كالسد كالأهرام كان قائما - تنشر فى ذكرى عبد الناصر

كتبتها بسويعات من ورود الخبر ، وأنا يافع ، لأنى أومن فى إنسانه ، وأنه كان لى الرمز ونُشرت فى كثيرٍ من الصحف السودانية وقتها ، ورشَّحنى بعض من المشتغلين بالثقافة والأدب أن أُشرَك بها فى الوفد الذاهب إلى العزاء فى عبد الناصر ؛ لكن وزير الثقافة السودانى حينها قال بأن هذا الشخص لا يسافر ضمن الوفد - وكنت حينها يافعا ؛ ولم أدر إلا أن أحد الزملاء من المشتغلين بالأدب والصحافة أبلغنى . فإلى عبد الناصر الإنسان - وهى من فتى حديث السن - أن تتقبلوها


كالسد كالأهرام كان قائما

برغمِ غلكم وحقدكم نَمَا
وطالَ ، طالَ ، طالَ حتى ناطحَ السما
تجاوَز المجهولَ ،
كالعُقاب حوَّما
وكان طيبا كبير القلبِ ،
باسماً و حازمَا
وقلتمُ ينهارُ فى الغدِ
أشرتمُ عليه باليدِ
لكنه كالطَوْدِ ظلّ شامخاً وقائمَا
كالسدِ كالأهرامِ جاثمَا.
برغم أنكمْ
أَوغرتمُ الصدورَ ضدَّه
حاولتمُ ، لو تحسِرونَ مدَّه
لكنه - بالرغم منكمُ
قد ظل قائداً معلمَا
ورائداً وملهمَا
يا أيها الملوكُ والأشباهْ
مُدَاومى التمويهِ والمساومة
فحين غَاضَ حبُّ البَذلِ ،
والعطاءِ فى الحِمى
رأيتَهُ : استدار
ثم غاص فى جذورِ أصلِه السحيقِ
وانتمى .
وأنتمُ ما بين لاهثٍ ،
على رصيف متعةٍ ،
وغارقٍ فى وجدِ صافينازَ ،
فى المسائل المشبوهة ارْتَمى
رأيتكم تُمالئونَ
تهربونَ
تبخلونَ
تُتْقِنون الفرَّ
قبل الكرِّ والمصادمة
وتغسلون خِزى عارِ قبضِ الريحِ ـ
حين تغدرون بالمقاومة
رأيته ـ وأنتمُ على خنُوعكمْ ،
على انكساركم ،
تَجَرأون مجداً زائفاً ،
وتلعنون سنسفيلَ شعبكم . .
وكان سائراً
يحدد المعالمَا
وينتقى لشعبه الهدوءَ والمسالمة
والعزَّ والقتال . . والمُوائمة
وقلتمُ ينهارُ فى الغدِ
أشرتمُ عليه باليدِ
لكنه كالطود ظلَّ شامخاً
وقائما
كالسد كالأهرام جاثما
* *
عشيةَ الإثنينِ :
حين جاءنى الخبرْ
وقال قائلٌ : جمالُ فى سفر
أنكرت أن يكونَ
قد عَنَى جمال
أنكرتُ ـ أصلاً ـ ذلك الخبر
أنكرتُ أن يكون والقتال
مشمرٌ
على أشدِّهِ ،
ونحن مُمعِنون فى الجدال
والبعثُ رافعٌ فى وجهنا النعالْ
والحزبُ جددَ الراياتِ للنضال.
عشية الإثنين
حين ناءَ من أهوالها الوترْ
جثوتُ عند باب الله حافياً
وحانىَ الرأسَ فى خَفَر
جعلت أبصُر التقديرَ والتبكيرَ
آمنتُ فى حتميةِ القضاء والقدر.
عشية الإثنين :
لا تسألوا عن الذى فكرتُهُ ،
فعلتهُ ،
أدميتُ مفردات اللومِ ،
والمعاتبة
وكنت غاضبَا
كأهوج الرياحِ كنت غاضبا
على أسنة الرماح راكبا
وغارقا فى لُجةِ التفكير شاحبا
أنا الذى أمضيتُ كل هذه السنين
أنتمى إليه
وحينما تفجعنى الأهوال ،
أرتمى عليه
وكان طيبا . .
. . كبير القلب
باسما ،
وحازما

1970م

كان لنا رمزا ننشد فى بطولته البطولة لأنفسنا
يموت الوزير ويبقى المغنى -
مغنى الثورة يعبر نحو الأصقاع البعيدة
بحثا عن الحقيقة والإنسان.

Mahir H. Baik

كان وجها مشرقا ومشرفا