يا ناس الإنقاذ ، البلعتوه حا تتطرشوه - شوقي بدري

يا ناس الإنقاذ ، البلعتوه حا تتطرشوه - شوقي بدري


06-27-2012, 07:42 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=390&msg=1340779371&rn=0


Post: #1
Title: يا ناس الإنقاذ ، البلعتوه حا تتطرشوه - شوقي بدري
Author: بله محمد الفاضل
Date: 06-27-2012, 07:42 AM

يا ناس الأنقاذ ، البلعتوه حا تتطرشوه


في الثمانينات كان لشركتنا النيل الازرق مكتب في بلغراد .
و كان المكتب في ( سافا سنتر) .
و هو في فندق الانتركوتننتال ، ليس بعيداً من نهر السافا .
و كان لنا نشاط تجاري مع الشركة العملاقة المملوكة للدولة ( جنرال اكسبورت ) .
و لأننا كنّا كذلك نصدر اللحوم و الحيوانات الحية خاصة العجول ،
فلقد كانت اعمالنا نأخذنا إلى اماكن متعدده في يوغسلافيا القديمة .
و كنّا نتنقل في كل الجمهوريات الستة .
و أذكر أن ماكدونيا كانت الأقل حظاً . و هي الاقل تصنيعاً .
و حتى قديماً كان اليوغسلاف يسخرون من أهل مكدونيا و يصفونهم ببلد الفلفل و الذرة الشامية .
و بالرغم من أن المكادونيين يتعرضون لبعض التفرقة و الاستخفاف من الصرب و الكروات ،
إلّا انهم بدورهم يتعاملون مع الغجر و الأقلية الالبانية بصلف و احتقار و كثير من التفرقة .
و المكادونيون يدينون بالديانة الارثدوكثية . و هم متعصبون دينياً ،
حتى في أيام رئاسة جوزيف بروس تيتو و النظام الاشتراكي .
قبل سنتين أو ثلاثة جلست مع الأخ شعبان . و تحدثنا عن يوغسلافيا القديمة .
و شعبان ألباني من مدينة قوستفار . و سألت عن حال قوستفار ، و حال الألبان في مكادونيا .
و سعدت عندما عرفت ان قوستفار التي امتازت بالقذارة و الفوضى و كانت مجال سخرية الجميع ،
قد صارت مدينة جميلة و منظمة . و يسكنها حوالي المائة الف شخص
كما أن أكثر من الـ 90 في المائة منهم من الألبان .
و عندما شاهد دهشتي و عدم تصديقى حكى لي عن العمدة الذي غير كل شئ و اسمه نفزات بيتا .
ما سمعته ان بيتا ظهر بعد فترة غياب . و يبدو انه قد اكتسب بعض المال و الكثير من الخبرة .
و لقد تأثر كثيراً باقامتة في دبي . و عندما رجع كان يقول لأهله أنهم لا يعيشون في أوربا .
و أنهم يعيشون بعقلية و ظروف القرون الوسطى . و أنهم اذا صوتوا له سيجعلهم يعيشون في اوربا .
و السؤال كان : هل تريدون ان تعيشوا في اوربا ؟
ام تفضلون العيش كما الآن خارج اوربا ؟ .
الرئيس ديغول كان يقول قديما ان اوربا تنتهي عند جبال البرنيز .
و هي الحدود الفاصلة بين فرنسا و شبة جزيرة ايبيريا ( اسبانيا _ البرتغال ) .
و الحقيقة انه ما زال هنالك فرق كبير بين اسبانيا ، البرتغال و أوربا .
و هنالك فرق شاسع بين اليونان التي انهار اقتصادها و المانيا .
و هنا لا مجال للحديث عن رومانيا و بلغاريا و بعض دول شرق أوربا ،
فهذه الدول لا تزال متخلفة جداً بالمقارنة بشمال أوربا .
و تحت شعار نريد ان نكون مثل أوربا ، انتخب نيفزات بيتا كعمدة بأغلبية كبيرة .
الجميع يريدون ان يكونوا كأوربا .
و ظهرت ماكينة عملاقة بمناشير تستطيع القطع بطريقة رأسية و أفقية بزوايا حادة أو منفرجة .
و بدأ قطع الشرفات و المشربيات التي وضعت بطريقة غير قانونية .
و الذين عملوا سياجاً أمام منازلهم و قاموا بزراعة الورد و الزهور .
و هيأوا مجلساً للشاي و مقابلة الاصدقاء .
واجهوا الحفارات و الجرارات التي اكتسحت كل شئ .
