مرثية غازي صلاح الدين لمحجوب شريف...

مرثية غازي صلاح الدين لمحجوب شريف...


04-15-2014, 08:27 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=460&msg=1397546831&rn=0


Post: #1
Title: مرثية غازي صلاح الدين لمحجوب شريف...
Author: ياسر منصور عثمان
Date: 04-15-2014, 08:27 AM

الدكتور غازي صلاح الدين يكتب عن شاعر الوطن ” محجوب شريف ” :


” رسائل وداع من خلف الكمّامة ”
ربما يستغرب بعضهم، بل قد يمتعض آخرون، من أنني حين أكتب عن موت الشاعر محجوب شريف لا أحاكمه إلى مواقف سياسية قد يعترض عليها كثيرون بلا شك. لكن الأولى في موقف الموت أن ننظر إلى الإنسان من حيث هو إنسان، وندع الحساب إلى صاحبه .
فديدننا كلنا في الدنيا الخطيئة .
قلت في تأبين الشاعر محجوب شريف :
الموت ينقلنا إلى دار كلها عدل لأن الله، سبحانه، يضع فيها “الموازين القسط ليوم القيامة”، ودار كلها رحمة حيث يسود قانون العفو الإلهي “ورحمتي وسعت كل شيء”. والعدل والرحمة، التي عبر عنها الراحل بالحب الكبير، هي المعاني التي دارت عليها أشعار محجوب شريف ونضالاته كما آمن بها هو ورأى الحياة من خلالها. وهو قد طوّع لرسالته في التغني بالعدالة والحب موهبة فذّة، قليلا ما تتكرر في جيل أو جيلين .
تعود أن يختار من الكلمات أبسطها ، ومن بحور الشعر أخفها، فيتغلغل إلى وجدانك ويضع بصماته بداخلك وأنت لا تملك أن تقاوم. يتحدث عن أدوات اليوم العادية كالكرسي والسرير فيحيلها كائنات ناطقة ذات مشاعر وأحاسيس .
وهو ينادي تلك الأشياء العادية ويجادلها ويسألها. يقول في مرثيته “يابا مع السلامة” :
يا كرسي وسريرو…هل ما زلت دافي
يا مرتبتو يمكن…في مكتبتو قاعد
يقرا وذهنو صافي
وملكته الشعرية تحيل حدثاً عادياً كمجلس شاي إلى موقف مسرحي متكامل تسيطر عليه جمادات: معالق وترامس وكبابي، بعث فيها الشاعر الحياة فهي تتجالس وتتهامس وتتضاحك وتثرثر كما البشر :
يا تلك الترامس
وين الصوتو هامس
كالمترار يساسق
ويمشي كما الحفيف
وكم في الذهن عالق
ثرثرة المعالق…والشاي اللطيف
وتصطف الكبابي
أجمل من صبايا…بينات الروابي
والظل الوريف
أحمر زاهي باهي….ويلفت انتباهي
هل سكر زيادة أم سكر خفيف
تغنى محجوب من أعماق وجدانه بالحب العفيف : الحب لزوجه وبناته، والحب للناس، والحب المرهق لوطن ظل يحلم برؤيته وطناً عظيما ً:
وطنّا
البأسمك كتبنا ورطنّا
إلى أن يقول :
واحبك ملاذ
وناسك عزاز
احبك حقيقة
واحبك مجاز
وهو يصور وطناً متسعاً لأبنائه بلا تفريق ولا ملاواة :
ما بتحب تفرق…ما بتشد تلاوي
الحلم الجماعي…والعدل اجتماعي
والروح السماوي…والحب الكبير
اتفقنا والله. كلنا يتطلع إلى العدل الاجتماعي والروح السماوي مجتمعين .
الشيوعية عند محجوب لم تكن إلحاداً وكفراناً بوعد السماء. بالعكس هو كان يعبر عن معتقدات المجتمع وقناعاته بعبارة لطيفة. يقول في الرثائية مرة ثانية .
يا موت لو تركتو….مننا قد سرقتو
كنا نقول دا وقتو؟….لكنك حقيقة
بعبارة أخرى “الموت حق وقد رضينا بقضاء الله”. شاعرنا ليس ضد الدين، إنه ضد حروب الأديان، وهو مع تجاورها وتحاورها بالتي هي أحسن حتى تتخذ بينها نفاجا كما كان يفعل المتجاورون في السودان القديم :
النفاجو فاتح ما بين دين ودين
نفحة محمدية….ودفئا كالضريح
ميضنة كم تلالي….جيداً في الليالي…مجداً في الأعالي
مريم والمسيح
لكن الذي شدني حقاً ودفعني إلى كتابة هذه الكلمات هو مشهد موته حين كان يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت كمّامة الأوكسجين. المعهود في تلك المواقف أن ينشغل المريض بذاته ويحسب ما تبقى له من أنفاس توصله إلى محطته الأخيرة .
هو كان شيئاً مختلفاً ً فقد حرص على أن يرسل رسائله الأخيرة من خلف جدار الموت. فكان يزيح الكمامة من حين لآخر ليملي أشعاره ورسائله الأخيرة. اثنتان من قصائده أملاهما قبل يومين من موته. واحدة كانت للأطفال الذين أحبهم كثيراً وتغنى لهم وبهم، أجمل فيها وصاياه لهم :
تكبر سبّاق…بالإيد والساق
بالحب والخير…من سهل فسيح أو من رقراق
ترزي وسواق…تعمل زقزاق
من ورد جميل…تهدي العشاق
بل كلك ذوق…عندك أخلاق
بتلم الناس…قط ما فراق
بر بالوالدين…وتسد الدين
تب ما نقناق
القصيدة الثانية كانت للوطن الذي أحبه يوضّح فيها إيمانه بأن وطنه سينهض متجددا :
من وجداني…صحة وعافية
لكل الشعب السوداني
يا متعدد….وما متشدد
ما متردد…ما متردد
ملء جفوني بنوم متأكد
بل متجدد….تنهض تاني
القصيدة الثالثة، وهي أحشدهن بالعاطفة وقوة المعاني كانت شهادة حب وامتنان عظيمين في حق زوجته ورواية مختصرة وجميلة للعلاقة بينهما حرص الشاعر أن ينقلها للبشرية كآخر هدية يهديها لشريكة حياته. وقد أملى تلك القصيدة قبل يوم فقط من موته وبينه وبين الآخرة مرمى حجر :
حبتني حبيتا….ربتني ربيتا
ما بطيق النوم برة من بيتا
إلا في منفاي صورة ختيتا
إن شا الله ما يحصل ينقطع خيتا
زعلت رضتني…برضو رضيتا
نمت غتتني…قمت غتيتا
كبرنا تاتتني…ياما تاتيتا
معان وكلمات رائعة وموقف إنساني فريد. هذا هو الاتحاد الكامل والوفاء المحض .
لو بقيت للفقيد حسنة نتشفع بها له عند الله فهي صدقه الذي لم يعرضه لبيع أو شراء قط، اتفقنا أو اختلفنا معه :
لا كريت…..أنا لا انكريت
لا بعت ذمة…ولا اشتريت
سنيت قلم صدقي….وبريت
اللهم إن لم تدخله الجنة بعمله – ومن منا يدخلها بعمله – اللهم فأدخله الجنة بهذا الصدق الذي وفى له إلى آخر لحظات عمره، وسعنا وإياه برحمتك التي وسعت كل شيء.


