جميلة التي مرقت / حافظ حسين ابراهيم

جميلة التي مرقت / حافظ حسين ابراهيم


07-04-2012, 07:08 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=400&msg=1341425297&rn=0


Post: #1
Title: جميلة التي مرقت / حافظ حسين ابراهيم
Author: Abdalla aidros
Date: 07-04-2012, 07:08 PM

عندما أطلقت والدة جميلة صرخات العذاب ضرب والدها بعرض الحائط كل القيم الذكورية المتوارثة أبا عن جد و اطلق ثلاثة زخات من مسدسه الذي لم يستخدمه في يوم من الأيام رغم أن مهنته كسجان تحتم عليه ذلك, و لم يقف الأمر عند هذا الحد و إنما تعداه الي أطلاق النسوة الزغاريد التي كما جرت العادة فقط يخص بها المولود إذا كان ذكر, أطلقوا عليها إسم جميلة تيمناً بما يجب أن تكون و لكن في غمرة فرحة و نشوة الإنتصار علي عقم سبعة سنوات من الزواج نسوا أن للفقر جبروته و للظلم قسوته اللذان لا ينجو منهما أو ينجح معهما أحد..... فحياة هذه الجميلة و شقيقاتها الثلاث اللائي أتين بعدها مباشرة كان بالإمكان أن تكون حياة عادية مثلهن مثل أي بنات عسكري سجون, حياة فيها بداية كل شهر تتغير المائدة قليلاً بإحتوائها علي قدح من اللحوم المصقعة بالزيت المضاف إليها صلصة الغزالة الشهيرة و بعض التوابل , وكلما تفرغ الثلاجة من كأسات الأيسكريم نذير إنتهاء المرتب عوضاً عنها توضع بعض الفواكه و المعلبات, و عندما تفرد أمهن لشمس الضحي فركة القرمصيص في بداية الشهر يتأكدن أن العشاء سوف يكون باسطة من مصانع سلا الشهيرة .... و كما جرت العادة في القشلاق قبل نهاية الشهر يتسلفون ما يسد الرمق من دكان الفوراوي علي وعد السداد عندما يحين المرتب أو وصول أي حافز عابر....

Post: #2
Title: Re: جميلة التي مرقت / حافظ حسين ابراهيم
Author: Abdalla aidros
Date: 07-04-2012, 07:13 PM
Parent: #1

كان يمكن أن تسير حياتهم علي ذات المنوال لولا وفاة والدهم بعد صراع طويل مع الكحة المصحوبة بالدم, فلولا وفاة رب المنزل التي لم تكن مدرجة في حسابات الأسرة أقلها في الراهن القريب كان بإمكان أمهن مواصلة المسير و المعافرة مع الحياة و ذلك ببناء راكوبة تقي الحر عن معزتين تقتات علي ما تبقي من رغيف و كسرة و تكفيا شر شراء لبن الصباح و إدعاء أمهن للجارات حتي لا يتهمنها بالفقر و الإملاق (لبن العربي زايده موية و بعمل مغس لبناتها عشان كدا إشترت المعزتين).... دخولها في دوامة غير منتهية في صناديق توفير يحين قدر صرفها كل 10 أشهر و تسد كثير من الثقوب الإجتماعية.... كان يمكن لجميلة و شقيقاتها الثلاثة الأخريات أن يحيين حياة معقولة فقط إذا كانت الدنيا معقولة ... لكن كل الأمور سارت في إتجاه غير ما إشتهين... فنتيجة لفورة الحزن الأولي علي رحيل عسكري السجون السابق و الذي تحول كما العادة الي نبي بعد وفاته, نتيجة لهذا الأمر جمع أصدقائه و زملائه مبلغ إنتهي قبل إنتهاء عدة أمهن التي في خاتمة الأمر لملمت أحزانها, متاعها الشحيح, و بناتها الأربعة و بدأن رحلة الحياة..... ؟

Post: #3
Title: Re: جميلة التي مرقت / حافظ حسين ابراهيم
Author: Abdalla aidros
Date: 07-04-2012, 07:20 PM
Parent: #2

