من أراد أن يعلق قميصه في مقهى النشاط فليعلقه

من أراد أن يعلق قميصه في مقهى النشاط فليعلقه


12-13-2012, 12:06 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=410&msg=1355400376&rn=0


Post: #1
Title: من أراد أن يعلق قميصه في مقهى النشاط فليعلقه
Author: صديق محمد عثمان
Date: 12-13-2012, 12:06 PM

من أراد أن يعلق قميصه في مقهى النشاط فليعلقه

صديق محمد عثمان:

ذروة سنام خيلاء الحركة الإسلامية في سماوات القوامة الأخلاقية والفكرية، كانت يوم وقف تجاني عبدالقادر في مقهى النشاط بجامعة الخرطوم ليقول : ( من أراد أن يعلق قميصه في مقهى النشاط فليعلقه) ، ولكن الحركة لم تر في موقف تجاني ذلك إلا ما أراد لها شيطانها أن تراه، مثل أبي سفيان يوم فتح مكة وقف بجوار العباس عم النبي (ص) وهو يمد بصره في عشرة ألاف مسلم ينتشرون في شعاب جبال مكة ينتظرون إشارة من الرسول الكريم، فيقول للعباس: لقد أصبح ملك ابن أخيك كبيرا يا عباس.
فيلفت العباس نظره إلى الرسول الذي كان يجلس حانيا رأسه حتى تكاد لحيته أن تلامس ظهر راحلته، يقول العباس: إنها النبوة يا ابا سفيان.
الحركة إنحسر بصرها وسمعها عن رؤية النبؤة في كلمات تجاني عبدالقادر، لأنها كانت تنظر إلى العرش الذي يقف عليه تجاني وليس إلى هيئة تجاني.

على النقيض من مشهد تجاني عبدالقادر ذلك كان اليسار السوداني يومها يقف نفس الموقف الذي نقفه اليوم، يجلله عار الإنقضاض على السلطة ثم الإصطراع عليها فخسارتها للعسكر والطفيليين، وللحقيقة فقد كنا غلاظا في تعنيف اليسار على فعلته المنكرة وفي مرات كثيرة توحلنا في مرارات كلمات كمال الجزولي في أعقاب مجزرة الجزيرة ابا ومقتل الامام الهادي:
أن نقتل ... أن نشنق... أن نمسح حد السيف بحد اللحية
أصبح أسهل من إلقاء تحية... يا مولانا.
لم نكن ندري أننا عرضة للإصابة بهذه الحالة المرضية، حتى مشيناها خطا كتبت علينا وقع الحافر بالحافر.

في ذلك اليوم ، يوم مقهى النشاط بالجامعة، كان تجاني يقف على منبر شاهق شيدته دماء شهداء الحركة الإسلامية وعرق شبابها ، من لدن محمد صالح عمر إلى حسن سليمان، يومها كانت الحركة ترفل في عز ونعيم من صحيفة مجاهدات تؤهلها لحراسة مقهى النشاط من عملاء امن عمر محمد الطيب، يومها كان عوض جادين ، ومحمود شريف ، وغازي صلاح الدين، وعبدالله ميرغني، وعبدالإله خوجلي ومئات غيرهم قد عادوا عبر الصحارى وعبدالقادر علي حاديهم الطروب يرتجز:
إن هبتْ الرياحُ واسوّدَتِ الخُطُوبُ
سَيُسفرُ الصَباحُ فتَنجَلي الكروبُ
او تنسجُ العناكب وتفرخُ اليمامة
بفوهةِ المغارة وتُسبِلُ الجناح
تَدُسُ للشرارة وال ك لبُ بالوصيدِ
يَمنَةً ويُسرىَ على خطى الشهيدِ

