مرسي ليتك لم تزر السودان ...

مرسي ليتك لم تزر السودان ...


04-07-2013, 11:48 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=430&msg=1365331696&rn=0


Post: #1
Title: مرسي ليتك لم تزر السودان ...
Author: فتح الرحمن عبد الباقي
Date: 04-07-2013, 11:48 AM

مرسي ليتك لم تزر السودان ...
انتهت زيارة الرئيس المصري محمد مرسي إلى السودان عصر الجمعة ، وغادر إلى بلاده ليصل سالما ، من أهوال السفر ، ولكنه هل وصل غانما ، من أشقائه الفكريين والوجدانيين ، وهل استطاع أن يكفكف دموعهم ، ويعتذر عن تأخره بالزيارة ، وأن السودان يجب أن يكون المحطة الأولى التي يقصدها ، ولكنها مشاغل الرئاسة ، وتعاسة الحظ ، والظروف غير المتوقعة التي حدثت عقب توليه الحكم ، وأن السودان في البال والخاطر ، لو زاره ، أو لم يزره . وما تفرقش يا أولاد النيل .
لقد أعلنت حكومتنا الفتية بان الزيارة ستستمر لمدة يومين ، ولكن يبدو أن فخامة الرئيس محمد مرسي لم يطب له المقام ، فكانت بالفعل زيارته لمدة ( 24 ساعة ) فقط أربعة وعشرون ساعة لا غير . وغادر بعدها فخامة الرئيس ارض الوطن وجنوب الوادي منتشيا ومحملا بالوعود والعهود والمواثيق ، وواثقا بان أبناء مهيرة وبعانخي ما زالوا في سذاجتهم ، وان الملفات التي يخافون منها ، أمثال ملف المياه ، والحدود سيظل على ما هو عليه ، وأنهم أبناء عم سيد البواب سيظلون هكذا ، ولا خوف منهم أبدا .
غادر محمد مرسي ارض السودان ، بعد أن وعد بالاعتراف بان حلايب وشلاتين سودانية ، وذلك ما ذكره مستشار الرئيس ورئيس جبهة الشرق ومؤتمر البجا ، السيد موسى محمد احمد ، غادر الرئيس محمد مرسي ولم يجف حبر الاتفاقات ، ولم تيبس شفاهه بالكلمات التي قالها وإلا ثارت الدنيا عليه ولم تقعد ، وإلا تناوشته الأقلام ، والسهام المسمومة ، مشككة في عقليته وأهليته بالحديث الممجوج ـ على حسب وصفهم ـ باعترافه بسودانية حلايب وشلاتين ، ووعوده وعهوده لإخوانه بجنوب الوادي ، والذي زاد جراحهم الملتهبة .
اخذ مرسي من السودان اقتصاديا ، عددا من الأفدنة شمال الخرطوم تقدر بمليوني متر مربع ، لإنشاء مدينة صناعية مفتوحة ، وذلك إيمانا من الطرفين بضرورة التكامل الاقتصادي ، وان الكثافة السكانية في مصر ، وان الأراضي الصحراوية الجدباء التي تتمتع بها طبيعة الأرض في مصر ، وان الأراضي الصالحة للزراعة لديها لا تتعدى سوى الشريط النيلي ، إضافة إلى سيناء ، فكان لا بد من هذا الرئيس ، أن يفلسف للبشير الدجاجة ليأكل هو الحقيقية ويترك لأحفاد عمو سيد البواب الدجاجة المفلسفة الوهمية .
ما زال مسلسل الكلمات الفضفاضة التي يلقيها أبناء النيل علينا حكومة وشعبا ، تنهال علينا فقد ذكر الرئيس مرسي بان ، الحدود بين البلدين ستظل على الورق ، والخرائط فقط ، وان الأرض للبلدين ، وللشعبين الشقيقين ، يتحركان فيها حيثما أرادوا ويتملكان ما شاؤوا ، وان الحدود هذه قد رسمها المستعمر البغيض ، ليجعلها قنابل موقوتة صالحة للانفجار متى ما أراد هو ، وأن المستعمر قد ولى ، وأن فتيل هذه القنابل قد أصبح بأيدينا ، وهنا صفق الكل من داخل قلبه لهذه العبارات الفضفاضة ، والخطب الرنانة .
غادر مرسي الخرطوم بعد أن وعد نائب الرئيس السوداني موسى محمد احمد بإعادة وضع حلايب وشلاتين ، إلى ما قبل العام 1995م وهنا جاء الرد المصري بعد أكل الدجاجة الحقيقية وترك لنا الدجاجة الوهمية ، قالت الحكومة المصرية ، بان حلايب وشلاتين تؤثر على صفو العلاقات بين مصر والسودان ، وان مرسي قد وعد بإعادة العلاقات وليست حلايب للسودان إلى ما قبل العام 1995م .
