هل يقتل الفيلم جمال العمل الروائي؟؟ الحب في زمن الكوليرا مثالاً..

فيلم «الحب في زمن الكوليرا»
حين يقتل الفيلم جمال العمل الروائي

نداء أبوعلي

"ليس هناك من مجد أعظم من الموت في سبيل الحب". هكذا تخيل الروائي الكولومبي الأشهر جابريل جارسيا ماركيز، الحائز جائزة نوبل للآداب. الذي توفي في شهر إبريل الجاري، عن عمر يناهز السابعة والثمانين في فراشه وهو يصارع مرض التهاب الرئة، إلا أنه في روايته "الحب في زمن الكوليرا"، كان كثيراً ما يربط بين الحب كمرض يجتاح الجسد، وبين المرض القاتل "الذي اختار الكوليرا كرمز له"، وكأن الأمرين يفضيان إلى الممات. تم إنتاج فيلم يحاكي أحداث رواية "الحب في زمن الكوليرا"، في عام 2007، من إخراج البريطاني مايك نيول. إلا أنه يصيب من قرأ الرواية التي تعتبر من روائع الأدب، والأقرب للأدب الكلاسيكي في السرد المفصل، بخيبة أمل. لم ينجح مايك نيول في إبراز الواقعية السحرية التي يتميز بها الأدب اللاتيني، والتي ينفرد بتجميلها بالأخص المبدع ماركيز، وهو أشهر الأدباء باللغة الإسبانية بعد سيرفانتس. تجد مشاهد متعددة تتفاوت بين أداء متهالك فاتر، لا ينم عن حميمية الأحداث، وأخرى فكاهية تثير الضحك.


