|
محاربة الحرب - إستيلا قايتانو
|
محاربة الحرب!! إستيلا قايتانو
قيل افضل شئ في الحرب هي ان تنتهي... مقولة اصدق من صادقة، كنت اشاهد فضائية السودان ووجدته عاد الى التعبئة للحرب مرة اخرى، جنود وكتائب الدفاع الشعبي حماية لعقيدة والوطن، هذه المقولة سمعناها قبل الان حتى ذهب نصف الوطن وخائنوه وكفرته ومارقوه كنت اعتقد بان الجنوبيين هم الاعداء الوحيدون للوطن والعقيدة ولكن نبت اخرون من الكفرة والمارقين ويمثلون خطورة للعقيدة والوطن وهو واجب وطني ان يتم تطهير السودان من السودانيين ناساً وارضاً ليذهبوا آجلاً او عاجلاً لنرى من هم اعداء الوطن والعقيدة القادمون !!.. من يروج للحرب اياً كان هو واحد من ثلاثة، اما انه لم يتذوق الحرب ولهيبها وآثارها او انه مجبور على خوضها (دفاعاً) او غير سوى نفسياً. لم ارَ الحرب ولا نارها ولكن الكثيرين من حولي الاهل والاقارب فروا من جحيمها ولهم حكاياتهم المؤلمة، كنت ارى الحرب في ثوب امي الاسود طول العام، واراها في حزنها الابدي المتجدد كل اسبوع تقريباً حزناً على احد اقاربنا وقد لقى حتفه، قد نكون كبرنا في اجواء اكثر آمانا ً ولكننا لا ننسى الحريق والرماد في عيون اهالينا. جمهورية جنوب السودان تجدها قد تجاوزت سنين الحرب ولكن السؤال هو كيف نتجاوز اثار الحرب؟ فالحرب هنا كائن يمشي بين الناس تاركا اثاره المؤلمة هنا وهناك، في هيئاتهم وسلوكهم وردود افعالهم، مجانين يجوبون الشوارع عراة تماماً قصة كل واحد عبارة عن دنيا من الالم وقد يضيف او ينقص الناس من الحقائق ولكن الحقيقة الوحيدة انها واحدة من اثار الحرب، قد يكون هؤلاء اعلنوا جنونهم على الملأ ولكن هناك نوع آخر من الجنون المخفى خلف عدد من الاقنعة، ماذا لو رأيت شعباً باكمله لا يقدس الحياة ولا يقيِّمها من كثرة ما رأى من موت ودمار، وعلى ذلك قس، لان تحت ذلك قد يدرج كل انواع الاستهتار بحياة الاخرين وتصبح رؤية الموت والدم شئ عادي كأنه يجمدهم في عصر ما وزمن ما، وذلك واضح عندما يكون هناك حادث مروري او عندما يأتي رجال المرور باحدهم مجروحاً لاي سبب يتراكم عليه الناس ليس لغرض تقديم الاسعاف او المساعدة في شئ ولكن لمجرد الفرجة والغياب في صدمة جماعية لوقت قد يطول اويقصر كأن الكل في تلك اللحظة يسترجع شريطاً حركه الدم واللحم الممزق والعظاع المهشمة والموت، الى ان ينتهرهم طبيب او رجل شرطة حينها تسمع كلمات ليس لها معنى. ثم وجود سمة عدم الثقة، لا احد هنا يثق في احد كل متقوقع في حاله العلاقات الاجتماعية والتكافل الاجتماعي في الحضيض، عنف وانفجار غاضب لاتفه الاسباب وقد يصل درجة اخراج الطبنجات. غضب وغبن وكراهية يمكن ان يفرغه اي احد على رأسك. كيف لجمهورية جنوب السودان ان تتحرر من هذه الامرض، امراض ما بعد الحرب. كانت ابنة خالتي تحكي لي عن ايام الحرب وهي من الذين لم ينزحوا الى اي مكان، وتعتبر نفسها من الناجين، كنا نتحدث عن عدد الاطفال وتنظيم الاسرة؛ اطفال قليلون لنستطيع توفير حاجاتهم بسهولة، ولكنها فجأة قالت: احسن العيال يكونو حبة لاني كنت عندي اطفال كتار وفي اعمار متقاربة، وعندما تضرب الدانات كنت لا اعرف من اخذه واجري به ومن اتركه في يوم كانت الضربة كبيرة