بيان لعموم شعوب السودان

بيان لعموم شعوب السودان

شرع نظام الإبادة الجماعية في الخرطوم في تطبيق ماوصفه بسياسة "الإصلاحات الاقتصادية" في قطاع المحروقات وذلك اعتباراً من يوم الأحد، 22 سبتمبر، 2013. وقضت، تلك السياسة، التي استندت على قرار وزير مالية النظام السوداني رقم (43) للعام الحالي، بزيادة أسعار المحرو قات في جميع مراكز توزيعها بمقدار 4.67 جنيهاً للتر البنزين، و 3.11 جنيهاً للتر الجازولين، مع تحديد سعر كيلو غاز المنازل بـ 2 جنيهاً، سعر أنبوبة الغاز سعة 12.5 كيلو بـ 25 جنيهاً، وسعر طن غاز الصناعات ب 7105 جنيهاً. ذلك فضلا عن زيادةسعر الديزل بنسبة المزج.

وقد انعكست تلك الزيادات، في الحال، على قطاعي النقل وأسعار السلع الضرورية للمستهلك حيث زادت أسعار بعض خطوط النقل العام في الخرطوم بنسبة 25% فيما زادت أسعار السلع الإستهلاكية الأساسية بنسب متفاوتة وذلك رغم موافقة مجلس وزراء النظام الحاكم بالخرطوم على مايسمى بـ"البرنامج الإصلاحي" وتصريحه بأنه قد استثنى من رفع الدعم كل من "سلعتي القمح والسكر والسلع الرأسمالية والأدوية".

وقد قوبلت تلك السياسات الجائرة والخاطئة والمفقرة للشعوب السودانية باحتجاجات جماهيرية واسعة في عدة من مناطق وأحياء العاصمة القومية وبعض المدن السودانية الكبري حيث تم حرق محطة وقود جوار استاد مدينة مدني ودار الحركة الإسلامية بمدني ومكتب قناة ولاية الجزيرة التلفزيونية المحلية، كما واستولت جموع المتظاهرين الغاضبة في مدني على قسم الشرطة الجنوبي بمدني وحرقت المحلية الكبرى واجتاحت مقر حزب المؤتمر الوطني بمدني. وقد قدمت مدينة مدني العريقة أول شهيد للثورة السودانية هو المواطن مازن سيد أحمد من أبناء حي الدباغة. وكذلك ثاني شهيد لها وهو المواطن سالم أحمد الطيب الذي استشهد خلال الاحتجاجات الجماهيرية السلمية بمدني. كما اغتالت قوات الأمن السودانية شرطي وطني سوداني لرفضه التعامل بعنف مع المتظاهرين. وفي العاصمة القومية اعتقلت السلطات عدد من المواطنين خلال تظاهرات في كل من حي السجانة بالخرطوم ومدينة أمدرمان و مدن السودان المختلفة.

إن مسلسل زيادة أسعار المحروقات ورفع الدعم عنها وبعض السلع لا يشكل سوى حلقة واحدة في سلسلة تاريخية طويلة من السياسات الاقتصادية والعسكرية الفاشلة التي لا تبالي ولا تكثرث بحياة المواطن السوداني ولا يعنيها مطلقاً عيشه في أمن وسلام وكرامة. فالنخبة الحاكمة في الخرطوم لا يهمها شيء في هذا العالم سوى ضمان بقائها على رأس السلطة السياسية المركزية في السودان حتى ولو يقتضي ذلك تأمين سلطتها ومصالحها في العاصمة القومية فقط. ذلك لأنها قد استولت على السلطة والثروة في السودان وركزتها كلها في أيدي عصابة مجرمة، فاسدة ومفسدة، من حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم. ثم إنها استخدمت كل آليات القمع السياسي والعسكري التي بحوزتها في انتهاك حرمات وسلب حقوق جميع الشعوب السودانية في الحياة والعيش الكريم فمارست، بجانب السرقة والنهب المنظم والممنهج للممتلكات والثروات العامة والوطنية، الاغتيالات السياسية والإبادة الجماعية لشعوب بأكملها والتصفية العرقية والتمييز العنصري والتمييز ضد المرأة والطفل ورسخت استخدام آليات الإذلال والتحرش الجنسي والاغتصاب كأسلحة للإخضاع القهري ليس للمرأة السودانية فحسب وإنما كذلك للطفل والشاب السوداني، إمرأة كان أم رجلاً. وقد سوَّغ النظام السوداني كل سياساته الإعلامية والتعليمية الظلامية لتبرير إفقار وإبادة المواطن السوداني وتجويز خداعه الممنهج والكذب عليه جهاراً نهاراً، ولا غرابة في ذلك فأولئك عندهم "فقه الضرورة" و"التقية" والمقولة الميكيافيلية بامتياز القائلة بأن "الحرب خدعة"، كما ومقولة "فرق تسد" الاستعمارية العتيدة.

إننا، في شبكة علمانيِّي السودان، نتضامن، بصورة مطلقة، مع انتفاضة خريف 2013م التي انطلقت في هذا الشهر. ونستحث هنا الشعوب السودانية صانعة التغيير على مواصلة انتفاضاتها السلمية العارمة دون هوادة حتى تنجز، بنفسها وبطلائعها القيادية وقواها الثورية، مهمة التغيير الشامل والجذري في السودان. ولأن السودان لا يمكن له الاستمرار بشكله الحالي الظلامي، المشوه، المجحف، المبيد لشعوبه، يتعين على الانتفاضة الشعبية الحالية أن تتطور إلى ثورة حقيقية تسترد السلطة والثروة، أولاً، ثم تعيد تقسيم السلطة والثروة في البلاد دون تمييز بين أفراد الشعوب السودانية بسبب الدين أو الثقافة أو الانتماء السياسي أو الاجتماعي أو العرق أو النوع أو السن أو الإعاقة البدنية أو النفسية. . ونحن نؤمن هنا بأنه ليس لأحد أن يشكك، مطلقاً، في أهلية وجدارة الشعوب السودانية بالاستمتاع بثمرات تمكين تلك القيم في مجتمعاتها وذلك لما لها من إرث وتراث حضاري ضارب الجذور في القدم والقيمة المادية والمعنوية.

وندعو، في ختام البيان، على وجه التخصيص، الجبهة الثورية السودانية، بكل عناصرها ومجموعاتها المسلحة والسياسية، أن تنخرط في الفعل الثوري السوداني بكل طاقاتها بدفع عضويتها وجماهيرها إلى الشارع السوداني والقيام بواجبها في حماية شعوبها من شراسة هذا النظام الظلامي الإبادي. وذلك لأننا مقتنعين تماماً بأن نهج التغيير المسلح في السودان له مشروعيته كذلك، سيما وأن من اتخذوه سبيلاً رئيساً للتغيير لم يفعلوا ذلك إلا اضطراراً للدفاع عن شعوبهم وحمايتها، الشيء الذي يعني أن كل وسائل التغيير تكمل بعضها البعض، باتساق، طالما أن غايتنا النهائية هي التغيير الجذري في السودان ككل.


24 سبتمبر 2013م
شبكة علمانيّي السودان

الي الامام

بيان موفق في زمن احوج ما يكون السودان فيه للعلمانيين

شكراً سلوي