بين تسيير الدولاب وحلاوة الوجدان !

بين تسيير الدولاب وحلاوة الوجدان !


12-06-2012, 09:43 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=410&msg=1354783396&rn=0


Post: #1
Title: بين تسيير الدولاب وحلاوة الوجدان !
Author: shazaly gafar
Date: 12-06-2012, 09:43 AM

بين تسيير الدولاب وحلاوة الوجدان !
شاذلي جعفر شقَّاق
[email protected]

من طرائف العرب عن ابن دراج يقول : مرَّتْ بِنا جنازةٌ يوماً ومعي ابني ، ومع الجنازة إمرأة تبكي وتقول : الآن يذهبون بك إلى بيتٍ لا فِراش فيه، ولا غطاء ، ولا وطاء ، ولا خبز ، ولا ماء ! فقال ابني :
- يا أبتي .. إلى بيتنا والله يذهبون !
هذه الطُرفة لا تصلُح ليرويها محمد أحمد للسيدة الفُضلى النائحة وزارة المالية وهي تلطم خدَّها وتشقُّ جيبَها وتتحسَّس جُرابها لتقول : إنَّ الموارد المالية الموجودة لا تكفي لتسيير دولاب الدولة ، وإنَّ بعض الوزارات لو حوَّلنا لها كلَّ موارد الدولة لن تكفيها !
كان ذلك عبر ورقة قطاع المالية التي طُرحتْ خلال المُلتقى الإقتصادي كاشفةً عن انخفاض إجمالي التحصيل الفعلي للإيرادات العامة هذا العام بنسبة( 20%) ، ولذلك بلغتْ جملة السحوبات لعام 2012م مبلغ (532,8) مليون دولار ، وسبب ذلك انفصال جنوب السودان عن شماله – طبعاً – وبالتالي خروج إيرادات النفط من الموازنة ممَّا أدلى إلى عدم المقدرة على الإيفاء بسداد القروض لدولَتَيْ الصين والهند ، ونتيجةً لذلك توقَّف السحب من الصين ! هذا ولم تجد وزارة ماليَّتنا – أقال الله عثرتها – بُدَّاً من السير في اتجاه الدعوة لضرورة رفع الدعم بصورةٍ كاملة عن المحروقات كمخرجٍ وحيدٍ للأزمة الإقتصادية الراهنة .. وفي الوقت ذاتِه ترفض المالية أيَّ اتَّجاهٍ لتخفيض الإنفاق الحكومي في الموازنة القادمة ، التي لم تدخل زيادةُ أجور العاملين فيها ! يعني ببساطة الحل دائماً هو (الحيطة المايلة ) أي المواطن المسكين الذي هو (في البير ويقع فوقو الفيل ) !
ولأنَّ في آخر النفق دائماً ثمَّة ضوء ؛ فقد جاءت جوبا تسعى إلى الخرطوم ، واتَّفقتا على تسريع الخُطى لتنفيذ اتفاقية (التعاون المُشترك )بين البلدين وتذليل الصعاب وإزالة العراقيل التي تقف أمام طريقها ، وقد أعلن كبير مفاوضي دولة جنوب السودان ؛ الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم – إبَّان زيارته الخرطوم في الأيام الماضية – عن استئناف ضخَّ نفط الجنوب عبر موانئ السودان نهاية الشهر الجاري .. فما أحوج البلدين وشعبيهما لتبادل هذه المصلحة ! وهنا نقول للذين ينظرون من زاويةٍ واحدة – ولا يُصيبهم داء الغلاء ولا ينتاشهم قتاد الاقتصاد – لا تجعلوا من عشاء باقان وحفله الساهر - قُبيل اعتداء دولة الجنوب على هجليج – فزَّاعةً أبديةً ، حيث لا صداقة دائمة في السياسة ولا عداوة .. دعوا – يرحمكم مَن في السماء – النفطَ يعبر من خلال (خطِّ أنابيبنا ) ويصدَّر عبر (بشائرنا) دونما تعنُّت أو مكابرة .. وإن عادوا – لا قدَّر الله – عُدنــــا ! ..فإن لم تنعكس عائدات النفط هذه من رسوم عبور واستغلال منشآت, على مَعاش محمد أحمد ( وقفة ملاحه ) كما كانت في السابق ؛ فهي على الأقل تُسهم في تسيير دولاب الدولة المتعثِّر كما تفضَّلت وزارة المالية !!
