|
العلمانية و الدولة الدينية - نقطة و سطر جديد
|
تعج الساحة السياسية منذ وقت طويل بالحديث عن ضرورة صياغة دستور يؤسس لدولة علمانية و بالمقابل هناك حديث عن ضرورة التمكين لدولة دينية فى السودان . و حديثنا هنا لن يقف على شكل الدولة المطلوبة ( علمانية / دينية ) انما سيكون عن الميدان الخاص بهذا الصراع بين انصار الدعوتين الا و هو الشعب السودانى ، فبينا يتحدث انصار العلمانية ضرورة فصل الدين عن الدولة / اجهزة الحكم / ... و حديث انصار الدولة الدينية ( الاسلاميين ) بان الدولة الدينية تحقق ما يتطلع اليه الانسان فى اموره الدينية و الدنيوية .
يهدف كل طرف لاستمالة و استقطاب هذا الشعب و فى سبيل ذلك يرى انصار العلمانية بان الداعين للدولة الدينية فى السودان هم تجار دين و يستخدمون الدين لدغدغة العاطفة الدينية للمواطن و ترغيبه و ترهيبه بالحلال و الحرام . و يرى انصار الدولة الدينية بان العلمانيين ليس لهم واعز دينى و انهم يريدون تدمير المجتمع اخلاقيا و انهم يدعون لمخالفة اوامر الله . و ان كنت هنا لست بصدد شرح معنى العلمانية وهى و ان كان مفهومها العام محدد الا ان التجارب العالمية توضح بان هناك اشكال مختلفة لتطبيق العلمانية ، كما اننى لست هنا لشرح معنى الدولة الدينية ( الاسلامية ) و اختلاف مفاهيمها من دولة دينية ثيوقراطية او الحكم بما انزل الله ، سواء كان ذلك بمفهوم السلفيين او غيرهم . فانا هنا لاتحدث عن هذا الميدان الا و هو الشعب السودانى الذى يتصارع الطرفان لاقناعه برؤيته بشتى السبل ، لذا لابد ان نضع نقطة بعد الحديث عن رأى العلمانيين و انصار الدولة الدينية و نبدأ سطر جديد الا و هو سطر الشعب الذى يعتبر اداة الوصول لاهداف اى من الطرفين ( ان تاب الله علينا من الانقلابات العسكرية و الايدولوجية و انعم علينا بالحكم الديمقراطى الرشيد ) . سطر جديد - الشــــــــــــــــــــــعب :- ان طرفى الصراع يخاطبان الشعب بكليات ( دولة دينية / دولة علمانية ) دون ان يطرحا لهذا الشعب تفاصيل الدولة العلمانية او الدولة الدينية التى يدعون اليها و حقوق و واجبات المواطن فى كل منهما و ما هو التطبيق المقصود للدولة الدينية او الشكل المقصود للدولة العلمانية و ظلا حبيسين لعقد المصطلح ( دولة علمانية / دولة دينية ) و هنا لا اريد ان اتهم الشعب بالجهل بكلا الشكليين من اشكال الدولة ، و لكن عدم وضع الحرف على النقاط يجعلنا ندور فى متاهة المصطلح و ماذا اريد بمصطلح الدولة الدينية و ماذا اريد بمصطلح الدولة العلمانية حتى يستطيع ان يختار المواطن المغلوب على امره و الذى تجاذبه الطرفان ، فرغما عن ان الكثير من الناس يعلم معنى كلمة علمانية و معنى كلمة دولة دينية الا ان العديد من الناس لا يعرف تفاصيل مقصد اى من الطرفين مما ادى الى صراع اعلامى و استقطاب من كلا الطرفين لهذا المواطن البسيط المكون لهذا الشعب الذى يشكل ميدان الصراع بين الطرفين مما ادى لتدنى لغة الصراع فى كثير من الاحيان ، مثل نعت العلمانيين للاسلاميين بالاستخفاف بعقول الشعب و ممارسة تجارة الدين