مُكَرّب فِكرياً....ومن أسره ديمقراطيه...!

البوست متوفر على نسختين:نسخه مباشره...وأخرى كتبت على ال(Abstract level)...والسبب-بالطبع- هو الحرص على إيصال الفكره لأكبر قدر من القراء...فمعروف أن س.أونلاين تشبه فى تركيبتها –للحد البعيد-لحم الرأس:فهناك اللماحين...وهناك الذين لا يستطيعون القراءه ما بين الأسطر...وهناك-بالتأكيد- من لم يمن الله عليهم بشئ سوى القدره الفائقه لإساءه الآخرين!...
إيصال الأفكار للآخرين بمختلف مقدراتهم وقدراتهم هو شئ ساخن فى علم الكمبيوتر ينعته الفرنجه بمصطلح ال(Accessibility)..!
فلنسم الله ثم لندلف-من بعد- إلى مضابط النسختين!

النسخه المباشره

البوست عباره عن سياحه فى الذهنيه السودانيه...وأتمنى من الإخوه الأيدلوجيين تقبله بعقلٍ منفتح..
وعندما أتحدث عن الأيدولوجيين لا أستثنى منهم إتجاهاً...سواء إن كانوا من (هًَُنا) أو من (هُناك)..!
ولأبدأ بالحيطه القصيره:الحزب الشيوعى وروافده...لأنه ما زال الأقرب ل(وجدان) المرء!
لم أقل لعقل المرء...لأن الإرتباطات-عندنا- وجدانيه...وهنا مربط فرس البوست!
وطيلة حياة المرء الطالبيه كنتُ مشاركا فاعلاًً فى جميع نشاطات الجبهه الديمقراطيه...او الشيوعيين كما ينعته (أصحابنا) من الطرف الآخر..!
ولا أجد نفسى قد أذعت سراً إن قلت أن الدخول لتنظيم الجبهه الديمقراطيه(أو ج.د كما يختصر)...كان يتطلب تفحصاً دقيقاً لمقدم الطلب...مشفوع بتثنية عضوين عاملين بالتنظيم...
وفى سياق التثنيه يجب أن توضح المعرفه الدقيقه لمقدم الطلب...وفى أحيان كثيره يرفض الطلب إن شعر القائمون على الأمر (بأى حاجه كده ولا كده)!
لكن أكبر عباره داعمه للتثنيه هى توضيح أن مقدم الطلب ينحدر من أسره ديمقراطيه..!
نعم..! لم يستطع كل العنفوان الطلابى بثورتيه النبيله...لم يستطع أن يُنسينا إنتماء دافئ سرمدى بداخلنا...إنتماء مركون فى زاويه مهجوره داخل عقولنا الطرّيه..!
وأذكر ان تنظيم الجبهه الديمقراطيه فى زماننا كان يضم مجموعه من (الآلات) مثل آل جبرالله...وآل الصاوى...وآل الكارب..!
والحقيقه أن الحزب الشيوعى وروافده- وبالرغم من شعاراته الإشتراكيه التجريديه-لكنه من ينفك من أَسْر المجتمع السودانى القوى...فبعد أكثر من خمسه عقود من العمل الدؤوب والنضال المرير والتضحيه بالنفس...هدأت الرمال المتحركه...وإنقشع المجتمع بجبروته القوى...وكأنك يا هنرى كورييل بى تطعن فى ضل الفيل...!
وهنرى كورييل-للذين لا يعرفونه وعلى عهدة أحمد سليمان المحامى- هو ماركسى عالمى ساهم فى تأسيس الكثير من الأحزاب الشيوعيه الأفريقيه ومنها الحزب الشيوعى السودانى....
مأساة الحزب الشيوعى المتمثله فى إعدام قادته بعد فشل حركة يوليو 71 أفرزت جيلاً مرتبط عاطفياًبالحزب الشيوعى...فنشأ أبناء الشهداء شيوعيين (By default)..!
ولا أظن أن الشاعر الشيوعى قد بعُدَ عن نظيرتى-كثيراً- حين أنشد مخاطباً أحمد إبن الشهيد الشفيع أحمد الشيخ:
أحمد أحمد تكبر وتشيل
الجواد والسيف الطويل
إسم ابوك فى النجمه والنيل
نعم,,, لقد جُند أحمد الشفيع فى الحزب الشيوعى وهو ما زال رضيعاً لا يفرق-كثيراً- بين رأس المال وراس البيت!
وقد تزامن نضوج هؤلاء الأبناء مع قيام الإنتفاضه...فإلتحقوا- نشطين- بمنظمات الحزب الشيوعى المختلفه يدفعهم المد الثورى الجامح فى ذلك الحين...وأشياء أخرى!
وبعد صدور تقييم الحزب الشيوعى لحركة 19 يوليو فى التسعينات...ويبدو أن التقييم قد القى بظلال اللوم على عسكريى الحركه فى مقابل تبرئة مدنييها...ويبدو أن ذلك التقييم لم يرُق لأبناء العسكريين...وقد أدى ذلك لشكل من أشكال القطيعه بينهم وبين الحزب الشيوعى!
وقد قابلتُ-والحديث لى- هند بنت الشهيد هاشم العطا إبان عملى بجامعة الأحفاد..وقد أبدت إستيائها الشديد من ذلك التقييم...ومن الحزب الشيوعى ككل...ويبدو أن ذلك قد سهّل إتخاذ قرار هجرتها الى كندا... تاركةً الجَمل بما لم يحْمِل.. وبما حَمل...!
قصدتُ أن أميلُ الى ذكر الأسماء فى تأملاتى هذه...آملاً ألا يجد ذلك شيئاً من الحساسيه...فكل من خرج للعمل السياسى-خصوصاً- والعمل العام-عموماً- لابد أن يعتبر نفسه كتجربه بشريه تستحق التقييم...وما أجمل التقييم حينما يتسم بالشفافيه...!
وقد ألتقيتُ-مؤخراً- الأستاذ محمد إبراهيم نقد فى مناسبة زواج بأسرتنا...وقصدتُ أن أذهب وأن القى اليه بالتحيه...لكنى لم أستغرب-كثيراً- حينما بادئنى بالسؤال: أنت قبيلتك من وين؟!

