرد الذى فقد عقله..
ووقوف الخلق وهم فى حآلة وجوم تآم وفى حيرة من أمرهم..

ما الذى حدث لذآك الخور الذى لم يغّير مسآرة منذ أن كأنت المدينة ؟
وما هذا الفيضآن الذى وصل الى حدود حىّ الحجير مغطيا الكبآرى ومآنعا للعبور؟

وقف الخلق فى طرفى الخور...
من نآحية الشرق ومن نآحية الغرب وكأنما على رؤوسهم الطير.....
فقد كأن المشهد أشبه بسفينة نوح بعد أن أمرها المولى عز وجل بالآنطلاق...
أو رحلة اليهود حينما كان سيدنا موسى عليه السلام يخرجهم من المدينة..
والفرعون فى أثرهم..

فقد كان موقفا رهيبا مخيفا مدّمرا للآعصآب..
يذّكر كآدقلى بالخوف الذى يعتريها من شئ ما..
وهى تحآول أن تتجآهله..
المهم هنآك شوآهد غير طبيعية..
تترآجع أمامها الشوآهد الحياتية للبشر ...
من مواطنين وحكومآت وكل التفاصيل الدنيوية الصغيرة...

رجع الخلق الى بيوتهم...
وحتى آخر النهآر تلقى جمال سآش مكآلمة من رئيس خّليته قآئلا..
الفيضآن حصل لآنه الوآلى غيّر مجرى الخور..
أما وأنه غّيره ليه وبدون ما يستشير أحد..
فدا السر اللى أحنا جآرين ورآه..
أنا مآشى للبآشمهندس عشآن يمشى معآى لآصحآبه المهندسين يشرحوا لينا الحآصل..

أقفل سآش الموبآيل وهو يتصبب عرقا..
فقد كانت تلك حالته فى الاسبوع الآخير دون أن يدرى لها سببا..
كما وأن صديقه اللدود طآئر (الشّرار) قد زآر منزلهم ليلا قبل يومين..
وعزف مقطوعة الخرآب تلك ...
ورحل..
ومع عآدة سآش فى التشآؤم..
أزدآدت وتيرة القلق لديه..
وهو يردد..
أستر يا رب..

Post: #33
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-23-2014, 10:37 PM
Parent: #32

فى الآثناء..
وفى الجزء الغربى من المدينة..
كانت هنآك أم وخآلة وشآبة فى طريقهم الى أحد المنآزل الذى يقع تماما فى حضن الجبل..
كانت سيآرة الآتوس تسير ببطء وحذر نسبة الى المنآزل التى أنشقت عنها الآرض ووضعتها هنآك..
وبعد كل مجموعة منآزل يقآبلهم أو تقآبلهم فتآة تقف فى كشك لتبيع الآسكرآتشآت وأكسسوآرآت الموبآيلات..
وعآدة توجد بالقرب من كشك الرصيد أحدهم أو أحدآهن تبيع الخضآر..
ثم بّقآل وبالقرب منه بآئعة شآى..
وهكذا وطوآل الطريق حتى وصلوا وجهتهم التى يقصدون..
والمنزل الذى قصدوه وبالرغم من وقوعه فى آخر ذآك الحى أذا جآز لنا أن نسميه حيا..
فهو ورغم أن الجبال تلتف تماما حول ذآك الجزء من المدينة...
حتى يخيل أليك وأنت بعيد بأن تلك نهآية أو بدآية جبل...
حتى تجد نفسك أمام فسحة كبيرة جدا من الآرض..
مّمهدة ومزروعه بكل أشكال الخضروات فى كادقلى..
وهناك زرآعة للذرة الشآمى والذره الحلوة..الخ
هذا أضافة الى أشجآر الحمضيآت المنتشرة هنا وهناك..

وقفت الآسرة لتأخذ نفسا عميقا بعد تلك الرحلة المضنية..
واستعدادا للموقف القآدم الذى لا يستطيعون التكّهن به..
وأطلقوا العنأن لخيآلهم ونظرهم فى تلك الخضرة الممتدة وخيرآت الدنيا المزروعة هنآك..
ووضع الجبل الذى يشبه تمآما حنو الآم على طفلها الرضيع..
وأخيرا قرروا الصعود الى المنزل الذى يقع فى مكآن عآل من الآرض..

Post: #34
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-23-2014, 11:21 PM
Parent: #33

لم يكن هنآك بابا حتى يطرقوه..
ولم يكن هناك سورا أو (حوشا) يحدد لهم أول المنزل أو آخره..
ولم يكن هنآك جيرآن يمكن اللجوء اليهم وسؤآلهم عن أهل الدآر..
أستقبلهم ك..ل...ب.. أصفر اللون هزيل قبيح الوجه ولا ينبح !
كانت تلك وآحدة من سمآت غموض المنزل..
ك...ل...ب..سودآنى ولا ينبح؟!
هذا هو الخبر..

المهم وآتتهم الشجآعة فتقدموا قليلا..
حتى خرجت اليهم أمرأة ..
هزيلة ضعيفة البنية..
يتطآير شعرها فى كل الآتجآهآت بلا أدنى حرج..
تلبس جلبابا أحمرا اللون يضيف الى الهزة النفسية لمن يدخل تلك الدآر..
أمرأة أربعينية...
ولكن وللآمآنة والتاريخ يمكن أن يحسبها المرء فى السآبعة عشر من عمرها..
بسبب ضعف البنية وليس الجمال..
وما أن رأت الزوآر حتى أنفرجت شفتآها عن أسنان بيضاء نآصعة البيآض..
وذآك تنآقض آخر يضيف الى بقية التنآقضآت فى مظهر تلك السيدة..

أما المنزل فقد تّكون من غرفة وآحدة فقط لا غير..
ورآكوبة..
وممر طويييل من الحجر مغّطى بالقش والكرتون وجوالات الآغآثه..
وهو مكان أكل ولعب ونوم اطفآلها..

نآدت على أحد أبنآئها قآئلة...
أمشى أكسر لينا عيش الريف وأقطع تبش وطمآطم من الجبرآكة (حديقة موسمية خلف المنزل) عشآن نفّطر الضيوف..
هرول الولد كما لو أنه كان يبحث عن مخرج من جو المنزل المشبوه..
والانطلاق دآخل تلك الحقول حيث الفرآشآت ومخلوقآت أخرى صديقة..

ثم ألتفتت للضيوف..
أتفضلوا عرفتوا البيت كيف؟
برآفو والله..
خشوا..
وأضآفت:
بتآع الاتوس دا خّلية يقّربها شوية ويوقفها هنا (أشآرت الى المكان)..
عشآن المكآن الهو وآقف فوقه دا تبع الجيرآن..
(ولم يكن هنآك جيرآن ولا يحزنون )ّ !

دخلت الآسرة الى تلك الغرفة الوحيدة حيث يوجد (عنقريب هّبآب) وآحد..
ثم بعض البنابر(مقآعد)..
وأشياء أخرى يصعب وصفها...
فقط يمكن القول بأن هناك كؤؤس من الفخار ومن القرع..
سيآط من كل لون..
سكآكين..وحبال..
بسآطآت وبروش..
أشياء وضعت فوق بعضها البعض فى فوضى عجيبة...
والمشهد كله يوحى بأن تلك غرفة جآن وليس بشرا سويا..

Post: #35
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-24-2014, 03:31 PM
Parent: #34

ثم دعت الجميع الى الجلوس فى (العنقريب) الوحيد الموجود فى تلك الغرفة اليتيمة..
جلست الآم فى رأس (العنقريب)...
وجلست الخآلة بنهآية (العنقريب)..
ثم وضعتا الفتآة بينهما..
فتناولت الآم رأهسا ووضعته فى فخذها بحذر وحزن وقلة حيلة...
فيما تنآولت الخآلة قدمىّ الفتآة وبدأت تدلكهما بحذر أيضا..
كل ذلك..
والفتآة لا تعى ما حولها تماما..
منذ مغآدرتهم لمنزلهم وحتى تلك اللحظة الحآسمة من تآريخ حيآتها..

أحضرت الكجورّية مقعدا و جلست قبآلتهم..
وفتحت كيسا صغيرا مهترئا تصعب معرفة لونه..
ثم ألقت ثلاثة عشر حّبة من الودع فى أحجآم مختلفة على الآرض..
وبدأت بالتركيز العآل حتى يخيل لمن يرآها بأنها قد أنتقلت الى عوآلم أخرى..
وهى فعلا قد أنتقلت الى عوآلم أخرى..
بعد فترة خيّل لضيفتيها بأنها دهرا..
رفعت الكجورية رأسها بهدوء متجهه نحو الوآلدة وبدأ البرنآمج..

بتك دى ليها أربعة شهور فى الحالة دى؟
صعقت الآم ولكنها تمآلكت نفسها...
فعلا ليها أربعة شهور بالحآلة دى..
شّغآلة فى مصلحة حكومية؟
آى شغّلة فى مصلحة حكومية..
متزوجة وما جآبت أولاد ؟
نعم الكلام دا صحى..
بّتك عندها مشكلتين مع المرتين ديل..
المرة الخدرا الجآمدة أم كلاما كتير..
والتآنية شآبة شّغآلة معآها فى المصلحة...
والمشآكل فى شنو؟
الفى المصلحة ما دآيرآها معآها ودآيرآها تطفش ولاّ تموت..
والتآنية يا أختى دى أم رآجلها دآيرآها ترقد عّيآنة كدى لحدى ما ولدها يقنع ويعّرس بت أختها...

أخيرا وجدت الآم لسآنها فسألت...
طيب والرآجل موقفه شنو؟
الرآجل دآير مرته لكّنه بقى ملخبط من كتر الكتآبة والنّقة بتآعة أمه..
طيب والعمل؟
(العمل) نطّلعه هّسه وكل حآجة ترجع مكآنها..
وبعد أسبوع تجيبوا للجمآعة حّقهم كله وألا حيرّجعوا بتك لحآلتها دى...
ويمكن يغّطسوا حجرها..
ذعرت الآم..
لا...لا..لا.. بنجيب حق الجمآعة بالكآمل وبندفع البيآض هسى دى..
البيآض يا ستى اللمّنتى عليكى خمسين ألف..
والآمور لّما ترجع زى ما كانت وأحسن تجيبوا حق الجمآعة وهم بعد شوية حيحددوا ليك الطلبآت..
بلهفة ورعشة وبدآية دموع تتطآير من عينيها..
حآضر يا أختى..الجمآعة ما بنغلط معآهم تب..ومآ فى ألا الخير..
وبدأت الجلسة العلاجية...

Post: #36
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-24-2014, 04:13 PM
Parent: #35

جمعت الكجوّرية حّبآت الودع وأعآدتها دآخل الكيس..
ثم قآمت من مكآنها وهى متثآقلة الخطى عكس حآلتها قبل الجلسة الآستكشآفية تلك..
وأعآدت كيس الودع مكآنه...
ثم أخذت وعآئا من (القرع) ونآولته للآم قآئلة..
الكآس دا فوقه حآجة ؟
ردت الآم وهى خآئفة..
لا..ما فوقه حآجة يا أختى..
طيب شيليه وأمشى على الزير بتآع الموية الورا الباب وأمليه لغآية نصه وجيبيه...
حآضر يا أختى..
كانت الغرفة مظلمة فى ذآك الصبآح المشرق شديد الضيآء..
الضوء الوحيد دآخل تلك الغرفة العجيبة هو ما دخل من الباب الموآرى..
خطت الآم بضع خطوآت خيل اليها أنها سوف تقع على الآرض من شدة الهيجآن العصبى الذى أعترآها...
عآدت بالكأس وسّلمته للكجورية..
تنآولت الكجورية الكأس وسألت الآم مرة أخرى..
الكآس دا فوقه حآجة غير الموية ؟
ردت الآم لا أبدا يآ أختى..
طيب دّخلى أيدك جوة القرعة عشآن تتأكدى..
نفذت الام ما طلب منها..
برضو مآفى حآجة ؟
برضو مآفى حآجة..
طيب أقلعى ملابس بتّك وخليها بس بالملابس الدآخلية..
وما تخآفى ... مآفى رآجل هنا..وكان جا ما حيقدر يدخل..
حآضر يا أختى..
ثم نآولتها الكجورية قنينة صغيرة من الزيت قآئلة...
مّسحيها ...
نفذت الآم ما طلب منها..

ثم بدأت الطقوس...
حيث كانت الكجورية تهمهم وهى تقوم بتمرير الكأس فى جسم الفتآة من قمة رأسها الى أخمص قدميها..
ثم يهتز الكأس...
وحينما يهتز تطلب الكجورية من وآلدة الفتآة أن تدخل يدها فى الكأس لتخرج ما بدآخله..
وهكذا أستمر الوضع لمدة سآعة تقريبا..
حيث وضعت الكجورية الكأس على الارض..
وبدأت باستعرآض المحتويآت التى أخرجت أثناء العلاج..

مجموعة أموآس..أبر..شعر بشر..أّحجية قديمة بنّية اللون..سلسل رفيع من الحديد ..الخ
ثم رفعت الكجورية رأسها مخآطبة الآم وكلتيهما فى حآلة أعياء تآم...
تعرفى الكلام دا معنآه شنو؟
لا يا أختى..
دى الكتآبآت الفى جسم بّتك..ولسه ما خلصنا..
المّرة الجآية تجيبوا حق الجمآعة ونكّمل العلاج وأبشرى بالخير..

كّتر خيرك يا أختى ما عآرفة أشكرك كيف..
أولا تشكرى الجمآعة ما أنا..
وبعدين لما بتّك تطلع الجبل بى رجليها المرة الجآية حتشكرى الجمآعة أكتر..
والمّرة الجآية بتين يا أختى؟
يوم التلات الجآى فى نفس الوكت, مضيفة (يكّفينا شر الوكت)..
ثم عآدت الكجورية الى نهآية الغرفة وتحدثت مع من تحدثت وعآدت قآئلة..
العلآج بيكلف خمسمية الف..كّله بى حق الكرآمة..
ردت الآم فى لهفة..
مافى عوجة تب..بندفع المبلغ..أحنا دآيرين شنو غير صحتها ؟
المبلغ دا ممكن يكون كبير شوية لآنه أحنا حنعمل ليها تحصين.
تآنى أى زول يحآول يأذيها الطب يرجع فوقه..
وبعدين بّتك كان ما صحت وأكلت وشربت وطلعت الجبل بى رجليها المّرة الجآيه, تجوا ترّجعوا الخمسين ألف..
ابدا والله خمسين شنو البنرّجعها ؟
أحنا كان ما وآثقين فيك من سيرتك الفى كل لسآن كان جينا ؟
أحنا زآتو كان ما محظوظين كا ن لقينآك ؟

أنتهت الجلسة..
وخرجت الكجورية لتدخل بسلطة التبش والطمآطم والذرة الشآمى المشوى ودعت ضيوفها قآئله..
بسم الله.. أرح.. نخّلى حآجة للبت لآنها حتصحى قبل ما تمرقوا من هنا...
ما كان لآحد أن يتجرأ ويرفض دعوة كجورية للطعآم..

Post: #37
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-24-2014, 08:14 PM
Parent: #36

عآد البآشمهندس بركّية والكوتش من لقاء المهندسين لمعرفة أسباب تحويل الوآلى لمجرى الخور..
أتجه الآثنآن لمنزل سآش بعد مكآلمة تلفونية للتأكد من وجوده ....
وجدآ صديقهما سآش فى حآل كما قآل الكوتش مدآعبا أيآه....
حآلتك مريبة يا سآش..
يعنى بعد كل الفرش والديكور الآوربى دا..
ونبآت الظل...والذى مّنه..
خّآتى ليك شريط فيديو بتآع رقصة البخسة ؟
رد سآش وهو جآد القسمآت ولا يبدو أنه قد أستحّب ذآك المزآح..
أنتو عآرفين رقصة البخسة دى ما مجرد رقصة..
دى صلاة عديييل...
سأل الاثنان بصوت وآحد..
كيف الكلام دا ؟
شوف الرآقصين نساء ورجال فى وآحد بعآين للجنبه؟ ولا حّآسى بالحضور؟
كلهم بيسبحوا فى ملكوت ربنا..
عآيشين حآلة خآصة كدا ما بتلقوها الا فى رقصة البخسة..
عشآن كدا أنا بتمنى رقصة البخسة دى تستمر لغآية يوم القيآمة وتدّشن بدآية يوم الحسآب....
ضحك الاثنآن وهم ينظرآن الى بعضهما البعض...

ثم تنآول الكوتش الحديث قآئلا..
جينآك بالنجيضة فى موضوع الخور...
عّقب سآش قآئلا...
أنا عآرف أى حركة ورآها الوآلى ما خير..
عشآن كدا ما أتحمّست لكلام المهندسين..
مع الآحترام يعنى..
الوآلى دا زى ديك العدة ومآفى زول بيقدر يحّجمه...
كل البيآنآت الآتكتبت عنه ما جآبت نتيجة..
الشكآوى الموقعة للحكومة بدآية برئيس الجمهورية برضو ما جآبت نتيجة..
كتآبة فى الصحف..ما جآبت نتيجة..
وآضح جدا أنه الحكومة مبسوطة مّنه وعشآن كدا خّآتآه فى قلبنا..
عّلق الكوتش...
الكلام دا كله صحى..
والمسألة عآيزة ليها ترتيب تآنى ما دآم الحكومة مصرة عليه..
وموآصلا حديثة...
وبعدين يا أخ أنا محتآر..
أى وآلى يجيبوه الولاية دى يا يكون حرآمى ولا تآجر سلاح و لا مجرم حرب ولا بلطجى..
كرهونا العيشة زآتو...
أستلم الباشمهندس دفة الحديث قآئلا..
موضوع الوآلى دا طويل ودآير ليه نفس أطول..
أحنا هسه فى موضوع الخور...
أنتبه سآش الى موضوع الخور الذى شغلته عنه رقصة البخسة سآئلا.
صحى مشكلة الخور شنو؟

هنا وضع الباشمهندس بركّيه مجموعة صور لخرآئط توّضح جميع المجآرى المآئية فى كادقلى...
وخرآئط أخرى توّضح جميع المجآرى المآئية فى الولاية..
ثم أوضح النقطة التى تم فيها تحويل مجرى خور حجر المك..
ثم أتبعه بصور لتقارير هندسية توضح العيوب التى تصآحب تغيير مجرى الخور..
ثم وقف بأنتظار تعليق سآش الذى بدأ متسآئلا...
كل دا والوآلى برضوا غّير مجرى الخور؟
ثم وآصل...
اذا الوآلى عنده أغراض أخرى حقيقية غير المعلنة وهويريد أن ينفذها فى الولاية..
تدخل الكوتش قآئلا..
الخور لازم يرجع لمجرآه الطيبعى.لآنه من غير المعقول أنه الوآلى يتدّخل فى شغل ربنا سبحانه وتعآلى كمان..
سأل الباشمهندس..
وحنرّجعه كيف بدون ما ندخل فى حرآبة مع الوآلى؟
رد الكوتش..الخور حيرجع لمجرآه برضى الوآلى أم لا..
هو فآكر الولاية دى بيت أبوه ؟

Post: #38
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-24-2014, 08:51 PM
Parent: #37

الكوتش رجل أربعينى خفيف السمرة..
متوسط الطول والحجم..
شرس القسمآت وعنيد الطبآع..
هآدئى ألا حينما يبدأ فى الحديث...
حينئذ يكشف عن صوت جهور لا يملكه ألا مؤذن أو مغّنى روك أو مذيع..
ورغم ما عرف عنه من طيبة القلب..
ألا أنه لا يجآمل فى الحق ولا يحيد عنه مهما كانت النتآئج أو قرآبة الظآلم..
ورغم أنه فى بدآية ألاربعين من عمره ألا ان نموه والله أعلم قد توقف فى الثآلثة والثلاثين...
متزوج وله أطفال...
خريج..
محآمى..
ناجح فى عمله...
وتحيط به هآله من غموض محبب رغم وضوحه فى كل شئ..

الكوتش هو الآسم الذى أطلقه عليه أصدقآئه..
لآنه أيضا يلعب كرة القدم ويبرع فيها..
ولكن أسمه الحقيقى هو أبراهيم سليمان..
ويبدو أن للاصدقاء فى كادقلى سطوة وقدرة على تغيير أسماء أصدقآئهم دون أن يعترض أى من الاصدقاء أو أهل الاصدقاء...
والكوتش هو رئيس الخلية الرئيسية التى يتقلد فيها سآش منصب الامين العام..البآشمهندس كما ل بركّية منصب أمين المآل وطآرق مآومآو مسئول الاعلام..

وأثناء ذآك الحوآر السآخن حول الوآلى ومجرى الخور..
أطرق الباب ليدخل طآرق مآو مآو الذى كان قد دعى لتلك الجلسة غير الرسمية..
فى الحقيقة تم الاتصال بعدد كبير ولكهنم أعتذروا جميعا نسبة الى أن الدعوة كانت مفآجأه والوقت ضيقا..
فيما عدا مآو مآو الذى لا يبعد بيته كثيرا من سآش...
والذى لم يكن يتقيد فى تلك الفترة بعمل ما..

وبما أن طآرق مآو مآو شآب محبوب جدا...
ولديه حضور دآفئ..
وجمآل أبتسآمة..
وصوت رخيم كما المسآج من أصآبع ممرضة فلبينية..
صرآحته حد الجرأة..
رغم الخجل الذى يغّلف بعض حركآته..
وهو أغذرهم ثقآفة ومعرفة...
ذرع مآو مآو نفسه وسط الغرفة كما يفعل عآدة..
وتجوّل ببصره فى جميع أرجاء الغرفة...
ثم ألتفت لسآش قآئلا..
أنا الليلة عايزك تعزف لى موسيقى بيتهوفن بعد الجلسة دى...
صرخ سآش وهلل وقفز وهبط وأستدآر وأستعدل قآئلا لآصدقآئه..
يآهو دا زولى البفهمنى..

Post: #39
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-25-2014, 00:05 AM
Parent: #38

أنتهى الحوآر حول ينآبيع ومجآرى الميآه فى كآدقلى..
وتناول المجتمعون موضوعا آخر ..
عّج صآلون سآش برآئحة الشآى والبن والذرة الشآمية المقلية وبعض خيرآت الخريف التى بدأت تظهر..

الموضوع الآخر هو حآلة أنسانية لآمرأة مسّنة..
فقد ت أولادها وبنآتها فى فترة التسعينيآت من القرن المآضى..
أبآن الحملات العسكرية الشرسة على أهل الولاية...
مآت من أسرتها من مآت...
وقتل من أبنآئها من قتل..
ونزحت بنآتها مع أزوآجهن الى أقصى الشرق..
أو أقصى الشمآل..
وفقدت أثرهم جميعا...
وتدريجيا توّقف التوآصل مع بقية الاحياء ..
تماما مثل آلاف الآسر فى الولاية فى نهآية الثمانينيآت...
وطوآل فترة التسعينيآت..
وما زآلت العجوز تدمع وتبكى وتقول لكل من تقآبله..
لو لا أن الحكومة منعت العزاء على القتلى....
ومنعت نصب الصيوآنآت وتلّقى العزاء...
ولو تركوها تقيم العزاء وتبكى أحبآئها وتسلم أمرها لله...
لما ظلت نيرآن تلك الفترة المظلمة...
متقّدة فى دآخلها باستمرار..

عموما ..
فتح سآش موضوع تلك المرأة المسنة قآئلا..
فى موضوع لازم نخلص منه وفى أقرب وقت..
أيّد الباشمهندس كلامه قآئلا..
فعلا الخريف قّرب ينتهى وتجف الآرض ونقدر ننفذ المشروع..
خآطبهم الكوتش قآئلا...
ياشمهندس أنت جلآبى ....
يعنى بتعرف تجيب الفلوس من وين..
وكمان المسئول المآلى..
فكّرت نجيب ميزانية المشروع دا من وين ؟
تدّخل مآومآو قآئلا..
المشروع أنسانى وما يحتآج ميزأنية ومسئول مآلى..
أحنا عآيزين نبنى ليها سور ودورة ميآه ورآكوبة..
مش دا المطلوب ؟
علق سآش قآئلا هو دا المطلوب...
وآصل سآش قآئلا..
كل وآحد فينا يحدد هو حيقدم شنو..
وبعد كدا نسأل بقية الاصحآب..
تدخل البىشمهندس قآئلا..
أنا متبرع بلورى رملة..
ضحك الكوتش قآئلا..
ما قلت ليكم جلآبى وبيعرف محل القروش ؟
البشوفك بتبيع أسكرآتشآت فى شآرع الموبآيلات أصلوا ما يتخّيل أنه عندك لورى ترآب..
وبتبيع الرملة للعمآرآت الجديدة القآيمة....
والطلبية والوآحدة بى ميتين ألف. ويوآصل...
فآكر يا بآشمهندس أيام المدرسة لّما كنت بتبيع كتبك القديمة للدفعة الورآك؟
وأنفجر الجميع ضآحكا...
عّلق الباشمهندس حينما هدأت موجة الضحك..
أنا بس كنت عآيز الحكومة بت اللزين دى تعّينى مهندس فى حقول النفط عشآن بس أرتآح نفسيا...
وعلت موجة من الضحك مرة أخرى..
تنآول كوتش الخيط قآئلا...
أنا متبّرع (بالشرآقن) بتآعة الرآكوبة....
أحنا برضو مش حنبنى ليها الرآكوبة..
تدّخل سآش قآئلا..
وأنا متبّرع بلورى الطوب..
علق مآومآو قآئلا..
وأنت برضك جلابى أسود .... يعنى وظيفة الآمم المتحدة ما كفآية , عملت ليك كمآين طوب؟
هنا تدخل الكوتش وتحدث بصرآمة وهدوء..
لو ملآحظين يا جمآعة الخريجين المآلين البلد دى بيعرفوا يدبروا أمورهم..
حتى الخريجين المنكوبين الجآيين من برا الولاية قآدرين يدبروا حيآتهم..
لغآية ما الناس تشوف ليها صرفة مع الحكومة العجيبة دى..
شوف مثلا أصحآب البآشمهندس الشباب الجآى من الجزيرة..
معظمهم خريجين...
مؤجرين بيت وسآكنين بالجملة..
وبيبيعوا الموية..
وقآلوا بيكسبوا كتير من بيع الموية لآنه فى أزمة فى توصيل الموآسير لمعظم البيوت فى كآدقلى..
الشباب ديل لّما تقعد معآهم وتسمعهم بيتكلموا عن العبث بتآع الحكومة فى الجزيرة,قلبك يقول ليك تشيل ليك سيف وتقع في الحكومة جزر..
تدخل سآش..
رآيكم شنو نعزمهم يوم فى رحلة..
ونتفآكر؟
رد الباشمهندس متحمسا..
أنا موآفق..
والله شباب ظريفين بشكل..
وأهونسمع مصيبة غيرنا ..
أمّن الجميع على الفكرة..
وتوآصلت التبرعآت لبناء سور الحآجة ورآكوبتها بالتلفون..
وتقرر تنفيذ البرنآمج عند وقف الآمطار حيث أن الخريف قد قآرب نهآيته..

أنفض المجلس..
وخرج الكوتش والبآشمهندس...
فيما بقى مآو مآو لموآصلة السهرة مع صديقه..

Post: #40
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-25-2014, 04:41 PM
Parent: #39

خرج الكوتش والبآشمهندس من منزل سآش..
أستقل كّل سيآرته وأبتلعهما الليل البهيم..
تحّرك سآش من مكآنه وأتجه نحو الآورغ الآسود الضخم القآبع فى ركن قصى من صآلونه المترف...
وبدأ يعزف حتى أنه نسى وجود صديقة مآو مآو..
فقد أستسلم لجو الآلفه..
وال (oneness) الذى يربطه بصديق عمره مآو مآو..

سآد صمت طويل..
حّلق مآو مآو خلاله فى برزخه الخآص..
وطآر مع كلير بلا أجنحه..
الى عوآلم بعيدة..
حيث فرشت كل الآرض والسماء بشتى أنوآع الورد..
وأنتشرت ملايين الفرآش فى كل أتجآه..
وعبق الجو برآئحة ملايين زجآجآت العطور..
عبرت حيوآنآت أخرى جميلة واليفة الطريق الى حيث لا تدرى هى..
رغم علمها التآم بأنه المقر والمستقر..
رقصت ينآبيع الميآه جذلا من شدة الفرح..
تنآهت الى أذنيه أجرآس الكنآئس وصوت الاذآن ومحد وردى والمغنية نآدية قنبله وصوت الرصآص الذى حصد سبعة عشر شآبا فى ذآك الصبآح اللئيم فى رحم التآريخ منتزعا وآلده أنتزآعا..
والفنان محمود تآور يعربد فى أغنية يّما الشوق..
ممتزجا بطبول البخسة والكمبلا وكل أيقآعت الخلق..
جذبه سآش الى الوآقع حيث أنتهى العزف..
أستدآر مآو مآو تدريجيا وهو مثقل وحزين كمن تعآطى مخدرا وسأل صديقه...
عرفت كيف أنى قآصد المقطوعة دى بالذآت من بيتهوفن ؟
رد سآش بابتسآمة خبث من صديق عزيز وبنفس هدوء المآو مآو قآئلا..
بيعزفوها فى مطعم البستآن..
لم يدهش مآو مآو ولكنه أنفجر ضآحكا...
أنت ما بتفوت عليك حآجة أبدا؟
رد صديقه...
ما بتفوت علىّ حآجة لآنه كادقلى دى لو أنت يا مآو مآو نآيم فى بيتك وبتحلم حتعرف أنت كنت بتحلم بى شنو..
مضيفا..
يا مآو يا أخ عندك هآلة كدا من السحر بتخّلى كآدقلى كلها جآرية ورآك..وأضآف وهو يضحك..
وطبعا أنا أو لهم..
ضحك الآثنان طويلا حتى قطع سآش ذآك الضحك فجأة كعآدته فى تحويل دفة الحديث قآئلا..
أنا عندى موضوع وآجعنى يا مآو....
تفضل يا الحبيب..
أحكى ...

Post: #43
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-25-2014, 05:19 PM
Parent: #40

بدأ سآش كمن يستعد لمرآفعة فى محكة جنآيآت فى قضية يعرف هو أنه الخآسر ....
قآئلا..
نحن نعرف أن الحركة قد نفّذت 29% وكسر من أتفاقية الترتيبآت الآمنية...
والسبب يعود الى عدم ثقة الطرفين فى نيفاشا وفى بعضهما البعض..
الحركة تتردد فى تسليم كل الجنود والسلاح للحكومة لآنها ترى أرتآل من الجنود الذين ترسلهم الحكومة الى الولاية...
فأنت ترى كيف أن مدخل المدينة ووسط السوق يشهد هذه الحشود العسكرية وبأستمرار...
ثم يختفون...
والسبب أيضا هو أسلوب الحكومة فى أدآرة الولاية وأن لم نقل السودان أجمعه..
وأنت ترى التنمية التى يتحدث عنها الوآلى الآفة التى تتركز فى رصف كل الطرق المؤدية الى معسكرآت الحركة فى الخرسآنة والدبب والآن طريق كادقلى كودا..
وأنت ترى الوآلى أيضا يقوم بأستعرآض للقوة كل يوم والتآلى ويتحّكم فى ميزآنية الولاية..
لا أريد الحديث عن ميزآنية الولاية الان..
موضوعى الان هو الشباب العآئدين من حرب قضوا فيها كل عمرهم...
منهم أميين وأنصآف متعلمين ومغبونين وليس للآغلبية منهم أسر أو عآئلات..
فالبندقية هى كل العآئلة بالنسبة اليهم...
وأن أسرهم وعآئلاتهم أما أنهم قتلوا أو نزحوا قسرا أو طوعا أو مآتوا..

ففى مسألة الدمج والتسريح هذه تعود حكومة الآزهرى الى قلب التآريخ..
لتذّكرنا ببرنآمج السودنة حيث منحت الوظآئف القيادية والادارية والتنفيذية للشمالين فقط بدعوى عدم تعليم أهل الهوآمش...
ها هو التآريخ يعيد نفسه...
ونحن شهود على هذا التآريخ...
ما تفعله الحكومة بالنسبة لهؤلاء الجنود هو بعض جنيهآت ليبدأوا بها حيآتهم...
وهى لا تكفى لشراء سبعة بقرآت أو محتويآت كشك سجآير..
وهم يرون كيف أن أجمل سنوآت أعمآرهم قد رآح أدرآج الريآح...
والقضية لم ترآوح مكآنها..
وأننا نحن الذين لم نحمل السلاح هم المتعلمين وحملة الشهآدآت والعآملين فى وظآئف عآلمية..
هذه المشكلة تنذر بأنفجآر مدّوى..
وايقآع وطبول تدّقها جميع قوى الشر فى الولاية...
ثم تقضى الاصداء على من تبّقى وما تبّقى فى الولاية..
ولا ندرى متى..
ونحن عآجزون..

الشآهد أننا سوف ندفع ثمن عدم الثقة بين الحكومة والحركة...
كما دفعنا ثمن الصرآع العسكرى بينهما..
والشآهد أيضا أن المنطق يقول ...
أن الحكومة تصر على استلام السلاح وتسريح الجنود..
ثم تعود لبرنآمج القصف...
وبرنآمج حسم التمرد...
وكل الكلام الموجع الذى تردده الحكومة فى غباء..
وهى تدرى أو لا تدرى أن أول الحرب كلام..
فاين المخرج؟
وكيف يمكن تدآرك الآمر؟
وكيف يمكن معآلجة مشكلة الشبآب العآئد من الحرب؟

أفتينى يا صديقى...

Post: #41
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: محمد جمعه الخير
Date: 01-25-2014, 04:45 PM
Parent: #39

ياسلام عليك يا استاذة سرد ممتع وانيق .

وجوله سياحية جميلة في كادوقلي

Post: #42
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: AMNA MUKHTAR
Date: 01-25-2014, 05:12 PM
Parent: #41

لك التحية نور حفيدة الباسلة مندي بنت السلطان عجبنا .

وبوست كما توقعت ..
يؤرخ لمرحلة مهمة جدا من تاريخنا المعاصر ..
وفي منطقة شاء لها الإستعمار الجديد أن تظل مشتعلة ..كوقود لحروبه العبثية والعنصرية التي لا تنتهي ..!!

وذي ما قال أحد الأخوة ، ما أحلى أن يمتزج الأدب بالسياسة
فيجعلنا نتأمل ثم نتأمل ..ثم نذهب ونعود لنعيد الكرة ..
ونتأمل علنا نعتبر ..علنا .

Quote: كانت كادقلى تعجب من نمط الحيآة االجديدة التى فرضت عليها دون أستشآرتها..
بلد يسير فيها الحزن والفرح فى تنآغم غريب..
بلد يسمع فيها صوت الرصآص وطبول الرقص ونشيد الآطفال فى المدآرس فى نفس الوقت..
بلد يصرخ فيها أهل القتيل من الفزع..
وتزغرد فيها أهل العروس والعريس فى نفس الوقت..
أجمل بلاد الله قآطبة..
وأكثرها حزنا ودرآما..
كيف يستقيم الآمر ؟


نعم ، هذا هو السؤال : كيف يستقيم الأمر ..
إنها إرادة الحياة ..التي تنتصر وسوف تنتصر على رسل الموت والدمار
فى وطني .


واصلي ..ولا تتوقفي أبدا ..

Post: #45
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-25-2014, 05:33 PM
Parent: #42

أمونة ....
زمّردة الشرق الخضراء...

سعدت بدخولك وأحسست بك جزءا من هذه الملحمة التآريخية ....
فى جبالنا الحبيبة...
وكادقلى جنة الله فى أرضه..
أحرص أشد الحرص أن أكتب الوآقع...
ولا شئ غير الوآقع..
فقط الاسماء والاسلوب الدرآمى فى عرض المشهد..
هم الآختلاف..

Post: #44
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-25-2014, 05:28 PM
Parent: #41

زآئنا الكريم محمد جمعة الخير...

زآرتنا البركة..
هذا (السرد الممتع) يفّجر فى دوآخلنا كل التفآصيل الحيآتية الموجعة..
التى تتحّملها كادقلى فى قدرة لا نقدر عليها نحن..
وعلى العموم ما أكتبه وآقع..
فقط تغيير الاسماء وبعض المشآهد...
حتى نوّثق للالفية الثآلثة فى جبال النوبة...
بكل أمآنة..
وللعمل السياسى الف وجه ووجه..
نهآرك سعيد..

Post: #46
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-25-2014, 06:51 PM
Parent: #44

توّقف سآش عن الحديث...
وأطرق رأسه على غير عآدته..
حيث عرف عنه أنه لا يطرق رأسه ألا أمام وآلدته..
وسرح مع جنود الدمج والتسريح..

قطع مآو مآو ذآك الصمت قآئلا..
دا موضوع كبير ومعّقد...
ولو أستمرت الحكومة فى سيآستها دى..
الله أعلم حنصل لى شنو؟
وعلى العموم أنا زيك شآعر بأرهآق شديد...
و حا أوآصل معآك الموضوع دا مرة تآنية..

رفع سآش رأسه وقبل أن يفتح فمه بكلمة...
كان طآئر (الشّرار) قد وقف عاموديا فى صآلونه وبدأ ينعق..
قفز سآش كمصآرع فى حلبة صرآع ووجد نفسه بالقرب من الباب...
أبتدره صديقه قآئلا..
أها قمنا للخرآفآت بتآعتك دى يا سآش ؟
دى ما خرآفآت..
ممكن تقول لى صآلون بيتى ليه من دون أى بيت تآنى؟
الصدفة يا أخى بتخلية يغّرد فى أى مكان..
يغّرد؟ بالذمة دا بيغرد ؟
دا ما بيغرد يا مآو...
دا بدق طبلة النحآس البتنآدى بالحرب..
حرب شنو يا أخ؟
أت عشان حكاية الدمج والتسريح والجنود المسرحين دى لسه فى بآلك..
يا مآو..الشّرار دا قآصدنى عدييييل..
يعنى قصدك حتقوم حرآبة فى بيتك؟
يا سآش يا اخ أطلب لينا العشا أنا جعآن..
جعآن؟
وكمان دآيرنى أطّفحك؟
ضحك الاثنان..
وأنا حا أطفح برآى؟
ما أنت هسه حتبقى سيد الشى زآتو..
خلى ست الكل تعمل لينا سندوتشآت وشآى وكاكاو..
يعنى بتتشّهى كمان وأنا فى الحآلة دى؟
الحآلة دى هى أنعكآس للشى الجوآك..
أمشى جيب لينا العشا وبلاش غلبة..
خرج سآش قآصدا المطبخ ووجد وآلدته قد أعّدت صينية طعآم من كل لون..
يّمة سّهرنآك معآنا...أعفى لى..(وهو مطأطأ الرأس)..
وأنا غير خدمتكم فى حآجة بتبسطنى؟
هآك المفرش دا أمشى أفرش السفرة وتعآل شيل الصينية..
حآضر يّمة..
عآد الى الصآلون...
سلم المفرش لمآو مآو...
وعاد وحمل الصينية وسلمها لمآو مآو...
وعآد وحمل أباريق الشآى والكاكاو والكركدى..
وجلس الاثنأن يتاولان الطعآم..

نظر مآو مآو لصديقه وهو مشفق عليه وقد أحس بوخز ألالم فى قلبه..
هذا لآن صديقة شديد الصدق ويتفآعل مع الآمور الخآصة والعآمة بنفس العمق ..
ولكنه يقآومه حتى لا يستسلم صديقه سآش لليأس..
نظر الى صديقه قآئلا..
ما قلت حتطّفحنى برآى..
هسه بيقت صآحب الشى ليه؟
يا زول أكل الحآجة دا أنا ما يقدر أقآومه....
ثم أنه كلامك دا ما حيخلينى اقوم وأخلى ليك السفرة..
شوف ليك حيلة تآنية..

أنتهى الآثنآن من تناول الطعام..
شربا الشآى والكاكاو و الكركدى..
ونسفآ كل ما أعدته الست الوآلدة..
وقف الاثنان فى نفس الوقت حيث يتمتعآن بذآك التفآهم العميق..
خرجا من الصآلون حيث خرجت الوالدة من المطبخ عند سمآع أصوآتهما وهى توجه الكلام لآبنها..
ماتوقف العربية لآى زول فى الليل دا..
البلد أتملت أغرآب ومجرمين..
حآضر يّمة..
و مخآطبة مآو مآو...
سلم على أمك يا مآومآو وقول ليها القهوة بكرة فى بيت خآلتك نفيسة..
حآضر يمه...
فهو أيضا يناديها يّمة..

أوصل سآش صديقه..
وعآد الى بيته..
وغط فى نوم عميق..

Post: #47
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-26-2014, 01:14 AM
Parent: #46

أنتهى موسم الخريف..
وبدأ موسم الحصآد أو الدرت كما يسمونه..
وتفّجر الخير فى كل بيت وكل سوق وكل حى من أحياء كادقلى..
وبدأت موآسم الفرح...
من أعرآس...
وطهور..
و ترميم منآزل...
و تجديد أثآث من عنآقريب وبنآبر وغيره..
ثم شراء ألآثاث الآوربى الذى بدأ يغزو بيوت كآدقلى ومكآتبها..

تم بناء السور للحبوبة دمكا كما ينآديها الجميع..
وكذلك بناء دورة الميآه..
ثم بناء الرآكوبة أمام القطّية..
زآئد زآوية من الطوب دآخل الرآكوبة حتى تستعملها كمطبخ...
وتم تركيب بآب من الحديد للسور...
ولم يصبح بالآمكآن رؤية حبوبة دمكا من على الشآرع الرئيسى...
وهى تتجول بين قّطيتها اليتيمة وشجرة النيمة التى تتربع وسط دآرها..
وهى تّعد بضآعتها للسوق..

فهى عآدة تعد الويكة والفول المدمس والدكوة والشطة والكمبو والكول دآخل رآكوبتها..
وهى الان تشعر بالآمن والسعآدة...
كما وأن الباب منع عنها الغنم والكلاب الضآلة والفضوليين من كل لون..
وبدأت تدندن بأغآنى (زمآن) فى دخولها وخروجها..

ورغم مظآهر الفرح والسعآدة البآدية على الجميع..
ألا أن كأدقلى كانت تعآنى من أمرآض فّتآكة..
وكانت تشعر بالتورم فى الارجل وأمراض الرطوبة والامرآض المصآحبة لتلوث الاشعآع..
تلوث الآشعآع الذى تتكتم عليه حكومآت المركز ..
وتركت الامرآض تستشرى فى جسد تلك المدينة السآحرة..

أيضا ظهرت دمآمل وقروح أجتمآعية فى كل جسدها..
ولم تجد فى دآخلها ذآك الفرح الطآغى الذى كان يتفّجر مع موسم الحصآد..
رغم كل الطبول العبقرية ....
التى تجلجل من كل ركن ومن كل عضلة فى جسمها..
والصدى الذى تردده الجبال..
ولم يكن ذآك الموسم من الدرت...
مثل أى درت سآبق..

Post: #48
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-26-2014, 01:35 AM
Parent: #47

بعد تفكير قصير...
قررت كلير تغيير رخصة سيآرتها الآتوس..
من عآمة الى خآصة لتستخدمها...
بدلا من بهدلة الموآصلات كما كانت تقول..
وفى ظهر ذآك اليوم السآخن بكل معنى سآخن...
أتجهت كآدقلى الى شآرع الدلالة فى السوق..
وكذلك كلير..
فقد كان شآرع الدلالة يمثل نبض الحيآة لذآك السوق العتيق..
وميزته الاساسية هى أن كل من يرتآد السوق..
يجب أن يعبر شآرع الدلالة بشكل أو بآخر..
وميزته أيضا هى أنك يمكن أن تحصل على أى شئ تريد شرآءه..

نصبت نساء كآدقلى صيوآنا بالقرب من شآرع الدلالة...
وأسمينه رآكوبة الجندر..
حيث تقرر منآقشة أوضآع النساء فى كآدقلى..
ولمدة أسبوع كآمل حسب البرنآمج المعد....

حضرت جموع النساء من كل لون وكل أثنية وكل دين وكل توّجه سياسى أو عمل وظيفى..
وكان شعآر تلك الرآكوبة..
نساء كآدقلى فى الميدآن..

حضرت الحّكآمآت..
الحريفآت..
نساء المنظمآت..
نساء الآحزآب ....
نساء المؤتمر الوطنى ....
نساء الحركة الشعبية..
وحضرت الموظفآت..
ثم البآئعآت من كل لون وصنف..
والعآملات...
وحضرت ممثلات عن قبيلة الآمبررو..
ووفود من أنحاء الولاية..
وبداء الميكرفون يجلجل...

Post: #49
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-26-2014, 01:52 AM
Parent: #48

كانت كلير ترتدى بنطآلا أسود..
وقميص أبيض اللون وضفآضا يصل الى ما تحت الركبة...
ثم صديرى قصير رمآدى اللون يقف عند حد الآكتآف..
ثم حذاء رمآدى اللون ولآمع بنصف كعب عآل..
هذا لآن كلير تتمتع بطول فآرع..
وكانت تمّشط شعرها حسب الموضة فى كادقلى فى تلك الفترة..
ويسمونها pencil
ثم أحتضنت حقيبة يد بيضاء اللون كبيرة جدا بالنسبة لحقيبة يد...
نزلت من سيىآرتها بعد أن أوقفتها بالقرب من الرآكوبة...
وتوجهت الى الدآخل..

فى الحقيقة كانت تلك قآرة أفريقيا تقطع الشآرع..
أو قل قنبلة نووية تسير على رجلين...
أو قل ما شئت..
المهم دخلت كلير..
وّحيت من أستطآعت من الحضور...
ثم وشوشتها أحدى معّدآت البرنآمج لتبلغها بأنها المتحدثة بعد كلمة الافتتآح..
وقد كان موضوع الورقة الآولى هو العنف ضد المرأة فى الولاية..

بعد كلمة الافتتآح...
أعتلت كلير المنصة..
وبدأت تتحدث دون أن تقرأ من ورقتها التى أعدتها والتى كانت قد سلمتها لآحدى مقّدمآت البرنآمج..

Post: #50
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: munswor almophtah
Date: 01-26-2014, 02:02 AM
Parent: #49

نور يا قول الحقيقه بلسانها ومن مكانها ربنا يمكنك من قول كل شئ
وبكل وسائل القول فذلك درجة من الإيمان بالله ربا والوطن مكانا
له واجب علينا والناس وما يستحقون منا - لك من السلام ما يرضيك

Post: #51
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-26-2014, 02:33 AM
Parent: #49

وبدأت كلير...

قبل أن أتحدث عن العنف الذى يمآرس علينا نحن نساء هذه الولاية العظيمة...
أوضح أنوآع العنف الذى أقصد...
فهو عنف الدولة...
عنف المجتمع والتقآليد..
وعنف الاسرة..

بالنسبة للدولة فالآمر وآضح ومحدد..
ويتمثل فى القوآنين ضد المرأة.....
مثل قآنون العمل الذى يمنع المؤهلات والرآغبآت فى العمل كسآئقآت فى المركبآت العآمة أو فى ورش الميكانيكا بأنوآعها المختلفة..
ووظآئف أخرى متعددة..
ثم العنف الذى نرآه ورأيناه فى حملات الحروب من قتل وتشريد وتعذيب وأغتصآب..
ثم عنف الآجهزة الآمنية فى التنصت والتلصص والتجسس والتحسس ثم الاعتقال والتعذيب...
أقول كلامى هذا ولا أخشى أى رجل أمن أو أمرأة قد تكون مزروعة فى هذه الرآكوبة..
هذا أضافة الى ممآرسآت المسئولين فى الولاية ....
التى بدأت فى تعيين بعض النساء من ذوى الشهآدآت العلمية البسيطة والخبرة المحدودة وحرمآن قطآعآت وآسعة جدا من الخريجآت
وذوآت الخبرة.....
فقط لآن من يتم تعيينها على ذآك النحو تنتمى الى حزب المؤتمر الحآكم..
ثم نأتى لقوانين الاحوال الشخصية التى عفا الله عنها..
أو قوانين الآحوال الشخصية التى سنتها الانقآذ لتقييد المرأة وأذلالها..

ثم نأتى لعنف المجتمع الذى تصآعد فى السنوآت الآخيرة حيث ألقى أعباء كبيرة على المرأة ولا يحآسب الرجل..
بمعنى أن وقوف المجتمع بجآنب الرجل ضد المرأة أسلوب جديد على الولاية التى كانت لا تعرف التمييز الجندرى فى أمور حيآيتية غآية فى الدقة..
وبدأنا نحن نساء الولاية نفقد الكثير من أنمآط الحرية التى توفرت لنا دون سآئر نساء السودان...
ثم مسألة الآعتداءات الجنسية التى ظهرت فجأة وأنتشرت سرعة النار فى الهشيم..
فى الوقت الذى لم تعرف جميع لغآت النوبة والبقآرة والفلاته فى الولاية مفردة أغتصاب..
سلوك مخيف ظهر مع الوآفدين وزلزل أركان الولاية..

أما عنف التقاليد الذى أشرث اليه فأنا أقصد عادة الطهآرة التى ما زآلت تمآرس على البعض من الفتيآت رغم مخآطرها الجمة..
ورغم أن هناك قانون صريح ومحدد يمنع ذلك..
وأنمآط أخرى من عنف التقاليد بدأت تدخل الى الولاية وتحآسب النساء فى ماذا تلبس وكيف تّدبر حيآتها ...
ثم الترآجع فى دور رب الآسرة...
وقيآم المرأة بذلك..
أما العنف الاسرى فهو يتمثل كما ذكرت فى أنحسار دور رب الاسرة..
أما بممآته أو قتله أو نزوحه أو العطآلة التى يتذّرع بها..
وقيام المرأة بمهام العمل والتربية فى آن وآحد..
ثم بدأت مسألة ضرب النساء لآتفه الآسباب...
ثم سهولة الزوآج بأخرى فيما تقوم الزوجة الآولى بتربية جيش جرار من الاطفال..
ونحن نرى كيف أن محكمة كآدقلى تعج بالنساء اللائى وقعن فى ظلم الزوج...
ويطآلبن بالطلاق..
أو أن الطلاق قد وقع ويطآلبن بالنفقة..

نحن نعلم جميعا أن المرأة فى هذه الولاية..
كانت تتمتع بأوضآع ممتآزة وقدر كبير من حرية الحركة مع الثقة التآمة التى لم تخنها فى يوم من الايآم..
ونعلم أن مؤسسة مدينة كادقلى الحبيبة هى الملكة أّتو وهى التى رسمت لنا حريتنا وأمتيآزآتنا المتعددة...
فهل يعقل أن نتخّلى عن هذه الآمتيآزآت بمنتهى البسآطة...
لآن هناك نساء وفدن الى الولاية والى المدينة بأزمآتهن الخآصة ؟

نحن نحتآج الى تكآتف..
ونحتآج الى برآمج عملية لتدآرك وأوضآعنا نحن نساء الولاية قبل أن يتدهور الآمر أكثر فأكثر..
مثلا أن نبدأ بتشكيل فرق مرآقبة للمجرمين فى المنآطق التى يكثر فيها أختطآف الفتيآت والاعتداء الجنسى عليهن...
ونستطيع أن نقبض عليهم ونسلمهم للسلطآت المختصة..
ويفّضل أن نعطيهم علقة سآخنة قبل تسليمهم الى السلطآت...
نحن نستطيع ذلك...
فقد حآربنا ونجيد القتآل..

Post: #52
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-26-2014, 02:43 AM
Parent: #51

أخى العزيز منصور..

درجة من الآيمان ربا والوطن مكآنا..
....
كلام يثلج الصدر ويشفى الروح العليلة..
....
زآرتنا البركة..

Post: #53
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-26-2014, 02:58 AM
Parent: #52

أنتهت الجلسة الاولى بمنآقشة ورقة كلير..
وأصدرت التوصيآت..
وتنآولت الجلسة الثآنية دور الحكّآمآت فى المجتمع..
مشآكلهن..
التوصيآت..

خرجت كلير مسرعة وأتجهت صوب سيآرتها..
حيث كانت فى موعد هآم..
ومن على البعد رأت مآو مآو وهو مقبل نحوها..
وهو مسرع الخطى أيضا..

التقيا أمام السيارة التى لم يكن مآو مآو يدرى عنها شيئا..
دعته الى الركوب قآئلة..
أدخل..
حا اشرح ليك موضوع العربية دى بعدين..
هسه أنت دآيرنى أمشى وين؟
نمشى مستشفى الحوآدث...
وبعدين نمشى أجتمآع فى مصلحة الغآبآت...
خاص بتأسيس مكتبة كادقلى العآمة...
ذعرت..
الحوادث ؟
أيوا نعم الحوآدث...(وهو يركز على حرف الياء )..
فى حآجة لازم تشوفيها..

عند تشغيل محرك السيآرة..
بدأ المغنى فى شريط التسجيل يغنى..
you are always on my mind
you are always on my mind

Post: #54
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-26-2014, 03:30 PM
Parent: #53

تحّركت السيآرة ببطء..
وأتخذت أتجآه الغرب..
شغل مآو مآو نفسه بما هو أتى...
ولم يلق بآلا لمسألة on my mind تلك...
كانت السآعة تشير الى الرآبعة عصرا...
وترى الخلق وهم فى كل أتجآه..
عآئدين الى منآزلهم بعد يوم طويل و مضنى من الركض فى كل الآتجآهآت للّحآق بمشآغل الحيآه..
كآن هناك من يسير ببطء من فرط أعيآئه أو مرضه..
منهم من هو فى قمة أنآقته..
ومنهم من هو فى ملآبس رثه..
أنتشر (المجآنين) من النساء والرجال فى الشوآرع..
وكلهم شباب..
وهم بتلك الهيئة الغريبة..
لا أحد يدرى من هم..
ولا من أين أتوا....
نساؤهم ورجآلهم..
ولا أحد يهتم..
فقد أصبحوا جزءا من الدمآمل التى تؤلم كآدقلى وتمنع عنها النوم..
وكفى....

كانت السيآرآت الفآرهة لذوى الحظوة ..
تظهر فجأه وتختفى وهى مسرعة..
لا يلتفتون..
ولا يلقون بالتحية الى المآرة..
وكان بعض المآرة يسير فى جمآعآت ويتبآدلون الحديث الذى لا ينقطع بين أهآلى كآدقلى....
ولا يعبأون بأصحآب الحظوة أيضا..
مجتمعآن لا يهتم أحدهما بالآخر..

وبدأت بآئعآت الشآى فى تغيير مكان البيع الى حيث أنتقآل الظل...
وبدأن فى كنس الآرض ورّشها...
ورص الكرآسى حول موآقد الشآى..
أستعدادا لبرنآمج المساء والسهرة..
بعد أن صمت الميكرفون الذى كان يجلجل قبل قليل بالقرب من شآرع الدلآلة..
وصمتت أشجآر النيم العملاقة التى تنتشر فى طول كادقلى وعرضها..
وكذلك أشجآر المهوقنى شديدة الكبرياء..وأشجآر اللبخ وكل أنوآع الاشجآر...
كما لو أنها تدرك صلاة العصر..
وأصبح الهدوء مطبقا ومثقلا بالآسرار...

أوقفت كلير سيآرتها لتتحدث الى أحد المسنين الذى أشآر اليها بالوقوف..
ووقف ينتظر..
نزلت..
تحدثت اليه..
وعآدت..
وّحركت سيآرتها...
وقد أستبد بها القلق من زيآرة قسم حوآدث المستشفى تلك..
لآن لا أحد فى كآدقلى يزور قسم الحوآدث لآمر سآر..
ولا أحد يرغب فى سمآع أى خبر عن قسم الحوآدث ذآك..
ولا أحد يفهم لماذا أخذ قسم الحوآدث يتحول الى قسم للموت وأفلام الرعب...
وأنهآر الدماء السآئله..
فى قضآيا لا تخص الحوآدث الطبيعية..
ولكنها حوآدث من نوع آخر..
سببت لكادقلى دمآملا وتشّوهآت خلقية كثيرة...

عبرت المسجد الكبير...
ثم أتجهت جنوبا متخّطية كشك البريد المستعجل..
الذى لا يستعجل أبدا..
أوقفت سيآرتها تحت شجرة النيم بالقرب من بآئعة الشآى..
ونزلت..
ألقت التحية لبآئعة الشآى..
وأتبعها مآومآو تحيته ...
دخلا الى قسم الحوآدث حيث أزداد أضطرآب كلير..
وأصبح وآضحا....

Post: #55
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: مني عمسيب
Date: 01-26-2014, 03:46 PM
Parent: #54

Quote: زآرتنا البركة..


وانا ذاتي جيت اتبرك وارد روحي القربت تطلع .

الحبيبة نوارا كلام زي البستان جيت عشان اتمشي
واصلي .

Post: #56
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-26-2014, 04:01 PM
Parent: #54

دلفا الى الصآلة الكبيرة التى تستقبل الحوآدث..
تقّدم مآو مآو نحو بآئعة تذآكر الدخول وهّم بدفع المبلغ...
ولكنها اشآرت اليه بالرفض قآئلة..
أن الطبيب أمر بأن لا تأخذ منه ثمن التذكرة...
وأنه ينتظرهما فى الغرفة..
وأشآرت اليها...
سّلمها مآو مآو المبلغ قآئلا...
اذا يبقى دا حظك..
تمتمت بكلمات الشكر فيما جذب هو كلير من يدها ودلف الى الغرفة..

كان الطبيب شآبا فى نفس السن العمرية لمآو مآو...
نهآية العشرينيآت...
وكان خفيف السمرة..
دقيق الملامح...
نحيف للغآية..
يبدو فنآنا أكثر من كونه طبيب..
ويبدو أيضا أنه من الشمآل النيلى..
وما أن رأى مآو مآو حتى أنتفض من مقعده هآشآ بآشآ..
ثم أنتقل بصره الى كلير حيث رجفت عينآه قليلا ولكنه تحّكم فى أنفعآلاته..
قّدمها مآو مآو اليه قآئلا..
كلير...
دون أن يضيف كلمة أخرى..

قآم الطبيب من مقعده..
وأشآر اليهما بأن يتبعآنه..
وصل الطبيب الى آخر الصآلة الزرقاء الانيقة..
فتح الباب..
ودلف الى السآحة الرئيسية فى ذآك المستشفى العتيق..
سآر بضع خطوآت..
ثم دخل أحدى غرف النساء من المرضى..

أنتفضت الممرضة وقوفا حينما رأتهم..
وتقدمت نحوهم وقد أرتسم على وجهها دقيق الملامح سؤآل ملح..
كانت ملابسها شديدة البيآض كما لو كانت ملاكا..
وليس بشرا..
ثم أتبعتهم حتى وقفوا جميعا عند الهدف المنشود..

كان هنآك مخلوق يرقد على السرير...
وهو أو هى ملفوفة بقطع الشآش التى غّطت كل وجهها ولم تترك غير الآنف والعينين..
وكانت ترقد بلا حرآك..
كما لو أسلمت أمرها لصآحب الآمر..

وّجه الطبيب كلامه لمآو مآو قآئلا..
فى وآحد سكران رمى عليها موية نار زى ما قلت ليك فى التلفون..
والسبب ؟
سأله مآو مآو..
كانت فى حفلة بتغنى .. وقآم السكرآن يبّشر..
وبما أنه سكرآن حآولوا أهل الحفلة ينّزلوه من المنّصة...
زعل ورمى عليها موية النآر..
أستجمعت كلير شجآعتها أخيرا وقد خرج منها السؤال دون أن تسأل هى..
دى مش الفنآنة علوية النووية ؟
آجاب الطبيب بالايجآب..
سأل مآو مآو...
وتفتكر حتتحسن يا دكتور ؟
حتتحسن....
بس الاصآبة فى الوش حتحتآج لعمليآت تجميل...
ودى تكلفتها عآليه جدا وما فيش عيآدآت تجميل فى كآدقلى..
أحست كلير بالدوآر فجلست بالقرب من المريضة دون أن تحّول نظرها عنها..
والعمل يا دكتور؟
سأل مآو مآو..
العمل زى ما قلت ليك عمليآت تجميل بتكآليف بآهظة..

وخرج الجميع دون أن يزيد أحدهم حرفا ....

Post: #57
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-26-2014, 04:18 PM
Parent: #56

منى عمسيب...

هلا والله..
هلا بالحبيبة..
صدقى بالله يا منى لما بشوف أسمك فى كشف الزوآر...
بفرح شديد...
وبتزورنى العآفية..
..
كونى بخير وجميلة كما أنت..
وما تحرمينا من الطّله الكرنفآل دى..

