و الخرطوم - 2

و الخرطوم - 2


08-19-2013, 07:52 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=440&msg=1376895136&rn=0


Post: #1
Title: و الخرطوم - 2
Author: أبوذر بابكر
Date: 08-19-2013, 07:52 AM

سِفر المحبة الأعلى

والمحبة الأولى، فى تجليها الألهى المهيب، تحيط بيدها اليمنى بخصرِ المدينة، و الوقت عميق لكن لا فصول فيه ولا وقت، لا رمق فيه سوى ما كان به يجود ذلك النهر الغريق.
الوقت عميق بصمته الصخرى، رحيب مثل صحراءٍ لا يكذبُ الرمل فيها، مثل بحرٍ يقتات من جسدِ القَدرِ ويعتاش من خيبات السفنِ و موج الأرق.
الشوارع ترقد فى وجل جلى فوق جسد المدينة بهيئتها التى تشبه عروق مزارع "اخدر" اللون يكابد رهق السنابل العجفاء ويتوسد شظف النوايا ، تتكئ الشوارع وهى تحك جلد قلبها من بقايا دمِ برتقالِها القتيلِ وتشرب رائحة الأناشيدِ الحزينة

ذلك حال اليمنى، ولكن ما تلك بيسراك أيها النهر الصديق؟

قال هى أمنيتى أتوكأ على سناءِ وعدها البريقْ وأهشُ بها على ندمى، أمدّ وسادةً من لحمِ الماءِ فُوقَ ألحفةِ النار وأسأل الإله أن يطعمنى "كِسرة" المحبة والصفاء، وأن يريحنى من هذا الوقت المالح، أن يلهمنى اناشيد الإرتواء ومدائح السمو.

ما تلكَ بيسراك يا صاحبى؟

هى أغنيتى، أولمتها للعابرينَ حديقةً ليأكلوا منها وفيها خبزَ أغنياتنا المغموس فى مراجل الصبر، لينشدوا أسفار التمنى الرابض فى مسالك الدماء، شرق القلب، غرب الروح

وكيف حال الذكرى لديكم؟

اذكر أننا كنا ذات عشق، نجلسكل يوم فوق ارائك الأصيل لنغازل افواج الشفق التى تأت متبرجة عند حواف الغروب، شربنا انخاب زهوِنا حتى ثملت اللحظات وبدت لها الظلال مثل بساط ذهبى الطعم افترش باحات الحلم الترابى الودود.

لنعبر الآن، فالجذر قد أتانا بإذن القمر وبطاقات السفر على راحة الجزر العجول، لننتعل أجنحتنا ونحلق فوق جدران أمنياتنا الزرقاء، صوب الشمس ومداخل السموات القصية، رفقة العصافير والدعوات والصلوات، لنصل الينا/اليها

ونعود عند مشرق المحبة