ومفاجئة ظننت انني خبأت كل اطفالي في الخندق ولكني اكتشفت اني نسيت واحداً في القطية، وعندما هدأت الدانات والتي حفرت كل مكان حول القطية، هرعت الى ابني وجدته في حالة مزرية، يحملق في الهواء وتبرَّز في نفسه ونزلت دمعات من عينيه ومن حينها فقد القدرة على النطق. عندما بدأت الحكاية كانت تضحك وعندما انتهت كنا نبكي جميعاً لان لديها طفل معاق الان وكل ما تنظر اليه يمتلكها الاحساس بالذنب لانها نسيته ولا ادري بماذا يحس من كانوا يقذفون المدنيين لتنفيذ سياسة الارض المحروقة ؟. انتبهت لذلك عندما قالت لي احدى القاطنات في مدينة الكلاكلة عندما ضربت اسرائيل مصنع اليرموك والخوف والرعب الذي تملكهم، قالت: لا ادري كيف تحمل الجنوبيون عشرات السنين من الحرب ونحن لم نستطع تحمل دقائق منها ؟؟. فالحرب قذرة وليس ثمة ناجٍ بالمعنى الحقيقي، اذا لم تمت حينها، ثم يدور تفكيرك حول الموت وتصبح الحياة رفاهية. والان تدور في دارفور وجنوبي النيل الازرق وكرفان، فكم امرأة اغتصبت وكم طفل فقد النطق اذا لم يمت، وكم من المجانين في طريقهم الى العري والضياع، وما نوع السلوكيات وردود الافعال التي يصاب بها الناجون من هذه المحرقة بعد ان فقدو الاحبة امام اعينهم والامن والاستقرار والشئ الاكثر ايلاماً هو احساسهم العميق بعدالة قضيتهم ولكن لماذا تشعل حكومة المركز حرباً ضدهم وضد مطالبهم المشروعة؟. وهناك الكثير من السودانيين قد يحسون بالاسف بما يحدث في سوريا ولكن لن يهتزوا لما يحدث لاخوتهم داخل الخارطة الواحدة، هو شرخ واضح للوجدان السليم، فالانسان انسان في كل مكان نتألم لاطفال سوريا ونتمزق لاطفال النوبة والفور والنيل الازرق وآخرين ونتمنى حقيقة ان تنتهي هذه الحرب اللعينة فجنوب السودان دولة قابلة للدراسة والبحث وهي نموذج لما يصيب المجتمعات بعد الحرب، الشك في كل النوايا حتى ولوكانت حسنة، الناس كل في جزيرته، الصداقة بعيدة المنال والحب نجوم نراها في سماوات بعيدة ولحكومة جنوب السودان مهمة اعادة الانسان الى انسانيته، ورفع قيمة الحياة لديه واعادة الثقة الى نفسه، وتطبيب جراحاته، بالجلوس مع متمردي جونقليوالاستماع الى مطالبهم فالحوار هو الدرب الصحيح الذي سيسلكه الجميع في النهاية طال الزمان او قصر وارساء دعائم الديمقراطية والشفافية والتنميةالمتوازنة والتعليم والصحة وتحسيسه بكرامته كانسان ولكن بدل ذلك اخذ الجنوبيون ضربة اخرى على رؤوسهم، دانات الفساد وقنابل القبلية والغام الموالاة السياسية وخيانة رفقاء الامس، هل يعلم هؤلاء ما تأثير ذلك على السلام الاجتماعي في جمهورية جنوب السودان ؟؟.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: محاربة الحرب - إستيلا قايتانو (Re: aydaroos)
|
Quote: كنت اشاهد فضائية السودان ووجدته عاد الى التعبئة للحرب مرة اخرى، جنود وكتائب الدفاع الشعبي حماية لعقيدة والوطن، هذه المقولة سمعناها قبل الان حتى ذهب نصف الوطن وخائنوه وكفرته ومارقوه كنت اعتقد بان الجنوبيين هم الاعداء الوحيدون للوطن والعقيدة ولكن نبت اخرون من الكفرة والمارقين ويمثلون خطورة للعقيدة والوطن وهو واجب وطني ان يتم تطهير السودان من السودانيين ناساً وارضاً ليذهبوا آجلاً او عاجلاً لنرى من هم اعداء الوطن والعقيدة القادمون !! |
