أمريكا قد دنا عذابها - عوض محمد الحسن - جريدة الراية القطرية

أمريكا قد دنا عذابها - عوض محمد الحسن - جريدة الراية القطرية


12-25-2013, 09:19 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=450&msg=1387959556&rn=0


Post: #1
Title: أمريكا قد دنا عذابها - عوض محمد الحسن - جريدة الراية القطرية
Author: Fathi Ali Mohammed
Date: 12-25-2013, 09:19 AM

الرابط


Quote: بقلم- عوض محمد الحسن:

علمتُ من مصادر لا يرقى إليها الشك إلا لماما أن حكومة "الإنقاذ" بصدد اتباع استراتيجية جديدة، رادعة وصارمة، للتعامل مع الولايات المتحدة بعد أن فاض كيلها وعِيل صبرها من السياسات الأمريكية الظالمة تجاه السودان خلال العقدين الماضيين، والتي ألقمت البلاد عددا لا يُحصى من العِصي ليس بينها جَزرة واحدة من الجَزر الموعود في سياستهم المُسماة بـ"الجزرة والعصا"؛ وكالت بمكيالين؛ وحشرت أنفها الإمبريالي في الشؤون الداخلية؛ وسدت منافذ العون من المؤسسات المالية الدولية؛ وألبت حلفاءها الأوروبيين على السودان؛ وأشانت سمعته في المحافل الدولية بدفعها لقرارات الإدانة والشجب؛ وحرمته من شغل عضوية هيئات الأمم المتحدة المهمة كمجلس الأمن.

وكان "مجلس تعظيم مصلحة النظام" - العقل المُفكّر للنظام - قد عكف على دراسة العلاقات السودانية الأمريكية، وقرر، بعد تدبر واستخارة، استنفار فريق من خبرائه الاستراتيجيين الذين يملأون الآفاق والفضائيات لدراسة الأمر والتقدم بالتوصيات المناسبة، وجعل على رأس الفريق أكبر خبراء العلاقات الدولية في النظام، وأستاذ كرسي اللغويات (جمع لغو) في جامعة "أسنان المشط" العريقة. وقد أوصى الفريق في تقريره باتباع سياسة المعاملة بالمثل مع الولايات المتحدة، وإظهار "العين الحمراء" للأمريكان بعد أن فشلت سياسة الموعظة الحسنة معهم. وترتكز هذه السياسة على معاقبة الولايات المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية قاسية عليها، رأس الرمح فيها هو التوقف عن استخدام الدولار الأمريكي في المعاملات الاقتصادية والتجارية، والتحول نحو استخدام اليوان الصيني كعملة بديلة، جزاء وفاقا لها على فرضها عقوبات اقتصادية على السودان، ورفضها لقبول التعامل بالجنيه السوداني (وهو من أصعب العملات في الحصول عليه، وأسهلها في اتفاقه).

ويعتقد فريق الخبراء أن اتباع هذه السياسة الجديدة كفيل بردع الولايات المتحدة، واجبارها على تغيير سياساتها تجاه السودان، خاصة وأن الولايات المتحدة أصبحت هذه الأيام عملاقا من الطين الرخو، يترنح تحت عبء المديونية الداخلية والخارجية، وعجز الميزانية، واختلال الميزان التجاري (خاصة مع الصين)، والتفسخ الأخلاقي المتمثل في انتشار الإيدز والمخدرات وزواج المثليين، والاستقطاب السياسي الحاد داخل الكونجرس الأمريكي بين الديموقراطيين والجمهوريين الذي أصاب النظام الأمريكي كله بالشلل. وشدد الخبراء على أن مثل هذه الأوضاع الهشة تجعل ممارسة الضغوط على أمريكا (وخاصة استبدال الدولار باليوان الصيني) تؤتي أكلها وتقود إلى تركيعها وفرض الشروط عليها.

استفتيتُ "قوقل" لفهم تبعات القرار السوداني على اقتصاد الولايات المتحدة، فأغرقني في بحر الإحصاءات وأبرزها أن العجز التجاري لأمريكا مع الصين بلغ في عام 2012 نحو 315 بليون دولار أمريكي، وأن الاحتياطي النقدي للصين بالدولار الأمريكي يبلغ نحو 3 ترليونات دولار، ما يعني أن الصين تتعامل في تجارتها مع الولايات المتحدة بالدولار الأمريكي وليس باليوان الصيني. غير أنني تذكرت أن قوقل قد يكون أحد أذرع السياسة الأمريكية، وعليه فإن مصداقيته مشكوك فيها!


ويبدو أن بعض أعضاء فريق الخبراء قد استفتى قوقل أيضا ووجد ما وجدتُ من سيطرة صينية على مفاصل الاقتصاد الأمريكي، وأن الصين يُمكنها أن تتسبب في انهيار الافتصاد الأمريكي إن توقفت عن استخدام الدولار كعملة دولية، أو إن هي طالبت الولايات المتحدة بسداد ديونها. وعليه أوصى هؤلاء الخبراء، في تقرير ملحق، لم يُشارك فيه كبيرهم على ما يبدو، بتكوين تحالف استراتيجي مع الصين لممارسة الضغوط على أمريكا لإنهاء صلفها وهيمنتها. (ولن أقبل، بهذه المناسبة، أي إشارة لقول القُرادة المشهور: "عامنول، أنا والجمل أخوي جبنا العيش من الصعيد!")

لا أدري لماذا تُذكرني "واقعة" اليوان الصيني بحمودة العركي والنوادر التي تُحكى عنه، أو تُنتحل باسمه. وكان حمودة، رحمه الله، حلاق جامعة الخرطوم في أيام مجدها في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، رجلا حلو المعشر ولكنه "خارج الشبكة" في معظم الأحيان. وكانت نوادره، مثل نوادر الخوجة نصر الدين التركي (جحا)، و(ود نفّاش) السوداني، على كل لسان داخل الجامعة وخارجها، تُضاف لها نوادر لا حصر لها تُختلق وتُنسب إليه. لكني حضرتُ شخصيا إحدى هذه النوادر التي هي مثال صادق لنوع نوادره. حين أعلنت أمريكا أنها بصدد إطلاق مركبة الفضاء (أبوللو 13) في أعقاب (أبوللو 11) التي هبطت على سطح القمر لأول مرة في تاريخ البشرية، استنكر حمودة القرار الأمريكي بالذهاب للقمر مرة أخرى، واقترح أن تكون الوجهة كوكبا آخر. وحين سئل أين يذهبون، قال بثقة: "الشمس!" فقيل له، لكن الشمس ساخنة، فقال على التو: "يمشوا بالليل!"

العلم نورٌ، والجهل مصيبتنا، والحمد لله من قبل ومن بعد!

كاتب سوداني


[email protected]