حكى أحد مشايخ الأنصار المجاهدين: عندما دخلنا المعتقل بعد يوليو 1976، وجدنا جماعة من شباب قد سبقونا إلى هناك، وجماعة من أهل اليسار تطاول عهدهم بالمعتقل حتى ألفوه، إنكسر بعض الشباب تحت التعذيب، فكان اليساريون يهزأون منا: يا أخي والله اليمين ده هش بشكل!!، وكان احد الشباب يؤم الناس للصلاة، ولكننا عزمنا على أن ننتزع منه إمامة الصلاة، إذ كيف يؤمنا ونحن أنصار المهدي؟! واتفقنا أن يصحو احدنا باكرا فيؤذن للصلاة ثم يقدم أحد الأنصار، ولكن مشكلتنا أن ذلك الشاب كان لا ينام، كان يصوم نهاره ويقوم ليله ولا يفارق مصحفه إلا لقضاء الحاجة، ولما تكررت محاولتنا وباءت بالفشل أضطررنا إلى الإقرار به إماما، قال أحدنا: والله يا جماعة زولكم ده إلا يوم بيطير فررررر وما يخلي ليكم إلا مصلايته.
ذلك الإقرار المشفوع باليمين هو الذي مكن الحركة من إنجاز وإنفاذ خطتها للتمكين، ونظام نميري في سكرته السلطوية ويوم انتبه واجه حسن الترابي بوثائق كانت تشير إلى مضاعفة عضوية الحركة 10 أضعاف، قال النميري: الورق ده بتاعكم؟! قال الترابي: نعم لكن هذا الورق قديم!! وفهم النميري مغزى الرسالة فلم يعقب.

رفلت الحركة في عزوة من صحائفها البيضاء حتى إذا سقط نظام نميري كان كمثل الدرن الذي علق بالملابس لا بالروح، يومها تكالبت علينا الأحزاب، أراد البعض أن يحفر خندق سلمان الفارسي حول الحركة، ولكن الشباب أخذوا بعنان الحركة إلى سفح بدر، دخلنا إنتخابات طلاب جامعة الخرطوم بعد الإنتفاضة، واجهنا 9 تنظيمات سياسية متحالفة يعاضدها فنان السودان الأول المرحوم محمد وردي في الميدان الشرقي للجامعة ليلة الإقتراع في 21 أكتوبر 1985، ولكن صحائف سالم ابراهيم كانت تقول أن أعضاء الحركة الملتزمين أوصلوا رسالتها المكتوبة والمقروءة لحوالي 98% من طلاب الجامعة البالغ عددهم 8700 طالب، وان الحصيلة النهائية لحملة الحركة الإنتخابية تقول أنه إذا إجتمعت جميع التنظيمات السياسية ضدنا فسوف يكون الفارق بيننا وبينها ضيئلا جدا 0,3% ولكننا سنفوز عليها ، سالم ابراهيم نفسه كان قد تمكن من إختراق السنة الرابعة لقسم الكيمياء بكلية العلوم بمرتبة الشرف .

كنا في الجامعة قد إختطنا نهجا عرفيا بالا نزاحم الطلاب المستقلين في إنتخابات روابط الكليات وجمعيات العمل الثقافي والأدبي والإجتماعي الطوعية، ولكننا في غمرة الإستقطاب الذي احدثه تكتل القوى السياسية ضدنا بعد الإنتفاضة، إنجرفنا إلى إكتساح معظم منابر العمل الطلابي داخل الجامعة، وبنهاية العام 1985 تلفت الطلاب فلم يجدوا منافذ للتسلل من هيمنتنا التامة على منابرهم، ذلك العام لم تسلم حتى جمعية الموسيقى والمسرح من هجمتنا، تفاجأت قوى اليسار التي ظلت تسيطر على الجمعية خلال عقود طويلة، بحشدنا يملأ عليها قاعة إجتماع الجمعية العمومية، قال متحدث الجبهة الديمقراطية المرحوم نزار أحمد عثمان بانه متأكد بأن بعض الذين حشدناهم للتصويت في تلك الليلة كانت الموسيقى عندهم حرام شرعا.
قال لنا الشيخ الترابي:
It is high time for you to introduce Proportion Representation for the Student Union election.

في غرفة فرز نتائج إنتخابات 1986، كانت الأستاذة سعاد ابراهيم أحمد مرشحة الحزب الشيوعي تزاحم قائمتنا لدوائر الخريجين وتخترقها في مرات عديدة، فيبتسم الزملاء غبطة، حتى يأتيهم طائف من أصوات الخريجين بالخارج فيؤدي بآمالهم، فيبتسم جبريل النيل: يا زميل لو سمحت ساندوتش؟ ثم يعقبه د. موسى كرامة: يا جبريل اختشي يا أخي!! هولاء ليسوا حتى باهل كتاب!! ونضحك! فمقاعد الخريجين في الجمعية الـتأسيسية كانت بشارة نحو المستقبل العاجل والآجل على السواء.

