الفرزدق كان يتخذ فخرا حتى لنفسه، ويحاول أن يدرج الخليفة فيه؛ حتى لا يشتاط الخليفة غضبا عليه، فيقول مثلا في بعض أبياته يتكلم عن مجد العرب عموما ومجد مضر خصوصا وكلاهما من مضر البيت الحاكم من بني أمية أو بنو تميم يقول:
لنا العزة القسعاء والعدد الذي** عليه إذا عُد الحصا لا يتخلف
ويتكلم:
فبيتان بيت الله نحن حُماته ** وبيتٌ بأعلى إلياء مشرّف
فلا عز إلا عزنا قاهرٌ له ** ويسألنا النصف الذليل فينصف
ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا ** وإن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا
وهذا أعظم ما قيل في الفخر، وكانت تساعده لغته، مفرداته، مع البيت الذي هو ينتسب إليه لأن جده كان يفدي الموءودات في الجاهلية.and
ظهر شعر الغزل وأخذ ضربين: ضرب يسمى بالشعر العذري؛ لأنه كثر في قبيلة يقال لها بني عذرة، وهؤلاء كان فيهم تعفف كان فيهم حياء يتشبب (يتغزل)؛ لكنه يتخذ محبوبةً واحدة ثم يمنعه الدين، يمنعه الحياء، يمنعه العفاف أن يأتيها حراما، فيصبح الشوق في القلب، وتصبح الرغبات مدفونة عنده، فيُخرجها شعرا، هذا النوع أو هذا المنحى في الأدب عُرف بالغزل العذري، هؤلاء يأتي في مقدمتهم قيس بن الملوح الذي عُرف تاريخاً بمجنون ليلى:
أراني إذا صليت يممت نحوها ** بوجهي وإن كان المصلى ورائيَ
فوالله ما أدري إذا ما ذكرتها ** اثنتين صليت الضحى أم ثمانية
يقولون ليلى بالعراق مريضة ** ألا ليتني كنت الطبيب المداويَ
وقد خبروني أن تيماء منزل ** لليلى إذا ما الليل ألقى المراسيَ
فهذي شهور الصيف عنا قد انقضت ** فما للنوى ترمي بليلى المراميَ
في قصيدة اسمها المؤنسة وهي طويلة جدا، يائية، طبعاً زيد فيها يقيناً وأنقص منها من حفظ الرواة؛ لكن لها أصل يُعتمد عليه، وذكرها في أشعاره وأخباره شهيرة؛