رسالة للدكتور نافع بمناسبة أحداث ( لحس الكوع ) المصرية ..

هذه هي سنة الحياة .. التعليم ..
التعليم الذي قد يناله أحدنا بتوسيع خياله ، و السمو بوجدانه ، ليرى بعين أخرى .. أو قل بعين الآخر ..
أو قل أن يضع نفسه في مكان الآخر ، فيراعي حرمته ، و يقدر حريته حق قدرها ..
و هو إن لم يفعل بهذا الطريق ، فإن لسنة الحياة - التعليم - درب آخر ، أو قل خيار آخر ..
و هو أن تضعك ، أو طرفاً منك ، أو كياناً يشبهك ، و يليك في عين مكان الآخر لتحصّل بالتجربة المؤلمة ما قد عجزت عن تحصيله بالخيال و تقاصرت عن بلوغه بالتسامي ، و الاستبصار .. التعليم .. أو قل العلم ..

لا أظنك ، و الله بك أعلم ، تدري كم مبلغ الأذى الذي ظللت تسببه لكل من يتوق للتغيير السلمي في السودان ممن لهم ، و بكل بساطة رأي يخالف رأيك ، و أحلام تختلف عن أحلامك ، و انتماء يخالف الذي لك..
لست تدري كم كانوا ، و ما يزالون يتأذون إذ تصورهم في كل خطاب لك بصفة الخائبية العاجزين ، الحالمين بما لا ينال .. شأنهم شأن من يحلم ( بلحس كوعه ) ..و كنت حينها لا تبني مقولاتك ، و ثقتك فيها ، إلا اعتماد على ترسانتك العسكرية من شرطة ، و أمن جندوا من أجل قمع الأصوات الحرة و كبتها تجنيداً ..
فلكأني بك كنت في نفسك تزهو بانتصار أكيد ، أنت تعلم أن طرفي معركته غير متكافئي العدة ، و القوة ..
جاء الربيع العربي .. و مضى إلى نهاياته المتباينة بين بلد ، و آخر .. و تشوّف الناس إلى الربيع السوداني ، فلم يبن. فقد جعله عدم نضج المعارضة السلمية ، و الإستخدام المفرط لأدوات القمع من قبل سلطتكم ، بالفعل مثل لحس الكوع ..
و لكأني بك كنت تزهو بذلك في سرك كما كنت تختال ، ، في جهر قولك فكان لسان حالك ، و مقالك أن ( موتوا بغيظكم ) ..
و كنا حقاً نموت كل لحظة غيظاً .. لا لأننا مقتنعين بصحة خلاصاتك ، و استنتاجاتك ، بل لأن الأقدار قد تركتنا تحت سلطة نظام لا يقدّر إلا جعجعة البنادق ، و لا يحترم إلا حامليها .. و كل من عافت نفسه البندقية بدمائها و دمارها فهو عنده من العاجزين ..
جرب معكم المعارضون التظاهر فكنتم تقمعون أي حراك حتى قبل أن يصير واقعاً ، و أحياناً و هو مرحلة الفكرة .. إذ استبحتم اعتقال كل من تشكون بأن في إمكانه التأثير ، و في إرادته التغيير ..
فاعتقلتم ، و عذبتم ، و نكلتم ..
