Post: #1
Title: ما بين مانديلا والشيخ الكل بــــاني
Author: ياسر منصور عثمان
Date: 12-17-2013, 07:00 AM
(الشيخ عادل الكل بــــاني)
ملأني العجب وأنا أقرا كلمات التأبين في موت نيلسون مانديلا ، ذلك الذي ملأ الدنيا ضجيجا بوقوفه ضد العنصرية ، حتى إنه سجن طويلا من أجل ذلك . منشأ العجب عندي أن المتباكين عليه وعلى مبادئه ونضاله في غالبهم إن لم يكن كلهم يمارسون ما حاربه وسجن بسببه . هم يقولون إنه ناضل من أجل العنصرية ، وهم الذين يتباهون بالنسب والأعراق ، ويتعايرون باللون والشكل ، وهم الذين يسخرون بالأجنبي ، ويحتقرون الإفريقي ، والبنغالي ، والمصري ، وكل جنسية ليست منهم ! بل هم يفرقون بين المرء وزوجه بحجة عدم تكافؤ النسب ! وهم الذين يتفاخرون فيما بينهم بالمناطقية ، ويوالون عليها ويعادون فيها ! وهم الذين لا يرون في مانديلا نفسه إلا ( العبد ) أو ( الخال ) أو ( التكروني ) ، بل يستعملون النسبة إلى البلد سُبة ونقيصة ، فيقولون : يا نيجيري ، يا مصري ، يا رفيق ! وهكذا .. إن التلفع بالشعارات يجلب الأتباع ، ويلمع الصورة ، لكنه كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله : المُتَشَبِّعُ بما لم يُعْطَ كلابسِ ثَوْبَيْ زُورٍ . فيبقى الشعار أجوفا لا قيمة له ، ويتبين زيفه عند أول امتحان ! ومما يؤسف له أن غدى أكثر أمتنا اليوم من حاملي الشعارات لا من مطبقيها ، لهذا لم تقم لها قائمة ، وغدت في مؤخرة الركب ، يقضى الأمر وهي غائبة ، ولا تستشار وهي شاهدة ! ولهذا أيضا تستطيع بكل وضوح ودون أي غبش أو قتر أن تلمح عيوبها وتخلفها وبعدها عن الحضارة والصناعة والريادة والعدالة والقيم ، القيم التي جاءت أسسا في شريعتها ، وفخرا في تاريخها ، ونبراسا للمتبعين لها ، لكنهم ضيعوها حين أخلوها من مضمونها العملي ، وصارت مجرد شعار يجذبون به الناس كما في الحديث الآخر ، فهم يأمرون الناس بالبر ولا يأتونه ، وينهونهم عن الإثم ويغشونه . وكل خطيب يستطيع أن يدبج لك خطبة رنانة بليغة فصيحة ، ويمكنه أن يأتي لها بالشواهد من الآيات والأحاديث وأقوال السلف والخلف ، ويستدل عليها بأصول الفقه وقواعده ، ثم ماذا؟ ثم انظر إلى واقعه وأحواله ستراه ينسف كل القيم التي أصّلها ، والشواهد التي أشهرها لعادة أو تقليد ، أو جاهلية ما زالت تعشعش بين جنبيه ، ولا غرو فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذر ، وحسبك به : إنك امرؤ فيك جاهلية . ولا يمكن لعاقل أن يجعل هذا متكأ ليعلل به جاهلية نفسه أو هواها ، فإن أبا ذر رضي الله عنه ما أن سمع هذ النقد الواضح من حبيبنا صلى الله عليه وآله وسلم حتى بادر بكسر جذع الجاهلية في نفسه ، واقتلاع جذرها ، وعمل ما يسقي نبتة الخلق الإسلامي في نفسه ، فقد رؤي رضي الله عنه بالربذة وعليه حُلَّةٌ وعلى غُلامِه حُلَّةٌ فسأل عن ذلك فقال : إني ساببتُ رجلاً فعيرتُه بأمِه فقال لي النبيُّ صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذرٍّ، أعيرتَه بأمِه ، إنك امْرُوٌ فيك جاهليةٌ . إن المشدوهين بمانديلا المترحمين عليه لم يكتفوا بمخالفته ، بل هم يحاربون كل من نحى نحوه ، يحاربونه بالتجهيل والتضليل والفتوى ، نعم سيجعلونه منبوذا بحكم الشريعة ، ويصنفونه بأدلتها وأصولها ! فليت المأبنين لمانديلا عوضا عن هذه العبارات العاطفية ، والجدال البيزنطي في حكم الترحم عليه ، ليتهم سعوا في كسر شوكة الجاهلية في نفوسهم ، وطمس جذوة الكبر في قلوبهم ؟ وتحويل الشعارات التي يدندنون بها إلى واقع .
|
Post: #2
Title: Re: ما بين مانديلا والشيخ الكل بــــاني
Author: وضاح عبدالرحمن جابر
Date: 12-17-2013, 09:29 AM
Parent: #1
الشيخ عادل عندو اراء ومقالات جميلة .. زول حقاني
|
Post: #3
Title: Re: ما بين مانديلا والشيخ الكل بــــاني
Author: ياسر منصور عثمان
Date: 12-17-2013, 11:36 AM
Parent: #2
ولكنها غير مقبولة عند الحرس القديم من رجال الدين ...
|
Post: #4
Title: Re: ما بين مانديلا والشيخ الكل بــــاني
Author: صلاح عباس فقير
Date: 12-17-2013, 09:05 PM
Parent: #3
عادل الكل باني: !!!وكل خطيب يستطيع أن يدبج لك خطبة رنانة بليغة فصيحة ، ويمكنه أن يأتي لها بالشواهد من الآيات والأحاديث وأقوال السلف والخلف ، ويستدل عليها بأصول الفقه وقواعده ، ثم ماذا؟ ثم انظر إلى واقعه وأحواله ستراه ينسف كل القيم التي أصّلها ، والشواهد التي أشهرها لعادة أو تقليد ، أو جاهلية ما زالت تعشعش بين جنبيه !!!
شكراً ياسر، شكراً وضاح!
|
|