ونواصل إنشاء الله

النسخه التجريديه

دهاليز المعبد السودانى...هى دهاليز سرمدية الأبعاد...كل من تبتل فيها فهو مفقود مفقود...
الحزب الشيوعى كان بمثابة الصرخه الأولى فى بحور تلك الدهاليز...تبعته صرخات أخرى إتخذ بعضها شكل التهليل والتكبير...
دخل الجميع ذلك المعبد فتاهوا فى دهاليزه ولم يعثروا على بوابة الخروج حتى اليوم..!
الجامعه الأم بدأت غردونيه...وصارت خرطوميه...انه نظام ال(Feedback).!
و(Feedback) هى أعجمية المنشأ...فلنتلاعب-إذاً-بها كما نشاء: تغذيه راجعه....تغذيه خلفيه...أو تغذيه رجعيه...!
جامعة الزعيم الأزهرى...جامعة الأحفاد...جامعة طحنون...جامعة الإمام الهادى....
لا شئ سوى مزيداً من الدهاليز....
إلتقى الجميع...هنا...وهناك
ما زال الحزب العمالى يحتل مساحةً فى الوجدان...وحيث الوجدان ينعدم العقل...
لابد للداخل من تثنيه ثنائيه...لكن لا خوف إن كانت الأسره ديمقراطيه...!
أحمد احمد تكبر وتشيل الجواد والسيف الطويل...إسم أبوك فى النجمه والنيل...
وأحمد هو طفل رضيع لا يستطيع تفهم الأشياء ذات الطابع الجدلو ديالتيكى...!
مأساة يوليو إنشطرت الى مأساتين: مأساة مدنيه...وأخرى عسكريه...!
إحدى سليلات المأساه العسكريه ابدت حيرتها...التقييم أنصف الجانب المدنى...والقى باللوم كله على الجانب العسكرى...يا لضياع السنين...!
انه زعيم الحزب العمالى بشحمه ولحمه...مددت يدى مصافحاً....إحتضننى بعنف: إنت قبيلتك وين؟
أخخخخخ...!
فَلْنُواصل-إذاً-التنقل فى دهاليز معبدنا....ولنمارس تبَتُلنا بسلام...ولننسى مسألة البحث عن بوابة الخروج!