و عندما بدأ الناس في الاحتجاج كان الرد ببساطة : هل تريد ان تعيش في أوربا ؟
أذهبوا لتروا . في أوربا لا يبنى الناس الشرفات حيثما اتفق .
و يعرضون حياتهم و حياة الآخرين للخطر .
في أوربا لا يقتطع الناس من الشارع و يصنعوا منها حدائق .
و أنتقلت المعركة إلى السوق . فالأكشاك التي بنيت حسب مزاج اصحابها تعرضت للأزالة .
و الترتوارات التي صارت امتداداً للمتاجر و المقاهي ، اجهت الغرامات المتكررة و ازيلت .
أذكر انه في بداية التسعينات كانت الحركة في بولونيا و كثير من دول شرق اوربا ،
تتقدم ببطئ شديد نسبة للعربات التي تجرها الخيول ، خاصة في زمن الصيف و أيام الحصاد .
و فجأة وجد أهل قوستيفار انفسهم مواجهين بأخراج كل الحيوانات من المدينة .
و كان الناس لا يزالوا يحتفظون بالأغنام و الحمير و الخيول في منازلهم .
و الرد كان ، أتريدون ان تعيشوا في اوربا ؟ ليس هنالك اغنام في اوربا .
و ليس هنالك حمير و خيول داخل المدن . ألم تقولوا انكم تريدون ان تعيشوا مثل اوربا؟ .
أذكر أنه حتى في المدن الجميلة مثل بودابست ،
ان كان الفلاحون يأتون بسلال ضخمة من الذرة الشامي المغلية .
و يبيعونها حتى في الميادين الكبيرة .
و في مكادونيا كانت الشوارع تمتلئ بكل انواع الأطعمة و الخضار و الفواكه .
و كانت الشرطة تتكسب من فرض اتاوات على الباعة المتجولين
و من ينصبون مناضد في الميادين العامة . و مع انهيار السلطة المركزية
في اسكوبيا عاصمة مكادونيا او في بلغراد عاصمة كل يوغسلافيا ،
تحصل كثيرون على اوزونات للبيع في الميادين أو في اماكن عامة .
و صار كل من يدفع أو يعرف جنرال او رجل في الشرطة يستطيع ان يعمل ما يريد .
و هذا ما يحدث الآن في السودان .
و الشرطة كانت تجلس كل اليوم في المقاهي و المطاعم
و هم يشربون و يأكلون على حساب اصحاب المطاعم و المقاهي .
و يتحصلون كذلك على بعض النثريات . لا يدفعون ضرائب
و لا يخضعون لقوانين الصحة و السلامة العامة ( الاطفائية ) .
و فجأة تغير كل شئ . كما يحكي لي صديقي بشكيم المسلم الالباني ،
أنه عندما يكون جالساً في مقهى أو مطعم و يمر زملاء دراسته برجال الشرطة ،
كان يعزم عليهم . إلّا أنهم يرفضون رفضاً باتاً .
و يقولون ان العمدة بيتا كان لا يتردد في طرد اي شرطي متسكع
او متواجد في المقاهي في اثناء ساعات العمل .
فالشرطة في اوربا لا تجلس في المقاهي و لا تأخذ اتاوات ( هل تريدون ان تعيشوا في اوربا ؟ ) .
أذكر قديماً في براغ في تسلوفاكيا أن الانسان عندما يكون ذاهباً الى الطبيب ،
كان يأخذ معه كيس من القهوة أو زجاجة من الفودكا اذا كان الامر كبيراً ،
أو أي هدية أخرى . فالطبيب كان يتقاضى اجراً اقل من عامل المناجم .
النهر الصغير الذي كان يجري مخترقاً قوستفار صار الآن نظيفاً .
و لم يعد من الممكن ان يشاهد الانسان الاوساخ مثل الملابس الممزقة
و زجاجات البلاستيك و هي تسبح بأطمئنان و تتكدس على الشواطئ .
بل صار هنالك كورنيش جميل بأضائة جميلة و مقاعد للجلوس .
و ظهرت الميادين المشجرة و الأزهار و الورود في كل مكان .
و صار الناس يحاسبون على رمي القمامة في الطريق او في مكان عام .
و البعض لقد قدم للمحاكمة . ففي اوربا لا تلقى القمامة في الطريق ،
و خارج الاماكن المخصصة لها .
ثم أتت الصدمة الكبرى . فالذين اشتروا اراضي الدولة
التي كانت تتبع للمدارس أو المصانع الحكومية و قد بنوا عليها منازلاً
او الذين اخذوا رخصة لكي يبنوا منزلاً من طابقين وصارت عمارة من خمسة