شفته يا عيدروس كيف تنزع هذه الفتاة إزار النفاق بسهولة و لطف يخلب الألباب.....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محاربة الحرب - إستيلا قايتانو (Re: Barakat Alsharif)
|
سلامات بركات الشريف
Quote: الرسالة المستترة التي تحاول الكاتبة ارسالها لنا وتفيد بان الجنوبيين ضحايا وملائكة ، وأنه بمجرد انفصالهم من شيطان الشمال انتهت مشاكلهم وان الشماليين معتدين وشياطين وحتى بعد انفصال الجنوب استمرت مشاكلهم..هذه الرسالة رسالة ساذجة...الشياطين موجودون في كل مكان. والمشاكل لم تنهتي ..لا في بلدها ولا في بلدنا |
في دولتنا السودان التي ورث مصالح الإستعمار فيها زعماء الطائفية وشيوخ القبائل وسيطروا علي مجتمعاتنا بإشاعة ذهنية تعلي من شأن كل ماهو عربي ومسلم (حسب مقاييسهم لما هو عربي ومسلم) ومصادرة حقوق كل من هو غير ذلك حسب تصانيفهم. سيطرتهم علي مفاصل السلطة في البلد (السلطة الدينيية، والسلطة السياسية) ومقدرتهم علي خداع الشعوب السودانية بإسم القداسة والشرف(النسب العربي الخالص) مكنتهم من الضغط حتي على نتاج التعليم الحديث في دولة الإستعمار،الأفندية. بتزايد الأفندية وتحت ضغوط زعماء الطائفية تبنى القسم الأكبر منهم نفس الذهنية السائدة وهم يضمرون سحب البساط من تحت أقدام الطائفيين وشيوخ القبائل، وما دروا انهم يعيدون إنتاج نفس المجتمع الهرمي، في قاعه أهل الريف ذوي الأصول الأفريقية ومن ثم أهل الريف ذوي الأصول العربية ومن بعدهم أهل الحضر ذوي الأصول الأفريقية، ثم أهل الحضر ذوي الأصول العربية ، وعلى قمة الهرم ازعماء الطائفية وشيوخ القبائل والأفندية الذين راكموا الثروات عن طريق النهب بحماية السلطة.
إنها المصالح والثروات المنهوبة التى تتغطى بالقداسة الدينية وإدعاء التفوق العرقي (النسب العربي الشريف) ما يجب هزيمته وتفكيكه، لا لصالح عرق محدد أو لصالح دين أو رؤية دينية محددة، وإنما لصالح كل السودانيين ولصالح كل الأديان والرؤى الدينية. إنها المصالح وتهب الثروات المدعومة بسلطة الدولة التي تسيطر عليها فئات إجتماعية صممتها بحيث أقنعت مجتمعاتها أن تفكيك هذا التصميم يعني فيما يعني تفكك الدولة وضياع نعيمها، ونسوا أن يذكروا أن أغلب مناطق السودان ينعدم فيها أثر هذه الدولة ، ينعدم فيها الماء النظيف، والطريق الممهد والطبيب المداوي والمدرسة ويتوفر فيها بكثرة العساكر حراس دولة ممتصي قوت الناس وحيواتهم بإسم القداسة وبإسم العروبة. كبر الأطفال في هذه الدولة وهم يحفظون أصوات الصواريخ والدانات بأكثر مما يحفظون المقرر المدرسي (هذا لو كانت هناك مدرسة من أصلو). الحل ليس بالإنفصال مادام الترتيب المنبني على مصالح فئات محددة من السودان القديم متحالفة مع الأفندية العاجزين عن إختراع سودان حديث فإستسهلوا إستمرار نفس الترتيب مادام يجلب لهم وجماعتهم الثروة والسلطة. ستستمر نفس الذهنية في العمل في الدويلات الوليدة وسيتكون مركز جديد وهامش جديد، وسيتم إستبدال مركزية لثقافة العربية الإسلامية بمركزية ثقافات أخر لتحمي مصالح فئات في المجتمع وتخدع فئات أخري لتؤيدها وتقهر الآخرين.
