فى السوق - قصة قصيرة - استاذنا السر الزين

فى السوق - قصة قصيرة - استاذنا السر الزين


11-01-2013, 06:08 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=450&msg=1383325690&rn=0


Post: #1
Title: فى السوق - قصة قصيرة - استاذنا السر الزين
Author: Khalid Kodi
Date: 11-01-2013, 06:08 PM

السر الزين‎
في السوق

قصة قصيرة

كنت أتجول في سوق المحاصيل ، كان المعروض يتلقفني .فلا يستقر نظري على شيء . كل ما أراه أجمل من نفسه وأبهى . فالصمغ السوداني لا مثيل له إلا في هشاب كردفان ، وطلح النيل الأزرق .. كل كعكول ينادي على نفسه . ومجرد النظر إليه يجعلك تبتلع الريق مرة وأخرى . وفي داخلي .. تذهب يدي تأخذ واحدا ، وتعتصر رحيقه الزجاجي في لساني .. " اتمطق " لا إراديا .

- هل ذقت حلاوة الصمغ ، حين تمتد يدك محاذرة ، لتقتلعه من قلب أمه الدامع ؟!

كان السوق يضج بالحركة ..
السمسم أشكال وألوان ، أبيض ، أحمر ، محمص ..
وتلك الرائحة تعبق بالمكان .

الباعة يتصايحون :

" علينا جاي .. علينا جاي .. الفول والشاي "
السمسمية تفرض حبها على الجميع . الفول السوداني ، الذرة والدخن.. البعض يخمش دون إذن .. وتختلف الردود والنظرات .
السوق .. جامع ..
أيادي كثيرة تلقاك .. سائلة وعارضة .. وتائهة تخبط الوجه دون قصد أو ..................
وتسمع عفوا .. تطاردك ..
أرجل مسرعة في كل اتجاه .. ولا اتجاه.. أناس يملأون السوق .. ويملأ السوق بعضهم .
أيادٍ معروقةٍ وكروش تتقدم أصحابها..
صيحات متداخلة ومتناغمة ، وخطواتي تسبقني نحوها ...
كان العمال يحملون شاحنة وأهازيجهم تملأ المكان ..
عبيداب كتلا نمر عبيداب
عبيداب كتلا نمر عبيداب
تذكرت في تلك اللحظة الحكاية التي حدثنا بها العبيد ود جار الله قبل موته الفاجع بأيام ..
( كان الخريف جميلا ورائعا كأجمل ما يكون .. خرج الجميع إلى المزارع .. صغار وكبار .. نساء ورجال .. الكل يعمل حسب قدرته ، ومن هم دون العمل ، يصطادون الطيور أو يلاحقون الفراشات راكضين . وبعض النسوة يجمعن النباتات البرية .. ليصنعن منها طبيخا .

جاء رجل يجري ويصرخ .. النمر .. النمر .. تسابق الجميع نحو القرية ، تجمعوا في خلوة عم محمد ، حيث تركوا الأطفال والنساء .. وأخذ كل مقتدر سلاحه ( سيف ، حربة ، كوكاب ، نشاب ...) وأخذ عم محمد الخرطوشة الوحيدة .. وقبل كل ذلك ،" لبسوا الحجبات ".

استمرت المعركة بين كر وفر حتى العصر .. فتعب النمر .. وتعبوا..
أصيب النمر بأكثر من رمح .. وتمكن عم محمد من إصابته في الوجه فسقط .. وأسرعوا إليه يريدون النيل منه ، لولا صياح عم عمر .. الجلد .. الجلد .
انهالوا عليه بالضرب في الوجه والرأس حتى مات .. حملوه عائدين إلى القرية ، فاستقبلوا بالأهازيج والرقص .. والكل يغني ..
عبيداب كتلا نمر عبيداب ..
عبيداب كتلا نمر عبيداب ..)
وأخذوا تلك الأغنية معهم لسوق المحاصيل .. وأصبحوا يرددونها وقت الجد ..
انتبهت على صوت سميرة " المجنونة " وقد تحلق الناس من حولها .. وهي تسأل ؟

نحتوا ؟

آآآآ... ي

رد الجميع وبصوت واحد . فرقصت كأجمل ما يكون الرقص .

جاءها كل بما عنده .. تبركا وهدية .

كنت في حالة انجذاب تام عندما أخذني صالح بالأحضان .. ودخلنا في بحر السلام ..


أهدي هذا النص لأستاذي وأبي الذي علمني أن أفك الحرف .. محمد وداعة الله ولصديقي ورفيق دربي احمد حسين