نعمة الباقر .... دخلتها وصقيرا حام

نعمة الباقر .... دخلتها وصقيرا حام


12-25-2013, 10:52 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=460&msg=1388205760&rn=1


Post: #1
Title: نعمة الباقر .... دخلتها وصقيرا حام
Author: Rayah
Date: 12-25-2013, 10:52 PM
Parent: #0




نعمة الباقر ..... دخلتها وصقيرا حام

لو كان هناك نوط شجاعة يعطى لإعلامي لأعطيته للصحفية بنت الصحفية بنت الصحفي مراسلة القناة العالمية CNN نعمة الباقر. وهذه هي المرة الثالثة التي أكتب فيها عن نعمة وأنا أرقب صعودها في مجال العمل الإعلامي المرئي لقد بدأت في ظروف مماثلة لظروف كريستيان أمانبور وأول ظهور لها شاهدتها فيه عندما كانت تراسل شبكة الس إن إن من أفغانستان ومن كينيا أثناء الهجوم المسلح الذي قامت به عناصر حركة الشباب الصومالية بدعم من القاعدة على سيوبرماركيت في نيروبي. ولكن قبل يومين ، ظهرت في أفريقيا الوسطي وهي تنقل أخبار الحرب الأهلية من بانقي العاصمة ومن المدن الأخرى. لقد كانت تمسك بالمايك وتنقل وقائع الأحداث وسط زخات من الأعيرة النارية منقولة على الهواء وأي شخص شاهد ذلك شعر بالخطورة الماثلة أمامه وهو يرى الجنود الفرنسيون يدفعون الناس داخل عربات ليبعدوهم عن مرمى الرصاص بينما ظلت نعمة تتحدث ولا تفارق المايك برباطة جأش مذهلة بينما إنطلق من هنا صوت إمرأة عجوز كانت تشاهد هذه الواقعة:
- يا يمة هوى.. سجمك .. أجري يا بت إندسي.. يا ناس .. قولوا لبت الناس دي ترمي الشي الفي إيدا دا وتجري ... هسع يا إخواني العاصرا على دا كلو شنو؟ بري... دا والله موت عديل.. الله لأمك ولأبوك ولرويحتك وشبابك... يا ربي تحفظا.. قلتوا لي دي بت أصحابكم ؟ .. الرسول كما كلمتوهم يلموا بتهم عليهم. هسه ديل ناس نصاح؟
الإنفعال التلقائي لهذه المرأة هو إنفعال كل أم أو حبوبة سودانية لم تألف مثل هذا الحدث الماثل أمامها، وإشفاق حقيقي .. وتصورت مستوى الأدرينالين المنسكب في أوردة وشرايين نعمة وهي تنقل الخبر طازجاً على الهواء. لقد كانت لحظات جد عصيبة عشناها مع نعمة... . المهنية في أعلى درجاتها ونقل الخبر بحذافيره عند نعمة هي التي تعلو فوق السلامة الشخصية. فهذاجيل من المراسلين عالي الدربة مهمته أن يقتحم الأحداث في ميادينها لا أن يختبئ عند حدوثها أو يفر منها.
لقد دخلت نعمة بانقي وصقيرا حام.. فهناك عشرات الجثث ترقد في العراء وقد مزق الرصاص أجسادها ولا بد أن صقور أفريقيا الوسطى قد (بشمن) ولا تنعدم الجثث وعجلة الحرب دائرة إلى كتابة هذه السطور ، ونعمة يحفظها الله تؤدي مهمتها في (رومانسية) عالية وأقول رومانسية لأن الروائي العالمي إرنست همنجواي كان يقول (أن قمة الرومانسية أن تحتك بالخطر دون أن تسقط) ولهذا ذهب واشترك في الحرب الأهلية الأسبانية إلى جانب الإشتراكيين ضد الجنرال الفاشي فرانكو وكتب روايته (لمن تدق الأجراس) ثم إشترك في مصارعة الثيران وفي كل مرة كان ينجو من الموت بأعجوبة.
ونعمة هشمت تلك المقولة السودانية : (المرة كان فاس ما بتشق الراس). ورسمت لبنات وأبناء بلدها طريقاً واضحاً هو من أحب عمله وتفانى في أدائه فإنه يحقق لوطنه ولنفسه المكانة المرموقة التي يحلم به. ودلت على أن السودان يذخر بكوادر عالمية إذا أتيحت لها فرص التدريب الحقيقي وليس التدريب الذي ينال بعده الشخص شهادة يصور منها نسخاً يرفقها مع صور شهاداته الذاتية.
السودانيون لهم تجارب في الحرب العالمية الثانية في الصحراء الليبية صورها الشاعر محمود أبوبكر وقد كان برتبة ضابط في قصيدته التي يقول فيها :
قالوا ليهو القطر تقدم
كفرة نيرانا زي جهنم
معارك الكفرة التي خاضها الجيش السوداني مع جيوش الحلفاء ضد القائد الألماني روميل ثعلب الصحراء تصور شراسة تلك المعارك. ولكن على الأقل تلك معارك تقليدية لها خطط وضد عدو محترم يراعي الأعراف الدولية ومواثيق جنيف ولكن الحرب التي يستعر أوارها في أفريقيا الوسطى وتنقلها مراسلة السي إن إن نعمة الباقر ليس لها قوانين ولا أعراف. بل حرب مجنونة يغذيها حقد أعمى وقبلية بغيضة وتعصب ديني شطر الامة إلى نصفين . ولو كانت الأمور غير ذلك لهان الأمر ولكن كل ذلك يحدث في أفقر بقاع الله التي تتحرك فيها آلة الموت التي لا تفرز بين صحفي أو جندي أو مواطن. كل هؤلاء هم أهداف مشروعة من بينهم نعمة – حفظها الله – ولهذا فإن نعمة تعمل في هذه الظروف وتمثل المهنية الصحفية في أعلى درجاتها. وبذلك هي مفخرة لنا كلنا ولكل أب وأم تود أن يتبوأ إبنها أو بنتها مكاناً عالياً في عالم لا يرى الأقزام الذين يسحقهم في صراعاته ولا يلتفت إليهم.
دعونا نرفع الأكف إلى الله سبحانه وتعالى القوي العزيز أن يحفظ بنتنا نعمة ، الوجه المشرق الذي يدعو للتفاؤل في ظروف هبطت فيها المعنويات إلى أدنى مستوياتها وأن يجنبها من الشرور فوق ما تحذر وأن يكتب لها من الخير والصعود فوق ما ترجو. أدع لها فهي جديرة بذلك.

د. محمد عبدالله الريّح