غازي صلاح الدين العتباني
5 أبريل 2014

Post: #2
Title: Re: مرثية غازي صلاح الدين لمحجوب شريف...
Author: ياسر منصور عثمان
Date: 04-15-2014, 10:46 AM
Parent: #1

رغم الاختلاف الفكري والسياسي بين الرجلين ...

إلا ان حروف الدكتور غازي تحمل كثير من الصدق والتقدير للراحل الكبير محجوب شريف..

Post: #3
Title: Re: مرثية غازي صلاح الدين لمحجوب شريف...
Author: sadig mirghani
Date: 04-15-2014, 11:00 AM
Parent: #1

كلام جميل اتمني ان يكون صادقا ومن القلب وليست مناورة سياسية قبيل الانتخابات القادمة لأننا رأينا منكم الكثير والمثير ومازال باب التوبة مفتوحا مالم يغرغر العبد

Post: #4
Title: Re: مرثية غازي صلاح الدين لمحجوب شريف...
Author: Farida Mahgoub
Date: 04-15-2014, 11:41 AM
Parent: #3

Quote: مرثية غازي صلاح الدين لمحجوب شريف...


الراجل دا جادي؟

بعد ربع قرن لكن!!!

Post: #5
Title: Re: مرثية غازي صلاح الدين لمحجوب شريف...
Author: ابنوس
Date: 04-15-2014, 11:44 AM
Parent: #3

كلام غريب !