و جربنا نحن معكم التعبير المدني ، و النقابي ، عبر وسائل كنتم أنتم قبل وصولكم السلطة من أصحابها .. أعني الإضراب عن العمل .. فعلنا ذلك من أجل لفت أنظار السلطة لمطالب فئة تتحمل على عاتقها مسئولية صحة المواطن السوداني ، و حياته .. كنا نضن بها من أن تنتهبها يد مافيا العمل الخاص ، فتحيل الطب تجارة ، أو أن تتخطفها طير وكالات الاستخدام الخارجي فنلتفت يوماً فلا نرى في البلاد من طبيب .. فما كان منكم إلا قمع كل تحرك ، و منع كل تجمهر ، حتى عادت حركة الأطباء كسيحة كما أردتموها أول مجيئكم ..
و لقد كان أمامنا كنقابيين كما كان أمام المعارضة السياسية خيار هو أن نصمد ، و نصادم ، بل هوادة ، و إنا على ذلك كقيادة ، لقادرون.. و لكن ما منعنا هو أننا أيقنا بأنكم لن تتوقفوا في القمع عند حد - بعد ضرب شرطتكم للأطباء في رابعة النهار ، في شارع الحوادث ، بعد إعطائهم موثقاً بأن يخرجو آمنين - و أننا ربما ندفع بقواعدنا إلا أحد أمرين إما التهلكات ، أو الإنكسار الذليل .. تساءلنا عن الثمن ، و الغاية من وراء الصدام فأخبرتنا بصيرتنا بأنكم قد عزمتم على ألا تستجيبو لحراكنا ، و مطالبنا ، حتى لا يكون ذلك بدءاً لثورة نقابية ، و مطلبية ، تعلمون أنها لن تترككم هاجعين .. فآثرنا أن نجمّد صداماتنا إلى حين قد تظهر فيه خيارات أخرى ، و يجعل الله لشعبنا من أمره مخرجا ..
و نحن إذ فعلنا ذلك دفعنا ثمناً كبيراً هو أن قواعدنا قد فقدت الثقة في قدرتنا ، و كفاءتنا ، كما أنكم بالمقابل قد ظننتم بنا الضعف ، و الجبن ، و الخور ..
و الآن جاءت أحداث أحب أن أسميها ( لحس الكوع ) المصرية .. هذه الأحداث التي نشعر بالأسى لأن أحوال ثورة مصر قد آلت إليها تكشف أمراً ليتك تعيه .. و ليت الأخوان يفعلون .. و هو أنه لا يمكن لعاقل أن يقارن بين إمكانيات حزب مهما كانت قوته ، و تنظيمه ، و قدرته المادية ، و بين الدولة ( الشمولية ) بعتادها ، و سلطتها ، و آلتها الإعلامية ، و مكنتها الإقتصادية .. خصوصاً إذا تمسك هذا التنظيم أو التنظيمات بالخيار السلمي- كما فعلت التنظيمات السودانية ، و فعلنا .. أما إذا تبنى التنظيم المعني وسائل العنف ، فإن مصيره إلى الهزيمة سيكون أقرب ، و أيسر ..
لأجل هذا فليس في هزيمة تنظيم ، أو حراك سلمي ، من قبل الدولة ، و قمعه ، و قهره من منقصة تليه ، و لا عار .. إلا أن يكون عار تبني عنف عنيف تأباه الفطرة السوية ، و تدينه القوانين المدنية ، و تحكم عليه الأيام بالإنكسار ، أو التشظي إلى صور من الفوضى لن تترك للتنظيم من قدرة على البقاء كتنظيم مدني ، و دستوري ..
ها هو تنظيم إخوانكم في مصر ( يلحس كوعه ) أمام آلة القمع العسكرية ، و هو بعد متورط في العنف ، فكيف تزرون بمواطنيكم ممن عفوا عن كل سلاح إلا سلاح الكلمة ، و لم يلجأوا إلا للوسائل السلمية التي يكفل القيام بها دستور خططتموه بايديكم ..
فهل نطمع في أن تعوا درس مصر ..