حين تقارن الرواية بالفيلم سيدفعك ذلك لتقييم الفيلم كونه هشاً غير قادر على جعل المشاهد متعاطفاً مع الشخصيات المحورية، فعلى الرغم من كون الفيلم باللغة الإنجليزية، إلا أن أغلبية الممثلين حاولوا إتقان اللكنة اللاتينية، باستثناء بعض الممثلين كجون ليكيزاما الذي قام بتأدية دور "لورنزو دازا" الأب المتسلط، والذي طغت عليه لكنة أمريكية، وحضور أشبه بالكوميديا منه للدراما. أما الشخصية المحورية "فلورنتينو إريزا"، فعلى الرغم من تأدية الممثل الإسباني القدير "خافيير باردم" لدورها، إلا أنه لم يدفعك للارتباط بشخصية إريزا كما في الرواية، برومانسيته الطاغية، وشخصيته التي تظهر عليها علائم الجنون. يظهر خافيير مثلجاً متهافتاً تارة، ومثيراً للضحك تارة أخرى، "كمشهد بكائه المزيف واحتضانه لوالدته بسبب هجر فيرمينا أربينو له"، تعود له القدرة على التعمق أكثر وإدخالك دائرة الفيلم وتفاصيله عند اقترابه من النهاية. "انتظرت هذه الفرصة لواحد وخمسين عاماً، وتسعة أشهر وأربعة أيام. تلك هي المدة التي أحببتك فيها منذ أول يوم رأتك عيناي..إلى اليوم". يعترف فلورنتينو لمحبوبته فيرمينا، مجسداً الحب الذي يتجاوز الأزمنة ويعبر الأجساد، ويصمد حتى فترة الكهولة، باحثاً عن الروح الفتية والمشاعر المتأججة. هو يرمز إلى طبيعة النفس البشرية التي تبحث عن الحب وتتفنن في الإمعان في تعذيب الروح. يعيش معها تجربة الحب الأفلاطوني، على الرغم من غرقه في ملذات الجسد مع أخريات، إلا أنه ظل مخلصاً لمعشوقته الأولى عاطفياً، منتظراً أي فرصة حتى وإن كانت موت زوجها ليحظى بنهاية سعيدة معها. نظرته الحالمة للحياة شكّلت حياته، حيث إنه يسعى في مساعدة العاشقين وكتابة رسائل غرامية بدل تركيزه على الجانب الربحي من عمله. يمازج العمل الروائي "الحب في زمن الكوليرا" بين الواقع والخيال، ويوحي بأن الحب مختلف في الذاكرة وفي الحقيقة. ويشبه ماركيز الإحساس بالحب بالجسد المنهك المريض. وذلك في إيحاءات عديدة للمرض سواء شكوك والدة فلورنتينو بإصابته به، أو تأمله لحال المرضى بالكوليرا في تلك السفينة الموبوءة، وهو يتأسف على ابتعاده عن محبوبته. أما فيرمينا فتجسد العقلنة والإذعان للضغوط الخارجية، في الحقبة بين 1880 إلى 1930، حيث لا تزال للسلطة الأبوية القرار في اختيار شريك الحياة. حيث تختار الطبيب "خوفينال أربينو" صاحب الكاريزما المبهرة، على الرغم من ارتباطها العاطفي بفلورنتينو. تقنع نفسها بأن من أحبته "هو مجرد سراب"، وتحاول إقناعه بقولها أن "العلاقة التي بيننا لا تتعدى كونها وهما". في الحين الذي يظهر فيه الطبيب خوفينال غير مؤمن بالحب، باحثاً عن الاستقرار في الحياة الزوجية فحسب، مما يتوازى مع نظرته للحياة ككل، ورفضه التقدم في السن والمرض، وكأن الحب مرآة للموت والفناء، وهو لا يؤمن بأي منهما، مما جعل من الصعب على فيرمينا ذات العواطف المتأججة على الرغم من إخفائها لها، أن تعيش معه بسعادة حقيقية. على الرغم من اقتباس عدد لا بأس به من عبارات مأخوذة من الرواية، فمن الصعب أن يحقق فيلم قائم على عمل روائي جميل نجاحاً مماثلاً، وقد يكون جابرييل ماركيز قد نجا من عدم تحويل روايته التي حاز جائزة النوبل بسببها في عام 1982 "مائة عام من العزلة"، إلى فيلم سينمائي. فالغوص في ثنايا الخيال، والإبحار بعيداً عن الواقع أروع من رؤية مشاهد بصرية تعجز عن تحقيق ذلك.)

(صحيفة الاقتصادية السعودية)

اعتقد ان قمة جمال الرواية يتمثل في تخيل القاريء لابطالها وحتى للاماكن التي ترد فيها...

وهذا التخيل يختلف بالتأكيد من قاريء لآخر وفقاً لاسباب عديدة

وعندما يتم تصوير مكونات الرواية ووضعها بصورة (واحدة) حسب تخيل كاتب السيناريو او غيره فستكون وضعت في اطار ضيق عكس الاطار الواسع الذي كان بحجم خيال كل القراء..

واظن ان تجربة فيلم عرس الزين رغم انها شكلت بصمة في السينما السودانية المتعثرة اوضح دليل...

سلامات ياسر
ياخي انا الحاجة دي لاحظتها في عدد من الافلام التي جاءت من روايات مشهورة
ولكي لا نذهب بعيد دونك عرس الزين المقتبس من رائعة الطيب صالح
فيلم رغم ما به من جمال وبساطة في تصوير الاحداث واختيار موفق لشخصية الزين في الفيلم والابطال
الا انه دون الرواية التي تهوم بك في عالم الطيب صالح المعتق

تحياتي

مرحباً بك الحبيب عبد الله

اعتقد ان قمة المتعة في عالم الرواية هي الخيال

ولو انتفى ...تفقد الرواية متعتها ..


مع ودي

سمعت ان هناك محاولة او جهود لتحويل رواية موسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح لفيلم سينمائي..

واكاد اجزم انه لن يصيب النجاح مثله مثل تجربة الحب في زمن الكوليرا

الذي لم يسمع الكثيرون حتى متابعي الفن السينمائي انه تحول لفيلم..