Post: #58
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-26-2014, 05:06 PM
Parent: #57

خرج الجميع بعد أن أبلغ الطبيب مآو مآو وكلير بأنه (عآزمهم) غداء فى فندق أيفورى..
يوم السبت القآدم وهو يوم عطلة الطبيب وكذلك كلير..
خرج مآو مآو وكلير وأتجها رأسا الى بآئعة الشآى التى تجلس تحت شجرة النيم أمام مستشفى الحوآدث..
فذآك هو مقرها الدآئم...
ليل نهآر..
12 سآعة فى 7 أيآم..
حتى يخيل الى مرتآدى ذآك الطريق بأنها جزء من مدخل الحوآدث..

كأنت بآئعة الشآى شآبة...
مكتملة الآنآقة كما لو أنها فى دعوة عآمة من دعوآت كادقلى التى لا تنتهى..
كانت تلبس عباءه وردية اللون...
تزّينها عدة ورود..
وتغطى شعرها بنفس الفآبريك..
وبما أن تلك الطرحة لم تكن تغطى شيئا يذكر من شعر بآئعة الشآى..
فقد ظهر مشآط ال pencil الذى أنتشر وسط الشآبآت فى كادقلى فى تلك الفترة..
وقد خلا وجهها من كل مسحوق...
ومع ذلك كانت جميلة..
خفيفة الظل..
لها ابتسآمة تكشف عن عيب خلقى فى أحد الاسنان الطرفيه...
فتزيدها جآذبية..
وهى تنشر الرآحة والطمأنينة والفرح لزبآئنها..
وفى المقآبل تعآمل بأحترآم....

وبما أن مدخل قسم الحوآدث..
يفتح على ميدآن الحرية رأسا..
فقد عرف عن شآدية معرفتها الدقيقة ببعض الرموز السياسية..
وهى تشآهدهم وهم فى حآلات التشنج عند بدآية الندوآت ونهآيتها..
فتنظر اليهم شآدية فى أسى..
وهى لا تفهم سبب ذآك التشّنج الذى يصآحب روآد ميدآن الحرية..
قلب كادقلى النآبض..
وقلبها الموجع أيضا..

نآولتهما الشآى بعد أن عرفت الطلب..
ثم أقسمت بكل (الايمآنآت) بأنها سوف لن تأخذ مليما وآحدا قيمة الشآى..
ويكفيها كما قآلت...
أنها فى حضرة كلير ومآو مآو..

سآد صمت عميق..
حينما أتجه كل من كلير و مآو مآو الى ميدآن الحرية..
وبدأ كليهما يتبع خّطه السياسى فى مخيلته..
ويعآلج الاموآج المتلاطمة من التنآقضآت السياسية..
التى تتحكم فى حيآة كادقلى..
وترسمها بدقة...
دون أن يكون لصآحبة الامر...
أى علاقة بالآمر..

Post: #59
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: ابوعسل السيد احمد
Date: 01-26-2014, 06:11 PM
Parent: #58

نور

شكراً أنك أشركتينا الإنصات إلى هذا الوجع الممض مكتوفي الإيدي إلا
من قلوبنا التي هي مع الناس تراب هذا الوطن.

حتى فجر الحرية
بوعسل أبوعسل

Post: #60
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-26-2014, 06:35 PM
Parent: #59

بوعسل أبو عسل..

فى اللحظة التى شعرت فيها بالحآجة الى جرعة من عسل كادقلى النقى..
فى حآجة الى بعض الطآقة..
ظهرت مدآخلتك..
الشكر ليك..
فى مشآركتنا الوجع..

Post: #62
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-26-2014, 07:16 PM
Parent: #60

أنتهى الآثنآن من شرب الشآى..
قدما الشكر الجزيل ( للبت) شآدية..
وبدأت كلير تقود سيآرتها بهدوء ومنتهى الحذر بمحآزآة ميدآن الحرية..
فى حرص تآم أن لا تلامس عجلات سيآرتها أرض الميدآن..
فقد كان يدآخلها شعور قوى بأن أرض الميدآن مقّدسة...
رغم الكلام غير المقدس الذى يقآل فيها..
والآنشطة غير المقدسة التى تقآم فيها..

ألتفتت الى مآو مآو بهدوء قآئلة :
لّسه عندنا عشرة دقآيق..
والمصلحة من هنا خمسة دقآيق بس بالعربية ...
يعنى ما تقلق...

رد :
أنا قلقآن من حآجة تآنية...

سألت :
قصدك علوية النووية ؟

رد :
بالظبط..

وآصلت حديثها قآئلة ...
دا برنآمج بتآع سنة كاااااملة...
من المرآسلات والكتآبة للمجتمعآت النسوية السودانية والدولية ومستشفآت التجميل فى السودان وفى الخآرج...
لغآية ما نلقى ليها حل...
وأضآفت..
مستحيل الصوت النووى دا يسكت..
دى كانت بتنشر الفرح فى كادقلى ليل نهآر...
ولا شئ غير الفرح..
يجى وآحد سكرآن ويخنق الصوت دا ؟
كّضآب والله..

عّلق قآئلا:
أنا كنت مع الكوتش قبل ما أجيك وهو حيترآفع فى القضية..

عّلقت:
يبقى أنا كدا أطمأنيت..
الكوتش حيجيب أجله باذن الله.. المجرم
وأضآفت :
أنا لو كنت فى الحفلة كان رصّصته...

سأل :
لسه شآيلة المسدس فى شنطة اليد؟

ردت :
وأنا أمشى فى كادقلى دى من غير مسدس فى شنطة اليد؟
يّخيل لى حأكون عريآنة بدون المسدس..

عّلق :
أنتى ما حتحتآجى للمسدس لو شفتى حآلة الكوتش..
وتفآعله مع الخبر..

عّلقت...
الكوتش أصله غضبآن طبيعى..
بركان وأنفجر..
الله أعلم حيعمل شنو فى المجرم بتآع موية النآر دا ؟
وآصلت وهى تسأل بمرآرة...
موية نار؟
فى كادقلى؟
الدنيا أتقلبت..

وصلا مصلحة الغآبآت..
أوقفت السيآرة..
وهما فى الطريق الى قآعة الاجتمآعآت سألته..
أجتماع لتأسيس مكتبة عآمة فى مصلحة الغآبآت ؟

رد ..
الكلام حيقع ليك لو عرفتى أنه مدير المكتب صآحب سآرتر..
عشآن كدا سمح ليه بالاجتمآع فى مكتبه..

عّلقت ..
أنا غآيتو ما عآرفة...
لو ما أتاسست مكتبة عآمة فى كادقلى دى, سآرتر دا حيموت نآقص عمر..

عّلق :
أنا زآآتى حا أموت نآقص عمر فى الحآلة دى...

عند ذكر موته..
نظرت اليه فى هلع...
فى جزء من الثآنية...
ثم أنفجر الاثنان بالضحك وقد وصلا الى الباب..
دلف الاثنآن الى القآعة..
أخذا مكآنيهما..
وبدأ الاجتمآع...

Post: #61
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: محمد حمزة الحسين
Date: 01-26-2014, 06:41 PM
Parent: #59


up
شكراً نور بت ولــــ أبا تاور علي هذا السرد الممتع
ليك حق تنخلعي لمن فقدتي البوست وسط دوامة البورد العنيفة
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
مع التحيات لله الزاكيات

Post: #63
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-26-2014, 07:20 PM
Parent: #61

محمد حمزة الحسين..

ضحّكتنى وّل أّبا...
هى جنس خلعة هى؟
...
سعداء بزيآرتك..

Post: #64
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: صديق عبد الجبار
Date: 01-27-2014, 08:29 AM
Parent: #44

Quote: .... and#65169;and#65240;and#65154;and#65267;and#65166; and#65247;and#65268;and#65246; .. and#65261;and#65169;and#65228;and#65214; and#65235;and#65176;and#65154;and#65173; and#65165;and#65247;and#65192;and#65170;and#65200; and#65165;and#65247;and#65252;and#65170;and#65228;and#65180;and#65198; and#65227;and#65248;and#65264; and#65219;and#65154;and#65261;and#65247;and#65172; and#65165;and#65247;and#65220;and#65228;and#65154;and#65249; .. and#65261;and#65255;and#65212;and#65234; and#65243;and#65262;and#65167; and#65251;and#65254; and#65165;and#65247;and#65252;and#65166;and#65152; .. and#65261;and#65165;and#65247;and#65244;and#65246; and#65255;and#65268;and#65154;and#65249; ... and#65259;and#65194;and#65261;and#65152; and#65251;and#65220;and#65170;and#65238; and#65243;and#65252;and#65166; and#65247;and#65262; and#65155;and#65253; and#65165;and#65247;and#65192;and#65248;and#65238; and#65239;and#65194; and#65231;and#65154;and#65193;and#65197;and#65173; and#65165;and#65247;and#65252;and#65244;and#65154;and#65253; ... and#65261;and#65275; and#65255;and#65204;and#65252;and#65226; and#65231;and#65268;and#65198; and#65255;and#65170;and#65154;and#65185; and#65251;and#65176;and#65240;ّand#65220;and#65226; and#65247;and#65248;and#65244;and#65276;and#65167; and#65165;and#65247;and#65212;and#65154;and#65267;and#65228;and#65172; .. and#65165;and#65247;and#65176;and#65264; and#65175;and#65256;and#65170;and#65186; and#65259;and#65256;and#65166; and#65261;and#65259;and#65256;and#65154;and#65241; and#65247;and#65176;and#65262;and#65259;and#65250; and#65155;and#65259;and#65248;and#65260;and#65166; and#65169;and#65156;and#65255;and#65260;and#65166; and#65175;and#65240;and#65262;and#65249; and#65169;and#65194;and#65261;and#65197;and#65259;and#65166; and#65165;and#65275;and#65195;and#65247;and#65264; and#65165;and#65247;and#65252;and#65240;ّand#65194;and#65201; and#65235;and#65264; and#65165;and#65247;and#65188;and#65198;and#65153;and#65203;and#65172; .. and#65261;and#65247;and#65244;and#65254; and#65261;and#65165;and#65247;and#65188;and#65238; and#65267;and#65240;and#65154;and#65245; ... and#65155;and#65253; and#65247;and#65176;and#65248;and#65242; and#65165;and#65247;and#65244;and#65270;and#65167; and#65251;and#65154;and#65197;and#65167; and#65155;and#65191;and#65198;and#65263; .. and#65231;and#65268;and#65198; and#65255;and#65200;and#65267;and#65260;and#65172; .. and#65165;and#65247;and#65176;and#65248;and#65174; and#65165;and#65269;and#65191;and#65268;and#65198; and#65251;and#65254; and#65165;and#65247;and#65248;and#65268;and#65246; .. and#65261;and#65239;and#65194; and#65169;and#65194;and#65155;and#65173; and#65169;and#65198;and#65261;and#65193;and#65171; and#65165;and#65247;and#65184;and#65262; and#65175;and#65194;and#65231;and#65194;and#65229; and#65165;and#65247;and#65256;and#65268;and#65154;and#65249; and#65251;and#65254; and#65165;and#65247;and#65170;and#65208;and#65198; .. and#65235;and#65176;and#65200;and#65267;and#65194; and#65251;and#65254; and#65165;and#65247;and#65252;and#65176;and#65228;and#65172; and#65169;and#65248;and#65196;and#65171; and#65165;and#65247;and#65256;and#65262;and#65249; ... and#65169;and#65228;and#65194; and#65155;and#65253; and#65259;and#65196;and#65155;and#65173; and#65165;and#65275;and#65183;and#65204;and#65166;and#65249; and#65251;and#65254; and#65155;and#65261;and#65183;and#65154;and#65227;and#65260;and#65166; and#65165;and#65247;and#65176;and#65264; and#65175;and#65156;and#65175;and#65264; and#65169;and#65260;and#65166; and#65165;and#65247;and#65264; and#65169;and#65268;and#65262;and#65175;and#65260;and#65166; and#65243;and#65246; and#65251;and#65204;and#65166;and#65152; ... and#65169;and#65228;and#65194; and#65267;and#65262;and#65249; and#65251;and#65216;and#65256;and#65264; and#65251;and#65254; and#65165;and#65247;and#65184;and#65198;and#65263; and#65261;and#65197;and#65153;and#65152; and#65243;and#65204;and#65168; and#65165;and#65247;and#65228;and#65268;and#65206; ... and#65165;and#65247;and#65184;and#65198;and#65263; and#65165;and#65247;and#65196;and#65263; and#65275; and#65267;and#65256;and#65240;and#65220;and#65226; .. and#65239;and#65248;and#65256;and#65166; and#65155;and#65253; and#65165;and#65247;and#65260;and#65194;and#65261;and#65152; and#65251;and#65220;and#65170;and#65238; .. and#65261;and#65165;and#65247;and#65244;and#65276;and#65167; and#65235;and#65264; and#65153;and#65191;and#65198; and#65175;and#65184;and#65248;and#65268;and#65154;and#65175;and#65260;and#65166; .. and#65261;and#65223;and#65276;and#65249; and#65193;and#65153;and#65251;and#65202; and#65275; and#65267;and#65244;and#65154;and#65193; and#65165;and#65247;and#65252;and#65198;and#65152; and#65267;and#65198;and#65263; and#65267;and#65194;and#65257; .. and#65261;and#65203;and#65248;and#65204;and#65248;and#65172; and#65251;and#65254; and#65165;and#65247;and#65228;and#65252;and#65154;and#65247;and#65240;and#65172; .. and#65251;and#65176;and#65198;and#65153;and#65211;and#65172; .. and#65261;and#65243;and#65156;and#65255;and#65260;and#65166; and#65175;and#65188;and#65256;and#65262; and#65227;and#65248;and#65264; and#65165;and#65247;and#65170;and#65248;and#65194;and#65171; and#65261;and#65227;and#65248;and#65264; and#65165;and#65247;and#65170;and#65208;and#65198; .. and#65165;and#65247;and#65228;and#65252;and#65154;and#65247;and#65240;and#65172; and#65251;and#65254; and#65183;and#65170;and#65166;and#65245; and#65251;and#65198;and#65175;and#65166; and#65261; and#65241;ّ .. and#65245; .. and#65167; .. and#65153; .. and#65261;and#65175;and#65154;and#65235;and#65198;and#65263; and#65261;and#65247;and#65262;and#65235;and#65262; and#65261; and#65243;and#65248;and#65268;and#65252;and#65262; and#65187;and#65176;and#65264; and#65187;and#65194;and#65261;and#65193; and#65165;and#65247;and#65188;and#65194;and#65261;and#65193; and#65165;and#65247;and#65208;and#65198;and#65239;and#65268;and#65172; and#65251;and#65254; and#65251;and#65194;and#65267;and#65256;and#65172; and#65243;and#65154;and#65193;and#65239;and#65248;and#65264; .. and#65165;and#65247;and#65176;and#65264; and#65175;and#65188;and#65268;and#65218; and#65169;and#65166;and#65247;and#65252;and#65194;and#65267;and#65256;and#65172; and#65235;and#65264; and#65207;and#65244;and#65246; and#65193;and#65153;and#65163;and#65198;and#65263; .. and#65261;and#65243;and#65156;and#65255;and#65260;and#65166; and#65175;and#65188;and#65252;and#65268;and#65260;and#65166; and#65251;and#65254; and#65243;and#65268;and#65194; and#65165;and#65247;and#65228;and#65194;and#65165; .. and#65235;and#65264; and#65259;and#65196;and#65165; and#65165;and#65247;and#65262;and#65239;and#65174; and#65251;and#65254; and#65243;and#65246; and#65267;and#65262;and#65249; .. and#65175;and#65176;and#65240;and#65248;and#65168; and#65243;and#65154;and#65193;and#65239;and#65248;and#65264; and#65195;and#65153;and#65173; and#65165;and#65247;and#65268;and#65252;and#65268;and#65254; and#65261;and#65195;and#65153;and#65173; and#65165;and#65247;and#65268;and#65204;and#65166;and#65197; .. and#65235;and#65264; and#65239;and#65248;and#65238; and#65169;and#65154;and#65163;and#65254; .. and#65261;and#65191;and#65262;and#65233; .. and#65261;and#65175;and#65262;ّand#65183;and#65202; .. and#65261;and#65247;and#65244;and#65256;and#65260;and#65166; and#65275; and#65175;and#65194;and#65197;and#65263; ... and#65203;and#65170;and#65170;and#65166; and#65251;and#65188;and#65194;and#65193;and#65165; and#65247;and#65260;and#65196;and#65165; and#65165;and#65247;and#65240;and#65248;and#65238; ... )


ما أجملك أستاذة نور حينما تكتبين ...!
تسلم الأيادي والتهويمات الرائعة
التحية لكادقلي التي نعشقها

Post: #65
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-27-2014, 11:44 AM
Parent: #64

كآبتن صديق....

ما أجمل هذا الصبآح..
أن نفتح الجهآز فنلقآك وجها لوجه..
صدق بالله بالآمس كنت أفكر فيك وفى أسرتك الرفيعة..
توآرد خوآطر والقلوب شوآهد..
تحيآتى لآسرتك الجميلة حد الجمآل...
والآصدقاء المشعسين المغبرين المفلسين...
الذين يشّكلون طعم الوطن...
أيام محنته المتلتله..
بصبر وجلد لم يسمع به سيدنا أيوب عليه السلام..
....

نهآرك سعيد...

Post: #66
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-27-2014, 12:10 PM
Parent: #65

نهآر غآئظ الحر..
من أيآم الدرت..
رغم جمآل تلك الآيآم..
وروعة كل الآلوآن التى تّزين كآدقلى من أقصآها الى أقصآها..
والآصوآت المرحة التى كانت تجلجل بالضحك والغناء أحيآنا..
و رغم أن كآدقلى كانت عليلة...
وحزينة..
وفى شديد الحيرة..
والمرض يزداد يوما بعد يوم..
ألا ان تلك كانت أيآمها الذهبية..

عّج السوق (البّرا) بمحآصيل الدرت..
من أنوآع لا تحصى ولا تعد من الذرة..
زجآجآت السمن البلدى وهى مترّآصة على الطريق..
جآهزة للبيع..
بآقآت العسل الطبيعى..
وهى تأخذ حيزا آخر..
أنوآع من الخضر والفوآكه تجّلت فيها قدرة الخآلق عّز وجل..
أكوآم الهآلوك والدليب واللآلوب والنبق ....
أنوآع مختلفه من الخيآر و التبش..
أنوآع مختلفه من بصل قبآئل المورو الآجود فى كل السودان..
عيدآن العنكوليب وقصب السكر...
ثم الفوآكه من موز وعنب وتفآح ومنقى وبرتقآل ويوسفى ومشمش ..الى آخر القآئمة..
حتى النبق التركى..
فرآخ..
نبآت الظل..
سمك جآف...
سمك طآزج...
مصنوعآت الفخآر..
البروش الزآهية التى تشتهر قرية الليرى بصنآعتها..

وهكذا نستطيع أن نعّدد الى ما لا نهآية..

شق البآشمهندس كمآل بركّيه ذلك الطريق الذى يترنح من شدة الحمولة فى السوق (البّرا)...
وهو مترّجلا..
فهو عآدة يحرص على أن لا يقود سيآرته فى ذآك المكآن الغنى بخيرآت الدنيا..
وأحتمآل الاخرة...
ويسير وسط حشود مرتآدى السوق..
من تجآر وبآئعين وبآئعآت وزبآئن..
وهو يلقى التحية على هذا..
ويرد تحية تلك..
حتى وصل الى أحد المخآزن الكبيرة طرفى السوق...
حيث كانت هنآك مجموعة من تجار من نوع خآص..
يتسآمرون أمام المخزن..
وهم بأنتظآره..

Post: #67
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-27-2014, 12:38 PM
Parent: #66

أستقبله التجآر بترحآب حآر..
وقد كانت فرحتهم طآغية برؤيته..
خآصة وأنه يجيد لغتهم كما لو كان أحدهم..
رغم شكله الشمآل نيلى الوآضح..
تبآدلوا الآسئلة حول أحوآل الاسر..
والست الوآلدة..
ثم أتجهت مجموعة منهم الى الدآخل لتريه نوع البضآعة وحجمها..
وهى عآدة البضآعة التى يتسلمها فى كل موسم درت...
من كل عآم....
من أصدقآئه وأقربآء وآلدته النوبة ..
تجآر الجملة القآدمين من أحدى القرى فى بطون الجبآل..

لم يدّقق البآشمهندس كثيرا فى فحص البضآعة..
حسب معرفته بأصدقآئه التّجآر...
ونزآهتهم..
خآصة أنهم أقرباء الست الوآلدة..
ثم وبعد الآنتهاء من برنآمج التسليم والتسّلم..
سلمهم المبلغ الذى كان يحمله فى شنطة سآمسونآيت..
كآملا غير منقوصا..

وبعد ضحكآت وقفشآت وبعض الكلام....
ظهرت سيآرة بوكس من منزل البآشمهندس وهى تحمل الطعآم من كل لون...
وبكميآت مهولة..
تنآولوا جميعا وجبة الغداء....
ثم ودّعهم ووّلى وجهه شطر المحكمة..
فيما أتجه أصدقآؤه الى حيث كان اللورى الذى يقّلهم فى الآنتظار..
وأختفوا جميعا عن الآنظآر..

فى مكتب المحآمين القآبع فى محكمة كآدقلى..
وجد البآشمهندس صديقه الكوتش فى أنتظآره..
بعد أن أنتهى الآخر من مرآفعة فى أشهر وأغرب قضية فى ذآك الموسم..
حيث تمكنت الشرطة من ألقاء القبض على بعض الاشقياء..
الذين وجدوا بحوزتهم جوآل (بنقو)..
جآهز للتوزيع..

خرج ألاثنان من المحكمة وأتجها الى مكتب صغير...
طرفى السوق الكبير..
لا توجد بالمكتب أى آثآر للاستعمال..
سوى كنبة صغيرة مهترئة..
وعدد ثلاثة كرآسى بلا ستيك قديمة..
طآولة صغيرة..
وبعض زجآجآت ماء الصحة الذى كان الكوتش قد طلب من الصبى الذى يحرس المكتب بشرآئها..
وشبآك صغير لا معنى له ولا قيمة و هو بذآك الحجم وذآك العلو...

أبتدر الكوتش صديقه قآئلا..

أنا جبتك هنا عشآن نتكلم برآحتنا..
يالله..
أحكى لى..

Post: #68
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-27-2014, 01:06 PM
Parent: #67

أعتدل البآشمهندس فى جلسته تلك...
وهو يبحث عن وسيلة ليستقر بها فى حضن الكرسى البلاستيكى الضيق..
فالبآشمهندس ممتلئ بعض الشئ..
ثم فتح حقيبة السآمسونآيت وّسلم مبلغ خمسة عشر ألف جنيها للكوتش قآئلا..
دا المبلغ الطلبتوه مّنى..
ال fundraising كان نآجح..
وبعد كدا ممكن ننّفذ المشروع فى وكته..

أبتسم الكوتش وهو يصد المبلغ قائلا..
وهم لّما عملوك مسئول مآلى , أّت كنت فآكرهم بيهّظروا ؟
الولاة المّغفلين بتآعين الولاية دى مفروض يعملوك وزير مآلى..

علق البآشمهندس وهو يعيد المبلغ الى الحقيبة قآئلا..
لو يدونى مآل قآرون أولاد الابآلسة ديل..
ما أشتغل ليهم...
أنت فآكر وزير المآلية فى ولايتنا دى عنده سلطه ؟

عّلق الكوتش مؤيدا صديقه..
معآك حق يا الحبيب..
ديل بخآفوا تفضحهم فضيحة الله يلاقينى..
مضيفا..
وأّت هسى ما مقّصر...
خلاص خّلينا فى موضوعنا..

سرح البىشمهندس طويلا كمن يرآجع كلامه قبل أن يتفّوه به..
وتنآول جرعتين ماء من الزجآجة..
ثم رّكز نظره على صديقه متحفزا..
كمن يرآه لآول مرة..
وكمن يستعد بأن يلقى الى الوجود, قنبلة موقوته..
وبدأ الكلام..

Post: #69
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-27-2014, 01:39 PM
Parent: #68

أنا حا أعرض عليك الموضوع..
وبعدين بقول ليك رأيى..
لآنه الموضوع دا من أولويآت ومن أمهآت الآزمآت فى كادقلى..
وفى الولاية كلها..

أولا ال2% حق المنطقة الغربية من أستحقاق النفط بحسب أتفاقية نيفاشا..
قآعدة تمشى مكتب رئيس الجمهورية شخصيا..
الحكومة بتتصرف فى المبلغ..
وبعد كدا ترمى فتآت لا تودى ولا تجيب لنآس المنطقة الغربية..
دا اذا استثنينا أنه النفط بيستخرج من الولاية...
وبالتآلى مفروض كانت النسبة تكون أكبر من 2% بكتير..
لتنمية الولاية كلها..

تنحنح ليوآصل...

وأهل المنطقة الغربية مآشين جآيين من والى الخرطوم..
ومافى أى زول دآير يديهم عقآد نآفع..
ولا حتى يوّريهم الحآصل شنو...

تانيا ميزانية الولاية البتجى من خيرآتها..
وبعد كدا زكآة وضرآيب وبلاوى كتيرة..
ميزآنية الولاية مفروض تصرف فى الولاية وعلى مشروعآت التنمية فى الولاية...
بس دا مش البيحصل..
الفلوس البيتحّصلوا عليها من الولاية...
بوّدوها الخرطوم...
و بتتّصرف فيها وزآرة المآلية..
وبعد كدا المتبّقى بيشّغلوه فى أتنين من البنوك فى الآبيض..
ولّما يصل المبلغ للولاية..
بكون عطّية مزّين..
مش ميزانية ولاية..

وأنت لو ملاحظ مسلسل تأخير المرتبآت..
لغآية ما نقآبة المعلمين حددت يوم 16 من كل شهر...
أذا ما أتصرفت المرتبات..
يعملوا أضرآب...
أت مش ملاحظ أنه المدآرس بتقفل يوم 16 من كل شهر؟
وكم يوم لغآية ما ترجع الدرآىسة ؟
فى الوكت دا بيكونوا مشّغلين الفوس فى بنوك الآبّيض..

يضآف للكلام البقوله ...
أنه الولاة بتآعين الحركة قآعدين ديكور فى الولاية..
ما تسمع نيفاشا وما أدرآك ما نيفاشا..
الحكومة ما قآعدة تديهم ميزأنية..
ولا عندهم صلاحيآت تذكر..
يعنى غير الكلام البتسمعه فى الاعلام ..
لصآلح الجبهجية أولاد الابآلسة؟
تآنى مافى حاجة..
وأنا المّحيرنى هم قبلانين بالوضع دا كيف؟

تناول زجاجة الماء..
وأفرغها كلها فى جوفه هذه المرة..
ثم وضعها على الطآولة..
وأستطرد يقول....

Post: #70
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-27-2014, 02:08 PM
Parent: #69

أستطرد يقول...

من أيآم ما كّنا بنزرع القطن قصير التيلة..
وبيشيلوه من قدآمنا كدا ويّصدروه لى يوركشآير البريطآنية..
وكنا المصدر الرئيسى لتمويل خزينة الدولة مع مشروع الجزيرة..
وما يصرفوا على الولاية مليم أحمر..

نفس المسلسل بيعآد ويكرر...
لكن فى النفط..
وبرضوا أحنا قآعدين نتفّرج..
وأولادنا لّما يجوا..
برضو حيتفّرجوا..
فى اليورآنيوم..

الشآهد أنه الحكومة ولآول مّرة تّدى الوآلى ميزانية..
واللى هى ال2% بتآعة المنطقة الغربية..
الوآلى بتآعهم..
بس عشآن يعمل بيها شنو؟
يضحك على الموآطنين بكم شآرع دآخلى..
ويرصف الطريق فى مدخل كآدقلى..
وبعد كدا شوف التنمية..

رصف كل الطرق المؤدية لمعسكرآت الحركة الشعبية..
فى الدبب...
والخرسآنة...
كادقلى كودا..
أم دورين..
كل دى مرآكز للحركة الشعبية..
شفت التنمية دى معنآها شنو؟
يعنى الحكومة بتفترض فى الموآطنين شدة الغباء والبلآهة...
وبعد كدا تقول ليك الحركة ما دآيرة تنّفذ أتفاقية الترتيبآت الآمنية..
شفت الشغل النضيف؟

الفلوس موجوده فى بيت الوآلى..
بيشترى بيها ولاءآت وذمم..
يدفع ألف فى كل بيت بكا..
ويتبّرع يمين شمآل..
عشآن برضوا يشترى ذمم بالجملة..
ويسوط الصوآطة بتآعته دى..
غير كدا؟
أت هسه شفت أى مشروع فى الولاية دى بيتطرح فى عطاء ؟

هز الكوتش رأسه بالنفى...

أها اللبيب بالاشآرة يفهم..
وآليهم برضو أكبر حرآمى..
بس بيعملها متدآرية..
بس هى ما متدآرية...

تّصرف الحكومة بالشكل دا معنآه أستفزاز..
لغآية ما نرفع السلاح مرة تآنية...
أو هم ما بيعدموا يجيبوا ليك سبب عشآن يرفعوا السلاح..
ودا كوووله ليه؟
عشآن الموآطن يا يموت..
يا يطفش يّخلى ليهم الولاية..
وهم يرتعوا فيها زى ما دآيرين..

تّوقف فجأة...
كمن تذّكر شيئا...

فساله الكوتش...
أنتهيت؟

رد بطريقة لا تخلو من عنف تلقآئى..
لا ما أنتهيت..
ولا عمرى حا أنتهى من الموضوع دا...
لغآية ما نلقى ليه حل..
ثم عآد مخآطبا صآحبه..
ولا أقول ليك ؟
أنا أنتهيت...
بس الموضوع ما أنتهى...

Post: #71
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: Kostawi
Date: 01-27-2014, 06:34 PM
Parent: #70

nurtawir10.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

Nour Tawir Yesterday
nurtawir5.JPG Hosting at Sudaneseonline.com
Nour Tawir Today

Post: #72
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-27-2014, 08:15 PM
Parent: #71

يا سلام يا كوستآوى...

الصورة الفوق دى لّما كان عمرى 16 سنة..
لقيتها وين ؟
ألف شكر...

Post: #73
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: Kostawi
Date: 01-27-2014, 08:17 PM
Parent: #72

Quote: الصورة الفوق دى لّما كان عمرى 16 سنة.


كنتي بتفكري في شنو?

Post: #74
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-27-2014, 08:22 PM
Parent: #73

والله يا كوستآوى يمكن كنت بتنبأ بى عمر البشير..
ما شآيف الخوف ؟

Post: #75
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-27-2014, 08:34 PM
Parent: #74

بأنتهاء أجتمآع مكتبة كآدقلى العآمة...
خرج الاثنآن مآو مآو وكلير..
أوصلته الى موقع موآصلات حجر المك حيث أصّر هو أن لا تكلف نفسها عناء توصيله الى منزله..
وعآدت الى منزلها...

وجدت جدها (من أمها) يطآلع التلفزيون..
كل شئ هآدئ ولا أثر لآى درآما أجتمآعية..
حيث أعتآدت أن تعود الى منزلها لتجد شخصا أو أشخآصا يطلبون منها خدمة..
ألقت تحية المساء على جدها..
ونآولته صندوق الدواء الذى كان قد طلبه منها...
حينما أوقفها فى السوق عصر ذآك اليوم..

تنآولا العشاء..
جمعت الآطبآق ووضعتها فى المطبخ..
أستاذنت جدها فى الذهآب الى غرفتها..
لآن الوقت قد تأخر..
ولآنها يجب أن تستيقظ صبآح اليوم التآلى..
للحآق بعملها..

Post: #76
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-27-2014, 09:02 PM
Parent: #75

الحديث عن كلير ذو شجون..
وذو منعرجآت ومنحنيآت ..
وبدآيآت ووقوف ثم توآصل...
ولكن بلا نهآية....
فهى تلك الشخصية الوآضحة وضوح الشمس فى رآبعة النهآر..
وهى أيضا الفتآة الاكثر غموضا فى تآريخ كادقلى...
وهى تجد كل المتعة فى أن تمنح الآخرين حق التكّهن بمكنون شخصيتها وأستخلاص النتآئج..
دون أن يزعجها ذلك...
لآنها تعلم تمام العلم..
أنها هى نفسها لا تستطيع أن تدرك كنهها...

ألقت كلير بجسدها المنهك فوق السرير ألاوربى الفآخر..
queen size
وبدلا من أن تغّط فى نوم عميق..
أستبّد بها القلق...
لآن أنفعآلات ذلك اليوم..
كانت أكبر بكثير من أن تتحمل...
بدءا بالعمل..
ثم رآكوبة الجندر والطآقة التى أستنذفها خطآبها...
ثم موية النآر ومأسآة علوية النووية....
ثم مشروع تأسيس مكتبة كآدقلى العآمة..

بدأت تتقلب فى الفرآش ذآت اليمين وذآت اليسآر...
وحينما فشلت فى أن تجد سبيلا الى النوم..
جلست على الكرسى قبالة الشبآك..
وبدأت تتآبع ّسكآن الليل البهيم..
وتسمع أصوآت الآهل والآحباب..
الذىن مآتاو أو قتلوا فى ذآك البيت العتيق...
الآصوآت التى كانت تملآ البيت بالحب..
وألامال والآحلام العرآض..
ثم العمل الجآد المضنى الذى كانوا يتخذونه جميعا عبآدة لهم..

بأختصآر...
كل أسباب الوجود كانت تثّبت أركان ذآك البيت الدآفئ...
فاين هم اليوم؟
مجرد ذكريآت..
وخيألات يخلقها الاحياء ليتوآصلوا مع الآموآت..
تماما كما كانت تفعل هى فى تلك اللحظة......

Post: #77
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-28-2014, 02:54 PM
Parent: #76

سمحت كلير لخيآلها بأن يتجّول فى ذآك (الحوش) الكبير ...
الذى تزّينه أشجآر المآنقو والبآبآيا والليمون واليوسفى والبرتقآل والجوآفة..
فقد قآم جدها بعمل جيد فى زرآعة تلك الاشجآر...
حينما كانوا جميعا غيآبا...
أما فى قبورهم...
أو فى أنتشآرهم فى أرجاء الكرة الآرضية..

تذّكرت تلك الآمسية العآصفة..
حينما كانت الريح تصرخ بعلو صوتها وتحدث صفيرا مرعبا..
تذكرت كيف كان غسق الشمس دمويا قآنى اللون..
وكيف دخل رجآل الآمن..
وهم يهتزون من الغضب..
تذّكرت كيف تصدى لهم وآلدها..
فأردوه قتيلا فى الحآل..
ثم أنتزعوا أخويها....
فأعآدوهما عند الفجر جثتين هآمدتين جآهزتين للدفن..

تذّكرت وآلدتها وهى تصرخ وتولول..
وتركض فى كل الآتجآهآت....
كمن فقد عقله ولا يدرى ماهو فآعل...
ثم تذكرت قرار الوآلدة أيضا..
بأن تلحقها بأحدى الاسر...
التى كانت تنوى اللحآق بيوسف كوة قآئد المقآومة المسلحة..
فى أديس..
و سيرا على الآقدآم..
وبالرغم من أن كلير قد كانت طفلة آنذآك..
ألا أنها ما كانت تملك الجرأة والقدرة لمنآقشه وآلدتها...
وأثنآئها عن قرآرها..
فغآدرت كلير..
لتبدأ صفحة أخرى..
أشد درآما وأشرس من أحدآث تلك الليلة المخيفة....

Post: #78
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-28-2014, 03:15 PM
Parent: #77

غآدرت كلير...
ذآت ليل بهيم وبلا ملآمح..
وهى لاتدرى أى مجهول ينتظرها..
مجموعة من الآسئلة لم تدر حتى الى من توجهها..
أتخذوا جميعا ممرآت ومنحنيآت فى أعآلى الجبال وأسفلها..
كانوا أثناء الطريق يقآبلون أجنآسا من البشر..
معظمهم أطفال يغّلفهم التيه والخوف والحذر من كل صوب..
سآروا أيآما وليآلى..
تسآقط من الآطفال من سقط..
ووآصل الآخرون..
لم تكن هنآك أدنى فرصة للشكوى..
أو التذّمر..
حيث لا أحد يلقى بالا لتلك التهويمآت..

سمعوا أصوآت الذئآب الشرسة..
أستقبلوا الشمس وودعوها..
قطعوا خيرآنا ومجآرى..
أكلوا كل ما يمكن أن تقدمه الغآبآت والجبال والسهول..

فقد سآروا وسآروا ثم سآروا..
فى رحلة خيل لكلير..
أنها رحلة أبدية...
لا يبدو لها آخر..
حتى وصلوا الى مشآرف تلك المدينة...
حيث أستقبلتهم وفودا...
وقآدتهم الى ما يعرف بالمعسكر..

وقد أستغرقت تلك الرحلة...
شهرين ونصف...
بالتمآم والكمآل...

Post: #79
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-28-2014, 03:31 PM
Parent: #78

كآن المعسكر يعج بالبشر من مختلف اللهجآت والسحن...
ولكن معظمهم أطفال..
وكان هناك جنود وضبآط يصطحبون الآطفال وكل من هو قآدر على العمل...
للتدريب العسكرى..
ومنهم أيضا من كان يتم أقتيآده لجلب الماء والحطب....
لخدمة الكبار فى المعسكر..

كانت تسمع فى كل يوم والآخر...
بأن فلانا قد مآت.....
جراء الارهآق والتعب...
أو أحتمآل مرضا فتآكا قضى على حيآته..

كانوا جميعا يعيشون مع الموت..
والتيه...
والاسئلة الحآئرة..
والجوع فى معظم الآحيان...
وأكل أنوآع من الطعآم يصعب معرفتها أو وصفها..
والآطفال يكبرون..

تعلمت كلير بعض الاعمال المنزلية...
ثم بعض الكتآبة والقرآءة..
فقد كانت الآسرة التى صآحبتها رحيمة بها...
وكانت السيدة التى عهد اليها بتربية كلير...
عطوفة ولو أنها لا تخلو من الصرآمة...
وكانت دآئما تقول لكلير...
أما أن تتعآيشى مع هذا الوآقع..
أو تنتهين الى حفرة فى بآطن الآرض....
فأيهما تفضلين ؟

كبرت كلير..
وقوى عودها..
وبدأت مخآوفها تتحول تدريجيا...
الى التحدى والمصآدمة..
تعلمت أستخدآم السلاح من كل لون...
وعقدت صدآقآت مع بعض الفتيآت فى المعسكر الكبير...
وفى معسكر التدريب..
وبما أنها كانت شديدة الذكاء...
فقد كانت تتعلم بسرعة أيضا...
حتى خيل اليها...
أن الحيآة ليست بالسوء الذى رأته..

حتى جاء ذلك اليوم...
الذى أنهآرت فيه العلاقة بين الزعيمين...
منقستو وجون قرنق...
فاصدر جون قرنق قرآره بأن يتجه الجميع الى كينيا..
وأيضا سيرا على الاقدآم..

أنتقلوا جميعا الى كينيا...
ليبدأ المشوآر التآلى...
فى حيآة كلير الدرآمية..

Post: #80
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-28-2014, 03:50 PM
Parent: #79

فى نيروبى..
ألحقت كلير بمدرسة دآخلية للبنآت..
وكانت الآسرة المضيفة تدفع نفقآت تلك الدرآسة..
قآئلة لها أن وآلدتها هى التى كانت ترسل النقود..
ولكن لم يكن بالآمكان مرآسلة كلير لوآلدتها..
لآن جهآز الآمن فى كادقلى...
كما علمت...
كان يتآبع حيآة الاسر التى غآدر أهلها الى الخآرج...
وهم يعرفون تماما من هم..
وفى حآل أكتشآفهم لآى نوع من المرآسلات...
يقومون بأعدآم صآحب الرسىلة فورا..

وقد وقعت أحدآث كثيرة..
فقد فيها المرآسلون حيآتهم..
حينما أكتشف جهآز الآمن مرآسلاتهم لآهلهم (المتمردين)...
كما يحلو للحكومة بأن تصفهم..

وأستمر الحآل حتى أكملت كلير المرحلة الثآنوية...
وبدأت تعليمها الجآمعى فى هندسة الكمبيوتر...
حتى أتآها الخبر الصآعق بموت وآلدتها..

أستبد بها الحزن..
حيث لم يبق لها فى تلك الحيآة القآسية غير الجد..
الذى فقدت أى صله به..
بموت وآلدتها..

كان على كلير أن تعمل حتى تدفع نفقآت الدرآسة الجآمعية..
ولم تترك مطعما..
أو مكانا تجآرىا....
أو مبنا حكوميا ألا وعملت به..
من أعمال النظآفة الى خدمة الزبآئن الى صآلونآت التجميل الى المنظمآت..الخ
حتى أكملت تعليمها الجآمعى..

ولكن ولدهشة الجميع...
وبعد الآنتهاء من المرحلة الدرآسية..
حملت كلير السلاح..
ودخلت الغآبة....

Post: #81
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-28-2014, 04:14 PM
Parent: #80

وصلت كلير فى رحلتها الذهنية تلك الى الغآبة...
وبدأت تستعيد شريط ذكريآتها...
ألا أن النعآس قد غلبها..
فعآدت الى السرير..
لتنآم بضعة سآعآت..
ولتستيقظ لتوآصل حيآتها..

قآمت متثآقلة الخطى نحو الحمام والمطبخ ..
ثم الى القآرآج..
وصلت الى لمكتب..
غرست عينيها فى جهآز الكمبيوتر..
ونسيت كل ما حولها..
فهو الجهة الوحيدة القآدرة على السيطرة على تفكيرها ..

خرجت من المكتب..
أستقلت سيآرتها..
وأتجهت صوب رآكوبة الجندر التى ما زآلت توآصل أعمآلها..
تحدثت ممثلة نساء الآمبررو ....
حيث أوضحت أنوآع المتآعب التى يوآجهنها...
وهى فى الغآلب....
عدم الاستقرار....
والتنقل من ولاية الى أخرى طلبا للماء والكلآ لهم ولآنعآمهم....
ثم شظف الحيآة الذى يصآحب حياة التنقل..
حيث تصبح رعآية الاطفال عبئا ثقيلا...
خآلية من أى متعة..

سآد الرآكوبة صمت مطبق عند خطآب ممثلة ألامبررو..
هذا لآن شريحة الآمبررو بالذآت لا تختلط بالآخرين...
ولا أحد يعرف عنها غير تربية وبيع المآشية....
ثم بيع السمن واللبن الخآثر والزبدة..
ولقد كان حضورهن الى رآكوبة الجندر حدثا فى حد ذآته..

أيضا رّكز الجميع على الزىّ الذى كانت ترتدية المتحدثة ...
فهى أزياء افريقية مزركشة صآرخة اللون..
هذا أضافة الى أن الفتيآت يغطين فقط منطقة الصدر والاردآف...
ثم يغطين بآقى الجسم بأنوآع جميلة وغريبة عجيبة من الاكسسوآرآت..

دآئما يتحركن فى مجموعآت...
ودآئما قسمآتهن صآرمة..
ولكن الشئ الملفت حقا فى نساء الامبررو...
هو نحآفة الجسم..
والخصر النحيل...
حيث لا تشآهد أى أمرأة بدينة فى قبآئل ألامبررو..
وهن فوق ذلك يتمتعن بأجسآم سينمآئية صّبت صبا..
وجمآل أفريقى ذو نكهة خآصة..
وعزة نفس وثقة تتحدى الصعآب..

أنتهت المتحدثة...
ونزلت من المنصة وسط تصفيق حآد....

Post: #82
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: Mohammed Haroun
Date: 01-28-2014, 06:22 PM
Parent: #81

Quote: سآد الرآكوبة صمت مطبق عند خطآب ممثلة ألامبررو..
هذا لآن شريحة الآمبررو بالذآت لا تختلط بالآخرين...
ولا أحد يعرف عنها غير تربية وبيع المآشية....
ثم بيع السمن واللبن الخآثر والزبدة..
ولقد كان حضورهن الى رآكوبة الجندر حدثا فى حد ذآته..

أيضا رّكز الجميع على الزىّ الذى كانت ترتدية المتحدثة ...
فهى أزياء افريقية مزركشة صآرخة اللون..
هذا أضافة الى أن الفتيآت يغطين فقط منطقة الصدر والاردآف...
ثم يغطين بآقى الجسم بأنوآع جميلة وغريبة عجيبة من الاكسسوآرآت..

دآئما يتحركن فى مجموعآت...
ودآئما قسمآتهن صآرمة..
ولكن الشئ الملفت حقا فى نساء الامبررو...
هو نحآفة الجسم..
والخصر النحيل...
حيث لا تشآهد أى أمرأة بدينة فى قبآئل ألامبررو..
وهن فوق ذلك يتمتعن بأجسآم سينمآئية صّبت صبا..
وجمآل أفريقى ذو نكهة خآصة..
وعزة نفس وثقة تتحدى الصعآب..

أنتهت المتحدثة...
ونزلت من المنصة وسط تصفيق حآد....


شكراً يا بت أبا على الكلام الحلو دا ... صورة صادقة لبنات تلك القبيلة البدوية ... إنهم يشبهون الهنود الحمر في كثير من عاداتهم وأزيائهم ..

شكراً لك لأنك حلقت بنا في عوالم نفتقدها ونحن إليها بين الحين والآخر ... ركزي على الأدب فأنت أديبة مفطورة ...

تحياتي

Post: #83
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-28-2014, 10:01 PM
Parent: #82

زآئرى الكريم محمد هآرون..

أنعشتنى زيآرتك...
وأخرجتنى من الحآلة العصبية التى كتبت فيها عن كلير...
فا أّعدت توآزنى النفسى..
ودفعتنى الى الكتآبة من جديد..

ألف شكر...

Post: #84
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-28-2014, 10:17 PM
Parent: #83

وصل مآو مآو الى محطته الآخيرة..
فخرج من السيآرة مسرعا..
كما الآسير الذى فّك أسره....
هذا لآن الجلوس دآخل سيارة الآتوس دآئما يزعجه..
بسبب طوله الفآرع وطول سآقيه..
أتجه الى منزلهم لا يلوى على شئ...
فقد حّل الظلام..
وأنطلقت عفآريت الليل...
من السكآرى والمسآطيل و الحيآرى والمجرمين من كل لون..
الذين ملأوا كادقلى فى سنوآتها الآخيرة..
لا أحد يعرفهم..
وهم لا يعرفون أحدا..
وهم يتجّنبون النآس..
والنآس تتجّنبهم..

ومع سوآد الليل...
وعدم الكهرباء التى تنير الطرق الرئيسية..
كان عليه أن يسرع دون أن يلتفت الى أحد..

وجد وآلدته فى أنتظآره بفآرغ الصبر والقلق معا....
وجد أخته وزوجها وأطفآلهم قد آووا الى الجزء الذى يخصهم فى المنزل...
وأغلقوا أبوآبهم...
وأستسلموا للنوم..

كان هدوءا مطبقا فى ذآك الجزء من مدينة كادقلى ألا من بعض الآصوآت...
وبما أنها مدينة هآدئة بطبيعة الحآل..
ألا أن ذآك الجزء بالذآت...
وهو أسفل الجبل..
يغّلفه الهدوء التآم..
ولا تسمع ألآصوآت الآ من بعيد..
وبعيد جدا..

Post: #85
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-28-2014, 10:39 PM
Parent: #84

ألقى تحية المساء على وآلدته وأعتذر لها عن تأخيره..
ردت التحية وقد أنفرجت أسآريرها فدخلت الى غرفتها رأسا..
دخل هو الى غرفته ووجد طعآم العشاء فى الطآولة الصغيرة وسط الغرفة...
وبدلا من أن يتنآول طعآمه..
ألقى بجسده المنهك على السرير..
وأسلم أذنيه وأنتبآهه لنشطآء الليل..

كانت الكلاب تنبح من وقت لآخر...
فى شرآسة وعنف....
فيعرف هو أن غريبا قد مّر من أمآمها..
ثم يأتيه صوت طبل عنيف وقوى..
وأصوآت قوية متحمسة تردد فى تنآغم تآم..
يآرب بهم وبآلهم عّجل بالنصر وبالفرج !
عرف أنهم الختمية الذين يجوبون المدينة ليلا بطبلهم الصآرخ..
وتخيل هو زّيهم الذى يتكون من القميص الآخضر الدآكن..
الذى يصل حد الركبة..
ثم سروآل طويل من اللون الآبيض..
ثم شآرة بيضاء مكتوب عليها بسم الله الرحمن الرحيم..شباب الختمية..
وتلك الشآره تلتف حول الجسم بالكآمل..
من أعلى الكتف وحول الوسط..
ثم (طأقية خضراء)..
لم يعرف من هم ولا آلهم فى ذآك الدعاء الدينى الآبدى الذى يرددونه دآئما..
وفى منتصف الليل...
وبذآك الحمآس المطلق..
ولكنه لا يسألهم بالنهآر...
يسمع صوتا آخر يشق بهيم الليل..
وحّدوووووه..
ثم يردد الجمع من بعده فى صوت جمآعى أجش...
لا اله ألا الله ......
فيعرف أن تلك جنآزة فى طريقها الى المقآبر..
ثم يسمع صوت طآئرة تشق السماء شقا..
وتطير بسرعة الضوء..
وتختفى..
فلا يعرف من أين أتت الطآئرة ولا الى أين أنتهت...
ولا لماذا؟
ثم يسمع أصوآت بعض الصبية الذين ما يزآلون يتسآمرون ويلعبون...
أمآم منآزلهم..
فيسمع..
شليل وينو؟
أكلو الدودو..
شليل وين رآح؟
أكله التمسآح..
ثم ينتبه لصوت المغنى النووى الذى يردد فى أصرآر شديد..
أنا قدرى بقدر عليه..

وهكذا أستمر الحآل..

Post: #86
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-29-2014, 03:06 PM
Parent: #85

تذّكر مآو مآو ذلك اليوم الآغبر..
الذى أنتزع وآلده ومعه ستة عشر شآبا من ذويهم..
وتركهم جثثا هآمدة..
وتحذير رجآل الآمن للجميع...
من البكاء أو أى مظهر من مظآهر العزآء..
تذّكر الوجوم والصمت الذين حّلا بالآسرة وبأهل الحى جميعا...
ثم والآهم كيف أن أسرته المكّونه من وآلدته وأختية الآثنتين وشقيقه الرضيع..
قد خرجوا جميعا فى بهيم الليل...
فقد كانت كآدقلى كلها تخرج فى بهيم الليل فى تلك السنوآت العجآف...
وتلقى بنفسها فى المجهول...

تذّكر هو كيف أن شقيقه الرضيع قد توفى...
وكيف أن صآحب اللورى قد رفض الوقوف لدفنه قآئلا..
ما دآيرين نعمل حركة تلفت الجمآعة ديل..
وآصلوا الرحلة جيمعا حتى أستقر بهم المقآم فى الرهد..

بآعت وآلدته شقآء عمرها من الحلى والمصوغآت فى السوق...
وقد خسرت كثيرا من تلك البيعة..
هذا بعد دفن الطفل الرضيع..
وأستقلت البآص السيآحى متجه شمآلا..
حتى وصولوا الى الخرطوم....
ووجدوا هناك شخصا بانتظآرهم..
عرف فيما بعد بأنه خآله شقيق الوآلدة...

توّقفت وآلدته عن البكاء..
وكذلك أختيه..
وأستجأرت الوآلدة منزلا متوآضعا جدا..
غرفة وآحدة بمنآفعها..
ضّمتهم جميعا..
أدخلتهم المدآرس..
ثم بدأت فى بيع الاطعمة..
مكتفية بفترة الغداء فقط..
حتى تفسح مجآلا لرعآية أسرتها الصغيره ولتسآعدهم فى مرآجعة دروسهم...
ولقد أتخذت من أحدى العمآرآت الصآعدة..
مركزا لتسويق طعآمها..
و من هنا بدأ المشوآر...

Post: #87
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-29-2014, 03:19 PM
Parent: #86

وبما أن وآلدة مآو مآو تتمتع بقدر جيد من التعليم...
وقد أكملت درآستها فى ثآنوية كادقلى للبنآت..
وكانت تعمل موظفة فى دوآوين الحكومة..
فقد عرفت معنى التعليم وقدره..
لذلك أهتمت بتعليم الولد والبنتين حتى المرحلة الجآمعية...
بلا أدنى كلل أو مللك..

تزوجت أختيه الآثنتين بعد التخّرج..
سآفرت أحدآهن الى القآهرة مع زوجها..
طلبآ اللجوء السيآسى وغآدرآ الى أمريكا..
وهى التى سآعدت وآلدتها ماديا..
حتى العودة الى كادقلى وبناء المنزل الذى يعيشون فيه تحت الجبل..
على طرآز وديكور أوربى..

أما أخته الثآنية...
فقد أستقرت فى الخرطوم هى وزوجها وأبنآئها..
وكانت تبحث عن العمل صبآح مساء..
وكان زوجها يمتلك كشكا للسجآير رغم شهآدته الجآمعية فى التربية من جآمعة الخرطوم..
حتى عآدوا الى كادقلى جميعا...
وأستقروا فى منزل الآسرة تحت الجبل..

ثم مشوآره الجآمعى..
وجده وأجتهآده فى اللغتين الآنجليزية والفرنسية..
حتى تخّرجه..
وعودته الى كآقلى...
ليبدأ مشوآر البحث عن عمل..
ومشآوير أخرى أكثر أهمية..

Post: #88
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-29-2014, 03:35 PM
Parent: #87

ما زآل نشطاء الليل يبدعون ....
وما زآل الظلام فآردا ثوبه الآسود الحالك على جسد كادقلى..
ومغّطيه تمآما..
أحس مآو مآو بقوة الجبل وعظمته..
فقد وقع منزلهم أسفله مبآشرة...
دون أى حآجز أو سآتر..
الجبل الذى أمّده ويمده دآئما بالآحساس بالآمآن..
وهو يحس بوجود تلك القوة الهآئلة كما لو أنها هى حآئط مبنآهم..
وليس الحآئط الطوبى المزّيف..
كان الجبل يمده بالآحساس بأنه يمنع عنهم كل شر وأذى..
وتخيل الحيآة الغآمضة فى بطون تلك الجبآل..

حمد الله كثيرا...
أن اسرته أصّرت على البقاء فى مكآنها...
ورفضت الآنتقال الى وسط المدينة كما فعل معظم جيرآنهم..
ومع وصول الكهرباء اليهم..
تأكد لمآو مآو أن لا معنى لآنتقآلهم..

لا يدرى كم من الوقت أستغرق فى تلك الذكريآت..
والتهويمآت..
حتى غلبه النعآس...
فأخلد للنوم...
نآسيا تماما سفرة الطعآم التى كانت تتربع فى قلب الغرفة..
ليستيقظ على صوت سآش..
صديق عمره..
وهو يملآ البيت ضجيجا وهو يتحدث للست الوآلدة..
بصوته الجهور وضحكآته المجلجلة تلك..
ثم سمع صديقه منآديا...
يا مآو يآ آخ بّطل دلع وتعآل مآرق..

Post: #89
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-29-2014, 06:36 PM
Parent: #88

أغتسل مآو مآو وأرتدى ملابسه على عجل وخرج..
وما أن رآه صآحبه حتى أسرع اليه لينآوله خطآبا..
ثم بدأ يرقص الرآب دون أن تكون هنآك موسيقى رآب..

الشآهد أن منزل مآو مآو هو المكان الوحيد فى العآلم الذى يتصّرف فيه سآش بتلك الآريحية...
بعد منزلهم..
بحكم علاقته العميقة بصديقه وتفّردها..
أوقف الرآب وألتفت الى وآلدة مآو مآو..
يّمه ؟
خير يا ولدى...
زغرتى...
أزغرت ؟
شديد...
وبدأت وآلدة مأو مآو تزغرد دون أن تعرف السبب..

بعد قرآءة الخطآب..
أبلغ مآو مآو وآلدته بأنه قد تم تعيينه مترجما فى الآمم المتحدة..
وأنه ذآهب اليهم..
أبلغها ذلك وأتحذ طريقه نحو الباب..
الذى كان سآش قد سبقه اليه متجآهلان صرآخ الوآلدة..
الفطور يا أولاااااد..

وصل الاثنان الى الشآرع الرئيسى...
طلب سآش من صديقه أن يمد يده الى المقعد الخلفى ليحضر الكيس..
وما أن فتح مآو مآو الكيس حتى بدأ يصّفر صفآرة طويلة..
عّلق سآش قآئلا..
كنت متأكد من أنك حتسهر فى الكتب بتآعتك العجيبة دى..
وتنسى العشا..
وبعدين ما حيكون فى وكت عشآن نفطر عند الست الوآلدة..
نآولنى سندوتش طعمية...قدآمنا مشوآر طويل..
ممكن نفطر وأحنا مآشين لغآية ما نصل..

الى هنا تذّكر مآو مآو عشاءه الذى تجآهله بالآمس..
وأحس بأنه يهوى من الجوع..

Post: #90
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-29-2014, 06:58 PM
Parent: #89

وصلا الى مكآتب الآمم المتحدة فى منطقة الشعير عند مدخل كآدقلى..
مبنى مهول لا يمكن التجول فيه دون وسيلة نقل..
عآلم قآئم بذآته دآخل كآدقلى..
أوقف سآش سيآرته ..
قآد صديقه الى أحد المكآتب..
طرق الباب...
خرج اليه أحد الخوآجآت...
اشآر الى صديقه قآئلا..
there he is
وعآد الى مكتبه..

أستغرق الآجتمآع التعريفى بين مآو مآو ومسئول الآمم المتحدة سآعة بالتمام والكمال...
ثم وبنهآية اللقاء قآد المسئول الآممى مآو مآو الى مكتبه..
مكتب وآسع فخم يحتوى على كل وسآئل الاتصآل الحديث فى العآلم..
تلفون يتصل بأى جهة فى العآلم..
جهآز فآكس..
جهآز كمبيوتر..
جهآز سكآنر..
جهآز موبآيل حديث يشمل كل أمكآنيآت الاتصال السريع...
ثم التسجيل والتصوير..الخ..
قوآميس اللغة العربية وألانجليزية والفرنسية..
حيث كاانت وظيفة مآومآو ترجمة اللغآت الثلآث من و الى..
ترجمه لكل المرآسلات والمذكرآت...
ترجمة فورية فى اللقاءات أو ورش العمل ....الخ..
ترجمه فى أى مكان متى ما أحتآج مسئولوا الآمم المتحدة الى ذلك..

بناءا عليه...
سيآرة دبل كآبين جديدة حتى تتحمل مطبّآت السفر فى الخريف ....
كما أضآف مسئول الآمم المتحدة...
وأخيرا قآل المسئول الآممى لمآو مآو...
welcome aboard
وجذب البآب خلفه وخرج.....

Post: #91
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-29-2014, 07:18 PM
Parent: #90

تنآول سآش ومآو مآو طعآم الغداء فى كافتيريا الآمم المتحدة..
أتفقا على الذهآب لمنزل الكوتش فى السآدسة مساءا...
بعد سآعآت العمل..
حيث طلب الكوتش أجتمآعا طآرئا..

فى منزل الكوتش كانت الخلية قد أجتمعت بكآمل هيئتها..
دخل الكوتش فى صلب الموضوع مبآشرة دون أدنى مقدمآت كما عرف عنه..
تحدث بأقتضآب قآئلا :
الموضوع الذى دعوتكم اليه حآلة لا أدرى كيف أصّنفها..
هل هى أنسانية أم رسمية أم أجتمآعية أم ماذا..
هذا لآن الآمر يخص أحد أعضاء الخلية فى جمعيتها العمومية ....
ينآديه الجميع دبل غبينة...
حيث ألقى دبل غبينة القرنيت فى محل أحد التجّآر وّدمره تدميرا...
وهو الان فى الحرآسة..

صمت الجميع وكأنما على رؤوسهم الطير..
كل يفّكر فى مدخل للآمر..
حتى قطع سآش صمتهم قآئلا..
ولماذا ألقى القرنيت على محل التآجر؟
أجآب الكوتش...
لآنه عمل حمالا لنصف يوم لذآك التآجر...
ثم طلب منه التآجر أن يأتى فى اليوم التآلى ليستلم حسآبه..
وآصل سآش...
اذا دبل غبينة ليس مخطئا..
رد البآشمهندس قآئلا...
مخطئ فى أستخدآم العنف لينال حقه..
وآصل سآش..
فهو قد القى القرنيت على المحل دون صآحب المحل...
اليس كذلك ؟
رد الكوتش بالايجآب..
وآصل سآش...
بمعنى أنه لو كان دبل غبينة مجرما لرمى بالقرنيت على التآجر وليس المحل..
فهو فقط قد قصد أن يوصل للتآجر رسآلة قوية..
هنا أعتدل مآو مآو الذى كان يتآبع بأهتمام بآلغ قآئلا:
أنا حا أقول ليكم وبالعربى البلدى كدا..
ومن الآخر...

Post: #92
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-29-2014, 07:45 PM
Parent: #91

بدأ مآو مآو...