دكتور أحمد الأبوابي
الرئيس الأسبق للجنة أطباء السودان ..

تشكر على المقاربة "الشفافة" يا دوك

ثم كل عام وانت بخير

ثم انت وصاحبك برة الشبكة مالكم؟
"تعثر" الاتصال بكم

يا مرحب يا باشمهندس ..
لعلك ، و أسرتك بخير ..
و كل سنه و إنت طيب ,,
.
مشكور على المرور .. و لابنا يبعد عن شعوبنا كل الشرور من طوفان و دم و ما حولها ..
.
------
مشكور على السؤال .. و حقيقة أنا لفترة ما مستقر مكانياً .. من الخرطوم إلى المناقل .. ثم إلى عطبرة أخيراً ..
أما صاحبي فشكلو برضو ما ركَز لسا .. نسألأ الله لنا و له التوفيق .. و لك ، و لجميع الأحباب الحفظ و التسديد ..

أحيك يا ابوابي علي هذه البصيرة المتقدة
والنصيحة الغالية
ولكن
السلطة المطلقة لا تفسد إفسادا مطلقا فقط
ولكنها تعمي القلوب التي في الإفئدة
ولا يري ميت القلب
المغرور بقوته

Quote: تكشف أمراً ليتك تعيه .. و ليت الأخوان يفعلون .. و هو أنه لا يمكن لعاقل أن يقارن بين إمكانيات حزب مهما كانت قوته ، و تنظيمه ، و قدرته المادية ، و بين الدولة ( الشمولية ) بعتادها ، و سلطتها ، و آلتها الإعلامية ، و مكنتها الإقتصادية .. خصوصاً إذا تمسك هذا التنظيم أو التنظيمات بالخيار السلمي- كما فعلت التنظيمات السودانية ، و فعلنا .. أما إذا تبنى التنظيم المعني وسائل العنف ، فإن مصيره إلى الهزيمة سيكون أقرب ، و أيسر .. لأجل هذا فليس في هزيمة تنظيم ، أو حراك سلمي ، من قبل الدولة ، و قمعه ، و قهره من منقصة تليه ، و لا عار .. إلا أن يكون عار تبني عنف عنيف تأباه الفطرة السوية ، و تدينه القوانين المدنية ، و تحكم عليه الأيام بالإنكسار ، أو التشظي إلى صور من الفوضى لن تترك للتنظيم من قدرة على البقاء كتنظيم مدني ، و دستوري .. ها هو تنظيم إخوانكم في مصر ( يلحس كوعه ) أمام آلة القمع العسكرية ، و هو بعد متورط في العنف ، فكيف تزرون بمواطنيكم ممن عفوا عن كل سلاح إلا سلاح الكلمة ، و لم يلجأوا إلا للوسائل السلمية التي يكفل القيام بها دستور خططتموه بايديكم .. فهل نطمع في أن تعوا درس مصر ..

Quote: أحيك يا ابوابي علي هذه البصيرة المتقدة والنصيحة الغالية ولكن السلطة المطلقة لا تفسد إفسادا مطلقا فقط ولكنها تعمي القلوب التي في الإفئدة ولا يري ميت القلب المغرور بقوته

ألف شكر للعزيز أستاذ نصر ..
شكر على المشاركة ، و التثمين ..
و رغم أني أتفق معك في وصفك لأهل السلطة ، و هم في سكرتهم ، إلا أن لي قناعة هي أن كلمة الحق أحق أن تقال .. و هي إن كانت صادقة ، و مخلصة تفعل فعلها سواء أشعر قائلها ، و سامعوها أم لم يشعروه .. فكلمة الحق حافظة لطاقة التغيير ، و دليل في طريقه .. و نحن نقتبس قول رب العزة عن ابراهيم عليه السلام : (( وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون )) .. ففعل قولة الحق لا يحده وقت قولها ، و لا المخاطب بها أصالة رغم أنه عندي معني أيضاً ..
قرب الله بين شعوبنا و بين عهد عزها حين يتولى أمرها رجال يعدون أنفسهم خدم للأدنى من الناس فضلاً عن أعزهم ، و استقر عندهم أنهم عزيزون بقدر عزة شعبهم لا بقدر قهرهم ، و ذلتهم كما توحي كلمات صاحب ( لحس الكوع ) ، و إخوته ..

محبتي ..

حين يمتزج العلم بالادب , و تصاغ الفكرة بشكل مرتب , يكون الناتج ماتعا كما خط قلم دكتور الأبوابى

سلم يراعك يا دكتور

شكرًا ابوابي علي هذا المفال المسدد ولكن هل يسمع الاطرش

الشكر و الترحيب للصديقين أسامة صديق ، و صلاح موسى ..
و كل سنة و انتما ، و جميع الأحباب بخير ..
.
يسر لنا الله السمع .. و لكل من في هذا البلد الكريم .. فإن في النماذج التي حولنا لعبرة .. فإنهم حين عموا عن رؤية الحقائق البينة ، و تعاموا عن اعتبار الآخر و حقه المكافي في الكرامة و الحرية ، و صموا عن سماع كلمة الحق لم يصل طرفاً من الأطراف إلى ما يمكن لعاقل أن يغبطه ، أو يحسده عليه .. بل الدماء ، و الدمار ..
لذا فلا بديل عن السماع .. الآن .. و قبل الغد .. فإن فقدنا الأمل في خصومنا لسوء خلق منهم أو سوء ظن منا ، فإن الأمل في ربنا لا ينقطع ، و هو المرجو لهذا البلد بالصلاح ، و الحفظ من مقبلات المحن ، و الفتن ..