إمعاناً منَّا في الغزل الصريح داخل النفق في دفقة الضوء تلك ، وعلى طريقة التاجر (المفلِّس ) الذي لم يجد بُدَّاً من تقليب دفاتره القديمة ؛ فقد عنَّتْ بادرةُ خير أنْ حلَّ اللهُ عقدةً من لسان البرلمان السوداني عبر دكتور بابكر محمد عمَّا اعتبره تعبيراً عن استغلال النفوذ لفساد مقنَّن ، وهو يُطالب بالإسراع في فتح بلاغات في مواجهة مسئولين بالدولة وتقديمهم للمحاكمة بتهمة استغلال نفوذهم لتحقيق مصالحهم الشخصية مثل من يصدر التوجيهات للوحدات الحكومية التي يترأسها بشراء مستلزمات من شركته الخاصة أو إرساء عطاءات على تلك الشركات ! أو غيرها مما يعلم الدكتور أو لا يعلم مثل التلاعب في الأوراق والمستندات الرسمية والاختلاس والتجنيب من لدنِّ المؤسَّسات والشركات الحكومية المحْمِيَّة إلاَّ من القضاء الربَّاني ! أو (الهَبِرْ ) المباشر ! فقد بلغتْ جملة جرائم الاعتداء على المال العام – وفق المراجع العام – من سبتمبر 2011م إلى أغسطس 2012م في نطاق الأجهزة القومية والولائية (174) مليون جنيه ، هذا عدا البنوك والمصارف !
أوليست هذه البادرة بُشرى – إذا ما تُرجمتْ على أرض الواقع – جديرةً بالاحتفاء ونحن نرى انتزاع قوت الشعب من (خشم ) البقرة ؟!
بقي أن نشدَّ على يدِ الشعب السوداني الفضَل ، فقد جاء في تقرير وزارة العمل السودانية تزايد معدلات الهجرة وسْط السودانيين خلال العام الحالي في الأشهر العشرة الأولى منه فقط حوالي (75,631) ! ونقول له ونخص بالقول الباقين من مَهيضي الأجنحة الذين لم يستطيعوا الهرب من جحيم الداخل إلى جحيم الغربة :( ليكم الله وعيشة السوق ) وبعض كفاح اتحاد عام عمال السودان الذي ما برح (يعافر ) و(يدافر ) وزارة المالية لعدم استجابتها لزيادة الأجور وهو يشير إلى أنَّ الحد الأدنى للأجور الحالية يغطِّي فقط (11%) من تكاليف المعيشة ! (والباقي تمِّو مويه ) إذا لم تعجز – يا أعانك الله – عن سداد فاتورتها وفقدتَ على ضوء ذلك الضوء !!!
أمَّا إذا تمّتْ زيادة الأجور – وهي كما أسلفنا خارج ميزانية العام الجديد - إذا .. على سبيل الافتراض ..يقول اتحاد العمال :فإنَّ الحد الأدنى للأجور سيغطي (22%) من الاحتياجات فقط ، ولكنه – مع ذلك – سيساهم في زيادة الأسعار ..فتأمَّل ..! حينها سيصبح حالنا كحال يزيد بن ثروان الشهير بــ هبنَّقة ، عندما ضلَّ بعيرُه فأخذ ينادي ..مَن وجد بعيري فهو له ..فقيل له : لما تنشده . فقال : أين حلاوةُ الوجدان ؟!


** نُشر بالوفاق اليوم الخميس 6/12/2012م