19 نوفمبر 2013 سنة حلوة يا جميل .

هذه الصورة ايضاً كانت يوم عيد ميلاد الوالد .
ايامها كانت (الخرطوم) غير هذه , كانت (الخرطوم) مدينة تعج بالحياة , خرجنا فى المساء بربطة المعلم وبالعربة (الهنتر) , ابناء كبار الموظفين ولنا وضعنا الخاص وكعبنا العالى على البقية .
كانت هناك اكثر من صورة , لكنها ضاعت للاسف الشديد , وبقيت هذه الوحيدة , ابناء يحتفلون بعيد ميلاد ابيهم , والحمد لله ان صاحب الاستديو لم يُدخلنا فى تجربة هبالة الزهور البلاستيكية التى كان يحملها كل من هب ودب فى تلك الفترة اثناء التصوير .
جلست انا على اليمين ومن بعدى (شهاب شاهين) انعم الله عليه ببركات الصحة والعافية , ثم (شريف شاهين) , ومن خلفنا وقفت النوارة الرائعة رفيقة الدرب الطويل التى كانت تحمينى طيلة فترة المرحلة الابتدائية فى المُشاجرات (شيرين شاهين) .
غداً الثلاثاء 19 فبراير 2013 , من جديد هو عيد ميلاد الوالد , هذه المرة (الخرطوم) غير , ونحن غير , ومحلات التصوير (الاستديوهات) انكمشت والتصوير اصبح عند الضرورة القصوى فى الزواج استخراج البطاقة الشخصية والرقم الوطنى واختفت للابد تلك الزهور البلاستيكية والمناظر الطبيعية الغبية فى الخلفية .
كلنا كبرنا .. وهاجروا وابتعدوا , واصبحت العلاقة علاقة صوتية عبر الهواتف .
بين هذه الصورة واحتفال الغد , ايام وايام , زاد فيها العدد على صعيد الاخوة الاشقاء فكان الثالوث النابغ على المستوى الاكاديمى (شاكر شاهين) , والصلاية الصوامة دون كلل او ملل (شمائل شاهين) , واخر العنقود ملكة النكتة الحبوبة (شيراز شاهين) .
وزاد فيها العدد على مستوى الاحفاد (محمد الاول) , (احمد الشهير بـ جدو) , (مرام) , (اياد) , (تيسير) , (شاهين الثالث) , (محمد الثانى) .
غداً نحتفل انا و (شهاب) فقط بعيد ميلاد ابى , (تورتة) وشمعة ضخمة واحدة , واتصالات هاتفية من دول مُختلفة .
والدى من رعيل الاطباء البيطريين الذهبى , رفض بشدة الاستقرار فى الولايات المتحدة الامريكية بعد ان نال شهادته العليا فى امراض الدواجن من جامعة (ميزوري) 1965 , كان عنده الشرف الكافى للعودة لانه ذهب مبعوثاً على حساب ابناء الشعب السودانى , ونال شرف المساهمة فى بناء قسم الارشاد الحيوانى ثم شرف المشاركة الفعالة فى معهد شمبات الزراعى , وماذا كانت المحصلة ؟ , تخلصوا منه بالاحالة للصالح العام مرتين , دون حتى كلمة شكر , فنحن فى بلد لا تحترم غير انصاف العاهرات فى الفن والشخلعة , وسماسرة السياسة والعمل العام .
كل سنة وانتا بصحة وخير وعافية يا جميل .

د. شاهين .. والحفيد المُزعج شاهين الثالث .