الجنوبيين هم ضحايا دولتنا يا بركات الشريف وإذا كنا نريد حل مشاكلنا التاريخية لابد أن نعترف بهذا. لقد قمنا بنهبهم وقهرهم وتقتيلهم وفوق ذلك أورثناهم رؤية نخبنا في المركز ، ولذا أنا معك متشائم فما يحدث في الجنوب الآن هو تكرار لما حدث من قبل، ولكن من قبل نخب الجنوب تجاه باقي شعوب الجنوب. ولا تظلم إستيلا .. فهي أيضاً متفقة معي في هذا، ولو رجعت للمقال لوجدت أنها قالت :
Quote: ولكن بدل ذلك اخذ الجنوبيون ضربة اخرى على رؤوسهم، دانات الفساد وقنابل القبلية والغام الموالاة السياسية وخيانة رفقاء الامس، هل يعلم هؤلاء ما تأثير ذلك على السلام الاجتماعي في جمهورية جنوب السودان ؟؟. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محاربة الحرب - إستيلا قايتانو (Re: aydaroos)
|
Quote: ولكنها فجأة قالت: احسن العيال يكونو حبة لاني كنت عندي اطفال كتار وفي اعمار متقاربة، وعندما تضرب الدانات كنت لا اعرف من اخذه واجري به ومن اتركه في يوم كانت الضربة كبيرة ومفاجئة ظننت انني خبأت كل اطفالي في الخندق ولكني اكتشفت اني نسيت واحداً في القطية، وعندما هدأت الدانات والتي حفرت كل مكان حول القطية، هرعت الى ابني وجدته في حالة مزرية، يحملق في الهواء وتبرَّز في نفسه ونزلت دمعات من عينيه ومن حينها فقد القدرة على النطق. عندما بدأت الحكاية كانت تضحك وعندما انتهت كنا نبكي جميعاً |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محاربة الحرب - إستيلا قايتانو (Re: aydaroos)
|
فجنوب السودان دولة قابلة للدراسة والبحث وهي نموذج لما يصيب المجتمعات بعد الحرب، الشك في كل النوايا حتى ولوكانت حسنة، الناس كل في جزيرته، الصداقة بعيدة المنال والحب نجوم نراها في سماوات بعيدة ولحكومة جنوب السودان مهمة اعادة الانسان الى انسانيته، ورفع قيمة الحياة لديه واعادة الثقة الى نفسه، وتطبيب جراحاته
لك التحية يا ستيللا .
زرت جنوب السودان بعد الإنفصال مباشرة ، ورغم نسيم الحرية .. أصبت بحالة من الحزن والأسى ، خاصة عندما قابلت صديقة قديمة لى وأسرتها .
فسنوات الحرب والدمار ..تركت آثارها على كل شئ .
هذا الشعب يستحق التعويض عن كل الأضرار .. الإنسانية قبل المادية .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محاربة الحرب - إستيلا قايتانو (Re: aydaroos)
|
الدين !! للدين سطوته الماحقة يا عيدروس ولو كان كاذباً كما هو في اروقة الدولة...
قديما كنا نهتف ضد المتاجرة بالدين .. الآن يجب ان ندفع ثمن إكتفاءنا بذلك الهتاف ..
القبلية ! واعلم اعتناءك بها .. هي كذلك متغير أساسي في حراك المجتمع .. نعم !! كان يمكن أن يكون متغيراً إيجابياً .. الا أن الأمر لم يعدو حدود الاحتمال !!
الشخصية السودانية! وهذه ستفتح نيرانا ثقيلة علينا .. الا أن استقصاؤها ضروريا جدا , أيضا , في تفاصيل "الضرورة"
تأريخيا .. لم ينقاد مستضعفاً في الارض للحرب الا مكرهاً !!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محاربة الحرب - إستيلا قايتانو (Re: Barakat Alsharif)
|
Quote: اعتقد انه ليس من العدل ان يظل الشمال شماعة متجددة لكل ما يحدث في الجنوب وتبرير اخطاء ساستهم ونخبهم بالقول هذا ما علمنا له الشمال....تكفينا اخطاؤنا ومشاكلنا..لقد اصبحت لهم دولتهم المستقلة اليوم وعليهم النهوض ببنائها ...ولا ولن ينقص من قدرنا لو اقتبسنا منهم تجرية جديدة في الحكم الراشد أو في الإدارة أو في حل النزاعات. او تبادلنا معهم خبرات من اي نوع، في ظل جوار وسلام وأمن ينهض بالشعبين الجارين...لكن ان تظل حالة (سيك سيك معلقة فيك) ...إن احسنوا نسبوا ذلك لأنفسهم وإن اخطأوا فشماعة الشمال جاهزة فهذا امر يثير الدهشة.. |
سلامات بركات الشريف ... وإتفق معاك تماماً في الجزء المقتبس أعلاه من مداخلتك. وإنما قصدت من مجمل كلامي أعلاه تفصيل مقولة (إن الدولة الاشلة إذا إنقسمت فإنها تلد دولاً فاشلة) وإيؤاد الأسباب الموضوعية لفشل الدول وما يتوالد منها. وهذا لا يمنع أن تتنبه النخب في الدولة الوليدة أن تنتبه لأسباب فشل الدولة القديمة ويتجاوزوه وإن فشلوا في ذلك فهو (فشلهم هم) كما قلت تماماَ .
شكراً لك
| |
|
|
|
|
|
|
|