بعد دخول الجبهة الإسلامية التحالف الحكومي في العام 1987 ، قال عمر نورالدائم بانهم هنأوا السيد الصادق المهدي على هذا النصر السياسي، ولكن السيد االصادق لم يكن متأكدا من أنه كذلك، قال لهم بأن الجبهة لم تدخل الحكومة بل دخل حسن الترابي واحمد عبدالرحمن وعلي الحاج، كان في حزب الامة إحساس دائم بأن أولاد الختمية في الجبهة الإسلامية لا يرغبون بالتعاون مع الحزب.

بعد 12/12/1999 قال الأستاذ علي عثمان بأن الشيخ الترابي فقد الجميع بعناده وإصراره على إمضاء إرادته. فسألناه أمثلة على عناد الشيخ، فكان بعض ما استشهد به أن الشيخ أصر على المصالحة مع النميري حتى كادت الحركة أن تنقسم نصفين. ثم بعد الإنتفاضة أدخلنا في تحالف مع الصادق لم نكسب منه شيئا. وبعدها ظل يصر على حكاية الدستور والتوالي ويهدد بالإستقالة من الحركة إذا هي لم تستجب لإبتزازه، يومها طالبت الأستاذ علي عثمان بأن يستقيل من منصبه.
ونواصل

Post: #2
Title: Re: من أراد أن يعلق قميصه في مقهى النشاط فليعلقه
Author: صديق محمد عثمان
Date: 12-13-2012, 01:42 PM
Parent: #1

12-11-20127-20-53AM4.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

Post: #3
Title: Re: من أراد أن يعلق قميصه في مقهى النشاط فليعلقه
Author: أسامة البلال
Date: 12-13-2012, 01:57 PM
Parent: #2

*

Post: #4
Title: Re: من أراد أن يعلق قميصه في مقهى النشاط فليعلقه
Author: الشفيع وراق عبد الرحمن
Date: 12-13-2012, 04:47 PM
Parent: #3

Quote: ونواصل



منتظرين

Post: #5
Title: Re: من أراد أن يعلق قميصه في مقهى النشاط فليعلقه
Author: صديق محمد عثمان
Date: 12-14-2012, 08:58 AM
Parent: #4

لم تعجبنا نصيحة الشيخ الترابي باستبدال نظام الحر المباشر بالتمثيل النسبي لإنتخابات إتحاد طلاب جامعة الخرطوم، على عكس الصورة العالقة في أذهان الجميع للشيخ الترابي فقد كنا نستطيع أن نذهب إلى منزله لتناول طعام الإفطار في رمضان ومجادلته في أمور شتى وأن يبلغ سقف إختلافنا معه حدا يجعل البرلوم حينها عبدالله عبدالعال خوجلي لا يتورع أن يقول له: ( أفلست والله يا شيخ حسن).

لم ننتبه حين أصدر طلاب الجامعة إنذارهم الثاني لنا بظهور تيار الطلاب المحايدين، فبعد المصالحة الوطنية في 1976 مباشرة وبمجرد تراخي إنتباه الحركة الفكري راجت فكرة مؤتمر الطلاب المستقلين، ومن خلاله وعبر تحالف واسع إستطاعات التنظيمات السياسية بما فيها الحزب الشيوعي وأحزاب القوميين العرب المسؤلين معا عن إنقلاب مايو، إقصاء الحركة من موقع قيادة اتحاد الطلاب.

غالب القيادات الأولى للطلاب المحايدين، كانوا أقرب للحركة الإسلامية من غيرها من التنظيمات السياسية، إنتبهت الحركة لوهلة أنها ارتكبت خطأ بمصادرتها لمنابر الطلاب والإستيلاء عليها فانسحبت امام تقدم تيار المحايدين من انتخابات كلية الإقتصاد بجامعة الخرطوم، ولكنها لم تلبث أن نكصت على أعقابها واتخذت من التيار العفوي الجديد عدوا.