Dear yassir

good examples for films based on novels
Doctor Zhivago 1965
Zorba the Greek1964
Empire of the Sun 1987
The Old Man and the Sea 1991
The Talented Mr Ripley 1999
The Silence of the Lambs 1991
The English Patient 1996

مشكور اخي طارق


قد تكون هناك استثناءات ولكن بالتأكيد الافلام المعنية لا ترتقي لمستوى الرواية

مع ودي

سلامات أخ يا ياسر

أنا أوردت النماذج أعلاه لتأكيد أن العمل السينمائي من الممكن أن يرتقي لمستوى العمل الروائي
والنماذج الأنا أوردتها خير شاهد على ذلك
ومن خلال ردك يبدو لي إنك ما شاهدتها وهي ليست كل الأمثلة ولكن قليل منها نسبة لأني كنت ساعتها مشغول جداً وما كان عندي كيبورد عربي عشان أستسهب في ردي.

بالنسبة لي فلم الحب في زمن الكوليرا ففي نقاط كانت ما في صالح العمل عشان كده فشل فنياً لكن ده ما بعني إنو عندو إيجابيات
1- الفلم قدر بي نسبة كبيرة جداً يخلق نفس البيئة الخاصة بالرواية ما عدا بعض النواقص وده برجع لي أسباب حطرحا في السلبيات
2 - الإخراج الفوتوغرافي واللاند إسكيب بتاع الفلم كان على درجة عالية جداً من التميز
3- الدقة والجودة في إختيار الممثلين والاداء
4- أول مرة نشوف عمل لي ماركيز في الشاشة
بالنسبة لي سلبيات العمل فكلها بترجع للإنتاج والميزانية الخاصة بالفلم وأنا متأكد إنو لو كان طاقم العمل وزمن العمل إتأثرو بي ميزانيتو المنخفضة
ومنها القفزات الزمنية الكبيرة البعدتنا عن جو الرواية الأصلية وعدم القدرة على طرح واقعية ماركيز السحرية في مشاهد كتيرة جداً


النماذج كتيرة جداً ولو ربنا أكرمك وحضرت فلم الأم عن رواية مكسيم غوركي وإخراج بودفكين أو أي فلم روائي فرنسي على سبيل المثال البؤساء النسخة الفرنسية وفلم مدينة الله البرازيلي وفلم أبونا التشادي للمخرج التشادي العظيم محمد صالح هارون
وفلم تسوتسي الجنوب افريقي ومن أجل أبنائي الهندي وعمارة يعقوبيان المصري وفي آلاف ودونك أعمال ريدلي سكوت الروائية.

عبد الرحمن نجدي قبل كده قال: (ليس هناك ما لاتستطيع الكاميرا أن تراه) وأنا بقول إنو إي رواية لو لقت مخرج كويس وإختيار بعناية للطاقم الفني والأدائي وميزانية مفتوحة ممكن يكون بجودة العمل الراوائي إن لم يكن أفضل.

بوست جميل قدر يرجعني بعد تلاتة سنوات أو زياده أتمنى إنو يستمر والنقاش فيهو يتواصل

محبتي

وكذا رواية مالك الحزين لابراهيم اصلان والتى تحولت للكيت كات …يقول اصلان ان ماشفع لبشير الديك هو تلك النهاية الرائعه التى ختم بها الفيلم..تحياتى..

الاخ ياسر ،سلام وتحية
قريت الرواية مرات ومرات
وشاهدت الفلم وبعد عشرة دقايق حولت القناة.
اعتقد ان الفلم لم يتوفر له الحشد الفني والمالي المناسب ،فعمل كهذا للراحل ماركيز يتطلب وجوها معروفة لتقم بالادوار الاساسية وهذا لم يتوفر فيرالفلم.
تسلم.

على سبيل التحية والمتابعة: