جماجم مائية ..!

جماجم مائية ..!


04-02-2013, 00:30 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=430&msg=1364859026&rn=2


Post: #1
Title: جماجم مائية ..!
Author: كمال علي الزين
Date: 04-02-2013, 00:30 AM
Parent: #0

(*)

إلى روح أخي وصديقي وإبن خالتي الأثير (عوض علي الشيخ القرشي) 1983 - 2010

مشاوير طويلة مشيناها معاً وبيننا ذلك الحب والإخاء ..

فجعت فيك ,,
كل كلمات العزاء لا تعني لي شيئاً - ولن تجعل تلك الفكرة المخيفة تبتعد عن ذهني
فكرة أن أعود إلى أمدرمان ولا أجدك هناك بإنتظاري كالعادة _ تتبسم وتضحك وتحتضنني
ونمشي معاً تلك المشاوير التي لا يعلمها أحد سوانا ,,

(عوض) هذه الكلمات أكتبها وأنت لم تعد هنا ..
شيعوك إلى مقبرة لم تكن تدري عن ساكنيها شيئاً ..
وأنت بعد غض , تحلم بالغد ..

إليك أهدي هذا المشوار الذي مشيناه معاً ذات عام ,,
وأنت تعلم أني بعدك لم أعد ذلك الرجل ..

محبتي يا أخي وأنت في دار أخرى , بكرت بالرحيل إليها دون موعد
سأظل أذكرك ,,
سأظل أحبك ,,
ستظل أخي وصديقي وأبن خالتي الأثير ,,

إليك أهدي هذا الحب الجامح ..
فأرقد بسلام ,,

Post: #2
Title: Re: جماجم مائية ..!
Author: كمال علي الزين
Date: 04-02-2013, 00:43 AM
Parent: #1

(1)

شارع الجمهورية _ شتاء عام 1996 م


كان الخفير رجلاً غريب الأطوار - أبيضاً قصيراً متورم الأرجل حاد الملامح ,يمسك بيمناه مسبحة لا تفارقه , يرتدي جلباباً (سمني) اللون وعلى رأسه (طاقية) برتقالية اللون مضى عمره نحو العقد السادس وهو يجلس أمام تلك الشركة الشهيرة التي تعد من ملامح ذلك الشارع
العريق وهو يعمل خفيراً بها لكنه أيضاً يمتلك (سيارة ) تاكسي يعمل عليها عصراً ومساءً -لكنه أيضاً كان رغم تدينه البائن وعمله كخفير بهذه الشركة _ كان مثقفاً وكان من رواد سيجارة (البانقو)يقضي أمسياته بين دخانها وبين مصلاته وتسبيحه ,,

بناته الأربع وإبنه الوحيد هم كل مايعرفه من أهل بعيد رحيل زوجته وأم أبناءه ,كان العم (سلطان) يعاملهم معاملة غريبة بعض الشئ - فقد كان بينهم ليس أباً كما نعرف الأباء كان يشاركهم السكنى والمأكل فحسب , فيما خلا ذلك لم يكن يحفل بهم كثيراً ,يعود إلى بيته مساءً فيغرق بوحدته وصلواته وسيجاره المحشوء بالبانقو .


(عوض) ..إبن خالتي _ كان قصيراً أسمراً - بيضاوي الوجه - مرواغاً كأرنب بري متمرداً - لا يشبه فعله سني عمره القصير - كان رغم أنه يصغرني سناً أقرب الناس إلى وأحبهم - لم أكن أراه كما يراه الآخرون _ ذلك الطفل المشاكس الذي يتمرد على عمرهويحاول أن يبدو أكبر سناً _ كنت أراه رجلاً نضج قبل أوانه فحسب ,,ذلك الصباح كان متجهماً - حاد الملامح تبدو عليه معالم الجدية ,جاءني وعلى وجهه خبر ,,

كانت جدتي (بت البي) و(عوض) ندان متشاكسان رغم حنوها عليه ومحبته لها فهو أيضاً أبن بنتها مثلي ,إلا أنها كانت ترى فيه تلك (الشلاقة) والتعدي على أعمال الكبار ,جاءني وهمس بأذني بحضورها _ يبدو أنه يعلم أنها ستحاول دس أنفها بأمورنا كعادتها فصرخت بوجهه :
ياولد في شنو ؟
رد عليها وعلى وجهه تلك الإبتسامة الماكرة :
حبوبة والله مافي حاجة ,,

لم أكن أركز بحديثهما معاً , فقد كنت أحاول تجميع ماهمس به (عوض) بأذني فلم أتبين سوى كلمة واحدة غريبة بعض الشئ , بل غريبة جداً :

جماجم مائية .. !