ولقد ذكرت القيادات المصرية أن ، مرشد الأخوان ليس له الحق في الحديث عن هذا الموضوع ، وأنه من حق وزارة الخارجية المصرية فقط ، وأن الجيش قد أعلن استياءه لهذه التصريحات غير المسؤولة ، وذلك على حد قولهم ، وأما الناطق الرسمي المستشار إيهاب فهمي فقد نفى جملة وتفصيلا ، وعد الرئيس مرسي بإعادة حلايب وشلاتين ، ولم يقل بان الرئيس كان يقصد إعادة العلاقات وليست إعادة حلايب وشلاتين الى السودان .
ومن ناحية أخرى فكان حزب الحرية والعدالة ، قد نشر على موقعه على الفيس بوك وتويتر صورة لخريطة مصر ، تظهر فيها حلايب وشلاتين ، ضمن حدود السودان ، وكان ذلك متزامنا مع زيارة الرئيس مرسي للسودان ، مما أثار موجة غضب عارمة واستعرت الحرب على صفحات الفيس بوك وتويتر ، واتهم الرئيس المصري وحزبه ببع الاراضي المصرية ، ولكن سرعان ما أعلن الحزب اعتذاره ، للشعب المصري عن هذه الخريطة .
كان إعلان هذه الخريطة متزامنا مع زيارة الرئيس مرسي للسودان ، وكانت عبارة عن مقبلات وفاتحة شهية للإخوة في جنوب الوادي ، ليقدموا الهبات والتبرعات والوحدات السكنية ، والأفدنة الزراعية ، ولكن يبدو أن الإخوة المصريين رغم حنكتهم وخبرتهم ودهائهم ، ومكرهم وحيلتهم لم يعرفوا حكومة المؤتمر الوطني جيدا ، فهم مهتمون بأشياء أخرى ولا يحتاجون لهذه المقبلات من العيار الثقيل ، بالاعتراف بان حلايب وشلاتين سودانية .
غاب عن هذه الزيارة ذكر أو التعرض إلى مسالة مياه النيل ، وهي من الأسلحة القوية التي يفترض أن الحكومة السودانية تلوح بها متى ما طلبت شيئا من مصر ، وعندما رأت الإدارة المصرية عدم رغبة حكومة المؤتمر الوطني بتحريك هذا الملف ، وعندما تأكد لها أن حكومة المؤتمر الوطني مع مصر قلبا وقالبا في ملف مياه النيل ، وأنها ستعارض كل اتفاقيات دول المنبع ، سكتت مصر ، بعد أن سكت صاحب الحق السودان .
لم تكن هذه الزيارة عديمة الفائدة لحكومة ، المؤتمر الوطني بقدر ما كانت عديمة الفائدة للشعب السوداني ، فقد ذكر مساعد رئيس الجمهورية الدكتور / نافع على نافع بان السودان غير منزعج من المعارضة الدارفورية ، الموجودة في مصر ، وتعتبر هذه إشارة مبطنة ، وضربة قوية للمعارضة السودانية ، وربما تطور الأمر ، وقامت مصر بتسليم كل المعارضين الموجودين على أراضيها ، ويعتبر هذا مكسبا قويا ، إذا ما استطاعت حكومة المؤتمر الوطني من تجفيف الأراضي المصرية من المعارضين السودانيين ، علما بان الرئيس مرسي ، قد اجتمع بقادة المعارضة الداخلية أمثال الصادق المهدي والدكتور حسن الترابي ، وفضل الله برمة ناصر .
لا نريد علاقات بين مصر والسودان ، أو أي كائن كان ، سيمتها الوهن والجبن والخوف والعار ، فالسودان يمتلك سلاحا لو وجهه لمصر لارعوت وعرفت حدودها ، ولا نريد أن نكون خنجرا ندسه في خصر مصر المؤمٌنة المسلمة الشقيقة الجارة ، ولكننا نريد علاقات قائمة على الندية واحترام الجار لجاره ، ومراعاة حقوقه ، وواجباته ، نريد علاقات مبنية على الإخوة والتسامح لا التسامي والتعالي ، نريد علاقات أساسها المصلحة والمصلحة المشتركة . والحب والإخاء ، وإذا استمرت مصر بهذه العنجهية فلنشهر سلاحنا . وليهب حفداء بعانخي ومهيرة .

فتح الرحمن عبد الباقي
7/4/2013
[email protected]