شخصيّات من الديم

ساندرو
لا يعرف له أحد غير هذا الأسم..
هادئ الطبع ..وسيم الشكل..لم تنال ذهاب العقل من وسامته ..
ولا كذلك تجواله و تسكّعه في أزقّة و حواري الدبم ..
نالت الشمس من لونه الأبيض ..فأصبح أقرب للحّمرة..
أعتقد أنه إكتسب إسم ساندرو من شكله الأقرب للأغريق..
الشعر طويل منسدل حتّى كتفيه..
الشائع في أوساط الديم أنه من أم أثيوبية وأب يوناني..
الكل يحب ساندرو..
فالناس عادةً تتجنّب من نسميهم ..(المجانين)
إلأّ في حالته..فساندرو إنسان مسالم ..إبتسامته الجذّابة تخلق حالة من الود بينه وبين الكل,,

***************
ساندرو زول قليل الكلام..يختار من يتحدّث معهم
كل البيوت في الديم ترحّب به..ولكنه لا يطلب الأكل إلأّ من بيوت معيّنة..
سألت ساندرو..(مالك في الحر ده لابس بنطلونين و 3 قمصان)..؟
ردّ :(إنتو ما عارفين حاجة..انا في الحر بلبس هدوم كتيرة ..عشان اعرق كتير وجسمي يحتفظ بالرطوبة)..

****************
لا يطلب ساندرو المال من أحد..
أقصى ما يطلبه سيجارة برنجي أو سفّة..
ساندرو فنّان تشكيلي كما يسمي نفسه..
يتكسّب من رسومات صارخة الألوان تزيّن أندية الديم العريقة ..
والمطاعم الشعبيّة البائسة..
معظم رسوماته مستوحاة من الأفلام التي يحضرها في سينما النيلين..
إضافةً إلى تشكيل خليط من الألوان ..يسميها لوحة سريالية..
دايماً إجاباته مدهشة و غير متوقّعة..
سألته يوماً..وكنت أحب سرده للأفلام..(ما خشّيت النيلين قريب يا ساندرو ؟)
ردّ : (يوم الخميس خشّيت فيلم كمبودي..أحكيهو ليك ؟)
كمبودي !! .. ده شنو كمان يا ساندرو؟..يكون عن حرب فييتنام ؟ما سمعت بفيلم كمبودي..
غضب ساندرو وأصرّ إنو الفيلم كمبودي..ورغم كل الرجاءات رفض بتاتاً يحكي قصّة الفيلم الكمبودي..

**************
شغلتنا الحياة في التسعينات..
وكل واحد لافّي في (قلووظو)..كما يعبّر أحد الأصحاب..
ولم يعد من وقت لنسمع حكاوي ساندرو و حكيه الجميل للأفلام..
وحتّى هو لم نعد نراه إلا لماماً..
أصبح أكثر صمتاً..
لم يعد يتسكّع كثيراً..
بان عليه هزال وضعف شديد في بنيته..
واختفى فجأة من الشوارع والناس الذين أحبهم..
عرف الجميع حينها أنه كان يعاني من مرض..ولكنّه لم يبوح لأحد.
حتّى تكرّم أحد أبناء الديم بنقله للمستشفى..
مكث ساندرو يوماً واحداً في المستشفى ..ثم أسلم الروح...
لم يغيب ساندرو عن مخيّلتي رغم مرور أكثر من عشر سنوات على وفاته..
هؤلاء البسطاء الذين لايحس الناس بحضورهم و لا بغيابهم..
هم الذين يعطون للحياة في بلادي المعنى الإنساني..
لك الرحمة يا ساندرو ..

Quote: الشائع في أوساط الديم أنه من أم أثيوبية وأب يوناني..

معرفتي بساندرو وأخيه لأمه عدلي أحمد عبدالعال بطل تنس الطاولة الشهير تعود للعام 68 أو 69
تقريبا حيث سكنا في حي المايقوما برفقة والدتهما الأثيوبية في غرفة بمنزل حاجة منصورة حبوبة صديقي
عصام مكي واخوانه واخواته , وقد كانا طفلين في غاية البهاء يتلقيان رعاية أكثر من جيدة من والدتهما التي
كانت تعمل في منطقة الخرطوم ثلاثة وتعود اليهما في نهاية اليوم محملة بكل ما يحتاجانه , تربيا تربية كريمة
ولكنها الحياة التي لا تستمر علي وتيرة واحدة كبر الشابان انهمك عدلي في رياضة تنس الطاولة فتجاوز حتي
مخترعيها من ناحية المهارات ومثل السودان في عدة مناسبات دولية , أما ساندرو والذي كان أكثر انفتاحا من شقيقه
عدلي فلم يكن يجيد في ذلك الزمن خلاف المصارعة ولم يتغلب عليه أحد من أبناء جيلنا ورغم قوته لم يكن شريرا ولا
يقدم علي مصارعة أحد الا ان دعاه أحدنا لذلك , توفيت والدتهما الي رحمة مولاها كما يبدو وساءت أحوال البلد وأحوال ساندرو
وعدلي معا , اختفى عدلي ويبدو أن والده سوداني وربما اهتم به وبشؤونه أما ساندروا لم يجد سوى أهل الديم سند له ولولا المرض
العقلي الذي ألم به ويبدو أن سببه وفاة الأم ومغادرة أخيه عدلي لكان لساندرو شأن آخر ولعاش حياة أكثر استقرارا يستحقها , حزنت
جدا عندما علمت بخبر وفاته بعيدا عن أب لم يسأل عنه وأم سبقته الي دار الخلود والبقاء بعد أن بذلت كل ما في وسعها ليعيشا حياة آمنة
مستقرة لكنها مشيئة الحياة , وان كنت عاتب علي أخيه عدلي الذي كان من واجبه أن يهتم بأخيه ويتفقد أحواله خصوصا بعد أن تحسنت
أحواله وأصبح أحد نجوم تنس الطاولة الذين يشار اليهم .

شكراً أخونا فيصل..
عدلي للأسف تنكّر لساندرو ولم يكن يسأل عنه
في أواخر السبعينات و الثمانينات كان عدلي ملء السمع و البصر ..
بإعتباره بطل السودان في تنس الطاولة ..
ولكنّه تناسى وجود ساندرو تماماً
والعجيب إذا سألت ساندرو عن عدلي ..يتحدّث عنه بكل محبّة و حميمية..
ولكنها الدنيا يا صاحبي
شكراً للإضافة

رحم الله ساندرو ... الفنان ...
لوحاته مازالت فى بعض الاماكن فى الديم ...
لازلت اذكر لوحته لبروس لى فى منزل عوض بكرين رحمهما الله ...
ايضاً ساندرو كان حريف فى تنس الطاوله ...فى نهاية السبعينات ...
عدلى هاجر الى السعودية فى بداية التمانينات واعتقد مازال موجوداً فى جده ...

يقال ان والد ساندور وعدلى هو الخواجه ... صاحب بصات الخواجه ... اول بصات فى طريق الخرطوم مدنى مكيفه ...

تحياتي