كل عام والوالد بألف خير وصحة وعافية

نسأل الله للوالد طول العمر والعافية والصحة

تحياتي أستاذ shaheen shaheen

الف مبروك وربنا يدي الوالد طولة العمر و يخليه ليكم يارب

شنو حكاية امبراطورية (ش) دي :)

د. شاهين .. والحفيدة تيسير الحنكوشة

فى الملفات والمنعطفات الحساسة يا قول المثقفين المعتوهين , كان يُمكن للوالد ان يبيع نفسه ويأكل على كل الموائد , لكنه رفض ذلك باصرار غريب , ودفعنا نحن ثمن ذلك من استقرارنا المالى فى اوقات التشرد من الخدمة المدنية .
تم انتدابه لصحيفة (الصحافة) مُحرراً فيها للصفحة العلمية , فافرد شراع قلمه تنويراً ومُناقشةً , فكتب عن النشؤ والارتقاء فى عالم النبات والحيوان بلغة سلسلة وبسيطة , وعن كيفية الاعتناء بالحيوان والطيور المنزلية , بل حتى اننى لاحظت عند مُراجعتى لبعض النسخ فى دار الوثائق ان الوالد كانت لديه صفحة كاملة ثم مقال صغير فى الصحفة الاخيرة ثم عمود كامل فى الصفحة الثالثة فى نفس العدد , كانت هذه هى ايام صعوده وشهرته , وظهوره فى التلفزيون ضيفاً دائماً فى فقرات تتعلق بالتثقيف البيطرى , ثم صعوده على خشبة مسرح لتسلم الجائزة الاولى فى مهرجان للقصة القصيرة .
كانت تلك مُعجزة فى تلك الحقبة , فكانت نظرات الاحترام تلاحقنا فى المدرسة الابتدائية , حيث كان وقتها هناك صحيفتين فقط (الايام) و (الصحافة) , والوالد تظهر صورته بشكل يومى فى واحدة منهما وفى المساء يكون ضيفاً على الشاشة البلورية فى وقت كانت فيه قناة واحدة ابيض واسود , حتى كان صدامه الشهير مع رئيس التحرير x الصديق المقرب للقائد الفذ الاوحد خال فاطنة , طلب منه ان يكتب فى عدد الغد عن يوم العودة العظيم , كان يُمكن له ببساطة ان يرقص على دماء ضحايا 1971 من الشيوعيين والديمقراطيين ليواصل مسلسل الصعود نحو الشهرة ويُطبل ويُزمر , كان يُمكن له ان يكون عضواً فى الاتحاد الاشتراكى العظيم . وكان يُمكن لنا ان نكون الان من سكان حى (كوبر) فى صرته الراقية , فى ذلك الوكر الراقى ببنايته ذات الادوار المتعددة , المكان المفضل لخفافيش النظام المايوى البائد .
لكنه حمل اوراق فلسوكابه المُسطرة وقلم حبره الجاف , وغادر مكتبه ودنيا الصحافة للابد , وبقى x مادحاً لعصابته العسكرية الرخيصة حتى قبض الله روحه .
كنت اعتقد ان تجربة ابى فى صحيفة (الصحافة) قد اصبحت نسياً منسياً , لكننى اندهشت عندما سئلتنى منه الأستاذة (امال عباس) ذات مرة من المراريت ايام (الرأى الأخر) فى تسعينيات القرن الماضى عندما قالت لى دون اى مناسبة
- انتا ولد دكتور شاهين البيطرى ؟ .. بالله !.. ابوك لسه عايش ؟ .
كان لديه ذلك التدين الريفى المعروف ايام طفولته وبواكير مراهقته , كان اماماً فى اوقات الصلوات فى المرحلة الوسطى , وكان الزلزال الكبير فى حياته والذى تمثل فى الأستاذ (طلسم) والد البلابل , ثم فى كتاب history of man اللذان قلبا حياته راساً على عقب , فسار بعدهما فى طريق العقلانية والعلمانية حتى الان .
وما زال ابى يتحدث عن المرحوم (طلسم) باعتزاز وتقدير ومحبة ويقول انه رجل سبق عصره بمئات السنوات فى الانفتاح الذهنى والتفتح

تحيات
أستاذ/ أمير محمد ادريس .
أستاذ/ محمد البشرى الخضر .
تشكراتى القلبية .