حكومة الهناء والسرور

عاشت أسرة فقيرة، الأب فقير، وزوجته فقيرة، وابنه فقير وابنته فقيرة وسائاقهم فقير وخادمتاهم الاثنتان فقيرتان، والطباخ فقير ، والحارس فقير، والبستاني فقير، وكانوا جميعاً يعيشون في قصر صغير.
كثير منّا قرأ – سابقاً وفي مكان آخر - السطور المكتوبة أعلاه، والتي كتبها طالب غني في حصة الإنشاء التي كانت عن حياة أسرة فقيرة.
تتكرر هذه القصة كل صباح ، مع تصريح كل مسئول حكومي همام يبشر أهل السودان بالخير الوفير والطيارات التي بدون طيار تطير ، يحدّثوننا عن المنّ والسلوى وعن بركات من السماء واستهداف من الأرض، يكلموننا عن البطولة والتضحية ويمسكون بعصا طويلة يعلقون عليها عدّة أنواع من الجزر - حسب الحاجة (وللنظر فقط) - ويمكن لكل مواطن سعيد أن يختار ما يناسبه من جزرات الوطنية أو الدين أو القومية أو العروبة أو القبيلة أو الرجولة أو الأخلاق، ولمن لا يجد طلبه في تلك الأنواع. فالرجالة وحمرة العين موجودة وجاهزة، لا بأس عزيزي المواطن ، افرح وتمتع مع مسرح الإنقاص ، إنها لن توفر لك عناء في أن تصل كل يوم إلى مراتب جديدة من الدهشة ، سواء كان المقصود بالدهشة الإبهار أو بنت الهمار.

عفواً سيداتي آنساتي سادتي ، حكم الإنقاص لم يبدأ في 1989 ، لقد بدأوا في غرس أنيابهم في أعماق الوطن منذ 1978، ولو تتبعنا تاريخ الوطن منذ ذلك الوقت جيداً، لعرفنا أن ثمر الخراب الذي نتذوقه الآن، نبتت جذور أشجاره منذ ذلك التاريخ.

أسوأ ما فعله هؤلاء ، هو تمزيقهم للنسيج الاجتماعي السوداني ، الذي لن يعود أبداً كما كان ، مهما حلمنا

مات السودان واندفن ، ولم يترك المرحوم وصية ، لذا فالكل الآن مشغول بالحصول على نصيب من التركة، وبعدها فليبحث كلّ منّا عن وطن.

لا إضافة .

سلم يراعك هاني يا دوغري .

ر
Author: AMNA MUKHTAR
لا إضافة .

سلم يراعك هاني يا دوغري .



-------------------------------


شكراً جزيلاً آمنة و تسلمي دائماً