و دغدغة المشاعر الدينية للمواطن و ممارسة الترغيب و الترهيب باسم الدين ، و نعت الاسلاميين للعلمانيين بالكفر و ضعف الواعز الدينى ، الشئ الذى ادى لانتشار بعض المفهاهيم السلبية فى المجتمع و حدثت ضبابية لدى بعض المواطنين لما يدعو اليه هذا الطرف او ذاك . لذا أبدء السطر الجديد بشكل الدولة التى اعتقد بانها الدولة التى يريدها المواطن ( الشعب ) بدون مسميات ( دينية / علمانية ) لنتحاور فى الاصل لنحاول ان نصل لما نريد و من ثم نبحث لمسمى لشكل الدولة ( علمانية / دينية / اخرى ) فواجب كل طرف من الطرفين ان ينزل الى الميدان ( الشعب السودانى اينما كان سواء فى المركز ، الهامش ، دول الاغتراب و المهاجر ، ... ) و يطرح رؤيته لشكل الدولة بالتفصيل لا ان يدعو المواطن بالصعود اليه ليعلم ماذا يريد و ما هى مقاصده و ادواته و ضماناته لذلك ، فعلى الطرفان واجب نشر الوعى و التوعية بالحقوق و الواجبات حتى يختار المواطن / الشعب بوعى و يشارك بمسئولية . و قد يقول قائل بان نظام المؤتمر الوطنى يملك و يتحكم فى كثير من ادوات ذلك بسيطرته على اجهزة الاعلام و حظر و تقييد الاعلام على معارضيه باختلاف ادبياتهم ، الا ان واقع الحال الان يفيد بان المواطن قد اصبح يدرك بان اجهزة الاعلام الحكومية موجهة لخدمة النظام و بدأ يتحصل على المعلومة من مصادر اخرى مثل القنوات الاخبارية الاجنبية و المواقع الالكترونية مما يتيح لدعاة العلمانية و الاراء الاخرى فرصة الاستفادة من هذه المصادر. و اذا عدنا للشعب فاننا نجد بان الشعب يريد حقه فى الاعتراف بالتنوع الثقافى و العرقى و الدينى للسودان و حقه فى الحرية و الكرامة و العيش بسلام و حماية حقوقه و عدم التمييز بسبب العنصر او اللون او الجنس او اللغة او الدين او الرأى السياسى و الحق فى الحياة و الجنسية و الحماية القانونية و المساواة امام القانون و حق التملك و حماية حقوق الملكية و حق التنقل و حرية الفكر و التنظيم و حق العمل و الاجر العادل و العلاج و السكن و الخدمات الاجتماعية و التعليم و التمتع بالحقوق المدنية و السياسية و المساواة بين الرجل و المرأة فى ذلك و الاعتراف بالشخصية و حمايتها و عدم القبض عليه او تقييد حريته الا بموجب القانون و ضمان المحاكمة العادلة و تولى الوظيفة العامة و المشاركة فى تحديد شكل الدولة و تولى المناصب و .... اذا نظرنا للحقوق اعلاه فاننا نجد بان كلا طرفى النزاع يتحدث عنها و يدعو لها فى ادبياته ، و لكن هذه الدعوة يجب ان تكمل بتوضيح مفهوم كل طرف لاى من هذه الحقوق بالتفصيل حتى لاى نقع ضحية التفسيرات و التأويلات المتعددة التى تفرغ هذه الحقوق من مضمونها و شكل الدولة التى يقدمها كل طرف و آليات كل طرف لضمان هذه الحقوق و الياته لحمايتها و عدم النكوص عنها ، فالشعب فى النهاية سيختار من يحقق له هذه الحقوق و يحميها و يقدم الضمانات لذلك و يعاقب على تجاوزها و انتهاكها بغض النظر عن ما يرفعه من شعارات او شكل الدولة التى ينادى بها ( دينية / علمانية ) ، من ثم يجب ان لا تكون هذه الحقوق مجرد ادبيات و اداة لحشد