السوق كوووله بعرف دبل غبينة..
لآنه بيشتغل طول اليوم..
من حّمال لى مرآسلة لى بيّآع لى بتآع ورنيش...الخ
وكلنا عآرفين برضو أنه دبل غبينة بيشتغل بناء...
يعنى ينآول الطوب أو يبنى ليه صريف (سور من القش)..
أو يبنى له قّطية..
كل دا ليه ؟
عشآن ما يمد يده لى زول..
وما ينّط ليه حيطة ويشيل حق زول..
كل هّمه يلقى حق وجبة اليوم والقزآزة والسّفة..
صآح؟
ولم ينتظر أجآبة من أحد..

دبل غبينة وآحد من الناس الحآربت...
هرب من قريته طفل بعد ما شآف أهل بيته والقرية كلها قصفتها الحكومة قّدّآمه..
مشى برجيله مع الاطفال المشوا أثيوبيا..
حصل الحصل فى أثيوبيا..
وصل كينيا...
كبروا فى الوكت دآك..
وأشتغلوا بناءين ومرآسلات وكل الآعمآل الدنيا فى كينيا..
ما مشى الحال...
مشوا الغآبة..
حآربوا..
جآت الآتفآقية بت ال,,,ك...ل...ب..دى ورجعوا الجبال..

أول حآجة عربى كتير منهم ما بيعرف..
بيتكلموا أمهرا وسوآحيلى وأنجليزى ....
تانيا مشوا قرآهم ما عرفوا حتى خريطة بيوتهم فى الارض..
فى زول حآسى بيهم؟
الحكومة بتتعآمل معآهم ومع أهل الولاية دى على أساس أنهم حشرآت...
يجب سحقها...
والحركة بتتعآمل مع جنودها كأرقآم..
كل اليهمهم عندنا كم ألف جندى وكم دبابة وكم وكم ألف وجع قلب....
أنا هنا بستثنى اللى لسه شآيلين سلاح وقآعدين فى الجآو..
دا موضوع برآه..

فى وآحد جمع الدبل غبينة ديل وخآطبهم....
وّوضح ليهم أنه تعبهم وعمرهم القّضوه فى الخلا ما رآح شمآر فى مرقة؟
فى زول جمعهم وسألهم عن أحوآلهم؟
فى زول جمعهم وقآل ليهم الخطوة الجآية شنو ؟
فى زول عآرفهم هم مين؟
هم نفسهم فى وآحد فيهم يقدر يهّوب نحو المسئولين بتآعينهم ؟
طيب يمشوا وين ؟
ويقولوا يا منو ؟

الشآهد أنه الارقام دى بنى آدمين دم ولحم..
والحشرآت البتسحق فيها الحكومة ديل برضو بنى آدمين دم ولحم..
يعنى بشر..
يعنى عندهم دم و أحساس وأعصآب وطموحآت وآمآل...الخ

كم ألف دبل غبينة حآيم فى البلد دى وفى السودان كله؟
أقول ليكم بصرآحة؟
أنا لو كنت محل دبل غبينة برمى القرنيت فى التآجر زآتو مش فى المحل..

ثم صمت وسط ذهول الجميع ....
فيما كان جسمه يتصبب عرقا....
وقلبه يخفق بشدة..
وقد تحولت عينآه الى موقد نآر..

Post: #93
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-29-2014, 11:21 PM
Parent: #92

سآش: هو مش الحمد لله الما أستنجد بأصحآبه؟
الباشمهندس:
كانوا حرقوا السوق من أوله لآخره..
الناس ديل يفّضل مافى زول يغلط فيهم..
الكوتش:
أفهم من كدا أنكم مؤيدين العنف؟
الباشمهندس:
لا ....
بس بنحآول نبّين ليك من وين تطلب الرحمة لموكلك..
مآو مآو : نفسيته كيف؟
الكوتش: مبسوط وبيضحك...
قآل لو هو عآرف أنه الناس حتهتم بيه..
كان رمى القرنيت من زمان..
مآو مآو..
كلامى وقع ليكم ؟
الكوتش:
سقرآط تآبع معآه كل الآجراءات وخليته منتظر يفرجوا عنه عشآن يوصله بيتهم..
الباشمهندس..
وسقرآط دخله شنو بالموضوع ؟
الكوتش..
سقرآط صآحب التآجر..
والتآجر أتصل بيه لما حصل الحصل..
ولما جا ولقى دبل غبينة أخد جآنب التآنى..
مآو مآو:
جآنب الحق يعنى ؟
سآش...
أنا حا أمشى ليه بكره أعرض عليه شغل الكمآين..
وأهو نضمن تتّحل المشكلة جزئيا..
مآو مآو بلهجة سآخرة..
وبآقى الدبل غبآين ؟
سآش..
يا مآو يا يأخ كدا خلينا هسه فى صآحبنا دا..
أت ما حتغّير الكون بين عشية وضحآها..

بدأ الليل يسدل أستآره..
أنفض الجمع كّل فى أتجآه..
وتنّهدت كآدقلى عميقا..
وهى تستعد لآستقبال نشطاء الليل..

Post: #94
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-30-2014, 02:56 PM
Parent: #93

ما زآلت رآكوبة الجندر تصدح بالخطب الرنآنة بالقرب من شآرع الدلالة..
فى سوق كآدقلى..
ولليوم الثآلث على التوآلى..
توآفدت الفتيآت والنساء كما الفرآشآت..
ألوآن وجمال وّهمة..
وبالنظر دآخل الرآكوبة..
يخيل لمن يرى أن ممثلات لجميع نساء الكون..
هّن المتوآجدآت فى الدآخل...

تنآنير وبلوزآت وطرح من كل لون..
ثيآب سودانية تقليدية من كل نوع...
ليسآت أفريقية مزركشه وفضفآضة..
فتيات ونساء بالبنطآل والقمصآن..
العباءة الآسلامية السوداء والطرحة السوداء..
نساء بعباءات مزركشة من كل لون..
نساء الآمبررو الآكثر زركشه وتألقا بلبسهن العجيب..
ثم الحّكآمآت بلبسهن المميز..
وهو طرحة من الحلى والخرز والذهب ( أصلى وتقليدى)...والريش..
وكل ما يمكن أن يزّين ذآك الرأس..

أعتلت ممثلة نساء الآريآف المنصة..
وسط دوى من التصفيق....
حتى أستقر بها المقآم أمام الميكروفون..

Post: #95
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-30-2014, 06:17 PM
Parent: #94

سبب التصفيق الحآد هو الفتآة نفسها وليس الموضوع الذى لم تفصح عنه بعد..
فقد كانت أصغر المتحّدثآت..
فتاة عربية من المنطقة الغربية..
طويلة بشكل ملفت..
طآلبة فى جآمعة الدلنج...
ويبدو أنها أيضا تنتمى للعرب الرحل الذين يجوبون تلك المنطقة صيفا وشتاءا..
وألتحآقها بجآمعة الدلنج تحّدى فى حد ذآته..

يضآف الى ذآك الوآقع...
الزّى الذى كانت ترتدية..
فقد حرصت تلك الفتآة على الظهور فى رآكوبة الجندر بكل الموروث العربى الآصيل..
بدءا (بمشآط أم شتح) الذى تعشقه تلك النسوة...
و هو جدآئل من الشعر تبدأ من الآمآم ووسط الرأس حتى الكتفين...
ثم جدآئل أخرى من نآحية اليمين واليسآر تغّطى الآذنين..
زّينته بكل أنوآع الخرز والودع والسكسك...
ثم الودك الذى تفوح منه رآئحة زهور الريحآن..

كانت بشرة الفتآة أميل الى البيآض منه الى السمرة..
وكانت نحيفة للغآية ( صووت عنج )...
ثم عينآن وآسعآتان تتحدثآن دون أن تنطق هى..
ثم اللبس الذى عرفت به نساء العرب الرّحل...
من ثوب يغّطى فستآنا يحتوى على جميع أنوآع الزهور...
كانت تقول وهى صآمتة..
نحن هنا....
لدينا تحيدآتنا الخآصة.....
ولكننا نعرف كيف نطّوعها..

وبعد أن هدأت موجة التصفيق الحآد..
وسكت الغناء الذى كانت تردده النسوة اللائى صآحبنها فى تلك الرحلة..
بدأت..
بصوت قوى...
أكبر من سّنها بكثير...
عميق...
كأنه يخرج من كل التآريخ العربى فى المنطقة الغربية..

سيدآتى سآدتى..
وأقول سآدتى لآننى أعلم أن الرجآل يتجّولون خلف الرآكوبة ليسمعوا صوتنا..
ثم أن صوتنا يصل اليهم فى أركان السوق الآربعة..
منهم الاب والعم والخآل والجد والآخ والزوج والخطيب وزميل المهنة..
يسرنى ذلك....
لآننى أريد أن يسمعونا..
ويعونا..
وليتأكدوا من أن الآمر جد الجد..
وليس بالهزل..

لا أريد أن أغوص فى تفآصيل الشقاء فى رحلة الشتاء والصيف تلك..
فقد عّبرت سيدة الامبررو بجزء كبير منها..
رغم الفآرق فى كل التفآصيل..

نحن لا نمتلك أرضا..
ولكننا نمتلك الفضاء الرحب...
والسماء بكل تقلبآتها..
ونمتلك فصول السنة الآربعة...
التى نعرف كيف نتكيف مع أىّ منها..

نتجّول ...
ثم ننصب خيآمنا...
فى صحبة موآشينا...
بعيدين كل البعد عن أى مظهر من مظآهر الحيآة المدنية..
نعشق الدوبيت والدرّملى و المردوم..
نردد أغآنيها فى غدونا وروآحنا ...
نتزوج..
ننجب..
نعيش..
ونموت..

نتعرض للمخآطر فى الخلاء...
لذلك تعّلمنا معنى أن نصآدم..
أن نستمع لكل همسة فى ذآك الخلاء الصعب ونتخذ حذرنا..
ونقآتل أذا لزم الآمر..

وقد تلاحظن أننا أكثر النساء فى هذه الولاية تمسكا بعآدآتنا وتقآليدنا...
حتى الضآر منها...
لآننا لانملك غيرها...
فهى هويتنا..
وهى صمآم الآمآن لنا ولآنعآمنا..
ولآننا أيضا بعيدين كل البعد من مظآهر الحيآة الحضرية..
لنا عآلمنا الخآص..
كما للولاية عآلمها الخآص..

ولكن المؤسف حقا فى تحديآتنا هذه هو دور الحكومآت...
وآلى يأتى ووآلى يذهب..
مسئول يأتى من الخرطوم ومسئول يذهب..
ولا أحد يفّكر فى منحنا الاستقرار...
ولا أحد يفّكر فى بناء مصآنع لمشتّقآت ألالبآن...
وتفّضل هذه الحكومآت الهلآمية..
أن نسكب 17 مليون لتر مكّعب من الحليب فى الارض فى كل عآم..
ونحن نتجوّل ونتجّول ثم لا نستقر أبدا..

تحديآتنا ليست محل حوآر أو علآج فى هذه الرآكوبة...
مع كآمل احترآمى للحضور...
لآنها تتعلق بمسئولية الدولة أولا وأخيرا...
والرآكوبة كما أرى محدودة الصلاحيآت...
والسودان لم يصل الى مستوى الدولة بعد..

فنحن نجتهد فقط فى توصيل صوتنا...
وننتظر الرد من الحكومة..
التى لا تعلم عّنا شيئا...
ولا تعرفنا ألا فى فترة الانتخآبآت..
ونحن أيضا لا تّشرفنا معرفة هكذا حكومآت..

نحن نعيش فى عصور ما قبل الميلاد..
ولكننا نحآول على أية حآل..
ونركب ظهر السلحفآة...
فى رحلة التغيير هذه....

التغيير سوف يأتى...
بحسب منطق الاشياء...
ولكننا لا ندرى كم سنة ضوئية سوف يستغرق..
أو كما قال محمد أحمد المحجوب..
مشينآها خطا كتبت علينا..
ومن كتبت عليه خطا مشآها..

Post: #96
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-30-2014, 07:18 PM
Parent: #95

أجهشت بعض النسوة بالبكاء..
هآجت نساء الآمبررو بالصفير الحآد كما لو كن شبابا فى سينما عند أنتصآر البطل..
عآودت نساء المنطقة الغربية الغناء..
وهآجت الرآكوبة ومآجت..
حتى وصلت الفتآة الى مقعدها..
وأستقرت..

بدأت الجلسة الثآنية..
حيث تقّدمت ممثلة الحّكّآمآت الى المنصة..
وممثلة الحّكآمآت تلك أغنية فى حد ذآتها..
أبنوسية اللون...
ترتدى ثوبا من الحرير أنتشرت موضته فى تلك الايآم..
تغّطى رأسها بطرحة الحّكّآمآت المزركشة بكل أنوآع الحلى والذهب (أصلى وتقليد )..
وكانت تتزّين بكل أنوآع الآكسسوآرآت مما تحّصلت علية...

أمرأة أربعينية شقية القسمآت..
من مدينة كادقلى..
كانت وهى تتحرك يرقص جسمها من تلقاء نفسه..
دون أن تقصد هى ذلك..
كان فى مشيتها دلال وخفة روح..

هآجت الحّكّآمآت بأغنية خصّصنها تمجيدا لممثلتهن..
وصلت الى المنصة..
وأمسكت بالميكرفون..
كمن أعتآدت على مسكه ....
وبدأت...

نحن كما تعلّمن ...
نمتهن الفرح..
نغنى ونرقص وننشر البهجة فى الحضور..
وندفن أحزآننا فى الغناء والرقص..
ولكن ووسط هذه البهجة..
نرسل رسآئلنا للجميع..
حكومة وأفردا وجمآعآتا..
بمعنى أننا نعّبر عن ما تريد أن تقوله كآدقلى..

نغنى للجميع...
وقد يستهجن البعض غنائنا فى حضرة الحكومة..
ولكن اذا دققوا فى الآمر...
سوف يكتشفون أننا نقول للحكومة الكلام الذى لا يستطيع غيرنا أن يقول..
وفى العلن...

رسالتنا تشمل الجميع..
ولست هنا للحديث عن المعآنآة والمتآعب التى توآجهنا كنساء فى هذه الولاية..
لآن معآنآتنا جزء من الشان العآم...
ولا أزمآت خآصة لنا..
ولكننا هنا..
لآن هذا هو مكآننا الطبيعى..

نعلم أن هناك من أستنكر غناءنا ورقصنا فى المنآسبآت الرسمية...
واقصد فى حضور الحكومة...
ولكن الحكومة نفسها تفهم المغذى..
ولكنها لا تستطيع محآسبتنا..

تعلمن جيدا أننا نستطيع أن نصدر الاحكآم بأغنية وآحدة...
نقول رأينا فى قضية كآملة..
بأغنية وآحدة..
نرفع الشخص النزية..
ونخسف الآرض باللصوص الذين تمتلئ بهم دوآوين الحكومة..
بمعنى أن وظيفتنا أقرب الى الكاريكآتير منها الى المقآل الصحفى..

لذلك لم يكن بد من قبولنا فى كل المنآسبآت..
بلا غربآل...
كما وتلآحظن مرآحلنا العمرية...
فالحّكآمة أما أنها أم أو خآلة أو عمة أو جدة..
بمعنى أننا نأخذ الآمور مأخذ الجد...
لآن المرحلة العمرية لها وزنها وحدودها و مسئوليآتها....

كل ما نحتآجه..
هو أن تشملنا دعوآت الجندر ...
فى جلسآت التوعية بالامور القانونية والصحية والاجتماعية والاقتصآدية...
لآنها ذآت فآئدة كبيرة بالنسبة لنا..

نزلت ممثلة الحّكّآمآت من المنصة تصآحبها أغنية ورقص وتصفيق ...

همست أحدى الحضور فى أذن زميلتها...
الحّكّآمآت ديل ما فى زول عآقل يقدر يقول ليهم تلت التلاتة كم..
أّيدتها زميلتها قآئلة....
يرقعوك بى أغنية وآحدة تجيب أجلك..

Post: #97
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-30-2014, 11:49 PM
Parent: #96

يقع مطعم أيفورى فى قلب كادقلى...
ولا يبعد كثيرا عن السوق الكبير..
المبنى عبآرة عن بيت قديم تم ترميمه بشكل جيد...
دور أرضى..
مجموعة غرف وفآرندآت وصآلات..
مفروش بشكل أنيق وبسيط وهآدئ..
تحتل نبآتآت الظل مسآحآت مقّدرة من كل ركن...
مكّيف بالكآمل..
وتنبعث موسيقى هآدئة من أحد الآركان يصعب تحديد مصدرها...

دلف مآو مآو وكلير الى المطعم..
وأرشدتهم فتآة الاستقبال الى حيث يجلس دكتور وآئل..
كان الوقت مساءا..
وكان دكتور وآئل يرتدى بدلة سوداء بسيطة ولكنها غآلية فيما يبدو..
كآن هآدئا...
مبتسما..
يفوح منه عطر كريستيآن ديور..
وقد صفف شعره بطريقة لا تتبع أى موضه...
فقد كان شعره ملفوفا و لآمع السوآد..
وقف حينما رأى ضيفيه...
ومد يديه الطويلتين مبتسما ابتسآمة دآفئة و حميمة..
فيما كانت عينيه النآعستين تتجولان حول كلير فى هدوء ..
وكلام كتير..

جلس الثلاثة حول طآولة يغّطيها مفرش بنفسج اللون..
بنفسج بآهت..
وضعت فى وسطها شمعة كبيرة بالنسبة لحجم الطآولة..
وبعد السلام والكلام فى أى شئ وكل شئ ولا شئ..
حضرت الجرسونة..
ووضعت أبريقا من الماء وسط الطآولة....
ثم وضعت نسخة من ال (المنيو) أمام كل وآحد...
وأختفت فى حياء وأدب جم....

Post: #98
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-31-2014, 00:13 AM
Parent: #97

كانت كلير ترتدى طقما غرب أفريقى..
وآسع..
بنفسج اللون...
وبآهت..
ويبدو أنه كان مساء البنفسج..
غّطت شعرها بطرحة من نفس الطقم الذى كانت ترتديه..
ولكن خصلة عربيدة...
فلتت من الطرحة وأخذت طريقها الى عنق كلير الآسطورى..
كان عطر كريستيان ديور يفوح منها أيضا..
ولقد بدت متألقة..
وجميلة..
بالدرجة التى قآل عنها مآو مآو...
تعمل دوخة....

بعد قليل نآول دكتور وآئل مآو مآو مظروفا ضخما...
فتحهه مآو مآو ووجد التقرير الطبى الكآمل لحآلة علوية النووية..
ومترجم الى اللغة اللغتين الآنجليزية والفرنسية..
ومرفق به صور الآشعة..
وتقرير كآمل عن الحآلة....

بدأ مآو مآو فى قراءة التقرير باللغة العربية..
فيما نآول كلير بقية الملف..
حتى نسيا مضيفهما بالكآمل..
مضيفهما الذى لم يحس بأى شئ فى الوجود فى تلك اللحظة....
سوى حضور كلير الطآغى..

رفعت كلير رأسها مخآطبة الدكتور...
شكرا يا دكتور وآئل...
أنت أختصرت لينا مشوآر طوييييل...
رد عليها وهو يبتسم فى حب وأدب وذوق وجرأة...
دكتور بعد كل دا ؟
كفآية وآئل..
ردت..
وهو كذلك يا ..وآئل...

أنتبه مآو مآو للحوآر الجآنبى الذى بدأ يدور بين كلير ووآئل..
فوضع الملف وهو يوجه سؤآله لدكتور وآئل...
الموضوع شنو يا حبيبنا ؟
رد دكتور وآئل قآئلا...
مافى أى موضوع..
قآعدة تنآدينى دكتور وآئل ..دكتور وآئل...
قلت ليها وآئل كفآية...

عّلق مآو مآو وهو يوّجه كلامه لكلير..
وآئل دا صآحبى من أيآم ما كنا طلبة فى الجآمعة...
بس هو أهله نآس غنيآنين رّسلوه فرنسا أتخصص...
وأنا رجعت كآدقلى...
يعنى الحنكوش دا تنآديه وآئل..
ما فيها حآجة..
أنفجر ثلاثتهم بالضحك عند ذكر كلمة حنكوش..

Post: #99
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-31-2014, 00:41 AM
Parent: #98

تنآول ثلاثتهم طعآم العشاء..
سفرة دولية..
جميع أنوآع المشويآت والخضر والفوآكه والحلويآت..
تبآدلوا القفشآت والضحكآت ..
أستمتعت كلير بتلك الصحبة الآنيقة بين مآو مآو ووآئل...
فظروفها لم تسمح لها ببناء مثل تلك العلاقآت الآنسآنية..

دفع دكتور وآئل الحسآب..
فالدعوة كانت دعوته ..
وخرجوا جميعا وقد أسدل الليل أستآره على كآدقلى..
قّدما الشكر الجزيل للدكتور..
وأبتلعهم الظلام جميعا..

صعدت كلير الى سيآرة الآمم المتحدة التى كان يقودها مآو مآو..
بعد أن طلب منها أن تترك سيآرتها بالمنزل...
وأّقلها هو فى الحضور وألايآب..

أثناء الطريق..
وقد سّجل الآغنية التى كانت كلير قد سّجلتها فى سيآرتها..
وبدأ المغنى..
you are always on my mind
you are always on my mind

التفت الى كلير فجأة وبدون أّى مقدمآت....

كلير؟
نعم يا مآو..
تتزوجينى؟

تسّمر الزمآن والمكآن والمآضى والحآضر والمستقبل دآخل سيار مآو مآو فى تلك اللحظة..
فيما فلت الكلام من كلير وتجّمد لسآنها...
أردف قآئلا..
على العموم فّكرى فى الموضوع..
أنا فى الآنتظآر...
أن شا الله ألف سنة..

ألتفتت اليه بمنتهى الهدوء..
وقد تهّدج صوتها..
وسألته وهى تضغط على كل حرف مما تقول..
يا مآو يآ آخ أنا بحبك من قبل ما أتولد...
تقول لى فّكرى؟

عمل ( بريك ) مفآجئ ...
خرج من السيارة....
لّف حول السيآرة...
ثم عآد قآئلا..
أنا يا كلير حبيتك من أيام سيدنا آدم وأمنا حواء..
من قبل ما يضحك عليهم وآحد جبهجى ويطّلعهم من الجنة..
هنا أنفجر الاثنآن فى ضحك صآخب..

أو صلها الى منزلها...
ثم عآد الى منزله..
وهو لا يدرى كيف قآد السيآرة..

Post: #100
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 01-31-2014, 04:16 PM
Parent: #99

أنتهت أجرآءآت الافرآج عن دبل غبينة..
كآن سآرتر قد دفع الكفآلة..
كان الكوتش قد عآد ليطمئن على الموقف فقآبلهما عند بآب قسم الشرطة...
لا يبدو التأثير أو الندم أو الآرهآق على صآحبهم الجآنى..
عرض عليهما الكوتش توصيلهما فوآفق سآرتر..
أثناء الطريق وّجه الكوتش كلآمه لدبل غبينة قآئلا..
أنت فآكر القآنون بيرحم ؟
عآرف..
وعآرف كمآن ؟
ما حّسيت بنفسى فى الوكت دآك..
أصلو التآجر أستفزآنى..
قال ليك شنو بالضبط ؟
ما عآين لى أصلو..
بس قآل لى قروش هسه مآفى..
تعآل بكرة شيل حسآبك...

هنا تدّخل سآرتر..
أنا حا أترآفع عنه...
بعد أذنك يا الكوتش..
شآيفك متحّمس جدا يا سآرتر..
أنا من رأيى أنك تتفآهم مع صآحبك التآجر..
يستلم خسآرته ويتنآزل عن المحضر..
ما أفتكر أنه حيرضى..
وآصل الكوتش..
وأذا ما رضى هو الخسرآن..
أصلو هو عآيز خسآرته ولا عآيز يعآقب دبل غبينة؟
الآتنين يا كوتش..
الآتنين ما بيلقآهم..
موّكلك زى ما أنت عآرف مليم أحمر ما عنده..
أحنا الحنجمع الآشترآكآت عشآن نخّلصه من المشكلة..,,ملتفتا الى دبل غبينة..
مرة تآنية ما تعمل حآجة زى ..
أحنا مقّدرين كل الظروف النفسية الآنت فيها...
أنت وأصحآبك..
بس دا ما بيديك الحق أنك تمشى وتدّمر حآجآت الناس..
يعنى التآجر دا لو كان مآت...
تخّيلت العقوبة كانت حتكون كيف.؟
صمت دبل غبينة..
فيما تنآول سآرتر الفرصة..
أنا أتكلمت معآه كتير...
وهو عرف غلطته...
وحا أحآول مع التآجر..
وما أفتكر أنه دبل غبينة حيعملها تآنى.. ملتفتا الى دبل غبينة...
المرة الجآية تلقى روحك برآك..
مافى أى زول حيقيف معآك..

وصلت السيآرة أمام أحد المطآعم..
طلب سآرتر من الكوتش أيقآف السيآرة..
نزل وأشترى العشاء...
عآد وسّلمه لدبل غبينه...
وصلا أمام منزله...
نزل ونزل معه سآرتر...
نآوله بعض النقود قآئلا...
أنا عآرف عندك (كآروشة ) هسى دى..
أمشى أطفح وما تعمل أى مشكلة تآنى..
و ما تطلع بّرا كادقلى قبل المحكمة...
كدا حتسبب لى مشآكل كتيرة...
عآرف جنآبك..
يعنى أتفقنا ؟
أتفقنا.. وشكرا كتير جنآبك..

Post: #101
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-01-2014, 00:44 AM
Parent: #100

رغم مظآهر الفرح العآم فى كادقلى..
والافرآح والليآلى الملآح..
وتجديد المنآزل والآثآث..
ألا أن ميآها كثيرة كانت تتدفق بعنف تحت الجسر..

أرتفعت الحآلة العصبية العآمة..
كلآم كثير كانت تقوله العيون دون أن تفصح عنها..
وبدأ مجتمع كادقلى يتدآعى..
الى أثنيآت مختلفة..
خآصة الاثنيتين الرئيسيتين...
نوبة وبقآرة..

أعتلت ممثلة الحركة الشعبية المنصة..
فى رآكوبة الجندر التى ما تزآل تعقد جلسآتها لليوم الرآبع..
خريجة جآمعية..
وزيرة ممثلة عن الحركة فى توزيع المنآصب فى الولاية..
شآبة لم تتعد الثلاثين من عمرها..
وقد كانت شديدة الآنفعآل فى خطآبها..
وبدآ وآضحا أيضا أنها من الالاف المؤلفة من خريجى الجآمعأت..
والمرآحل التعليمية المختلفة...
ممن أنضموا للحركة بعد الاتفاقية...
أى بعد العآم 2005..
فأحدثوا بذلك توآزنا أكاديميا وأثنيا دآخل الحركة..
حيث أنضمت أثنيآت كثيرة من غير النوبة ..
وممن لهم غبن مع الآنقاذ أيضا..
وبدأت..

تلاحظون جميعا الآمدآدآت العسكرية والجنود..
الذين يدخلون كآدقلى بشكل يكآد يكون يوميا..
جنود يرتدون مختلف الآزياء العسكرية..
شآحنآت ملآئى بالسلاح والعتآد العسكرى..
يبقون فى كادقلى لبضع سآعآت ثم يختفون..
كل ذلك ونحن لا ندرى لماذا..
ولا الى أين يذهبون...
خطآب الحكومة قوى وعنيف ومستفز..
يستخدمون فيه كل أنوآع اللغة المنحّطة والوعيد..

وقفت قليلا لتشرب كوب ماء..

كل هذا النشآط العسكرى...
لا يجب أن يحرك فينا سآكنا نحن أهل الولاية....
ولا يجب أن نسأل لماذا....
هل تريد الحكومة أن تشعل حربا أخرى..
رغم المرحلة الآنتقآلية...
ورغم أجتهآدنا فى أنفاذ المرحلة الانتقالية؟
أم أن هذا النشآط العسكرى...
يقصد منه الاستفزآز والوعيد...
حتى نرفع السلاح؟

كل هذه أسئلة مشروعة..
ونحن حسب تجربتنا مع الحكومة...
فهى لديها غبن مع هذه الولاية..
ولكننا نحن فى الحركة الشعبية..
حملنا السلاح من أجل مبآدئ..
وحقوق لم نحصل عليها...
ومع ذلك...
قبلنا بأتفآقية نيفآشآ...
محآولين أن ننقذ ما يمكن أنقآذه ...
ولكن ومع ما يحدث..
وهو أمر وآضح لا يحتآج الى كثير أجتهاد..
يبدو أن الحكومة..
مصرة على موقفها..
من تركيع أهل الولاية...
والاستهتآر بمقّدرآتها..

حسنا..
اقول قولى هذا...
وأنا مسئولة عنه..
الحقوق التى رفعنا من أجلها السلاح ما زآلت مهضومة..
ونحن فى الحركة الشعبية...
ما زآل أمامنا طريق طويل..
رغم أن قرآر الحرب لا تتخذه النساء..
ورغم أن النساء هن الآكثر تضررا من الحروب...
ولكننا نحن نساء الحركة الشعبية..
نعمل لآنتزآع الحقوق المهضومة...
لنا ولاهلنا..
مهما كان الثمن الذى ندفعه...
ويدفعه الجميع..

ثم غآدرت المنصة وتركت النساء ينظرن الى بعضهن البعض..
فقد كان الخطآب خطير جدا..
لمس العصب الحى الذى كان يتالم فى تلك الفترة..
وهى أن لم تقل بمبدأ الحرب صرآحة..
ألا أن كل أمرأة فى المنصة...
تذكرت الحرب..
ومآسيها..
ونسين جميعا أمر التصفيق للمتحدثة..
حتى نساء الحركة اللائى أرتفعت عيقرتهن قآئلات..
أس بى أل أى وييى..
قد نسين أمر التصفيق ....

Post: #102
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-01-2014, 01:11 AM
Parent: #101

كانت المتحدثة الآخيرة ممثلة للحريفآت..
ومجتمع الحريفآت بدأ يتشّكل دآخل كادقلى...
ثم توّسع وأمتد الى المدن والقرى المجآورة..
وهى حركة أن دّلت على شئ...
فأنما تدل على قدرة نساء تلك الولاية فى تطويع المستحيل..
والعيش بسعآدة رغم الرصآص والحروب التى تدور فى ذآك الجزء من الوطن...

كانت أمرأة فى منتصف العمر...
ولقد لبست لبسا تقليديا صآرما يعبر عن الحريفآت...
ومبادئهن....
بدأت تلك السيدة بثقة مطلقة..
وهدوء..
قآئلة...

أولا أوضح ما هى حركة الحريفآت...
لآنها جديدة على المجتمع..
رغم أنها أنبعثت من القديم وطّورته..
فنحن نهتم بالتقاليد العآمة...
فى اللبس المحتشم...
والمظهر والسلوك المقبولين لدى المجتمع..
نحن نهتم بالآتكيت..
وطرق الآكل والشرب وحتى كيفية الجلوس فى حضرة الغير..
حتى لا ننسى أنوثتنا وسط هذه الآموآج المتلآطمة فى الولاية..
وفى حآلة الخروج عن تلك التقاليد..
تّقدم شكوى ضد المرأة التى خرجت عن المألوف...
ثم نشكل لها محكمة...

لدينا قآضى..
وهيئة محلفين..
كما لدينا عمد ومشآيخ فى الآحياء المختلفة...
لمعآلجة القضآيا البسيطة..
ويمتد عملنا ليشمل التوسط فى الخلافآت الزوجية..
فنتدخل ونعآلج الآمر..

الشآهد فى حركة الحريفآت هو السمع والطآعة..
وأحترآم قرار المحكمة الذى يرآعى ظروف عضوآته...
مثلا الآحكآم التى نصدرها لا تتعدى مبالغ بسيطة تسآهم عضوآت المحكمة فى دفعها..
ثم غرآمآت عينية مثل البن والسكر والشآى..
وهذه أيضا تسآهم العضوآت فى دفعها..

الهدف الآساسى لحركة الحريفآت هو ربط النساء بعضهن البعض...
ومسآندة بعضهن البعض..
فى ظروف الحروب القآهرة...
التى لا ندرى أحيانا الى أين نتجه..
ولا الى من نتجه..

وأقول للمثلة الحركة الشعبية..
أن الحرب دمآر وخسرآن..
ونرجو أن يعآلجوا أمور الولاية بغير السلاح..
وأرجو أن لا نتهم بالهوآن لآننا نرفض الحرب..
نحن نريد السلام...
والحيآة الهآدئة...
والعدل لك شخص..
فقد فقدنا أحبآئنا وحلالنا طوآل سنوآت الحرب..
ومن كل الآثنيآت..
وأقول لها أيضا..
أن الحرب لا تحصد نساء الحركة فقط..
ولا تدّمر نساء الحركة فقط..
فالبندقية لا تّميز..

نزلت وقد كسآها الحزن..
من قمة رأسها الى أخمص قدميها..
وسط تصفيق وأن لم يكن دآويا..
ألا أنه كان عبآرة عن صلاة ..
من أجل السلام..

Post: #103
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-01-2014, 01:34 AM
Parent: #102

كانت كادقلى فى حيرة من أمرها..
وقد غلبتها شقآوة أبنآئها..
بل أن موقف الحكومة من الولاية هو ما حّير كادقلى حقيقة...
الى أين يتجه هذا الشعور العدآئى المتصآعد بين الفريقين؟
وهما وأن كانا صديقين فى الظآهر..
حكومة وحركة..
الا أن ما يّخبئه كلاهما للآخر..
قد يقضى على ما تبقى من تلك الولاية..

ورغم تجربة كادقلى السياسية العريقة...
وهى من أمهآت المدن السودآنية...
التى نآهضت الاستعمآر..
وأرسلت أبنآئها ليحآربوا الطليآن فى كرنق مع قوآت الحلفاء..
لصآلح الآنجليز كشرط من شروط حصول السودان على أستقلاله..
وشآركت فى كل الانتخآبآت..
فى فترة الحكومآت الوطنية..
وبسطت الهدوء والسعآدة نسبيا..
ألا ان هناك رمالا تتحرك على الدوآم...
بفعل عنجهية المركز وسطوته...
وبفعل غفلة أبنآئها من كل لون..
فما العمل ؟

هاهم أبنآئها يتنآحرون ويقتتلون ويموتون..
وما يزآل الوضع كما هو...
تّخلف..
تنمية متعّثرة..
جشع المركز وعدم أعترآفه بأدمية أهل الولاية..
تلاعب المركز بهذه الشريحة أو تلك..

والان..
وبعد أندلآع حرب المرآحيل..
و مشآركة النوبة فى الحرب الاهلية فى الجنوب..
أصبح هنآك مجتمعآن فى الولاية...
مجتمع يتجه الى الشمال لحل قضآيآه...
ثم لا يجد حلا..
ومجتمع يتجه نحو الجنوب لحل قضآيآه..
ثم لا يجد حلا..
ومحآولآت بينهم جميعا لرأب الصدع..
التى لا تنجح بشكل نهآئى..

أحّست بالآعياء التآم..
فقد أرهقتها هذه الحآلة البين بين على الدوآم..
وتنهدت طويلا..
ثم أسندت رأسها على أحدى الصخور...
التى أصبحت من (البوسترآت) التى تستخدم للكتآبة..
فى التعبير عن السخط....
وأنتهآك صريح لحرمة الجبآل..
وصخورها..

Post: #104
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-01-2014, 02:06 AM
Parent: #103

كان سآش يقود سيآرته بسرعة جنونية على غير عآدته..
وقد أتجه الى منزل صديق عمره مآو مآو..
دخل بدون بروتوكولات وبلا حذر..
فهو يعلم تماما أن ذآك هو بيته الثآنى..
دلف الى المطبخ...
المقر الدآئم للست الوآلدة..
القى عليها التحية ثم سألها..
وينو؟
ردت...
فى أوضته..
لم يطرق الباب لآنه كان مفتوحا أصلا..
والقى بجسده المنهك على الكرسى خلف الباب..
ثم نآول صديقه كتآبا...
قآئلا..
طآئر الشؤوم بتآع جدك دكتور فرآنسيس دينق...
لقيته مفروش فى الآرض فى السوق..
عملت (بريك) مفآجئ ...
كان ما الله ستر...
كان صدمت الزول الورآى...

تنآول مآو مآو الكتآب بلهفة قآئلا لصديقه..
سآش يآخ أنت تستآهل تمثآل فى ميدآن الحرية...
رد سآش...
لو نجحتوا فى موضوع المكتبة العآمة دا..
يبقى عملتوا مليون تمثآل فى ميدآن الحرية..

تنّبه مآو مآو لحآلة صديقه تلك...
ثم توقف فجأة وقد بدآعليه القلق..
خير يآ سآش..
مالك؟
مالى؟
الجنود فى معسكر الجآو قآموا على بعض..
ومأتوا منهم أكتر من مية عسكرى..
بلع مآو مآو ريقه قآئلا..
حصل شنو؟
رد سآش...
ما عآرف التفآصيل..
لكين الجنود ديل من غير ما القيآدة تتكلم معآهم باستمرار وتمّلكهم المعلومآت الصحيحة حيقضوا على بعض..
سال مآو مآو..
والعمل؟
رد سآش...
أنا مآشى بنفسى أعر ف الحقيقة.....
رد مآو مآو..
أوعك..
أنت فآكرهم معترفين بيك ولا عآرفينك من أصلوا ؟
دى حسآبآت بترجع لى أيآم الحرب ...
ومافى زول عآرفها غيرهم..
وأول حآجة حيقولوا ليك أت كنت وين لّما كنا بنحآرب ؟
دا سؤال جآهز لآى زول جآهم بعد 2005..
ثم أنه الشريحة الجديدة بتآعة الحركة..
وأقصد خريجين الجآمعآت والمعآهد العليا وغيره..
أنت فآكرهم مقبولين تماما لديهم؟
خلينا صريحين يا سآش..
رد سآش..
ما عآرف....
بس الولاية دى يا مآو مستقبلها غآمض..
فى حآجآت كدا الوآحد ما قآدر يلقى ليها تفسير...
وأحسآسى بيقول أنه أحنا مقبلين على أيآم غبرا..
ودا لو حصل يا مآو..
قول علينا يا رحمن يا رحيم..
رد مآو مآو...
دا موضوع سآبق لآوآنه..
وبعدين جآية أنتخآبآت وكل شئ حيتصلح..
رد سآش...
مآفى حآجة سآبقة لآوآنها...
كله متصل ببعضه..
وبعدين من متين الآنتخآبآت لمن تجى كل حآجة بتتصلح ؟
خلاصة الموضوع أنه الوضع ما بيبشر بخير يا مآو..

صمت الآثنآن وسرح كّل فى عآلمه...

Post: #105
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-01-2014, 02:11 AM
Parent: #104

........ الجزء الثآنى.....

Post: #106
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-01-2014, 03:47 PM
Parent: #105

غّطى الغمآم وجه كادقلى المجهد من السهر...
ذآك الصبآح..
عبر الآهآلى كّل الى بعض شأنه..
وفى هدوء كعآدة كادقلى..
غير أن هنآك حركة جديدة بدأت تدّب فى المدينة..

مبنى صغير وسط البلد..
عبآرة عن بيت قديم تم تأثيثه ببعض أجهزة الكمبيوتر والتلفون..
غرف ضيقة..
وصآلات أضيق..
وحشد من النآس...
يدخل فى لهفة..
ويخرجون وهم أكثر لهفة...
جميعهم يحصلون على بعض الآورآق..
فيتأبطونها..
أو يضعونها دآخل حقآئب من كل لون وحجم..

أعتصر الآلم كادقلى..
والخوف معا..
وهى تشهد تلك الحركة الدآئبة..
فى توّجس..
كانت السيآرت تسرع من والى أهدآفها..
ولكن بعض الخلق كان يبدو منشرحا ومتفآئلا..
وأستمر اليوم على ذآك المنوآل..

Post: #107
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-01-2014, 04:30 PM
Parent: #106

تّوزع الخلق الى جمآعآت..
دون قصد منهم..
فقد كانت تلك الجمآعآت تتجّمع خبط عشواء..
أى شخص أو مجموعة تعرف بعضها البعض..
تقف للتحدث فى ذآك الحدث الهآم الذى يستعد للآنطلاق فى كادقلى..
تمّلك البعض منهم بعض القلق..
وبدأوا يعّبرون عن أرآئهم....
دون قدرة على رؤية الحل السليم...
حيث لا أحد يستطيع..

ألتفت كآفينا الى زميله الجّزآر قآئلا..
دون أن يوقف تقطيع اللحم ورّصه فى شكل هندسى خآص..
تفتكر البلد دى يا خوآجة حتروق ؟
و الخوآجة هو دلوكة..
من قرية دلوكة جنوب كادقلى...
ولكنهم ينآدونه كذلك لآنه ثرى..
مثل الخوآجآت....

رد دلوكة بعد أن أكمل عملية البيع لآحدى السيدآت قآئلا..
والله يا كآفينا....
البلد دى تقول سآكنها جآن...
كل ما الحآل يروق..
يتقلب من أول وجديد..
لّما أحترنا فى حنآننا زآتو..

وآصل كآفينا التعليق وسيل الاسئلة التى لا توجد لها أجآبة لدى دلوكة..
أو أمه محمد أجمعين..
البلد بقت نصّين..
نوبة زى الهآجروا من التمانينيآت..
وخصوصا التسعينيآت..
وما رجعوا..
وديل فى رأيىى بالملايين..
زآيد البعض اللى لسه عآيش فيها زيى وزيك كدا..
وعرب وغيرهم من الدخلوا الولاية دى مع التآريخ..
فى تنآفس سّرى..
وعدم الثقة وآضح بين النآس...
أنا شآيفه وحآسى بيه..
والموآطن العآدى زى وزيك ....
نوبآى ولا بقآرى ولا فلآتى ولا غيره..
بيتعآيش مع بعض زى مافى حآجة حصلت...

عّلق دلوكة..
البيخّوف يا كآفينا..
الناس البتمشى ما بترجع تآنى..
النوبة شّتوا فى كل السودان..
ومرقوا بّرا السودان زآتو..
ودا بى أرآدتهم...
أو غصبتهم الحكومة اللئيمة دى..
ديل ما رجعوا وما رآجعين..
ونحنا القآعدين فى الولاية بقينا نبيع أرآضينا زى الفلسطينيين زمان فى الاربعينيآت...
لّما بآعوا أرآضيهم لليهود..
وقبضوا التمن وهآجروا للآردن وأى بلد ممكن يقبلهم..
أها لّما أولادهم كبروا....
ورجعوا فلسطين دآيرين أرضهم...
بقى مآفى طريقة..
وكل يوم حرب زى ما بتسمع..
دآ حيكون حالنا أحنا النوبة .....
دا غير الآغرآب الملوا البلد...
أمم أمم..

وآصل كآفينا ما أنقطع من حديث قآئلا..
فى صرآع شديد بين المسئولين...
حكومة وحركة وأحزآب..
ودا أنا بسّميه صرآع المصآلح..
من أهل البلد ومن الوآفدين اللى جو مع التآريخ وبقوا زينا فى الحق والمستحق..
البيحآربوا ديل دآيرين مجد النوبة يرجع زى ما كان..
والبيحآربوهم ديل كأنه بيقولوا ليهم كّضآبين..
ما تقدروا.. أحنا لينا مصآلح أستراتيجية فى بلدكم..
وأهو الدم للركب..
ونحنا ما عندنا طريقة غير نقفل الجزر....
ونفتح الجزر..
الموضوع بقى وآسع شديد..
وأزمة الثقة بين كل الآطرآف..
ما بتخّليهم يشوفوا الحل المناسب..
والله يستر..

رد دلوكة قآئلا..
غآيتو أنا شآيف كدا..
الجآيآت أصعب من الرآيحآت....
لآنه الحكومة مستحيل تخّلينا فى حآلنا..
والحركة مستحيل تخّلى الحرب..
وألتفت..
أيوا يا ّحجة...
أدينى يا ولدى نص كيلو عّجآلى..
حآضر يّمه..

Post: #108
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-02-2014, 00:05 AM
Parent: #107

ومع الرمآل السآخنة التى بدأت تتحّرك فى كآدقلى...
أختفى جنود الحركة الشعبية من الشوآرع العآمة تماما..
فّص ملح ودآب كما يقول المصريين...
فقد كانوا يملآون الشوآرع بملابسهم الرسمية...
والبنآدق التى تتّدلى من أكتآفهم..
فى غدوهم وروآحهم..
وهم جميعا فى عجلة من أمرهم..
وفى أى وقت من سآعآت اليوم..
وقد كانوا جزءا من المظهر العآم فى المدينة...

ألفتت أحدى البآئعآت لزميلتها قآئلة..
أنتى ما ملاحظة حآجة ؟
أبدا ...حآجة زى شنو؟
زبآيننا قّلوا..
يمكن مسآفرين ولا حآجة...
أنا أقصد زبآيننا عسآكر الحركة..
ثم أنتبهت زميلتها وبدت كمن يلاحظ لآول مرة..
صحى والله.. مآفى ليهم أثر..
تفتكرى الحآصل شنو؟
ردت زميلتها التى أثآرت المسألة أصلا..
ما عآرفه والله..
وبعدين مافى أى زول بيعرف تحركآتهم...
ولا فى زول بيقدر يسألهم..
بس لّما يختفوا بالطريقة دى؟
يبقى فى أنّ...
عّلقت زميلتها قآئلة..
أحتمال خير..
عّلقت الآخرى..
فى بلدنا دى أنتى ما بتعرفى الخير بيجى من وين ؟
ولا الشر بيمشى بى وين...
كّله دآخل فى بعضه..
وتنّهدت السيدتآن...

Post: #109
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-02-2014, 00:29 AM
Parent: #108

بدأت الميكرفونآت تجوب شوآرع كادقلى...
كل النهآر وآناء اليل....
وكان كل مرّشح يستعرض أفضل مالديه من برآمج ووعود..
ثم تخللت الدعآية الآنتخآبية بالميكرفونآت...
أناشيد وأغآنى وطنية..
ثم الدعآية الحآئطية التى حّولت جميع أشجآر كآدقلى ومبآنيها ...
الى بوسترآت سياسية...

نشطت الحيآة السياسية فى كادقلى مرة أخرى..
ولكن وفى تلك المرة..
كانت الدعآية صآرخة...
والحنآجر تحّلق فى السماء..
لعرض بضآعة النآخب وحزبه..
وبدأ السياسيون يكيلون لبعضهم البعض...
أكثر من التركيز على الدعآية الانتخآبية..

كان المؤتمر الوطنى هو أكثرهم أعدادا واستعدادا..
ولا يبدو أنهم يعآنون من أى مشكلة مآلية...
فقد كانت عربآتهم جديدة..
وتبدو غآليه...(دبل كابين)..
تزينها الشجرة من الجآنبين...
وهو رمزهم..
ويبدو على نآخبيها ونآخبآتها يسر الحآل..
وأقبآل الدنيا..

فقد أنتهوا من رصد كل الاسماء..
التى تمنحهم الآصوآت....
من جميع موظفى الحكومة..
جميع القوآت النظآمية...
جميع تلاميذ وطلبة المدآرس..
ثم تجّآر الذمة..
فالمؤتمر الوطنى كان يعرف سلفا عدد الآصوآت التى سوف يحصل عليها...
ثم يجتهد فى الحصول على زيادة الآصوآت...
بأساليب يعرفونها هم....
ويجيدونها..
مثل تهديد النآخب الذى يشكل لهم تهديدا..
أو محآولات شرآئه..
واساليب أخرى كثيرة..
يتفّتق عنها المؤتمر الوطنى..
وما كان لآى موظف حكومة أو طالب أو جندى يتخذ موقفا مغآيرا..
لآن الفصل وبهدلة الآمن فى الآنتظآر..

Post: #110
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-02-2014, 00:54 AM
Parent: #109

أصبحت الحياة بالنسبة لسآش أكثر تعقيدا وفوضى..
ولم يكن بأمكآنه السيطرة التآمة على أعصآبه..
لما عرف عنه من الرقة والآحسآس المفرط...
رغم مظهره القوى المتين..
لم تفلح موسيقى بيتهوفن فى تهدأته..
فهجر الآورغ..
ولم تستطع أغآنى البخسة ورقصآتها..
أن تعآلج همومه..
فهجر الفيديو..
ولم يكن يستطيع البقاء فى منزله بعد سآعآت العمل..
أو يستقر عند أحد اصدقآئه....
وهم كثر..

أستلقى سآش فى سريره عصر ذآك اليوم السآخن...
سياسيا وجغرافيا...
بعد أن طلب من وآلدته الآ يدخل عليه أحد..
واسلم نفسه لرحلة حيآته الشآقة بكل تفآصيلها..

تذكر يوم أن غآدروا كآدقلى جميعا...
وهو طفل...
فقد كان وآلده شآردا سآهما ولا يتكلم ألا عند الضرورة القصوى..
وما يزآل..
وكانت وآلدته تكثر من الدعاء ومسك السبحة بما يشبه الهستيريا أكثر من الصلاة..

تذكر يوم أن غآدروا كادقلى جميعا...
فى فترة التسعينيآت وأتجهوا صوب الابيض..
فترة أن فتحت الجحيم أبوآبها فى جبال النوبة..
تذكر قسوة الحيآة فى الآبيض...
وفقدآن بيتهم الجميل والآهل والجيرة ....
ثم الضحك واللعب..
وألاهم من ذلك أصدقآؤه الذين ما فتئ يذكرهم رغم صغر سنة..
تذكر كيف كان مآو مآو صآمتا عند مقتل وآلده..
كمن لم يصدق مقتله...
وينتظر عودته فى أى لحظة..
تذكر كيف غآدر صديقه وأهله..
ثم لم يلتق به ألا وهم شبابا..

قفزت فترة التسعينيآت أمامه..
بكل تفاصيلها المؤلمة..
وأحدآثها الدرآمية المتلاحقة..
وأنفجآر البكاء من وقت لآخر..
من هذا البيت وذآك....
وصوت البندقية يتخلل كادقلى من وقت لآخر..
وطآئر الشّرار الذى زآره قبيل رحلته التآريخية تلك..

لم يكن متحمسا وسعيدا لتلك الانتخآبآت..
ولم يكن متأكدا من نجآحها فى معآلجة مشآكل الولاية المتكّلسه..
على العكس..
كان يشعر بالخوف من المجهول...
الذى لم يكن مجهولا فى نظره..
لآن كل الدلآئل كانت تشير الى شئ ما..
شئ مخيف...

وهو فى تلك الحآل...
يجتر زكريآته المريره’.
ويتخيل مستقبل الولاية الغآمض..
حتى طرقت أخته الباب ودخلت قبل أن يفتح لها قآئلة..
يا سآش أنا متأسفة للآزعاج..
أنت قلت ما يزعجوك..
بس فى جمآعة دآيرينك...
وقالوا الموضوع مستعجل...

Post: #111
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-02-2014, 01:14 AM
Parent: #110

ألتقت كلير بمآو مآو فى رآكوبة الحبشية فى مطعم البستآن ...
بعد سآعآت العمل..
وقبل وصولهما الى منزليهما..
كانت رآئحة البن والشآى والبخور تملآ المكآن..
كان الحبشى يغنى أغنية سيد خليفه..
على الجمال تغآر مّنا..
وبعد أن أنتهت الآغنية عّلق مآو مآو قآئلا..
بغنيها أحسن من سيدها..
بالله سمعتى الصوت دا كيف؟
علقت كلير توآفقه الرأى وأضآفت....
بس أحنا ما بنغير يا مآو..
عندنا ثقة تآمة..

نظر اليها مآو مآو نظرة ذآت حب ومغزى عميق..
وقآل وهو جآد جدا..
عمرى ما أخّتك فى موقف زى دا يا كلير..
عّلقت..
أنا وآثقة..
وأضآفت...
أنا عآيزة أحكى ليك تجربتى فى الغآبة يا مآو...
عّلق قآئلا..
عآرف ..
لّما قصيتى شعرك..
ولبستى الكآكى والبوت والكآب..
وشلتى البندقية ودخلتى الغآبة..

يا كلير ديك كانت تصفية حسآبآت بينك وبين الحكومة ....
الكتلت أخوآتك وأبوك وتسببت فى موت أمك..
أنا بعد أذنك...
بقول ليك..
دى تجربة خآصة جدا..
ويا ريت تكونى أتفّشيتى..
ولو أنو الآتفشيتى فيهم ديل ضحآيا تضليل وسوء سياسة وعبث حكومآت..
يعنى ضحآيا زيك زيهم..
أنا يهمنى أنك تسيبى المآضى ورآك يا كلير..
وتّركزى على حيآتك..
لآنه أحنا لو أستسلمنا لموضوع الذكريآت دا..
حنموت بالقهر....
كلنا كدا وبدون فرز...

Post: #112
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-02-2014, 10:57 AM
Parent: #111

خرج سآش ليرى من الذى يطلبه فى أمر عآجل..
مجموعة غير متجآنسة من الشباب..
كل الآعمار..
وكل السحنآت..
ولم يعرف فيهم غير صديقه وزميله فى الخّلية باشمهندس بركّية..
ونآصر زيتونة بآئع الزيت و زميلهم فى الخلية أيضا..
تجّول ببصرة حول الجمع غير المتجآنس ...
الذين لم يتبّين من وجوههم شيئا..
بآدرهم بالسلام..
ودعآهم للدآخل..

أحضرت أخته أبآريق الماء والكركدى والعصير..
وخرجت دون أن تنظر أليهم..
ودون أن ينظر اليها أحدا..
بدأ البآشمهندس الذى بدآ هرما منكوبا فى تلك اللحظة..
أول حآجة يا سآش أحنا متأّسفين على الزيآرة المفآجئة دى..
بس الموضوع ما بيحتمل التأجيل..

عّلق سآش..
يا زول خير..
البيت بيتكم..
قول بس الحآصل شنو..
وآصل البآشمهندس..
والله نآصر عنده خبر وأحسن يقوله هو..

تنآول نآصر الفرصة قآئلا..
من غير مقّدمآت يا سآش..
فى أجتمآعآت غير بتآعة الآنتخآبآت حآيمة فى البلد...
أجتمآعآت مخيفة..
عشآن كدا قلنا نتفآكر فى الآمر يمكن نلقى ليها حل..

سأل سآش..
أجتمآعآت زى شنو؟

Post: #113
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-02-2014, 11:15 AM
Parent: #112

تحّصل نآصر زيتونه على لقب زيتونه لسببين..
الآول هو أنه شديد سوآد البشرة مثل حبة الزيتون..
والثآنى لآنه يبيع أجود أنوآع زيت الزيتون...
دون أن يعرف الزبون ما اذا كان زيت الزيتون مستوردا.
أم أنه أحد منتجآت عصّآرته الشهيرة..
وهو من أبناء البقآرة وسط مدينة كادقلى..

تنحنح وتململ وبدأ..
أهلى العرب بيعقدوا فى أجتمآعآت عشان يناقشوا أحتمالات الحرب فى الولاية..
ثم توّقف وهو يستطلع الوجوه...
نظر اليه سآش وهو يحّثه على موآصلة الموضوع..
من الغريب أنه أنا البجيب الخبر دا..
لكين عندى أسبابى القوية..
أولا أنا من أولاد البقآرة الانضموا للحركة مؤخرا زى ما أنتو عآرفين..
ودا لآننا مغبونين من الحكومة..
وتانيا..
المجتمع كل ما ليه بتشّقق ويتقّسم..
والتوتر زآيد كل يوم..
ومادام الحركة ضد الحكومة...
يبقى أحنا العرب معآها...
عشآن كدا دخلت أشوف موقعنا دآخل الحركة..
وأفرض مشآكل العرب ومظآلمهم..
يمكن نقدر ننزع فتيل الآزمة..
ويرجع المجتمع متجآنس زى زمان..
أيام جدودنا وآبآئنا..
الآجتماع دا أن أفصحت عنه مش بغرض الخيآنة لآهلى..
العكس صحيح..
أنا دآير أعرف موضوع الحرب دا شنو..
هل صحى حتقوم ولا لا؟
سأله سآش..
طيب أهلك ما حيحآربوا ضد الحركة ؟
رد قآئلا...
لّما أكون فى الحركة حا أمنع عنهم حآجآت كتيرة..

Post: #114
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-02-2014, 11:41 AM
Parent: #113

لم يكن كلام نآصر زيتونة منطقيا..
ويبدو والله أعلم أنه كان مشّوشا مثل عموم أهل البلد..
بقآرى حركة شعبية..
موضوع يصعب شرحه..

دقق سآش فى وجوه الحآضرين جميعا ثم بدأ..
أنتو كونتوا عآيزين العرب يتفّرجوا على الحآصل من غير ما يعملوا حآجة؟
مؤكدا..
مستحيل طبعا..
لآزم يعرفوا موقعهم من الآعرآب..
الحكومة فى حآلة تعبئة عسكرية..
أّتقول بكرة الحرب...
الحكومة ما عندها ثقة فى الحركة..
نيفاشا ولا غير نيفآشا....
عدم تنفيذ أتفآقية الترتيبآت الآمنية من جآنب الحركة..
دا سبب غبينة الحكومة وعدم ثقتها فى الحركة..
من ناحية تانية الحركة ما ممكن تسّلم السلاح للحكومة..
وتسّرح الجنود..
عشآن تجى الحكومة تقضى على أهل الولاية بالضربة القآضية...
دى حكومة لا عندها ذمة ولا عهد حسب تجربتهم الطويلة معآها..
أختفاء الحركة من مجتمع المدن الفى الولاية اليومين ديل..
هو اللى رفع حآلة التوتر فى البلد..

ووآصل..
البقآره زي أى مّلة تآنية فى الولاية..
محتآرين..
متوّجسين..
وأقعين بين الحكومة والحركة..
يبقى يعملوا شنو؟
لازم يأّمنوا موقفهم بالشكل اللى هم شآيفينه...

تنآول الباشمهندس الموضوع قآئلا..
والفلاته..
بيعقدوا فى أجتمآعآت برضو , وبى لغتهم الخآصة..
مافى زول عآرفهم بيقولوا فى شنو؟
ولا نآويين على شنو؟؟

سأل أحد الحضور الذى كان يتآبع بأهتمام زآئد..
وتصعب معرفة الآثنية التى ينتمى اليها....
سأل قآئلا..
الولاية دى فيها كم مجتمع؟!

رد الباشمهندس..
يا هو دا السؤال الما حيقدر يجآوبك عليه زول..
كل الحكآية وما فيها..
لو ما بقينا دولة قآنون..
كل وآحد حيآخد حّقه بى ضرآعه..
ودا البيستعّدوا ليه كل الناس من هسه..

Post: #115
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-02-2014, 11:54 AM
Parent: #114

أنفض الجمع وقد أختفت الشمس..
وحل الظلام..
أنزوى سآش بصديقه البآشمهندس قآئلا..
صآحبك زيتونة دا معآك فى السوق..
خّلى بالك منه..
دا هّسى كدا هدف لجميع الآطرآف..
وما يصرف كلام فى أى موضوع فى السياسة مع أى زول..
وماليه شغل بأجتمآعآت أهله البقآرة..
أصلا أنضمآمه للحركة دا خلآه فى خآنة الآعداء بالنسبة ليهم..
ودا الخّلاه فى حالة تشويش ..
ومأذوم..
زيتونة دآير يقيف ضد الحكومة..
عشآن يآخد حق أهله..
لقى نفسه فى خآنة الآعداء بالنسبة لآهله..

موآصلا..
زيتونة دا نموزج مصّغر لآى وآحد فينا..
يعنى الدماء الآختلطت فى الولاية دى...
عبر آلاف السنين..
هسى دى فى حآلة أرتبآك وتشويش..

تبقى بقآرى مشكلة..
تبقى نوبآى مشكلة..
تبقى خليط بقآرى نوبآى..
دى أكبر مشكلة..

Post: #116
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-02-2014, 06:33 PM
Parent: #115

بدأ قلب كادقلى النآبض يخفق بشدة..
وترى الناس سكآرى وماهم بسكآرى..
وأحدثت الميكرفونآت الكثيرة فى تجوآلها دآخل المدينة..
صخبا وجلبا..
وتخّلى الهدوء عن المدينة..
وهى التى كانت من أهم صفآتها الهدوء..

ميدآن الحرية...
قلب كآدقلى النآبض..
تحّول الى حلبة صرآع بين المتنآفسين...
الذين لا يجيدون فن التنآفس..
فتحولت دعآيآتهم السياسية الى عدآوآت سآفرة...
وملآسنآت شخصية..
والتهديد والوعيد فى وجوه بعضهم البعض..

حدث كل هذا...
والمؤتمر الوطنى يبتسم فى هدوء..
وخبث أيضا..