"إن أكرمكم عند الله أتقاكم" كان هو العنوان الظاهر للحركه الإسلاميه السودانيه...
فإذا تركنا الحزب الشيوعى-قليلاً- وذهبنا الى منافسه اللدود الحركه الإسلاميه-بكافة مسمياتها- فإننا نجد أن حظ هذه الأخيره مع المجتمع السودانى لم يكن بأفضل –كثيراً-من حظوظ الأول...
لا نريد الخوض فى التداعيات السياسيه الداخليه والإقليميه التى أدت لأن تحل الحركه الإسلاميه محل الشيوعى رويداً رويداً...وعند قيام الإنتفاضه عام 85 بدا للجميع أن الحركه الإسلاميه قد سددت الضربه القاضيه للأحزاب اليساريه..وتربعت على قيادة فئة المتعلمين بصوره لا تقبل المواربه...
لكن هل كان مقياس الصلاح والتقوى هو كلمة السر الوحيده فى الحركه الإسلاميه؟!
"ع.ح" إسلامى نشط من منطقة أم روابه...جمعتنى به علاقة صداقه (إجتماعيه)...وكان كثيراً ما يُصارحنى بهِمومه ولواعِجه..!
والحقيقه أن أصيحابنا فى الحركه الإسلاميه بقدر ما كانوا يتميزون بالضبابيه وعدم الوضوح مع بعضهم البعض فى إمورهم الخاصه...فإنهم كانوا خفيفى الِلسان فى علاقاتهم خارج التنظيم..!
ولا نقصد هنا-بالطبع- بوحهم بأسرارهم التنظيميه...لكن كانت هناك الكثير من (الآهات) الإجتماعيه...!
حكى "ع.ح" عن الوضع (المُحرِج) الذى كان يحدث حينما ترفض طلبات المصاهره –ليلاً ولأسباب غير معروف-من (أخوان)( أتقياء) (النَهار)...!
كانت معظم علاقات الحُب (الإسلاميه) (البريئه) التى تتم فى "بينشات" الجامعات نهاراً...كانت تقابل-فى أحياناً كثيره-بالرفض ولأسباب غير مبررةً فى الكتب الفقهيه-الكثيره- للقائد(الإسلامى) حسن الترابى..!
لا ننكر أن هناك (تجاوزات) قد حدثت هنا وهناك....لكن لم يستطع الفكر الدينى الذى تدثرت به الحركه الإسلاميه..لم يستطع أن يفك كل (الشفرات)..بفتح الشين...وبكسرها أيضاً...!
وحينما وقع إنقسام الحركه الإسلاميه الشهير بدا للجميع أننا أمام حلقه جديده من حلقات المسلسل الأمريكى- الناجح -: "The Roots" ...!