او ستة طوابق ، واجهوا القضاء و المحاسبة .
و عندما أبرز البعض و ثائق بأنهم يمتلكون الأرض أو المبنى ، كانوا يقولون لهم :
نعم لقد اشتريتم هذه الأرض بعشرة الف مارك الماني ،
عندما كان ثمنها مائة الف مارك الماني . لأنكم قد دفعتم رشوة .
ودفعتم الثمن في العاصمة . نحن مدينة صغيرة و فقيرة .
يمكنكم ان تذهبوا و تتحصلوا على مالكم من العاصمة .
في اوربا لا تباع الأراضي عن طريق الرشوة و الاستهبال .
و لا يمكن ان تقطتعوا جزءاً من مدرسة أو مصلحة او تتعدوا على الطوابق المسموح بها .
هل تريدون ان تكونوا مثل أوربا ؟ .
و استرجعت الأراضي و اختفت الفوضى .
الألبان اشتهروا بالعصبية و العنجهية و الميل المفرط للعنف .
و نسبة لفقرهم و تعرضهم لظروف تفرقة حتى بالرغم من سياسة تيتو
التي كانت تساوي بين الجمهوريات . إلا انهم اتجهوا الى الجريمة .
لسوء الحظ تعامل الناس مع الالبان كمجرمين . و هذا خطأ .
كانت كثير من الشباب الالباني في يوغسلافيا يتجه الى الجريمة خاصة السرقة .
و انتشر الالبان في كل اوربا . و كان اغلبهم معقولين .
إلّا أن الكثير اتجهوا الى الجريمة . و صار حمل السكاكين في قوستفار كعادة الألبان ،
يعني الاعتقال و السجن . ففي أوربا لا يحمل الناس السكاكين !
و فقد أحد سائقي التاكس تصريحه و رخصته لانه قد قام بالأعتداء على راكب .
في التلفزيون كان بيتا يقول ان سائق التاكس المفروض
ان يقدم خدمة إلى المواطن لا أن يضربه و يهدد حياته .
و أن أي سائق تاكس يتعدي حدوده يفقد تصريحه و رخصته .
و بدأت المستشفى تعمل بصورة معقولة و صار الاطباء يحاسبون .
كما صار الموظفون في مرافق المدينة يترددون في فرض الأتاوات
او المطالبة بالرشوة . ففي اوربا لا يفرض الموظف الاتاوة !
فهل تريدون ان تكونوا مثل اوربا ؟
عندما افكر في العمدة نفزات بيتا ،
افكر في الحالة عندما تعود الديمقراطية .
سنجبر كل من ابتلع شيئاً ان يخرجه من بطنه .
و الذين اشتروا الشوارع و الميادين و منازل الحكومة
و منشآت الدولة سيحاسبون .
و قد نسترج خط طيران هيثرو ، الذي سرق مثل الخطوط البحرية السودانية .
و كل المشاريع الزراعية و الصناعية التي باعها أهل الانقاذ لأنفسهم .
و هذا ما حدث في شرق اوربا كذلك .
و حتى الشيوعون الذين كانوا عل رأس منظمات الدولة الصناعة
و الأقتصادية في تشسلوفاكيا مثلاً ،
قد حولوا ملكية تلك المنظمات و المنشآت لأنفسهم .
و بين ليلة و ضحاها صار الشيوعيون رأسماليون .
و أختفى شعار يا عمال العالم اتحدوا ، إلى يلا كل زول ياخد ليهو كبرا .
في أي وقت تنعدم الشفافية و المحاسبة تصير الملائكة شياطين .
و لقد ابدى المهدي أسفه لأن ما حدث بعد سقوط الخرطوم لم يكن ما كان يتوقعه .
فلقد نهب الانصار و سرقوا و اغتصبوا . و خاصة أهل المهدي و ما عرفوا بالأشراف .
و كما أورد بابكر بدري في تاريخ حياته ، و هو انصاري كامل الدسم ،
أن المهدي وقف في المسجد و قال أن ود عدلان أمين بيت المال قد افسد الاشراف .
و انه متبرئ منهم دنيا و آخره . و نفض ثوبه ثلاثة مرات .
و من المؤكد ان الكثيرين الذين انضموا تحت راية الانقاذ لم يكونوا فاسدين و مفسدين .
و ان البعض منهم لا يزال عفيف . لكن الأغلبية سرقت و نهبت .
و سيحاسب الناس . و سنرجع ما سرق من الشعب للشعب .
و حتى الذين سيأتون لكي يرجعوا الحق لأصحابه سيكون بينهم بعض الفاسدين .
و لكن في حالة الشفافية يمكن كشف الجميع .