Post: #117
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-02-2014, 06:43 PM
Parent: #116

كانت الصحف السودآنية وبطبعها لا تقّدم ما يشفى الغليل..
فالمعلومآت أما أنها مغلوطة أو تم أخفآئها بذكاء....
وأحتّد الصرآع بين كوآدر الشريكين..
وتسمع باستمرار (معّ........) الحكومة..
أو المتمردين..

تأذّت كادقلى كثيرا..
وتحملت الاذى..
وهى تشآهد الفوضى الخلآقة التى حّلت بحيآتها..
بل والآنكى وأشد..
هو أن سلوكهم جميعا..
ينآقض الديمقرآطية التى يوعدون بها ...
فلا الحكومة تعرف معنى الديمقرآطية..
ولا الحركة تعرف معنى الديمقراطية....
ولا الآحزآب تعرف ماهى الديمقرآطية..
كلهم يكذبون...

وبدأت الوفود تدخل كادقلى فى أى وقت..
وبأستمرار..
من الشمال..
ومن الجنوب..
وترى المسئولين فى جنوب السودان..
يعتلون المنآبر..
يّسبون الحكومة..
ثم يعودون أدرآجهم..
وترى الحكومة تقول كلاما كثيرا..
حول التحّول الديمقرآطى..
فيما توآصل التعبئة العسكرية فى الولاية......

Post: #118
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-02-2014, 06:55 PM
Parent: #117

تصآعدت وتيرة الآعدآد العسكرى فى الولاية..
حتى أصبحت يومية..
حيث تدخل الشآحنآت الكبيرة فى الصبآح والمساء..
محّملة بالسلاح والعتآد والجنود..
على مرأى ومسمع من لجميع..
فقد كانت تقف وسط سوق كادقلى لبعض الوقت..
ثم تختفى..
ثم وحينما دخل الى المدينة..
ذآت مساء أغبر...
أحد مهندسى الحرب الآهلية الاولى..
ومسئول الآعتقآلات والآختفاءات والآعدآمآت فى فترة التسعينيآت..
حينئذ..
أدركت كادقلى..
أن الآمر جد..
وليس مجرد كآبوس يؤرقها..
وما عودة تلك الشخصية الى الولاية..
كقآئد للقوآت المسلحة..
ألا لهدف وآحد لا ثآنى له..
الهدف الذى أعآد الناس الى أفلام الرعب والآكشن فى فترة التسعينيآت..
وأسقط فى يد المدينة...

Post: #119
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-04-2014, 03:34 PM
Parent: #118

أنتهت فعآليآت رآكوبة الجندر فى سوق كادقلى..
بعد خطآبىّ ممثلة نساء الاحزآب ...
وممثلة نساء المنظمآت والمجتمع المدنى..
قدمت نسخ من التقآرير للوآلى ونآئبه..
الوزآرآت المختصة فى الولاية وفى الخرطوم..
وذآبت النساء فى فوضى العلملية الآنتخآبية..
كلّ حسب حزبها ومرشحهها...

هزلت كادقلى حتى أعرورقت..
خآصة وأن التوصيل الكهربآئى الى بعض المنشآت والبيوت..
قد أغرى بعض الموآطنين...
بتوصيل الكهرباء من جيرآنهم..
وغّطت أسلاك الكهرباء الشوآرع والطرق الضيقة..
وحتى أخترقت مجآرى الميآه الموسمية الصغيرة..
دون معرفة أو درآية بمخآطر مثل ذآك النوع من التوصيل الكهربى..
أضآفة الى تشويه وجه كآدقلى السمح..

فيما توآصل زعيق الميكرفونآت..
حتى وصل عنآن السماء..

Post: #120
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-04-2014, 03:52 PM
Parent: #119

ووسط تلك المعمعة السياسية الصآخبة...
كانت الخلية تعد لبرنآمج آخر شديد الآختلاف..
فقد عقدت أجتماعها التآلى فى منزل الكوتش..
ذآت نهار من أحد أيام الجمعة الغآئظ الحرارة..
ألا أن عدد المكيفآت والمرآوح فى صآلون الكوتش قد خفف عنهم كثيرا..
أستمر الاجتمآع من بعد صلاة الجمعة وحتى وقت الغداء..
تنآولوا غدآئهم فى منزل الكوتش..
فهو يعيش مع زوجته وأبنآئه الآربعة..
ويبدو عليه أقبال الدنيا..

قرأ سآش أجندة الآجتمآع..
تمت منآقشة التكلفآت فى الآجتمآع السآبق..
وشرح مآو مآو ما تم بشأن البيان الذى كّلفوه بكتآبته حول أحد المرتشين واللصوص..
فى أحد دوآئر الحكومة فى كادقلى...
وأوضوح كيف أنه قام بتوزيع البيان على كل الدوآئر المختصة..(سّلمهم نسخة من البيان وخآرطة التوزيع)..
وحتى الصحف السودانية التى نشرت البيان دون أشآرة الى أسم الموظف اللص...
بنهآيه خطآبه..
نظر اليهم مآو مآو جميعا..
كعآدته فى تفحّص الوجوه والمكأن قآئلا.
بس النتيجة شنو ؟
الموظف نقلوه مترقيا الى أحدى الولايآت الشمآلية...
فقر الجميع أفوآههم..

عّلق سآش قآئلا..
مندهشين ليه؟
ما هى دى عآدة الحكومة فى معآمله منسوبيها..
كل وآحد حرآمى يفتضح أمره..
بينقلوه مترقيا..
مضيفا..
يعنى قآصدين يفقعوا مرآرة الموآطنين..
وعملية النقل دى معنآها..
دى نتيجة أى بيآن أو شكوى أو نقد لآى وآحد بينتمى ليهم...

توآصل الآجتمآع..
حيث عرض البند التآلى..
وهو موضوع الآجتمىع الرئيسى...

Post: #121
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-04-2014, 04:11 PM
Parent: #120

بحسب البند الرئيسى فى أجتمآع الخلية ذآك..
قرروا مقآطعة أحتفالآت كادقلى بأحد الآعيآد الرسمية ..
فقد كان مقررا حضور الوآلى..
وكل طآقم الحكومة ....
فى أنحاء الولاية المختلفة..
وحتى مسئولين من الخرطوم..

كان مقررا أن يلقى الوآلى خطابه فى ذآك الآحتفال..
معددا التنمية التى يقوم بها فى الولاية..
ثم دعوة الموآطنين الى اليقظة والحذر..
من أى نشآط تخريبى فى الولاية..
دون أن يكون هناك شآطا تخريبيا وآضحا...

قررت الخلية أقآمة أحتفال موآزى..
فى نفس اليوم..
ونفس السآعة..
ثم الحرص على دعوة جميع الفعآليآت الثقآفية والآجتمآعية...
من الولاية وبقية أنحاء السودان..
يضآف اليه معّرض يوضح تآريخ الولاية وأرثها الثرى....
ثم مظآهر الخرآب التى خلّفتها الحرب الآهلية..

ثم يرّكز خطآبهم على ضرب الحكومة والآدآرة الآهلية..
موضحا نوع التنمية التى يتشّدق بها الوآلى..
والآدارة الآهلية لآنها أصبحت...
الجهة المنوط بها تنفيذ الآحتفال بالوآلى وأعضاء الحكومة..
هذا لآن الآدآرة الآهلية...
بحسب أعضاء الخلية..
قد أصبحت الجسم الآسآسى فى تنفيذ سياسآت الحكومة..
وتمرير أجندتها من خلال الموآطن البسيط..

بنهآية النقآش ....
والذى أستغرق زمنا طويلا..
لم يغفلوا فيه عن كبيرة ولا صغيره..
ألتفت سآش الى الباشمهندس قآئلا..
الميزآنية جآهزة يا باشمهندس؟
رد الباشمهندس برّكية..
جآهزة وفيها زيآدة كمان..
تدّخل الكوتش وقد أتخذ القرآر...
اذا على بركة الله..
وأنفض الآجتمآع..

Post: #122
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-04-2014, 04:27 PM
Parent: #121

خرجوا جميعا من منزل الكوتش..
وأبتلعهم الظلام..
فقد كان للّيل فى كادقلى نكهة خآصة..
ويشحن المرء بأنفعآلات متضآربة..
متنآقضة..
فهو يملآ المرء سعآدة وغبطة..
ثم يغّذى تلك السعآدة..
بنوع غريب من الهدوء الذى يمتد من المكآن..
ويغّلف الروح والجسد...

ثم نشطاء الليل..
رغم تعدد نشآطهم..
وخطورته فى معظم الآحيآن..
الآ أنهم لم يستطيعون الغاء الهدوء السرمدى الآبدى..
الذى تتمتع به كادقلى..

خرج الجميع من منزل الكوتش..
وتفّرغوا فى كل الآتجآهآت..
وقد شغلوا جميعا بالتفكير..
منه المشّوش...
ومنه العميق..
غير أنهم جميعا لم يجدوا الآجابة على أسئلتهم الحآئرة..

لماذ كتب على كادقلى التوتر والغموض؟
لماذا فلتت ألامور عن السيطرة منذ أول بندقية أرتفعت أيآم حرب المرآحيل..
وحتى تآريخه؟
لماذا يعآدى المركز أهل الولاية بتلك الطريقة الشرسة؟
وكلهم سواء فى أستعداء الولاية..
من ديمقرآطيين وعسكريين..
أوليست الحكومة الديمقرآطية الثآلثة هى من بدأ كل هذا الخرآب؟
ثم يجأرون وبلا أدنى خجل ..
من ظلم الحكومة العسكرية وبطشها؟

الى أين يقود صرآع المصآلح فى جبال النوبة؟
وما هو شكل الصرآع القآدم ؟

وبوصولهم الى بيوتهم جميعا..
سمعت أصوآتا متفّرقة من الرصآص..
التى لم يعبأ بها أحدا...
لآن صوت الرصآص قد أصبح متلازما لكادقلى...
ولآكثر من ربع قرن من الزمآن..

Post: #123
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-04-2014, 04:40 PM
Parent: #122

عآدت تّودد الى الكجورية مرة أخرى..
بمصآحبة وآلدتها وخآلتها أيضا..
نزلت من السيآرة الآتوس..
وركضت كالغزآل بأتجاه الجبل..

كانت الحقول قد بدأت تصفّر..
والعيدآن المتدلية من الحصآد..
قد جّفت وأصفّرت أيضا..
بعد تفريغ حمولتها..

كان الجبل شآمخا..
هآدئا هدوءا مطبقا..
ويقف فى تحدى صآرخ وأستعلاء..
تزّينه الآزهآر الخلوية البرية الكبيرة..
ذآت اللون الوردى الفآقع..
التى تسبب الحسآسية لبعض النآس..
كمن يدفع بالبشر عن صعود الجبل..

دخلت النسوة الثلاثة الى بيت الكجورية..
وبدأت أجرأءت الجلسة الآخيرة..
فقد أستغرق الآمر بضعة أشهر...
لم تكّل فيها تودد ولم تمّل..
هذا لآن حيآتها قد بدأت تلتئم..
وعآد اليها زوجها..
وتركتها زميلة المهنة فى حآلها..

بأنتهاء البرنآمج الآخير...
سألت تّودد الكجورية قآئلة..
أنا بعمل لى فى درآسة عن الغيبيآت فى الولاية..
ممكن أشملك فى البرنآمج ؟
ردت الكجورية فى تحّفز وغضب..
أهو دا المآ ممكن يا تّودد..

Post: #124
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: معاوية عبيد الصائم
Date: 02-04-2014, 07:50 PM
Parent: #92

Quote:
الشآهد أنه الارقام دى بنى آدمين دم ولحم..
والحشرآت البتسحق فيها الحكومة ديل برضو بنى آدمين دم ولحم..
يعنى بشر..
يعنى عندهم دم و أحساس وأعصآب وطموحآت وآمآل...الخ


تحياتى يا مواطنة

Post: #125
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-04-2014, 10:48 PM
Parent: #124

معآوية عبيد الصآيم...

هلا والله..
هلا بالنشآمى..

Post: #126
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-04-2014, 11:12 PM
Parent: #125

صعد مآو مآو المنصة فى ذآك اليوم الحآفل وألقى كلمة الخلّية..

سيدآتى سآدتى..
فى نظرة عآمة لوضعنا نحن أهل جبال النوبة اليوم....
نقرأ الآتى..

تدآعيآت الحرب الآهلية الآولى بكل تفآصيلها..
ومايزآل الموآطن يتأّذى منها..
فلا الحكومة عآلجت الدمار الذى سببته..
ولا الحركة أتت ببرنآمج جديد أكثر عمقا وأقرب ملامسة لوآقع النآس....

دخلت علينا سلوكيآت وأنمآط غريبة من كل حدب وصوب..
من الشمال..
دخل الوهآبيون وأصحآب الشرآئع الاسلامية المختلفة..
مثلما تدخل الآليآت الحربية والعتآد والجنود من طرف الحكومة..
ومن الجنوب وكما ترون..
تدخل القيآدآت الجنوبية...
وتكيل لحكومة الخرطوم..
وتؤجج نيرآن غضب الحكومة الموجودة أصلا ضد الشعب..
وتعود أدرآجها..

أيضا فى الشريط الحدودى الجنوبى..
تسيطر الحركة الشعبية..
وتستقبل السلاح والمؤن والعتآد من حكومة الجنوب..
أو عن طريق حكومة الجنوب...
وتدفع مرتبآت جنودها من خزينة حكومة الجنوب...
وترفع من وتيرة القلق فى الولاية..
وتعّمق الغموض الذى يلف مستقبل الولاية..
ثم والآهم من كل ذلك قبول أبناء الولاية فى الحركة بقيآدآت معروفة الهدف ....
وهى جميعها من خآرج الولاية..
فيما يهأيئون أنفسهم للحرب لتمكينهم من السلطة فى الشمال..
مثلما حآربوا مع الجنوب حتى نآل استقلآله..

من الغرب تدخل جميع الحركآت الدآرفورية المسلحة..
وتقوم بعمليآت عسكرية فى الولاية..
بغرض ضرب الحكومة فى الخرطوم !
ويموت موآطنوا الولاية فى تلك المعآرك..
وتدّمر المنشئآت القليلة أصلا فى الولاية..

ومن الشرق..
كانت الحكومة قد أفرغت سكآن المنطقة الآصليين..
أما بالقتل أو التهجير القسرى..
فى فترة التسعينيآت..
كما حدث فى عموم الولاية..
ثم سّنت قوآنين جديدة للآرآضى..
ومّلكت الآرآضى والمشآريع الزرآعية ...
لكوآدرها وللتجار الموسرين من خآرج الولاية..

جميع المذآهب السياسية السودانية تسيطر على الولاية..
وتتصآرع فيما بينها ....
بدءا بالحزب الشيوعى السودانى الذى يتمدد عن طريق الحركة الشعبية..
ويرسم النشآط العسكرى للحركة..
وقد أسس له مدرسة أشترآكية فى كودا..
من خلال قيآدآت الحركة...
وحتى الاخوآن المسلمين وهم السلطة الحآكمة فى البلاد..

بأختصآر..
أصبحت الولاية مرتعا لكل صآحب فكرة يريد أن يسوق لها..
وكل طآلب سلطة يريد أن يصل لها...
وكل مهووس دينى يريد أن ينشر مذهبه..
وكل تآجر يبحث عن الكسب السريع وبأى ثمن..

يتم كل هذا..
ونحن جمآعآت غير متحدة...
ضعآف من فعل الحروب وطولها..
جهلة بسبب ضرب الحروب الآهلية للتعليم فى الولاية..
متوّجسين من أندلآع الحرب فى أى لحظة..

مئآت الالاف غآدرت الولاية الى غير رجعة..
مئآت الالاف ماتت بفعل الحروب..
مئآت الالاف تعيش فى الولاية ولكن تتناول الشأن العام بسلبية تآمة..

اذا..
قولوا بربكم..
كيف نأكل ونشرب وننآم ونتنآسل..
فى ظل هذه الآوضآع المخيفة ؟

Post: #127
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-04-2014, 11:32 PM
Parent: #126

وفيما كانت مئآت الحشود تتجول دآخل الميدآن..
لتشآهد الآنشطة المختلفة للخلية...
أو الرقصآت الشعبية لكل فرقة..
من الكمبلا الى البخسة الى الكرنق..
والمردوم والدرمّلى و الرقصآت العربية المختلفة..
ثم رقصآت وفود الجبال الآخرى..
حتى تفّجر موقف آخر لم يكن فى البآل..

حيث همس أحدهم فى أذن نآصر زيتونة..
الذى كان يقف فى أحد الخيآم لشرح ترآث العرب..
حتى أنتفض...
ونآدى على أحد أصدقآئه ليحّل محله..
وبدأ يتلّمس طريقه الى الخآرج ....
وسط الحشود..
التى يبدو أنها غآدرت أحتفال الآدآرة الآهلية..
وتدفقت لآحتفال الخلية..

وبينما هو فى تلك الحآل..
رن تلفونه المحمول..
يا زيتونة..
نعم يا كوتش..
سمعت الخبر وأنا فى الطريق..
رد الكوتش صآحب المكآلمة..
أخد معآك سقرآط..
عبقرية فى التفآوض..
وما ترجعوا الآ لّما تحّلوا المشكلة..
حآضر يا كوتش..

عآد زيتونة ليبحث عن سقرآط..
حتى وجده وسط أصدقآئه..
من صبية الورنيش..
الى العمال من دبل غبينة وأصحآبه....
همس فى أذنه..
وخرج الآثنأن معا....
لا يللون على شئ..

Post: #128
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-04-2014, 11:43 PM
Parent: #127

قآد سقرآط سيآرته بسرعة جنونية..
ولم يتبآدل الاثنآن كلمة وآحدة..
حتى وصلا مكان الحدث..
فى أقصى المدينة..
من بوآبتها الجنوبية..

كان هناك عشرآت من أهل الحىّ..
فى هرج ومرج..
وتسيل الدماء من بعضهم...
وكانت النسوة تبكى وتولول..
فيما كان البعض يجتهد فى وقف مزيد من الدماء..

نزل الاثنآن..
وتوّجه نآصر زيتونه رأسا الى الحلبة...
حيث تدور المعركة..
وسآرتر من خلفه..
وما أن رأوهما....
حتى هدأ الحآل..
وأفسحوا لها مكآنا للدخول...
هذا لآن لزيتونه كل الآحترآم وسط أهله..
فبآدرهم..
الحكآية شنو؟

أتضح أن الحكآية والروآية..
هى صرآع حول ملكية جمل...
حيث تّدعى كل جمآعة ملكيته..
قتل فى تلك المعركة أربعة شباب من الجآنبين..
وما زآلت المعركة محتدمة..
وما زآل الجمل يأكل فى العشب..
غير عآبئ بما سوف تسفر عنه..
تلك المعركة...

Post: #129
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-05-2014, 03:54 AM
Parent: #128

كان مآو مآو يرتدى بدلة أفريقية بّنية اللون..
تتنآسب مع لونه ...
ويبدو والله أعلم أنها من أختيار كلير..
كان حضوره طآغيا فى ذآك اليوم..
كثير التنّقل بين الفعآليآت..
يضحك مع هذا ويستمع الى ذآك ويتحدث مع تلك..
حضر موظفو الآمم المتحدة زرآفآتا ووحدآنا..

قوبل خطآبه بالاستحسآن والقبول...
والحزن العميق....
تقآطع مع صديقه سآش عدة مرآت..
ولكن لم يتحدثا الى بعضهما البعض كثيرا..
نسبة لحجم مسئولية كليهما فى ذآك اليوم..

كانت كلير ضمن الحضور..
جمال..
وبهاء..
وأشرآق..
وحضور قوى..
غير أن مآو مآو لم يمنحها من وقته شيئا..
جدير بالذكر أن من صفآت مآو مآو المتعددة..
هى أنه عملى للغآية..
ولا يخلط عملا بآخر..

وبينما كان الكوتش يتجّول بين الحضور...
ليرآقب سير الآحتفآل..
قآبل أحد أقربآئه..
من الجنود الذين يعيشون فى معسكر الجآو..
وبعد التحية والسلام والكلام..
طلب منه الكوتش أن يحكى له قصة الاضطرآبآت الآخيرة..
قبل عودته...

أتفق الآثنآن على تنآول الغداء فى منزل الكوتش..
ثم أبلغه الكوتش بأن سآش سوف يحضر ذآك اللقاء..
فوآفق..
فالرجل يعرف سآش..
وحينما قآبل الكوتش سآش أثناء تجوآلهما سأله....
أنت مش كنت عايز تمشى الجآو ؟
بالحيل......
أهى جآتك فى كأدقلى...

Post: #130
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-05-2014, 04:17 PM
Parent: #129

فى ميدآن معركة الجمل..
هدأ الخلق..
وتّوقف الهرج والمرج..
وأتجه الجميع نحو زيتونة فى لهفة ليروا ما سوف تسفر عنه تلك المفآوضآت..
شرح أثنان وجهتى نظرهما ...
كلّ ممثل عن الجهة المتقآتلة..
ويبدو من حديثهما..
أن الجمعآن على أتم أستعداد لموآصلة المعركة..
حتى آخر شخص فى القبيلة..

رفع زيتونه رأسه بعد أن كان مطرقا طوآل فترة حديث الاثنآن..
وسأل بصوت عميق, أجش وثقيل..
تفتكرو روح وآحد من الآربعة ديل..
أرخص من روح الجمل ؟
ردوا جميعا..
طبعا لا..
وتفتكروا الجمل الوآقف هنآك دا ..
شآعر بالتعملوا فيه ؟
رد الجميع ؟
طبعا لا؟
طيب لما الحرآبة تستمر وكل سآعة يموت فيكم وآحد..
يبقى الفآيدة شنو؟
صمت الجميع..
أستمر الصمت لفترة ليست بالقصيرة..
وذهب كّل مذهبه..
فيما كان زيتونه يرّكز نظره على الجمل فى أسى وحسرة..
قطع سآرتر ذآك الصمت قآئلا..

Post: #131
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-05-2014, 04:53 PM
Parent: #130

سآرتر رجل غريب..
فهو مجموعة تنآقضآت بعينها..
فهو رجل قصير القآمة..
دقيق الآطرآف..
نحيل..
يتميز ببشرة قبيلة الشآت خفيفة السمرة...
كثيف الشعر..
قرقدى..
وله عينآن صغيرتآن تنفذآن الى لب الشخص الذى يقف قبآلته..
مهما كانت صفة ذآك الشخص..
ولكن حينما يتكّلم..
فأن أسدا يزأر..
وليس بشرا سويا..
يتمتع بثقآفة عآلية..

بدأ بصوته الآجش...
الرنآن..
والعميق...
الذى يجبر كآئنا من كآن..
أن يسمعه و بتركيز عآل..

سأل الجمع..
كم قيمة الجمل؟
ذهل الجمع..
أعآد سؤآله وهو أكثر جدية...
قالوا له نحن لا نريد أن نبيع الجميل..
سأل..
أنا سألت عن السعر وليس الملكية..
قآلوا له السعر..
قآل..
أنا مستعد أشترى الجمل بضعف التمن..
قلتوا شنو؟
نظروا لبعضهم البعض والكل يقوم بعمليآته الحسآبية فى ذهنه..
قال..
أنا مستعد أشترى الجمل بضعف التمن..
وكل قبيلة تآخد السعر الآصلى فى السوق..
ولآ حظوا .
أنا عآرف السعر الاصلى فى السوق..
لكين ما غآلطتكم...
عشآن بس نحل الاشكآل..ووآصل...
قدآمكم حّلين..
تبيعوا لى الجمل بضعف التمن..
ولا تتمآوتوا لغآية آخر وآحد فيكم..

أستاذن الكبآر من كل فريق..
وخرجوا من الدآئرة المحكمة عليهم الى الهواء الطلق..
وبدأوا يتشآورون..
عآدوا الى دآخل الحلبة قآئلين..
نحنا موآفقين..

فقر زيتونة فآه...
وهو يعجب من أمر صديقه..
نظر اليه سآرتر نظرة ذآت مغذى..
ثم وآصل حديثه الى الجمع..
بس فى حآجة تآنية..
ها ؟
البيعة دى ما حتتم الآ لمن كل وآحد فيكم يمد أيده للتآنى..
وتتصآفوا..
ونقوم كلنا ندفن الآموآت ديل قبل ما الحكومة تشم خبر وبعدين الحكآية ما تنّحل بأخوى وأخوك..
ونطلع من هنا كلنا حبايب..
ولاحظوا أنتو كتلتوا أتنين من كل قبيلة..
يعنى متسآويين فى الاذى ومافى حآجة أسمها تآر..

تلك كانت مهمة صعبة..
أستطآع زيتونه أن ينجزها..
بحسب وضعه وأحترآمه وسط الجميع..

فى الطريق قال سآرتر لصديقه..
أنا حا أستثمر الجمل دا فى نقل البضآئع من والى شمال كردفآن..
وبعد كدا حا أضبحه وأوزرعه للفقراء والمسآكين..

Post: #132
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-05-2014, 05:09 PM
Parent: #131

بدأت عملية الاقترآع فى كآدقلى..
وسط أنفلات أمنى....
وقد وصل التوتر ذروته...
وتخّلى السياسيون عن كل حذر وأدب...

الفرق بين الحكومة وبقية السياسيين..
هى أنها رّتبت للانتخآبآت قبل عملية الاقترآع...
فيما رّكز الآخرون على الايام الآخيرة..
أمام صنآديق الاقترآع..

فى اليوم الآول...
سمع صوت طلق نآرى من مدخل المدينة..
وتوّقفت حركة الموآصلآت فى ذآك الجزء من المدينة..
فقد قآمت الحكومة بأول خرق علنى للعملية الانتخآبية...
وذلك بأن ضربت عرض الحآئط بالمسآفة القآنونية ...
بين مركز الآقترآع..
و بين الموآطنين الذين تأتى بهم فى سيآرآت فآرهة..
يغنون ويرقصون..
وقد دفعت لهم جميعا قبل الآقترآع..

توقّعت الحركة الشعبية ذلك..
فهى ترآقب الحكومة كما النسر..
والحكومة ترآقبها أيضا..
بعد قليل حضرت نسوة ينتمين الى الحركة..
أولا أطلقن الزغآريد فى الهواء الطلق...
ثم هجمن على مركز الآقترآع..
وبدأن فى ضرب المرآقبين..

هرب المرآقبون والمرآقبآت..
ومنهن من قفزت من النآفذه وكسرت يدها..
ومنهن من طآرت طرحتها..
وخرجوا جميعا....
يركضون فى كل الآتجآهآت..
و أقفل المركز..

ولكن كادقلى كانت تسمع صوت الطلقآت النآرية فى مركز آخر للاقترآع...

Post: #133
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-05-2014, 05:32 PM
Parent: #132

كانت الاشآعآت هى سيدة الموقف..
تحّولت العملية الآنتخآبية الى نشآط قذر و مرفوض..
ويسمع من وقت لآخر..
أن فلانا قد أنسحب من الآنتخآبآت..
ثم يأتى ذآك الفلان ليكيل لمن رّوجوا له..
كانت لافتآت الدعآية الآنتخآبية لبعض المرشحين تختفى دون أن يترك الجنآة أثرا...
ثم يعآد الصآقها بعد التكلفة المآلية البآهظة للطبآعة والجهد والوقت..
كثرت محآولآت أثناء بعض المرشحين لصآلح مرّشح آخر...
وعرف عن الوآلى التهديد والوعيد لبعض الذين يهددون موقف الحكومة..
فى هذا المركز أو ذآك..
فينسحبون حرصا على سلامتهم وأهلهم..

وبدأ اهآلى كادقلى يركضون مثل نمل السكر..
فى كل الآتجآهآت..
ولا يسيرون..
كانوا فى حآلة خوف وهلع..
تآرة من صوت الرصآص الذى أصبح متلازما للعملية الآنتخآبية..
وتآرة أخرى من التهديدآت التى يطلقها المشآركون فى تلك الانتخآبآت الكآرثية لبعضهم البعض..

أحتآر أهآلى كادقلى فى الديمقرآطية التى سوف تصحب تلك الفوضى..
فلا السلوك الانتخآبى..
ولا النآخبين أنفسهم يبشرون بالديمقرآطية...
وأختفى معنى الديمقرآطية من العملية الآنتخآبية تماما..
وتّملك كادقلى الذعر..
من نتآئج تلك الآنتخآبآت..

كانت لغة السياسيين المستعملة...
عنيفة...
جآرحة للذوق العآم..
وكانت المعركة الآنتخآبية..
أشرس من المعآرك القتآلية..

تمزق جسد كادقلى..
من هؤلاء..
وأولئك..
وبدأ الهدوء العآم يتخّلى عنها..
لتحّل مكآنه..
كل الآحتمآلات الصعبة..

Post: #134
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-07-2014, 03:51 AM
Parent: #133

هجرت الفرآشآت تلك المدينة غريبة الآطوآر...
والّعصية على الفهم والتكهّن..
فى تلك الفترة من نهآية موسم الحصآد (الدرت)..
أنتشرت الجنآدب..
بعد أن أفترس الجرآد كثير من المحآصيل..
فى نهم ونشوة...
دخلت دودة خبيثة الى سيقآن الغلآل...
وهوت بمحصولها على الارض..
مخّلفة الحسرة فى قلوب التجار والمزآرعين...
أكتشآفآت الذهب التى سببت الحمى العآرمة للموآطنين..
حمى الذهب...
تخّلف الضحآيا فى بعض الموآقع...
يوميا.....
كل الآمور كانت تسير بشكل درآمى غريب فى كادقلى...

توآصلت مهزلة الانتخآبآت الرئآسية والولائية فى الولاية...
وقد كان موقف الرئيس ووآليه ضعيف..
الحكومة فقدت السيطرة..
وصّعدت من أمدآدآتها العسكرية..
وجنودها الذين يختفون هم وأمدآدآتهم وسلاحهم..
ولا أحد يدرى أين يختفون..

الحركة الشعبية قلبت ظهر المجن للحكومة...
وتغير تعآملها مع الجميع..
فقد قّسمت المجتمع الى فئتين..
أما أن تكون معنا...
أو تكون عدوا لنا..
وبدأت تستعرض قوتها علنا....
بعد أن عآد جنودها ..
و لا أحد يدرى أين كان الجنود...
ولا أحد يدرى كم سيبقى الجنود....

الغموض يغّلف كل شئ....
حتى السماء ....
فقد تحولت الى صحيفة من الرصآص اللامع...
الذى يحجب الرؤية عن نوع المنآخ القآدم...

ورغم ذلك...
يسمع الناس نشيد الاطفال فى المدآرس...
والمغنيين ليلا...
ويشآهدون الرقصآت الشعبية من كل لون..
ويغنى الحمآلون وهم يحملون الجوالآت الملؤة على ظهورهم..
وتسمع شقشقة العصآفير صبآحا....
وضحكآت الاطفال الذين لا يشعرون بكل الذى يدور...

Post: #135
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-07-2014, 04:35 AM
Parent: #134

أحس مآو مآو بقلق لم يستطع أن يحدد مصدره ....
أتصل فى كلير..
جدك موجود...
موجود...
قولى ليه أنا وسآش وأبوه وجدى عآيزين نزوره بكره..
فهمت المعنى...
ومستعجل ليه يا مآو ؟...
ما مستعجل.بس حآسس أنه الزمن ضيق..
أصآبها الفزع...
زمن شنو ؟
ما حا أقدر أشرح ليك فى التلفون..
بس المهم أنه أحنا عآيزين نزور جدك..
دا بعد أذنك طبعا..
البيت بيتكم....
لكين أنت ما شآيف أنه الخطوة دى سريعة شوية ؟
لا ما سريعة....
مافى حآجة مضمونة فى الزمن دا..
عشآن كدا أن قلت خير البر عآجله..
لم تفهم مغزى تلك المكآلمة المشحونة بالقلق..
فهى تعرف مآو مآو جيدا..
لابد أن أمرا ما يزعجه..
ولكنها احترمت موقفه وأمتثلت له..

Post: #136
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-07-2014, 10:15 PM
Parent: #135

وجآء من أقصى المدينة رجل يسعى...
قال أن هنآك مجموعة مسلحة نهبت موآشيهم..
ولاذت بالفرار..
فذهبت الشرطة فى أثرهم...

وجاء رجل آخر من أقصى جنوب المدينة قآئلا..
ان مجهولين قتلوا أحد موظفى الحكومة فى قريتهم...
ووضعوه فى مدخل القرية....
وبجآنبه لآفته تقول...
هذه رسآلة لكل (معّ......حكومة )..
عآدت لجنة المرآقبة..
وتمت الآنتخآبآت فى تلك القرية..
بدون مرآقبين ولا يحزنون..

ووسط السوق..
سمع صوت طلق نآرى كثيف..
فى وضح النهآر..
تحت أكبر شجرة نيم بالبلد..
والتى يبآع تحتها الشآى وأنوآع المشروبآت المختلفة..
ويجلس صبية الورنيش ليمآرسوا عملهم فى همة ونشآط..
ويلتقى النآس ليقآبلوا فيها أصدقآئهم لبعض أمورهم...

أسفرت معركة النيمة..
عن أثنين من القتلى وهم شباب..
وهم حرس أحد الآمراء الذى عرف بتعآونه مع الحكومة ضد الموآطنين..
لم تقبض الشرطة على الجنآة..
هذا لآنهم أختفوا تمآما دون أن يتركوا اى أثر....

وهكذا...
ومع الترآجع التكتيكى للآمن فى البلدة...
أّطل قآنون الغآب...

Post: #137
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-07-2014, 10:41 PM
Parent: #136

توآلت عملية قفل مرآكز الآقترآع...
وأعآدة التوصيت..
حتى أصبحت أمرا عآديا...
الحكومة كانت تتفنن فى عملية الآقترآع هذه..
مثلا اذا كانت هناك دآئرة تشعر فيها بضعف موقفها..
كانت مفوضية الآنتخآبآت تحضر مستلزمآت الاقترآع فى وقت متأخر..
أو أن تستبعد أورنيك تمانية الخآص برصد التجآوزآت..
كانت تبعده خصيصا....
بدعوى أن المسئول قد نسى الآمر..
غير أن ضغط الموآطنين قد وصل الى درجة الغليآن..
بسبب أسلوب الحكومة النآعم..
ومبررآتها لكل تجآوزآتها ..

على صعيد آخر..
وعلى حسب مبدأ المعسكر المنآوئ للحكومة..
وهو التزوير بالمثل..
وطالما أن الحكومة تقول أن الانتخابآت معركة حربية..
فهم يعرفون كيف يديرونها...
وبدأت فى التزوير فى العلن وفى تحدى صآرخ..

مثلا أستبعدت المرآقبين الرسميين فى القرى..
فيما يراقبون هم الآقترآع وبالزى الرسمى..
والسلاح..
ثم يقوم مرآقبيهم بالتحدث بلغة أولئك القوم..
وهم فى وضع يستطيعون فيه مرآقبة أين تذهب الاصوآت...

فى نهآية اليوم..
تأتى صنآديقهم بدون ختم المفوضية..
وبدون أورنيك تمانية ....
وتحت حرآسة مشددة..
والحرآسة من طرفهم وليس من طرف المفوضية..
حتى أفرغت العملية الآنتخآبية من معنآها الحقيقى..
وتعّذر أيجآد أسم لذآك السلوك..

أما الآحزآب...
فقد كانت فى موقف اليآئس تماما..
وهى تفتقر الى كل الآمكانيآت..
وهى ترآقب فى حسرة كيف تذهب ميزآنية الدولة لصآلح الحزب الحآكم....

Post: #138
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-07-2014, 10:58 PM
Parent: #137

ذهب سآش لمنزل الكوتش...
صديقه ورئيسه فى الخلّية...
وجلس الكوتش وسآش فى وضع المتحّفز...
أو يمكن أن نقول...
وضع من ينتظر القرآر فى أمر يتعّلق بحيآته أو ممآته..
تحدث صديقهم بهدوء وثقة..
ولكنه كان مهموما..
رغم التفآؤل الذى صآحب كل مرآحل حديثه...
بدأ قآئلا...
أنتما تنتظرآن معرفة أسباب الاضطرآبآت الاخيرة التى حدثت فى معسكر الجآو..
وآصل...
هذا أمر معّقد وشآئك وليس من السهولة أن أقول كل شئ..
ولكننى اقول وبكل اسف..
فقد بدأت المسألة فى نقآش بسيط بين أثنين من الجنود..
يدين كل منهما بالولاء لرئيسه..
أرتفعت النبرة العدآئية..
وبدأت الدآئرة تتسع..
أفرغ أحدهما الرصآص فى صدر زميلة..
ورد آخر..
حتى تحولت المسالة الى معركة..
مات فيها أكثر من مآئة جندى..

وبنهآية المعركة..
حمل بعضهم بنآدقهم وصعدوا الى الجبال فى الطريق الى قرآهم..
وقد قرروا الآنسلاخ من الحركة..

القيآدة تعآملت مع الامر..
وأوقفت القتل..
ولكن هلى تستطيع القيآدة ان تتحكم بما فى النفوس؟
طبعا لا..
وما يزال تحت الرمآد وميض نآر....

Post: #139
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-07-2014, 11:29 PM
Parent: #138

بنهآية خطاب صديقهم الجندى دآر الحوآر التآلى...

سآش...
ماذا تقصد ب (يدين كل منهما بالولاء لرئيسه) ؟
كم رئيسا لديكم ؟
الجندى...
ما أقصده بالرئيس هو القيآدة..
وكما تعلمآن بان قيآدآتنا هم أول مؤسسى الحركة..
وقد حآربوا لما يزيد عن عشرين عآما..
جرت ميآه كثيرة تحت الجسر..
حتى تولى البعض منهم القيآدة..
وأدخل البعض منهم الى السجون..
فى خلافآت تخّصهم..

الكوتش...
ومن هم القيآدة محل النقآش الذى أدى الى نشوب المعركة ؟
الجندى...
أحدهما هو القآئد الفعلى الآن..
والآخر هو القآبع فى سجون الجنوب..
وهو يخوض الانتخآبآت الولائية ضد القآئد الفعلى الذى أودعه السجن..
وتسبب فى ضيآع كثير من الاصوآت الانتخآبية له..
الكوتش...
وكيف جاء الرئيس الفعلى الى القيآدة؟
الجندى....
بتوصية من الاب الروحى لهذه الحركة العسكرية قبل وفآته..

سآش..
أما كان بالامكان أحتواء الموقف دون اللجوء الى سجون الجنوب ؟
لم يكن بالامكان..
فالصرآع بين الاثنين قد وصل الى منتهآه...
وتعّنت القآئد الفعلى..
(يعنى مسألة رجآلة)...
سآش..
ثم مآذا؟
الجندى..
لدينا حسآبآت دقيقة لكل شئ....

الكوتش..
وماذا عن معركة الانتخآبآت المستعرة الان؟
ماذا لو فآز القآئد الفعلى؟
وماذا لو لم يفذ القآئد الفعلى؟

أطرق الجندى كثيرا ثم ألقى بالنبأ...
فى الحآلتين نعلن الحرب..
صمت الجميع مرة أخرى...

ثم قطع الكوتش الصمت قآئلا..
اذا ما معنى خوض الانتخآبآت من أصله ؟.....
ولماذا الحرب؟
الجندى...
ندخل الانتخآبآت حتى نثبت للجميع باننا أحترمنا العملية الانتخآبية1
ونعلن الحرب لآن نيفاشا لم تحسم قضيتنا....
والحكومة تدفعنا بأتجآه الحرب بكل السبل..
وانتم متآبعون للتعبئة العسكرية...

سآش...
ثم وبنهآية الحرب؟
الجندى...
لا نهآية للحرب حتى نسقط نظآم الخرطوم؟
سآش...
لوحدكم؟
الجندى...
لا... مع بقية الحركآت المسلحة التى تعمل لاسقآط نظآم الخرطوم ...
سآش...
هل لديكم العتآد والقدرة العسكرية على أدآرة هذه المعآرك؟
الجندى...
أعفينى من الآجآبة على هذا السؤال....

Post: #140
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-07-2014, 11:55 PM
Parent: #139

عاد سآش الى منزله وهو لا يدرى كيف وصل..
دخل على وآلدته فى المطبخ..
مساء الخير يّمه..
مساء الخير..(أضآفت)..
مالك حآلك يغنى عن سؤالك؟ خير؟
مافى حآجة يّمه...بس دآيرك تخّتى لى بخور تيمان..
وتعملى لى فنجآن قهوة من أيدك المبروكة دى..
حآضر يا ولدى(بدا عليها التوتر)..
قهوة فى الليل دا؟
قهوة فى الليل دا..
أنت كنت مع الكوتش؟
عرفتى كيف يّمه؟
لآنه كل ما بتمشى بيته يآ اجتمآع يفّور الدم...
ويا كلام فى السياسة..
كلامك صحى يّمه....
بدأت تشعل النار لتضع البخور..
شوف يا ولدى..
السياسة دى قصر أجل..
كان بآرينآها ووب...وكان بعدنا منها تجينا فى بيوتنا..
من معجون الصبآح لغآية لقمة العيش...
كلامك كله صآح يّمه..(وقد أضاف)...
عّكروا دّمنا الله لا يكّسبهم..
حكومة ما عآرفة تدير البلد..
شغلها كله أمن وكتل..
وحركة بتتصرف بدون رأيى أى زول..
ما معترفة بى أى زول زآتو..
مع أنها بتتناول قضية شعب....
وأحزآب زى الجنآزآت..
(أحضرت المبخر.)..
كّتر خيرك يّمه...عشآكم شنو ؟
كل خير يا ولدى..
حآلا العشا حيكون جآهز..
وانا وانت بس الليلة حنتعّشى..
أخوآتك معزومآت فى خطوبة وآحدة صآحبتهم...

Post: #141
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-08-2014, 04:06 AM
Parent: #140

على غير عآدته دخل مآو مآو غرفة وآلدته ..
وجلس على مقعد بالقرب من الباب....
سألته وآلدته وهى مستغربة بعض الشئ..
لآنه دآئم الآعتكاف فى غرفته...
ولا يدخل غرفتها ألا لماما...
خير يا ولدى ؟ فى حآجة؟
مافى حاجة يّمه بس شآعر بى قلق..
ما عآرف ليه..
العن أبليس يا ولدى..
وقول بسم الله الرحمن الرحيم...
كلير أخبارها شنو؟

كويسة وأنا كلمت جدى وسآش وأبوه ....
مآشين نقآبل جدها يوم الجمعة..

على خيرة الله يا أبنى..
كلير بت حلال..
ويتيمة أم وأب..
محتآجة رآجل يرعآها برضو....
جدها كبر خلاص زى ما أنت شآيفه..
رجل بّرا ورجل فى القبر..

شكرا يّمه..

وفيما هو يتسآمر مع وآلته فى أمور متفرغة هنا وهناك..
رن جوآله المحمول..
أنت وين يا مآو ؟
فى البيت...
تقدر تجينى هسى ؟
ما عندى مشكلة محددة..
بس قلقآن شوية..

حآضر..

أقفل المحمول ثم التفت على وآلدته..
يّمة دا سآش..
دايرنى فى موضوع...

أمشى ليه يا ولدى..
أنت أقرب صآحب ليه وبعّزك شديد..
بس ما تتأخر.. الدنيا ليل..
والبلد أتملت مجرمين..

حآضر يّمة..

Post: #142
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-08-2014, 04:35 PM
Parent: #141

تعّقد موقف الحكومة الانتخآبى فى الولاية ....
رغم الميزآنية الضخمة التى خصصت لها..
ورغم الجهود الجبارة للاعداد للآنتخآبآت..
ورغم كل حيل التزوير والالاعيب..
أنتفضت الحكومة..
وقررت..

وأتصل رئيس الجمهورية بأحد أبناء المنطقة الغربية..
ممن كان وآليا على الولاية من قبل..
وممن له مكآنة وسط أهله...
كان الاتصال فى الخآمسة صبآحا..
حيث أبلغه الرئيس بموقف الحكومة الحرج فى المنطقة الغربية...
وأضآف..
توجد طآئرة فى المطار الان..
جآهزة للاقلاع..
أذهب لآهلك وقل لهم بأننا لو خسرنا الآنتخآبآت...
بسبب موقف المنطقة الغربية العدآئى...
فسوف لن نعيد اليهم ولا ية غرب كردفآن..
وليختآروا...

طآر المسئول..
وأبلغ اهله..
وتغّير موقف الانتخآبآت لصآلح مرشح الحكومة لمنصب الوآلى..
ولكن ما زآلت هناك مشكلة أكثر تعقيدا..
من أزمة منصب الولآلى...

فقد كان موقف الرئيس نفسه....
فى غآية الحرج..
وكان لابد وأنه هآلك لو أستمرت العملية الانتخآبية للرئآسة بتلك الصورة..
فقد علم غبن أهل الولاية من الحكومة..
بسبب نشآطها العسكرى منذ أن جأءت الى السلطة..
وبسبب أزمآت سببتها فى المنطقة الغربية..
وخآصة ال 2% استحقاق المنطقة الغربية من عآئدآت البترول فى أتفاقية نيفاشا..
ولم يكن بالآمكان أن تحصل الحكومة على أصوآت..
فما الذى حدث ؟

قآم مرشح الحركة لمنصب رئيس الجمهورية بالانسحآب..
فجأة وبلا سآبق أنذآر..
كان من المفروض أن يعلن مرشح الحركة موقفه للجماهير التى سآندته..
ومنحته اصوآتها..
ولكن ذلك لم يحدث..
ولا أحد يعرف ما دآر خلف الكواليس بين الحكومة والحركة حول ذآك الآمر..
بحكم علاقتهما الغريبة التى تتحول من شدة العداء الى شدة الصداقة وبالعكس..
وفى موآقف غريبة...
دون أن يعلم الموآطن شيئا..

وبدأ موقف الحكومة الآنتخآبى..
يتحّسن بشكل وآضح..
وبدأ موقف الحركة فى الترآجع....
بشكل وآضح أيضا...

Post: #144
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-08-2014, 04:50 PM
Parent: #142

أسقط فى يد الموآلين للحركة الشعبية فى الولاية...
بعد موقف مرشحهم الرئآسى الغريب..
ولاذو بالصمت..
فيما توآصل الترآشق والعدآئيآت بين الفريقين حول منصب الوآلى..

وبدأت عملية فرز الاصوآت..
التى تحولت الى عملية درآمية صآرخة بين الحكومة والحركة..
حيث كانت الحركة تقرر الآنسحآب بشكل مستمر..
بعد أن ترفع السلاح..
وتهدد بالآطلاق النار..

تتوقف عملية الفرز...
لتبدأ من جديد..
بعد التدّخل والآجآويد..
وحضور الوفود من الخرطوم..
على جنآح السرعة..
وعودتهم بنفس السرعة أيضا..
وهكذا..

وقد أثبتت عملية فرز الاصوآت..
لعبة الآنتخآبآت الهزلية فى الولاية...
والمهزلة كآملة الاطوآر..
فيما أمتد العداء الى الشآرع العآم..
وتحول التوتر والاحتقان..
الى مشآدآت كلامية..
وأحيأنا اشتباكآت بالايدى..
وأحيانا أطلاق الرصآص..
وسقوط ضحآيا..
ثم الاستعراض العسكرى للحركة دآخل المدينة..
لترد عليه الحكومة باستعرآض أكثر قوة وشرآسة...
وهو برنآمج التعبئة العسكرية الذى وصل أشده..
وزآد أزيز الطآئرآت التى أتخذت من سماء الولاية..
ممرآت آمنة لها..
ولكن لا أحد يدرى أين تذهب..
ولا ماذا تفعل..
وتحولت المدينة بكآملها..
الى ما يشبه أحد الآزقة فى مدينة ديترويت الآمريكية...

Post: #143
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: محمد جمعه الخير
Date: 02-08-2014, 04:45 PM
Parent: #135

شاهدت بالامس تقرير بقناة الشروق عن رقصة البخسة ولاول مرة اشاهد الرقصة وهي كما زكرتي اكثر من مجرد رقصة انما هي صلاة .

لكي التحية ومتابع معك .

Post: #145
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-08-2014, 04:55 PM
Parent: #143

محمد جمعة الخير...

أنعشتنى هذه الزيآرة..
وأشعر بالسعآدة من متآبعتك ..
شرفت كتير..
ولك الشكر...

زآرتنا البركة...

(القصة وآقعية)...
فيما عدا الاسماء وبعض التفآصيل الصغيرة جدا..

Post: #146
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-08-2014, 05:39 PM
Parent: #145

دخل مآو مآو منزل صديقه وهو سعيد بتلك الزيآرة...
كان سآش يعزف على الآورق..
وقد عاد اليه بعض هدوئه النفسى..
ولكنه بدآ شآحبا وشآردا بعض الشئ..

ألتفت الى صديقة مبتسما..
ثم عآد ووآصل العزف..
فى أستغرآق تآم..
حّلق مآو مآو مع تلك الموسيقى التى يعشقها كثيرا..
وعّم المكان جو الآلفة العميق الذى يربط بينهما..
وبعد أن أنتهى العزف..
ألتفت الى صديقة متسآئلا كمن يوآصل حديثا أنقطع قبل دقآئق..

يا مآو أنت شآيف الآنا شآيفه ؟
مآو مآو....
لو بتقصد الولاية..
فأنا شآيفه..
سآش...
يحّلوها كيف ؟
مآو مآو...
ما ليها حل فى الوقت الحآلى...
التنآقضآت والتخّبط الحآصلين ديل...
دآيرين ليهم كم سنة ضوئية كدا عشآن نكون موآطنين ولينا وطن...
سآش...
الكلام مع الحركة ما ينفع ؟
مآو مآو..
وأنت عآيز تقول ليهم شنو؟
يا سآش يا آخ الآرتبآك الحآصل دا نتيجة فوضى سياسية وأمنية وعسكرية عآرمة...
سبقها تهميش وتجآهل وتخّلف بسبب سياسآت الحكومآت الوطنية كوووولها.....
الحركة بدأت كحركة ذآت أهدآف نبيلة وسآمية..
وهى طلب الحقوق والمسآوآة..
وكسبت تأييد مطلق من السودان كله...
أما الان..
وحسب الانا شىيفه..
اهدآف الحركة ماهى الولاية..
وهى زى ما بيقولوا عآيزين يفصلوها....
وعآيزين يّسقطوا الحكومة .....
وعآيزين جملة أشياء تدخل فى عداد المستحيل....
سآش...
أحنا مش عآيزين نفصل الولاية..
ودا رأى الشآرع..
والولاية دى فيها ألفمية جنسية لها حق العيش فيها..
وأسقآط الحكومة دا مسئولية الشعب السودانى كله..
لكين لما تترفع البندقية مرة تآنية..
وترجع فترة التسعينيآت...
تخيلت النتيجة حتكون شنو ؟

مآو مآو....
تخيلت..
بس الحركة مصرة على كل كلمة بتقولها...
وسياسة الحركة اليوم ماهى البقرروها أبناء الولاية..
فى جهآت متعددة بتشآرك فى تقرير مصير الولاية..
وهم ليسوا أهل الولاية...
فى أحزآب وأفرآد وهيئآت..
من ذوى المصآلح الاستراتيجية فى الولاية...
وأنت عآرفهم كلهم..
أنت ما شآيف الولاية دى بقت مستبآحة لآى زول أو جهة عندها غبينة مع الحكومة ؟
بقينا كآرت فى يد أى وآحد عآيز يضغط على الحكومة عشآن يحّسن موقفه..
أو يكسب قضيته..
وأقعين تحت الآحتلال عديل كده...
ودا كله بمبآركة قيآدة الحركة ومشآركتها...
سآش..
شآيف كل الكلام دا يا مآو...
مآو مآو...
وما شآيف البيعملوه دا تأثيره علينا شنو ؟
سآش..
شآيف ودا البيعّقد قضيتنا أكتر ويبعدها من أى حل..
اذا يا سآش يا صديقى....
نحنا فى موقف صعب...
والآصعب منه عدم قدرتنا وقلة حيلتنا..
عشآن كدا التفكير فى أى حل فى الوقت الحآضر ما حيوصلنا لى نتيجة..
سبق السيف العزل....
سآش..
بس يا مآو لازم الوآحد يتخذ موقف..
المنطقة الرمآدية فى الظروف دى بتدخل فى بند الخيآنة..
مآو مآو...
موقف الحكومة و مافى زول حيقيف معآها....
دى ما خلت لينا صفحة نرقد عليها..
موقف الحركة ودا دآير ليه شرح وآفى وتوضيح من الحركة واشرآك الموآطنين..
على الاقل المستنيرين من أهل الولاية...
فى عملية الحل..
لكن الحركة ما معترفة أصلا باى موآطن عنده رأى..
فى الوكت اللى فيه بتقول انها بتعمل لصآلح الموآطن..
لكنها والحق يقآل بتعمل بمبدأ أنا ومن بعدى الطوفآن..
والبآقى بيّكملوه ليك مبررآت..
أو تحدى..
أو بندقية..
عشآن كدا يا صآحبى...
ركز فى تشريح المشكلة ....
ونخّت ليها بدآئل تمتد الى الاجيال القآدمة...
أما الآن...
كدى خت لينا شريط رقصة البخسة..
أعصآبنا تعبت فجأه..

Post: #147
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: بله محمد الفاضل
Date: 02-08-2014, 06:00 PM
Parent: #146

أنها رواية يا نور
تتدفق بسلاسة وعذوبة


شكراً لإشراكنا في تداعيها



تحياتي، محبتي واحترامي

Post: #148
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-10-2014, 00:51 AM
Parent: #147

العزيز بله محمد الفآضل....

تشرفنا بزيآرتك..
وأعتذر عن التوقف لمدة يويمن بدون أرآدتى...
زيآرتك تشجع على الموآصلة..

ألف شكر..

Post: #149
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-10-2014, 01:11 AM
Parent: #148

جلست كلير تحت شجرة المآنقو فى تلك الامسية الهآدئة والدآفئة...
فى منزلهم العتيق..
فقد أجتهد جدها فى زرآعة تلك الحمضيآت..
التى منحت المنزل أبعآدا أنسأنية وجمالية أعمق..
كما حآفظ على البيت ومحتويآته أثناء غيآب الجميع...
فى قبورهم أو فى أركان الدنيا الاربعة..
هذا كما ذكرنا من قبل..

جلس مآو مآو قبآلتها...
وكانت خطوبتهما قد أصبحت رسمية..
كانت تلبس جلبابا خليجيا وآسعا..
تزّينه ثقآفة الخليج وطبيعته....

وكانت الطآولة أمآمهما قد أمتلآت عن آخرها..
بالمعّجنآت والفوآكه وعصير القونقوليس والكركدى..
ثم أباريق الشآى والحليب والكآو كآو..
ولم يكن مآو مآو مّلما بذآك الجآنب فى خطيبته..
فقد كان يعتقد أنها لا تجيد غير سلق البيض وتقطيع السلطة..
ولم تزعجه الفكرة أطلاقا..
بحسب أستعداده التآم لقبول كلير..
باى حآل من الآحوال..
طبيخ أم لا طبيخ..

كانت الموسيقى الهآدئة تنبعث من أحد الاركان..
وكانت ظلال الاشجآر ترقص طربا وفرحا..
على ذآك الآيقآع....
كان ّجد كلير قد أنتهى من صلاة المغرب..
وجلس أمام التلفزيون..

توقف الزمآن..
والمكآن..
وكل مرآحل التآريخ البشرى..
مآضيه وحآضره ومستقبله...
كلهم توقفوا فى تلك اللحظآت الآنيقة ..
التى جمعت أثنآن..
لم يجمعهما غير الحب الكبير...
للارض والانسان وهموم الولاية..
ثم حبهما الخآص......

Post: #150
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-10-2014, 01:34 AM
Parent: #149

بدأت كلير...
قبل كل شئ لدى خبر سيفحرك..
مآو مآو...
أأتينى به وبسرعة..
فقد نسينا الآخبار المفرحة..
كلير...
تلقيت رسآلة ألكترونية اليوم من أحد مستشفيآت التجميل فى أمريكا...
وهم على أستعداد لآجراء عملية التجميل للفنآنة علوية النووية....
والرسآلة تقول أن جميع النفقآت سوف يقوم بدفعها شخص يفّضل حجب أسمه...
كما تلقيت رسآلة أخرى من أحدى ثريآت الخليج..
وتقول أيضا أنها سوف تدفع جميع النفقآت..

قفز مآو مآو من مقعده فرحا..
ولكنه حآل ما أدرك أنه فى منزل..
وأن جد كلير لا يجلس بعيدا عنهما..
فعآد الى مقعده وهو شديد التأّثر قآئلا..
كنت متاكدا من أن مشكلتها سوف تفرج..
ولكننى لم أتوقع أن تفرج بهذه السرعة..
الحمد لله...
أى خبر تآنى ؟
أبتسمت قآئلة..
بلاش طمع..

ثم أستمرت الامسية فى حميمية وسعآدة..
لم يشعر بها مآو مآو فى حيآته كما قال لكلير...
أحس بأننى ولدت اليوم..
شكرا كلير..
سوف أجتهد فى أسعآدك..

فجأة وبلا سآبق انذآر..
سمعت كلير طرقا عنيفا على بآبهم..
قآمت من مقعدها بهدوء متجهه نحو الباب..
فقد تعّودت على مثل ذآك الطرق وفى أى وقت..

قفز مآو مآو من مقعده قآئلا..
خليكى أنتى..
أنا الحا أفتح الباب..
وجد نفسه أمام صبى يرتجف كمن ّمسه الجآن..
ويتلعثم ولا يستطيع أن يحكى..
وقف مآو مآو طويلا وأنتظر حتى أنتهى الصبى من كلامه..
فهو مستمع جيد وصبور...
فعآد الى كلير قآئلا..
أنا مآشى الحوآدث..
أنتى مافى دآعى تجى معآنا..
جآركم طعن زوجته..
كلير...
وما قال ليك طعنها ليه ؟
مآو مآو..
قالت ليه هى أّدت صوتها للمؤتمر الوطنى..

Post: #151
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-10-2014, 02:25 AM
Parent: #150

على غير عآدته سّجل سآش زيآرة للبآشمهندس فى شآرع الومبآيلات والتسجيلات فى سوق كآدقلى..
شآرع شديد الصخب والفوضى..
حيث يتبآرى كل صآحب تسجيلات فى أستعرآض بضآعته من شرآئط الكآسيت الحديثة..
آخر الاغآنى..
فّنآن صآعد..الخ..
أضآفة الى تجآرة الموبآيلات..
وما أن رأى البآشمهندس صىحبه حتى أنتفض وجاءه هآشا وبآشا..قآئلا.
أكيد حلمآن بى أمبارح...
أو فى مصيبة حصلت...
سآش..
لا أبدا ما حلمآن بيك ....
بس عآيزك تجى معآى جنآزة الخوآجه بنآيوتى..
لا حول ولا قوة الآ بالله..بنآيوتى مآت؟
سآش..
الموت علينا حق..
مآت متين ؟
مآت أمبآرح بالليل..

نآدى البآشمهندس على أحد الصبية وأعطآه بعض التعليمآت..
ثم نآدى على جآره الذى كان يتمآيل طربا مع أحدى الآغنيآت..
وأبلغه بانه ذآهب لجنآزة...
لم يبد على جآره الاهتمام..
فهو ليس من موآطنى كادقلى...
ولا يعرف تركيبتها الاجتمآعية..
ويبدو من الشباب الذين جاءوا الى كادقلى...
لكسب المآل وليس بناء العلاقآت الاجتمآعية..

أقفلت بعض المحلات التجآرية...
وحمل بنىيوتى الى مثوآه الاخير...
وعآد سآش والبآشمهندس الى المدينة..
ألتفت سآش الى صديقه الذى يجلس بجآنبه فى سيآرته قآئلا..
نشرب حآجة بآردة قبل من أرجعك المحل ؟
رد الباشمهندس...
جدا.. وخلي العزموة على أنا..
أنا بعرف محل عصير قصب وعصير ّخلاط ممتآز...
والمحل نضيف جدا وهآدئ..
عشآن نعرف نتكلم..

دلف الاثنآن على محل العصير..
وأخاذا مقعديهما..
وطلب البآشمهندس العصير...