متابعة

مع ودي ومشتاغون

"هارولد" خواجه أمريكى...يحمل درجة الدكتوراه فى الكيمياء....أتى قاصداً البلاد فى النصف الأول من التسعينات محاضراً لمادة الكيمياء...
إكتشفتُ لاحقاً انه مسيحى متعصب له أغراضاً أخرى ذات طابع "دَعَوى"...!
وقد ظننتُ-موضوعياً- أن الرجل –ربما- اتى قاصداً بلادنا بالإسم...لسماعه شيئاً من الضجه تحدثُ فى هذه البقعه الجغرافيه مترامية الأطراف...
"هارولد" رجل خفيف الظل...يعرف كل شئ...دائماً ما نتناقش بعربيته المكسره المشوبه بشئ من الإنجليزى...
يستمر النقاش بصوره سلسه...وعندما يصل بعض النقاط الحساسه...يرد الرجل بسخريه :أنا ما "آرِف" حاجه...أنا "زول" بتاع كيمياء بس..!
يأتيه الكثير من الزوار من الإخوه الجنوبيين...بدا لى أن الرجل يقدم "لذوى ديانته" مساعدات مختلفه منها ذو الطابع المادى...!
ويبدو أن نشاط الرجل "الفكرى" قد إمتد الى الدول المجاوره مثل بورندى...
مكث الرجل ما يقارب –او يزيد عن- الخمس سنوات...يذهب الى بلاده فى الإجازات ثم يأتى مرةً أخرى متابعاً نشاطه الأكاديمى...و"الدعوى"..!
فى آخر فتراته قابلته...تناقشنا كما العاده...إمتد الحديث...تكلم الرجل هذه المره بإندياح من لا يخشى "لومة لائم"...وبشئ من المراره...
الناس هنا فى أفريقيا قبليين شديد...تحدث الرجل عن قساوسة الهوتو والتوتسى...وكيف شاركوا جميعاً فى القتال ضد بعضهم البعض...ولم يكبح "توحدهم المسيحى" جماح "تفرقهم العرقى"...
وتحدث عن التجاوزات "الجنسيه" لقساوسة افريقيا من تعدد مهول للزوجات...وممارسات جنسيه خارج النطاق...
الناس –هنا- بى يحبو دولارات بس...قالها بشئ من الأسى والهزيمه...
بعد حديثه الأخير...دارت الأيام سريعاً...حزم حقائبه كما العاده قاصداً السفر لبلاده...ودّعنا بحراره زائده تلك المره...قطع تذاكره هو وزوجته وأبنائه الإثنين....وقد إكتشفنا-فيما بعد- أنها تذاكر رحلة اللاعوده...!

ونواصل إنشاء الله...

up

فى خلاصة بوستنا هذا دعونا ان نحاول ترتيب هرم الإنتماء الإنسانى بصوره أخرى...
بدأنا بالشيوعيه (كنموذج لليسار) فوجدنا ان القوم -بلغة إستعلائهم النخبَويه- لم يستطيعوا حل كل التساؤلات...
ثم تحركنا نحو حركات الإسلام السياسى- ولغة الإستعلاء الإسلاموعروبيه-فلم نجد تفسير لسلوكهم الإجتماعى...
ثم دلفنا-من بعد- الى تفسير من وجهة النظر المسيحيه فوجدنا ان بطلنا "هارولد"- بلغة إستعلائه الأنجلوساكسونيه- لكن الرجل فشل فى ايجاد تفسير للسلوك البشرى...
والأسئله ما زالت تائهه...
دعونا-إذاً- أن نحاول رسم هرم الإنتماء الإنسانى وفق وجهة نظرنا الخاصه مستخدمين هذه المره لغة (HTML)-اللغه التى لم ترتبط-على الأقل حتى الآن- بأى أيدولجيا فكريه...جهويه...أو عرقيه...

مع تحياتى للجميع

شكرا الأخ دوما لرفع البوست...
الأخ بكرى :لقد فشلت فى رفع الصوره من الموقع زر الإرسال لا يعمل...ولماذا لا تدعم الصيغ الأخرى للصور غير (JPG)...؟

UP

الاخ مكى التحايا

فلفله تجريبيه عميقه جدن عن غبائل (ن) يسامانيه !!

تفاعلت معها (صادقه ) ووقايع من الوجدان اللا فكرى .

اضحكتنى جدا

Quote: ....لكن لم يستطع الفكر الدينى الذى تدثرت به الحركه الإسلاميه..لم يستطع أن يفك كل (الشفرات)..بفتح الشين...وبكسرها أيضاً...!

عندى إحساس يطغى عليه ريحة الطلب بفرضية المواصله

اخر تراكم ؟

انتظر ومعى اخرون واخريات .

ارقد طيب

العمى
من يوم 20/8 البوست الرائع ده هنا وأنا ماكحلتو ؟

شكرآ لمن رفع
وشكرآ لمن كتب

واصل يا مكي
فأنت تغوص في العمق