الانصار و استقطاب المؤيدين و جعل مصطلح ( علمانية او دينية ) كالاصنام ، و يجب ان يفهم هذا الشعب مفهوم كل طرف لاى من هذه الحقوق و آليات تحقيقها و حمايتها لاننا ان ظللنا نتحاور بين العلمانية و الدولة الدينية فالاجابة بسيطة و هو اعادة انتاج الازمة فكل طرف قد تمرس على طرق دعوة الطرف الاخر و كون آليات للرد عليها بعيدا جزء كبيرمن الشعب الذى يجلس متفرجا على هذا الصراع فى حين انه هو صاحب الحق الاول و الاخير فى الاختيار . اننا بنقل هذا الصراع لتفاصيل رؤى كل طرف و طبقنا ذلك على ما يريد الشعب فان ذلك سيساعد فى محاورة كل طرف فى ارائه و الوصول الى تقددم فى الفكر السياسى السودانى يؤدى لمشاركة حقيقية و اختيار بوعي من المواطن و تحدد شكل الحكم الذى يريده بعيدا عن المسميات . اعلم ان ما ذكرته يحتاج لزمن طويل و قد يرى البعض بان هذا الامر يحتاج لزمن طويل و لكن باى حال من الاحوال فان هذا الوقت لن يكون بطول الزمن الذى استنفذناه من الاستقلال و حتى الان او منذ يونيو 1989 و حتى الان ، و هى دعوة للخروج من ازمة المسميات ( دولة دينية / دولة علمانية ) حتى نقطع الطريق على كل الشعارات التى تتاجر بحقوق المواطن و نحرم النظام من المتاجرة بالدين و تحديد شكل الصراع الذى يريده ، فالصراع فى الاصل غايته الوصول للحق / الحقوق التى يريدها الشعب و ضمان حياة كريمة له و ازالة الضبابية التى لازمت لمفهوم كل طرف لدعواه عند بعض المواطنيين . عليه فاننى ادعوكم لان نبدأ فى هذا الامر الان قبل ان تأتى بعد حين من الزمن و نقول لقد اضعنا زمن طويل فى الصراع و حان وقت الجلوس لتقييم الوضع و وضع النقاط فوق الحروف ، و سيكون وضع النقاط فوق الحروف هو النزول الى الشعب بتفاصيل ما نهدف اليه و ان نطلب من الشعب ان يضع الميزان ، وقتها يمكن ان يرفض الشعب رؤى اى من الطرفين او كليهما و يضع رؤيته الخاصة لشكل الدولة . و نواصل .....
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: العلمانية و الدولة الدينية - نقطة و سطر جديد (Re: علاء الدين محمد البشير)
|
Quote: اذا عدنا للشعب فاننا نجد بان الشعب يريد حقه فى الاعتراف بالتنوع الثقافى و العرقى و الدينى للسودان و حقه فى الحرية و الكرامة و العيش بسلام و حماية حقوقه و عدم التمييز بسبب العنصر او اللون او الجنس او اللغة او الدين او الرأى السياسى و الحق فى الحياة و الجنسية و الحماية القانونية و المساواة امام القانون و حق التملك و حماية حقوق الملكية و حق التنقل و حرية الفكر و التنظيم و حق العمل و الاجر العادل و العلاج و السكن و الخدمات الاجتماعية و التعليم و التمتع بالحقوق المدنية و السياسية و المساواة بين الرجل و المرأة فى ذلك و الاعتراف بالشخصية و حمايتها و عدم القبض عليه او تقييد حريته الا بموجب القانون و ضمان المحاكمة العادلة و تولى الوظيفة العامة و المشاركة فى تحديد شكل الدولة و تولى المناصب و .... |
شكرا علاء الدين على هذه البداية الموفقة والجميلة
ونحن دائما في انتظار مساهماتك الثرة
لك كل الود
| |
|
|
|
|
|
|
|