Post: #152
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-10-2014, 02:43 AM
Parent: #151

بعد صمت قصير...ألتفت سآش الى صديقه قآئلا...
تعرف أنا كان ما الآصول ما كنت عآيز أمشى جنآزة بنآيوتى...
دهش صديقه وأخذ يحّلق فى صديقه بحثا عن تفسير لذآك الموقف الغريب...
تعرف ليه يا بركّيه ؟
ليه يا سآش ؟ دا كان أطيب خوآجه فى البلد..
وعشآن هو أطيب خوآجة فى البلد أرتكب غلطة بليدة جدا...
الباشمهندس...
خير؟
فآكر لّما نآئب رئيس الجمهورية جا وجآب معآه 50 جوآل ذرة ؟
وقال يوّزعوهم للفقراء والمسآكين ؟
فآكر مظبوط...
سآش..
أها نآئب رئيس الجمهورية لا جآب ذرة ولا يحزنون..
البآشمهندس..
كيف الكلام دا ؟
الوآلى أتفق مع بنآيوتى..
وشآل ّمنه ال50 جوآل..
ومشوا قآبلوا بيهم نآئب الرئيس فى مدخل المدينة ....
صعق البآشمهندس...
معقول الكلام دا؟
سآش...
معقول ونص...
الخوآجآت ديل طبقة فى الولاية بتلعب بيها الحكومة زى البّلى...
وما يقدروا يقولوا تلت التلآته....
وألا تجآرتهم تتأثر..
ويطردوهم من البلد ....
وهم يا مولآى كما خلقتنى..
الباشمهندس....وهو يضغط على كل حرف....
أموت وأعرف, الحكومة دى مين البيدربها ومين البيعّلمها الافكار الشيطآنية دى؟
سآش...
مش حتعرف...
لآنه دى طينة لّسه ما أتوجدت ليها كلمة فى القآموس...

Post: #153
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-10-2014, 05:59 PM
Parent: #152

كثرت حوآدث الضرب والقتل ....
نتيجة منح الصوت الانتخآبى لهذا الفريق أو ذآك..
وأستقبل قسم الحوآدث فى كآدقلى مثل تلك الحآلات بشكل متوآصل..
ودخلت الحرب الانتخآبية الى بيوت الموآطنين...
وقآمت بتقطيع ما تبّقى من العلاقآت الآسرية..
وتحولت الصرآعآت السياسية الى صدآمآت أسرية وأجتمآعية..

فقد أكتشفت أحدى السيدآت...
من موظفآت المؤتمر الوطنى..
بأن جآرها وأبن عمها وزوج شقيقتها..
قد قآم بتخزين مجموعة من المدّى والسكآكين..
مما تم أستخدآمه فى حرب الهوتو والتوتسى...
صنع فى الصين...
فى مكان آمن من منزله..
حتى أكتشفت زوجته الامر..
وأبلغت شقيقتها...
وكان قد ألصق فى كل سكين ورقة توضح أسم الضحية التى ينوى جز عنقها بتلك السكين..
عند أعلان نتيجة الآنتخآبآت..
وكان أول الاسماء هو جآرته وبنت عمه موظفة المؤتمر الوطنى...

فما كان منها الآ أن اصطحبت أسرتها..
وغآدرت كادقلى فى بهيم الليل..
تماما مثلما كان الهروب يتم من كادقلى فى فترة التسعينيآت..

Post: #154
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-10-2014, 06:24 PM
Parent: #153

تمّلك كادقلى قلق حقيقى...
وخوف مما سوف تسفر عنه نتآئج الانتخآبآت..
وأصبحت السياسة وبآلا على تلك المدينة الآمنة والهآدئة...
وبدأت الحركة تهدد فى حآل اذا لم يفز مرشحهم بمنصب الوآلى...
فسوف يشعلونها نارا لا تبقى ولا تذر...
وصمتوا تماما عن منصب الرئيس..
بعد أن أنسحب مرشحهم فى ظروف غآمضة..
وهدد الموآلون للحكومة فى حال عدم فوز مرّشحهم فأن بوآبآت جهنم سوف تفتح عن آخرها..

وبما أن لكأدقلى تآريخ سياسى طويل..
وبما أنها قد سآهمت بشكل أيجآبى فى تشكيل السياسة السودانية...
فى كل مرآحلة قبل وبعد الاستعمآر..
وبما أنها من أمهآت المدن السودانية التى عرفت بالحس الوطنى العآلى...
والشفآفية...
وعشق الديمقرآطية التى لم تنعم بممآرستها قط....

فقد بدا وآضحا...
أن السياسة السودانية..
ليست سياسة بالمعنى المفهموم..
ولكنها شحنة أنفعآلات سآزجة..
وعدم وعى وفهم وقدرة على ممآرسة الديمقرآطية..
ثم أنانية وتسّلط وعشق للسلطة..
وما العملية الانتخآبية الاخيرة..
الا خير شآهد على مأسآة الديمقرآطية السودانية...

لذلك تمت مهزلة الانتخآبآت..
وتفّجر الموقف العآم فى المدينة...
بالعداء السآفر لكل أثنين يختلفان فى الرؤية السياسية..

أما الموآطن صآحب المصلحة الحقيقية...
الموآطن البسيط الذى تهمه الحيآة الهآدئة..
وتمآسك النسيج الاجتمآعى..
the real people
فقد اسقط فى يدهم جميعا...
وجحظت عيونهم فى الّحل والترحآل..
مثل كبش الفداء الذى ينظر الى السكين وهى تتقدم نحو عنقه...

Post: #155
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-10-2014, 06:39 PM
Parent: #154

أوت كآدقلى الى فرآشها مساء ذلك اليوم الغآمض...
وهى لا تدرى ما يخبأه لها القدر صبآح اليوم التآلى..
خآصة وأن نتآئج الانتخآبآت قد أعلنت..
وفآز مرشح المؤتمر الوطنى لمنصب الوآلى..
غرقت المدينة فى صمت تآم...
وهو الهدوء الذى عآدة ما يسبق العآصفة...
تقلبت كادقلى فى فرآشها طوآل الليل..
وهى تشعر بالانقبآض...
ويتصبب منها العرق بغزآرة..

أكمل الليل مرآحلة الاولى..
فى ضنك وهم...
وحتى الكلاب تركت مهمة النبآح..
والحفلات قد توقفت دون أتفاق سآبق بين عموم المحتفلين..
وحتى نهآية المرحلة الثآلثة من ذآك الليل...
وقبل شروق الشمس..
أنفجر الموقف تماما....

ففى وسط البلد..
كان قآئد الحركة الشعبية قد أكمل أستعدآدآته لذآك اليوم..
وأعطى أوآمره..
ولبس بذلته العسكرية الكآملة..
وصعد الى الجبل..
يرآفقه كبار جنرالآت الحركة..

ومع بذوغ الشمس...
كمن جّرت من مخدعها جرا...
وأمرت بالشروق..
كانت المدآخل الى وسط المدينة كلها قد أغلقت....
وأنتشر الجنود بكآمل هيئآتهم وسلآحهم..
وسمع صوت القنآبل والرصآص فى كل أرجاء المدينة..

وبرزت الجحيم لمن يرى.....

Post: #156
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-10-2014, 06:42 PM
Parent: #155

الجزء الثآلث

Post: #157
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-10-2014, 08:44 PM
Parent: #156

قر حطب فور برتقا....

نبدأ بك الفصل الثآلث..
الآكثر سخونة..
وبصرآحة كثرة ترددك على البوست...
يمنحنا الزآد حتى نوآصل...
ألف شكر..

Post: #158
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-10-2014, 09:00 PM
Parent: #157

كانت الجبآل تعيد صدى الصوآريخ فى عنف...
ثم تعود لتعيد صوت الرصآص وهى أكثر عنفا..
أمتلآت الشوآرع عن آخرها...
بالبشر...
بحثا عن مصدر الصوت..
وبحثا عن الآجآبة لسؤال...
ماذا يحدث؟
من الذى يفعل هذا ؟
ثم الآحتماء ببعضهم البعض...

ثم تحمل الجبال صرآخ الاطفال..
والنساء..
لتعيد صدآه دآويا ومخيفا..
وعم الهلع والفوضى..

وطوآل الفترة الصبآحية..
من يوم 6\6\2011
لم يكن أحد يعلم..
ماذا حدث؟
ومن الذى يفعل هذا..
أو لماذا ؟

وسط هذا الرعب..
والسماء تظلل المدينة باللون الرصآصى..
ثقيل الظل..
ولا يبدو أنها أيضا...
تعى ما يدور..
تفجّر الجزء الشرقى للمدينة..
بجموع من الشباب..
بملابسهم المدنية..
وأزيآئهم التى يبدو أنهم تناولوها دون ان ينظروا اليها...
بناطلين..
جلباب..
شورتآت..
أحزمة..
صنآدل..
(سفنجآت)..
لم يكونوا مسلحين..
ولكنهم كانوا يهرولون الى وسط المدينة ..
حيث كانت جهنم تعمل بأجتهآد...

وبالسؤال..
وقف أحدهم ليرد على سؤال الموآطنين...
الذين يركضون فى كل الاتجآهآت...
دون ان يدروا ماهم فيه..
ودون أن ينتظروا أجآبته..
فقد كان الشباب فى طريقهم الى مبنى الحكومة..
لطلب السلاح..
حماية لآنفسهم وأسرهم..
ولكن ممن ؟

Post: #159
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-11-2014, 05:29 PM
Parent: #158

كآن مآو مآو قد أخترق الرصآص وصوت المدآفع...
والجثث التى بدأت تتسآقط على الشوآرع والآزقة..
والدماء التى بدأت تسيل كما الآنهار...
وحآلة الرعب والخوف والصرآخ..
تأتى من حيث يحتسب المرء ولا يحتسب...
حتى وصل منزل كلير..

دلف الى الدآخل حيث كان البآب مشرعا..
ووجد كلير جآلسة على مقعد صغير..
قبآلة جدها الذى كان يجلس فى سجآدة الصلاة ....
ويحمل سبحته وهو فى حآلة trance...

طلب منها مآو مآو أن تعد حقيبة صغيرة تحمل فيها بعض مقتنيآتها الهآمة..
وأن تنتظره..
سألت كلير وهى أكثر شرودا من جدها...
نمشى وين ؟
مآو مآو..
حنطلع من كادقلى فى عربيتيتن..
أهلى وأهل سآش وأنتى وجدك وعلوية النووية..
دى ما عندها زول فى يوم زى دا...
أستعدى..بجيك رآجع..
ثم عآد بنفس السرعة..
وأخترق نفس شوآرع الجحيم..
وهو يجتهد فى أن لا ينظر الى الطرقآت..
فيصيبه الغثيآن..
والآغماء...

Post: #160
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-11-2014, 05:40 PM
Parent: #159

عآد مآو مآو فى زمن قيآسى..
ووجد كلير فى حآلة يرثى لها..
فهو لم يرها فى تلك الحآلة منذ أن تعّرف عليها..
سأل مآو مآو..
الحآصل شنو ؟
جدى رآفض يمشى أى مكان..
وقرر يموت هنا...
هنا جلس مآو مآو على الارض..
فى جزء من سجآدة الصلاة وبدأ يتحدث الى الرجل بعقلانية..
ولكن الرجل رفض قآئلا...
يا ولدى الفضل من العمر أقل من الفآت..
بكتير..
وأنا عشت فى البيت دا عمرى كله..
لو غآدرته يبقى حأموت من القهر...
مش من الحرب...
كلير أمآنة فى رقبتك...
وأنا متأكد من أنك حترآعيها وتخآف عليها أكتر من نفسك..
بس لما توصلوا..
جيب المأذون وأعقد عليها..
أنا عآفى منك ومنها..
وهسى دى يالله أمشوا...
الموقف بتعّقد كل دقيقية..
ولو فى بقية فى العمر حنتآقبل أن شاء الله..

أنفجرت كلير فى البكاء كما لم تبك فى حيآتها من قبل..
وهى التى عرف عنها البأس وقوة الشكيمة..
أمتثلت لجدها وخرجت ...
دون أن تنبس بكلمة...
وقد كّفت عن البكاء..
وعآد اليها بأسها..

Post: #161
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-11-2014, 05:56 PM
Parent: #160

قآد مآو مآو سيارة الآمم المتحدة أثر سآش...
الذى كان يقود سيارة الآمم المتحدة أيضا وينتظره عند الباب...
وهو يسآعد كلير فى الانضمام اليهم..
أخترقت السيآرتآن جموع البشر...
الفآرين فى كل أتجآه...
دون وعىّ منهم...
أستخدم الموآطنون فى عملية الهروب الكبير تلك...
جميع وسآئل النقل..
من سيآرآت الآمم المتحدة...
عربآت حكومية..
البصآت العآمة...
سيارات التآكسى..
السيآرآت الخآصة....
سيآرآت نقل النفآيآت..
الدردآقآت...
ثم الآرجل...
فهناك من كانوا يمشون تآرة...
ويركضون تآرة أخرى..
وهم عرضة للرصآص والقنآبل والمدآفع...
وكل آليآت الحرب....

فجأة أنتشرت نقآط التفتيش فى جميع شوآرع كآدقلى...
ولكن التفتيش لم يشمل سيآرآت الآمم المتحدة...
وصل الجميع الى مبآنى الآمم المتحدة فى الشعير فى مدخل المدينة..
دهش مآو مآو وهو يرى ألالاف البشر وقد أفترشوا الارض أمام مبنى الآمم المتحدة...
وصرآخ الآطفال يّصم الاذىن..
وكذلك النساء والفتيآت..
متى وصلوا الى هناك ؟

كان الجو سآخنا..
مشبعا بالرطوبة...
ومنطقة الشعير جرداء لا تغطيها الآشجآر الوآرفة...
نزل الاثنآن وتركا سيارتيهما فى مدخل أحد المكآتب..
دخلا ثم عآدآ بسرعة...
ثم يمم الجميع وجههم شطر الشمآل...
وسط الرعب والعنف المجنون...

Post: #162
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-11-2014, 06:07 PM
Parent: #161

سمع صوت طلق نآرى..
فسال مآو مآو دون ان يوجه سؤاله لآحد...
صوت الرصآص دا قريب جدا...جآى من وين ؟
ردت وآلدته التى كانت تجلس بالقرب منه...
بيكونوا أعدموا وآحد فى نقطة التفتيش القدآمنا..
بعد ما أكتشفوا أنه حركة شعبية...

وفى نقطة التفتيش التآلية..
كانت الجثة ملقآة على الارض..
ولا يبدو لمن قآم بعملية الاعدآم تلك أى أهتمام بالآمر...
سأل الجندى مآو مآو..
معآك كومريد فى العربية ؟
رد مآو مآو..
دى أمى وأخوآتى وأزوآجهم..
ما عندنا كومريد فى العربية...
أتفضل..
تفّضل مآو مآو ليلحق بصديقه سآش الذى كان ينتظر نتيجة التفتيش..

بالوصول الى الميناء البرى فى الدلنج...
كان الآعياء والانفعال والتوتر قد ذهب بهم كل مذهب..
نزلوا جميعا وتنآولوا وجبة اليوم..
ثم أحتسوا الشآ ى والقهوة..
ووآصلوا رحلتهم الى المجهول...

Post: #163
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-11-2014, 06:24 PM
Parent: #162

فى الخرطوم كان مآو مآو وأهله قد وصلوا الى منزل خآله...
فيما أتجه سآش وأسرته الى منزل عمته..
بعد أن أتفق الآثنآن على اللقاء صبآح اليوم التآلى...
وصبيحة اليوم التآلى..
حضرت خآلآت كلير وبنآت وأبناء خآلاتها..
وجيرآنهم...
وطلبوا منها الذهآب معهم...
ولكن مآو مآو رفض وأبلغهم بأنها ..
قد أصبحت أمآنتة ويجب أن يحآفظ عليها..
كذلك حضر سآش وأسرته الممتدة فى الخرطوم..
شرح مآو مآو للجميع موقف جد كلير..
وما قآله..
وأبلغهم بانه سوف ياتى بالمأذون يوم الجمعة لعقد القرآن...

تم عقد القرآن فى جو حزين رغم محآولات الجميع فى أن يجعلوا منه يوما سعيدا...
وبعد انتهاء المرآسم نآدى مآو مآو كلير فى الغرفة قآئلا...
ماتفتكرى أنه دا الزوآج يا كلير....
أنا حا أتزوجك من أول وجديد وأعمل ليك كل حآجة نآقصة...
وما تشيلى هم جدك...
أنا وسآش رآجعين كادقلى بعد أسبوعين...
ما ممكن نسيب النآس بالشكل دا..

لم يبد على كلير الدهشة...
فهى أيضا تشعر بالمسئولية تجآه الموآطنين وهم فى تلك الحآلة...
وتشعر بتانيب الضمير من رحلتها تلك..
ردت على مآو مآو قآئلة...
أنا رآجعة معآك..
الناس البيهموك ديل بيهمونى برضو...
ولو فى موت أموت معآك..
وما تخآف على..
لآنى عشت فى أجواء أسواء من كدا...

Post: #164
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-11-2014, 10:30 PM
Parent: #163

فى الآمآزون وسط الخرطوم 2 جلس مآو مآو وسآش..
طلبا العصير...
وسرح كل بخيآله..
ولكن فى نفس الهدف....

بعد صمت طويل...
وطويل جدا..
رفع سآش رأسه قآئلا...
يا مآو أن مبدأىّ فى الحرب التى أنفجرت فى الجبال الان...
هو جملة التنآقضآت والغموض الذى يغّلفها..
بمعنى...
أن الحرب الآهلية الآولى كانت وآضحة المعآلم والآهدآف التى لم يختلف عليها كل صآحب ضمير حى..
أما الآن...
فما معنى أن تستخدم حرب المدن..
مثل ما يحدث فى كادقلى الان ؟
وتقتل الآبرياء ؟
لتؤجج نيرآن الصرآع مع الخرطوم؟
من الذى سوف يدفع هذه الفآتورة المهولة من الاروآح والحلال والوقت والجهد ؟
ثم الخرآب الشآمل الذى رأيته بعينك ؟
أضآفة الى مآسى النزوح ؟

مآو مآو...
أرجو أن توضح لى أكثر حتى أدلو بدلوى...
سآش...
ما أقصده يا صديقى هو الخرآب الذى حل على الولاية الآن...
ومن الجهتين...
بل جهآت متعددة..
دون ان تكون هناك محآسبة لاحد...
فلم يحدث فى تاريخ السودان أن حوسبت شخصية عآمة على جرآئمها..

مثلا..
النزوح القسرى أو الطوعى فى الحرب الاهلية الاولى ضرب الهوية وثقآفة النوبة فى مقتل....
فقد انتشروا فى كل ارجاء الوطن والعالم...
انتشآر النار فى الهشيم..
وذآبوا فى المجتمعآت الجديدة...
دون أى أمل فى العودة...
ثم مات ربع مليون موآطن جراء الحرب ألاولى...
هذا عدا الذين مآتوا أو قتلوا فى حرب المرآحيل فى فترة الديمقرآطية الثآلثة...
وبمجرد التوقيع على أتفاقية لم ترآع كل هذا..
نسى جنرالات الحرب كل تلك الخسآئر...
ورأينآهم كيف يتكآلبون على السلطة..

الان يعاد المشهد من جديد....
ولكن بشكل أشرس...
حيث حّملنا مسئولية أسقآط الحكومة......
وّسلمت الحركة القضية للغير الذى لا يحس بمثل ما نحس به...
مثلما ّسلمت ملف التفآوض للغير من قبل...
وحينما لم يأت الغير بشئ يذكر...
لم يجرؤ أحدهم على سؤاله..

أما اليوم فمصير الولاية كلها وكما ذكرنا مرار وتكرارا فى حوآرآتنا حول الوضع فى الولاية...
قد وضع فى يد متسّلقين للسلطة...
وأذا لم يكونوا متسلقين للسلطة..
فهم ضعآف فى التجربة السياسية..
ويمنعون الجيل الصآعد والمتعلمين وذوى الخبرآت السياسية...
من الصعود الى مرآكز صنع القرآر..
خوفا من أفتضآح جهلهم وعدم ثقة بهم فى الاسآس...

والان يتم تدمير ما بقى فى الجبال...
باسم كلمآت فضفآضة لو قلنا لاحدهم أن يثبت ما يقول فسوف يتلعثم..
هذا فضلا عن أن قيادة الحركة شمآل لها ملفآتها فى فترة الحرب ألاهلية ألاولى..
من الانتهآكآت ..
وهم يحمون بعضهم البعض فى التستر على تلك الانتهآكآت...

باختصار أن ما يزعجنى هو عبثية الحرب..
حيث تستغل الحكومة هذه الفرصة..
وتطلق العنان لكل آليآتها وبرآمجها العسكرية فى تدميرنا...
والقضاء علينا قضاءا مبرما....
فهل هذا ما يريدون ؟

Post: #165
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-11-2014, 11:23 PM
Parent: #164

مآو مآو....

يا سآش يا صديقى...
أولا نفصل فصلا تآما بين الجندى الذى يحمل البندقية ويقدم روحه فداءا لقضيته...
وبين قيآدته...
لآن كلاهما لا يلتقيآن..
فالجندى يحآرب الظلم والاضطهاد وكل مرآرآت أهله..
منذ الاستقلال وحتى تآريخه...
ولنستثنى الآستعمآر أيضا...
لآنه كان قوة خآرجية أجبرت على الخروج...

فالجندى مخلص وجآد ومتفآنى...
والبندقية بالنسبة اليه هى أهله وعشيرته..
بعد أن فقد أهله وعشيرته فى الحرب الاهلية الآولى....
كما وأنه محدود التعليم أو جآهل بسبب غيآب أو محدودية التعليم فى الحركة...
وهو أن ترك البندقية وعآد الى الحيآة المدنية فسوف لن يجد العمل اللائق..
أو القوة التى يجدها مع البندقية....
هذا فضلا عن الصورة المخيفة التى ورثها عن الحكومة منذ أيام الحرب الآولى....
يعنى البندقية بالنسبة اليه حيآة...
وليست خيآرا...

ولكن قيادة الحركة هى المشكلة...
أولا وبحسب العمر الآفترآضى..
كلهم قد بلغوا أرذل العمر .....
ويجب أن يعطوا الفرصة للغير..
نعم هناك من يعطونهم الفرصة..
ولكن وضعهم يشبه تماما أستوزآر أهل الولاية فى الحكومة القومية.....
وذلك لمنح الحركة شكلها التقدمى المحترم...
كما ويجب التأكد من أنصيآعهم التآم لكل ما تقوله القيآدة التى نتحدث عنها...
دون أى أسئلة أو أستفسآرآت..
وهذه هى الآزمة...

ففى المرحلة الانتقالية..
لو أن الفرصة الحقيقية منحت للمستنيرين من الشباب..
لتغّير الوضع الان...
نحن نستطيع أن نحارب...
ومستعدون أن نعطى أروآحنا فداءا لآهلنا وللوطن..
كما فعل آبآؤنا وأجدآدنا....
ولكن وحسب رأيى..
ليس فى وسط هذه الاجواء الفوضوية والملبدة بالغيوم....
ويغّلفها الاستهتآر بحيآة الموآطنين..

أعطيك مثآلا...
هل رأيت كيف كان بعض جنود الحركة يركضون فى السآعآت الاولى من الحرب فى كادقلى ؟
ويسالون عن الحآصل ؟
فلم يكن كثير منهم يعلم بأمر الحرب...
فقد أستقوا المعلومآت من الموآطنين..
ثم وجهوا مدفعيآتهم نحو الموآطنين!
هل هذه عدم ثقة من القيآدة فى جنودها ؟
أم هو جهل بالتنظيم العسكرى ؟
أم هو سوء أدارة ؟
أم أستهتآر بالآروآح ؟
أم ماذا؟

ثم وفى فترة ألانتخآبآت..
رأيت كثرة تردد جنرالات الحركة شمال .....
خصوصا وآلى النيل الازرق...
وقيآدآت جنوبية...
فى الدخول والخروج...
وأنعقدت الاجتمآعآت حتى السآعآت الاولى من صبآح اليوم التآلى..
وكان الموآطنون يظنون أنها اجتمآعآت خآصة بالعملية الانتخآبية...
ولكنهم كانوا يخططون أما لآعلان حكومتهم الجديدة أو الحرب...
لماذا لم يقم وآلى النيل الآزرق بتشكيل حكومته..
وأعلانها ؟
ثم العيش فى التبآت والنبآت مع حكومة الخرطوم ؟
وجاء يقنع قآئدنا الهمآم بنظرية الحكومة تلك ؟
كيف فآت هذا السؤال على قآئدنا الهمام ؟
أين ذهب عقله ؟

ثم وبعد تدخل القوآت المسلحة فى اليوم الثآلث للحرب..
وأصبحت الحرب رسمية..
وقام جنود الحركة بالانسحاب من كادقلى...
فماذا حدث ؟
تركوا كل ملفات العملية الانتخآبية..
وفيها كل المعلومات المفّصلة عن عضوية الحركة..
وبدأ جهآز الآمن فى ألتقآطهم فردا فردا..
دون أى جهد يذكر...
هل هذا تصرف مسئولين ؟
ثم تركوا أجهزة الكمبيوتر بكل المعلومآت المفّصلة والدقيقة عن الحركة وعضويتها أيضا...
فهل هذا تصرف شخص مسئول ؟
ثم والانكأ أنهم تركوا فى الكنيسة الكاثوليكية فى كادقلى..
كل الاورآق الخآصة بتشكيل حكومتهم فى الولاية...
بعد فوز مرشحهم بمنصب الوآلى..
قل لى بربك من الذى يمكن أن يتصرف بهذا الشكل الآرعن؟
ثم وحكومة الولاية التى كان من المقرر أعلانها بعد فوز مرشحهم..
ماهو موقفها من حكومة الخرطوم ؟
ماهى العلاقة بين الاثنين ؟
هل كانت حكومة فدرآلية أم كونفدرآلية ؟
وهل كانت الخرطوم سوف تصمت على الآمر وتتركه يمر مرور الكرآم ؟
دون حروب مستعرة ؟

يا سآش يا صديقى..
ولآيتنا تستوفى كل شورط الحكم الذآتى المنصوص عنها فى الآمم المتحدة..
ولكن ألامر لا يتم بمثل هذه العبثية والعنف والجهل المرّكب...
وعلى أيدى الجهلاء المتعّطشين للسلطة...

مّر المتر من أمامها.....
متر ؟
أيوا يا افندم...
2 بآرد تآنى من فضلك..
حآضر يا أفندم...

Post: #166
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-12-2014, 03:27 PM
Parent: #165

تجّولت كلير ومآو مآو فى أسوآق الخرطوم وبعض المطآعم والكآفتيريآت...
ولكن والحق يقآل أن كل شئ فقد طعمه بالنسبة لهما....
ولم تكن الحيآة جميلة وسهلة كما كانت أيم درآسة مآو مآو فى الخرطوم...
وترآجعت تلك الذكريآت...
ليحل محلها وآقع مثقل بالهموم والدماء والصوآريخ والنكد...
حيث لم تفآرق مخيلته آخر الصور المخيفة التى رآها وهو فى حآلة أنسحآبة الكبير...
وسيطرت على ذهنه صور القتلى الملقآة على الآرض...
وهلع الآطفال وأمهآتهم...
وعجز الكهول وأستسلامهم للآمر الوآقع...
وصور الفآرين وهم يفترشون الارض أمام مبنى الآمم المتحدة فى الشعير...
وصرآخ الآمهآت ممن فقدن أطفالهن فى ذآك اليوم المخيف..
نتيجة الحر والعطش والجهد والجوع والخوف....
وعنصر المفآجأه..

وبعد أنتهاء تلك الآيآم...
التى حآول مآو مآو جآهدا أن يسعد فيها كلير...
ويعّوضها تلك الزوآجة الغريبة..
أتجه ثلاثتهم....
كلير وصحبه سآش الى كآدقلى...
بعد أن ّسلم سآش ومآو مآو سيآرتى الآمم المتحدة....
وتحّصلا على مكآفأة ما بعد الخدمة..
سلمآها لذويهما بالخرطوم..
ويمموا وجوههم شطر الجنوب الجديد...

لآذ ثلا ثتهم بالصمت أثناء الطريق...
فقد كانت رحلة نحو المجهول...
لم يدر أى منهم ما يخبئه له القدر..
فى تلك الحرب التى بدأت عبثية...
ويبدو أنها سوف تستمر عبثية كذلك..

أكتظ البص ببعض العآئدين...
الذين لم يجدوا لهم مكانا فى الخرطوم...
حيث تعآنى العآئلات من شظف العيش أيضا...
ولا تحتمل أعآلة أى شخص آخر..
لذلك لزم جميع الركآب الصمت المطبق...
وبدآ كما لو أن الرحلة قد أستغرقت دهورا...
وليس نصف يوم كما هى العآدة...
فى طريق أمدرمآن كآدقلى...

Post: #167
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-12-2014, 03:50 PM
Parent: #166

وصلوا كادقلى مساء ذآك اليوم مطموس الملآمح...
وبدت كآدقلى بلدا آخر غير الذى يعرفون...
فقد قطعت الكهرباء...
وعم الظلام الحآلك...
أنتشرت نقآط التفتيش كما الحصبة فى الجسد المعآفى...
وخلت الشوآرع من المآرة تماما..
الا بعض سيآرآت الجيش والامن والشرطة..
وبعض سيآرت الآجرة ...
وهى تركض بسرعة لا ترآعى معها خطوط السير والسلامة...

توجه سآش نحو منزله...
حيث كان جده قد أنتقل للعيش معه...
وكان ينتظره بفآرق الصبر..
ليعرف كيف سآرت الرحلة من والى الخرطوم...
خّيل لسآش أن ذلك المنزل ليس منزلهم..
الذى كان يعج بأمه وأبيه وأخوآته...
ثم الجيرآن الذين يدخلون ويخرجون فى أى لحظة...
لمينحوا حيآتهم طآبعها الآصلى الجميل....
خآصة صديقآت أخوآته...

يمم مآو مآو وكلير شطر منزل كلير...
حيث وجدت جدها فى نفس حآلة ال trance تلك...
وبدآ كما لم يفآرف سجآدة الصلاة منذ آخر مرة رأته فيها....
لم يسأل عن الرحلة...
فقد بدآ مرهقا وشآحبا...
فقط تنّهد طويلا ثم لاذ بغرفته....
دون أن يلقى نظرة على الهدآيآ التى أحضرتها له كلير...

صبآح اليوم التآلى خرج مآو مآو وتوجه نحو منزل الباشمهندس...
حسب أتفآقه السآبق ما سآش...
كآنت كادقلى أثناء النهآر...
أكثر كآبة من ليلها...
فقد خلت المدينة ألا من بعض المآرة...
وهم مسرعون لقضاء بعض أمورهم...
ثم العودة الى بيوتهم...
قبل مغيب الشمس...
حينما تلعلع البنآدق وتصرخ الصوآريخ والدآنآت...

دخل مآو مآو منزل البآشمهندس...
الذى بدآ شيخا كبيرا فى الآسبوعين من عمر الحرب...
كان هآدئا أيضا...
ولكنه لم يكن ذآك الرجل البشوش والذى لا تفآرق الابتسآمة شفتيه..
وجد صديقه سآش وقد سبقه الى المنزل..
وجلس ثلاثتهم لتنآول الشآى الذى أحضره البآشمهندس بنفسه..
فقد أختفى جميع خدم المنزل...
وكذلك رحلت أسرته بالكآمل..
و المكّونه من أربع أسر ....
وتركوه فى منزل مسآحته ستمآئة متر مربع....
تملآؤه أشجآر الحمضيآت....
وتشقشق العصآفير طوآل سآعآت اليوم.....
فى سعآدة غآمرة...

Post: #168
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-12-2014, 04:25 PM
Parent: #167

أبتدر مآو مآو الحديث وهو يوّجه كلآمه للبآشمهندس...
لو دآير تسألنا عن الرحلة أّجل سؤالك...
لآنه الناس فى الخرطوم ما مهتمه بالحرب..
ويبدو كأن جبال النوبة دى فى كوكب آخر...
غير كوكب الآرض...
حتى النوبة المقيمين فى الخرطوم...
أعدآد كبيرة منهم سلبية تجآه الحدث....
مافيش غير أعلام الحكومة...
القآعد يسلخ فى الحركة الشعبية بى موس حلآقة ميته...
صّورهم مجرمين وقتله وسّفّآحين...
وبالطريقة دى شحذ عقول النآس ضد الحركة...

والحركة ما عندها أعلام قوى...
أو ما عآرفة خطورة الآعلآم...
وموقفها كل يوم بيتدهور فى نظر الشعب...
ودى خطورة وآضح أنه الحركة ما عآملة ليها أعتبار....
ماعندهم غير البيآنآت المغتضبة فى الفضآئيآت...
أها أحكى لينا أنت بالتفصيل الممل...

تململ البآشمهندس فى جلسته قليلا ثم بدأ....
أول هآم نآصر زيتونة وسآرتر والكوتش...
شآلوا بنآدقهم وطلعوا الجبل...
بس الحآجة الما وضعوها فى الآعتبار هى وضع عآئلاتهم بعد غيآبهم..
وما رّحلوهم برا كادقلى قبل ما يطلعوا الجبل..
تآنى هآم سآرتر رّسل لى الجمل مع جمآعة..(ضحك ثلآثتهم)..
وقآل يضبحوه ويوّزعوه على الفقراء والمسآكين..
مشيت الجزر ما لقيت كآفينا ولا دلوكا..
وعرفت برضو انهم شآلو بنآدقهم وطلعوا الجبل...
فى الآخر أّجرت لى وآحد قآم بالمهمة....

طبعا الاعتقآلات بتتم لمجرد أنك نوبآى..
ورجعتكم دى ما سليمة...
فى خطورة عليكم...
رغم أنهم أستجوبونى وسألونى منكم...
وفى النهآية قآلوا لى هم عآرفين أنكم ما حركة..
لكين ديل نآس ما مضمونين...

أنتشرت ظآهرة البلآغآت الكيدية..
أى وآحد عنده مشكلة مع التآنى....
يمشى يبّلغ عنه ويقول ليهم دا حركة...
وطبعا الوآحد على ما يثبت برآءته بيكون عّذبوه عذّآب الله أكبر...
دا لو بقى محظوظ ومآ مآت أثناء التعذيب...

الوآلى وّجه بأنتزآع ملكية الحركة وكذلك المنظمآت...
أى وآحد فى الحركة بيته أتسرق والحكومة أما أنها دمرت المنزل أو أستخدمته...
لنآس الامن...
أنهآرت الثقة تماما بين النآس...
وكل وآحد بيشك فى الآخر...
أما الموت والكتل..
تكونوا ما نمتوا أمبآرح من الرصآص والقنآبل...

الحكومة ما صّدقت...
وأستغلت الفرصة عشآن تكتل النوبه....
بحجة تصفية المتمردين..
والوضع أصعب من أى كلام ممكن يتقآل...
بس أنا عآيز أعرف....
أنتو رجعتوا ليه ؟

Post: #169
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-12-2014, 04:47 PM
Parent: #168

سآش....
أحنا رجعنا لنفس السبب الخّلاك قآعد وما سآفرت مع أهلك...
نموت فى كادقلى أن كأن ولا بد....
وبعدين عآئلات زيتونه والكوتش حصل ليها شنو؟
عآرفين سآرتر ما عنده أسرة....

الباشمهندس...
أنا وصلت لى قنآعة أنو نآس الآمن ديل ما بشر زينا...
أول حآجة أستولوا على البيوت ورموا النساء والآطفال فى الشوآرع..
ألا الجيرآن لّموهم....
وبعد كدا أعتقلوا الستآت..
وهآك يا تعذيب..
لغآية ما الوآحدة يغمى عليها..
وبعد كدا يجيبوها عند الفجر...
ويرموها قدام الباب زى ال...ك...ل...ب الميت...
ويرجعوا تآنى يعتقلوها بعد كم يوم..

ممكن تتخيلوا حآل الآطفال والعجزة.....
زوجة الكوتش حآولت تطلع وتمشى لآهلها فى كردفآن...
رّجعوها من الطريق...
وقالوا ليها التحقيق ما أنتهى..
وأمروها بعدم مغآدرة كادقلى لغآية ما هم يسمحوا ليها..

طبعا تعليم الآطفال توّقف..
رغم أنه المدآرس فتحت والاطفال بيدرسوا...
أى طفل يتضح أنه أبوه حركة...
بيتعرض لمضآيقآت من التلاميذ ومن هيئة التدريس..
تخيلتوا مدرسين يضآيقوا طفل عشآن أبوه حركة ؟

زوجة الكوتش وبعد كل العز اللى شوفتوها عآيشه فيهو...
نزلت السوق تبيع ويكة ودكوة وحآجآت هآيفة زى دى...
جو نآس الآمن و ضربوها فى السوق ورموا بضآعتها فى الشآرع...

سأل مآو مآو فى لهفة...
وبعدين ؟
عآيشين كيف ؟

الباشمهندس..
لغآية هسه بنعمل البنقدر عليه...
بس الموضوع دا ما معروف آخره وين...
فّكرت أجيبهم يعيشوا معآى..
لكين نآس الآمن بالمرصآد...
حيعرفوا ....

Post: #170
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-12-2014, 05:12 PM
Parent: #169

سآش...
وما عرفت الكوتش ونآصر زيتونه وصلوا وين ؟
عرفت أنهم كلهم فى كودا...
الكوتش وسآرتر قآنونيين ضليعين..
يعنى لو الحركة قررت تستخدمهم فى النوآحى القآنونية...
حتستفيد كتير....
وما تنسوا أنه سآرتر هكر فى الكمبيوتر كمان...
أما نآصر زيتونة فدا تآجر محّنك..
أنتو كونتو فآكرينه وآقف على بيع الزيت وبس؟
ألاثنآن....ها ؟
أبدا حكاية الزيت دى كانت كاموفلاج وبس..
أنتو ما لآحظتوا كيف كان عآيش ؟
كان عنده تلاتة سوبر مآركت فى سوق الشجرة وشآرع الدلالة...
وعنده كم عربية أتوس فى الموآصلآت...
وكم عربية أمجآد...
وكم بيت مؤجرهم للمنظمآت...

ذهل سآش ومآو مآو وما زآل الباشمهندس يوّضح...
الحركة حتستفيد منه فى أستيراد البضآئع..
أما كيف ومن وين؟ فدى حآجآت عآرفها زيتونه وبيقدر عليها...
كمان عرفت أنه أتصل فى أبوه...
وطبعا أهله كلهم فى حآلة صدمة من طلوعه الجبل..
يزيد عليها مضآيقآت الآمن وأنتقآمهم من شخصه فى أهله..

مآو مآو..
قال شنو لابوه...
أبوه ساله..
أنت يا زيتونه مقتنع بالبتعمل فوقه دا ؟
رد...
100%....
وسأله وألده...
يعنى لو دخلتوا كادقلى حتكتلونا؟
رد نآصر زيتونه..
أنت أول وآحد حا أكتله..
أبوه من يوم المكآلمة رآقد فى المستشفى...
جآتو ذبحة صدرية..

Post: #171
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-12-2014, 07:47 PM
Parent: #170

أستمر الثلاثة فى نقآش وأستعرآض وتحليل الوضع الرآهن...
حتى ألتفت البآشمهندس بركّية الى صديقيه قآئلا...

قبل ما أنسى...
دى مفآتيح عربيتين أمجآد كنت مّشغلهم فى الخط...
وّديتهم الورشة عشآن أتأكد من سلآمتهم...
ونّضفتهم ومليتهم بنزين...
حّولت ملكيتهم لى كل وآحد فيكم...
وعلىّ بالطلاق مافى وآحد يقول حآجة..
البيننا أكبر بكتير من حتتين حديد..
وأنا زى ما عآرفين multi مليونير...
ما متأثر كتير..
و الوضع أصعب مما تتخّيلوا..
ومافيش وظآئف حاليا..
ولو فى , الحكومة ما حتعّين نوبآى..
ويا سآش لو بتفّكر فى حكآية الكمآين دى...
أنسى الموضوع..
لآنه العمال أما شآلوا بنآدقهم وطلعوا الجبل..
أو ذهبوا مع الريح...
مافيش عمال فى كادقلى حآليا...

عقدت المفآجأة لسآنيهما رغم علمهما التآم بكرم صديقهما الحآتمى..
تنآول كل منهما مفآتيحه..
وأستمر الحوآر حتى منتصف النهآر...
حيث غآدر الثلاثة...
ذهب البآشمهندس لمحل الموبآيلات فى السوق...
و ذهب مآو مآو لمنزله...
وأستخدم سآش السيآرة فى أول مشوآر...
أوصل زبآئنه حتى نهآية الخط...
وعآد ليجد أن أحدى سيدآت الجيرآن...
قد أرسلت لهما طعآم الغداء...

وصل مآو مآو الى المنزل حيث لقى جد كلير فى حآلة صحية حرجة...
فقد كان الرجل يتنّفس بصعوبة...
وقد بردت أطرآفه..
ألتفت الى زوجته قآئلا..
أنا حا ألّبسه عشآن نوديه المستشفى..
أنتى أمشى ألبسى....

وصلا الى المستشفى ..
تفاجأ الاثنان بوجود دكتور وآئل...
صرخ مآو مآو من الفرح...
وآئل ؟
هرول اليه وآئل وأحتضنه بقوة وسأل صديقه فى قلق بآئن..
رجعتوا ليه يا مآو ؟ الوضع صعب جدا بالنسبة ليكم..
رد مآو مآو...
زى ما هو صعب بالنسبة ليك ولكنك فضّلت توآصل عملك .....
وألتفت الى كلير...
زوجتى...
مّرة ثآنية أنفعل دكتور وآئل وأحتضن صديقه ثم مّد يده لكلير مهنئا...
ثم ألتفتوا جميعا للمريض حيث قآل مآو مآو..
دا جد كلير..
ما عآرفين الحصل ليه شنو....
رد دكتور وآئل...
معظم الحآلات البتجينا من ما الحرب دى قآمت..
لكبار السن والآطفال...

قضوا فترة الظهيرة وأول المساء فى المستشفى..
حيث قآم دكتور وآئل بالكشف...
وتآبع معهم كل مرآحل التحآليل الطبية...
وأنتحى بصديقه ليبلغه شيئا...
ولكن مآو مآو قال..
كلير قوية ومؤمنه..
قول قدآمها أى حآجة....
أبلغهما دكتور وآئل بأن الرجل فى بدآية مرآحل الآزمة القلبية..
وبما أنه ضعيف البنية..
ومع كبر السن...
ويبدو أيضا يآئسا ورآغبا فى الموت ...
فهو لا يضمن حالته...

فجر اليوم التآلى..
أسلم جد كلير روحه الى بآرئها...
وغآدر الدنيا ضيفا...
كما حّل عليها ضيفا أيضا...

Post: #172
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-12-2014, 08:28 PM
Parent: #171

لم تكن ليآلى الحرب فى كادقلى...
مثل ليآلى الآنس فى فيينا...
فقد كان أزيز الطآئرآت يصم الآذآن...
وصوت القنآبل يضيف الى كل تلك الضوضاء...
كانت الحكومة تضرب بيد من حديد...
وكانت الحركة ترد الصآع صآعين...

وبما أن النوم قد غآدر البآشمهندس مع أندلآع الحرب...
فقد كان يحس ويعرف أين ألقيت تلك القنبلة..
وكان يردد على نفسه...
هذه وقعت فى البرآم..
بكل تأكيد..
فالصوت قوى جدا وقريب...
ويأتى من نآحية الجنوب...

ثم يحدث نفسه...
هذه البرآم ترّكز الحكومة على ضربها..
هل هو موقعها القريب من القيادة العسكرية فى كادقلى؟
أم أن للحكومة دبل غبينة مع أهل البرآم ؟
فهى قرية صغيرة...
ولا يتعدى عدد سكآنها بضعة آلالاف..
ولكن...
هاهى الحكومة تدكها دكا...
وتجعل عآليها سآفلها...
لتعود اليها مرة أخرى...
الحكومة تعلم أن لا وجود لجنود الحركة فى البرآم..
ولكنها تصر على ضرب المدنيين.....

ثم يغفوا قليلا..
ليستيقظ على صوت دوى...
أقوى بكثير من سابقيه..
فيجلس...
ويتنآول كوبا من الماء..
وينظر الى سآعته...
ثم يعود ليكلم نفسه...
هذه المرة أعتقد أن قرية الحمرا هى التى ضربت...
فقد كان الصوت قريب جدا..
وياتى من نآحية الشرق...

ما الذى تستفيده جميع الآطرىف المتحآربة من كل هذا القتل والآقتتال؟
ولماذا أصبحت روح السودانيين....
وخآصة النوبة ..
بهذه الدرجة من الرخص ؟

ثم يجلس على الكرسى...
وهو ما يزآل يتحدث الى نفسه...
حينما يغيب العقل..
وتتحكم البندقية...
يصبح الدمآر هو سيد الموقف...
الحكومة بكل عنفها وتعّطشها للدماء...
لا تقل مسئولية عن أى شخص يفّضل البندقية على الحوآر..
الحوآآآآآر...
هذه الكلمة الغآئبة عن قآموس السياسيين السودانيين..
ومن الحكومآت السودانية..
خصوصا الآنقاذ...
وحتى ان وجدت فهى لا معنى لها..
ولا يحترمونها...
فقط يستغلونها لمعآلجة وضع مؤقت...
ثم يضيف...
فقط....

ثم يسمع صوتا آخر..
ولكن هذه المرة من نآحية السوق..
صوت رصآص وليس قنبلة..
فيوآصل الحديث مع نفسه...
أكيد تم أصطيآد وآحد نوبآى...
وفى هذا الليل البهيم لا يهم لو كان حركة أو غير حركة..
المهم نوبآى....
فيسأل نفسه...
هل تعلم الحركة عن بوآبة الموت الجمآعى التى فتحتها على أهل الولاية ؟
أم يجب أن يموت الجميع حتى تصل هى الى اهدآفها ؟

وهكذا..
حتى صبآح اليوم التآلى...
حينما يذهب الى محل الموبآيلات...
وتبدأ الشآحنآت تتوآتر وهى ملآى بالجنود..
الذين يلبسون الآوفرول الكحلى..
وهم مشعثون ومغبرون..
وفى حآلة أعياء تآم...
والشآحنآت ملآى بآليآت الحفر..
فيسأل نفسه...
كم مقبرة جمآعية حفرتموها ليلة الآمس يا ضبآع؟

Post: #173
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-12-2014, 10:35 PM
Parent: #172

قررت الحريفآت أن يضربن عرض الحآئط بالحرب ومآسيها...
ولقد أتخذ القرآر فى أجتمآع عآصف...
جمع كل الحريفآت المتوآجدآت فى كآدقلى..
فى تلك الفترة..
قآئلات أنه لم يحدث أن أتخذن قرار الحرب..
ولم يحدث ان أحدا استشآرهن فى تفجير الحرب...
بل ولا أحد يحس بوجودهن أصلا...
نآهيك عن تقدير المعآنآة التى تتعرض لها النساء فى وقت الحرب..
وأنهن سأمن تماما الحرب ودمآرها..
وأنهن يرفضن الهزيمة أمام الحرب...
ولتذهب الحرب الى الجحيم...

ولقد تقرر أيضا أن المتقآتلين والقتلى سواء كانوا أبنآئهن أو ازوآجهن أو أقربآئهن...
حينما يموتون أو يقتلون....
فأنهن سوف يقّدمن العزاء....
ويقمن بالوآجب..
غض النظر عن الطرف الذى ينتمى اليه القتيل أو الجثمآن..
ولكن لا تتأثر علآقتهن ببعضهن البعض...

ووسط تلك الآجواء تقدمت أحدى الحريفآت ببىلآغ ضد أحدى زميلاتها قآئلة..
أن زميلتها شوهدت وهى تتنآول طعآم الافطار فى مطعم (مكشوف) فى السوق...
وأنها كانت عرضة لنظر المآشى والغآشى..
هذا فضلا عن أنها لم تكن بكآمل هيأتها وزينتها...

تم تسجيل البلاغ..
وتحدد يوم للجلسة..
للنظر فى القضية.....

Post: #174
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-12-2014, 11:04 PM
Parent: #173

تمت المحآكمة فى منزل أحدى الحريفآت..
بعد أن بّلغت بقرآر أختيار منزلها لتلك المحآكمة...
كما وأرسلت لها جميع أحتيآجآت ذلك اليوم..
لتقوم بالآعداد اللازم...

بدأت المحكمة بكآمل هيئتها...
قآضى وهيئة محّلفين وحآجب محكمة..
ومتهمة وممثلة الآتهآم..
ثم ممثلة دفآع..
بدأت الجلسة وقرأ على المتهمة والحضور..
حيثيآت البلاغ..

ثم سئلت المتهمة...
هل هذا ألاتهآم صحيح ؟
نعم حضرة القآضية...
ولماذ فعلتى ذلك ؟
حضرة القآضية لقد كنت فى عجلة من أمرى..
وكان قصدى أن اشترى بعض الحآجيآت وأعود الى المنزل بسرعة...
نسبة للمعآرك التى تدور فى السوق هذه الايآم....
لم أنتبه لآنآقتى قبل الخروج من المنزل...
فى السوق شعرت بالجوع فجأة...
ونسيت أن أبحث عن مطعم فى مكان سآتر..
هذا كل ما حدث..
ألم تعلمى أن تصرفك هذا ضد قوآنين الحريفآت؟
وضد عآدآتنا وتقأليدنا ؟
أعلم حضرة القآضية..

بعد أنتهاء ممثلة الدفآع من مرآفعتها..
طلبت أقصى الرأفة لموكلتها..
حيث أن موكلتها قد كانت مشوشة التفكير..
وكانت مرتبكة بحسب الظروف التى تمر بها البلد..
خآصة وأنها عرفت بأنآقتها الدآئمة..
وحرصها على السلوك النسوى الرآقى..

وبعد المدآولة..
حكمت المحكمة حضوريا على المتهمة.....
بعشرين رطل سكر..
عشرة أرطآل بن..
وخمسة بآكو شآى..
ومبلغ مآئة جنية تذهب للصندوق المآلى للحريفآت..

وبعد النطق بالحكم بدأت الحريفآت فى مسآعدة زميلتهن المتهمة على النحو التآلى...
يا مولانا أنا أرفع عنها 3 أرطال سكر..
يا مولانا أنا ارفع عنها مبلغ 20 جنيه..
وهكذا حتى لم يتبق للمتهمة ما تدفعه...

بدأ تقديم وجبة الغداء..
ويبدو أن الحريفآت..
قد ضربن عرض الحآئط بالحرب فعلا..
فأضآفة الى أنآقتهن المكتملة..
والحناء وتصفيف الشعر أو المشآط..
وحتى الذهب والاكسسوآرآت..
والثيآب الزآهية والجميلة..
فقد كان الطعآم من كل لون..
ويبدو أن ميزآنية كبيرة قد صرفت فيه..

ثم وبعد الاكل بدأ برنآمج الشآى والقهوة...
مصحوبا بأطبآق من الفشآر واللالوب والقونقوليس والنبق والبلح والحلوى...
ثم وبانتهاء ذآك البرنآمج..
بدأ الغناء والرقص..
من مردوم الى درّملى الى بخسة وكرنق...الخ
أستمر الحفل الى ما قبل مغيب الشمس...
حين بدأ أزيز الطآئرآت وبدأت القنآبل والصوآريخ..
تصرخ..
وتمّلك المتحآربون ّمس من الجن...

وبعد أن أعدن كل شئ الى مكآنه...
خرجن وكأن برنآمج المساء والسهرة الحربى..
لا يعنيهن فى شئ...
....
يا الله يا جمآعة...
حظر التجّول قّرب...

Post: #175
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-14-2014, 01:11 AM
Parent: #174

مّرت ثلاثة أشهر على وفآة جد كلير....
كان مآو مآو قد قّدم دعوة الغداء لآصدقآئه الثلاثة...
البآشمهندس , سآش , ودكتور وآئل...
دخل ثلاثتهم وهم يضحكون ويتسآمرون...
وقد بدأوا يتعآيشون مع الحرب وصرآخها ودمآرها وموتها....

دلف الثلاثة الى صآلون المنزل الكبير والعتيق...
فهو منزل أسرة كلير...
الذى أجتهد وآلدآها وأخوآها فى بنآئه على أحدث طرآز...
والمحآفظة على بعض الطرآز القديم...
ثم أجتهآد جدها عليه رحمة الله...
فى زرآعة أشجآر الحمضيآت..

كانت غرفة السفرة كبيرة...
تسع أثنى عشر شخصا...
وقد صممت من خشب المآهوقنى العتيق...
لم يتم طلاء المآهوقنى...
فقط تم تلميعه...
ولكن تم طلاء الجدرآن باللون الكريمى الفآتح...
وعّلقت ستآئر الدآنتيل الكريمى الغآمق..
ثم فرشت السفرة بمفرش كروشية بيجى دآكن...
تناسقت كل تلك الالون مع نبآتآت الظل التى تمت بعثرتها على أرجاء الصآلون...
بشكل هندسى أنيق...
لتضيف الى جو الآلفه الذى يبعثه الصآلون...

بنهآية السفرة و بالقرب من مدخل الصآلون..
وضع جهآز أورق عتيق..
جميل..
ما أن رآه سآش حتى هرع اليه وبدأ يعزف مسيقآه المفّضلة...
ونسى أصدقآئه من حوله....

أحضر الطعآم...
وقد أستعآنت كلير ببعض صديقآتها ليسآعدنها فى أعداد تلك الوجبة....
أحتوت السفرة على...
ملآح بآمية مفروكة بالشمآر الآخضر...
دمعة ضآن بالهّبهّآن والقرفة والثوم...
طبيخ رجلة...
محشى ورق عنب..
فرآخ محشية..
سلطة خضرا.....
سلطة بيضا..
سلطة مآيونيز
كسرة بيضا...
رغيف بلدى..
وصحن شطة خضرا تم أعدأده بعنآية فآئقة...

وما أن أّعدت السفرة..
حتى أقفل سآش الجهآز وجاء مسرعا وهو يخآطب صآحبه...
وقد عبق المكآن برآئحة الطعآم الشهية...
يا مآو أنا من السفرة دى قررت أتزوج...
ضحك الجميع..

أنتهوا من تنآول الغداء...
أزيلت الآطبآق من السفرة..
تم تغيير المفرش بآخر ذو لون تركوآزى...
أحضرت سلطة الفوآكه...
فطير محشو بالعسل..
بآسطة..
أباريق العصير من قونقوليس وكركدى ثم أبآريق الشآى والقهوة...

أنتهى البرنآمج...
وقرر الجميع المغآدرة...
حيث كان موعد حظر التجّول قد أزف...
كانت كلير قد تناولت طعآم الغداء مع صديقآتها..

نآدآها مآو مآو من خآرج الفرندا..
حيث كانت صحآحبآتها ما زلن يتسآمرن ويضحكن..
قآئلا...
الجمآعة ديل خلاص مآشين يا مآمآ..
تعآلى وّدعيهم...
حآضر يآ مآو أدينى خمسة دقآق بس...

فى تلك الخمسة دقآيق..
لبست كلير فستآن مآكسى مذهب من الكريب الهندى..
حيث تنتهى أكمامه بعد الكوعين...
ثم لبست كل ما تركت لها وآلدتها من حلى ومجوهرآت...
فقد كانت تلك أول مرة يرآها أصدقاء زوجها وهى عروس...
وكانت تزين يديها بحناء خفيفة الورود...
جمعت شعرها كله الى الخلف...
ووضعت حول عنقها سلسلا رفيعا من الذهب محّلى ببعض الالمآظآت...
ولبست حذاءا مذهبا ذو كعب متوسط....

خرجت ووجدت مآو مآو ما يزال فى الانتظآر..
وما أن رآها حتى رجفت عينآه...
فتلك حآلته كلما نظر الى زوجته...
وتسمّر مكآنه ثم أصطحبها دون أن ينبس بكلمة...
وما أن رآها اصدقاء زوجها حتى صمتوا جميعا...
وجحظت عيونهم ....
وفغروا أفوآههم..
وفرض الصمت نفسه لبضع ثوآن..
حتى نهآهه البآشمهندس قآئلا...

بسم الله ما شاء الله..
تبآرك الخّلآق....
موجها حديثه اليها...
شكرا يا مدآم على السفرة الملوكى دى..
وأن شاء الله المّرة الجآية بمنآسبة ولى العهد ...
ردت فى أستحياء...
ما عملنا حآجة...
ظروف الحرب وأنتو عآرفين...

أتجه الثلاثة نحو الباب..
فيما عدآ مآو مآو االذى أتجه الى الدآخل وهو يضع يده حول كتف زوجته...
كمن يحميها من كيد العدا...
حتى وصلا الى بآب الفارندا...
فسألها وهو يضحك...
صآحبآتك ديل لسه حيقعدوا كتير؟
ثم أستدآر ليلحق بأصدقآئه ليودعهم عند الباب....
قآئلا لزوجته دون أن يلتفت أليها...
رآجع ليك....
حآلا...

Post: #176
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-14-2014, 01:48 AM
Parent: #175

خرج الثلاثة الى الشآرع العآم...
كّل يقود سيآرته ولكن كانوا أثر بعضهم البعض...
ليستقبلهم صوت رصآص كثيف من حيث لا يدروا ولا يحتسبوا...
كانت سيآرآت الجيش تطير بسرعة جنونية نحو مدخل المدينة الغربى...
أوقف البآشمهندس سيآرته..
وأشآر اليهم بالوقوف قآئلا...
من ألآفضل نقيف هنا لغآية ما الضرب يهدأ...

مّر رجل مسرع..
يركض ركضا الى حيث لا يدرى...
فسالوه..
حآصل شنو يا عم ؟
ديل المتمردين دخلوا من النآحية الغربية...
أصلوا عندهم معسكر فى ميرى جّوه...
خطفوا بت العمدة وزوجته..
وكتلوا أتنين..
البآشمهندس...
وخطفوا بت العمدة وزوجته ليه ؟
العمد كلهم الحكومة عّينتهم مؤتمر وطنى زى مآ عآرفين..
ومافى وآحد يقدر يقول لا..
مشوا ليه البيت وكانوا نآوين عليه..
لقوه سآفر الحج...

كان دكتور وآئل يردد باستمرار...
لا حول ولا قوة الآ بالله..
لا حول ولا قوة ألا بالله..
ثم سأل الرجل...
وحيستفيدوا شنو؟

رد الرجل وقد هدأ روعه بتلك الصحبة التى هبطت عليه من السماء...
عشآن يحرقوا قلب العمدة بس..
زوجته كبيرة فى السن ومريضة..
الله أعلم تعيش بعد الصدمة دى ولا لا؟
بس بّته حيشغلوها طبآخة وفّرآشه وأى حآجة..
الله يكون فى عونها...

وبعد أن هدأت العآصفة العسكرية قليلا...
أبلغ دكتور وآئل أصدقآئه بأنه ذآهب الى المستشفى..
لآن المستشفى سوف تمتلئ بالجرحى والمصآبين بعد قليل...
أتجه البآشمهندس صوب بيته..
فيما أتجه سآش الى منزلهم...
وهو يشعر بالانقبآض الشديد..
والحزن....

Post: #177
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-14-2014, 02:19 AM
Parent: #176

عآد سآش الى منزله وهو شديد التأثر والحزن..
فهو يتاثر بالآحدآث العآمة كما لو أنها مشآكله الخآصة..
وجد جده عند الباب وقد أستبد به القلق...
مشيت وين سآش قلقت عليك كتير ؟
كنت متغّدى مع مآو....
وبعدين يا جدى أنا ما قلت ليك القلق مع الحرب دى ما بينفع ؟
ما أىّ زول فى الولاية المنكوبة دى بيصبح و مآ عآرف اذا كان حيمسى ولا لا..
وأى وآحد يمسى ما عآرف نفسه حيصبح ولا لا...
عّلق جده...
الآعمآر بيد الله يا أبنى..
سآش...
أيوااااا.. يا جدى...
وما دآم الآعمار بيد الله يبقى ما نقلق..
نسّلمها لله...
جده...
ونعم بالله..
سآش...
أن شا الله تكون سّخنت الآكل الفى التلآجة وأكلت..
الحمد لله..
جآنى جآرنا عبدالنبى وأتغدينا سوا..
سآش...
وبالمنآسبة دى هو عآمل كيف بعد موت ولده بالطريقه العجيبة ديك؟
جده..
الرآجل مؤمن وصآبر...
بس بصرآحة كدا عمره بيتسرق منه يوم بيوم..
ما حيقدر ينسى ولده ليوم الدين...
سآش...
الله يجآزى اللى كانوا السبب..
يعنى وآحد مآشى فى الخلا وبيرعى بى بهآيمه..
يقوموا يكتلوه ويشيلوا البهآيم ؟
طيب كانوا يشيلوا بهآيمه ويّخلوه حّى..
جده..
يخلوه حّى كيف؟
ما حيرشد عليهم..
وأضآف..
الموت يا سآش يا بنى بقى ملآزمنا زى النفس الطآلع ونآزل..
الحرب دى أنت ما بتعرف الرصآصة بتجيك من وين ولا من وين..
يعنى ما بقت معآرك وميآدين قتآل..
ولا عدو يقآبل عدو...
لا أبدا...
كل وآحد بيكتل على حسب غبآينه..