الم أقل لكم منذ البدء أن للظلم سطوته و للفقر جبروته؟!, فأسم جميلة صار يسبب لها كثير من الحرج وسط زملائها و زميلاتها في الجامعة, لأنها صارت عكسه تماماً, شاحبة الوجه, جسدها كالمسطرة مفتقراً لأي تكورات نسوية, لها إبتسامة أقرب الي التكشيرة تطلقها عند الضرورة القسوة و عندما لا يكون هنالك من مفر.... ذات يوم و بعد عدة مواصلات وصلت بيتهم المبني من جوالات الخيش, الحديد الخردة و كل ما لفظته المدينة من فائضها... وصلت و وجدت شقيقاتها الثلاثة متكومات باكيات, و حتي الآن لم تعرف السبب المباشر للبكاء, هل كان علي غياب أمهن, أم لغياب وجبة السخينة الليلة,,, حاولت تهدئتهن ببعض الوعود الكاذبة و لكنها فشلت و سرحت بعيداً في أزمان ندية و علي اقل تقدير معقولة, و في إطار سرحتها كم تمنت أن لم تطردهم البلدية حتي إنتهاء دراستها فقط, تمنت أن تكون في القشلاق لأن الناس هنالك رغم فقرهم يعرفون دوائر الحكومة و النافذين فيها و بقليل من الإجتهاد سوف لن تبيت أمها في الحراسة بجريرة بيع الشاي دون كرت صحي... طاف برأسها الذي في طور الإنفجار كل صور و مظاهر ظلم الإنسان لأخيه الإنسان.... بدءا من صندوق المعاشات الذي لم تنجح هي و أمها من إستلام معاش والدها منهم حتي اللحظة, نظرات موظف الإستقبال الشبقة لجسدها الضامر و بذاءاته التي لا يجتهد حتي في مدارتها....

Post: #4
Title: Re: جميلة التي مرقت / حافظ حسين ابراهيم
Author: Abdalla aidros
Date: 07-04-2012, 07:32 PM
Parent: #3

أمر إخلاء بيت الإشلاق، بكاء الجارات لفراق أمها و لعنهم للحكومة, عم عثمان .... الله لو ان عمي عثمان هنا؟ هكذا قالت في سرها.... عم عثمان وسط سخطه و شتائمه للحكومة قام بتأجير دفار اقلّ جميلة و أخواتها الي حيث المجهول... و قبل أن تشارك أخواتها النحيب علي الأم الغائبة، من الشارع أتاها الهتاف المجروح، من جملة الهتافات ميزت صوت أم الحسن الهرم التي تحولت الي نصف مجنونة تهذي بذكري صلاح ، إبنها الذي أختفي في ظروف معلومة للجميع في أحد معسكرات التجنيد القسرية, هتاف دلدوم الذي فقد كل أسرته في حريق دارفور... ناداها الهتاف، ناداها الذل، الهوان.... نكشت شعرها و حزمت وسطها بالطرحة الباهتة و في مقدمة الجموع سارت هادرة بغضب كتيم مرددة مع الكل (نحن مرقنا مرقنا ..... ضد الناس السرقو عرقنا). و كلما أضحي هتاف جميلة مسموعا اكثر تحركت كوامر البوليس و بكاسي الرباطة تجاهها والطوق يضيق والحلقة تنغلق وينطفئ الهتاف لأول .... تبعث جميلة أجمل في مكان أخر ملعلعة ب (نحن مرقنا مرقنا .... ضد الناس السرقو عرقنا).... الآن جميلة مطاردة من كل دوائر الحكومة في اماكن كثيرة و لكن كل البيوت بيوتها.... فهل يا تري ستكون مستحيلة؟....

Post: #5
Title: Re: جميلة التي مرقت / حافظ حسين ابراهيم
Author: حبيب نورة
Date: 07-04-2012, 08:14 PM
Parent: #4

عيدروس مساء الجمال

تحياتي لحافظ كمان

كتابة دسمة معتادة من ود حليمة


تحتاج إلي أكثر من قراءة

في صحتكم


نتلاقي في السودان الجديد


سودان الدولة المدنية

Post: #6
Title: Re: جميلة التي مرقت / حافظ حسين ابراهيم
Author: Abdalla aidros
Date: 07-04-2012, 09:23 PM
Parent: #5

Quote:
نتلاقي في السودان الجديد


سودان الدولة المدنية



حبيبا يا ...

ود حليمة لما يكتب بعمل عجايب

بس صحبتو ماسورة .... اهو قلنا نصاحب كتابتو اخير

غايتو بقول رمضانو معاك جهز العجوة والبليلة والتبروقة ..... واستعد لتهجد الليل باقي الليل معاهو لا يحتمله الا الشداد

كن بخير

Post: #7
Title: Re: جميلة التي مرقت / حافظ حسين ابراهيم
Author: طارق عبد اللطيف نقد
Date: 07-05-2012, 12:08 PM
Parent: #6

كالعاده كتابه محفزه للقراءة
ومفعمة بالاحاسيس و المشاعر
والمره دي كتاحته شديده

شكرا عبد الله عيدروس

تخريمه
غايتو ضمان
رمضان اتجهجه من هسه
معقوله حبيب نوره وحافظ وقيام ليل
لا والله شديده