في أول إجتماع لقيادة الحركة الإسلامية بعد إنقلاب 1989 وجد امينها العام نفسه في موقف شبيه بموقف عبدالخالق محجوب بعد مايو، هو خارج من المعتقل بعد ستة أشهر وقف خلالها في محطة التفويض المشروط الذي ناله من شورى الحركة الإسلامية لتنفيذ الإنقلاب، حاول تقليب بعض الأوراق القديمة لمراجعة تلك الشروط، ولكن مياها كثيرة كانت قد جرت تحت الجسر منذ الإنقلاب. السلطويون الجدد تهامسوا: ما باله خارج من السجن يريد أن يزيحنا ويحكم؟!!
من هناك دارت عجلة الحملة على الامين العام : لماذا يصرح بشأن حل مجلس الثورة ؟ ما دخله هو بذلك؟ لماذا ينشط في مقابلة الصحفيين الأجانب؟ . فجأة أصبح الامين العام للحركة ضيفا على الإنقلاب الذي خطط له.

الحركة كلها كانت في حالة سكر مطلق بالسلطة المطلقة، الأمين العام كان على ثقة على أنه وبمقدراته الإستثنائية سيقدر يوما ما على إيقاظ الحركة من سكرتها، فجأة أصبح كمن يحاول ترك الطفل يلهو بلعبته الجديدة قبل أن يقرأ عليه تحذيرات الإستخدام.

Post: #6
Title: Re: من أراد أن يعلق قميصه في مقهى النشاط فليعلقه
Author: صديق محمد عثمان
Date: 12-17-2012, 12:08 PM
Parent: #5

من أراد أن يعلق قميصه في مقهى النشاط فليعلقه 3

صديق محمد عثمان:

خرج محمود شريف مغاضبا، نجح إضراب العاملين بالكهرباء، كانت الأيادي الخفية تعتقل مهندسي الكهرباء بتهم إنتماءاتهم السياسية، وفي ذات الوقت تجند الملتزمين منهم في جهاز الامن، عندما قام الإضراب كان بعض المهندسين يؤدون واجبهم المقدس، لا في العمل الفني للكهرباء ولكن في العمل الفني للأمن بإعتقال زملائهم، مثل غيره كان محمود يستغرب صمت الأمين العام، قال له الدكتور الترابي: (أصبروا وصابروا ورابطوا) ، قال محمود: نحن صابرين ألله يصبرك انت.

لو قيل بأن ثمة شخص واحد من الذين تم تعيينهم بقرارات فوقية كان قادرا على ستر عورة الحركة الإسلامية في تعيين منسوبيها بقرارات سياسية فقد كان ذلك الشخص محمود شريف، فالمقدرات الشخصية والمؤهلات العملية لمحمود ألجمت لسان مرؤسيه في الهيئة القومية للكهرباء عن الخوض في الحديث المبدئي حول تعيينه السياسي، غير أن ما تم من ممارسات من وراء ظهره بعد ذلك، جعلت تلك المؤهلات والمقدرات الشخصية محل تساؤل وتطاول.

ولكن ما لنا ومحمود، فالذي جرى لمحمود هو بالضبط ما جرى على سيرة الحركة الإسلامية كلها، فحينما كانت عناوين المقالات الصحفية تردد تساؤلات المرحوم الأستاذ عادل حسين أمين حزب الشعب المصري ( هل هولاء الرجال جبهة؟)، كان الشعب نفسه قد تنفس الصعداء حين تأكد له بأن هولاء الرجال جبهة، فالحركة الإسلامية إستحوذت خلال مسيرتها على عدد وافر من نجباء أبناء الشعب وطليعته المثقفة الواعية، بحيث كان سهلا على الشعب تجاوز لا مبدئية الحركة في القفز على السلطة، إنتظارا لما ستفعله هذه الحركة بالسلطة. ولكن ما كان للحركة نفسها أن تركن إلى تجاوز الشعب عن فعلتها المنكرة، وكان ينبغي لها أن تتشدد في ضوابط حصر منكر وسيلتها للتغيير في أقل نطاق ممكن.
ونواصل...