نوبآى يكتل بقّآرى عشآن هو عربى والحكومة عربية...
أو دآير يشيل تآره المدفون من أيآم حرب المرآحيل...
وبقآرى يكتل نوبآى عشآن يآخد بى تآر أهله..
أو عشآن الحكومة عملت ليه غسيل مخ وأقنعته أنه الجبال دى حقتهم....
وأنه النوبة مكآنهم سفوح الجبال والكرآكير...
ورصآصة تجى من وين ما عآرف تخطف الوآحد فى ثآنية...
وحكومة بتضرب فى النوبة وتحّشهم حش الجرجير...
وحركة ترد عليهم وتآخد فى سّكتها كم مية وآحد..
وهكذا..

دى ما حرب يا ولدى..
دى غبآين بتوّلد بعضها البعض..
والكل مستهدف...
سآش...
المتسببين فى الحرب دى بيّصفوا حسآبآتهم الخآصة من أروآح الشعب..
وبيتصآرعوا على السلطة فوق جمآجم الشعب..
وكل وآحد يطّلع ليه بيآن..
أو يخآطب النآس ويقول ليك..
أيها الشعب السودآنى الآبى..
أنا بس دا الوآجعنى..
جده...
أن الله شآهد ومطّلع يا أبنى..
وهو يمهل ولا يهمل..
والآستهتآر الآنت شآيفه دا كوووله حيبقى تآريخ..
بس متين ؟
العلم عند الله...
سآش...
نعم... العلم عند الله....
ودخل غرفته....

Post: #178
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-14-2014, 05:55 PM
Parent: #177

أنتشرت بيوت الآشبآح فى طول كادقلى وعرضها...
كانت زوجة الكوتش قد أحضرت فى أحدى تلك المرآت..
التى يتم أعتقآلها لآستجوآبها...
كان جهآز الآمن قد أوقف سيآرته أمام ذآك المنزل الصغير الذى أهدآها له الجيرآن..
ممن غآدر أهله المدينة...
لتعيش مع أبنآئها الى حين أنفرآج الآزمة..
أنتزعوها من بين صرآخ أطفآلها كما يفعلون فى كل مرة...
جّروها على الارض..
ثم قآموا بألقآئها فى سيآرة البوكس...
مثل جوآل ذرة..

كانوا يركلونها ويسبونها ....
ويضربونها بقعر البندقية حتى وصلوا ..
ثم أقتآدوها الى أحد المكآتب..
وخلعوا القنآع من وجهها...
لم تدر أين هى..
فالمكان يتغير فى كل مرة يتم اعتقآلها...
ولكنها أستسلمت بعد أن تشّهدت...
ووقفت تنتظر مصيرها...

أسمك وسنك وعنوآنك..
كان ذآك هو السؤال فى كل مرة...
أحكى عن المكآلمة الجآتك من زوجك أمبارح..
ما قآل كتير..
بس سألنى من الاولاد...
يعنى ما عآيزة تعترفى...
أعترف بى شنو يا جنآبك ؟
ما قال حآجة ممكن أقولها...
وأنتو سمعتو كل حآجة..
يعنى مّصرة على الآنكآر...
صمتت وقد بدأ المشهد التآلى يترآى لها بوضوح...

عسكرى ؟
نعم جنآبك...
شيل (الزبآلة ) دى وديها يعلموها الكلام..
حآضر جنآبك...
أقتيدت الى غرفة أخرى..
وصوت الصرآخ يأتيها من الغرف المغلقة..
حتى أوصلها الى أحدى الغرف وطرق الباب..

خرج اليه شآب لا يتعدى العشرين من عمره..
عملاق...
وشرس الملآمح...
جّرها من شعرها وأدخلها..
وأمرها بأن تخلع ثوبها وفستآنها وتقف بالملابس الدآخلية فقط...
طلب منها الجلوس فى الكرسى..
طلب من زميلة الذى لا يقل عنه ضخآمة وشرآسة بأن ينآوله علبة البودرة..
نآوله أيآها..
أفرغ العبة فى جسد المرأة....
التى بدأت تهتز وتتمايل ذآت اليمين وذآت اليسآر من أثر الآكلان الذى سببته البودرة...
حتى أغمى عليها..

رّشوا عليها أبريق ماء فأيقظوها ....
وأوقفوها ....
وبدأوا يضربونها بصوت الجمال...
حتى أنهآرت ووقعت مغشيا عليها مرة أخرى..
رش عليها الماء وأستيقظت..
عآودوا الضرب..
ثم بدأ الصفع على الخدود..
والركل بالآرجل..
حتى أغمى عليها مرة أخرى...
هذه المرة..
لم تنفع معها أى ميآه...
وقد توّرم جسدها بالكآمل...
وأختلطت ملآمحها...

حملوها على ذآت سيآرة البوكس...
والقوا بها أمام منزلها..
مثل أى حيوآن أجرب...

Post: #179
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-14-2014, 06:15 PM
Parent: #178

على ذآت المنوآل..
كان نشآط جهآز الآمن فى ذروته...
خآصة بعد تصريح قآئد القوآت المسلحة فى كادقلى...
وهو من أبناء النوبة...
وأهم منّفذى برآمج التصفية العرقية فى فترة التسعينيآت..
صرح قآئلا...
بأن النوبة ملآعين.....
وأصحآب مشآكل...
ولا ينفع معهم غير البطش والحسم..

ففى أحدى غرف الاشبآح المخصصه للرجآل...
كان حآل الرجآل عصّى على أى وصف...
لا يعرفون أين هم أو ماذا حّل بهم..
فجهآز الامن لا يكتفى بالضرب والركل والسب والاهآنة..
فقد كانو يربطونهم على أعمدة عملآقة..
فى المساء حتى يقضوا ليلهم فى تلك الحآلة..
ويقيدونهم على غرآر (الطيآرة قآمت)..

وأثناء النهآر...
حينما تشتعل الشمس..
وتصبح حآرقة..
يجلسونهم القرفصاء طوآل النهآر..
ثم يأمرونهم بالتبول فى زجآج ماء الصحة الفآرغ..
ومع العطش وقلة البول الذى يخرج منهم...
يملآون الزجآجة بالماء...
ويأمرونهم بشرب بولهم..

وحينما يموت أحدهم...
لا يتخّلصون من القتيل فى الحآل..
بل يتركونه وسطهم حتى يبدأ فى التحلل..
قآئلين لهم..
يجب أن تروا كيف سيكون مصيركم بعد أيآم قلآئل..

وهكذا يموت المعتقل من جنود الحركة...
مذلولا مهينا..
وهو ينظر الى أين أنتهت به قضيته التى سعى لحّلها....
ويفّكر فى كيف يتنآول قآدته قضيته تلك...
وهل يعلمون كل هذا الذى حّل بهم ؟
وهل يرتفعون فى مفآوضآتهم وحوآرآتهم الى مستوى ذآك العذآب..
ويستعجلون الحل ؟

Post: #180
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-14-2014, 06:37 PM
Parent: #179

عآدت أسرة سآش من الخرطوم...
جميعهم...
قآئلين أن العيش مع الحرب فى كآدقلى...
والموت فيها....
أكرم وأشرف بكثير...
من العيش فى الخرطوم..
التى أصبحت خآنقة ومميته...
كذلك عآدت أسرة مآو مآو..
وبعض جيرآنهم...

كانت وآلدة سآش شديدة القلق على أبنها...
مثل أى أم فى كادقلى فى تلك الايآم الغبراء...
لذلك دعته للجلوس معها حول فنجآن قهوة..
وفشآر ونبق...
وبخور تيمآن..
قآئلة...
يا سآش يا بنى أنا لا أقصد التدّخل فى شئونك الخآصة..
ولكن الموت الذى يتخطفنا على مدآر ال24 سآعة..
يجعلنا جميعا نعيد حسآبآتنا..
فقد أتفقت مع أخوآتك أن أقوم بتزويج كل وآحدة منهن..
فهن جميعا فى حآلة خطوبة...
أما بالنسبة اليك....
فأرجو أن تشير لآى بنت...
وأنا أخطبها لك فى الحآل...

أطرق سآش كثيرا ثم قآل..
أنا نفسى فّكرت فى الآمر (أنفرجت أسآريرها)..
ولكن من هى ؟
ردت فى لهفة....
كتآر..
البلد بألف خير رغم أنف الحرب...
وخريجآت الجآمعآت يملآن البلد..
قال...
لا أستطيع أن أحدد...
قآلت..
صديقآت أخوآتك...
قآل...
أعرفهن فردا فردا...
ولكن مجرد الصدآقة لآخوآتى لا تكفى..

قالت...
اذا ما رأيك فى بنت خآلتك نفيسة ؟
فهى خريجة هندسة معمارية.....
وتجيد العزف على عدة آلات موسيقية مثلك تماما..
وقد كانت تعمل فى وزارة التخطيط العمرانى قبل الحرب...
ثم أنها لا تقل عن كلير أدبا وجمالا وقوة شخصية...
فهى النوع الذى يطمئن الرجل للزوآج منها...
والآهم من كل الذى ذكرت..
فقد رأيت كيف كانت تنظر اليك خلسة..

قال...
هى فعلا كذلك..
ولكن دعينى أفكر فى الآمر...

Post: #181
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-14-2014, 07:19 PM
Parent: #180

زآر مآو مآو وكلير أسرته..
صبآح اليوم التآلى من وصولهم...
كانت فرحة الآسرة كبيرة برؤية كلير وقد عآد اليها هدوئها وألقها..
أبلغتها أخوآت مآو مآو بأن علوية النووية قد تسلمت الفيزا وغآدرت الى الولايآت المتحدة..
ثم قدمن لها الهدآيا التى أحضرنها لها....
وكذلك مآو مآو...
فكلير عزيزة على تلك الاسرة...
حتى قبل زوآجها من شقيقهم...

كان الوقت منتصف النهآر...
والكل جلوس تحت شجرة النيم الوريفة...
وحول كآنون القهوة والشآى...
ثم أطبآق الفشآر واللالوب والنبق وبعض الفوآكه...
تسآمرن وضحكن..
وتبآدلن أخبار الخرطوم وكآدقلى...
حتى وقعت الوآقعة...

فجأة وبلا سآبق أنذآر...
سمع صوت القنآبل والرصآص..
كما لو أنه دآخل منزلهم...
أهتزت الآرض من تحتهم جميعا...
وبدأ الدخآن يتصآعد من مسآفة غير بعيدة....
وأصبح الجو خآنقا....
وأصآب الجميع حالة وجوم تآم...

فقد قآمت تلك القيآمة فى مكوكية المك رحآل...
وهى المكآن الآكثر عرضة للضرب والقتل...
فقد كانت الحركة تأتى وتضرب من أعلى الجبل..
وترد عليها الحكومة...
بشكل شرس ومهووس..

فالحى يعّج بالموآطنين..
وألاطفال يملآون الطرقآت والشوآرع..
أختلط صوت المعركة بنشيد الآطفال الذى كان ياتى من المدرسة الابتدآئية للبنآت...
غير عآبئآت بكل الذى يحدث....
ثم توقف صوت الصبيآن والرجال الذين كآنوا يتجولون بحميرهم لبيع الماء...
وينآدون....
وفجأة...
سيطر الرعب على الجميع..
وخلت الشوآرع تماما..
ألا من أصوآت المعركة...

سالت أحدى أخوآت مآو مآو..
أنتى يا كلير ويا مآو هآدئيييين وما بآين عليكم حآجة ليه؟
رد مآو مآو...أتعودنا...
وأنتى ذآتك بعد يومين تلآتة حتتعودى...
سألت ....
الضرب دا بآين ليه قريييب..
من وين يا ربى ؟
رد أخيها...
الضرب دا فى المكوكية...
نآس الحركة بيجوا كل مرة ويضربوا المكوكية....
مستهدفين المك والخفر...
لكين بعد شوية....
حتسمعى الصرآخ والسكلى..
النآس بتموت زى الجرآد......
والمك عمره طويل...
ما مآت بعد الضرب دا كله....
سألت أخته..
وبعد دا كله النآس قآعدين ؟
رد شقيقها...
قآعدين....
يمشوا وين؟
زى ما أحنا وغيرنا قآعدين.....

Post: #182
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-14-2014, 10:18 PM
Parent: #181

الآخبآر التى كانت تصل عن الهجمآت الحكومية فى أنحاء الولاية...
وهجوم الحركة...
أكدت وآقع بسيط ومحدد..
وهو أن المتحآربين قد فقدوا كل منطق..
وّفضلوا تحكيم البندقية على العقل..
وأن الذيون قتلوا أو مآتوا منذ بدآية الحرب....
تقدر أعدآدهم بعشرآت الالاف...
هذا عدا الهجمآت المشتركة للجبهة الثورية...
ثم حآلة الهستيريا التى أصآبت رأس الدولة...
فاستعآن بكل مرتزق من دول الجوآر....
وأستورد أحدث الاسلحة من كل تآجر سلاح فى العآلم....
وسن للمرتزقة فلسفة وتشريع تقولان...
كان مّت شهيد...
وكان حّى مستفيد...

وهكذا...
كما ذكرنا..
برزت الجحيم لمن يرى..
فقط السودان لا يرى...
والمجتمع الدولى لا يرى...
وأن من بقى من النوبة لا يزيد عن الذين قتلوا....
هذا فضلا عن النآزحين ومآسيهيم...

وتركزت المأسأة الحقيقية فى أستخدآم الطعآم كسلاح فّعآل فى الحرب..
يوفر للحكومة الوقت والجهد والعتآد الحربى..
فقد منعت وبتحدى سآفر..
فتح ممرآت لتوصيل الغذاء للموآطنين..
والحركة تعلم بأن الضغوط التى تمآرسها على الحكومة...
لن تجبرها بفتح تلك الممرآت...
وبذلك أصبحت شريكا للحكومة فى كل روح موآطن تزهق...
بسبب تلك الحرب العبثية....
التى فّجرتها دون تقدير عوآقبها...
تقديرا جيدا...

مآت الآهآلى من الجوع والعطش والمرض مثلما مآتوا من القنآبل والرصآص...
وحصل كل موآطن فى جبال النوبة على الحكم بألاعدآم...
على يد أحد الطرفين..
فقط يختلف تنفيذ الحكم فى الآسلوب والتوقيت..

كانت زوجة البآشمهندس قد أتصلت به...
وأبلغته بأن الاطفال يقضون عطلة نصف السنة وسط الآهل....
وأنها قررت أن تزوره لتقضى معه بعض الآيآم..
ورغم أصرآر زوجها على رفض تلك الفكرة الجنونية....
ألا انها قضت بقية المكآلمة فى البكاء والنحيب...
حتى حصلت على الموآفقة...

Post: #183
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-14-2014, 10:35 PM
Parent: #182

تأثرت الحركة التجآرية بشكل بآلغ...
وطآرت الآسعآر الى السماء..
مع رحيل معظم التجآر..
لتضيف الى حلقآت الآزمة المستفحلة فى كادقلى...

أنتهى سآش من آخر مشوآر فى ذآك الصبآح..
أوقف سيآرته فى الظل...
ثم مشى مترجلا حتى وصل كشك البآشمهندس للموبآيلات...
وقف من على البعد وأشآر اليه بأن يأتيه...
لم يتردد البآشمهندس....
فقد كان توآقا الى زيآرة من أىّ من أصدقآئه..
حتى تخفف عنه قليلا...
أقفل الكشك..
ولحق بصديقه...
سآرا لبضعة أمتار...
حتى قال سآش ...
أحضرت بعض الساندوتشآت من صنع الحجة شخصيا...
وكذلك أبآريق الشآى والقهوة..
فالنبحث عن شجرة ظليلة نستظل بها...
لنأكل ونتحدث...

لم يدم بحثهما طويلا....
حتى عثرا على شجرة نيم يبدو أن عمرها يزيد عن المئة عآم..
ظليلة وبآردة وبعيده نوعا ما عن الصخب..
فرش سآش الحصيرة التى كان يتأبطها..
وفرش كل شئ على الآرض..
ودعا صآحبه..
يا الله ....
قول بسم الله...

Post: #184
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-14-2014, 11:17 PM
Parent: #183

بدأت عملية الآكل ببطء..
فيما سرح كّل بخيآله...
وكان النآظر اليهما يخيل اليه أنهما لا ينتميآن الى بعضهما البعض فى تلك الجلسة...
وأن كلآهما يؤدى صلاته وبأسلوبه...
قطع البآشمهندس ذلك الصمت قآئلا...
تصور يا سآش وأحنا قآعدين كدا...
تجى قنبلة أو رصآصة من أى حته وتآخدنا فى سّكتها...
أّيده صديقه قآئلا..
والآغرب من كدا يا باشمهندس أنه الرصآصة أو القنبلة دى ما تكون قآصدآنا نحنا..
تكون مصّوبه فى حتة تآنية...
البآشمهندس...
فوضى القتل والموت..
والآستهتآر بأروآح الموآطنين..
أنا فآكر فى روآية الغريب بتآعة البير كآمو الفرنسى لّما وآحد كتل شخص وهو ما بيعرفه...
ولما سألوه ليه ؟
قال ليهم...
لقد شعرت بالملل..
أها حبايبنا ديل ما بكتلوا عشآن حّآسين بالملل حتى....
ديل بيستغلوا الجنود وبيحآربوا عشآن يتحصلوا على منآصب وسلطة..
لآنه أنا ما مصدق بآقى الشعآرآت...
أسلوب الحرب بيقول كدا...
والمحير فعلا أنهم كلهم ....
جميع الآطرآف المتحآربة..
عآرفين أنه البندقية ما بتجيب حق زول..
الناس ديل غريبين يا أخى...
يعنى الجنوبيين ما أخدوا حقهم بعد 23 سنة حرب....
ودا لو أضفنا فترة التمرد من الآربعينيآت..
يعنى نصف قرن موت وقتل..
وما أخدوا حقهم الآ لما وقفت البندقية...
ونطق العقل..
يقوموا ديل يرفعوا البندقية تآآآآآآنى ؟
وهم اللى حآربوا معآهم وعآرفين يعنى شنو حرب ؟

سآش...
أنا المحيرنى أكتر هو جآنب الحكومة..
تفتكر الحكومة بتكره النوبة للدرجة دى ليه؟
البشمهندس...
ما كرآهية..
ثروآت الولاية هى السبب..
والآستعلاء العروبى...
وأمرآض العنصرية..
عشآن كدا يقضوا على النوبة قضاءا مبرما وينفردوا بالولاية..
أى كلام فى الوطنية فى النص كدا..
كلام فآضى..

سمع صوت طلق نآرى....
وبدأت النآس تركض...
فيما وآصل اللآثنآن حديثهما..
وكأن الامر لا يعنيهما ....

سآش...
وبعدين حكآية التصنيفآت البيطلقوها دى...
ويكتلوا الناس بموجبها..
يعنى الحكومة تقول ليك النوبة متمردين بطبيعة الحآل...
أنت نوبآى يعنى متمرد و مستهدف من الحكومة...
والحركة تقول ليك لو أنت نوبآى وحركة شعبية فأنت نوبة (أ)...
عندك مطلق الحقوق والآمتيآزآت والوآجبآت وتعآمل باحترآم...
ولو أنت نوبآى وما حركة وما مؤتمر وطنى فأنت نوبة (ب)...
ما يقتلوك ولكن لا حقوق لك عليهم...
و يتجآهلوك...
أما لو كنت نوبآى مؤتمر وطنى...
فأنت نوبة (ج) وخآين وتجب تصفيته..
يا أخى الحرب دى بتظهر حآجآت غريبة جدا....

البآشمهندس..
مش كل حرب..
ما نحنا شفنا حركآت التحرر فى العآلم..
شفنا جنوب أفريقيا..
وكوبا...
والهند...
ومارتن لوثر كنج الآمريكى...
ودول كتيرة..
كان الانسآن هو هدف التغيير...
وكانت الصرآعآت تتم بكل شرف ومسئولية...
أشمعنى حآلتنا أحنا ؟
لازم الموآطن يتهآن ويعّذب ويقتل بأبشع الطرق...
عشآن يجى وآحد يقعد فى الكرسى المهبب دا ؟

والآصعب من كل الكلام القلنآه دا...
ممكن يتفآوضوا ويتصآلحوا..
وكلهم ينسوا الجمآجم البشرية والهيآكل العظمية والآحياء كمآن..
وكل تضحيآت الجنود ...
وشبآبهم الرآح هدر...
زى ما شفنا فى المرحلة الانتقآلية..

Post: #185
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-15-2014, 01:35 AM
Parent: #184

هبط الظلام على كادقلى...
وبدأت رحلة عذآبها من جديد...
حتى بآتت تقّطع نيآط القلوب....
فقد غلبها الدهر..
وعلى يد أبنآئها..
وبهم...
كانت رثة الهيئة....
عكس مظهرها الآنيق الجميل..
شديد النظآفة والهدوء..
الذى يغرى بزيآرتها ثم البقاء فيها...

فقد أثرى فيها الفقراء...
ووجد فيها الضآل ضآلته...
وعآدت الآبتسآمة الى المقهورين ممن لجأوا أليها وأحتموا بها..
لآىّ سبب كان..
فلم تكن فى يوم من الآيآم البلد الطآرد..
بل كانت تفرد ذرآعيها للغريب....
وتحتضنه..
وتكرم وفآدته..

ولكن..
هآهم أبنآئها..
يقتتلون ويقآتلون...
وحلت العدآوة والبغضاء..
محل الآلفه و الثقة والآنسجآم..

جلس البآشمهندس وسط منزله فى ذآك المساء...
فقد أصبح الليل بالنسبة اليه..
عذآب الله أكبر..
عرف طريقه الى السيجآرة..
فأشعل وآحدة..
وشرب الشآى الذى صآر يجيد صنعه..

وبدأ يعيد كل الآشرطة القديمة والجديدة...
ويذكر كيف كان البيت مليئا بأهله...
والآطفال يركضون فى كل أتجآه..
وباب منزلهم المشرع ليلا ونهآرا...
والجيرآن وأصحآب الحآجة فى دخولهم وخروجهم..
عآلم كآمل..
وحيآة كآملة...
أخرست ببندقية رعناء...
شديده السفه..

لم يخب ظنه أبدا..
فقد بدأ أزيز الطآئرآت يصم الاذآن....
وأصبح سماء كادقلى مثل نهآره..
من كثرة الاليآت التى تضرب فى كل أتجآه...
أو تأتى من كل أتجآه...
وبدأ مشوآره فى تلك الليلة..
بالنظر الى السماء وهى تعج بالطآئرآت..

تّوقف كثيرا عند تلك الطآئرة التى تفوق سرعة الصوت..
وقد علم فيما بعد..
أنها لا تحدث صوتا ألا فى رحلة العودة..
وعند وصولها سماء كىآقلى...
وبعد أداء مهمتها بنجآح بآهر..
كانت تقوم ببعض الحركآت البهلوآنية فى السماء..

عرف البآشمهندس فيما بعد...
أن قيآدة تلك الطآئره وطآقمها..
كلهم فتيآت..
ولم تتعد أى منهن الخآمسة والعشرين من عمرها..
وقد سمحت القوآت المسلحة للموآطنين بتحيتهم والتحدث اليهم....
عند عودتهم من أحدى المهآم..
وهن كما قيل عنهن..
حلآتهن..
بعضهن ممشّطآت..

علم أيضا أنهن بنآت الحكومة..
اللائى قآمت الحكومة بتربيتهن...
فيصبحن ملكها..
وكذلك الشباب فى جهآز الآمن..
أشرسهم هم أبناء الحكومة..
وعلم أيضا أنهن حينما يرسلن الى العمليآت العسكرية..
يكون الهدف معقدا وصعبا..
ولكن أولئك الفتيآت..
كن فى مستوى التدريب والاقتدآر..
بالدرجة التى لا ترسلهن الحكومة ألا فى أكثر العمليآت تعقيدا...

تنهد البىشمهندس طويلا...
ثم سال نفسه...
هل تدفع أولئك الفتيآت فآتورة تربية الحكومة؟
أم لآنهن أيتآم تم ألتقآطهن من أمام المسآجد ؟

Post: #186
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-15-2014, 01:59 AM
Parent: #185

وصل البآشمهندس بخيآله الى قرى أهله المورو...
فهم أهله من جهة الآم..
وتذكر ما حّل بهم فى الحرب الآهلية الآولى..
والآن يتكرر نفس المشهد..
فالحكومة فى أستهدآفها للنوبة...
ترّكز على المنآطق الجنوبية..
ومعظمهم المورو..
وهم يدينون بالديآنة المسيحية..
وقد كانوا هم العمود الفقرى للحركة فى حربها الآولى...
ثم أن ألاف الآطفال ممن سيقوا الى معسكر بالفآم فى أثيوبيا....
سيرا على الاقدآم..
هم أطفال المورو..
والذين سيقوا الى المعسكرآت فى شمآل كردفآن فى فترة التسعينيآت..
ثم أختفوا تماما....
هم أطفال المورو..
وأن قرآهم قد دّكت دكا...

تذكر أرض المورو الخصبة...
فهى جنة الله فى أرضه..
وحآلة الرفآهية والاكتفاء الذآتى التى كانوا ينعمون بها....
تذكر مكوكهم وعمدهم ومشآيخهم وعزة نفسهم..
فهم ينآطحون السحآب بعزة نفسهم..

شعب مسآلم...
ولكنه شديد الآباء والكبرياء..
وله ترآث وثقآفة أفريقية صآرخة..
أصيله ومبهره..
وتذكر أحترآم المورو للمرأة..
وتذكر أحدى مكوك المورو وهى المك زهرة..
فقد كانت كما حكت له وآلدته..
فآرعة الطول...
قوية...
فقد كانت تصآرع الصبيآن فى شبابها وتصرعهم..
وقد كانت قوية الشخصية...
وتشبه قصتها قصة بلقيس ملكة سبأ التى وردت فى القرآن الكريم ....
لآنه وبعد وفآة وآلدها...
كان من المفروض أن يتولى شقيقها الحكم....
ولكن نسبة لقوة شخصية زهرة وذكآئها الحآد وقدرآتها الادارية...
نصبت مكا على عموم قبآئل المورو..
وذآك منصب ليس بالسهل وصوله...
لآن المورو عآدة لا يعجبهم العجب ولا الصيآم فى رجب..

تذكر زيآرته لجده وجدته فى سرف الجآموس..
فى فترة الخريف..
وكيف كانت الارضوالجبال مفروشة باللون الآخضر...
والمحصولات التى لا تحصى ولا تعد حبلى تنتظر الميلاد..
وتذكر كيف كان يركض ويركض ولا يتوقف الا عند منآدآته لتنآول الاكل....
الآكل الذى لم يجد مثله فى أى سفرة فى حيآته...
ولا يستطيع أن يوصفه...

كل ذلك تكّسر أشلاء..
وتبّخر وذهب مع الريح...
وأصبحت قبآئل المورو من الآهدآف الاستراتيجية لحكومة الآنقاذ..
تطآردهم مثل الفئرآن..
وقد أضطرتهم الى الاختباء فى الكرآكير...
وقد تأذوا كثيرا...
وما يزآلون...

عند هذا الحد...
نزلت دمعة حآرة على خده....
فاسلم نفسه لآنهآر الدموع..
بلا أدنى تحّفظ...

Post: #187
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-15-2014, 02:44 AM
Parent: #186

عآدت كلير ومآ مآو الى منزلهم قبل مغرب الشمس...
ولم تكن كلير بحآجة الى أعدآد الطعآم..
لآن وآلدة مآو مآو أجبرتهم على حمل العشاء معهم..
أخرج مآو مآو التلفزيون وسط الحوش...
كما أحضر الآّسرة...
وأغرق نفسه فى جلبآب وآسع...
بعد أن أخذ دشا باردا ووضع بعض الكولون....
أعقبته كلير الى الحمآم وفعلت نفس الشئ..
ثم عآدت وأستلقت على السرير...

سمع طرق على البآب..
ولسبب لا تعلمه كلير شعرت بأنقبآض شديد....
وبدأت ترتجف من قمة رأسها الى أخمص قدميها..
ذهب مآو مآو الى الباب وطلب منها البقاء فى الدآخل..
ولكنها لحقت به..

نزل من السيآرة البوكس شآب بملابس مدنية ...
وقآل لمآو مآو وهو يطوقه بيده ويسير به نحو السيارة..
أتفضل معآنا دآيرينك فى كلمتين..
وما أن شهدت وسمعت كلير ذآك الخطآب الذى تدركه جيدا منذ أن كانت طفلة...
حتى وقعت مغشيا عليها..
طلب مآو مآو من ذلك الشآب أن يسمح له بحمل زوجته الى الدآخل وآن يتصل بآلجيرآن لياتوا أليها..
سمح له الشخص بعد أن دخل معه وأنتظر حتى أجراء المكآلمة ثم أقتآدوه..

أسمك وسنك وعنوآنك..
رأيك شنو فى البيعملوه نآس الحركة ؟
أنا رآفض للحرب..
يعنى أنت ما معأهم؟
لو معآهم ماكنت قآعد وسطكم لغآية ما تجوا تقبضوا على...
يمكن عندك مهآم فى كأدقلى....
برضو لو عندى مهآم فى كادقلى كنتوا عرفتوها.....
أنتو قديرين فى شغلكم..
والدمدآم ؟ (سقط قلبه)..
المدآم كانت طفلة ....
وهسى دى أنتو شآيفين كل حآجة..
أنت متأكد من كل كلمة قلتها لينا؟
متأكد..
يعنى شآيفك ما خآيف وبترجف..
لو أصلو لآزم أموت حأموت رآجل.
طيب ليه ما أنضميت للمؤتمر الوطنى...
أنا ما بنتمى لآى حزب سياسى...
أنا بعيد من السياسة لآنها بتجيب مشآكل..
لو مشيت مع أى جهة حتبقى مستهدف من الجهة التآنية...

طيب يا طآرق مآو مآو أنت ما كنت أصحآب مع سآرتر والكوتش وزيتونه ؟
شغلنا كان وآضح..
وكان خدمات أجتمآعية ما ليه علاقة بالسياسة..
ولما بقى الجد كل وآحد شآف سّكته...
والخطآب الانت القيته يوم الاحتفآل ؟
دا خطآب عآم وما ليه أى علاقة بالحرب ولا البندقية..
ثم أنه ديك كانت فترة أنتخآبآت و كانت حرية التعبير مسموحة..

( نظر اليه رجل الآمن نظرة لزجه وتهديد مبّطن)..
طيب ّوقع على الكلام دا....
وخليك متأكد أنو أحنا مرآقبينك أنت والمدآم على مدآر الاربعة وعشرين سآعة..
مافيش مشكلة..
رآقبوا زى ما دآيرين....
سلام عليكم..

ثم أتصل فى البآشمهندس الذى حضر فى غمضة عين...
وأوصله الى بيته...
ثم حملا كلير الى المستشفى ....
بعد أن أيقظوا دكتور وآئل الذى كان يغّط فى نوم عميق فى تلك اللحظة...

ألتفت اليه البآشمهندس قآئلا...
أنا كنت متأكد من أنه دا حيحصل...
يعنى يا رب أحنا حنعيش تحت كآميرآت المرآقبة دى لى متين ؟
رد عليه مآو مآو قآئلا...
الدآير يعرف الآنقاذ على حقيقتها...
يدخل مبآنى جهآز الآمن..

Post: #188
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-15-2014, 04:29 AM
Parent: #187

قّدم مآو مآو صآدق الاعتذآر لصديقه الدكتور..
عن أزعآجه وأيقآظه من النوم...
ولكن الدكتور رد عليه قآئلا..
الكلام دا عيب يا صحبى..
يعنى أنا لّما كنت بدّخلك فى المطبآت أيام الجآمعة ...
وأتشآقى وأخليك تسمع المحآضرآت من أبوى..
فى حآجآت عملتها أنا..
أعتذرت ليك ؟
ضحك مآو مآو وقد مّرت بخآطره تلك الآيام الجميلة...
قآئلا...
يآآآآه.. أنت لسه فآكر ؟
وآصل الدكتور ...
ولا لو حصلت لى حآجة فى كادقلى دى أمشى وين غيرك؟
المهم..
خير ؟
مآلها عروستنا الحلوة ؟
شرح له مآو مآو مآ حدث بأختصآر..
وبعد الكشف عليها...
وبعد أن أعطآها حقنة مهّدئة....
ترك المريضه مع الباشمهندس وأصطحب مآو مآو الى مكتبه...
قّدم اليه كرسيا....
وكوب ماء من المبّرد القآبع فى أقصى الغرفة...

الى هنا أحس مآو مآو بزلزآل..
وفجأة ولآول مرة فى حيآته على حسب علمه...
نزلت دموعه غزيرة حتى بللت قميصه...
وأحس بأنه قد أنتقل الى العآلم الاخر..

كل ذلك ودكتور وآئل ينظر اليه بأستغرآب...
ثم أبتسم وسأل صديقه...
بتحبها للدرجة دى ؟
لم يجب مآو مآو لآنه لم يسمع السؤآل..
ولكن حينما رأى أبتسآمة صديقة..
توقفت الدموع ونظر الى صديقه كمن ينتظر النطق بالحكم فى قضية مخدرآت...
مبروك يا كابتن....
رد مآو مآو..
ما فآهم..
المدآم حآمل فى شهرين...
مرة أخرى أنهمرت دموع مآو مآو..
أغزر من ذى قبل...

لم يتدخل صديقه فى مسالة الدموع تلك لآنه أحس بأن صديقة يحتآج اليها...
وأخيرا قآل له..
المهم يا صديقى خّليها ترتآح رآحة تآمة وما تتعّرض لآى أنفعآل...

فى اليوم التآلى أمتلآ منزل مآو مآو بأهله وسآش وأهله والبآشمهندس..
وجيرآنهم..
منعت كلير من مغآدرة السرير فيما دخلت أخوأت مآو مآو وسآش المطبخ...
وبقيت وآلدة مآو مآو بالقرب من كلير...
كآن سآش هو سيد الموقف وليس مآو مآو...
فقد كانت حآلة مآو مآو كمن يمشى وهو نآئم..
فقد هّدته أنفعآلات يوم أمس...
أما سآش وبعد أن أطمأن لوجوده وسط أعز النآس فى حيآته...
بدأ يستقبل الضيوف من الرجال...
ويدخل الفرندة ويعود للصآلون...
ثم يدخل المطبخ ليتحدث اليهن ويعود..
ثم يدخل ليسأل وآلدته عن حآل كلير..
وهكذا...

كان سعيد جدا...
وكان حزين جدا...
ولكن ذهنه كآن يقظا....
صآفيا...
وبدآ كمن أتخذ جميع قرآرآته الهآمة فى الحيآة...
وأستأنس لها...

لم يتحدث الى صديقه كثيرا..
ولم ينآكفه....
فقد أحس بان صديقه يحتآج أن يكون مع نفسه..
لم يعزف على الآورق...
حتى لا يؤجج العوآطف المؤججه أصلا فى قلب مآو مآو...

فى المساء عآد الجميع..
وتركوا كلير ومآو مآو الذى وضع كرسيا بالقرب من زوجته..
وفتح كتآبا وبدأ يقرأ....
فيما غّطت هى فى نوم عميق...

Post: #189
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-15-2014, 10:48 PM
Parent: #188

عآد دكتور وآئل الى ميز الدكآترة بعد معآلجة كلير...
ودلف الى غرفته..
ثم عآد الى وسط الميز مسرعا كمن تذّكر شيئا..
وجذب كرسيا وجلس...
فقد جآفآه النوم..
كان زملاؤه أما نيآما...
أو يعملون فى المستشفى...
كانت السماء هآدئة على غير عآدتها...
كما لو أن المتحآربين ينّفذون هدنة..

دكتور وآئل شآب نحيل...
خفيف السمرة..
طويل كا لذين تغنى لهم المغنآيت...
قنبلة..سمآحة الطول والعلا...
وهو أقرب الى الشعراء والفنآين..
فى رقته...
منهم الى الآطباء...
يسآعده فى رسم تلك الصورة الشآعرية..
عينآن مسدلتآن بأستمرار..
وصوت رّنآن عميق كالذى تعشقه النساء فى الرجل..
وشعر لا يصّففه بل يتركه فى حآلة تمرد وهيآج..

كآن حآئرا...
ولا يبدو أن له سببا مبآشرا للحيرة..
ولكنها الحآلة العآمة فى كادقلى فى أيآم الحرب تلك...
تزآحمت أسئلة كثيرة الى ذهنه دون أن يجد أجآبة لآّى منها..
فهو الذى أختآر العمل فى كادقلى..
وكان يعلم سلفا بالحرب...
ولكنه لم يكن يتوّقع عودتها بتلك السرعة...

و قد أختآر كآدقلى لسبب خفى برز أخيرا فى تلك اللحظآت..
فهو قد عشق المدينة المتمثلة فى صديقه الآوحد وزميل درآسته مآو مآو..
الذى حكى له عن أسباب الحرب ومآسيها..
وحكى له عن الجآنب الجميل والمشرق أيضا..
نقلا عن وآلدته وخآله..
حيث أن مآو مآو قد كان طفلا حينما غآدر المدينة بعد مقتل وآلده..

ثم تذكر أيضا أنه أختار العمل فى كادقلى..
لآنها أحدى المدن السودانية...
ولآنه سودانى..
وأنها أحدى مدن السودان التى يتوق لآكتشآفها والعيش فيها الى حين..
ولكن ورغم تلك الحقآئق السآطعة..
ألا أن وآقع الحرب قد كشف الغطاء..
عن حقآئق أخرى..

فلا الكل سودانيين...
ولا الآرض سودانية...
ولا الحكومة تحترم تلك الولاية...
فالصرآع يقول أن الكل يجتهد فى أزآلة الآخر...
لآنه أحق منه بسودآنيته...
والمدينة تقول....
أنها أم للجميع...
ووطن للجميع..

ولكن....
كل طرف يتنآزع فى ملكية الولاية..
على أساس أنها ملكه.....
ينكر على الآخر ذلك الحق....
حتى مّزقوها أشلاءا..
وحّولوها الى تلك الحآلة المزرية...

Post: #190
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-15-2014, 11:16 PM
Parent: #189

لم يدم الهدوء طويلا...
حتى بدأ أزيز الطآئرآت..
أتصل دكتور وآئل على صديقه البآشمهندس قآئلا...
عآرفك صآحى وما بتنوم الليل...
أجيك نسهر مع بعض ؟
بكل تأكيد..
أنا لآقيك وين يا وآئل ؟
بس الطيآرآت بدت...
أجآب دكتور وآئل...
مافيش مشكلة..
أنت ما عآرف أنه الناس فى الولاية دى بتجيهم القنبلة وهم نآيمين فى سرآيرهم ؟
جآييك...

بعد عشرة دقآئق كان دكتور وآئل قد دخل منزل صديقه..
وبما أنه طبيب..
فأن نقآط التفتيش لم تددق معه كثيرا..
بأعتبآر أنه ذآهب لمعآلجة مريض...
أعد البآشمهندس الشآى...
وأحضر بعض الحلوى والفوآكه...
وقبل أن يجلس..
سأل صديقه...
مش أحسن ندخل الصآلون ؟
الطيآرآت المجنونة دى بتدى أحسآس أنها شغآله فى رآس الوآحد..
رد دكتور وآئل...
أحسن برضو....
وسآعده فى نقل الطآولة ومحتويآتها الى الصآلون..

فقد كان الصآلون عتيقا..
و مفروشا بأثآث من العهد الفيكتورى..
ضخم يسع ثلآثين شخصا أو أكثر..
جلس دكتور وآئل بعد أن صب لنفسه الشآى..
وبدأ يشعر بالارتيآح من وجوده مع صديقه..

سأل دكتور وآئل..
أخبار الآهل شنو؟
البآشمهندس ....
كويسين والحمد لله...
بس المدآم ركبت رآسها وقالت لآزم تجى يومين تلاته..
دكتور وآئل..
طيب ما تخليها تجى ؟
البشمهندس....
أنا بفكر لو مت هى اللى حترّبى الآطفال...
ولكن أفرض جآت وشآلتنا ليك قنبلة فى سكتها..
الآطفال يعملوا شنو؟
دكتور وآئل...
يا رآجل فآل الله ولا فالك..
هى بس القنبلة دى منتظرة زوجتك تجى عشان تآخدكم الآتنين مع بعض؟
خليها تجى يمكن عآيزة تتنآقش معآك فى بعض الآمور..
ثم نظر الى صديقه وأبتسم بخبث...
ولا أنت ما دآير توريها كل أملاكك وأرصدتك فى البنوك ؟
ضحك الآثنآن..
ضحكة ذآبت وسط مدفع قوى هز الارض من تحت أرجلهما..

ألتفت دكتور وآئل لصديقه قآئلا...
الحمد لله أنى جيتك الليلة..
أنا كنت حآسى بضيق شديد..
الظآهر الجمآعة وصلوا...

Post: #191
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-15-2014, 11:38 PM
Parent: #190

لم يصل الجمآعة كما توقع دكتور وآئل...
ولكن القنبلة سقطت فى أحد الآحياء الطرفية...
نسبة لدخول بعض قوآت الحركة..
ويبدو أنهم حضروا لشحن موبآيلآتهم..
أو أحضروا رسآئل لآهلهم...
أو لآستلام بعض الآحتيآجآت..
فهناك من يقدم لهم مثل تلك الخدمآت فى كادقلى..

ثم وبعد قليل بدأ الضرب بالسلاح..
فى أنحاء متفرقة من المدينة..
وترّكز الضرب فى المكوكية والآحياء القريبة منها...
حيث تضرب الحركة فى ذآك الاتجآه صبآح مساء...
وترد عليهم الحكومة صبآح مساء...

وبعد أن هدأت العآصفة قليلا..
ألتفت البآشمهندس لصديقه قآئلا..
بيكونوا جنود من الحركة دخلوا المدينة..
كل مرة بيعملوا كدا..
والنتيجة ضرب وقصف...
وتفتيش فى الآحياء..
ولو الحكومة لقت وآحد فيهم...
قبل ما يقتلوه...
بيقتلوا أهل المنزل..
بدون ذنب جنوه...

رد دكتور وآئل قآئلا..
يا بآشمهندس دى أغرب حرب أشوفها فى حيآتى...
لا ليها قوآنين ولا ضآط ولا رآبط..
بس وآحد يضرب والتآنى يرد...
بدون أى أعتبار لآى روح...

وبعدين الحكومة بتقول ليك دفآعا عن الوطن...
دفآعا عن الوطن تقصف مدنيين وتقتلهم؟
أهو دا المحيرنى..
والحركة تقول ليك من أجل موآطنى أهل الولاية..
فهى عآيزة تسقط الحكومة من الولاية...
وبأهل الولاية...
دا كلام دا ؟
الباشمهندس...
زى ما أنت شآيف..
مافى أى وآحد بحّكم عقله..
ولا بيفكر فى مصلحة الموآطنين..
لآنه الموآطن أصلا ما همهم. ...
الموآطن فى الولاية دى مجرد صفر على الشمآل..
ما قآدر يّحصل رقم حتى...

Post: #192
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-16-2014, 00:01 AM
Parent: #191

أستمر الآثنآن فى الآنس والسمر...
تنآولا شئون الولاية من كل زآوية..
ولم يجدا الآجآبة لآى سؤال يدور فى خلديهما...
حتى سأل الباشمهندس صديقه...
يا وآئل يا آخ ما قصدى أتدخل فى شئونك...
لكين لآنى قلقان عليك...
دآير أعر ف ليه ما بتفكر فى الزوآج ؟
ولا حتى عندك صديقة زى زملائك الدكآترة ؟

رد دكتور وآئل كمن توقع ذآك السؤال قآئلا...
صديقة دى ما ممكن..
لآنى ما بحب النوع دا من العلاقآت..
أما الزوآج يا صحبى فما لقيت بت الحلال...
البشمهندس...
كيف الكلام دا ؟
نص الشآبآت فى البلد دى ورآك..
دا غير السبتهن فى الخرطوم...
ولا فى بآريس لما كنت بتتخصص..

أبتسم دكتور وآئل ابتسآمة بآهته ولكنها لا تخلو من بعض الحزن...
صدقنى يا بركّيه...
الشخصية اللى لمن تقآبلها تقول يا هى دى...
ما لاقيتها..
يعنى زى زوآجك أنت وزوآج مآو..

أبتسم الباشمهندس قآئلا...
زوآج مآآآآآآآو ؟
يا أخى ديل تحس أنه خلقوهم بس عشآن يتزوجوا بعض...
علق دكتور وآئل..
بصرآحة أنا لو لقيت نصف موآصفآت كلير..
حا أتزوج على طول..
الباشمهندس...
كيف الكلام دا ؟
دكتور وآئل...
الموضوع ما جمآل تقآطيع..
ولا حتى حسن التربية وبس...
زوجة حبيبنا دى عندها عآلم خآص ّشكلته برآها؟
شكّلته ظروفها؟
المهم طلعت من مآسيها وهى كوكوب قآئم بذآته....
الباشمهندس..
معآك حق يا وآئل..
بس أسمع كلامى أنا أخوك الكبير...
الزمن بيجرى بسرعة فى ظروف السودان العجيبة دى..
وأنت وسآش خّلوا الموضوع دا فى بالكم...
عند ذكر سآش ألتفت الاثنآن الى بعضهما البعض...
وقال البآشمهندس..
سآش برضو زيك..
النص التآنى من بنآت البلد دى ورآه..
وأنا بقول البتجى من نصيب أى وآحد فيكم...
مثوآها الجنة..
دنيا ولا أخرى...
ضحك الاثنآن...

وبما أن الشمس قد لونت السماء ..
باللون الآحمر القآنى أيذآنا بخروجها..
أستاذن دكتور وآئل صآحبه..
الذى تقدم معه نحو الباب..
ثم عآد ليهئ نفسه للزهآب الى السوق.......

Post: #193
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-16-2014, 00:59 AM
Parent: #192

كآن مآو مآو غآرقا فى كتآب (طآئر الشؤم لدكتور فرآنسيس دينق)..
ولكنه كان يعود ليتذّكر بعض المقآطع لمصطفى سند..
فى رآئعته...
مقآطع استوآئية..
ليقرأ...
فى البدء قال الواهمون...
يا للسعادة بيت صاحبنا القرنفل..
قاع منزله البهار..
وسقفه الغيم الحنون..
يا حظه ألتهم الصدور..
مرآكض الزلق المريح.
وعب ليلات الجنوب...
وأعين السّمآر بهجة يومها البآكى على وتر الشجون...
وجه مدآرى الرؤى...
وملآمح تحكى أسآطير الفنون..
وأعد...
كم أسطورة عنى يقول الوآهمون...

ثم يعود لفرآنسيس دينق..
ليعود مرة أخرى لمصطفى سند..
فيقرأ...
قلبى تعلق بالرتاج...
أتدق ؟
لحظة قربها حانت..
شرايينى أرتوت قلقا وكدت من الهياج...
أهوى أمزق زركشات ستائرى الجزلى...
وأعصف بالسراج...

يا صندل الليل المضاء...
أفرد قميص الشوق ..
حين تطل سيدة النساء..
فالمجد جاء...
وتناثر الاحد الصبى...
يهز اعمدة الغناء..

لو زندها أحتمل الندى....
لكسوت زندك ما يشأء....
ثوبا من العشب الطرى...
وأبرتين من العبير...
وخيط ماء..

ثم يردد مطلع قصيدة من تاليفه هو...

لكأننا الآثنآن أغنيتآن رآئعتآن ...
فى وجه الشفق...
وكأننا الآثنآن عآصفتآن...
فى أقصى الآفق..
لا..بل..
روحآن عآلقتآن....
فى صدر الآبد...

لم يعجبه المقطع..
عآد لدكتور فرآنسيس دينق...
رأى زوجته تتقّلب على الفرآش...
وضع الكتآب..
هرول أليها...
أيقظها...
سقآها كوب ماء..
أعادها....
أحسن غطآئها....
ثم عآد لمصطفى سند....

وهكذا حتى ظهرت خيوط الفجر..
لتبدأ كادقلى مشوآر اللآمعقول....

Post: #194
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-16-2014, 05:44 PM
Parent: #193

كانت السماء حديدية الملامح...
رصآصية اللون...
مثقلة الخطى...
تناقم القوم مع حالة الجو الثقيلة تلك.....
وسكنوا للهدوء المطبق فى ذآك النهار...
بعد أن خفت أزيز الطآئرآت...
وصمت الرصآص...

حملت الجدة دمكا الى مثوآها الآخير...
فى هدوء وخطوآت مثقلة أيضا....
وصمت مطبق...
فلا صرآخ..
ولا عويل رآفقا تلك الجنآزة...
التى لم يصآحبها غير جموع الفرآش...
من كل لون وحجم...
ومّله...
فقد رآبض الفرآش فوق دآرها طوآل الليل...
حينمتا اسلمت الروح والنآس نيآم..
وبقيت كذلك...
حتى أكتشف الجيرآن أمرها نهآر اليوم التآلى...

كانت جميع أسرتها قد غادرت البلد..
منذ تسعينيآت القرن الماضى..
ولم يسألوا عن أحد..
ولم يسأل عنهم احدا...
ولم تسأل عن احد ايضا..

رآفق الفراش تلك الجنآزة...
حتى مثوآها الآخير..
وحلق فوق نعشها حتى وآروه الثرى...
ثم عآد الجمع...
وبقى الفرآش يوآصل صلآته وودآعه لصديقتهم تلك..

الحزن الوحيد الذى تفجر على ذلك الفقد...
غير الجلل...
هو شجرة النيم التى كانت تبيع الجدة دمكا..
فولها ومحصولاتها تحت ظلها الوريف...
فألتصقت بالشجرة....
والتصقت الشجرة بها....
فى حميمية فوق مستوى البشر..

تبادلا الاسرار...
والاحزان..
والافرآح..

وحتى ذلك اليوم...
حينما ذهب الخلق لشراء حآجيآتهم كالعادة من ذلك السوق الصغير...
هآلهم ما رأوه من أمر تلك النيمة..
الوآرفة الظلال..
فقد جف عودها بين عشية وضحاها....
وأصفرت أورآقها..
وسقطت بذورها قبل نضوجها...
وأصبحت جردا لا يغطيها ورق..
وبرز جزعها الضخم...
عآريا تماما..
دون أن تأبه به...
وبالآورآق التى سقطت..
فكشفت عن عورتها...

Post: #195
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-16-2014, 06:14 PM
Parent: #194

أستمر جحيم الحرب...
وأستمر فزع القوم و قلة نومهم...
وأستمرت حيآة اللامعقول فى الولاية...
وتحملت كادقلى نصيب الآسد من بطش تلك الآسلحة الرعناء..

عاد من عاد من رحلة هروبهم الكبير فى بداية الحرب....
وبقى من بقى...
ولم تثمر لقاءات الاصدقاء الثلاثة ومقابلاتهم عن أى جديد يذكر...
حتى ذلك اليوم الحآسم..
الذى دعا فيه مآو مآو اصدقائه...
الى اجتماع طارئ فى منزله..

وبعد تقديم واجب الضيافة....
خاطبهم قائلا...
لقد صمتنا بما فيه الكفاية...
ونحن نتلقى الضربات من الحكومة ومن الحركة والحركات المسلحة قاطبة...
هذه فوضى عارمة...
وما عاد الصمت يجدى...
وما عادت الفرجة والآنصرافية هى الحل..
لابد أن يكون هناك حدا لكل هذا...

فمجرد رفض الحرب لا يكفى...
ونحن نعيشها ونكتوى بها..
ونّعبر عن سخطنا بها..
اذا ما الحل؟
هل نخاطب حملة السلاح ؟
فلا هم سوف يسمعوننا ولا هم سوف يحترمون رأينا...
هل نخاطب الحكومة ؟
فهى ايضا سوف تسخر منا وتزيد من ضربآتها...
فى عنجهية وصلف واصرار...
اذا لابد من طريق آخر..
لتوصيل رأينا وبدء العمل فى وقف هذا العبث...

سأله صديقه ساش..
وكيف نفعل ذلك ؟
مآو مآو...
نتحدث الى من نثق فيهم أولا...
ثم نوسع دآئرة الاتصال...
الباشمهندس..
ولكن هذه خطوة أنتحارية كما ترى..
رد مآو مآو...
أعرف ذلك..
مجرد وجودنا فى الولاية فى ظروف الحرب معناه شروعا يوميا فى الآنتحار..

عّلق دكتور وائل قائلا...
خطوة المليون ميل تبدأ بخطوة...
وكل المتكالبين على الولاية اليوم...
بدأوا بخطوة...
انا أوافق على هذه الفكرة..
ولكن ادعو الى الحذر التام...
حتى لا نحصد جميعا..
قبل أن نبدأ...

عّلق سآش...
مع ظروف الحرب هذه...
لا أحد فى الولاية سوف يستجيب...
ولكننى أفضل قيادة هذا العمل من مدن السودان الكبيرة...
وخارج السودان..
فى تكتم شديد..
وبالتدريج...
ولا يجب ان نترك اثرا...
لآى خطوة نخطوها...

أستمر النقآش...
حتى السآعأت الاولى من المساء..
وقرر الجمع أن يكون ذلك الاجتماع هو مجرد عصف ذهنى..
ثم يبدا عملا حقيقيا...
وآعيا..
من المهتمين بأنسان الولاية...
ومن ابنائها وبناتها المستنيرآت...
وانفض الاجتماع...

Post: #196
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-16-2014, 10:36 PM
Parent: #195

بينما نزح أهالى كادقلى والدلنج ومدن الولاية الكبرى...
فى كل اتجاه نتيجة الحرب...
نزح المتضررون من القصف والحرب فى الجبال الى المدن الكبيرة...
فاستحّلوا البيوت التى هجرها أهلها..
وأستقروا فيها...
مستخدمين كل ممتلكات أهل المنزل...

نتج عن ذاك التغيير الديموغرافى الجديد فى كادقلى..
دخول غرباء على المدينة..
لا يعرف بعضهم بعضا...
وعاشوا وسط الاحياء...
يتجنبون الناس...
وتتجنبهم الناس..

ومع حزمة المشاكل التى هربوا بها..
وعدم ثقتهم فى الغير...
وعدم ثقة الغير فيهم...
برز مجتمعان غريبان عن بعضهما البعض فى المدينة..
ويهدد كل منهما وجود الآخر...
أرتفعت نسبة الجرآئم بسرعة الصاروخ...
نسبة الى أرتفاع نسبة البطالة الموجودة أصلا..
وحالة التوتر الموجودة اصلا..

أنتشرت القاذورات فى شوارع المدينة..
وأزقتها...
فقد نزح عمال النفايات..
وأنتشر الذباب وكافة انواع الحشرات..
وازكمت الروآئح المزعجة انوف المارة..
والقابعين فى بيوتهم..

وأصبح المنظر العام للمدينة..
يدلل على وجود حرب مستعرة....
دون حاجة الى السؤال..

Post: #197
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-16-2014, 11:07 PM
Parent: #196

تسارعت وتيرة الاجتماعات بين الاصدقاء الاربعة...
حول مبادرة مآو مآو التى قوبلت بالترحيب والمباركة...
توسعت دائرة الاعضاء..
فى سرية تامة..
فقد تقرر ان تتم عضوية لجنة التسيير على اساس الاثنيات الموجودة فى الولاية..
من الذين يتفقون حول بشاعة الوضع...
ويبحثون عن الحل لصالح الولاية واهلها...
بعيدا عن المطامع الخاصة والسلطة..
و يجب ان يكونوا جميعا من اهل الولاية تجنبا لتدخلات الغير..
التى سببت الآزمة أصلا...

كانوا افرادا معروفون سلفا بآرائهم المعتدلة..
ونظرتهم الثاقبة...
حول مشاكل الولاية وكيفية وقف الدمار..
وكنس آثاره..
كما وأنهم جميعا مع عآئلاتهم تضرروا ويتضررون مما يحدث فى الولاية..
ومواقفهم مشهودة...
وللبعض منهم مقالات وكتابات فى الفضائيات والصحف اليومية..
تؤكد ذلك..
تم الاتصال بشخصين من المنطقة الغربية..
نوباى وبقارى...
من المتعلمين وذوى تراكم خبرات فى مجالات ميعنة..
وكذلك المنطقة الشرقيه...
نوباى وبقارى وفلاتى...
ثم المنطقة الجنوبية من بقارة وتجار جلابة ونوبة..

تقرر توزيع المهام الاولية...
وهى كتابة تقارير مفصلة عن تاريخ الصراع فى الولاية..
منذ الآستقلال....
من هم المتسببين...
ومن هم المنفذين....
ولمصلحة من يعمل المنفذون..
ماهى رؤوية النوبة لهذه الازمات....
وماذا يريد النوبة من ولايتهم...
ماهى رؤية البقاره فى الازمة والحل..
ماهى تدخلات جلابة المركز وماذا يريدون تحديدا من الولاية..
ماهو موقف فلاته الولاية من الآزمة....
وماهى رؤيتهم للحل..
ماذا يريدون تحديدا...
ماهى محاولات ابناء الولاية فى الحل...(كل أثنية على حدة)..
وهل نجحوا فى الحل..
أم زادوا الامر تعقيدا..

ثم تقارير مفصلة عن دور الاحزاب فى المنطقة...
وبالتفصيل الممل...
وخاصة احزاب الامة والشعبى والشيوعى والمؤتمر الوطنى..
وماهو دورهم فى خلق أزمات والولاية..
ولماذا...
والنتيجة...

ثم والاهم ان جميع المشاركين...
يؤمنون أولا واخيرا...
قولا وعملا..
فى أن أى اقصاء للاخر..
هو توطين وتمديد للآزمة..
وأن العيش فى الولاية يكفل حسب القانون والشرع...
دون استعلاء من أى اثنية على الآخرى..
ثم العمل على مسح اللغة المعآدية..
التى تعزز حق وجود أثنية دون الآخرى فى الولاية...

أما الحرب فقد أتفق الجميع على أنها يجب أن تقف..
ويعود الحوآر..
ويلجأ الجميع الى القانون..
والعدل والتشريع...
بعد تحديد وتحجيم تدخلات المركز المدمرة...
وأى تدخلات اخرى خارجية...

تقرر ايضا..
التصدى لآى مجموعات تؤجج نار الفتنة فى الولاية..
أجسام غآمضة مثل قريش وماتبثه من روح العداوه والبغضاء بين البقارة والنوبة...

تقرر أن يكون الآسم ألاولى لتلك الحركة أو المنظمة هو....
صّنآع الفجر...

Post: #198
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-16-2014, 11:39 PM
Parent: #197

رغم المرض والآعياء...
والقلق...
وحالة كادقلى الرثه..
ألا انها شعرت ببعض الآرتياح...
بعد أن تسرب اليها الآمل..
فى غد مشرق ووآعد..

ففى أحد الآجتمآعات قدم مآو مآو خريطة مفصلة للمقابر الجماعية فى كادقلى...
موضحا...
هذه المقبرة فى أول الشعير..
فى مدخل المدينة..
وهى خآصة بالقتلى من جنود الحكومة...
وهذه مقبرة أخرى فى قلب كادقلى..
ولا تبعد كثيرا عن مبانى الدفاع الشعبى..
وهذه مقبرة العفين الشهيرة..
من الناحية الجنوبية...
التى تعمل منذ تسعينيات القرن الماضى..
وهى تحوى أعز من أنجبت هذه المدينة..
من محامين ومعلمين وموظفين وغيرهم..
ثم أستطرد يوضح بقية المقابر الجماعية فى اطراف المدينة ..
وفى أسفل الجبال التى تطوق كادقلى...

قدم ايضا تقريرا مفصلا عن الآنتهاكات التى تمت منذ بداية الحرب الدائرة...
من الحركة او الحكومة...
اسماء شباب ونساء واطفال....
ثم أعمارهم وأسرهم...
وأحيائهم..

وقدم ايضا تقريرا مفصلا عن انتهاكات التى تمت فى ارجاء الولاية المختلفة..
على ذات المنوال..
يحمل توقيع العمد والمشايخ وابناء الولاية الحآدبين عليها...
قائلا لهم..
هذه مهمة زوجتى التى تقوم بها...
فهى تعمل معنا..
دون أت تستطيع حضور الآجتماعات....
نسبة لظروفها الصحية...
تساعدها تودد...

ثم قدم اسماء المنظمات الدولية...
التى يمكن أن تساعد فى تصعيد الآمر..
والضغط على الحكومة...
والحركات المسلحة..
بوقف الحرب....
ومقابلة جرائمها فى تلك الحرب...

نظر دكتور وآئل لصديقه الباشمهندس...
نظره معناها...
ألم أقل لك أن تلك سيدة النساء ؟

Post: #199
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-16-2014, 11:59 PM
Parent: #198

وصلت زوجه الباشمهندس برّكيه...
يرافقها شقيقها وشقيقتها...
دكتوره سناء...
خريجة جامعة أفريقيا العالمية...
وبعد قضاء بضعة أيام فى كادقلى...
قررت الدكتورة سناء ان تقوم بعمل طوعى فى المستشفى...
طالما أنه ليس بالامكان التجول حول المدينة...
أو الخروج من المنزل أصلا..

