جرعة جرأة ....أي الاسلامين أحق أن يُتّبع ؟؟؟

لست أدري لماذا ينسى المرء أنه كالسيارة التي تتوقف تماما بمجرد نفاذ وقودها ، وتتساوى في هذا الفعل السيارات الجديدة والقديمة ، والمتينة وغير المتينة ، والمصنوعة في هذا البلد أوذاك ، وهي لحظة توقف حتمية لم يدركها الكثير من الساسة الذين يكذبون على الشعوب باسم الاسلام ، ويحرّفون الكلم عن مواضعه ، ويرسلون الأرواح البريئة لآخرتها باسم الاسلام ، فالاسلام الحقيقي هو إسلام اللين لا العنف ، وقد قال عنه الله تعالى صراحة ( فبما رحمة من الله لنت لهم ، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) ، وهو دين الدعوة للوحدة بامتياز لا التمزيق وقسمة الأوطان ، وهو دين المساواة بين الناس لا الموالين دون غيرهم ، فتاريخ دعاة الاسلام السياسي يجعلنا نتساءل عن حقيقة كلمة الاسلام التي يحملونها ، وما إن كانت متطابقة مع إسلام الانسانية والفطرة الذي آمنت به شعوب المنطقة والعالم عن قناعة ، واحترمه الآخرون لتسامحه وعدالته وإنسانيته المطلقة ، فدخلوه أفواجا .
الخلط المتعمد بين الآيات التي نزلت في المسلمين وتلك التي نزلت في غير المسلمين ، وأيضا في الأحاديث والاجتهادات والفتاوى والتفاسير ، هو النافذة التي قفز منها تنظيم الظلام المستنير الاخواني إلى عقول البسطاء في المجتمعات ، واستقلّ آيات العنف في ليّ عنق تفاسيرها نحو مآرب خفية أحارت العقول ، فمفهوم الغزوة بمافيها من حماسة تداعب غرائز حبّ البطولات في المراهقين والشباب ، هو ما ولّد براكين العنف المتفجرة هنا وهناك على خارطة المنطقة ، والدول التي ابتلاها الله بوهم الجحيم العربي ، وجدت نفسها في مأزق المستجير من الرمضاء بالنار ، فسوريا على سبيل المثال ، حتى لوتوقف فيها صوت الرصاص ، تحتاج سنين عددا لتعود للحالة التي كانت عليها ، ومصر تراجعت للوراء عشرات السنين في فترة وجيزة لا يصدّقها عقل ، وتونس اليوم يبكي شعبها زامر حيّ لم يطربه فجار عليه وخسره ، وجسد نحيل احترق في السوق بخورا سرق الاخوان استناشاقه عن انوف الآخرين ، وليبيا واليمن والعراق لايحتاج حالهم لحديث ، والسودان أصبح سودانين ساءت أحوالهما الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية ، ويكفي على الأقل وبعيدا عن مقارنة الدول الاخوانية بغير الاخوانية ، بسبب قصر عمر تجربة الظلام الاخواني المستنير في الحكم ، فإن مقارنة دول الجحيم العربي التي بدأت بفترات متقاربة جدا ، نجد الدول التي لم يعتلي الأخوان دكة حكمها ، رغم سوء أحوالها ، تظلّ أفضل من الدول التي اعتلى سدّتها إخوان الظلام المستنير .
مشكلة تنظيم الظلام المستنير الاخواني الذي يحمل فكرا يحارب الاسلام باسم الاسلام ، هي أنه يقوم على نظرية الانتزاع والتّسلط ، لا الحوار والحجة والمنطق ، وهو ما خلق صدامات ومواجهات عنيفة بينه وبين مختلف القوى التي تعيش معه على ذات الجغرافيا ، بل وتعداها ليتمدد بجغرافيا أوسع ، في مساحة استوطنت خياله ، تمثّلت في وطن الخلافة الممتد من المحيط إلى الخليج ، والمؤدي قسم الولاء والبيعة والطاعة العمياء المطلقة ، عند إشراقة كل شمس ، وتعامدها ، ومغيبها ، للمرشد الأعلى ، الذي التفت حوله قيادات يربطها رباط المنفعة الشخصية ، والتخطيط بنظرية المؤامرة ، والتحالف مع الشيطان في سبيل المصلحة الشخصية القائمة على وصول أو بقاء الاخوان في السلطة ، إنها صفات لم تجعل الحوار معهم ممكنا ، فالحوار في قاموسهم مراوغة تؤدّي لطريق ذات اتجاهين لا ثالث لهما ، كسب العركة ، وكسب أطول فترة زمنية لتنفيذ مخططات المؤامرة ، وهو ما تجلّى في حواراتهم التي تبدأ بطلبات بسيطة لتجتذب الآخرين إليها ، وما أن يبدأ الحوار معهم، والذي يعتبرونه دون شك اعترافا بهم ، وشرعنة لوجودهم ، حتى يرفعون سقف التفاوض ، ويتوغلون بمطالبهم تدريجيا ، ويراوغون في سبيل تعثّر الحلول ، وينتهون دائما بمطلب واحد ، وهو رحيل النظام الذي مدّ يد الحوار واستبدال وجوده بوجودهم .

ونواصل ...

نواصل ...