اللي ما يعرفش يقول "دعم"

تريد الحكومة ان تورطنا مرتين مرة عندما تدعونا الي مناقشة قضية " الدعم " بمعزل عن قضية ترشيد " الانفاق العام " ومرة اخري عندما تزعم ان هناك شيئا اصلا اسمه" دعم " فالحكومات في كل الدنيا تجمع ايرادات الدولة ثم تنفق منها علي المجالات المختلفة فلا يوجد مايسمي بدعم العلاج او دعم التعليم وهكذا . والا اسمينا ماتنفقه الحكومة علي الشرطة دعم امني وعلي الجيش دعم عسكري وعلي الرئاسة دعما رئاسيا فالحقيقة أنه إنفاق عادي اختارت الحكومة منه ما يخص الشعب وأسمته "دعماً" ليعطي إيحاءً بمعني الصدقة أو الإحسان وهذا خطأ سياسي واقتصادي انساق كثيرون وراءه مع الأسف.. وقد أثبتت الحكومة الذكية أنها ذكية فعلاً عندما طرحت الموضوع للمناقشة علي طريقة "كيف نسد عجز الموازنة بإلغاء الإنفاق عليكم".

. لأنها تعلم أن مناقشة الموضوع من باب ترشيد الإنفاق العام قد يدفع البعض للحديث عن المليارات التي تنفق علي الأمن المركزي أو السفه الحكومي أو الإعفاءات أو غير ذلك وأصبح كل جنيه تنفقه الحكومة علي نفسها اسمه إنفاق وكل جنية تنفقه علي الشعب تسميه دعماً ولو كان علي تذكرة سينما أو رصف طريق أو بناء مستشفي أو مدرسة أو محكمة.
وأصبحت الست "ذكية" حرة تدعم السلطة الفلسطينية ولا تدعم أساسات عمارة لوران.. تدعم "الحراسات" ولا تدعم "الكراسات" فقد ورثت المال العام يوم أن قالت أن الانفاق اسمه "دعم" وصدقها الناس لذلك من حقها أن تمنعه عنا لتوزعه علي أعضاء الحزب الوطني.

مرفوع من الدعم


البعض لايرتاح لشهر ديسمبر علي اساس انه واحد وثلاثون وبدون اسانسير لكنني افرح بقدومه مع المطر الذي يحمل الخير وقد تاكدت ان الدنيا بخير عندما قام لي شاب بالترام واجلسني مكانه ثم همس في اذني " هات حق الكرسي " لم يعد هناك شيي ببلاش اتفقت الحكومة والشعب علي الغاء القسم المجاني من الحياة من مقعد الدراسة وسرير المستشفي حتي نظرة الاحترام مدفوعة الاجر. وحتي مستشفي المجانيين من لايدفع يطردونه الي الشارع لتتلقفه احدي العصابات ليحلل لها الحرام او احدي الفضائيات ليحلل لها الاخبار . ذهب بلا رجعة وتوفي ابو بلاش حتي في الشواطي. ودورات المياه العمومية ومقابر الصدقة. فمن الناحية الطبية الدعم نوعان نوع حميد يمكن التعايش معه مثل دعم الاثرياء وتقديم التسهيلات والاعفاء من الضرائب والرسوم وبيع متر الارض ارخص من متر الكستور. ونوع خبيث يجب استئصاله فورا حتي لايتمدد ويتضخمز وتحدث مضاعفات نتيجة دعم الرغيف وانبوبة البوتجاز وعلبة الدواء مع تحديد سبب الاصابة بالدعم حتي لايتكرر.
اصابتنا الحكومة بالفزع والرعب واصبحت مثل عصابة خطفت طفلا وراحت تتصل باهله كل ساعة لتهددهم " هنرفع الدعم. هنرفع الدعم اذا لم توافقوا علي المقابل النقدي " الغريب ان البرنامج الانتخابي للسيد الرئيس لم يتضمن بناء مفاعلات ذرية ولم يتضمن رفع الدعم او استبداله فعلي اي اساس انتخبه الناس ورفضوا احمد صباحي.

صلوا من اجل الرغيف

لبنان يبحث عن رئيس ومصر تبحث عن رغيف خمس دول تعبث في لبنان اوصلته الي ماهو فيه. فمابالك برغيف العيش الذي تعبث فيه ست دول مصدرة للقمح بالاضافة الي مليشيات التموين والتضامن الاجتماعي والجمارك والمالية والاستثمار والبيئة والصحة والبترول والمستوردين والنقل والحاويات والملح والصودا والكهرباء والغاز والصوامع والتخزين والبورصة والحكم المحلي ومرفق المياه والمطاحن واخيرا " الفرانيين " وهي مليشيات لوتجمعت علي امبراطورية لحولتها الي قرية كل هذه المليشيات تتجمع حول الرغيف المستدير وكانه مائدة مستديرة لتحدد وزنه وحجمه وثمنه ولونه . بالضبط كما تفعل المليشيات في لبنان ولو خطفت كل مليشيا من الرغيف لقمة فماذا تبقي ؟ من الرغيف او من لبنان طلبنا من الحكومة ان ترفع الطواري فقررت ان تستجيب وترفع " الدعم " وعندما يقول الدكتور نظيف ان الموضوع بسيط والعملية سهلة ولن يحدث تغيير ولن يشعر المواطن بشيي بل سوف تتحسن حالته. فهذا كلام من الممكن ان يقال لمواطن ننوي ان نشيل له " اللوز " وليس الدعم فقد صار الدعم والرغيف مثل التوأم الملتصق وفصل التوأم في مصر عملية صعبة وعواقبها خطيرة. لاترفعوا الاجهزة عن الرغيف حتي يموت بل ارفعوا عن الاجهزة التي تلتهمه. تقولون ارفعوا ايديكم عن لبنان. وانتم ايضا ارفعوا ايديكم عن الرغيف. جربوا استفتاءا حقيقيا حول نوع الدعم واستمعوا الي صندوق الاستفتاء لاصندوق النقد. فالمناقشة التي تدعون اليها هي نوع من " اللت والعجن " حتي يتخمر قراركم المنتظر الذي حدده قتادةالمليشيات وامراء البورصة. صلوا من اجل لبنان وصلوا من اجلالرغيف

نقلا عن كتاب مصر علي كف عفريت للكاتب الراحل جلال عامر

up