أستقلها الباشمهندس الى المستشفى...
قدمها لدكتور وآئل...
وعاد الى محل الموبايلات فى السوق...
شرح لها دكتور وآئل الوضع بصورة عامة...
وقدمها لبقية الآطباء...
وحددوا لها جدول العمل..
قد كانوا فى حاجة ماسة الى يد المساعدة...

ذهلت سناء...
تفاعلت مع وجودها فى كادقلى...
كمن انتقل الى العمل فى كوكب آخر..
فالامراض تختلف..
والمرضى يحّركون الجوانب الآنسانية فى الاطباء....
أكثر من المرض..
شعب غريب...
يعشق الحياة...
ويتحدى الحرب...
ولا يجزع عند المرض أو الموت...
ويدخل الى القلب مباشرة دون أستئذان...
ووجدت نفسها فى وآقع غريب....
ما انزل الله به من سلطان..

ولكنها أحست بقوة هائلة تجذبها نحو تلك المدينة...
بمغآمرآتها...
ودمائها التى تسيل على مدار الساعة....
والحرب التى تدور على مدار الساعة..
والمواطنين الذين يتفاعلون مع كل ذلك....
كما لو أنه هو الوآقع..
وليس أى وآقع آخر...

تحدثت مع دكتور وآئل كثيرا..
فى فترات الراحة المحدودة..
وكانت تشعر بالابهار..
من طبيب لا يربطه بتلك المدينة أى رابط..
غير السودان الواحد العزيز..
ورغم خلفيته شديدة الثراء..
وحياة النعيم و الرغد التى يمكن أن يعيشها فى الخرطوم...
ألا انه آثر البقاء والعمل فى كادقلى...
كما لو انها مسقط رأسه...
وكما لو أن المرضى جميعا...
هم بعض أهله..

لم يتحدث اليها كثيرا..
فقد آثر ان تسأل هى ...
ويجيب هو...
فى أدب جم وذوق ورقى ....
وقفت عند ذآك الطبيب كثيرا...
وبدأت تجمع تفاصيل كادقلى...
فى نقطة ضوء محددة..
شديدة ألابهار....

Post: #200
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-17-2014, 00:29 AM
Parent: #199

دعا الباشمهندس أصدقائه الثلاثة..
وعآئلاتهم..
لتناول طعام الغداء فى منزله...
بمناسبة حضور زوجته وأهلها..
حضر مآو مآو وكلير...
ووالدته وأخواته الاثنين..
وأزواجهم وأطفالهم..
حضر سآش ووآلدته واخوآته الثلاثة...
حضر دكتور وآئل...

كانت لقاءات الاصدقاء الثلاثة..
هى الترياق الوحيد الذى يعينهم على الحرب ومآسيها...
وبمناسبة زيارة زوجته وشقيقتها وشقيقها...
أيضا بمناسبة حضور عائلات اصدقائه الى بيته...
أشترى الباشمهندس اكبر خروف فى البلد..
لتلك المناسبة....

رأسا أحتلت السيدآت منطقة المطبخ والعريشة وغرفة المعيشة..
وشجرة المانقو العملاقة التى تقف امام العريشة..
فى بهاء وترف...
النساء يعرفن بعضهن البعض..
فقد ألتقين من قبل فى عدة مناسبات..
فقط قدمت سناء للمجموعة...
وبدأ الآنس والمرح..
والضحك...
فيما تصآعدت رآئحة الشواءات..

كان يوما جميلا حقا..
أخرجهم جميعا من دائرة الحرب...
ولو الى حين...
بدأت صداقة بين كلير وسناء....
أنصرفن للحديث الجانبى فى شتى المواضيع....
فيما شغلت النسوه انفسهن بالحديث فى امور متفرقة أخرى...

بالنسبة للرجال..
فقد كانوا سعداء...
فقد أكتفى الباشمهندس بدعوة أصدقائه فقط...
حتى يشعر بالحرية التامة فى الحديث...
والضحك والمرح...

كان يوما جميلا حقا...
وأنقضى دون صوت رصآص..
أو قنابل أو مدآفع...
دآعبهم الباشمهندس قائلا...
الناس ديل باين عليهم بيحترمونى...
حكومة وحركات...
أخدوا أجازة النهار دا..
عشان ما يزعجونا..

ولكن حينما وقف عند الباب ليودع اصدقائه...
مرت شآحنة ملآى بالجنود الذين يلبسون الاوفارول الآزرق...
ومعهم معدات الحفر..
والشآحنه تطوى الآرض طيا..

ألتفت اليه سآش قائلا...
الحكومة تاخد اجازة من الموت والر عب؟
ياهو دا المستحيل زاتو..
بالعكس باين ليها أشتغلت شغل الجن النهار دا..
الشاحنة مليانه....
ديل ماشين يدفنوا قرية بحالها....

Post: #201
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-17-2014, 07:15 PM
Parent: #200

فى مستشفى كادقلى الكبير...
عملت الدكتورة سناء بكل همة ونشآط..
وأسلمت نفسها تماما للحآلات الطارئة فى قسم الحوآدث من ميادين القتال...
ولقد ساءها أن المصابين من الحركة لا يمكن احضارهم الى المستشفى..
وان الوفيات من الحركة لا يمكن نصب الصيوان لها..
والعزاء عليها..
وكانت تقول فى السر والعلن أن ادارة هذه الحرب...
لا تعرف الله ولا تخشاه...
وأن العنصرية فى السودان تمتد حتى الآموات..

كانت ديناميكية الحركة..
لا تعرف الجهد ولا التعب..
وكانت تتفاعل مع المرضى..
كما لو انهم أهلها...
كانت تبكى حينما تعجز عن علاج مريض..
فيسلم الروح..
وكانت تضحك مع الآطفال وتكثر من زيارة قسم الاطفال..
وكانت تنادى الشيوخ بعمى..
وتنادى النساء يا خالة..

وبدا واضحا ان الفقر او ظروف القهر..
ليسا هما من يدفع بالمرء الى الابداع ..
ولكن يسر الحال ايضا وهناؤه...
يساعدان الانسان فى أن يبدع ويظهر عبقريته...

كان حديثها مع دكتور وآئل متصل بلا أنقطاع..
حول المهن الطبية فى السودان...
وما وصلت اليه المهن الطبية فى الخارج..
فهى أيضا تخصصت جرآحة فى جامعة كامبريدج بلندن..
وعاشت فى الغرب بضع سنين..
ثم يقارنان الحال بمستشفيات السودان...
ومعاملها..

ثم المستوى العالمى الذى وصلت اليه المستشفيات الخاصة فى طول السودان وعرضه..
ولكنها لا تعالج الآ من أستطآع اليها سبيلا..
ثم يشمل حديثهما نقابة الاطباء..
وأضراب الاطباء...
وقد علم وائل أن الدكتورة شآركت فى تلك المظاهرات...
واعتقلت..
وضربت..

Post: #202
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-17-2014, 07:33 PM
Parent: #201

أستمر الحال بسناء فى كادقلى...
وقد نسيت تماما أنها جاءت لزيارة خاطفة وأنها يجب ان تعود الى الخرطوم..
حينما تقرر شقيقتها ذلك..
وفى ذاك الصباح..
وهى تستعد للذهاب الى المستشفى...
أبلغتها شقيقتها بان الزيارة أنتهت...
وانهم يجب ان يعودوا فى اليوم التالى...

ولكن سناء ابلغت شقيقتها برفضها التام العودة الى الخرطوم...
وطلبت منها أن تقوم باجراءات نقلها الى كادقلى..
احتارت شقيقتها التى تعرف سناء وعنادها..
وشمل نقاشهما شقيقها والباشمهندس..
فى نهاية الآمر....
قرر شقيقهما الاصغر البقاء فى كادقلى ايضا....
قائلا أن عودته الى الخرطوم لا معنى لها...
فهو خريج وعاطل منذ ثلاثة سنوات..
وأنه سوف يحاول أن يدرس السوق..
ليرى أمكانية أمتهان التجارة..
ولا يهم الربح أو الخسارة...
فظروف الحرب معروفة..
المهم ان يعمل..

وقرر ايضا أنه سوف يوصل شقيقتهما الكبرى الى الابيض...
و ينتظر معها حتى تستقل البص السياحى المتجه الى الخرطوم...
ثم يعود..
وهكذا بقيت سناء فى كادقلى..
والمستشفى...
وتمددت فى علاقات أسر أصدقاء الباشمهندس...
واصبحت كما كان يحلو لها أن تقول...
من مواطنى كادقلى...
ومن الذين يتحّدون الحرب وجبروتها...

دهش دكتور وائل من شجاعة سناء..
وثباتها وصبرها..
او حتى اظهار القلق من الهجمات التى كانت تتم فى كادقلى..
والصواريخ والاسلحة التى كانت تصم الاذان..
ثم حياة الرعب التى عاشها المواطنون..
تحت تاثير الاشاعات المتواصلة..

أشاعات كثيرة ويومية تقول...
الحركة سوف تدخل...
الحركة تقول انها سوف تضرب كادقلى فى العيد...
الحركة تقول انها سوف تبيد مواطنى كادقلى لآنهم لم يحاربوا معها..
الحركة تقول أنها سوف تذبح اى (اضان حمرا)....
وهكذا....
فقد وجدت نفسها فى قلب تلك المعمة..
وأصبحت جزءا من تلك المعمعمة.....

Post: #203
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-17-2014, 08:00 PM
Parent: #202

كانت أمسية عاصفة بكل المقاييس...
فلا الآطباء ولا الممرضات ولا المرضى..
عرفوا طريقهم الى الراحة والاستقرار...
فى تلك الليلة التى اشتعلت فيها سماء كادقلى تماما...
وأصبح أزيز الطائرت مثل مليون خلية نحل تصدر اصواتها فى نفس الوقت..
وقد كان واضح جدا ان كادقلى لم تعرف طريق النوم فى تلك الليلة...

فقد اتجهت جميع الطائرت واليات القتال صوب كودا..
مرورا بالبرام ....
وبدا ان الحكومة قد طاش عقلها..
وان الحركة لا تقل عنها جنونا...
كانت الحرب ولا شئ غير الحرب..
وكان الغضب يتطاير من فوهة تلك الاليات...
والقنابل تسقط مثل الآمطار..

وسط تلك الاجواء..
كانت الحالات تاتى الى قسم الحوادث..
بعد أمتلاء مستشفى الشرطة..
ومبنى القيادة العسكرية....
بأنتظار الطائرات التى تقلهم الى السلاح الطبى فى الخرطوم..
كان الموت هو سيد الموقف..

كانت سناء تسال نفسها...
وهى تهرول من مصاب الى اخر...
ما الذى يحرك كل هذه العداوة والبغضاء بين ابناء الوطن الواحد ؟
ما الذى جناه اهالى تلك الولاية حتى يتعرضوا لذاك العداء المزدوج ؟
لا بل العداء المّركب ؟
وهل بالآمكان أن تجلس تلك الاطراف ذات يوم..
وتحاور بعضها البعض مثل أى دولة محترمة؟
ثم تستبعد الصورة تماما...
وقد بدا لها أن تلك العداوة و البغضاء تمتد الى الالاف السنين الضوئية...
وان السودان لديه القدرة العالية على البغض والكراهية..
رغم ما يدعيه من السماحة وطيب القلب..

ثم تسال نفسها...
هل لهذه العداوة من نهاية ؟
هل يعقل ان تكنس مخلفات الحرب ذات يوم..
ويعيش المواطن السودانى..
فى هدوء وثقة بوطنه وبحكوماته ؟
وهل حاملوا السلاح...
لديهم سقف للمطالب؟
ام ان هذا السقف لا يقل عن سقوط الحكومة مهما كان؟
وماذا لو أستمرت تلك الحكومة عشرات السنوات القادمة؟
كم مواطن يجب ان يموت خلال سنوات النظام هذه ؟
ومن يضمن أن النظام القادم سوف يختلف عن سا بقيه؟

وهل؟ وهل؟ وهل ؟
حتى بدأت السماء تفرش السجاد الاحمر القانى فى الآفق...
ايذانا بقدوم الشمس...
أوصلها دكتور وائل..
الذى لم يقل عنها اعياءا وجهدا...
وهو يّمنى نفسه..
بدش دافئ ونوم عميق حتى الظهر...

Post: #204
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-17-2014, 08:22 PM
Parent: #203

عادت سناء الى المستشفى مساءا..
أوصلها الباشمهندس..
قبل مواعيد عملها كما طلبت...
وجدت وائل بانتظارها....
فقد اتفقا على اللقاء قبل مواعيد العمل تلك الليلة..

ابلغها دكتور وائل بانه ينوى دعوتها لكوب شاى..
ولكنه لا يدرى اين...
فقد اقفلت معظم المطاعم والكافتيريات واماكن الترفيه بفعل الحرب..
ردت..
بسيطة نشرب الشاى عند البت شادية فى مدخل قسم الحوادث...
(فقد سمحت لها ادارة المستشفى بأن تنقل الشاى..
داخل المستشفى من الناحية الشمال لمدخل الحوادث.).

جلسا تحت تلك الشجرة غريبة الآطوار...
فهى نحيفة ولا تزينها الآوراق الوأرفه..
ولكنها تتميز بالآريحية والهدوء...
وتتراقص امامها الاضاءة التى تاتى من قسم الحوآدث..
فى رشاقة وخفه..
قدمت شادية الشاى لهما..
وهى تذكر مآو مآو وكلير....
وكيف كانا يشربان عندها الشاى...
تحت الشجرة العملاقة خارج المستشفى...

وبما عرف عن سناء من الصراحة وخفة الروح..
فقد فاجأت شادية بسؤال...
أنتى يا شادية فى زول قبل كدا قال ليك انت سمحة شديد ؟
تفاجأت شادية وكذلك دكتور وائل..
أستحت شادية ولكنها ردت قائلة..
لا ابدا يا دكتورة....
علقت سناء...
منّطسين فى نظرهم وما بيشوفوا..
رأيك شنو تتحولى للباب الكبير بتاع المستشفى..
الناس ما بتتجارى زى ما فى قسم الحوادث....
لدرجة أنهم ما بيشوفوا السماحة دى...
ضحكوا جميعا...
ثم عاد الاثنان الى الداخل....

بعد عودتهما من أحدى الجولات على المرضى...
عاد دكتور وائل الى مكتبه..
ووقف أمام المكتب..
قباله الكرسى الذى يجلس عليه..
أنحنى...
ووضع كفيه على الطآولة...
ثم أطرق كثيرا...
يفكر...
كان يشبه تمثالا لالهة الرومان وهو فى تلك الحالة..
حتى قطع عليه أحد الآطباء تلك التهويمة...
قائلا..
خير يا حبيبنا..فى شنو ؟
رد دكتور وائل...
لا ابدا مافى حاجة...
بفكر بس...
نظر اليه صديقه الدكتور وابتسم فى خبث...
حصل ؟
ساله دكتور وائل دون ان يفهم المغذى من السؤال...
هو شنو الحصل؟
رد صديقه والابتسامة ما تزال عالقه بشفتيه...
لا ابدا مافى حاجة..
بّهزر بس...

Post: #205
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-17-2014, 09:44 PM
Parent: #204

أنتهت الدكتوة سناء من اعداد وجبة طعام الغداء..
التى كان دكتور وائل مدعوا اليها..
تناولوا جميعا الطعام...
هى والباشمهندس وشقيقها ودكتور وآئل..

بعد الغداء والشاى..
أنتحى الباشمهندس بدكتور وائل جانبا...
وسلمه رسالة قائلا له....
دى وصلتنى من حميدان اللّكه فى المجلد..
ومفروض أقطعها بعد القراءة على طول...
عشان كدا طلبتك تقراها معاى...
قبل ما اقطعها..
لانه الاجتماع الجاى ما معروف متين..

رد دكتور وائل..
انت ما محتاج لشاهد على الرسالة دى..
افتكر الثقة البيننا ما بتحتاج لكدا..
رد الباشمهندس..
مش مسالة ثقة..
لكين ومع الحاصل..
لو شآلتنى قنبلة أو رصاصة طايشة....
تقدر توصلها أنت..
رد دكتور وائل..
أمرك عجيب يا الحبيب..
سيرة الموت دى على لسانك 24 ساعة..
يا اخى وحد الله وروق..
رد الباشمهندس...
لا اله الا الله...
بس الموت دا مش احنا عايشين معاه 24 ساعة ؟
بس مافى واحد بيضع احتمال الموت لى نفسه...
الحذر واجب يا اخى...

قرأ دكتور وائل الخطاب..
دار حولها نقاش ثم قام الباشمهندس بتمزيقها..
أستاذن دكتور وائل فى الانصراف..
وطلب منه ان ينادى سناء..
حضرت سناء..
وبما للباشمهندس والدكتور من علاقة تصل درجة الاخاء كما لو كانا اشقاء...
ابتدرها بالسؤال أمام الباشمهنس ...
فى واحد فى حياتك يا سناء ؟
لا يبدو انها تفاجأت...
بل أحتمال انها كانت تتوقع السؤال..
ولكن فى غير تلك الحالة..
ردت بسرعة..
بعفوية...
ودون خجل...
لا ابدا..مافيش.... خالص....
انفجر دكتور وائل ضاحكا كما لم يحدث فى حياته من قبل...
ضحك ثلاثتهم على ردة فعل سناء التى فاجات نفسها..
وعقب الباشمهندس الذى غمرته السعادة تماما...
قائلا...
اذا على خير الله يا شباب...
ردت سناء متسائله فى حيرة...
فى زول فى الدنيا دى بيخطب بالطريقة دى ؟
رد الباشمهندس....
وآئل...

Post: #206
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-18-2014, 00:24 AM
Parent: #205

نشط ساش كما النحل...
فى الآتصال بأهل الولاية فى مدنها وقراها..
وفى الخرطوم والمدن السودانية الآخرى....
كان دقيقا جدا فى أختياره....
ولا يتم الاتصال الا بمن يعرفه شخصيا...
ويعرف ارائه\ها سلفا..
ويتفق معهم فى الطرح العام..

قام بالاتصال بالكوتش وسارتر وزيتونه فى كودا...
لانهم أصدقاؤه أولا...
ولانه يعرفهم جيدا..
ولانه يعرف انهم مخلصون لآهلهم..
وان الطريق الذى اختاروه...
اختاروه بقناعات شخصية...
مؤمنين بان ذاك هو الطريق الصحيح...
وقد كان متأكد جدا من أنهم سوف يولون الآمر عناية فائقة...
ويتعاملون معه بمنتهى المسئولية...
وأن اختلفوا فى الرأى...

تم التكليف بكتابة التقارير المفصلة التى اشاروا اليها فى اجتماعاتهم السابقة..
وفضلوا أن لا يتم الاتصال بأى شخص أو جهة فى الخارج...
الا بعد ضمان استلام كل التقارير..
ومناقشتها..
وتفصيلها تفصيلا دقيقا..
وتم الاتفاق ايضا على أن تظل الانتهاكات طى الكتمان حتى يصدر بشانها الآمر..

بالنسبة لمآو مآو...
فقد أحس بأنه يولد من جديد وللمرة الثانية..
المرة ألاولى بزواجه من كلير...
والمرة الثانية هى هذا العمل الذى يقومون به..
فهو يعطيه الاحساس بانه مشارك فى عملية التغيير..
الفكرة التى فجرت كل الطاقات الكآمنه فيه..

حتى وان أختلف أهل الولاية حولها جميعا..
ألا ان الرافضين للحرب..
والمنادين والعاملين على حل قضية الولاية...
بالعقل والمنطق..
لهم دورهم الفعال فى تغيير مجرى ألامور...
وأن فكرتهم لها من يؤمن بها ويحترمها ويعمل بها ايضا...

فقد وضع الالاف من جنود الحركة سلاحهم..
وانضموا لآحد قيادات الحركة الرافض للحرب..
رغم تصنيفه كخائن من قبل زملائه فى الحركة..
فالمسالة..
اجتهادات من الجميع..
وأن ما ينفع الناس..
هو الذى سوف يبقى...

Post: #207
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-18-2014, 00:40 AM
Parent: #206

فجأه ظهر اسم دبل غبينة على السطح...
فلم يسمع عنه احد...
منذ أن حمل بندقيته وصعد الى الجبل..
علموا أن دبل غبينة اصبح الحرس الشخصى لسارتر..
ويحارب معه كتفا بكتف..
وأن سلامة وحياه سارتر هى شغل دبل غبينة الشاغل..

وقد كانت لهذا الرجل...
القدرة غير العادية فى الدخول الى كادقلى..
دون أن يحس به أحدا....
ويوصل الرسائل التى يكلف بها الى اهلها...
ثم يعود...
فقد كان بارع جدا فى عدم مقابلة أى شخص يعرفه....
من غير اصدقاء سارتر...
حتى لا يعرضه لبطش الامن...

أثبت دبل غبينة ذكاءا حادا وشجاعة....
وقدره على الاتصال تفوق كل وصف...
كما وشهد له زملاؤه بانه فى ساحات الوغى....
شخص آخر تماما..
حيث يتحول من تلك الشخصية الوادعة..
ودائمة الابتسام...
شديدة الهدوء..
الى وحش كاسر....
كما كان سارتر يقول عنه خطاباته لاصدقائه...
مضيفا أنه يخيل اليه ان دبل غبينه يحارب التاجر صاحب قصة القرنيت..
فى شخص كل جندى حكومى يزرع فى سّكته...

كانت مشاعر مختلطه تلك التى اصابت أصدقاء سارتر...
من الاعتزاز بدبل غبينة ومواقفه وشجاعته التى يحكى عنها سارتر...
ومنها الحزن الذى يعتصر قلوبهم..
فى ان تصبح ميادين التقال..
وتصفية الحسابات..
هى المجال الآوحد..
ليثبت فيها دبل غبينه وأمثاله من جنود الحركة...
ابداعاتهم وقدراتهم...
ويحرقون سنوات شبابهم الغض...
فى القتل والآقتتال...
دون أى أمل فى الافق القريب..

Post: #208
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-18-2014, 01:07 AM
Parent: #207

أتفق مآو مآو مع ساش على ان يقابله فى اخر محطة للمواصلات....
بعد أن ينتهى ساش من ذاك المشوار..
فهناك كافتيريا فى اخر الخط...
مازالت تحافظ على بقائها والفتها....
رغم الحرب المستعرة...
ويبدو أن الذين يتحّدون الحرب..
أكثر مما كان يتوقع مآو مآو...

جلس الاثنان فى احد الآركان وطلبا عصير قصب مثلج..
وطلب مآو مآو تنويرا من ساش حول آخر المستجدات...
وقد تم له ذلك...
قال مآو مآو..
وصلتنا رسائل عديدة من المنطقة الغربية عن طريق الباشمهندس..
وكلها تؤكد أننا نسير بخطى جيدة حتى الان..
فقد كان اختيارنا موفق لكل شخص وخاصة بالنسبة للمنطقة الغربية...
لآنها شديدة الاحتقان بين النوبة والبقارة...
وبين البقارة والبقارة...
خاصة وأن ولاية غرب كردفان لم تسلم من تدخلات الحكومة المتواصلة..
وذلك بتحريك النعرة القبلية المعروفة....
التى يضربون عليها كلما قرروا تصعيد الهجمة على النوبة..
الخطابات تقول..
ان البقارة قد وعوا سياسات المركز تماما...
وان الاتجاه الى الولاية..
أصبح هو السياسة...
وليس الاتجاه الى المركز كما كان الحال من قبل...

وهناك مجموعة تؤمن بما نؤمن به...
وترى الحل كما نراه..
لذلك فى الاجتماع القادم...
سوف اطرح فكرة مؤتمر جامع لآهل الولاية...
بناءا على نتائج التقارير التى سوف نحصل عليها...
على ان يكون المؤتمر وحسب رأيى خارج السودان..
فى دولة مثل تونس مثلا..

سال ساش؟
وهل فكرت فى ميزانية مثل هكذا مؤتمر...
نعم فكرت...
فى الذين وافقوا و انضموا الينا من هم اثرى اثرياء الولاية..
او خارج الولاية...
وعلى استعداد للتمويل...
كما وأن الدول التى تتابع مايجرى فى جبال النوبة..
وتبحث عن الحل مثلما نفعل نحن...
سوف لن تتردد فى تمويل المؤتمر..
اذا كانت الادبيات التى نقدمها لهم جادة ومقنعة..
وعلى العموم هذه مجرد فكرة..
وسوف نخضعها للنقاش المستفيض...

بعد ألانتهاء من عصير القصب..
عرض ساش على صديقه ان يتصل فى زوجته .....
ويبلغها بأنه سوف يتناول طعام الغداء معه...
لان لديه أمرا أخر يود أن يأخذ رأيه فيه...

Post: #209
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-18-2014, 03:08 PM
Parent: #208

وبما أن الخريف يعود دائما الى جبال النوبة...
وأنه يعشق كادقلى ولا يستطيع فراقها..
فهى ايضا تعشق الخريف..
وقطرات الندى عند الصباح..
ورقص الفراش....
أو صلاته...
وسجاجيد الخضرة التى تغطى الارض والجبال....
واصوات المزارعين وهم يرددون أغانى التراث....
اثناء عملهم...
كّل فى لغته الخاصة...
وكرنفالات الفرح التى تمنح حياة الناس معنى حقيقيا....

علقت غيمة غنية بالجو..
فيما كان الصديقان يجلسان فى صالون ساش..
نفس الصالون الذى لو أمكن له ان ينطق..
سوف يعّلم العالم كله معنى الصداقة....
سوف يردد على مسامع العالم اجمع..
تلك الحوارات الجادة...
والصادقة..
فى كل شئ..
وهموم شابين لازمتهما منذ ان كانا طفلين حتى صارا رجلين..
يشار اليهما بالبنان..

هللت والدة ساش عند رؤية ماو ماو..
فهو ابنها الذى لم تلده..
وهو جزء اصيل من رحلة حياتهم...
التى فرضت عليهم اشياء كثيرة..
ومعاناة متصلة..
ولكنهم جميعا عرفوا كيف ينتزعون الفرح من فم القدر...

سعدت أخوات ساش برؤية ماو ماو..
واحاطوا به وسألوه عن كلير...
وسالوه عما اذا كان اللئام قد اعتقلوه مرة اخرى..

أخيار جدا استقر الصديقان فى قلب الصالون..
وبدأ ساش...

Post: #210
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-18-2014, 03:38 PM
Parent: #209

لا أدرى من أين ابدأ يا صديقى...
فالكلمات أصبحت عّصية على النطق..
منذ أن بدأ الآمر..
رد مآو مآو..
أبدأ من أى نقطة..
استطيع أن أفهم...
ساش...
تلاحظ يا ماو أن لا رغبة لى فى النساء..
وأننى زاهد فى هذا العالم تماما..
هذا لآن حياتى لا تمنحنى الفرصة..
لآدخل فى هذا العالم...
مأو مآو..
أنا ايضا كنت اشعر بنفس الشئ...
وانت تعلم ذلك جيدا..
ولكن حينما وجدتها..
فرضت وجودها على حياتى..
وعلمتنى كيف اندم على اى لحظة قبل أن ألقاها..
ساش...
حكوماتنا يا ماو لا تنزع عنا راحة البال فقط...
ولا تنزع عنا الابتسام والضحك فقط ..
ولا تورثنا الهم والنكد..
ولكنها تقتل الحياة بدأخلنا....
وتحولنا الى ألات تصبح وتمسى بلا معنى...
مأو مأو...
اوافقك تماما...
ولكن هل تدرى حكوماتنا ذلك؟
وهل يهمها ما تفعله فينا؟
وهل يهمها أن نكون أمواتا غير أحياء؟
بالعكس فهى تحصد أرواحنا حصدا..
حتى لا نّذكرها بفشلها الذريع فى ادارة البلاد..
اما المتحاربون...
فهم قد أعماهم الجهل والغضب والآستهتار...
حتى صاروا الوجه الآخر لحكوماتنا الرعناء...
ومع ذلك..
من هى؟
ساش..
وكيف عرفت أن هناك هى ؟
مجرد أشارتك الى الآمر..
فانت لم تذكر النساء فى حياتك قط..
ويخيل الى انك لا تعرف غير والدتك ووالدتى...
واخواتك واخواتى...
ساش...
لقد كنت امارس حياتى بما لها وما عليها..
حتى اثارت الوالدة هذا الجانب..
ووضعتنى امام مسئولية أن أمنحها حفيدا تراه قبل ان تموت...
ماو مأو..
معها كل الحق...
فجميع الآمهات كذلك....
مرة أخرى من هى؟
ساش...
اقترحت الوالدة الباشمهندسة بنت خالتنا نفيسة....
ماو ماو..
اختيار عبقرى..
أعرفت كيف تفهمنا امهاتنا..
ونحن الذين ندعى المعرفة ؟
ساش..
المهم فكرت فى الامر..
وعرفت من والدتى وأخواتى بانها تهتم بى..
ماو ماو..
ثم ماذا؟
أتصلت بها..
وتحدثت اليها..
ماو ماو..
أين ؟
مرة فى منزلهم ومرة فى منزلنا...
فأنت تعرف العلاقة الحميمة بين اسرتينا...
وماذا قالت...
سعيدة بالفكرة..
وأنت ؟
خايف ان تلخبط كل حساباتى.
وتجعل حياتى عاليها سافلها..
ماو ماو..
لماذا؟
ساش..
هناك زيجات كذلك..
كما وان الحرب تقتل أى رغبة لى فى الزواج..
ماوماو...
الامر يختلف مع هذه الفتاة...
ولو أعدت الكرة..
وفكرت عميقا..
سوف يتضح لك انها هى من كنت تبحث عنها طول عمرك...
كما وانه لابد من ان نتعايش مع الحرب..
ساش...
وكيف عرفت ذلك ؟
أعرفك جيدا يا صديقى..
ولدى فكرة جيده عنها ايضا..
انسيت أننى كنت اعيش مع والدتى واهلى قبل الزواج والانتقال الى بيت كلير...
واننا قد كنا جيرانا؟
ساش ....
عموما سوف اعيد التفكير فى الامر مرات ومرات...
ماو ماو..
ياساش يا اخ لا تسحب ظنونك وظروفك الخاصة على فتاة بريئة...
فهى ايضا قد عانت كثيرا..
أنسيت أننا من نفس المرحلة العمرية؟
ونفس المرحلة التاريخية الدموية الصارخة منذ الصغر وحتى الان؟
توكل على الله يا صديقى...
ان الله يحب المتوكلين...

Post: #211
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-19-2014, 00:10 AM
Parent: #210

ظللت الغيوم سماء كادقلى طوال اليوم...
كما شغلت الشمس نفسها ببعض أمورها...
وأثرت البقاء فى مخدعها...
قبيل المغرب بلحظات..
كان الباشمهندس يلملم حاجياته..
ليقفل المحل ويعود الى منزله..
فقد بدا واضحا ان السماء تدبر امرا ما ....

وبينما هو منهمك فى عمله...
حضر اليه جندى بملابس الدفاع الشعبى وسلمه موبايله قائلا...
شحن لو سمحت...
ثم سلمه شيئا آخر لم يدر الباشمهندس كنهه..
احس الباشمهندس بأنه يعرف ذلك الصوت جيدا..
تسمر مكانه..
فى نصف انحنائه امام كشك الموبايلات...

فهو لم يستطع الوقوف...
ولم يستطع البقاء فى ذاك الوضع المؤلم...
ولكنه ألتفت تدريجيا...
وما أن استقر فى الحال التى يمكن أن يتبين منها صاحب الصوت...
حتى وجد مكانه خاليا...
فقد أختفى صاحب الصوت..
وترك الموبايل ومعه شيئا آخر...
و كذلك حيرة الباشمهندس...

فى جزء من الثانية..
حضر صاحب الصوت الى ذاكرته...
رغم أن جسده قد غاب...
و تبخر مع الآثير...

أعتدل الباشمهندس فى جلسته..
وواصل عمله بسرعة هائله..
وأخرج الشريحة من الموبايل ودمرها...
ثم لملم الشئ الذى رافق الموبايل..
و اقفل المحل..
ذهب الى منزله سيرا على الاقدام..
لان دكتور وائل نصحه بالمشى وتحريك جسمه..
عوضا عن جلوسه امام المحل طول النهار..
ولآنه كان بحاجة الى المشى...

دلف الى داره بسرعه..
دخل الصالون وقد بدأ يتصبب عرقا رغم برودة الجو...
فتح الشئ المشبوه الذى سبب له كل ذاك القلق...
ودفع بانهار العرق الى التدفق..
فاذا بها رساله من سارتر...
وان حاملها هو دلوكة....
وضع الرسالة فى مكان ما داخل السيارة...
لا يخطر على قلب بشر...
وابلغ شقيق زوجته بانه قد يتأخر..
ولا يجب ان يقلق عليه...
ويمم وجهه شطر منزل ساش...

Post: #212
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-19-2014, 00:54 AM
Parent: #211

بوصول الباشمهندس الى منزل ساش..
كان الظلام قد هبط تماما..
وخلت الشوارع من المارة...
واسلمت كادقلى نفسها للقدر..
بدأت الامطار تهطل بوتيره هادئة...

لم يدهش ساش بان راى صديقه فى ذاك الوقت...
فى تلك الظروف الطبيعيه....
فقد ألفوا جميعا مثل تلك الزيارات...
ولكن ساش أحس بالآنقباض..
وقد كان محمر العينين..
وقلبه يخفق بشده...
لآنه ما أن سمع طائر الّشرار ليلة الآمس...
حتى اسودت الدنيا فى عينيه..
وتمنى لو أنه لم يعرف الّشرار ولا صوته..

لم تنتظر والده ساش حتى يأتيها ابنها طالبا لآصول الضيافة..
فقد استقبلته عند مدخل المطبخ..
وهى تحمل صينية محملة بأباريق العصير والشاى والقهوة..
يتربع وسطها صحن ضخم ملئ بالبليلة والسمسم....
علق الباشمهندس قائلا...
الله لا يحرمنا من بليلة الست والوالدة..
مافى واحدة فى كادقلى كلها بتعملها بطريقتها..

جلس الاثنان..
لم يسلم الباشمهندس الرسالة لساش فى الحال....
فقد عرف ردة الفعل التى سوف تحدثها تلك الرسالة..
ولكنه تناول أمورا هنا وهناك..
واخيرا دخل فى لب الموضوع..

حكى لصديقه أمر دلوكة..
وترك صاحبه فاغرا فاه..
فقد أحكم القلق قبضته على قلب ساش وأعتصره عصرا..
واخيرا خرج صوته الجهور..
دون أن ينطق هو..
وقال لصديقه..
الكلام دا معناه حاجة واحدة بس يا باشمهندس...
وانت من قبيل تلف حول الموضوع وماقادر تقوله..
رد الباشمهندس...
فعلا..أنا فى حالة صدمة شديدة ....
من ساعة ما قريت الرساله الشؤم دى...

Post: #213
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-19-2014, 01:16 AM
Parent: #212

فجأة وبلا سابق انذار...
فتحت السماء ابوابها على مصراعيها...
وبدأت الامطار تهطل بقوة وعنف..
بدأ الرعد يزأر..
ولمع البرق على التوالى...
وكأن السماء قد مسها الجن كما يمس المتحاربين فى تلك الولاية..

جلس ساش بالقرب من الباشمهندس..
وسأله بنفس الصوت الذى يبدو أنه يعذب صاحبه فى تلك اللحظة...
وسأله...
ليه سارتر ما كتب تفاصيل اكتر ؟
هو ما عارف انه دبل غبينة دا عزيز علينا كلنا ...
زى ما هو عزيز عليه ؟

تقول الرسالة ان دبل غبينة قد قتل فى معركة الحمرا...
أمس الآول..
وانه ابلى بلاءا خرافيا..
وانه حينما التقطته الرصاصه..
كان يحمى سارتر ويتلقى الرصاصة بدلا عنه...
وتقول الرسالة ان قوات الحكومة حصدتهم حصدا..
نسبة للكم الهائل من السلاح والذخيرة والجنود..
فى قرية صغيرة مثل الحمرا..

أطلق ساش العنان لدموعه...
ونسى أمر صاحبه والرسالة والدنيا كلها..
ثم قام ووضع شريط رقصة البخسة..
حينما كان دبل غبينة يرقص ويرقص ثم يرقص..
كان سعيد جدا..
كان قد اسلم نفسه للخالق عز وجل فى تلك الرقصه..
كان يبدع...
شاب فى عنفوان شبابه...
وسيم باسلوبه الخاص..
قوى كما الضخر..
وديع كما الاطفال...

وبعد فترة تذكر ساش صديقه الذى اسلم نفسه للحزن ايضا...
ولكن دموعه كانت قد نضبت..
من كثرة التدفق فى ليالى الحرب..
حينما كان يعد الطائرات طائرة طائرة..
بدلا من أن يعد الليل نجمة نجمة..
فتح ساش فاه ليقول شيئا..
ولكنه لم يستطع..
فقد خنقته العبر مرة اخرى..
وتلك المرة..
أجهش بالبكاء..

دخلت والدة ساش على عجل..
وراسا سالت الباشمهندس...
المات منو يا ولدى؟
رد دون ان يرفع راسه وينظر اليها..
دبل غبينة..
هنا صرخت والدة ساش..
انا لله وانا اليه راجعون..
الله يلعن الحرب وسنين الحرب والبيحاربوها..
مات فى الحمرا اول امس مش؟
نعم يمه...
وواصلت..
كان كله شباب..
خدوم...
أى حاجة محتاجة تصليح فى البيت صلحها دبل غبينة..
والجيران وجيران الجيران..
وخرجت وهى تحدث نفسها...
وسط سيل منهمر من الدموع..
الله يلعن الحرب والبيحاربوها..
الولد ولا حنة ولا ضريرة..
كأنه ما عاش فى الدنيا دى...
لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم...
ولم تنتبه لمياه المطر التى بللتها بالكامل..
وكانت تقطر منها...

Post: #214
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-19-2014, 01:41 AM
Parent: #213

قضى ألاثنان ليلتهما تلك جلوسا على الكراسى...
وبكى ساش كما لم يبك من قبل..
وقال لصاحبه..
أهو دا البنتكلم عنه لما بنقصد الحرب...
تفتكر قيادة الحركة مقدرة البيحصل دا ؟
ذنبه شنو دبل غبينه يتحمل وزر قضية معقدة وشائكة زى قضية جبال النوبة ؟

علق الباشمهندس قائلا...
الارواح البتروح هدر كل يوم دى يا صحبى..
ما ليها قيمة ولا معنى عند الناس البتحارب..
لانهم بيتعاملوا مع الجنود كأرقام...
يعتزوا بيها ويخوفوا بيها الحكومة..
ويعالجوا بيها أمورهم...
لكين أنا متأكد تماما..
أنهم ما بينظروا للجانب الآنسانى..
ولا للمآسى النازلة ترف على اولاد الناس زى المطر دى....
أما الحكومة..
فأصلوا هدفها واضح...
لو بأيدها تلم الناس دى كلها فى ميدان واحد وتردمهم وتخلص منهم..
الله لا يكسبهم دنيا وأخرى...
كلهم حكومة وحركات..

علق ساش قائلا..
انا متأكد أنه دبل غبينة مات مبسوط..
مات وهو مرتاح لانه ادى دوره كاملا غير منقوص تجاه صحبه سارتر..
والقضية كلها..
على حسب اعتقاده..
الله يلعن ابو القضية..
ويوم القضية..
البتحصد ارواح الشباب بالشكل دا..
لا.. والبيوجع أكتر..
انه الماساة دى ماليها سقف زمنى..
يعانوا أولاد الناس فى حياتهم..
ويموتوا..
والقيادة لابسه حرير.
وبتأكل أحسن اكل..
وبتستمتع بخدمات الجنود..
و حايمة من دولة لى دولة..
تكّضب على الخواجات..

علق الباشمهندس...
عشان كدا يا صحبى...
المشروع البديناه دا..
نتّمه للاخر..
ونوقف الحرب دى باى شكل من الاشكال...
والباقى هين..

كانت السماء قد هدأت عند بزوغ الفجر...
بعد أن افرغت حمولتها بالكامل..
وجام غضبها..
ولكن غضبها على من ؟
هذا هو السؤال..

Post: #215
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-19-2014, 01:45 AM
Parent: #214

الجزء الرابع والاخير

Post: #216
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: elhilayla
Date: 02-19-2014, 02:09 AM
Parent: #44

Quote: بقآيا ليل..
وبعض فتآت الخبز المبعثر على طآولة الطعآم..
ونصف كوب من الماء..
والكل نيآم...
هدوء مطبق كما لو أن الخلق قد غآدرت المكآن...
ولا نسمع غير نبآح متقّطع للكلاب الصآيعة..

Post: #217
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-19-2014, 03:20 PM
Parent: #216

الآخ العزيز الحليلة...

شّرفت كتير....
ونبدأ بيك الجزء الآخير من الرواية...
جيت فى الوكت المناسب...
وأهو تدينا بركاتك...

Post: #218
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-19-2014, 03:41 PM
Parent: #217

أنتهى الكل من التكليفات التى كلفوا بها...
بكتابة التقارير والدراسات حول ازمة جبال النوبة...
نوقشت تلك الاوراق بعناية فائقة..
وتم تداولها على اوسع نطاق..
لضمان توسيع قاعدة المشاركة..
أفردوا لها كل الوقت الذى تتطلبه...
تميز صّناع الفجر بالدقة والجدية والرغبة الكاملة فى ايجاد مخرج للآزمة...

وقد تم تقديم الاوراق حول...

أزمة جبال النوبة جذورها ومسبباتها...
المحاولات السلمية ومخاطبات المركز منذ الاستقلال...
المقاومة العسكرية ونظرة أهل الولاية لتناول الحركة الشعبية للآزمة..
ورقة الحركة الشعبية حول الآزمة والحل...
العلاقة بين المركز والولاية منذ الاستقلال...
نظرة النوبة للمشكلة والحل..
نظرة البقارة للمشكلة والحل....
نظرة الفلاته للمشكلة والحل..
الانتهاكات التى صاحبت المقاومة العسكرية فى الولاية وفى دولة الجنوب...
أنتهاكات المركز فى المجالات المدنية فى الولاية منذ الاستقلال..
كم عدد الآطفال الذين كانت الحكومة تجمعهم فى معسكرات ...
فى شمال كردفان فى فترة التسعينيات ...ثم يختفون ؟
لتاتى بغيرهم؟ أين هم؟ وماذا حدث لهم؟
تاثير أقتصاد الولاية بسياسات المركز..
الوضع الصحى فى الولاية...
التغيير الديموغرافى فى الولاية..
أزمة الاراضى ودور الحكومة فى تعميق الآزمة...
تداعيات الحروب ودورها فى تدمير الاسرة بالولاية...
أزمة النازحين وكيفية معالجتها...
ازمة الثقة بين مكونات الولاية وتمزق النسيج الاجتماعى نتيجة الحروب...
المخرج...

وتقرر ان يعقد مؤتمرا جامعا لاهل الولاية فى تونس...
بتمويل من أحدى الدول الحادبة على معالجة قضية جبال النوبة...

كان مآو مآو خلية متحركة لا تعرف الراحة...
وكان ساش قد أنتفض بعد حزنه على دبل غبينة وبدأ يعمل بشكل ثورى..
كانت اجهزة الامن تحس بان هناك نشاطا يحدث..
ولكنم وبعد جهد جهيد لم يتوصلوا الى أى نتيجة...

كثرت استداعاءتهم لمأو ماو وساش والباشمهندس...
ولكن لم يجدوا غير الصداقة التى ربطتهم منذ الصغر..
ورغم ذلك فقد كانت الاجهزة الامنية بالمرصاد...
وفى حالة قلق ....

Post: #219
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-19-2014, 04:01 PM
Parent: #218

أنجبت كلير بنتا تفوق جمال والدتها...
طار مآو مآو من الفرح ولم تسعه الدنيا بما فيها..
سعدت أسرته وأصدقاؤه كذلك ...
وأنتقلت والدة ماو ماو للعيش مع ابنها وزوجته..
لتساعد كلير لبعض الوقت..

طار دكتور وائل والدكتورة سناء الى الخرطوم...
وقاما بمراسم الزواج والعودة الى كادقلى..
تلكأ ساش كثيرا فى مسألة زواجه..
فقد هّده الحزن على دبل غبينة كما لو كان شقيقه الاصغر...
وأخير جدا...
وأفق على اقامة مراسم الزواج..
ولكن فى أضيق نطاق...
ورحلت الباشمهندسة سوسن للعيش معه فى منزل أهله..

وأصل الباشمهندس عمله فى أستلام الرسائل من سارتر وبقيه الاعضاء ...
ثم ارسال الرد ....
وقد كان تفاعلهم جميعا..
قوى جدا بتلك الاتصالات..
غير ان مهمة الباشمهندس قد كانت الاصعب..
وأصلت كادقلى العيش تحت الرصاص..
وسطوة الاشاعات وارتفاع الاسعار..
والقهر و الموت....

وبدا واضحا أن الصراع بين الحكومة والحركة...
يتعمق أكثر مما تظهره مجريات الآحداث..
أحكم الجوع والعوز والفاقة قبضتهم على اهالى الولاية..
وهم يتفاعلون مع الحرب...
بكل الصبر والجلد والكبرياء...

صّعدت الحكومة من عدائها السافر على اهل الولاية...
وسط جملة أسئلة وحيرة ووجوم من موقف الحكومة ..
ولكن عزيمتهم لم تهن...
فقدت الحكومة صوآبها بالكامل...
فيما كنت السماء..
تنظر اليهم جميعا...
وهى تضمر شيئا...

Post: #220
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-19-2014, 10:24 PM
Parent: #218

خرجت كادقلى عن بكرة أبيها صباح يوم عبوسا قمطريرا...
نساؤهم ورجالهم واطفالهم...
قائلين فالتذهب الحرب الى الحجيم ومعها الحكومة والحركات..
وقائلين ايضا فليعتقلهم جهاز الامن كلهم...
عن بكرة أبيهم...
ويعذبهم كما يشاء..
فلا القنابل أصبحت تهزهم...
ولا التعذيب اصبح يخيفهم...
ولا الموت أصبح يهمهم..

أقفلت المدارس فى ذاك اليوم...
واقفل السوق..
فيما عدا موظفو الحكومة هم الذين ذهبوا لمكاتبهم...
يشربون الشاى والقهوة..
ويتداولون الحدث..
حيث لم يوجد مراجعين فى ذاك اليوم..

ولقد صّرحت كادقلى ايضا..
بأنها لا يهمها من ابنائها من التحق بالحركة...
أو لم يلتحق...
المهم أن فلذات أكبادهم قد جروا الى الحرب جرا..
لهذه الحرب العبثية..
المدمرة..
وتّجمع الآهالى فى ميدان عام ...
وسط أحد الآحياء...

أسقط فى يد الحكومة...
وأصدر الوالى أوامره باستخدام الذخيرة الحية...
وصار يجوب المدينة..
بعربة تحملها البنادق والرشاشات..
ورجال الآمن والجيش..
والممرض الذى يحمل مصل السكرى...
وهو فى حالة هياج تام...

Post: #221
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-19-2014, 10:36 PM
Parent: #220

فقد وصلهم نبأ مقتل الكوتش فى كمين نصبته الحكومة فى طريق ام دورين...
ولقد مات وتقّطعت اشلاؤوه أربا...
وسبب ثورة المدينة كلها على الكوتش...
الى درجة ذاك التحدى يعود لشخصية الكوتش..

فالرجل كاريزما..
ضعليه فى مهنة القانون...
محامى بارع يطلبونه فى الدلنج والابيض ومدن الولاية الآخرى..
كان كثيرا ما يترافع عن البسطاء دون أجر..
كان قوى جدا..
عامود من الصلب..
وكان رقيقا جدا...
كان يعامل الجميع على انهم أهله..
ولا يذكر كائنا من كان أنه شوهد يمارس العنصرية...
أو الاستعلاء على الاخرين نتيجة امتيازاته المتعدده..
وقد كان بيته قبله المحتاجين فى المدينة كلها..
حتى ارتبط فى اذهان الناس بأنه جزء لا يتجزأ من كادقلى الاصيلة..

ورغم علم الجميع بعلاقته بالحركة..
ألا ان العقل الباطن رفض..
أن يقبل فكرة أن الكوتش يمكن أن يقتلهم ذات يوم..
فقد اقتنعوا واقنعوا انفسهم..
بان وجود الكوتش فى الحركة هو لدرء الخطر عنهم...

لم يهتف الجمهور...
وكثير منهم أكتفى بالدموع التى كانت تنهمر دون توقف...
رجالا ونساءا..
ولكن الحكومة كشرت عن انيابها..
وصوبت بنادقها نحوهم..
ووقفت تنتظر الاشارة...

حضر الوالى وخاطبهم..
ثم وحينما لم يجد انفراجه فى الآمر..
هددهم..
ومنحهم وقتا محددا لفض التجمع..

Post: #222
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-19-2014, 10:52 PM
Parent: #221

بدأ العد التنازلى..
وبدأت اعصاب الحكومة تفلت مع العد التنازلى..
تمت اتصالات بين الوالى وقائد القيادة العامة..
وكلاهما لا يقل تعطشا للدماء عن الاخر..
فقد تقرر أن يضربوا الجمهور..
ويبيدوهم عن بكرة ابيهم..
حضرت قناة الشروق..
وطردها الوالى...
فى الآتصال من الخرطوم..
بّلغ الوالى بان يتعامل مع الامر بحكمة..
حتى لا يتسبب لهم فى أزمة تجذب نظر المجتمع الدولى..

كان الجمهور يحمل لافتات..
كلنا الكوتش...
لا للحرب...
نريد السلام..
يكفى قتل...
دم الكوتش لن يروح هدرا...
وهكذا..

حتى انتصف النهار..
والوالى يجوب المدينة...
ثم يعود ليتحدث للجمهور..
ثم يلف حول نفسه...

تحول اليوم الى ملحمة نسيت فيها كادقلى..
أى شرخ فى جدار النسيج الاجتماعى..
ونسوا من ينتمى ابناؤه الى الحركة ومن ينتمى الى الحكومة..
المهم أنها مدينة مكتوية بكل المقاييس..
المهم أنها مدينة فى فوهة البندقية...
وفى فوهة اى صاروخ أو دآنه أو طائرة أنتينوف أو سوخوى...

كانت زوجة الكوتش قد تم تهريبها من كادقلى قبل شهر ترقيبا..
وقد سلمها الباشمهندس مبلغا من المال لتبدأ به تجارة بسيطة..
حتى تربى أولادها...
ذهبت زوجة الكوتش الى أبويها فى بارا..
سلمتهم الاطفال..والمبلغ الذى سلمها له الباشمهندس...
وأختفت..

عرفت كادقلى فيما بعد أن زوجة الكوتش قد التحقت بالحركة..
وصرحت بأن قتل جنود الحكومة جميعا..
دون فرز...
لن ينسيها أو يمحو عنها...
العار الذى تشعر به جراء التعذيب...
فى مكاتب جهاز الآمن فى كادقلى...
فهى لم تستطع ان تتعايش مع مرارة تلك الفترة..
وأن الموت فى الادغال والآحراش وسفوح الجبال..
أرحم واشرف وأكرم من العيش..
مع العار الذى زرعه جهاز الامن فى كادقلى فى جسدها....

فى المساء..
أنفض الجمع من تلقاء نفسه..
وقررت الحكومة أن يترك الآمر يمر..
وكأنه لم يحدث...
لآن ذاك أسلم...

Post: #223
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-19-2014, 11:26 PM
Parent: #222

بالنظر الى كادقلى ليلا...
لا يحتاج المرء ان يسأل عن تداعيات الحرب...
فالظلام يغلف كل شئ..
والهدوء السرمدى يسيطر على الموقف العام..
أمطار خفيفة نزلت فى بداية المساء..
ثم توقفت بنفس الآسلوب الذى بدأت به..

توجد صخرة فى أقصى عمودية المك رحال..
تقف فوق صخرة أخرى أصغر منها..
باسلوب يخيل الى المرء انها سوف تسقط فى اى لحظة..
وتقتل الناس..
ويقال أنه فى زمن الاستعمار..
كان الانجليز يظنون ان الصخرة سوف تقع...
لذلك قاموا بانزالها...
بعد جهد استخدموا فيه كل ما أمكن لنجاح تلك العلملية..
وفى صباح اليوم التالى...
حينما استيقظ الناس ونظروا الى الجبل..
كانت الصخرة قد عادت الى مكانها..
وكأن شيئا لم يكن....

منذ ذلك التاريخ ارتبطت قصص وأساطير حول تلك الصخرة..
ترتبط مع البئر فى اسفل الجبل.
الذى يشرب منه الناس..
منذ أن كانت كادقلى...
فلا الماء نضب..
ولا تعّكرصفاؤه..

وفى ذاك الليل البهيم..
بحيث لا يستطيع المرء ان يرى يده..
هبط من الجبل...
رجل شديد الطول...
شديد السمرة...
محمر العينين...
ويتأبط شرا مستطيرا...
كلاشنكوف..
هبط من خلف تلك الصخرة..

نزل الى الحى...
وقصد ذاك المنزل..
وايقظ سكان المنزل الذى يبيع أهله الخمور..
وطلب خمرا..
أعطوه طلبه..
تناوله...
دفع المبلغ...
بصق فى وجه بائعة الخمرة...
وتأطب سلاحه وخرج...

قامت تلك السيدة بالاتصال بالمك رحال..
لتحذره من الشخص الغريب..
جلس المك وحرسه وحملوا بنادقهم ينتظرون الهجوم الغاشم..
ولكن ذلك لم يحدث..
حتى ظهرت الخيوط الآولى من الفجر...
وسمع الناس صوت الرصاص والقنابل وهو يصم الاذان..
فقد هبطت قوات الحركة من الجبل..
فى سرعة البرق..
قتلوا حرس المك وبعض اهله وبعض الجيران..
وعادوا الى الجبل بنفس السرعة..
ومعهم زائر الليل....

وقبل أن تصعد جميع قوات الحركة الى الجبل...
كانت الحكومة التى تقف على مقربة من المكوكية طوال الوقت..
منذ بداية الحرب...
قد بدأت الرد على الحركة....
واستيقظت كادقلى..
وهى تعتقد أنها قد أنتقلت الى الرفيق الاعلى ليلا..
وأنها قد أدخلت قاع جهنم...
فقد كان يوما لا يمحوه تاريخ ولا ذاكرة ولا الجن الآزرق...

حصدت الحكومة قوات الحركة وهم فى نهاية صعودهم الى الجبل..
ثم قامت برصهم جميعا فى مبنى الاوقاف...
أمام المكوكية...
ودعت الجمهور...
للفرجة عليهم...

Post: #224
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-19-2014, 11:42 PM
Parent: #223

حملت كلير ابنتها كآدى وجلست بالقرب من زوجها...(كآدى هو اسم جدة كلير من أمها )...
الذى تأهب لتوصيلهما الى منزل ساش..
فقد أتفقن جميعا..
قضاء يوم نسوى خالص فى منزل ساش..
بحضور اخواته من بيوتهن...
بعد أن قامت والدتهن بتزويجهن الواحدة أثر الآخرى..
حضرت أخوات مأو مآو بأطفالهن..
وحضرت دكتوره سناء...
وكذلك حضرت تّودد..

تطرقن لآمور شتى فى تلك الجلسة الفرايحية...
حتى دلفن نحو الموضوع الآهم..
وهو ّصناع الفجر...
ودور النساء فى تلك الحركة..
كانت كلير وتّودد قد قطعتا شوطا كبيرا فى رصد حالات الانتهاكات...
فى الحرب الاهلية الاولى والانية..
ثم أوضحت سناء الاتصالات الدولية ...
التى قامت بها هى ودكتور وائل حسب التكليف..

وأستعرضت بقية النساء انجازاتهن..
وبانتهاء اليوم..
وقد حضر الرجال لاصطحاب زوجاتهن..
وقفت سيارة بوكس امام المنزل...
وطلبت الدكتورة سناء..
صعق الجميع..
واسقط فى يدهم جميعا..

حملتها سيارة البوكس...
دون أن تلتفت يمينا أو يسارا..
واختفت...
وتركت الكل فآغر فآه...

Post: #225
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-20-2014, 00:02 AM
Parent: #224

فى أحد مكاتب أجهزة الآستخبارات...

اسمك وسنك وعنوانك...
......
لماذا أخترت العمل فى كادقلى وهى فى حالة حرب ؟
شرحت لهم كيف جاءت فى البداية ..
ثم أنها بقيت لزواجها من دكتور وائل..
واصل...
لماذا هذه العلاقة مع نساء كادقلى..
ومعظمهن من النوبة ؟
هؤلاء زوجات أصدقاء زوجى..
ومن الطبيعى أن اقيم هذه العلاقات..
كما وأننى لا أميز الناس فى علاقاتى...
هذا نوباى وهذا غير نوباى..
لماذ اخترتى كلير تحديدا لتكون الاقرب اليك من البقية ؟
كلير لا تزيد عن الآخريات فى شئ..
ولكن القلوب شواهد..
هل تريدين أن تقنعينا بأنكم لا تقومون بعمل مخّرب ضد الدولة ؟
حاشا لله..
لو كان هناك اى عمل مخرب لعرفتموه..
فأنا اعمل طبيبة..
واقضى معظم وقتى فى المستشفى..
ولكن فى بعض الآحيان...
مثل اليوم....
نمارس أجتماعياتنا ونضحك قليلا...
الضابط...
هناك حشرات فى هذا البلد يساعدون الحركة بشتى الطرق..
وبما أننا لم نعثر على اى دليل ضد الدكتور واصدقاؤه..
ألا اننا نشك فيكم جميعا..
معك حق..
فالظرف الحالى يدعو الى الشك..
هل لديك علاقة باى منظمة دولية؟
لا أبدا..
ولماذا تكون لدى علاقة مع أى جهة دولية ؟
أنا الذى يسأل ولست انتى..
أأسف..
لو فكرتى فى نقل اى خبر لآى جهة دولية...
سوف نعرف..
وحينها سوف لن ينجيك زوجك من أيدينا..
لو وجدتم تلك العلاقة لا سمح الله..
أفعلوا ما تشاءون...
اراكى متمالكة الآعصاب وواثقة من نفسك..
مهنة الطب علمتنى هدوء الآعصاب فى المواقف الصعبة..
أما الخوف....
فأنا لا ادرى لماذا اخاف او ارتجف..
أجلسوها على كرسى..
وناولوها كوب ماء..(رفضت كوب الماء بأدب)..
على العموم يا دكتورة نحنا عارفين كل حاجة..
وعارفين انه وقتك كله فى المستشفى..
وما عندنا عليك اى دليل..
بس لعلمك..
نحنا بنراقبك مراقبة دقيقة..
تشرف..
انا لو عندى حاجة..
كان لقيت الآدلة كلها قدامى هنا..
من غير ما تحتاج للاسئلة دى كلها..
الضابط...
على العموم مع السلامة..
عسكرى؟
نعم جنابك..
وصل الدكتورة..
شكرا جنابك..
زوجى بكون واقف بّرا منتظرنى...
وهى فى طريقها الى الخارج...
كانت هناك أمرأة يجرونها من شعرها جرا ويركلونها...
وهى فى طريقها الى التحقيق...
قالت سناء لنفسها...
دى حتمرق جنازة من هنا لحدى الصباح...
اللهم الطف بها وبنا..

خرجت ووجدت دكتور وائل يشعل سيجارا...
لآول مرة منذ أن قابلته..

Post: #226
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: elhilayla
Date: 02-20-2014, 03:47 AM
Parent: #217

Quote:
الآخ العزيز الحليلة...

شّرفت كتير....
ونبدأ بيك الجزء الآخير من الرواية...
جيت فى الوكت المناسب...
وأهو تدينا بركاتك...

شكرا أستاذة نور علي حسن الظن
كنت أود أن أحكي قصة ولكن خوفا من أن تخرج البوست من هدفه فضلت
أن أحتفظ بها إلي
حين ميسرة

وإن شاء الله سأرجع لك

واصلي مستمتعين بالحكي الذي يذهب الهم والغم

مشكورة
________________
الحليلة

Post: #227
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-20-2014, 05:16 PM
Parent: #226

الآخ العزيز الحليلة...

تشكر مرة تانية وتالته..
وألف...
على الطلة البهية...
يا أخى الحكى بقى لى صعب..
وأرهق اعصابى كثيرا....
ولك أن تتخليل..
طوال مدة كتابة هذا البوست...
لا تفارق كادقلى مخيلتى....
صباح مساء...
أصوات الرصاص والصواريخ تصم اذانى..
وصور القتلى الملقاة على الآرض لا تفارق عينى..
وحتى الحلم....
أصبح كله عن كادقلى..
....

شرايينى ارتوت قلقا..
وكدت من الهياج..
أهوى....
أمزق زركشات ستائرى الجزلى ...
وأعصف بالسراج....(مصطفى سند.فى رآئعته..مقاطع استوائية)..
.....
نهارك سعيد..