عندما كنت اسأل اصدقائي الألبان من مكادونيا و هم كثر ،
عن ماذا حدث لي بيتا ؟
قالوا انه قد انتقل إلى العاصمة .
حيث ضايق المرتشين و اللصوص هنالك .
و أنه بالرغم من شكوى الكثيرين في البداية و عدم تقبلهم لوسائله الغير معروفة ،
إلّا أن الامن قد استتب و ان مجتمع قوستفار قد تغير .
فحتى في أيام الاشتراكية كانت جرائم الشرف ترتكب بين الألبان .
و لا يزال هنالك ما يعرف بكانون و تعني قانون .
و يعني هذا ان من قتل اباك او قتل اخاك يجب ان تقتله ، و لو بعد حين .
و قبل شهرين شاهدت احد الألبان و معه شاب في العشرين و عرفت انه قريبه .
و أن الشاب الصغير قد قتل اثنين و هرب لأنهم قد قتلوا والده و هو لا يزال طفلاً صغيراً .
و لكن حسب ( القانون ) لم يرتكب جريمة . بل هو بطل .
كان يقول لي ان مهمة العمدة بيتا لم تكن سهلة إلّا انه توفق كثيراً .
قصة قوستيفار تمثل النجاح عندما يكون هنالك من يريد ان يقدم .
و سنجعل لصوص الانقاذ يرجعون ما اخذوا .
و ليعلم حتى بعض الدول التي تحصلت على عقود مريبة من حكومة الأنقاذ ،
و حتى الدول التي تحصلت على ملايين الأفدنة ، يجب ان يعلموا انهم سيحاسبون .
و الرئيس المصري الجديد مرسي قد قال بصريح العبارة و كنوع من الاذعان ،
و خوفاً من بطش امريكا و اسرائيل بأنه ملتزم بكل الاتفاقيات المصرية .
كما ذكرت من قبل فأن كل الأحزاب قد وقعت على وثيقة في الديمقراطية الآخيرة
و اودعت في الأمم المتحدة .
و هذه الوثيقة تجعل الشعب السوداني و الحكومة الديمقراطية القادمة
في حل من التزامات الأنقاذ .
و مسرحية الانتخابات الآخيرة ما هي إلّا نوع من محاولة تحليل لحم الخنزير
عن طريق الذبح الحلال .
و توريط ابن الميرغني و الصادق في هذه الحكومة القصد منه في المكان الأول هو
لطمين المشترين و المستثمرين،
بأنه لن تكون هنالك محاسبة لان الميرغني و الصادق المهدي لن يوافقوا على محاكمة ابنائهم .
و البعض يستفهم : لماذا لا تتدخل امريكا بصورة حاسمة و تقضى على نظام البشير ؟ .
امريكا تؤمن بالديمقراطية فيما يتعلق بأمريكا .
و لكن دول العالم الثالث لا تعنى لها شيئاً .
و ما يهم امريكا هي مصالح امريكا و الامن الامريكي و مصالح الشركات الامريكية .
أي شئ خلاف ذلك هراء . أمريكا لا تزال إلا الآن ترتجف لما حدث في الحادي عشر من سبتمبر .
و الأخوان المسلمون يمثلون صمام امان امام المتشددين و التكفيريين الاسلاميين .
مافي اخو مسلم بركب طيارة و يفجر نفسه . ديل ناس راحات ، كويس جداً مع امريكا .
ديل ناس تجارة ، بيع و اشترى . و دا العاوزاه امريكا .
و مال بن لادن خلى الخرطوم ليه . عشان الباعوضة و الكتاحة ؟
ما عشان الناس ديل حرامية . و عرف الناس ديل بتاعين سف و قرش .
بعدين امريكا دي ما حاجة واحدة . المخابرات الامريكية في داخلها في عدة تيارات .
و المخابرات عندها رؤية و سياسة مختلفة من الكونغرس .
و في الكونغرس هنالك عشرات اللوبيات . و الديمقراطيين عندهم نظرة مختلفة من الجمهوريين .
الحالة مش واضحة قطع موس . لمن الديمقراطية يكون عندها حاجة تقدمها لأمريكا احسن من الأخوان المسلمين ، امريكا حا تبيع الاخوان المسلمين .
أمريكا تفضل ان تتعامل مع الزول الذي يمكن ان يخاف ، أو يمكن شراؤه .
المتشددون و الانتحاريون ديل لا يمكن اخافتهم أو شراؤهم .
فلقد اشتروهم بالجنة و اخافوهم بعذاب جهنم و بئس المصير .
و تعرضوا لعملية غسل دماغ .
يجب ان لا نعول على امريكا في ادارة معركتنا .
عندما ننتصر في المعركة ستنحاز امريكا إلى جانبنا .
و من الأجدى الأعتماد على الأوربيين اكثر من الأمريكان .
لأن المواطن الامريكي بعيد عن السياسة .
و لكن المواطن الاوربي مطلع و واعي و يريد ان يساعد .
و الاروبيون يمكن ان يقفوا معنا في معركة استعادة الحقوق المنهوبة من السودان فيما بعد .
لكن طال الزمن او قصر سيخرج اهل الانقاذ ما بلعو .

التحية
ع. س. شوقي

المصدر:
http://sudanyat.org/vb/showthread.php?t=24734