رحمة عاشت في الغموض .. ولازالت بصمتها علي حائط الزمن / امال الزين

جلست الي جانبه رجل قرب السبعين من عمره وامرأة يزيدها جلال الوعي والمعرفة جمالا يلامس ملامح النساء الاسطوريات
وجلست في الزاوية المقابلة لهما محاورة ذاكرتيهما كمدونة ترفض مشافهة التاريخ
صدقا كنت حائرة في تحديد بطل الملحمة التي خاضاها معا في حماية النصف العلوى من جسد حزبنا
والذي كان هدفا في حفل صيد الوحوش الدموى الذي اقامه جعفر نميري بعد الردة في يوليو 1971
فانحزت اليهما معا واخترت تجربتها في اليوم العالمي للمرأة
ولا اذيع سراً ان قلت السيدة رحمة عاشت في الغموض ما يقارب نصف عمرها
وتركت بصمتها علي حائط الزمن لا تزال تتجدد بمقدرتها الفائقة علي العطاء

تشد ظهر رفيقها وحزبها وتحتمل معهما واجب تامين من نجا من مذبحة الشجرة من قادة الحزب ومفكريه
وقد انتظم ذلك عمرا كاملا منذ العام 1972 وحتي 1985
وربما في اعوام الرمادة التي كالت وجه الوطن .
سالتها كيف احتملت الهواجس وسؤال التاريخ وتدبير لقمة العيش والنوم والحركة لهم جميعا
وهي علي اعتاب الشباب في عامها العشرين ؟ بعبارة واحدة وحاسمة ( الواجب ) قالت.
كم كانت كلفة هذا الواجب المتمثل في حماية مجموعة من الذين كانت دماءهم مهدرة
من قبل سلطة دللت علي وحشيتها وعنفها بمختلف صنوف القتل والتنكيل ما كلفة هذا الواجب سالت ؟
ولكنها الجمتني عندما لم تنصرف لبهاظة الثمن بل ولجت لما احاط هذا الواجب من حب
( لم يكونوا متعبين ابدا ورفقتهم غير مكلفة ، كنا نتناول الطعام زمعا وكان ( س) يساعدني في اعداد الطعام
وقد علمني بعض الضبخات ا بسي(.........)ة التجربة وعموما كانوا يتناولون اي طعام دون النظر لجودته معدمه
يغسلون ملابسهم ،يرتبون مكان معيشتهم،يعدون الشاي والقهوة ،يقراون كثيرا ويتناقشون
اصبحنا اسرة واحدة مع كثر التنقل وطول الاقامة ، كانت رفقة جيدة وجميلةانجبت خلالها اطفالا كبروا في محبتهم
وكانو ينادونهم بما حفظوا من اسماء هل اصابك الخوف يوما ؟ كثيرا ولكنه لم يسيطر علي .

كنت اعانه واجب يجب ان يؤدى رغم ما يحيط به من خطورة كان وجه رفيقها تلك اللحظة يفيض نحوها بالفة عميقة عركتها تجربة استثنائية
وكان وجهها الهادى الجميل ( حوش مقشوش ومرشوش ) يغمرني براحة عجيبة حتي اني كنت اقرب للبكاء
وانا احاول ان اتلمس من خلال الحوارمقدار المعاناة التي لاقت مما حرمتك هذه التجروانت بعد يافعة ؟
سالت قالت فقط كانت علي حساب الجانب الاجتماعي حيث كنا نختصر زيارات الاهل وعلاقات الجيران
وكنت في جزء من الوقت طالبة وعضوة بالجبهة الديمقراطية
ولكن لم يكن بالامكان دعوة الاصدقاء والزملا ولا الثرثرة مع الجارات وتناول الشاي والقهوة
وقد رشحت اثناء ذلك لعضوية اتحاد الطلاب ولولا تدخل ( عبد الرحمن ) غاضبا بن هذا حقي
وانني لن اعد طالبة جامعية مرة اخري لحرمت من الترشح رغم رغبتي الشديدة في ذلك،

كثيرا ما رغبت في حياة عادية غضبت احيانا وتشاجرت اخرى ولكني دائما كنت اعلم ان هناك واجب مقدم
حتي في بداية حياتنا الزوجية كان شجارنا محفوفا بالحذر هكذا كل شئ في حياتنا كزوجين يقف عند هذا الحد الفاصل
اذهلتني التجربة ،بقدر عظمة هذا الحزب كانت عظيمة
هي لا تدعي بطولة ولا موقفا استثنائيا ولا تري فيها سوى انه كان واجبا وكان عليها اداءه
كانما كانت وقتها جندىا في جيش يعاني وضعا عصيبا وكان واجب حماية القائد مقدما علي كل شئ
والا لكانت هزيمة كاملة للفكرة
المجد لها امراة من صلابة المجد للرفيقات الجميلات كتفا بكتف مع جموع الرفاق الماضية نحو الفجر فجرك يا انسان.

شكرا امال لهذا الحكي المتفرد العذب
اشتهيت ان تصافح عيني تلك العظيمة
ذات الوجه المقشوش ومرشوش !!
ويا له من تعبير يا امال

وكل سنة وانتي طيبة

.
.
أنحني إجلالاً لهذه السيدة العظيمة، والتحية والتقدير
لبنت بلدي أينما كانت في يوم المرأة العالمي.

الحبيب ود العبيد
كثيرون هم، وكثيرات من نحتاج إلى توثيق قصة نضالهم/هن،
وكفاحهم/هن، حتى لا تسقط من ذاكرة التاريخ بالتقادم، ولفائدة
الأجيال الحالية والقادمة.... عِبر ودروس مستفادة.

مجدداً، ورغم عدم معرفتي بهذه السيدة القامة، فهي جديرة بالإحترام
والتقدير.

كامِل الوُد