Post: #228
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-20-2014, 05:40 PM
Parent: #227

كان دكتور وآئل قد وصل أمام منزلهما وهّم بالنزول...
فقد أنتقل للعيش مع سناء فى منزل الباشمهندس ..
وهو بيت الاسرة الكبير...
ولكن سناء بادرت بالسؤال..
ماشى وين يا وائل؟
ندخل البيت..
وتفتكر يا وأئل سؤال سؤالين فى مكتب الامن بيحمونى الشغل؟
يا لله على المستشفى..

نظر اليها زوجها طويلا..
كما لو كان يراها لآول مرة..
فقد بدت شاحبة ومرهقة وحزينة..
سألها...
? you ok
ردت...
ok ونص يا الحبيب...
أنا بس حزينة..
رد...
عارف..
وواصل...
يا سناء يا حبيبتى عارفك قوية..
لكين مجرد دخول وكر من أوكار ناس الآمن ديل..
بيسبب الهم والحزن...
الى المستشفى..

الدكتورة سناء طويله ...
نحيفة...
مقسمة حسب المقاييس الجمالية العالمية..
قمحية اللون..
لها نظرة عميقة تذيب الحجر..
ولها مشية تتميز بالخطو الطويل الهادئ..
ويحمل كتفها وجها ملائكى الآنطباع...
ولكن الملفت فى شخصية سناء فعلا...
هو الاحساس الذى يقول أنها حديدية الارادة..
لا تلين ولا تستكين..
رغم كل الرقة والمرح والحنان الذى تسبغهم على كل من حولها..
مرضى أو بشر عاديين..

شعر دكتور وآئل بأن قلبة قد أنتزع من مكانه..
وشعر بعجزه التام فى أن يحمى زوجته من أى مكروه....
وفى تلك اللحظة بالذات..
ظهرت كل كراهيته واحتقاره للحكومة وأمنها وأستخباراتها....
وكلهم أجمعين...

وصلنا يا صحابة الجلالة..
اشيلك ؟
ضحك الاثنان...
ونظرت اليه تلك النظرة التى تذيب الحجر قائلة...
وجودك معاى يا وآئل أكبر نعمة من الله سبحانه وتعالى...
شكرا ليك يا رب....
شكرا ليك يا وئل...

Post: #229
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-20-2014, 06:05 PM
Parent: #228

أمتلآ قسم الحوادث فى كادقلى عن آخره..
رغم كبر الصالة وضخامتها..
ولكن ليس بالمرضى..
فقد كانوا اصدقاء دكتور وأئل وصديقات سناء..
وقد كانوا يتابعون أمر سناء..
منذ أن أعتقلت من أمام منزل ساش..
شكرتهم سناء والدكتور..
وتفرق الجمع..
وبدأ الآثنان وردية المساء...

بدت السماء صافية..
مستكينة...
وبدت المستشفى هادئة ايضا..
ألا من أنين المرضى..
وصراخ الاطفال..
وأصوات متفرقة من الرصاص هنا وهناك..
كان دكتور وائل يراقب زوجته باستمرار..
وقد خيل اليه أنها سوف تنهار فى اى لحظة..
من تجربة الآمن ومن الآعياء...
ألا أن ذلك لم يحدث..
وكانت تقول له انها بخير...
وأن ليس هناك ما يدعوه للقلق..

أستمر الوضع حتى الساعات الآولى من الصباح..
حينما سمع الجميع صوتا داويا..
يبدو أنه من داخل المستشفى...
تمّلك المرضى هلع مريع..
خاصة مع حالة المرض..
وتوتر الاعصاب أصلا..

ظهرت ألسنة النيران من خارج المستشفى..
ولكنها أيضا كانت شديدة القرب...
كما لو أن الجزء الشمالى من المستشفى..
هو الذى يحترق..
ثم هاجت المستشفى وماجت...
وخرج المرضى ممن يستطيعون...
من عنابرهم..
وبدأوا يتابعون الموقف...

تكثف صوت الرصاص...
و صوت سيارات ألامن والجيش..
وهم يطوون الآرض طيا نحو الحدث..
وحينما ظهرت الشمس بكامل هيئتها..
وبدآ من الممكن رؤية كل شئ بوضوح..
تبين أن مسجد كادقلى العتيق..
هو الهدف...
وأن من قام بنسفه قد أختفى تماما...
وترك الحكومة تركض فى كل الاتجاهات...
بحثا عن الجانى...

لم تّصل كادقلى صلاه الفجر فى المسجد العتيق فى ذاك اليوم..
وبدأت يومها...
وهى فى حالة صدمة....
ولا تصدق ...
أن الحرب قد وصلت الى بيوت الله..

Post: #230
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-20-2014, 06:29 PM
Parent: #229

بدأت كادقلى تستعرض مشوارها مع الحرب والسلام...
منذ تأسيس تلك المدينة العريقة..
على يد الملكة أّتو وحتى حمى الحرب التى اصابت الجميع..
وأفقدت الكل صوآبهم..
ما الذى اصاب ابنائها وبناتها؟
هل تستعر كل تلك الحروب من أجل المساواة والحقوق حقيقة؟
أم أن ألامر مجرد انتقام من المركز..
ثم حولت الحكومة نيران الآنتقام تلك الى قلوب أهل الولاية؟

وماهى هذه الحكومة التى تصر اصرار لا رجعة فيه..
بقتل كل أهل الولاية؟
فالآمر وآضح جدا..
فالحكومة تقتل المواطنين الّعزل ....
أكثر مما تصوب قنابلها وبنادقها وصواريخها نحو المتقاتلين..
فألامر وآضح جدا ولا لبس فيه...

ثم الى متى يستمر هذا الجنون ؟
ومن هم الذين تخطط الحكومة ....
للاستيلاء على الولاية بدلا من سكانها الاصليين؟
ولماذا ؟
ثم عادت كادقلى بذاكرتها الى ايام السلام والرخاء...
حينما لم يمتلك الناس البنادق الا للصيد...
ثم الحفلات الراقصة فى ميدان الحرية..
حينما كانت كل اثنية تتبارى..
فى الابداع وأستعراض أجمل ما لديها..
من ملا بس زاهية...
وأكسسوارات نادرة...
وطبول عميقة الايقاع....
يبدع الجبل فى ترديدها وأعادتها...

ثم تذكرت ايضا العمل الجماعى فى الحقول..
وأغانى التراث التى كان يرددها المزارعون أثناء عملهم..
ثم المحصولات الوفيرة التى صدت عنهم كل عوز وحاجة..
ومنحتهم العزة والاباء والفخر..

ثم نظرت كادقلى الى المشهد العام بأسى..
قائلة لنفسها..
تبّدل الحال تماما..
وحلت العداوة والبغضاء..
محل الآلفة والتجآنس..
وحلت الحرب مكان الرقص والبهجة..
وحلت أصوات القنابل والصواريخ والبنادق...
محل الطبول وأيقاعاتها الخرافية..

متى ينتهى كل هذا الجنون ؟
ليعود صوت الطبول والغناء الى ميدان الحرية..
الذى تحول بقدرة قادر..
الى ساحة للتطاحن السياسى..
الذى يسبق الحرب ؟

Post: #231
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-20-2014, 06:55 PM
Parent: #230

كان مآو مآو أيضا يفكر ..
فقد ترك أبنته كآدى تلعب بأزرار قميصه كما تشاء...
فيما كانت كلير تجلس امام الكبيوتر...
وقد نسيت العالم بأسره...
فقد تم أختيار مآو مآو مسئولا للآعلام والناطق الرسمى لصّناع الفجر..
وكانت مهمة شاقه على نفسه..
ومؤلمة....
لآنها وضعته أمام الآحداث وقصص المعارك والنزوح وجها لوجه..
وهو الذى يحس سلفا...
بان شرايينه ارتوت قلقا...
حتى كادت أن تنفجر...
وهو متعب باستمرار..

ماهذا الزمن العجيب الآغبر؟
وماهذه البلد التى يعشقها الحرب والخراب؟
والى متى تواصل كادقلى تقديم أفضل أبنائها وبناتها قربانا...
لقضية يقودها مستهترون..
متعطشون للسلاح والسلطة ؟
ولكنهم لا يستحون ابدا..
من أطلاق التصريحات الكاذبه..
الواحدة تلو الآخرى..

تعقد جلسات للتفاوض..
وتصرح الحركة للعالم أجمع...
قبل المفاوضات...
بان المفاوضات سوف تفشل..
ولكنهم ذاهبون على اية حال ...
دون أدنى تقدير للموقف الانسانى الذى يحصد المئات كل يوم..
من الجوع والمرض والعطش والقهر..
ماهذا العبث والاستهتار بارواح الناس ومصآئرهم؟
ولماذا؟

فمنذ أن فتح عينيه على هذه الدنيا..
فهو لم ير غير الحرب..
ولم يسمع بغير الحرب..
ومعاناة النازحين..
ولقد أرهق وتعب من كثرة العزاء..
على هذا التقيل..
وذاك المقتول..
بدءا بوالده الذى رآه بعينيه..
وهو شآمخ الرأس..
يبتسم فى وجه الجلاد بسخرية..
ويردد الشهادة...
حتى أرداهم الجلاد جميعا...
سبعة عشر شابا يقتلون فى اقل من ساعة...
ثم تمنع السلطات العزاء والبكاء..

أى زمن هذا الذى نعيشه ؟
ولماذا نتحّمل كل هذا ؟
ولمصلحة من يحدث كل هذا؟
هذه الفوضى يجب أن تقف...
ولسوف تقف..
شاءت الحكومة أم لم تشأ...
شاء ت الحركة ام لم تشأ...
مهما كلف الآمر....

Post: #232
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-21-2014, 00:43 AM
Parent: #231

تردد ساش وزوجته على الخرطوم كثيرا...
وكذلك مدن السودان ألاخرى...
شماله وغربه وجنوبه ووسطه..
بغرض النقاش والحوار حول صّناع الفجر..
فقد أثبتت الباشمهندسة سوسن أن بأسها شديد..
فهى قوية وصلبه وتتحمل السفر كأنها ولدت رحّاله..

بدأت بينها وبين زوجها علاقة أقرب الى الصداقة منها الى الآزواج..
فقد كانت شديده الصبر....
مستمعة جيدة وراقية..
دقيقة فى أختيار الكلام..
بل وأن حياتها عموما مبنية على الدقة والتنسيق...
والاهتمام بأدق التفاصيل..

كانت الباشمهندسة متوسطة الطول..
جميلة بأسلوبها الخاص...
لها حضور قوى ومؤكد...
و لها صوت عميق وقوى ...
وهى فوق هذا وذاك..
تعرف متى تتحدث وكيف...

بدأ ساش تعّلقه بزوجته ..
وأستغرب كثيرا..
كيف انها لم تلفت نظره من قبل...
رغم صداقتها لاخواته..
وترددها الدائم على منزلهم..

فقد عرفها منزل أن كانا طفلين..
تفرقت بهما دروب النزوح....
ثم عادا مرة أخرى..
يحمل كلاهما مخزونا من العلم والخبرات والذكريات..
تعينه على العيش فى كادقلى..
بصعابها وحروبها وقنابلها وقتلاها..

كانت أيضا شديدة الولع بالموسيقى...
وتعزف على جميع الالات الموسيقية فى داره..
الشئ الذى قّربها اليه أكثر..

Post: #233
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-21-2014, 01:02 AM
Parent: #232

من غرائب الآمور..
وتبدل الاحوال فى كادقلى...
نزوح أطفال بلا والديهم...
وأصبحوا يهيمون فى الشوارع بلا هدف..
ويأكلون اللالوب والنبق والقونقوليس مما تجود به تلك الاشجار...
ويفترشون الارض فى أى ركن حينما يدركهم النوم...
فقد فقدوا الآتصال بأهلهم حينما فروا من الغارات كلّ فى اتجاه..
ونزحوا مع من نزح الى كادقلى...
وبالوصول الى كادقلى..
تخلى عنهم أهل تلك القرى..
لآنهم لا يستطيعون أعالتهم..

وبينما كانت الباشمهندسة فى زيارة والدتها ذات يوم..
حضرت مجموعة من الصبية يسالون عن عمل..
أى عمل حتى يستطيعوا شراء الطعام...
هيئتهم رثه..
عيونهم غائرة..
عظامهم بارزة...
وتتعلق بهم القاذورات من كل جهة...

وحينما عادت الى منزلها حكت لزوجها ما رأت...
وابلغته رغبتها فى مساعدتهم..
توصل الآثنان الى نتيجة مفادها...
تسكين الآطفال فى منزل احد اقرباء ساش الذى نزح مع اسرته..
ولا احد يدرى عنهم شيئا..
ثم اتفقا على أن يقوم ساش بتوزيع الآطفال على المحلات التجارية التى كانت تعمل فى كادقلى...
فى ظروف الحرب..
على ان يعمل الصبية بضعة ساعات..
يحصلون فيها على قوت يومهم...

ثم والآهم هو حضور الآطفال الى منزلهما فى منتصف النهار...
وبعد ساعات العمل....
لتواصل معهم دراستهم التى توقفت بفعل الحرب...
ثم تقوم أخوات ساش وماو ماو بالاشراف المنزلى عليهم...
والتاكد من طعامهم ونظافتهم...

وهكذا دبت حياة أخرى فى الباشمهندسة...
وشعرت بالآرتياح التام..
وهى تقوم بأقل واجب...
تجاه الآطفال النازحين فى حّيهم...
ممن كانوا جميعا ....
قنابل مزروعة فى قلب كادقلى...
وتدريجيا انتشرت تلك الظاهرة...
حتى قل عدد اطفال الشوارع...
بشكل ملحوظ...

Post: #234
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-21-2014, 01:22 AM
Parent: #233

مرة أخرى ضربت الحركة الشعبية كادقلى بصاروخ...
فالحركة يتملكها الهوس والجن من مدينة كادقلى..
مثلما يتملك الحكومة الهوس والجن من بقية الولاية..
سالت دماء فى ذاك الصباح رمادى اللون....
وروت أرض أحدى مدارس الآطفال الابتدائية..
فقد قتلت منهم ثلاثة..
وأدخلت الرعب فى نفوس الصغار..
بالشكل الذى تصعب ازالته والى الابد...

فقد كان التلاميذ وقوفا فى طابور الصباح..
يرددون...

نحن جند الله..
جند الوطن...
أن دعا داعى الفدا..
لم نهن...
نتحدى الموت...
عند المحن...
حتى دخل ذاك الصاروخ الآرعن..
وأرعب جند الله وجند الوطن...
وجعل كادقلى تخرج عن بكرة أبيها...
وهى تهرول نحو المدرسة...

فقد اصبح من الطبيعى أن ترى سكان كادقلى.....
يركضون...
أما فى كل اتجاه..
أو الى هدف محدد..
جن جنون الآمهات..
وطاشت عقول الآباء...
واصدرت الحركة بيانا هزيلا ومستفزا يقول...
أنها تأسف على قتل الآطفال..
فلم تكن تقصد...
مثلما تفعل فى كل مرة..
وتقتل الناس..
وهى لا تقصد...

الصواريخ تدخل البيوت...
والحركة تقول انها لا تقصد...
والالغام تنفجر فى الطرقات العامة..
وتقتل الناس..
والحركة تقول أنها بريئة مثل براءة الذئب من دم ابن يعقوب..
والحكومة تقول انها اكثر براءة من الحركة...
والناس تحمل قتلاها وجرحاها...
وتلوذ بالصمت..

فقد اصبح الموت يتبختر فى شوارع كادقلى..
مثلما كان الفرعون يتبختر فى شوارع مصر....
والناس التى اصطفت على جانبى الطريق تضحك وتقول...
أنظروا ملكنا العريان..
غير أن الناس فى كادقلى لا تضحك...
فهى تزرف الدمع فى صمت...
وكفى...

Post: #235
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-21-2014, 01:59 AM
Parent: #234

ضرب النحاس..
وجاء صوته عميق وقوى..
غير أنه بطئ ولا يستعجل اعلان الخبر...
نطق النحاس فى ذاك الوقت الموجع من اليوم..
حين تسرع السماء فى فرش الافق....
بسجادها الاحمر القانى..
تمهيدا لمغادرة الشمس..
صاحبة الجلالة...
لتهيج أحاسيس العاشقين..
وخيال الشعراء والمرهفين..
نطق النحاس فتلقفت الجبال ذاك الصوت..
وأعادته باصرار متزامنا مع الصدى...

حبس الجميع أنفاسهم..
فالنحاس لا يضرب الا لاعلان الخطب الجلل...
موت زعيم..
أعلان حرب..وهكذا..
أعلان حرب ؟
فالامر لا يحتاج..
وهذه الحرب تلعلع لمدة عامين كاملين بلا انقطاع....
موت زعيم ؟
فقد نسى الناس الزعامة والزعماء فى ظل هذه الحرب اللئيمة..

ثم أن توقيت ضرب النحاس غريب...
فهو يضرب مع غروب الشمس..
هل ماتت كادقلى؟
أم قتلت؟
أم ماذا ؟

تقاطر الجمع نحو المكوكية..
وحتى نقاط التفتيش لم تسال أحدا...
ولم توقف احدا..
وتواصلت الجموع وهم يقعون ويقومون بفعل الليل...
والحفر...
والمطبات..
ومياه الخريف..
وأنعدام الكهرباء..

أمتلآت المكوكية عن بكرة ابيها..
وتدفق الجمع حتى وصلوا نهاية المكوكية...
وبداية الحجير..
والكل يسال....
ولا أحد يجيب..

توقف النحاس...
وخرجت للناس أحدى بنات المك...
فى ثبات وقوة..
وفى اثرها مجموعة رجال يحملون الاضاءه الكاشفة..
بآن وجهها المرهق..
وبدأ صوتها المتهدج...
دون أن تنزل دمعة على خدها..
وبدأت...

ايها الناس...
نحن الان فى اصعب مرحلة من مراحل تاريخنا الناصع المجيد....
نحن اليوم فى أدق ظروفنا...
وفى أحرج لحظاتنا..
فالنبك جميعا...
على قائدنا..
ومك مكوكيتنا..
ووالدنا...
وأخينا..
الذى قتل فى حادث حركة مّدبر..
فى طريق الدلنج كادقلى...

Post: #236
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-21-2014, 01:29 PM
Parent: #235

حينما تصل شهوة السلطة الى منتهاها...
تتدنى قيمة الانسان الى الدرك السفل..
بل لا يحس بها طالب السلطة من اصله...
الا اذا هددت بقاؤه..
حينئذ تجب ازالته....

الحركة الشعبية كجسم أعلن عن قراره اسقاط النظام..
وأحلال محله...
مارست نفس ممارسات الحكومة..
بل وزادت عنها..
وسببت كثيرا من النكد...
لآنها تفعل ما تفعل باسم العدالة والمساواة..
والديمقراطية..
ولانها تطرح نفسها كحكومة فى مستقبل البلاد...

هذه هى ماساة كادقلى...
كما عّبرت عنها الباشمهندسة سوسن لكلير..
عند زيارتها لها وقضاء اليوم معها..
أستمعت كلير أكثر مما تحدثت...
لآن الباشمهندسة قل ان تتحدث وتسهب..
مثلما فعلت فى ذلك اليوم..

عند منتصف النهار..
دخلت منزل كلير احدى السيدات وهى فى حالة يصعب وصفها...
ولزمها وقت طويل حتى تتمالك نفسها وتفصح عن سبب حالتها تلك..
أخيرا وجدت تلك السيدة بعض الكلمات المتقطعة لتقول...
تم اعتقال عشرات النساء أمس ليلا...
وبعد الضرب والآهانة المعهودة...
تم نقلهن الى سجون خارج كادقلى..

وأستطردت...
المشكلة هى ان اولئك النسوة هربن من الغارات فى قراهن....
وهربن أيضا من بطش الحركة وعبث جنودها بهن...
وهرعن الى كادقلى واختفين بها..
وهن يلعقن جراحهن...
هناك عدد مقّدر منهن حوامل...
ولا يدرين من هو الآب...
ولكن الحكومة أعتقلتهن...
بتهمة الموالاة للحركة...
وأنهن حضرن الى كادقلى..
بغرض التجسس لصالح الحركة...

نظرت كلير وسوسن الى بعضهن البعض طويلا...
وكانت نظراتهن تقول...
هذا زمان الاساءة الى النساء...
هذا زمان الفوضى الخلاقة..

Post: #237
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: عبدالله ود البوش
Date: 02-21-2014, 03:05 PM
Parent: #236

الحروف الصادقة تتسرب في مسارب الروح طوالي واصلا مابتروح
دي حكايات دي يا نور
ول روايات يا نور
دي قصص يا نور ولا حروف حية شايلة كاميرا وتصور

Post: #238
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-21-2014, 07:13 PM
Parent: #237

عزيزنا ود البوش..

نهارك سعيد أو مساؤه...
كلام يدفع بالكتابة الى آخر العمر..
شرفتنى كثيرا..
وانا الان فى آخر المشوار...
قد نلتقى فى رواية أخرى وموضوع آخر أن شاء الله...

Post: #239
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-21-2014, 07:41 PM
Parent: #238

قضت كادقلى ليلتها تلك فى الشوارع العامة حتى الصباح...
فقد مات المك...
مات الملك..
وموت الملوك لا يمر مرور الكرام...
خاصة اذا كان الموت غدرا وخيانة..
مثلما حدث للمك الشاب...
الذى اقتيل فى طريق الدلنج كادقلى..

حزنت كادقلى بعمق..
حيث لا ينفع الحزن...
فقد اصبح الحز ن بالنسبة اليها..
مجرد جرعة اضافيه..
لآن طعمه المر فى حلقها.....
يصبح مثل أن يبتلع المرء فصا من الملح..
فى حلق ملئ بالملح أصلا..

الشاهد أن الملمات تجمع كادقلى....
وهناك مواقف تقفز فيها كادقلى....
فوق الصواريخ والحكومات والحركات والسياسة االسودانية جمعاء...
وذلك حينما تصاب فى اللحم الحى..
فمثلما خرجت فى مظاهرات صامته ضد دولة الحديد والنار....
التى نصبت كمينا لآبنهم العزيز..
وفلذة اكبادهم جميعا...
المحامى الضليع...
والشاب الوجيه ...
الكوتش...
وقطعته اربا اربا....

هاهى تقضى ليلتلها فى الشوارع العامه..
حزنا على المك الشاب..
الذى تتنصل الحكومة والحركة من قتله...
الحق يقال لا مصلحة للحكومة فى قتل المك...
فقد قامت بتسييس الادارة الاهلية..
ووضعت فى كتف الآدارة الاهلية هموما تنوء عن حملهل كل الجبال المحيطة بكادقلى..
ذلك لآن الناس تنظر اليهم وتتعامل معهم على اساس أنهم وجه الحكومة وأزرعتها الطويلة...
والآدارة الاهلية تتحمل فى صمت...
وتفضل أن تناور الحكومة بدلا من أن تترك امر المدينة كله فى ايديها...
اصابع الآتهام تشير الى الحركة..
لآنها قامت بالهجوم على المك وحرسه عدة مرات.....

وحتى نهار اليوم التالى...
زأر النحاس مرة اخرى..
بعنف..
وغضب..
وحملت الجبال التى تحيط بالمكوكية ذاك الزئير..
وأعادته كما لو لم ترد صدا فى حياتها من قبل..
أخرج المك الشاب...
الودود...
المهذب..
الهميم..
الخجول...
واللطيف...
أخرج من داره محمولا على الآعناق الى مثواه الآخير..
فى المقبرة المكوكية...
ليلحق بركب السيادة والقانون والقضاء والادارة والشفافية فى كادقلى..
مصحوبا بالنحاس الذى يزأر ويرغى ويزبد..
كمن طاش عقله...

نسيت كادقلى تماما سفه الحرب وفاقدها التربوى..
نسيت الواقع اللامعقول الذى تعيشه...
وأحتمت بالتاريخ..
هذا لآنه تاريخ لا يمكن أن يتكرر..
ولكنها تمسكت به لبعض يوم على الآقل...
كنوع من العزاء للنفس..

Post: #240
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-21-2014, 08:08 PM
Parent: #239

عادت كادقلى بذاكرتها الى التاريخ...
حتى تنسى بعض همومها...
وتذكرت يوم كان العمل فى الحقول..
جماعيا..
تعد فيه النساء اشهى الطعام...
يغنى الرجال والنساء..
وهم يعملون فى الحقول كتفا بكتف..
فلا الرجال اصيبوا بالارهاق يوما ما..
نتيجة ضغط أو سكرى أو روماتيزم..
ولا النساء..
فقد كانت المدينة كلها فى أوفر صحة وأتم عافية..

تذكرت موسم الدرت..
بمحاصيله الوفيرة..
وكرنفالات الفرح والرقص والغناء التى تصاحبه..
تذكرت القانون يوم أن عرفت معنى القانون..
فلا أحد يستأنف حكم المك....
ليس خوفا من البطش..
ولكن قناعة تامة بعداله القضاء..

وتذكرت ايضا....
نوع الآحكام..
التى تفصل فى النزاعات البسيطة بين الزوج وزوجته..
وبين حدود المزارع..
فقد كان الجميع اسرة واحدة..
يعرفون بعضهم البعض...
يحبون بعضهم البعض...
يحمون بعضهم البعض..

تذكرت أن الرجل اذا حكم عليه بالسجن فى امر ما..
فى بداية الخريف..
يتركه المك لحاله....
حتى يزرع ويحصد ويّؤمن قوت عياله ...
ثم يعود لتنفيذ الحكم..
الى هذه الدرجة كانت الثقة فى القضاء...
وكانت ثقة القضاء فى المحكوم عليهم...

تذكرت يوم ان كانت خالية من الجرائم...
فلا أحد يسرق أو يكذب أو يعتدى على الآخر ظلما..
وحينما ارتكبت أول جريمة قتل..
قام المك بنفى القاتل..
الى مدينة لا يعرف الجانى اهلها ولا يجيد لغتها..
هذا لآن المك عرف حب الناس لكادقلى....
وأنه فى حالة انتزاع القاتل من ذاك النعيم...
فسوف يموت بالحسرة...
ولقد كان المك واثق ايضا..
من أن الجانى سوف يبقى فى تلك المدينة التى اختاروها له..
وسوف لا يخالف حكم المك..
حبا واحتراما للقانون...

تنهدت كادقلى طويلا..
وهى تستعيد ذاك الشريط...
الذى لن يعود مرة اخرى..
ثم أجهشت بالبكاء على المك منذ تلك اللحظة...

Post: #241
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-21-2014, 11:16 PM
Parent: #240

وصل نشاط صناع الفجر ذروته...
وتمت الاتصالات بكل من تقرر الاتصال به...
وتمت مناقشة وتمحيص الاوراق المقدمة للمؤتمر بدقة وعناية...
حتى تم الآتفاق حولها جميعا...

تمت تسمية عضوية لجنة التسيير بجميع المكاتب..
وأنتهى الآتصال بالمنظمات الدولية التى قرر صناع الفجر مشاركتهم..
فى مؤتمرهم العام كمراقبين..
أنتهى الآتصال ايضا بكل المنظمات السودانية ...
ذات الصلة بأوراق المؤتمر..
كذلك تم الآتصال بأبناء وبنات الولاية فى الخارج...
وتم الاتفاق حول كيفية مشاركتهم...

وافقت تونس على استضافة المؤتمر...
وعّينت الدولة الراعية...
مندوبها للمؤتمر..
تم تعيين المترجمين...
أنتهى الباشمهندس من رصد الميزانية..
باعتباره المسئول المالى...
وأستلام كل الآموال التى دفعها المتبرعون والمتبرعات..
أضافة الى تبرع الدولة الراعية..

تم الآتصال بوكالات الآنباء العالمية لتغطية الحدث..
وتم الاتصال بالصحف والفضائيات...
تم تحديد الفترة التى سوف يقوم فيها المؤتمر...
وأرسلت الدعوات وتذاكر الطائرات لجميع المشاركين...
وخضعت كلمة الرئيس للنقاش المستفيض والتعديل..
حتى تمت الموافقة النهائية عليها...

وأصبح أمر المؤتمر واقعا....
حيث سيتم أختيار المكتب التنفيذى..
والمجلس السياسى...
ويترك لآقاليم السودان أمر أختيار ممثليهم فى صناع الفجر...
وبنهاية المؤتمر يصدر البيان السياسى...
أيذانا ببدء العمل الميدانى...

و بدأت جميع عضوية ّصناع الفجر...
فى تعاطى الآحساس بضخامة الحدث...
و الاصرار على أنجاحه...

Post: #242
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-22-2014, 04:53 PM
Parent: #241

99 جبلا...
بغاباتها وبوادياها وسهولها ومنعرجاتها وكل تضاريسها....
ومنابع مياهها الموسمية والدائمة..
وبحيراتها...
ملايين البشر والحيوانات والطيور وكل مخلوقات الله...
مما نعلم ومما لا نعلم...
حتى الفضاء الرحب..
والسماء الزرقاء التى لا تستقر على حال.....
كل ذلك وأكثر...
أهتز وانتفض ثم اهتز مرة أخرى..
ثم هدأ....

هذه المساحة الجغرافية ...
التى كفلها المولى عز وجل لتلك الولاية...
ولا يحق لكائن من كان...
ان يعبث باملاك الرب...

وهكذا التحم الكل.....
بكل ما خصهم به المولى عز وجل...
ونفضوا عنهم كل صنوف الآذى..
التى حجبت عنهم رؤية الحقيقة الواضحة....
اللامعة..
الممتدة فى سماء تلك الولاية...
بأركانها الاربعة....

وأتخذ القرار الحاسم..
وبدأت أولى خطوات تنفيذ القرار...
لعنوان واحد لا ثانى له..
أن أفيقى يا جبال النوبة...
فقد قضى الامر..
وتم تدميرنا بالكامل...
ولكن الدمار الذى تم...
سوف نجمع مخلفاته كاملة...
لتذروها رياحنا العاتية..
فى وجه الطغاة...

اليوم...
ونحن نصنع هذا الفجر تحديدا..
نعلن جميعا..
أننا نحن نتحكم فى مصائرنا...
دون تدخلات أو تشويش أو عبث...
فلقد خبرناكم جميعا...
وعركناكم...
وعرفناكم...
و انتزعنا ناصية الحل...

هكذا سوف يكون وجودنا...
الحق الالهى الكامل...
فى دارنا...
فى قلب هذا الجسم العليل دائما بفعل ابنائه وبناته...
الذى يسمى السودان....
لقد قررنا ان نكون..
ذلك الجزء المعافى من جسد السودان...
حتى يبلغ العافية...

Post: #243
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-22-2014, 05:18 PM
Parent: #242

فى أحدى قاعات المؤتمرات فى سيدى بو عزيز فى تونس...
عّجت القاعة بالمؤتمرين...
وضيوفهم من كل انحاء العالم...
وتحولت القاعة الفخمة العتيقة..
الى خلايا نحل فى ذروها نشاطها..

حضرت النساء كذلك..
من عضوية صناع الفجر...
ومن المهتمات بامر الولاية...
وتبادل الجمع التحايا والاشواق..
حيث التقى كثير منهم...
بعد غياب متفاوت لعشرات السنين...
وبعد فترة الشاى التعارفية ألاولى..
دخل الجميع الى القاعة...
وأحتلوا أماكنهم..

كان ماو ماو يتحرك كما لو كان يحمل فوق كتفيه..
حمولة 99 جبلا...
ولكنه كان واثقا من جميع خطواته..
وهو يحسبها بدقة...
كان يلبس بدلة وبنطلون أسود..
قميص ناصع البياض..
كرافته حمراء..
هى كل الزى الرسمى فى مثل تلك المناسبة...

صعد الى المنصة...
وزرع نفسه زرعا كما يفعل تلقائيا فى الدخول الى اى مكان..
ومسح القاعة بنظرته الثاقبة تلك...
و وقف شامخا..
صلبا..
كأى عامود من الفولاذ...
وبدأ صوته عميق جدا..
جهورى..
وثابت...

ايها السيدات والسادة...
أرحب بكم جميعا...
وأبدا بضيوفنا (ذكرهم كلهم)...
ونشكر الدولة الراعية التى جعلت هذا الحدث التاريخى ممكنا...
واشكر تونس حكومة وشعبا فى استضافتهم مؤتمرنا هذا...
واشكر كل من تكبد مشقة الحضور الى تونس..
ليكون شريكا..
فى صناعة الفجر فى جبال النوبة...

أيها السيدات والسادة...
أرحب بكم اليوم واقدر رغبتكم جميعا...
فى محاولة جادة لازالة هم جثم على صدورنا فى جبال النوبة..
منذ الاستقلال..
الاستقلال الذى شاركنا فى صنعه..
مشاركة كاملة غير منقوصة...

قمنا بشتى المحاولات..
لتنبيه حكومات المركز لما يمكن أن تؤول اليه أحوال الولاية...
حال استمرار المركز فى تهميشنا واستقلال أهلنا فى تغذية المركز..
بالمال والرجال وكل الثروات التى حبانا بها المولى عز وجل...
ولكن المركز صم أذنيه فى صلف وعنجهيه وغرور...
قام أجدادنا وآبائنها بكل المحاولات السلمية..
ولكن المركز اصر على مواقفه..
وليته وقف عند ذاك الحد...

فقد دخلوا الولاية..
وعبثوا باهلها ومقدراتها..
ودفعوا بأهلها دفعا برفع السلاح فى وجه بعضهم البعض...
هنا بدأت الآمور تتداعى وتسوء...
حتى وصلنا الى ما نحن عليه اليوم...
والآوراق المقدمه فى المؤتمر....
سوف توضح لكم كل شئ بالتفصيل...

ايها السيدات والسادة...
مرة اخرى ارحب بكم..
واشكركم على كل مساهماتكم وتكبدكم مشقة الحضور...
و أترك المنصة...
لأستاذى..
وصديقى...
ورئيسى فى لجنة تسيير صناع الفجر...
الدكتور آدم هّناى...

Post: #244
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-22-2014, 05:28 PM
Parent: #243

أنتهى...

وأشكر جميع قرائى..
والذين تابعوا هذه الرواية من أولها لآخرها...
واشكر ايضا قرائى من المتداخلات والمتداخلين..
الذين منحونى تلك القوة الهائلة التى شجعتنى على الاستمرار فى الكتابة..

والان افتح الباب للنقاد...

Post: #245
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: Hisham Amin
Date: 02-24-2014, 05:17 AM
Parent: #244

متابعة

Post: #246
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 02-24-2014, 05:58 PM
Parent: #245

الاخ هشام امين...
الرواية انتهت..
وعلى العموم الف شكر..
حتى عند الحضور بنهاية البوست...

Post: #247
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: Hisham Amin
Date: 03-03-2014, 09:37 AM
Parent: #245

بوست. ممتع. جدا

Post: #248
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 03-03-2014, 03:03 PM
Parent: #247

الف شكر يا هشام...

تصدق بالله اننى عايشت تلك الفترة..
وكل شخوص القصة..
كما لوأننى جزء منهم..
حتى بت اشتاق اليهم..

الشكر مكرر يا هشام..
محتاجين محاضرة ثانية حول عدم جدوى الحروب..
فى بوست آل تاور..
فنحن السودانيين نحتاج الى مثل هذه الثقافة..
خاصة من شخص تنصب شهاداته العلمية وتجربته العملية..
حول ذات الموضوع..

Post: #249
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: معاوية عبيد الصائم
Date: 03-11-2014, 04:26 PM
Parent: #248

.........عاليا

Post: #250
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 03-11-2014, 10:55 PM
Parent: #249

يعّلى مراتبك يا معاوية..

Post: #251
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: Hisham Amin
Date: 03-22-2014, 05:10 AM
Parent: #1


Post: #252
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: Hisham Amin
Date: 03-22-2014, 07:17 AM
Parent: #251

o

Post: #253
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: Hisham Amin
Date: 03-22-2014, 07:28 AM
Parent: #252

نور تاور سلامات يا طيبة يا أصيلة

الواحد من كثرة المشاغل بقى ما عندك استطاعة يواكب. مع المنبر زى زمان

الله يد العافية بس.

عندى اربعه يوم اجازة حا تبدآء الأسبوع الجاى وواحدة من الحاجات
الخاتيها فى بالى أنى أنجزها هو تكملة قراءة طبول وأصداء
قصة او رواية او مشروع كتاب زى ما كتب بعض الأخوة ناجح
جداً عجبنى فية التسلسل المتتابع واحتمال أكون حسدتك لأمن
عرفت انك كنت وسط كل هذة الاحداث

تحياتى

Post: #254
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 05-09-2014, 10:11 PM
Parent: #253

بسم الله نبدأ..


موآصلة لرواية طبول وأصداء..
الجزء الثانى..

Post: #255
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 05-09-2014, 10:32 PM
Parent: #254

كان الجو منعش خارج القاعة..
وكانت تونس تستقبل يومها المشحون بالتفاعلات السياسية..
بعد خلع الرئيس زين العابدين بن على..
وبما للشعب التونسى من لطف ممزوج بصرامة لا تخطئها العين..
فقد كانت الشوارع تعج بالمارة فى غدوهم ورواحهم..
كل يحمل همه وهم تونس..
اين تقودهم تلك الثورة التى فجرت العالم العربى كله من وراء ها ؟
أما بالنسبة للسياح الاجانب...
فقد كانت اللغة العربية الممزوجة باللغة الفرنسية..
تزيد من سحر التونسيين بالنسبة اليهم..
وتزيدهم غموضا يحفز على البحث والاستكشاف..

أما فى قاعة المؤتمرات التى شهدت مؤتمر جبال ىالنوبة..
تحت شعار..
الحرية لنا ولسوانا..والعزة والكرامة للسودان..
كان الجميع قد استغرق فى صمت تام..
ولم يسمع الا صوت المتحدث..
تلو المتحدث..

وبالنظر الى القاعة..
يخيل الى المرء أن خطبا جلل يجرى داخل تلك القاعة..
وأن مصير شعب بحاله..
ينتظر ما سوف تسفر عنه مداولات ذاك المؤتمر..
جلس ماوماو كتمثال من البرونز فى ميدان عام فى دولة افريقة حديثة الاستقلال..
كان ساش يركز نظراته على المتحدث كما لو يود أن يبتلع الكلمات التى تخرج من فم المتحدث..
كان الباشمهندس شديد القلق..
يفكر فيما يمكن أن يحدث بعد نهاية المؤتمر..
كانت كلير قد دخلت بكامل عقلها وقلبها فى احداث المؤتمر..
ونسيت كل شئ ما عدا تلك الجلسات..

Post: #256
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 05-12-2014, 01:46 AM
Parent: #255

أنتهت جلسات اليوم الآول للمؤتمر..
وقد كان من المتوقع شعور جميع المشاركين لذاك المؤتمر بالاجهاد..
ولكن ذلك لم يحدث..
فقد أجتمعت الخلية فى غرفة هّناى رئيس الخلية ورئيس الوفد..
لتقييم الامر ..

أجتمعت فى هناى صفات قل ان تجتمع فى شخص وآحد..
فخلقت له تلك الهالة والهيبة التى يسبغها على من حوله دون أن يقصد ذلك...
وهو طبيب متخصص فى جراحة الآعصاب..
ولكن لعدم ذلك القسم فى المستشفى الذى يعمل فيه فى الولاية..
فهو يمارس مهنة الطب عموما..

رفض طلب اللجوء فى الدول الغربية..
وتعرض وعانى من مظالم حكومات المركز بلا استثناء..
وتعرض للاغتيال على يد المؤتمر الوطنى عدة مرات..
كل ذلك لم يؤثر على الهدوء الذى يتمتع به ذلك الرجل...
بل ويبدو فى تمام المصالحة مع نفسه ومحيطه...
كل ذلك فى تناغم وتلقائية..

وهو فوق هذا وذاك أمين وصادق مع نفسه ومع الاخرين..
زاهد فى هذه الدنيا ولا تشغله غير قضية النوبة...
وما آلت اليه أحوال الولاية..
لذلك وبعد تناول الشاى وبعض الكيك..
سرح كعادته ثم بدأ سؤاله..
لدى سؤال يؤرقنى كثيرا يا شباب..
وليت احدكم\ن يجيبنى عليه..
أنتبه الجميع.
وتسمرت أعينهم فى وجهه..
فى أنتظار السؤال..
وآصل بنفس الهدوء والاريحية..
سؤالى هو أننا شعب النوبة..
جزء اصيل من هذا الشعب السودانى..
لنا تاريخ وحضارة أمتد اثرها الى أقصى الدول فى الماضى..
لماذا تتابعت هزائمنا حتى وصلنا الى هذه البقعة التى نتصارع فى الحفاظ عليها ؟
ونتصارع على بقائنا ؟

Post: #257
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 05-12-2014, 02:01 AM
Parent: #256

رأن الصمت على الجميع..
بل وأن نظراتهم لم تفارق وجهه رغم أنتهاء السؤال..
وأنتظار الاجابة..
بل وقد كانوا يبحثون عن الاجابة فى وجهه..
حتى تحرك ساش وتنحنح وبدا عليه القلق الشديد..
واستاذن فى الرد قائلا..
لا ادعى المعرفة بالرد يا دكتور..
وانا على ثقة من أن ما من احد هنا او خارج هذه الغرفة يملك الرد..
وواصل..

فقد مرت مياه كثيره تحت جسر شعب النوبة..
حدثت أمور كثيرة ومواقف صعبه كانت تتطلب الحسم...
ولكننا بما عرف عنا من تفوق اخلاقى..
وأدب جم وسماحة...
فّرطنا فى الارض كثيرا..
وتنازلنا عن العرش دون قتال يذكر..
وبدأنا رحلتنا المشهودة من أقصى الشمال جنوبا حتى جبال النوبة الحالية..
تناول جرعة من الماء وواصل..

وحتى فى ابييى حينما كانت موطنا لقبائل الشات والداجو..
تركناها منذ أول معركة مع الوافدين العرب..
انسحب المك وأتجه جنوب شرق مع قبيلته الشات وبعض الداجو...
فيما نزحت قبائل الداجو المتبقية الى جنوب غرب دارفور واصبحوا جزءا من النسيج السكانى لدارفور.
فيما بقى بعض النوبة يتعايشون مع السكان الجدد..

ومنذ ذلك التاريخ..
وهو مئآت السنين...
لم نكلف انفسنا بمجرد التفكير فى الامر..
لماذا؟
لآننا اقتنعنا بأن الارض متوفره وهى تسع الجميع..
وبعد مئآت السنين..
ها نحن وكما تفضلت فى حديثك نتصارع على ما تبقى من جبال النوبة..
ويبدو أننا نخسر أكثر فأكثر...
لآن النازحين لا يعودون...
بل تأتى قبائل أخرى وتحتل مكانهم بموجب قوانين الاراضى التى تسنها الحكومات للقادمين الجدد..
لتذويب ما تبقى من شعب النوبة..

نحن بصراحة يا دكتور نعيش اسوأ صفحات تاريخنا..
ونتصارع الان فى الحفاظ على الهوية و الارض..
فيما قطعت حكومات المركز وخاصة الانقاذ..
شوطا بعيدا جدا فى مسحنا من الوجود..

Post: #258
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 05-13-2014, 01:00 AM
Parent: #257

طلب ماو ماو الفرصة التالية وبدأ قائلا..
أنا مثل صديقى ساش لا اّدعى علما بتاريخنا بل وبتاريخ السودان عموما..
هذا لآنه قد تم تزويره وتحريفه بالدرجة التى أخلت به..
وما درسناه هو قصص واساطير بعيدة كل البعد عن الواقع..
ثم واصل السودان على ذات التاريخ المزور..
حتى وصل الى درجة التخبط التى نعيشها اليوم..

وواصل..
ارى ضرورة ملحة فى اعادة كتابة ذلك التاريخ..
بدأء بالنوبة..
لآن لدينا ما يفوق الخيال...
من التراث والثقافة والحكمه التى تعين السودان على العودة الى جذوره وأصوله..
ومالم نعد سودانيين كما كنا....
فسوف تستمر محرقة الحروب هذه الى ما لا نهاية..
واسمحوا لى ان اضيف الى سؤال الدكتور سؤالا آخر..
لماذ يحن الشمال النيلى لعروبة ليست بذات وجود ؟
بمعنى آخر لماذا يجب ان يكون السودان عروبى اسلاموى..
حتى يصبح سودانا؟
مع العلم بأن كل السياسيين الذين حاولوا تطبيق هذه العروبة الاسلامويه..
اثبتوا فشلهم الذريع...
لسبب بسيط جدا..
وهو ان السودان هو مزيج من حضارات وثقافات واعراق وديانات...
واى محاولة لنكران هذا الواقع او تدميره..
تجر على السودان ويلات العذاب..
ثم لا ينجح أولئك الساسة فى سياستهم..
لآن الاعراق الاخرى...
والتى اشعلت السودان من اطرافه..
سوف لن تقف عند حد...
اذا..
وببساطة شديدة يجب الاعتراف بكافة اشكال التنوع فى السودان..
ومن هنا نبدأ...

Post: #259
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 05-13-2014, 01:22 AM
Parent: #258

كان الباشمهندس صامتا كما تمثال أبو الهول..
لم يتحرك ولم يتنحنح ولم يشرب كوب ماء..
سرح دكتور وآئل فى ملكوت لا يعلمه غيره..
وبدت عليه الحيرة والقلق..
نسيت كلير أمر طفلتها التى كانت تحتضنها ..
وسرحت هى الاخرى فى ملكوتها الخاص..

استعدل دكتور هناى فى جلسته..
وبدأ قائلا..
أتفق معكم يا شباب فى أن تزوير تاريخ السودان وكتابته باهمال..
هما بعض نكباتنا..
لآن الدولة التى لا تعرف تاريخها..
يصيبها التخبط والحيرة..
ولا تعرف ما تبنى عليه مستقبلها..

غير ان الساسة السودانيين يصرون اصرارا لا رجعة فيه..
فى تكرار أخطاء من سبقوهم...
أعود لجبال النوبة التى بدأنا بها النقاش..
لآن المسألة بالنسبة الينا أصبحت مسألة بقاء..
واصبح الصراع صراع أرض و موارد..
بمعنى أن الثراء الجغرافى و مواردنا الطبيعية..
جذبت عشرات الالاف من خارج الولاية واستوطنوا فيها...

انا شخصيا من المؤمنين بأن ارض السودان يجب أن تكون مشاعة لكل السودانيين..
ولكن حسب القانون..
ولكن ما يحدث الان هو صراع حول خريطة جبال النوبة....
وأخلاء المواطنين الاصليين..
ولا نقول ذلك من فراغ...
بل هى سياسة دولة...
حيث خاطب نائب رئيس الجمهورية القبائل من غير النوبة...
قائلا لهم : امكثوا فيها وغدا تصبح ملكا لكم..

فى المقابل تقوم حكومات المركز وخاصة الانقاذ ..
ببرنامج الابادة الممنهج..
وعلى مدى الخمسة وعشرين عاما..
منذ حضورها فى 1989..
بقتل النوبة وتشريدهم..
ونذكر جميعا معسكرات اللجوء فى مناطق شمال كردفان...
ثم توزيع الاهالى على اجزاء متفرقة من السودان..
وحتى بورتسودان فى اقصى الشرق..
هؤلاء لم ولن يعودوا..

بالمقابل غيرت الحكومة من قانون الاراضى بما يسمح بتمكين الوافدين من غير الملاك الاصليين..
بمعنى نزع ملكية الاراضى من الملاك الاصليين أثناء غيابهم..
وتمليكها للغير..
حتى تغيرت التركيبة الديموغرافية تماما..
واصبحت الولاية مطموسة الملامح...

كل هذا..
ونحن ممن وقع عليهم الضرر..
نمسك بتلابيب بعضنا البعض..
دون تبصر أو حكمة..

خلاصة القول..
نحن الان أمام واقع مخيف..
وهو...
نكون أو لا نكون..

Post: #260
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 05-14-2014, 00:47 AM
Parent: #259

تحدثت كلير بصوت هادئ وعميق كما لو كان يخرج تلقائيا دون جهد من الحنجرة او اللسان...
بدا عليها الارهاق والهم والحزن..
ولكنها ايضا بدت فى غاية التركيز والدقة..
تحدثت قائلة..
أسمحوا لى أن أقفز على التاريخ الذى لا نعرف حقيقته الا لماما..
وابدا من عام 1987..
وهو عام دخولنا فى الحرب الاهلية مع جيراننا الجنوبيين..
وهو العام الذى اصبحنا فيه بعض صناع التاريخ السودانى..

فقد كنت عضوا فى الحركة الشعبية..
قاتلت وقدمت الخدمة الاجتماعية ودرست وفعلت كل ما بوسعى ..
وسط الغابات والاحراش والجبال..
وسيرا على الاقدام لعدد من الاشهر وعدد من الايام..
تم كل ذلك رغم صغر سنى وعدم قدرتى على استيعاب الصورة بوضوح..
ذكرت السير على الاقدام لان هذا هو المشوار من جبال النوبة الى اديس ابابا..
سيرا على الاقدام...

وحينما قوى عودى بعض الشئ وبدأت الصورة تتضح امامى..
برزت لى صورة الحرب بجلاء..
فقد كانت الحرب من اجل الكرامة والحقوق..
ولكن حدثت اخطاء كبيرة جدا تصل الى حد الجرائم فى حق بعض الجنود..
ولم تحاسب أى جهة كانت على أىّ من أخطائها أو جرائمها..

القضية نفسها تراجعت اهدافها الى الخلف...
ووجدنا انفسنا نحارب لتحرير الغير..
كانت تلك اكبر واعمق صفعة ممكن ان توجه لآى جندى..
تراجعت قضيتنا الى الوراء ولم يكن يسمح لنا بالتمثيل الخارجى..
ولم يكن يسمح لنا بالحديث عن قضية جبال النوبة بمعزل عن الجنوب..
ولم يكن سيمح لنا باشياء كثيرة..
وحصل استفلال واذلال لكثير من الجنود..
ولم يكن أى من الجنود فى حالة يمكن ان يأخذ بها حقه..
حتى اصبح الخطاء او التقصير شيئا عاديا..

خلاصة الموضوع..
جاءت نيفاشا وخرجنا منها بخفى حنين..
نتيجة الاخطاء والممارسات التى ذكرتها ونتيجة استغلال قضية جبال النوبة لصالح الغير.
ونتيجة تبعية قياداتنا العمياء الى القيادة الجنوبية..
عدنا الى السودان وبرزت اكبر المشاكل فى مواجهتنا نحن جنود الحركة..
وهى أن الفترة التى قضيناها فى الغابات والادغال والجبال نحارب...
لم تهتم قياداتنا بمسألة التعليم مثلما فعل الجنوبيون..
بل والاحرى انه لم يكن ليسمح لنا بالتعليم مع رفقائنا الجنود الجنوبيين..

هنا تعمقت جراحنا...
وأصبحنا نحصد ثمار اخطاء وأهمال لم نكن طرفا فيها..
ثم وثالثة الاثافى حينما فجرت الحركة الحرب الحالية..
واصبحت جزءا من فصائل اخرى من دارفور وغيرها..
وتحولت القضية من الخصوصية الى تحرير السودان أجمع..
تعقدت الامور أكثر..
ففى الحركة من يرفض الحرب لانه اكتوى بعبثيتها كثيرا..
ولكن لا يحق له ان يعبر عن رايه..
تم تدمير الولاية بالكامل من المتصارعين فى الولاية..

خلاصة الامر..
الحركة الشعبية اليوم لا علاقة لها بجبال النوبة...
فهى تحارب لتحرير السودان...
ولتغذية اطماع غير النوبة..
ولكن بأستغلال قضية جبال النوبة..
وما على مواطنى الولاية الا الصمت والفرجة على ما يدور باسمهم..
بالرغم من ان الموت الذى حصد النوبة فى فترة الحرب الحالية....
يساوى اصعاف اضعاف ما حدث فى فترة التسعينيات..
ولم يهتم أى من قادة الحرب الى ان فى الولاية عشرات الاثنيات..
ولكن النوبة هم الذين يحاربون ويموتون..
اضافة الى بعض الاثنيات التى لا تكاد تذكر..

اذا هناك تقلص فى هذه الاثنية باستمرار..
لصالح الاثنيات التى لا تحارب وبالتالى تجتهد فى تحسين حياتها..
فاذا كان هذا هو نضالنا..
فنحن جنينا على انفسنا..
حينما سلمنا قضيتنا للجنوب من قبل...
واليوم نسلمها لجلابة المركز..
كما لو أن لدينا أزمة ثقة حادة بالنفس ...

الى هنا يا دكتور هناى اقول لك..
نحن قاب قوسين او أدنى من أن لا نكون..

Post: #261
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 05-16-2014, 11:38 PM
Parent: #260

كانت الجلسات مع دكتور هناى..
والتى تعقب جلسات المؤتمر الرسمية شفاء لما فى الصدور...
حيث كان اعضاء الخلية يتحدثون فى حرية مطلقة..
ويخلطون أحلامهم بآلامهم ..
وتاريخهم بحاضرهم ومستقبلهم ...
تربطهم جميعا حالة الفرد الواحد التى خلقتها ووحدتها قضيتهم..

كان الباشمهندس على غير عادته صامتا طوال فترة المؤتمر..
وكان ايضا شديد الشرود..
وحينما سآله صديقه ساش ..
كان رده ببساطة..
نحن نسبح فى تيار شديد العنف والقوة..
ولا أدرى ما اذا كانت هناك جدوى من كل ما نفعل..
رد ساش قائلا...
أى عمل كبير ومعقد تقوم بتنفيذه مجموعة صغيره ...
اذا كانت الارادة والتصميم موجودين..
وأردف قائلا..
ألم تسمع الخواجات يقولون ?a few good men
ولكن الباشمهندس عاد لكوكبه الخاص وبدأ يسرح من جديد..
مما أثار قلق ساش تماما..
فقد كانت تلك أول مرة يرى فيها صديقه بتلك الحالة..
فالحرب لم تهزه..

عموما طارت كلير بغير أجنحة فى تلك الامسية السرمدية...
تحولت الى بقعة ضوء مريحة هادئة تسبح فى الفضاء الرحب..
فقد خرجت كلير وزوجها وابنتهما ودكتور وآئل وزوجته الطبيبة..
فقد كان الاربعة اقرب الى بعضهم البعض من بقية العقد الفريد..
تجمعهم ذكريات ماوماو ووائل فى فترة الدراسة الجامعية...
وذلك التقارب الشديد الذى نشأء بين كلير وسناء..

كانوا يتسامرون ويضحكون بلا انقطاع وهم يجوبون شوارع تونس..
وقد حدث انهم وفى اتفاق مسبق لم يذكروا السودان او جبال النوبة او الحرب..
فقد خلقوا لانفسهم ساعات لا يمكن ان تتكرر..
جعلت من رحلتهم تلك الى تونس..
one life time journey
حتى الصغيرة كادى التى بدأت تتعلم السير..
كانت فى منتهى السعادة..
تجلجل ضحكتها...
فتضيف الى سعادتهم التى كانوا يعيشونها فى تلك اللحظات..

Post: #262
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 08-16-2014, 01:26 AM
Parent: #261

وهذه أتكاءة ....
فقد ارهقنا بالسياسة السودانية ومطباتها ومنعرجاتها وقسوتها...
وتعبنا من كثرة المناكفآت فى المنبر ..
وخارج المنبر..
لذلك أعود لآواصل المشوار مع ساش وماو ماو وكلير والدكتورة سناء ودكتور وآئل وبقية العقد الفريد..
فالوجود فى حضرتهم هو أمتداد بل وبعدا آخر..
لآنسانيتنا التى تتنازعها أهواء الضباع..
ولكنها أنسانية صلبة كما الفولاذ....
وكلما تصاعدت القسوة عصت النفوس الابية...
لذلك يستمر الصراع..
و لعلها سنة الحياة..

ولنواصل الجزء الثانى من الرواية بأذن الله..

Post: #263
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 08-20-2014, 01:58 AM
Parent: #262

ملّخص الجزء الثانى...

كانت الخلّية تعمل فى مدينة كادقلى تحت غطاء انسانى..
ولكن وصل الامر الى ضرورة عقد مؤتمر لهم خارج السودان..
لدراسة الاستراتيجيات اللازمة للمرحلة القادمة...
اقيم المؤتمر فى تونس..
وكان من بين المنفذين لذاك المؤتمر..
دكتور ّهناى رئيس الخلية وهو من المنطقة الغربية...
نصف نوباوى نصف بقارى..
ماو ماو وحرمة كلير وابنتهما كادى..
دكتور وآئل وحرمة الدكتورة سناء..
من شمال السودان..
ساش وزوجته الباشمهندسة سوسن..
والباشمهندس بركّيه..

أنتهى المؤتمر..
واستعد الجميع للعودة الى السودان..

Post: #264
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 08-20-2014, 02:15 AM
Parent: #263

مرت اللحظات بعد قرار العودة ثقيلة ومشحونة بكثير من الانفعال..
ولم يكن لتلك الانفعالات التى سيطرت على الجميع..
أى علاقة بجهاز الآمن السودانى وما يمكن أن ينتظرهم..
فقد كانوا يعملون ومنذ تأسيس الخلية بروح الفدائى..
ولكنها أنفعالات أثارتها ذكريات السودان المؤلمة..
والواقع الذى يلتف حولهم فى قسوة...
فيعتصر قلوبهم بشدة وعنف...

مر الوقت عصيبا جدا..
وحل الصمت التلقائى الفجائى ....
محل القفشات والضحكات التى كانوا يتبادلونها اثناء المؤتمر..
فأنستهم الواقع لبعض الوقت..
سرحوا بخيالهم الى مدينة كادقلى...
ودون تخطيط مسبق...
وصلوا بخيالهم الى مدخل المدينة..
الواقعة تحت الاحتلال السودانى..
ولقرابة الثلاثين عاما..
فالحياة مختلفة فى هذه المدينة..
و البشر ليسوا هم البشر..
الذين يبدأون حياتهم العادية فى هدوء...
ويختمونها كذلك..
الحياة هنا تسير بنكهة الحرب..
وأن البشر جميعا يعانون من صراع الآفيال حول السلطة..
وحقائق أكثر تغّلفها الحرب..
بأختصار..
الحياة ليست هى الحياة فى ولايتهم..

Post: #265
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 08-20-2014, 02:25 AM
Parent: #264

وّدعوا تونس بعد أن ختموا برنامجهم بحفل وداع اقامته السلطات التونسية على شرفهم..
غادروها فى هدوء كمن يسير الى المقصلة..
فى المطار كان منظرهم ملفتا..
مجموعة من النساء والرجال ببشرة دآكنة سوداء..
وبشرة فاقعة بملامح عربية..
يسيرون كما الجسد الواحد..
ويكاد الناظر اليهم أن يتخيل...
بأن لهم نبضا وآحدا..
وأنهم جميعا شخص وآحد مستنسخ الى عدة أشخاص..
دون الالتزام بمواصفات الشخص الاصلى..


أحتلوا مقاعدهم فى الطائرة..
بعد أن مّروا بالاجراءات الروتينية فى المطار...
و بعد معاملة فى منتهى الرقى من سلطات المطار..
ومجددا سرحوا بخيالهم..
ليس فى تونس وجمالها وحسن حفاوتها..
ولكن فى السودان..
بلد العجائب المليون..

Post: #266
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 08-20-2014, 02:33 AM
Parent: #265

كانت الخرطوم تغوص فى أنوار النيون المتعددة الآلوان...
فقد حّل الظلام ولم يبد منها غير الاضاءة المتناثرة هنا وهناك..
ورغم جمال المنظر والاحساس بأن الآرض سودانية..
ألا أن أحساس أعضاء الخلية...
لم يكن كما الشخص العائد الى بيته..
ولم تكن الخرطوم مدينة جاذبة من الجو مثل المدن الآخرى..
التى تنعشك وتغريك بالاسراع فى الدخول..

كانت هناك أحاسيس متضاربة..
منها ما هو قوى قوة جاذبية الوطن..
ومنها ما هو سالب يدعوك الى العودة من حيث جئت..

خرج الجميع من الطائرة ليتلقفهم هواء حار..
وبعض التراب..
وكأن الطبيعة هى الآخرى متآمرة على السودان..
مع القوى الخارجية التى يحلو للحكومة أن تعلق عليها فشلها..
وراسا بدأ العرق يتصبب من الجميع..
ورآن الصمت على جميع الركاب فى ذاك البص..
وهم فى طريقهم الى صآلة المطار...

Post: #267
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: hamid murahid
Date: 09-25-2014, 12:16 PM
Parent: #266

الاستاذة نور / تحياتي
نرفع البوست لمزيد من القراء لمتابعة هذا السرد الحقيقي الرائع.

Post: #268
Title: Re: طبول وأصدآء....
Author: nour tawir
Date: 09-25-2014, 09:54 PM
Parent: #267

ألف شكر استاذ حامد..
وحمدالله بسلامة الباسويرد..